- محاضرات خارجية
- /
- ٠33ندوات مختلفة - الكويت
مقدمة :
المستشارة منيرة عثمان :
بسم الله الرحمن الرحيم ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد .
نتشرف صفحة موئل باستضافة الشيخ الدكتور الفضيل راتب النابلسي ، أكرمنا الله بهذا اللقاء ، جزاكم الله عنا ألف خير ، تتبارك الصفحة ، هذا أول لقاء يكون فيه معنا الشيخ راتب ، وهذا كرم من الله علينا ، جزاكم الله عنا ألف خير.
شيخنا ؛ بعد انتشار وباء كورونا زادت كثيراً الأمراض النفسية والاضطرابات ، وليس فقط الأمراض النفسية أيضاً الاضطرابات التي هي الوسوسة ، والاكتئاب ، والقلق ، والمشاكل الأسرية ، والاجتماعية ، زادت بطريقة واضحة ، فنحن أحببنا أن نستضيفك وتتكلم معنا بهذا الموضوع ، وعلاقته بالنواحي الإيمانية ، وعلاقته بالقوة الإيمانية ، والنصائح ، تفضل معنا .
الذكي والعاقل من يستفيد من رسائل الله عز وجل :
الدكتور محمد راتب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد ، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ، وعلى صحابته الغر الميامين ، أمناء دعوته، وقادة ألويته ، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين .
هناك حقيقة دقيقة جامعة مانعة قاطعة ، سأقرؤها عليكم ، ومن خلال هذه الحقيقة تفسر آلاف القضايا : كل شيء وقع وقع حقيقة ، في القارات الخمس ، من آدم إلى يوم القيامة أراده الله ، لا تعني أنه أمر به ، ولا تعني أنه رضيه ، ولكن سمح به ، للتقريب : أب طبيب كبير ، تزوج ، ولم ينجب ، بعد عشر سنوات أنجب طفلاً آية في الجمال ، تعلق به تعلقاً مذهلاً ، ثم اكتشف الطبيب الأب أن مع ابنه التهاباً في الزائدة ، فسمح بتخديره ، وفتح بطنه ، واستئصال الزائدة .
كل شيء وقع أراده الله ، وكل شيء أراده الله وقع ، لا يليق بألوهية الإله أن يقع في ملكه ما لا يريد ، وكل شيء أراده الله وقع معكوسة ، الإرادة الإلهية متعلقة بالحكمة المطلقة ، فالذي وقع لو لم يقع لكان الله ملوماً ، والذي وقع لو لم يقع لكان نقصاً في حكمة الله ، والحكمة المطلقة متعلقة بالخير المطلق ، لا يوجد بالكون شر مطلق إطلاقاً لأنه يتناقض مع وجود الله .
أحياناً دولة عظمى إلى جانبها دولة تناوئها ، تعمل الدولة العظمى عرضاً عسكرياً ، وطيراناً ، وصواريخ ، هذه رسالة من هذه الدولة القوية إلى دولة تناوئها ، والله عز وجل أرسل رسالة ، رسالة إلى كل شعوب الأرض قاطبة ، إلى كل أطياف المجتمع ، كبراء وصغراء ، أقوياء وضعفاء ، أغنياء وفقراء ، الرسالة الشاملة ، الجامعة ، المانعة ، القاطعة إلى أهل الأرض :
﴿ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي(14)﴾
لماذا ؟ العالم بين وحل وبين وحي ، عاش العالم وحل الأرض ، مصالح ، كذب ، إعلام كاذب ، إعلام مدبلج ، إعلام وصولي ، إعلام استقصائي ، الأقوياء يسحقون الضعفاء ، والضعفاء لا صوت لهم ، لا أحد يستمع لهم .مثلاً قتل الخاشقجي العالم قام ولم يقعد ، وهناك حالات أخرى مليون شهيد ولا كلمة، فالعالم ظالم ، والنبي الكريم قال :
(( عن قرة بن إياس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لتملأ الأرض ظلماً وجوراً ، فإذا ملئت ظلماً وجوراً بعث الله تعالى رجلاً مني ، اسمه اسمي ، أو اسم نبي ، يملؤها قسطاً وعدلاً ، فلا تمنع السماء شيئاً من قطرها ، ولا الأرض من نباتها ، فيلبث فيهم سبعاً أو ثمانياً فإن كثر فتسعاً ))
فهذه رسالة من الله ،﴿ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾
الأقوياء أصيبوا بهذا المرض ، والملوك أصيبوا ، والوزراء أصيبوا ، ورؤساء الوزراء أصيبوا ، والدهماء أصيبوا ، رسالة جامعة شاملة حتى أكبر حاملة طائرات يرسل ربانها رسالة إلى قواته إلى أمريكا يموت الجنود واحداً بعد الآخر ، رسالة جامعة مانعة شاملة﴿ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾
لا يوجد حل إلا بالعودة إلى الله ، العودة إلى الله ، إلى منهج السماء ، ترك وحل الأرض إلى وحي السماء ، فالذي يرجع ينجو ، والذي لا يرجع يدفع الثمن ، لأن هذه الدنيا دنيا ، يوجد آخرة ، فنحن اعتنينا بالدنيا عناية تفوق حدّ الخيال ، والآخرة عتمنا عليها ، نسيناها ، لا يوجد كلمة حق تذكر في الإعلان بالعالم كله ، لا يوجد غير الباطل ، القوة والتمدن ، ودفع الناس نحو تحقيق شهواتهم ، ورغباتهم ، بصرف النظر عن شرعيتها ، أو عدم شرعيتها ، الله بعث رسالة ، فالذكي والبطل يستفيد من هذه الرسالة ، ومن لم تحدث المصيبة في نفسه موعظة فمصيبته في نفسه أكبر .الرسالة من الله ، أحياناً تأتي مرضاً ، أحياناً وباء ، أحياناً زلزالاً ، أحياناً خسفاً ، أحياناً كسفاً ، إلى آخره ، الله عز وجل يتدخل تدخلاً إيجابياً لصالح الإنسان .
﴿ وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ(47)﴾
لا بد من أن تأتي مصيبة تصيب ، المصيبة سميت مصيبة لأنها تصيب الهدف ، فيه كبر ، موقف فيه ذل ، موقف فيه إسراف ، موقف فيه تقتير ، موقف فيه كفر ، موقف فيه إيمان ، الله عز وجل رب ، إله ، وخالق ، الخالق خلقنا ، الرب يربينا ، يربي الدول العظمى ، يربي الدول الصغرى ، يربي الأفراد ، يربي الجماعات ، يربي المجتمعات ، يربي المؤسسات ، حينما نعتمد على وحي السماء ننتصر ، ونقوى ، ونسلم ، ونسعد ، فإذا اكتفينا بوحل الأرض نتقاتل ، الحرب بين حقين لا تكون ، الحق لا يتعدد ، وبين حق وباطل لا تطول ، الله مع الحق، وبين باطلين لا تنتهي ، حينما تستمر الحرب إلى أمد طويل معناه بين باطلين ، وهذه حقيقة دقيقة جداً .الإنسان هو المخلوق الأول المكلف والمكرم :
الإنسان حينما يقتطع من وقته الثمين وقتاً لمعرفة سرّ وجوده ، وغاية وجوده ، ما معنى إنسان ؟ أي أنت المخلوق الأول عند الله .
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً(72)﴾
أنت المخلوق الأول ، والمخلوق المكرم .﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً(70)﴾
وأنت المخلوق المكلف ، مكلف ، ومسؤول .﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ(56)﴾
العبادة تعاملية وشعائرية :
ما هي العبادة ؟ يوجد عبادات شعائرية ، صلاة ، صوم ، حج ، زكاة ، وعبادات تعاملية ، تبدأ من فراش الزوجية وتنتهي بالعلاقات الدولية ، كسب مالك ، إنفاق مالك ، علاقاتك ، اختيار زوجتك ، تربية أولادك ، خروج بناتك في الطريق ، حرفتك مشروعة ، غير مشروعة ، صحيحة ، غير صحيحة ، فيها غش ، لا يوجد بها غش ، فيها كذب ، مليون بند ، وأنا أجمع هذه البنود بكلمتين ، تبدأ من فراش الزوجية وتنتهي بالعلاقات الدولية ، ما لم نطبق هذا المنهج في كل حياتنا ، لا يوجد عبادات شعائرية بالمسجد فقط ، بالحقيقة المسجد ؛ نحن نأتي المسجد كي نتلقى من الخطيب تعليمات الصانع الخبير ، العظيم ، الإله ، ونعود إليه كي نقبض الثمن في الصلاة ، نأتيه كي نتعلم ، ولقبض الثمن ، أما الدين فأين هو ؟ في البيت ، في العمل ، في الطريق ، في النزهة ، في الإجازة ، هذا الدين ، الدين يدخل في تفاصيل حياتنا، فإذا اكتفينا بالعبادات الشعائرية :
(( يؤتى برجال يوم القيامة لهم أعمال كجبال تهامة، يجعلها الله هباء منثوراً، قيل: يا رسول الله جلهم لنا؟ قال: إنهم يصلون كما تصلون، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها))
هذه الصلاة .الصيام :
(( عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَن لم يَدَعْ قولَ الزُّورِ والعمَلَ بِهِ ، فَليسَ للهِ حاجة فِي أَن يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ ))
راح الصيام ، الزكاة :﴿ قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ(53)﴾
راحت الزكاة .الحج ؛
(( من حج بمال حرام ووضع رجله في الركاب، ونادى لبيك اللهم لبيك، نودي أن لا لبيك ولا سعديك وحجك مردود عليك))
بقيت الشهادة :((من قال لا إله إلا الله بحقها دخل الجنة، قيل: وما حقها؟ قال: أن تحجبه عن محارم الله))
هذه أركان الإسلام الخمس إن لم تؤت ثمارها ، إن لم تردعنا عن معصية ، عن كسب مال حرام ، عن لقاء لا يرضي الله ، عن اختلاط ، عن كسب مال بالربا ، عن وضع أموال ببنوك ربوية ، وتقاضي الفوائد ، إن لم نفعل هذا الأمر نحن لن ننتمي إلى هذا الدين انتماء حقيقياً ، انتماء شكلياً ، كل دولة لها علم ترفعه ، ولها شعار تنشره ، ونشر الظواهر شيء سهل جداً ، نضع آية الكرسي بالبيت ، ونضع مصحفاً بالسيارة ، والدخل غير حلال ، والعلاقة غير مشروعة ، فما لم نطبق هذا المنهج لا نقطف ثمار الدين .من ترك عبادة الله فالله في حلّ من وعوده :
النبي قال :
(( عن ابن عباس رضي الله عنهما : أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال : ' خيرُ الصحابةِ : أربعةٌ وخيرُ السرايا : أربعُمائةٍ ، وخيرُ الجيوشِ : أربعةُ آلافٍ ، ولن يُغْلَبَ اثنا عَشَرَ ألفا مِنْ قِلَّةٍ ))
لن تغلب أمتي من قلة ، لن لتأبيد النفي ، من اثني عشر ألف من قلة ، فكيف إذا كنا مليارين ، وليست كلمتنا هي العليا ، وخمس عواصم محتلة ؟ عندنا مشكلة كبيرة جداً ، الآية تقول :﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي(55)﴾
الحقيقة المرة أفضل ألف مرة من الوهم المريح ، هل نحن مستخلفون في الأرض ؟ لا والله﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ﴾
هل هذا الدين ممكن في الأرض أم يعاني من حرب طاحنة ، كانت من قبل تحت الطاولة ، اليوم فوق الطاولة ، جهاراً ونهاراً ؟ أحد أعضاء الكونغرس يقول : لن نسمح أن يقوم في الشرق الأوسط حكم سني ، هذه خطتهم .﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ﴾
نحن لسنا آمنين ، بعدها يوجد كلمة واحدة هي المفتاح :﴿ يَعْبُدُونَنِي ﴾
فإن تركوا عبادتي فالله عز وجل في حلّ من وعوده الثلاث .لذلك كل ما يعانيه المسلمون في العالم كله من تقصيرهم في العبادة ، عندما قصروا بالعبادة - الآخر أقوياء ، القوي من دون قيم ، عنده حق لكن بلا استقامة ، وبلا عمل صالح - فقدوا النصر الذي وعدهم الله به .
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ(7)﴾
إذا نصرتموه في بيوتكم ، في تربية أولادكم ، في احتيار زوجاتكم ، في معاملة بناتكم ، في دخلكم ، في إنفاقكم ، عندئذٍ الله عز وجل ينصر .الشباب أمل الأمة :
لذلك باب التوبة مفتوح .
﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ(53)﴾
فالله عز وجل ينتظرنا :(( لله أفرح بتوبة عبده من الضال الواجد، والعقيم الوالد، والظمآن الوارد))
هو ينتظرنا ، ينتظرنا ويحب أن نعود إليه ، ما من شيء أحب إلى الله من شاب تائب ، الشاب التائب يحبه كثيراً ، الشاب التائب له عند الله مكانة كبيرة ، والشباب أمل الأمة ، مستقبل الأمة ، قوة الأمة ، الشباب كالمحرك بالسيارة ، قوة اندفاع كبيرة ، والشيوخ الربانيون هم المقود يوجهون توجيهاً صحيحاً سليماً ، والمنهج هو الشرع ، فالمركبة تنطلق من قوة المحرك ، وبتوجيه المقود ، وعلى الطريق المعبد هو الشرع .فلذلك هناك أشياء كثيرة جداً لأنه :
((......ولن يُغْلَبَ اثنا عَشَرَ ألفا مِنْ قِلَّةٍ ))
نحن ملياران ، والأمر ليس بيدنا ، نحن فوق الطاولة شيء ، وتحت الطاولة شيء آخر .هل هناك من سؤال ؟
المستشارة منيرة عثمان :
جزاك الله خيراً ، سنرى على الفيس بوك إذا أحد أراد أن يكتب سؤالاً ؟ السؤال يصل إلى الشيخ .
الدكتور محمد راتب :
إذا كان هناك سؤال مهم جداً ، لأنه أحياناً المتكلم يتكلم بقضايا عامة ، لكن عند المستمعين حاجات خاصة ، أسئلة كبيرة ، أنا كأني فهمت أن اللقاء أكثره أسئلة وأجوبة ، تحبين أن أتابع أنا كلامي ؟
المستشارة منيرة عثمان :
نعم ، تفضل .
ضرورة طلب العلم :
الدكتور محمد راتب :
الإسلام له كليات ، مرة كنت ببلد غربي ، زرت معمل سيارات ، قال : هذه السيارة فيها ثلاثمئة ألف قطعة ، أنا عجبت ! أنا أفهم أن لها غلافاً معدنياً ، مقاعد ، محركاً ، مقوداً ، عجلات ، بنزين ، سبعة أشياء ، لكن هل من الممكن الدين العظيم الذي فيه ألف موضوع ، ومئة ألف كتاب ، وعشرة آلاف عالم ، أن يضغط بكليات ؟ ممكن ، أول كلية بالدين ؛ الفكر ، الأيديولوجيا ، التصور الجانب النظري ، المنطلقات النظرية ، هذه كلها أسماء لمسمى واحد ، الجانب العقدي بالإنسان تصوره وتفكيره ، هذا يحتاج لطلب علم ، لا بد من طلب العلم ، أن تعرف من الإنسان ؟ لماذا هو مفضل ؟ ماذا بعد الموت ؟ ما البرزخ ؟ ما الجنة ؟ ما النار ؟ ما الحلال ؟ ما الحرام ؟ ما الواجب ؟ ما الذي يجوز ؟ ما الذي لا يجوز ؟ هذه أشياء أساسية بحياتنا ، تجد بالبيت كله شعارات إسلامية ؛ آية الكرسي ، والمصحف ، لكن يوجد اختلاط ، يوجد أشياء لا ترضي الله ، هناك غيبة ونميمة ، لا يوجد انضباط بالدخل ، هناك بضاعة محرمة ، وبيع محرم ، وأسلوب محرم ، فنحن حينما نتفلت من منهج الله لا نقطف ثمار هذا الدين ، هذه الحقيقة المرة .
إذا أقمنا أمر الله بثلاث دوائر ؛ الإنسان محاسب عن دوائر ثلاثة ، نفسه دائرة ، وبيته دائرة ، وعمله دائرة ، يا ترى هو عرف الله ؟ طلب العلم ؟ عرف من هو الله ؟ الذات الكاملة ، خالق السماوات والأرض ، رب العالمين ، المسير ، لا إله إلا الله ، أسماؤه حسنى ، صفاته عُلا ، فكر أن يطلب العلم ، إن لم تعرف الله من أنت ؟ أنت لا شيء ، إذا لم يكن عندك وقت تعرف الذي خلقك ، ولماذا خلقك ، ومصيرك ، وما الموت ، وماذا بعد الموت ، وما الجنة ، وما النار ، أنت خارج الموضوع كله ، خارج التغطية بالمصطلح الحديث ، أنت إنسان تائه شارد ، ضال ، تبحث عن اللذة والشهوة فقط ، هذا شأن العالم كله الآن ، القوة والمتعة فقط .
من لم يدخل الموت بحسابه اليومي لن يقطف ثمار الدين :
كنت مرة في أمريكا ، خطر في بالي سؤال : الشعوب المتقدمة جداً ، والغنية جداً ، يوجد عندهم شيئان ، عندهم اللذة فقط ، والوقت ، والوقت محدود ، يا ترى الموت حقيقة ؟ عبدي رجعوا وتركوك ، وفي التراب دفنوك ، ولو بقوا معك ما نفعوك ، ولم يبقَ لك إلا أنا ، وأنا الحي الذي لا يموت ، هل هناك واحد من بني البشر قاطبة لا يموت ؟ أحد فكر بالموت حقيقة؟ كلام عام لا يوجد به شيء ، كلنا سنموت ، نرجو الله أن يرحمنا ، هذا كلام عام ، ولكن يوجد محاسبة دقيقة جداً من الله عز وجل :
﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ(93)﴾
قبل دقيقة كان إنساناً له مكانة ، قد يكون مدير مؤسسة ، قد يكون زوجاً كبيراً ، قد يكون غنياً كبيراً ، بدقيقة واحدة أصبح جثة ، ولم يعد له أي شعور ولا حركة إطلاقاً ، هذا الموت : " عبدي رجعوا وتركوك ، وفي التراب دفنوك ، ولو بقوا معك ما نفعوك ، ولم يبقَ لك إلا أنا ، وأنا الحي الذي لا يموت " .الإنسان عندما يدخل الموت بحسابه اليومي ، بل والساعي ينضبط ، يضبط دخله ، إنفاقه ، علاقاته ، سهراته ، شاشته ، لقاءاته ، تصرفاته ، إن لم تنضبط لا تقطف ثمار هذا الدين .
عندنا دين فولكلوري ، القرآن الكريم قرئ في باريس على أنه فولكلور شرقي ، يوجد دين فولكلوري ، أي آية الكرسي بالبيت ، والمصحف معلق بغرفة النوم ، وكل شيء ، إسلامي فقط لكن يوجد سهرة مختلطة ، كسب مال حرام ، شركة ربوية ، أموال بالبنوك بفوائد ، هذه كلها مخالفات كبيرة جداً ، عندما أهملنا هذه المخالفات فقدنا الصلة بالله عز وجل .
لذلك عدد كبير ؛ مليارا مسلم ليس أمرهم بيدهم ، والعالم لا يعبأ بهم إطلاقاً ، وكل الأمور تجري عليهم بتخطيط خارجي ، أين عزة الإسلام ؟ أين قوة الإسلام ؟ هذا كله ذهب بعدم الطاعة .
أرجو الله عز وجل أن يكون هناك صحوة .
الفرق بين الكسب والرزق :
الحقيقة الدقيقة المصائب التي تمت في الشرق الأوسط كأنها رسالة من الله ، انتبهوا يا عبادي ، أنتم مستضعفون في الأرض ، أنتم تحتاجون إلى منهج ، إلى فهم المنهج ، أو إلى تطبيق المنهج ، ما لم تصطلحوا مع الله لن تتغير الأمور أبداً ، والمال وحده ليس عطاء.عندنا كسب ، وعندنا رزق ، الرزق شيء تنتفع به آنياً ، ما أكلت فأفنيت ، لبست فأبليت ، أما الصدقة ؛ تصدقت فأبقيت ، أما الكسب فهو حجمك المالي ، لا تنتفع به إطلاقاً ، إلا أنك ستحاسب عليه ، الرزق ما انتفعت به ، المنتفع به ثلاثة بنود ، ما أكلت فأفنيت ، لبست فأبليت ؛ البند الثالث وحده يبقى تصدقت فأبقيت ، أي حجمك عند الله بحجم عملك الصالح .
حجم الإنسان عند الله بحجم عمله الصالح :
الإنسان إذا وافته المنية يكون ثمن بيته ثلاثين مليوناً ، ويملك ثلاث سيارات ، وبيتاً على البحر ، وبيتاً بالجبل ، وبيتاً بالعاصمة :
﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ(100)﴾
ما تذكر غير العمل الصالح ، لِمَ سميّ صالحاً ؟ لأنه يصلح للعرض على الله ، ومتى يصلح ؟ إذا كان خالصاً وصواباً ، خالصاً ما ابتغي به وجه الله ، وصواباً ما وافق السنة، فلابد من جلسة متأنية مع الذات ، لا بد من جلسة متأنية مع التأمل ، لا بد من طلب العلم ، طلب العلم فريضة على كل مسلم ، ما معنى فريضة ؟ إذا واحد ما استنشق الهواء يموت فوراً بدقائق ، إذاً استنشاق الهواء فريضة ، وإذا ما شرب الماء يموت بعد ثلاثة أيام ، وإذا ما أكل يموت بأسبوعين أو ثلاثة ، فاستنشاق الهواء ، وتناول الغذاء فرض ، بمعنى تتوقف حياتنا عليه، ما معنى الصلاة فرض ؟ الصوم فرض ؟ والحج فرض ؟ والزكاة فرض ؟ أي هذه الفرائض تتوقف عليها سلامة الإيمان ، هناك تفاصيل دقيقة جداً بالشرع ، وهناك شرع دقيق حنيف ، من عند الخالق يبدأ من فراش الزوجية ، وينتهي بالعلاقات الدولية ، إذاً لا بد من طلب العلم ، طلب العلم فريضة على كل مسلم ، يوجد طلب عشوائي ، سمع مرة محاضرة ، سمع ندوة ، حضر خطبة جمعة ، هذا طلب عشوائي ، لا يوجد تراكم ، لا بد من طلب العلم طلباً تراكمياً حتى يكون قناعة ، هذه القناعة قوية جداً تحمله على الاستقامة .أحياناً إنسان يقول له الطبيب : لا تكثر من أكل هذه المادة ، فإذا تابعتها هناك جلطة بالقلب مثلاً ، يخاف على قلبه ، الله هو الطبيب ، في القرآن نواه وأوامر ، أنت اقرأ القرآن، الله قال :
﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ(121)﴾
ما معنى حق تلاوته ؟ يقرأ القرآن ، الأصل أن تقرأه قراءة صحيحة ، والأكمل أن تقرأه قراءة موجودة ، والأدق أن تفهمه ، والأهم من كل ذلك أن تطبقه ، ثم تتدبره ، أين أنا من هذه الآيات ؟ إذا الإنسان قرأ كل يوم خمس صفحات من القرآن الكريم قراءة تدبر ، قراءة التعبد شيء ، وقراءة التدبر شيء آخر ، وسأل نفسه : يوجد مئتان وخمس وثمانون آية : يا أيها الذين آمنوا أين أنت منها ؟ مطبقها يا ترى ؟ هذا التدبر هو الذي يرقى بنا عند الله عز وجل .لا بد من حركة ، لا بد من صحوة ، لا بد من صيحة ، لا بد من موقف جديد ، أما عاداتنا وتقاليدنا فكلها مأخوذة من الغرب ، أكل ، وشرب ، وشاشة ، وأفلام ، الأفلام كلها ليس لها معنى إطلاقاً ، بالنهاية البطل يموت ، أو يتصالحون ويتزوجون ، كلها عروض ، أشياء فيها رفاه كبير جداً ، الإنسان يوازن مثلاً بحياته اليومية مع ما يرى على الشاشة يجد أنه لا يوجد عنده شيء إطلاقاً ، مادام عرف الحق يرى أنه غني جداً بمعرفة الله ، غني بطاعته ، غني بعباداته ، غني بصلاته ، غني بقرآنه ، غني بعمله الصالح ، من يصدق أن علة وجودنا الوحيدة بالأرض العمل الصالح ؟!
﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً ﴾
لِمَ سمي العمل صالحاً ؟ قال : لأنه يصلح للعرض على الله ، ومتى يصلح ؟ إذا كان خالصاً وصواباً ، خالصاً ما ابتغي به وجه الله وصواباً ما وافق السنة ، هذا العمل الصالح علة وجودنا ، سبب وجودنا ، غاية وجودنا ، وهذا خارج اهتمام الناس ، خارج اهتمام معظم الناس ، العمل الصالح ، الأمر واضح جداً عنده ، لابد من عمل صالح ، من إطعام طعام ، من إكساء كساء ، من إلقاء درس ، من رعاية يتيم ، من رعاية أرملة ، الأبواب إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق ، والنقطة الدقيقة الدقيقة :﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً ﴾
أي ما تذكر إلا العمل الصالح ، لا أحد يقول : يا ربي أريد أن أكمل الطابق الخامس ، لكن أريد أن أعمل عملاً صالحاً ، حينما نعرف الحقيقة بوقت مبكر ننتفع من هذا العمل .المستشارة منيرة عثمان :
شيخنا نقطة مهمة جداً ، عندما نقطتان ، النقطة الأولى : قصة الشباب ، وهذا الجيل الجديد مع الكورونا ، ابتعدوا عن التوازن ، والمجتمع يعمل على إعادتهم ليتوازنوا ، حتى الكبار لم يتوازنوا نفسياً وإيمانياً مع هذا الزمن زمن الفتن .
والنقطة الثانية : أنه زادت حالات الانتحار كثيراً حتى للأسف من ضمن المسلمين مع موضوع انتشار الكورونا ، برأيك شيخنا هل الإيمان سيعيدنا إلى الطريق المستقيم ، والجيل هذا في زمن الانترنيت ، وزمن الانفتاح ، وأيضاً مع قصة الانتحار ، ماذا تنصحنا شيخنا وتعطينا ومضات إيمانية عن هذا الحدث ؟
الانتحار ثلاثة أنواع :
الدكتور محمد راتب :
الانتحار أي إنسان مسك سكيناً وطعن قلبه هذا انتحر ، نحر جسمه ، واضحة ؟ وأي إنسان عصى ربه ، ومات على هذه المعصية نحر نفسه ، وأي إنسان ألحد نحر عقله ، الانتحار ثلاثة أنواع ، إما نحر الجسم بمدية ، أو نحر النفس بمعصية ، أو نحر العقل بالإلحاد، إنسان غير سوي ، مليار مليار شاهد على عظمة الله ، ضع بكيس عشر بطاقات رقمهم من الواحد للعشرة احتمال أن يأتوا وراء بعضهم عشرة آلاف مليون ، الإنسان بدماغه يوجد مليار و ثمانمئة ألف خلية ، جسم الإنسان وحده صار من نقطة ماء ، الأدلة على عظمة الله تفوق حدّ الخيال ، وفي كل شيء آية تدل على أنه واحد ، إذا الإنسان لم يرد الهدى لا يرى شيئاً ، إن أراد الهدى كل شيء يدله على الله ، شربة الماء ، رغيف الخبز ، الولد ، الطفل ، الطفل من نقطة ماء ، أجهزة كاملة ، دماغ ، قلب ، رئتان ، كبد ، أمعاء دقيقة ، أمعاء غليظة ، عضلات، عظام ، شيء لا يصدق ، وفي كل شيء آية تدل على أنه واحد .
﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ(191)﴾
الشهوات حيادية :
ما من شهوة أودعت بالإنسان إلا جعل الله لها قناة نظيفة طاهرة ، صفيحة البنزين سائل متفجر ، وغالي الثمن ، إذا وضعت هذه الصفيحة في المستودع المحكم ، وسال هذا البنزين في الأنابيب المحكمة ، وانفجر في المحرك ، في البستونات ، ولّد حركة نافعة ، قد تقلك إلى مكان جميل في العيد ، نفس الصفيحة لو صبت على السيارة ، وجاءتها شرارة أحرقت المركبة ومن فيها ، فالشهوات إما هي قوى محركة ، أو قوى مدمرة ، الآن هي قوى مدمرة إن استعملت بغير الهدف الذي خصصت لها ، اشتهيت المرأة ؟ يوجد زواج ، أردت المال ؟ يوجد عمل ، أردت الشهرة ؟ يوجد تفوق ، ما من شهوة أودعت في الإنسان إلا لها بالإسلام قناة نظيفة طاهرة ، هذه واحدة .
التوحيد ألا ترى مع الله أحداً :
أما الكورونا فرسالة من الله ، لو أن الله أسلمنا إلى هذا الفيروس ليس إلهاً ، هي بيد الله ، لا تصيب إلا من يسمح الله لها به ، هذا التوحيد .
ذكرت بأول اللقاء : كل شيء وقع أراده الله ، وكل شيء أراده الله وقع ، والإرادة الإلهية متعلقة بالحكمة المطلقة ، لا يمكن لجرثوم ، أو لفيروس ، أو لقوي ، أو لجبار ، أو لطاغية أن يسمح له أن يتصرف من عنده ، لا بد من أن الله هو المسير ، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد ، هذا التوحيد ، ألا ترى مع الله أحداً ، لا قوى عظمى ، ولا فيروس أساساً ، كله بيد الله عز وجل ، الشيء القوي أو المؤذي إن سمح الله له أن يتحرك فقط ، أنت علاقتك مع الله .
لو فرضنا يوجد أربعون أو خمسون وحشاً كاسراً جائعاً ، لكنهم مربوطين بأزمة محكمة بيد جهة حكيمة ، رحيمة ، عادلة ، عالمة ، علاقتنا مع الوحوش أم مع هذه الجهة ؟ مع الجهة الدليل :
﴿ مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ(56)﴾
من النملة للفيل ، ومن أضعف إنسان لأقوى إنسان ،﴿ مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾
هذا التوحيد ، الموحد قوي ، الموحد عنده جرأة ، وعنده شهامة ، الموحد سعيد ، الموحد سليم ، الموحد لا يلين ، الموحد صاحب مبدأ ، الموحد لا يباع ولا يشترى ، لو غيرت قناعتك بمليار دولار عند الله انتهيت ، الحق لا يتغير لا بالمادة ، ولا بالقوة ، ولا بأي شيء آخر .المستشارة منيرة عثمان :
شيخنا ؛ نصيحة أخيرة للشباب ، ولضعفاء الإيمان ، والمذبذبين ، نختم فيها هذا اللقاء المبارك ، ودعاء بسيط ، أكرمك الله .
نصيحة أخيرة للشباب ولضعفاء الإيمان :
الدكتور محمد راتب :
إنسان اشترى سيارة أحدث موديل ، مرسيدس 600 ، تألق ضوء أحمر بلوحة البيانات ، إن فهم هذا التألق تزيينياً احترق المحرك ، إن فهمه تحذيرياً أطفأ المحرك ، أضاف كيلو زيت فقط .
إذا الإنسان أحب نفسه فهو أناني ، أحب السعادة ، يطبق تعليمات الصانع .
﴿ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً(71)﴾
إذا أنت راكبة سيارة ومكتوب لوحة : ممنوع التجاوز حقل ألغام ، هذه اللوحة وضعت حد لحريتك أم ضمان لسلامتك ؟المستشارة منيرة عثمان :
لا ، للسلامة .
الدكتور محمد راتب :
هذا الجواب ، أمر الله ، أمر الخالق ، أمر الحكيم ، أمر الرحيم ، أمر الرب ، الله خلقنا للسعادة ، والدليل :
﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ(119)﴾
خلقهم ليرحمهم ، وليسعدهم في الدنيا والآخرة .﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ(46)﴾
جنة في الدنيا ، جنة القرب من الله ، والآخرة جنة الخلد ، نحن مخلوقون للسعادة .﴿ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ(32)﴾
﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾
لا بد من عقيدة صحيحة تعطي التفاؤل ، والأمل ، والقوة ، والاستقامة ، والإرادة القوية ، والصلة بالله عز وجل .خاتمة وتوديع :
المستشارة منيرة عثمان :
تمام شيخنا الفاضل ؛ جزاكم الله عنا ألف خير ، وبارك فيكم ، وأشكركم جداً جداً جداً .
الدكتور محمد راتب :
أقل واجب .
المستشارة منيرة عثمان :
جزاك الله كل خير على هذه الاستضافة المباركة ، أكرمتنا ، جزاك الله عنا ألف خير ، وبارك بصحتك ، وقوتك ، وعلمك يا رب ، ودعواتك لموئل الاستشارات النفسية أن تكون خادمة لهذا الدين ، وأن تحقق الهدف بخدمة الدين ، وبخدمة المسلمين يا رب ، وتكون خالصة لوجهه الكريم ، ويتقبل منا يا رب هذا العمل .
الدكتور محمد راتب :
أتمثل قوله تعالى :
﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ(60)﴾
أنا جاهز كل مرة لأجيب دعوتكم إن شاء الله .المستشارة منيرة عثمان :
كرمك الله يا شيخ ، وجزاك الله عنا ألف ألف ألف خير ، شكراً لك جداً جداً جداً ، أكرمكم الله .
الدكتور محمد راتب :
شكراً لك .