- محاضرات خارجية
- /
- ٠33ندوات مختلفة - الكويت
مقدمة :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
المذيع :
أكرمك الله ، الحقيقة نحن نتشرف في هذه الليلة بأن نستضيف ونكون بين يدي أستاذنا وشيخنا الدكتور محمد راتب النابلسي ، ولعل من حسن حظنا وحسن طالعنا بأن يكون تم تمديد رمضان يوم برحمة الله سبحانه وتعالى ، يعني تمدد رمضان عندنا يوم لعلها فرصة في سباقنا وطريقنا إلى الله عز وجل .
شيخنا بداية نحن نرحب فيك ، وهذه القناة الرسمية لجمعية الإصلاح الاجتماعي في الكويت ، وهي جمعية إسلامية تعمل منذ أكثر من خمسة وخمسين عاماً في الكويت بعونه سبحانه وتعالى ، نشاطها الإسلامي منتشر سواءً في الجانب الخيري والجهود التوعوية والشبابية.
شيخنا ؛ تأذن لنا في البداية إذا عندك مقدمة أم تريد أن نبدأ بالحوار والأسئلة فنحن بين يديك ؟
الحب في الله عين التوحيد والحب مع الله عين الشرك :
الدكتور محمد راتب :
لابد من مقدمة ، الإنسان هو المخلوق الأول والمكرم والمفضل والمكلف ، مكلف بعبادة الله .
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾
العبادة طاعة طوعية ممزوجة بمحبة قلبية ، ليست قسرية ، الذي خلقنا حياتنا بيده ، موتنا بيده ، الصحة بيده ، المرض بيده ، الغنى بيده ، الفقر بيده ، القوة بيده ، والضعف بيده ، ومع كل ذلك ما قبل أن نعبده إكراهاً ، قال :﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾
بل أراد أن تكون العلاقة به علاقة حب .﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾
الحب في الله عين التوحيد ، والحب مع الله عين الشرك ، أن تحب الله ، أن تحب أنبياءه ، ورسله ، والعلماء الربانيين ، والطاعة ، والمساجد ، والعمل الصالح ، هذا كله حب في الله ، وهو عين التوحيد ، أما الحب مع الله عين الشرك ، أن تحب جهة تمنعك أن تصلي ، فرق كبير بين الحب في الله والحب مع الله ، الحب في الله عين التوحيد والحب مع الله عين الشرك .يوجد مصطلح دقيق جداً : علة الوجود ، إنسان أرسل ابنه إلى فرنسا ، للسوربون لينال الدكتوراه ، نقول : مدينة عملاقة كبيرة جداً ، علة وجوده الوحيدة والفريدة في هذه المدينة الدراسة ، هذا لا يمنع أن يدخل إلى مطعم ويأكل ، أن يجلس في حديقة ، أن يشتري مجلة تعينه على فهم اختصاصه ، أما علة وجوده فهي الدراسة .
البطولة والنجاح أن تعرف الله :
الآن لو سحبنا هذا المثل على علة وجود الإنسان في الدنيا ، لماذا نحن في الدنيا ؟ لماذا خُلقنا في الدنيا ؟ ما الهدف من خَلقنا ؟ ماذا بعد الموت ، ماذا بعد البرزخ ؟ ما هي الآخرة ؟ ما هي الدنيا ؟ عندنا مرض خطير أنا أسميه تجاوزاً : الغرق في الجزئيات ، أهل الأرض قاطبة ، غارقة في الجزئيات ، دفع فاتورة ، قبض قسطاً ، أقام دعوى ، أخذ الجواب ، هناك جزئيات نعيشها ثم نفاجأ بالموت ، من بيت أو من قصر ، عدة مركبات ، بيت في المدينة، بيت في المصيف ، بيت في الجبل ، بيت على البحر ، إلى قبر .
(( عبدي رجعوا وتركوك ، وفي التراب دفنوك ، ولو بقوا معك ما نفعوك))
الذكاء والبطولة والنجاح والفلاح أن نعد لهذه الساعة التي لا بد منها ، مهما كنت قوياً مهما كنت غنياً ، مهما كنت متمكناً .إنسان اشترى فندقاً إلى جانب باريس من ثمانين طابقاً ، أغلى فندق في أوروبا كلها ، في اليوم الثاني كان هناك إشكال بنقل الملكية أصيب بجلطة ومات .
الموت ينهي كل شيء ، ينهي قوة القوي ، وضعف الضعيف ، وغنى الغني ، وفقر الفقير ، ونشاط النشيط ، وبلادة البليد ، ينهي كل شيء ، فالبطولة أن نعرف لماذا خلقنا ربنا ؟
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾
العبادة طاعة طوعية ، ممزوجة بمحبة قلبية ، أساسها معرفة يقينية ، تفضي إلى سعادة أبدية . فالبطولة ، والنجاح ، والفلاح ، والذكاء ، والتوفيق أن تعرف الله .(( ابن آدم اطلبنِي تجدني ، فإذا وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتك فاتك كل شيء ، وأنا أحب إليك من كل شيء ))
الآيات هي القنوات الوحيدة السالكة لمعرفة الله :
لذلك أي إنسان يجب أن يقتطع من وقته الثمين فيما يتوهم وقتاً لمعرفة ربه ، لمعرفة سر وجوده ، لمعرفة غاية وجوده ، الله عز وجل قال :
﴿ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ﴾
الآيات هي القنوات الوحيدة السالكة لمعرفة الله ، آيات كونية ، المهمة التفكر ، آيات تكوينية أفعاله ، المهمة النظر ، آيات قرآنية كلامه ، المهمة التدبر ، مع الآيات الكونية أتفكر ، ومع الآيات التكوينية أنظر وأتعظ ، ومع الآيات القرآنية أتدبر .ومضة واحدة لا غير : الأرض تدور حول الشمس دورة كل عام ، فتدور بمسار إهليلجي بيضوي ، له قطران أطول وأصغر ، هي الآن بالأطول ، تتجه نحو الأصغر بقانون الجاذبية ، الجاذبية متعلقة بالكتلة والمسافة ، المسافة قلت الجاذبية ازدادت ، فلابد يقيناً من أن تنجذب الأرض إلى الشمس ، وإذا انجذبت تبخرت في ثانية واحدة ، ما الذي يحصل ؟ ترفع الأرض سرعتها لينشأ من رفع السرعة قوة نابذة تكافئ القوة الجاذبة ، تبقى على مسارها .
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا ﴾
أن تزول عن مسارها ، الآن هي بالأصغر تنتقل نحو الأطول ، المسافة زادت الجاذبية ضعفت ، لا بد من تفلت الأرض من مسارها نحو الشمس ، إن تفلتت تصبح الحرارة ثلاثمئة وستين تحت الصفر ، تنتهي الحياة إن انجذبت أو تفلتت ، يد من ؟ قدرة من ؟ حكمة من ؟ رحمة من ؟ تبقيها على مسارها .الآن آخر ومضة قبل أن تسألني ، آخر ومضة الله قال :
﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ ﴾
الأرض في دورتها حول الشمس تمر باثني عشر برجاً ، أحد هذه الأبراج برج العقرب، يوجد نجم صغير أحمر متألق اسمه قلب العقرب . الآن وطن نفسك لهذه الحقيقة ، هذا البرج فيه نجم صغير أحمر متألق اسمه قلب العقرب يتسع للشمس والأرض مع المسافة بينهما .هذا الإله العظيم يُعصى ؟ ألا يخطب وده ، ألا ترجى جنته ، ألا تخشى ناره .
تعصي الإله وأنت تظهر حبه ذاك لعمري في المقال شنيع
لو كان حبك صادقاً لأطعتـــــه إن المحب لمن يحب يطيــع
***
المذيع :
أكرمك الله شيخنا ، دكتورنا جزاك الله الخير ، أكرمكم الله شيخنا ، نحن بداية استهللنا في هذا اللقاء ، وما سألنا عن صحتك ، ولا عن أخبارك ، وأحوالك ؟
الله عز وجل لا يتوافق مع ألوهيته أن يقع في ملكه ما لا يريد :
الدكتور محمد راتب :
الحمد لله .
المذيع :
الله يكرمك ، نحن في هذه اللقاءات المباشرة تبسط قليلاً ونرتاح .
الدكتور محمد راتب :
طبيعي .
المذيع :
الله يكرمك ، شيخنا ؛ لعل الكثير يسأل عما نعيشه من أحداث الآن من رمضان ، نسأل الله أن يرفع الغمة عن المسلمين وغير المسلمين من مسألة الكورونا ، فكيف ينظر الدكتور محمد راتب النابلسي لهذه المسألة ؟
الدكتور محمد راتب :
بصرف النظر عن مقولتين ، مقولة حدث طبيعي ، ومقولة مؤامرة ، بصرف النظر عن كونها حدث طبيعي أو مؤامرة ، ما دام الله قد سمح بها إذاً الله عز وجل لا يتوافق مع ألوهيته أن يقع في ملكه مالا يريد ، مقام الإلوهية ، أن يقع في ملكه وباء لمخلوق لا يرى بالعين، ليس كائناً حياً ، يوقف الحياة بالخمس قارات ! لا طيران ، ولا بواخر ، ولا مواصلات ، ولا معامل ، ولا دوام ، ولا موظفين ، الحياة ، والله في منظر لنيويورك ولوس أنجلس وباريس ولندن وبرلين شيء لا يصدق ، فيروس لا يرى بالعين ، يعني الحقيقة بصرف النظر على أن هذا الشيء مؤامرة بحث طويل أو شيء طبيعي أو غير طبيعي الله عز وجل يرينا آياته ، كأن الله يقول لنا :
﴿ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾
الناس عاشوا في وحل الأرض ، أي ملاهي ، دور سينما ، شواطئ فيها عُري ، إباحيات ، أفلام جنسية ، فضائيات تشيع الفحشاء ، ربا ، شعوب قوية تقهر الضعيفة ، الضعاف يموتون من الجوع ، والكبار يموتون من الترف ، هذا الوضع ، قال النبي الكريم :(( لتملأ الأرض ظلماً وجوراً ))
انعدام الشر المطلق في الكون لأنه يتناقض مع وجود الله :
الأرض تعيش في وحل المادة ، وحل المصالح ، لا يوجد مبادئ ، يوجد مصالح ، المصالح يتكلم بها لترقية الأطماع ، يوجد مصالح فقط القوي يأكل الضعيف ، الله عز وجل أرسل رسالة ، لو فسرتها مؤامرة الله سمح بها ، لو فسرتها شيء طبيعي الله سمح بها ، على كلٍ رسالة من الله عز وجل :
﴿ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾
الآن البطولة أحياناً أن تكتشف من الشيء السلبي أشياء إيجابية ، أقمنا شهراً في بيوتنا ، مع زوجاتنا ، وبناتنا ، وأولادنا ، وصلينا أئمة في بيوتنا ، واستمتعنا بهذا البيت الذي هو جنة المؤمن ، في البيت حياة جديدة ، الناجحون في الحياة دائماً خارج البيت ، خارج البيت هذا الشهر بأكمله مع زوجاتنا ، وبناتنا ، وأولادنا ، وأقربائنا ، وصلينا التراويح أئمة ومؤتمين ، وذقنا طعم القرب من الله بنوع آخر .فلذلك كل شيء وقع بالخمس قارات من آدم ليوم القيامة أراده الله ، وكل شيء أراده الله وقع ، والإرادة الإلهية متعلقة بالحكمة المطلقة ، والحكمة المطلقة متعلقة بالخير المطلق يعني شر مطلق بالكون لا يوجد ، أي الشر للشر لا يوجد لأنه يتناقض مع وجود الله .
أذكر مرة سألني أخ سؤالاً محرجاً ، قال لي : إنسان ذاهب إلى دكانه في أحد الأيام وبعدما دخل للمحل بعشر دقائق سمع إطلاق رصاص ، مد رأسه فإذا رصاصة تصيبه فيشل فوراً ، فالسائل أراد أن يحرجني ، قال لي : هذا ما ذنبه ؟ أليس العمل عبادة ؟ نزل من بيته بمكان معين على محله التجاري ، فتح المحل ليبيع أقمشة ، يوجد سوق في الشام مهم جداً ، سوق مدحت باشا ، فسمع إطلاق رصاص ، مد رأسه جاءت رصاصة ، قلت له : والله لا أعلم، أنا أصدق أن الله عادل ، أصدقه إخباراً منه لا تحقيقاً ، أما تحقيقاً لا أـستطيع ، أعلم تحقيق عدالته إلا في حالة مستحيل أن يكون لي علم كعلمه ، سبحان الله ! بعد عشرين يوماً لي طالب علم ساكن بحي في دمشق ، قال لي : لنا جار ساكن فوقنا ، يعمل بالأقمشة ، وذهب إلى محله التجاري دون أن يشعر بعد عشرين يوماً سمع إطلاق رصاص ، جاءت رصاصة أصابته بالشلل، هذه القصة ، أنا رأيتها ذُكرت لي ، قال لي : له أخ توفي ، أولاده الأيتام طالبوا عمهم بالإرث ، يوجد محل تجاري للأب المتوفى ، والأيتام طالبوا عمهم بالأجرة ، فطالبوه سنة بأكملها، رفض أن يعطيهم الأجرة ، شكوه إلى أحد علماء الشام كان شيخ القراء ، فامتنع ، قال لهم : اشكوه إلى الله ، هو نفسه الشخص ، سمع إطلاق رصاص ، مد رأسه ، جاءت رصاصة أصابته بالشلل .
من لم تحدث المصيبة في نفسه موعظة فمصيبته في نفسه أكبر :
أنا أحياناً أعرف بحياتي عشرة قصصاً ، من أول فصل لآخر فصل ، يقشعر جلدي لعدل الله ، وأعرف ألف قصة من آخر فصل لا أفهمها ، أنا كمؤمن أقيس الخمس قصص على الألف ، هناك عدل مطلق ، الله عز وجل غني عن تعذيبنا ، لو على الشبكية في ظلم هذا ظلم مؤقت ، أما في النهاية يوجد عدل مطلق ، الله عز وجل ذات كاملة ، صاحب الأسماء الحسنى والصفات العلا ، من هنا إذا الإنسان آمن بعدل الله المطلق ، آمن برحمته ، بحكمته ، بجماله ، بكماله ، بنواله ، يتجه إليه ، هذه المقدمة التي أردت أن أقدمها لك .أما الكورونا رسالة من الله لأهل الأرض قاطبة ، بصرف النظر عن أنها مؤامرة إن شئت أو شيء طبيعي ، لكن :
﴿ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾
ولكن من لم تحدث المصيبة في نفسه موعظة فمصيبته في نفسه أكبر ، المصيبة سميت مصيبة لأنها تصيب الهدف ، فمن لم تحدث المصيبة في نفسه موعظة فمصيبته في نفسه أكبر ، فلابد من أن نتعظ .لكن هذا الدين كما قلت قبل قليل : له كليات ، أول كلية الفكر ، الإيديولوجية ، العقيدة ، المنطلق النظري ، الفهم ، من أنا ؟ لماذا خلقت ؟ ما حقيقة الدنيا ؟ ما حقيقة الآخرة ؟ ماذا بعد الموت ؟ ما حقيقة الجنة ؟ ما حقيقة النار ؟ هذا جانب إيديولوجي ، فكري ، تصوري عقدي ، هذا الجانب يحتاج إلى طلب العلم .
فإذا أردت الدنيا فعليك بالعلم ، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم ، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم ، والعلم لا يعطيه بعضه إلا إذا أعطيته كلك ، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً، ويظل المرء عالماً ما طلب العلم ، فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل ، طالب العلم يؤثر الآخرة على الدنيا فيربحهما معاً ، بينما الجاهل يؤثر الدنيا على الآخرة فيخسرهما معاً ، فلذلك ، نعم تفضل .
المذيع :
العفو شيخي ، أنا فقط أستوقفك عند هذه النقطة .
الدكتور محمد راتب :
أنا جاهز .
المذيع :
نعم أستوقفك فقط لاستئذانك بسؤال يتبادر إليّ ، الآن نحن في نهاية رمضان ، وفي ظل ما تفضلت فيه شيخنا أن الإنسان يتكون لديه رؤية من هذا الحدث ، رؤية كونية ، رؤية عقدية ، وإلى آخره ، فالإنسان المسلم ما الذي يأمل ؟ عادةً كل رمضان يمر علينا ، الذي عمره حوالي عشرين ، أو ثلاثين ، أو سبعين ، أو مئة ، كل واحد مرّ عليه عدد من الرمضانات ؟ فبالتالي ما الذي يأمله عادة الإنسان المسلم عند الخروج من رمضان ؟
الحكمة من رمضان :
الدكتور محمد راتب :
والله الذي لا إله إلا هو إذا عدنا بعد رمضان كما كنا قبل رمضان والله كأننا لم نصوم.
رمضان ولى هاتها يا ساقي مشتاقة تسعى إلى مشتاقِ
***
أتمنى أن أقول شيئاً دقيقاً وخطيراً : هذا المسلسل خطورته لا من مشهد مثير جنسياً لا، هناك أعمق من ذلك بكثير ، هذا الفلم ، أو المسلسل ، أو المسرحية ، أو القصة ، العمل الفني ، من قصة إلى مسرحية إلى فلم ، نفس الشيء ، كلها تمثيل ، هذا العمل يريك المتفلت من الدين ، الذي لا يصلي زوجته تستقبل أصدقاءه بغيابه ، بثياب متفلتة ، بيت فخم جداً ، أربعمئة وخمسون متراً ، سيارتان أو ثلاث ، بيت بالمصيف ، بيت على البحر ، دخل كبير ، هو رشيق وأنيق ، زوجته متفلتة ، لم يقولوا عن الدين ولا كلمة ، الإعلام ما تكلم بالدين ولا حرف أعطاك أحلى صورة لإنسان ليس متديناً ، متفلت ، الآن شيخ القرية ، عصبي المزاج ، زوجته عند الجيران ، أولاده بالطريق ، لا يوجد أناقة إطلاقاً بحياته ، ما تحدثوا عن الدين ولا كلمة .
لكل موضوع فهم أرضي وفهم توحيدي سماوي :
الغرب أخي الكريم أيقن أنه لا يستطيع أن يواجه الإسلام بالكلمة ، فواجه الإسلام بالصورة ، الكلمة لا تنجح ، معنا قرآن ، معنا سنة ، معنا خطباء ، معنا علم ، فواجهنا بالصور هذا الإعلام ، أقول لك كلمة دقيقة : كان يوجد سلطة تشريعية ، وسلطة تنفيذية ، وسلطة قضائية ، الثلاثة التقوا في الإعلام ، الإعلام يركز على موضوع ، العالم يقوم ولا يقعد ، يعتم على موضوع ، يُقتَل مليون إنسان ولا كلمة ، ولا تنديد ، ولا شجب ، ولا سحب سفير ، فالموضوع بقي إعلاماً ، الإعلام يروج ، يثير المشاعر ، لا يوجد إعلام الأمر فيه تعتيم ، فيه تبرير ، فلذلك نحن في عصر كما قال النبي الكريم :
(( تمتلئ الأرض ظلماً وجوراً إلى أن يأتي أخي عيسى فيملؤها قسطاً وعدلاً ))
يوجد ظلم شديد ، هذا الفيروس رسالة من الله ، قلت لي مؤامرة أو شيء طبيعي رسالة من الله سمح بها ، كائن لا يرى بالعين غير حي يوقف الحياة بالخمس قارات .﴿ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾
هذا الفيروس ، هذا فهم توحيدي ، يوجد فهم أرضي ، ويوجد فهم توحيدي سماوي ، يعني الله عز وجل ، أقول كلمة دقيقة جداً : كل شيء وقع بالخمس قارات من آدم ليوم القيامة أراده الله ، وكل شيء أراده الله وقع ، والإرادة الإلهية متعلقة بالحكمة المطلقة ، والحكمة المطلقة متعلقة بالخير المطلق ، في الكون شر مطلق غير موجود كلياً لأنه يتناقض مع وجود الله .المذيع :
سبحان الله !
الأمر كله يرجع لله فلو أسلمك إلى غيره لا يستحق أن تعبده :
الدكتور محمد راتب :
غير معقول ! إذا أسلمك إلى غيره لا يستحق أن تعبده ، قال لك :
﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ ﴾
الأمر أل الجنس ، أل الجنس تعني أن أي أمر من آدم ليوم القيامة بالخمس قارات يرجع إليه ، فلو أسلمك إلى غيره لا يستحق أن تعبده .﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ ﴾
لذلك المقولة التوحيدية التي تفسر مليون موضوع : كل شيء وقع على النطاق المادي وقع بالخمس قارات من آدم ليوم القيامة أراده الله ، ليس معنى ذلك أنه أمر به أو رضي به .طبيب تزوج ما أنجب ، عشر سنوات ما أنجب ، ويحب زوجته محبة شديدة ، فأنجب بعد عشر سنوات طفلاً ، اكتشف الأب أن مع ابنه التهاب زائدة ، هذا الأب الولهان بابنه يسمح بفتح بطن ابنه ، واستئصال الزائدة .
فكل شيء وقع بالقارات الخمس من آدم ليوم القيامة أراده الله ، وليس معنى ذلك أنه أمر به ولا رضيه ، بل سمح به .
المذيع :
شيخنا .
ثلاث حاجات أساسية بكل إنسان متوافرة بهذا الدين :
الدكتور محمد راتب :
الآن معكوسة ، وكل شيء أراده الله وقع ، عكسها ، والإرادة الإلهية متعلقة بالحكمة المطلقة ، والحكمة المطلقة متعلقة بالخير المطلق ، شر مطلق لا يوجد لأنه يتناقض مع وجود الله .
المذيع :
سبحانه ! شيخنا لعل كلامك ، بآخر الكلام هذا عن الله سبحانه وتعالى ، أن نتذكر الآن الموسوعة الجميلة الرائعة أسماء الله الحسنى ، فكان يستحضرني سؤال حقيقة وهو في رمضان ، ونحن في أجواء رمضان : لماذا النبي صلى الله عليه وسلم عندما سألته عائشة رضي الله عنها ، قالت : إذا أدركت ليلة القدر ماذا أقول ؟ فقال لها : قولي :
اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني .
لماذا اختار الله سبحانه وتعالى ، والنبي صلى الله عليه وسلم اسم العفو دون سائر الأسماء في هذه الليلة ؟
الدكتور محمد راتب :
لأن الله أودع في الإنسان الشهوات ، شئت أم أبيت ، أودع فيك حب النساء ، وحب المال ، وحب العلو في الأرض ، حب الطعام والشراب لتبقى حياً ، الحاجة إلى الطعام والشراب تضمن بقاءه حياً ، والحاجة إلى الزواج لتضمن بقاء النوع ، لولا الزواج لانتهى النوع البشري ، بعدما أكل وشرب ، وتزوج وأنجب ، عنده حاجة ثالثة إلى التفوق ، إلى بقاء الذكر ، والطعام والشراب يبقى الوجود الفردي ، بالزواج يبقى وجود النوع ، بالتفوق يبقى بقاء الذكر ، بعدما أكلت وشربت ، وتزوجت وأنجبت ، عندك حاجة أن يشار إليك الطبيب الأول ، المهندس الأول ، التاجر الأول ، الداعية الأول ، هذا بقاء الذكر ، ثلاث حاجات أساسية بكل إنسان متوافرة بهذا الدين .
أوامر الله كلها ضمان لسلامتنا :
لذلك الآن على الأرض يوجد ثمانية مليارات إنسان ، وكلام دقيق جداً ، هل هناك واحد من الثمانية مليارات يحب الفقر ؟ ولا واحد ، يحب المرض ؟ ولا واحد ، يحب القهر ؟ ولا واحد ، هل هناك واحد من الثمانية مليارات لا يحب أن يكون غنياً ؟ بيته واسع ؟ زوجته كما يتمنى ؟ أولاده أبرار ؟ بناته محتشمات ، بيته بمكان ، عنده بيت ثاني بالمصيف ، سيارة معقولة، كلنا نحب السلامة والسعادة والاستمرار ، السلامة بالاستقامة على منهج الله ، لأنك أنت أعقد آلة بالكون ، تعقيد إعجاز لا تعقيد عجز ، ولك صانع عظيم ، ولهذا الصانع العظيم تعليمات التشغيل والصيانة ، فأنت انطلاقاً من حرصك على سلامتك وسعادتك ينبغي أن تتبع تعليمات الصانع .
مثلاً لو أخذت سيارة مرسيدس حديثة ، ستمئة ، وليس مئة وثمانين ، هذه السيارة تألق ضوء أحمر بالبيانات ، هذا التألق ماذا يعني ؟ إذا فهمته تألقاً تزيينياً احترق المحرك ، إن فهمته تألقاً تحذيرياً أوقفت المركبة وزودت المحرك بالزيت ، هذه القصة كلها ، فأنت انطلاقاً من حرصك اللامتناهي على سلامتك ، وعلى سعادتك ، وعلى استمرارك ينبغي أن تتبع تعليمات الصانع .
الآن إذا كنت تركب سيارة ، ومكتوب حقل ألغام ممنوع التجاوز ، بربك هل تشعر أن هذه اللوحة وجدت حداً لحريتك أم ضماناً لسلامتك ؟ هذه القصة كلها . أوامر الله كلها ضمان لسلامتنا ، سلامة أجسامنا وأنفسنا ومستقبلنا ، فالبطولة أن تعرف الله .
(( ابن آدم اطلبنِي تجدني ، فإذا وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتك فاتك كل شيء ، وأنا أحب إليك من كل شيء ))
هذا الذي أتمنى أن أنقله إلى أخوتنا الكرام .المذيع :
جزاك الله خيراً . شيخنا لعل عنوان جلستنا اليوم هو ماذا بعد رمضان ؟ لعلنا نحن نريد ثمرة رمضان وهي التوبة .
رمضان هو عبادة الإخلاص لله :
الدكتور محمد راتب :
أنا والله أقول من أعماق أعماقي من أربعين سنة بالدعوة ، البطولة أن تستمر إيجابيات رمضان بعد رمضان إلى نهاية العام .
المذيع :
كيف يتم ذلك ؟
الدكتور محمد راتب :
إذا أنت ذقت طعم القرب من الله ، ما عندك كلمة فاحشة ، ما عندك رغبة بأن تشاهد على الشاشة شيئاً لا يرضي الله ، ما عندك رغبة أن يكون هناك اختلاط ، ما عندك رغبة أن تغش بالبيع والشراء ، الطرق إلى المعصية لا تعد ولا تحصى ، أنت برمضان أذاقك الله طعم القرب ، هناك معنى أعمق بكثير ، لماذا الله عز وجل حرم علينا القتال في الأشهر الحرم ؟ الدم يغلي ، القتل مستشري ، الآن أذاق الله عباده طعم السلم ، فلما ذاقوا طعم السلم رغبوا أن يستمر، رمضان شهر استثنائي ، دورة مكثفة ، مركزة ، فيها تراويح ، فيها فجر .
(( مَنْ صَلَّى الفجر في جماعة ))
الكل صائم ، هناك قرآن ، وزكاة ، وإنفاق ، وجمعيات خيرية ، شهر كله عبادة ، عبادة بالمال ، عبادة بالامتناع .مثلاً إنسان بالبيت الساعة الثانية والنصف في شهر تموز برمضان ، بالبيت لا يوجد أحد ، يكاد يموت من العطش ، والثلاجة فيها ماء بارد زلال ، هل يستطيع أن يضع نقطة ماء بفمه ؟ لا يستطيع ، رمضان عبادة الإخلاص لله ، لا يوجد إنسان في الأرض يضبطك بهذه المعصية ، في البيت لوحدك ، الزوجة عند أهلها ، والأولاد بالمدرسة ، والحرارة عالية ، والثلاجة فيها ما لذ وطاب ، مشروبات وماء بارد وفواكه ، هل يستطيع المسلم أن يضع نقطة ماء بفمه ؟
الله تعالى لا نهائي أوامره لا نهائية وعذابه لا نهائي فالبطولة أن نعرفه في الوقت المناسب:
لذلك هذا الشهر شهر الإخلاص ، شهر العطاء ، فيه أداء زكاة ، فيه صلة رحم ، فيه نظام ، هل يعقل أمة بثانية تأكل ! هل يوجد أمة في الأرض بثانية واحدة المدفع ضرب تأكل ؟ له فوائد رمضان لا تعد ولا تحصى ، لأنه إله ، إله .
أحياناً إنسان يعمل عملاً فيقول : ضربت عصفورين بحجر ، أي ذكي جداً ، الله يضرب مليون عصفور بحجر واحد .
أولاً دورة تدريبية للصحة ، الإنسان دائماً الأمعاء فيها بقايا طعام ، بقايا الطعام تجمعت بالممرات عندما يجوع في تجريف للأمعاء ، يعني صيانة كاملة للجهاز الهضمي ، صيانة كاملة لجهاز الدوران ، صيانة كاملة للصحة .
(( صوموا تصحوا ))
صيانة كاملة ، أنت ما جعت في حياتك ، ولا عطشت دائماً ، حتى الآن يوجد في السيارة براد أيضاً ، ماء في السيارة بارد ، أما في رمضان لا يوجد شرب ماء ، ولا أكل ، مشكلة الفقير أيضاً هو الحقيقة النتائج لا تعد ولا تحصى ، الله عز وجل لا نهائي ، وأوامره لا نهائية ، وعذابه لا نهائي ، فالبطولة أن نعرفه في الوقت المناسب .(( ابن آدم اطلبنِي تجدني ، فإذا وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتك فاتك كل شيء ، وأنا أحب إليك من كل شيء ))
المذيع :شيخنا ، استوقفتني كلمة للجنيد البغدادي عندما قال : عليك بحفظ الهمة فإن الهمة مقدمة الأشياء ، وكثير من الشباب ، الحقيقة أنا حتى هذا السؤال وردني أيضاً ، قال : نحن نشعر بروح إيمانية ، وكذا في رمضان ، وفي مواسم أخرى لكن أجد نفسي أضعف ، في وقت ما أضعف ، ما الحل ؟
حاجة الإنسان دائماً إلى حاضنة إيمانية :
الدكتور محمد راتب :
الحل سهل جداً ، يقول الله عز وجل :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾
أنت بحاجة إلى حاضنة إيمانية ، بحاجة إلى أصدقاء مؤمنين ، إلى نزهة مع مؤمنين سهرة مع مؤمنين ، المؤمنون يساعدون بعضهم بعضاً .الكلمة دقيقة نوعاً ما : عندنا لعبة اسمها شد الحبل ، هذه الجماعة ، هذه السهرة ، إن استطاعوا أن يشدوك إليهم ، إلى ترك الصلاة ، أو شاشة مفتوحة ، أو ربا ، ابتعد عنهم بلطف أيضاً ، أما إن أمكنك أن تشدهم إليك ابقَ معهم ، دائماً ، الآية :
﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾
جوابي لسؤالك اللطيف : أنت بحاجة إلى حاضنة إيمانية ، بحاجة إلى أصدقاء مؤمنين ، نزهة مع مؤمنين ، سفرة مع مؤمنين ، إقامة مع مؤمنين ، طبعاً علاقات العمل ما لها علاقة ، أما على العلاقات الحميمة ، سهرة للساعة الثالثة ليلاً ، اقعد مع مؤمنين ، نزهة بالصيف ، تحتاج مؤمناً تعيش معه ، والآية واضحة :﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ﴾
المذيع :جزاك الله الخير شيخنا الفاضل ، الله يكرمك نحن في خواتيم هذا اللقاء المبارك .
الدكتور محمد راتب :
أنا جاهز ، أي سؤال أنا حاضر .
المذيع :
الله يكرمك ، شيخنا قبل أيام قليلة ، هذا السؤال وردني أيضاً ، كم مرت علينا ذكرى نكبة فلسطين ، وهي حدث عظيم ، وهي الذكرى الآن تقريباً الثانية والسبعين ، وبعض الأخوة كان يقول : لا تشغلوا الناس عن عبادة رمضان بمسائل فلسطين ، وغير فلسطين ، لكن بعض الأخوة يشعر بالحمية لهذه القضايا ، فما بين هذين ماذا ممكن أن نقول لهم ؟
الحرب بين حقين لا تكون :
الدكتور محمد راتب :
والله يوجد قاعدة أساسية جداً : الحرب بين حقين لا تكون ، لماذا ؟ أي نقطتين في خط مستقيم بينهما ، لو حاولت أن ترسم خطاً ثانياً يأتي فوق الأول ، والثالث ، والرابع ، والمليون ، حرب بين حقين لا تكون ، بين حق وباطل لا تطول ، لأن الله مع الحق ، وبين باطلين لا تنتهي ، إنسان ليس عنده استقامة .
﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ ﴾
اسمع الآية :﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾
والحقيقة المرة ؛ نحن الآن لسنا مستخلفين ، نحن الآن نملك كمسلمين نصف ثروات الأرض ، بالضبط ، ونحتل موقعاً استراتيجياً لا تملكه أمة في الأرض ، وبيننا وسائل توافق لا تملكها أمة ثانية ، ومع ذلك بأسنا بيننا كما ترى وتسمع ، معنى هذا منهج إلهي .﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾
وعد الله ثابت لا ينتهي فالبطولة أن نفهم على الله حكمته وأن نصطلح معه :
دقق الآن :﴿ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ﴾
الحقيقة المرة : لسنا مستخلفين ، ولسنا ممكنين ، ولسنا آمنين ، أين المفتاح ؟﴿ يَعْبُدُونَنِي ﴾
فإذا قصرنا فيما ألزمنا به من عبادة الله فالله جل جلاله في حل من وعودنا الثلاث ، الكرة بملعبنا ، الكرة بأيدينا .(( اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا ))
وعود الله ثابتة ، يعني الله عز وجل وعده ثابت لا ينتهي ، فنحن البطولة أن نفهم على الله حكمته ، أن تصطلح معه .(( إذا رجع العبد العاصي إلى الله نادى منادِ في السماوات والأرض أن هنئوا فلاناً فقد اصطلح مع الله ))
زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين :
النجاح ، والفلاح ، والتفوق ، والتوفيق أن نعرف الله ، أن نعرف الله ونعرف منهجه ونطبق منهجه ، ينشأ معنا خط ساخن معه ، نقدر نناجيه ، نناجيه ، ندعوه ، نقبل عليه ، الآن تأتي الوعود قطعاً ، كلمة أخيرة : زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين .
﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ﴾
لكن :﴿ يَعْبُدُونَنِي ﴾
والعبادة : طاعة طوعية ، ممزوجة بمحبة قلبية ، أساسها معرفة يقينية ، تفضي إلى سعادة أبدية .المذيع :
الله أكبر ! جزاك الله كل الخير ، وفتح عليك شيخنا الفاضل .
شيخنا ؛ لعلنا نختم الآن إذا تكرمت بدعاء نختم فيه مجلسنا هذا .
الدعاء:
الدكتور محمد راتب :
إن شاء الله .
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير ، واجعل الموت راحة لنا من كل شر مولانا رب العالمين ، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك ، اللهم لا تؤمنا مكرك ، ولا تهتك عنا سترك ، ولا تنسنا ذكرك ، اللهم واجعل بلاد المسلمين آمنة إن شاء الله .