وضع داكن
03-05-2024
Logo
إذاعة الأمن العام - برنامج يستفتونك - ندوة 3 : وبشر المحسنين.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :


الدكتور حمزة بني عامر  :
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين ، وأفضل السلام وأتم التسليم على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، وعلى كل من سار على دربه واهتدى بهديه إلى يوم الدين  .

﴿  وَالْعَصْرِ 1 إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ 2 إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ 3 ﴾

 

[ سورة العصر ]

نسأل الله تبارك وتعالى أن نكون دائماً وأبداً من المتواصين بالحق ، ومن المتواصين بالصبر ، إنه وليّ ذلك والقادر عليه .
أيها الأخوة المستمعون ؛ أيها الأخوة المشاهدون ؛ السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، وحياكم الله في حلقة جديدة من برنامجكم الأسبوعي : " يستفتونك "، وحلقة اليوم إن شاء الله هي حلقة خاصة من هذا البرنامج نستضيف فيها العلّامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي وكلنا يعرفه فهو أشهر من أن يعرّف ، باسمكم جميعاً إخوتي وأحبتي نرحب به ونقول : حياكم الله وأهلاً وسهلاً ومرحباً بكم سيدي .
الدكتور محمد راتب النابلسي  :
بارك الله بكم ، ونفع بكم ، وأعلى قدركم ، وحفظ لكم بلدكم . 
الدكتور حمزة بني عامر  :
آمين ، بارك الله بكم ، حياكم الله إخوتي وأحبتي وكما تعودنا وإياكم دائماً على الخير والمحبة نلتقي ، وباسم الله سبحانه وتعالى دائماً نبدأ .
عندما نتكلم عن الإحسان وهو موضوع حلقتنا لهذا اليوم سيكون عن قول الله عزَّ وجل :

﴿ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنْكُمْ كَذَٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ 37 ﴾

[  سورة الحج ]

نتكلم عن الإحسان عندما قال الله عزَّ وجل : 

﴿ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنْكُمْ كَذَٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ 37 ﴾

[  سورة الحج ]

عندما نتكلم عن الإحسان نتكلم عن صفة من صفات الله سبحانه وتعالى الذي أحسن كل شيء خلقه .
سيدي حياكم الله ، يا مرحباً بكم ، اليوم تشرفنا بوجودكم معنا في هذه الإذاعة إذاعة الأمن العام ، هذا المنبر الإعلامي الذي نسأل الله عز وجل أن يبقى صادحاً بالحق ، سيدي الإحسان عندما نتكلم عن هذه الكلمة التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم عدة مرات ، إحسان إلى الخلق ، لابد من أن نعي ما هو الإحسان ؟ 

 

الإنسان هو المخلوق الأول المكرم والمكلف :


الدكتور محمد راتب النابلسي  :
يوجد مقدمة لابد منها ؛ الإنسان هو المخلوق الأول عند الله ، والمخلوق المكلّف والمحاسب ، بماذا  ؟ قال تعالى : 

﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا 72 ﴾

[  سورة الأحزاب ]

في عالم الأزل ؛ نحن في عالم الصور ، في عالم الأزل خلق الله الخلائق جميعاً دفعةً واحدةً ،

﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ﴾

فلما قَبِل الإنسان حمل الأمانة كان عند الله المخلوق الأول رتبةً ، والمفضل والمكلّف والمحاسب ، من هنا المنطلق لأنه رُكِّب الملك من عقل بلا شهوة ، وركّب الحيوان من شهوة بلا عقل ، وركّب الإنسان من كليهما ، فإن سما عقله على شهوته أصبح فوق الملائكة ، وإن سمت شهوته على عقله أصبح دون الحيوان ، فنحن خلقنا لجنة عرضها السماوات والأرض ، والدليل قوله تعالى :

﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ ۗ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ 119 ﴾

[  سورة هود ]

﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾

خلقهم ليرحمهم ، ولكن هذه الرحمة تحتاج إلى مؤهلات ، إلى أسباب ، هذه المؤهلات والأسباب بالدنيا ، جئنا إلى الدنيا كي ندفع ثمن الآخرة ، الثمن لا يعقل إلا أنه بدفع ثمن مفتاح الجنة ، قد يكون هناك بناء كلف مليارات ، لكن ثمن مفتاحه دينار واحد ، نحن جئنا إلى الدنيا لدفع ثمن مفتاح الجنة لأن فيها :

(( ما لا عينٌ رأت ، ولا أذنٌ سمعت ، ولا خطرَ على قلبِ بشرٍ . ))

(( عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «قال الله تعالى : أَعْدَدْتُ لعِبَادي الصَّالحين ما لا عَيْنٌ رأَت ، ولا أُذُنٌ سَمِعَت ، ولا خَطَر على قَلب بَشَر ، واقْرَؤُوا إن شِئْتُمْ : فلا تَعلم نفس ما أُخْفِي لهم من قُرَّة أَعْيُنِ جَزَاء بما كانوا يعملون السجدة : 17 ))

[ متفقٌ عليه ]

فالدنيا هنا دار ابتلاء لا دار اكتمال ، دار مسؤولية ، دار محاسبة ، نحن في استعداد لنيل الليسانس ، دراسة مضنية متعبة ، فإذا فهم الإنسان علّة وجودنا في الدنيا :

(( أَيُّها الناسُ إنَّ هذه الدنيا دارُ التِوَاءٍ لا دَارُ اسْتِوَاءٍ ، ومَنْزِلُ تَرَحٍ لا مَنْزِلُ فَرَحٍ ، فَمَنْ عَرَفَهَا لمْ يَفْرَحْ لِرَجَاءٍ ، ولَمْ يَحْزَنْ لِشَقَاءٍ ، ألا وإِنَّ اللهَ تَعَالَى خلق الدنيا دارَ بَلْوَى ، والآخِرَةَ دَارَ عُقْبَى ، فَجَعَلَ بَلْوَى الدنيا لِثَوَابِ الآخِرَةِ سَبَبًا ، وثَوَابَ الآخِرَةِ من بَلْوَى الدنيا عِوَضًا ، فَيَأْخُذُ لِيُعْطِيَ ويَبْتَلِي لِيَجْزِيَ ))


[ الأربعون الودعانية ]

الملخص : الإنسان المخلوق الأول والمكرم والمحاسب ، فالبطولة والذكاء والفلاح والنجاح كلها مع بعضها أن تعرف سرّ وجودك وغاية وجودك : 

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ 56 ﴾

[ سورة الذاريات ]

العبادة هو خضوع هذا الكائن الأول ، المفضل ، المكلّف ، المحاسب لمنهج خالقه ، وتعليمات الصانع هي الجهة الوحيدة التي ينبغي أن تتبع تعليماتها لأنها الجهة الخبيرة ، جئنا إلى الدنيا لنعمل عملاً صالحاً هو ثمن الآخرة : 

﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ ۗ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ 119 ﴾


[ سورة هود ]

﴿  إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾

خلقنا ليرحمنا ، أما ثمن الجنة فهو العمل الصالح : 

﴿  حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ 99 لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ 100 ﴾

[ سورة المؤمنون ]

سمي العمل صالحاً لأنه يصلح للعرض على الله ، ومتى يصلح ؟ إذا كان خالصاً وصواباً ، خالصاً ما ابتغي به وجه الله ، صواباً ما وافق السنة . 
الدكتور حمزة بني عامر  :
سيدي بارك الله فيك ، وجزاك الله خيراً ، ونفعنا الله سبحانه تعالى بعلمك ، نعود سيدي إلى موضوعنا موضوع الإحسان : عندما نتكلم عن الإحسان في القرآن أو الإحسان في السنة نقف أمام نصوص قرآنية وأحاديث نبوية كثيرة جداً ينبهر العقل عندما ينظر في هذه النصوص ويتفقه ويتمعن في معانيها . 
 

الإحسان ثمن الجنة :


الدكتور محمد راتب النابلسي  :
الإحسان هو ثمن الجنة ، سمي العمل صالحاً لأنه يصلح للعرض على الله ، ومتى يصلح ؟ إذا كان خالصاً وصواباً ، فالإحسان ثمن الجنة ، أي أنا سأقدم عملاً ضمن إمكانيتي يعتبره الله ثمن الجنة ؛ جنةٌ عرضها السموات والأرض ، فيها :

((  عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «قال الله تعالى : أَعْدَدْتُ لعِبَادي الصَّالحين ما لا عَيْنٌ رأَت ، ولا أُذُنٌ سَمِعَت ، ولا خَطَر على قَلب بَشَر ، واقْرَؤُوا إن شِئْتُمْ : فلا تَعلم نفس ما أُخْفِي لهم من قُرَّة أَعْيُنِ جَزَاء بما كانوا يعملون السجدة : 17 ))

[ متفقٌ عليه ]

ثمنها العمل الصالح ، الدليل القطعي ؟ 

﴿ حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ 99 لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ 100 ﴾

[ سورة المؤمنون ]

﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ ﴾

لم يقل : لأنشئ الطابق الخامس ، قال :

﴿ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا ﴾

سمي العمل صالحاً لأنه يصلح للعرض على الله تعالى ، ومتى يصلح ؟ إذا كان خالصاً وصواباً ، خالصاً  ما ابتغي به وجه الله تعالى ، وصواباً ما وافق السنة . 
الدكتور حمزة بني عامر  :

﴿ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ ﴾

عندما ننظر في حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم عندما جاءه جبريل على هيئة رجل شديد بياض الثياب ، شديد سواد الشعر ، لا يرى عليه أثر السفر كما جاء في الحديث الذي رواه سيدنا عمر رضي الله تعالى عنه ؛ سأله عدة أسئلة عن الإسلام ، عن الإيمان ، ثم كان السؤال الثالث عن الإحسان الأعلى مرتبة : 

((  بيْنَما نَحْنُ عِنْدَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ذاتَ يَومٍ ، إذْ طَلَعَ عليْنا رَجُلٌ شَدِيدُ بَياضِ الثِّيابِ ، شَدِيدُ سَوادِ الشَّعَرِ ، لا يُرَى عليه أثَرُ السَّفَرِ ، ولا يَعْرِفُهُ مِنَّا أحَدٌ ، حتَّى جَلَسَ إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ، فأسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إلى رُكْبَتَيْهِ ، ووَضَعَ كَفَّيْهِ علَى فَخِذَيْهِ . وَقالَ : يا مُحَمَّدُ أخْبِرْنِي عَنِ الإسْلامِ ، فقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ : الإسْلامُ أنْ تَشْهَدَ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ، وتُقِيمَ الصَّلاةَ ، وتُؤْتِيَ الزَّكاةَ ، وتَصُومَ رَمَضانَ ، وتَحُجَّ البَيْتَ إنِ اسْتَطَعْتَ إلَيْهِ سَبِيلًا ، قالَ : صَدَقْتَ ، قالَ : فَعَجِبْنا له يَسْأَلُهُ ، ويُصَدِّقُهُ ، قالَ : فأخْبِرْنِي عَنِ الإيمانِ ، قالَ : أنْ تُؤْمِنَ باللَّهِ ، ومَلائِكَتِهِ ، وكُتُبِهِ ، ورُسُلِهِ ، والْيَومِ الآخِرِ ، وتُؤْمِنَ بالقَدَرِ خَيْرِهِ وشَرِّهِ ، قالَ : صَدَقْتَ ، قالَ : فأخْبِرْنِي عَنِ الإحْسانِ ، قالَ : أنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأنَّكَ تَراهُ ، فإنْ لَمْ تَكُنْ تَراهُ فإنَّه يَراكَ ، قالَ : فأخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ ، قالَ : ما المَسْؤُولُ عَنْها بأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ ، قالَ : فأخْبِرْنِي عن أمارَتِها ؟ قالَ : أنْ تَلِدَ الأمَةُ رَبَّتَها ، وأَنْ تَرَى الحُفاةَ العُراةَ العالَةَ رِعاءَ الشَّاءِ يَتَطاوَلُونَ في البُنْيانِ ، قالَ : ثُمَّ انْطَلَقَ فَلَبِثْتُ مَلِيًّا ، ثُمَّ قالَ لِي : يا عُمَرُ أتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ ؟ قُلتُ : اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ ، قالَ : فإنَّه جِبْرِيلُ أتاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ    ))

[ صحيح مسلم ]

 

الحكمة من خلق الإنسان ضعيفاً :


الدكتور محمد راتب النابلسي  :
دقيقة سيدي ؛ الإسلام بالمصطلح الدقيق خضوع هذا المخلوق الأول عند الله الجاهل الشهواني الأناني لمنهج خالق السماوات والأرض ، خضوع إنسان ضعيف ، لم هو ضعيف ؟ ضعيف أمام المال ، ضعيف أمام النساء ، ضعيف أمام حاجاته ، ضعيف أمام أولاده ، قد يأكل مالاً حراماً ليربيهم أحياناً ، هذا الإنسان الضعيف :

﴿  يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا 28  ﴾

[ سورة النساء ]


﴿ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾

دقق : خلق ضعيفاً ليفتقر في ضعفه إلى الله ، فإذا افتقر إلى الله سعد بافتقاره ، ولو خلق قوياً لاستغنى بقوته فشقي باستغنائه ، حكمة بالغة بالغة أنه ضعيف وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا خلق ضعيفاً ليفتقر في ضعفه فيسعد بافتقاره ، ولو خلق قوياً لاستغنى بقوته فشقي باستغنائه . 
الدكتور حمزة بني عامر  :
إذاً الحديث عندما قال : الإحْسانِ

(( أنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأنَّكَ تَراهُ ، فإنْ لَمْ تَكُنْ تَراهُ فإنَّه يَراكَ ))

أن تعبد الله كأنك تراه هذا هو الإحسان الذي نريد أن نتوصل إليه ، كيف نفعل هذا الأمر ؟ 
 

الإسلام والإيمان والإحسان :


الدكتور محمد راتب النابلسي  :
هذا أعلى شيء ، الحقيقة دعنا نوضحهم ، اتفقنا أن الإسلام خضوع فقط ، إذاً فما هو الإيمان ؟ هناك ثلاثة مصطلحات وردت في السنة : الإسلام والإيمان والإحسان ، الإيمان تصديق وإقبال ، والكفران : تكذيب وإعراض ، التكذيب لا يعني إلغاء وجوده ، الأستاذ في الصف ملء السمع والبصر كلفك بوظيفة لكنك لم تفعلها ، أنت كذبت برسالته لكن هو أمامك ملء السمع والبصر ، فالإيمان تصديق وإقبال على الله تعالى ، والكفران تكذيب وإعراض ، فنحن عندنا الإسلام خضوع شكلي ، وهناك بعض البلاد الإسلامية الشرع فيها مطبّق بالقوة فخضع لكن لو سافر لبلاد أخرى يتفلت بكل أفعاله ، فالإسلام خضوع ، الإيمان : يقين وإقبال ، والكفران : شك وإعراض ، أما التقوى فأن تملك مصباحاً ، تخيل أنك تمشي بغابة في الليل ، ويوجد فيها وحوش ، وحفر مفاجئة ، وليس لديك مصباح :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ 28 ﴾

[ سورة الحديد ]

هذا النور في القرآن وارد . نحن في غرفة مضاءة بالكهرباء ، فأنا عيني لا ترى إلا بوسيط هو الضوء ، والعقل لا يدرك إلا بوسيط هو نور الله

﴿ اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ ﴾

أي واحدة في الدنيا والثانية في الآخرة ،

﴿ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ  ﴾

الإسلام خضوع قد يكون شكلياً لمنهج الله ، لو دولة إسلامية قمعية فرضاً ، الصلاة إجبارية ، نصلي ، خضوع قهري ، أما الإيمان فتصديق وإقبال ، والكفران تكذيب وإعراض ، أما أعلى مرتبة فهي مرتبة الإحْسانِ :

(( أنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأنَّكَ تَراهُ ، فإنْ لَمْ تَكُنْ تَراهُ فإنَّه يَراكَ . ))

الدكتور حمزة بني عامر  :
هذه العبارة سيدي :

(( أنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأنَّكَ تَراهُ ))

الإحسان في العبادة كيف نفعّلها في حياتنا ؟ كيف نجعل رقابة الله عز وجل علينا ؟ 
 

كيفية تفعيل الإحسان في حياتنا :


الدكتور محمد راتب النابلسي  :
التفعيل أولاً عندما تؤدي الصلوات الخمس كما أرادها الله ، أنت كائن ضعيف وخائف وقد تكون أنانياً لا سمح الله ، وبخيلاً ، سُمح لك أن تتصل بأصل الجمال والكمال والنوال ، سمح لك أن تتصل بالذات الكاملة ، سمح لك أن تتصل بالله عز وجل ، اشتققت منه الرحمة ، والدليل :

﴿  فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِين 159  ﴾

[ سورة آل عمران ]

﴿  فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ ﴾

يا محمد ؟ بسبب رحمةٍ استقرت في قلبك من خلال اتصالك بنا كنت ليناً لهم ، فلما كنت ليناً لهم التفوا حولك ، وأنت أنت بالذات لو كنت افتراضاً منقطعاً عنا لامتلأ القلب قسوةً ، ولانعكست القسوة غلظةً ، فانفضوا من حولك ، قانون : "الالتفاف والانفضاض" . 

﴿  فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِين 159  ﴾

[ سورة آل عمران ]

فنحن يوجد عندنا إسلام ، قد يكون تطبيقاً شكلياً أو تطبيقاً قسرياً أو قهرياً ، أما الإيمان فهو إدراك وإقبال ، والكفران : حجاب وإنكار ، أما التقوى معك مصباح ولو لم توجد لوحة تنبيهية في الطريق أنت ترى بالضوء أن هناك منعطفاً خطراً ، أنت معك ضوء كاشف ، فالتقوى أن ترى بنور الله : 

﴿  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ28   ﴾

[ سورة الحديد ]

الدكتور حمزة بني عامر  :
سيدي أيضاً عندما نتكلم عن الإحسان في العبادة هنالك صور كثيرة للإحسان سنقف مع فضيلتكم مع بعض هذه الصور ، وسمعنا منكم كلاماً طيباً ، سبحان الله الإحسان إلى الوالدين والله عز وجل عندما نقرأ القرآن لا نجد أن الله قد جعل للوالدين حقوقاً وإنما قال : وبالوالدين إحساناً ، نجد أن كل الآيات مربوطة بالإحسان ، لماذا الإحسان ؟
 

رفْع الله عز وجل بر الوالدين إلى مستوى عبادته :


الدكتور محمد راتب النابلسي  :
الواو ماذا تفيد في النحو ؟ العطف ، أكلت وشربت ، الواو في علم البلاغة حرف تماثل ، أنت لا تقول : اشتريت مزرعةً وملعقةً ، لا يتناسبون ، إنما تقول : اشتريت مزرعة ومركبة ، مزرعةً وقصراً ، فالواو حرف تماثل ، الله عز وجل ماذا قال  :

﴿  وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً 23 ﴾

[ سورة  الإسراء ]

﴿  وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ ﴾

الواو؛ دعك من إعرابها كحرف عطف ، حرف تماثل ، فرفع الله بر الوالدين إلى مستوى عبادته ، لذلك أنا اجتهادي الشخصي ، لا يوجد عبادة يكافئ الله بها صاحبها في الدنيا قبل الآخرة إلا بر الوالدين ، لا يوجد عبادة يُكافأ فيها العبد في الدنيا قبل الآخرة إلا بر الوالدين ، والدليل : 

﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً 23 ﴾

[ سورة  الإسراء ]

﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ ﴾

الواو هنا ليست حرف عطف وإنما حرف تماثل ، رفع بر الوالدين إلى مستوى عبادته .  
الدكتور حمزة بني عامر  :
هل نقول والعكس أيضاً أن العقوبة تعجل لصاحبها في الدنيا قبل الآخرة إذا كان عاقّاً ؟
الدكتور محمد راتب النابلسي  :
طبعاً في الدنيا قبل الآخرة ، قطعاً ، فليعمل العاق ما شاء أن يعمل فلن يغفر له .
الدكتور حمزة بني عامر  :
سيدي كيف يكون الإحسان إلى الوالدين باختصار ، هناك صور كثيرة ؟ 
 

صور الإحسان إلى الوالدين :


الدكتور محمد راتب النابلسي  :
الحد الأدنى الأدنى أن تطعمهما مما تأكل ، وأن تلبسهما مما تلبس ، وأن تكون رفيقاً بهما ، واصلاً لهما ، وليس أن تقول للسائق : خذ الفواكه لأبي ، يجب أن يكون يداً بيد ، الأب لا يريد الفواكه ، يريد وجودك أنت ، أن يراك ، أن تذهب إلى بيته ، أن يمتع عينه بوجودك ، يوجد كثير من الأبناء أغنياء جداً وأقوياء يبعث لأبيه بعض المال ، لا يريد الفواكه ولا الخضار يريد أن يراك ، لذلك من أنواع بر الوالدين التواجد الفيزيائي عند أبيه وأمه ، هذا أكبر بر .
الدكتور حمزة بني عامر  :
هذه الصورة تكاد تكون إلا من رحم ربي ، سبحان الله في هذا الزمن الذي طغت فيه المادة على الإيمان .
الدكتور محمد راتب النابلسي  :
وسأقول مضطراً مرة أخرى : ليس هنالك عبادة المكافأة عليها في الدنيا قبل الآخرة إلا بر الوالدين .
الدكتور حمزة بني عامر  :
أيضاً سيدي من كلامك ، وهو حقيقة عندما أقرأ كلامك أو أسمعه أحياناً أسجل ، مع الأسرة كان مما قلت : إن السعادة في بيتك تكون أكثر عند خروجك أم عند قدومك ودخولك إلى البيت ؟ الإحسان للعائلة ؟!
 

الأسرة جنة :


الدكتور محمد راتب النابلسي  :
إذا الأسرة مطبق فيها شرع الله هي ملاذ الرجل ، ملاذ المرأة ، الأسرة جنة ، كل إنسان أخي الكريم ؛ الناجح جداً في حياته تواجده ضعيف في البيت ، في موضوع الكورونا ما الذي حصل؟ جبر على الإقامة في البيت ، أي زواج ناجح كان مسعداً للمحبوسين في البيت ، وأي زواج غير ناجح كان جسراً للمحاكم ، لذلك سيدي الإسلام منهج تفصيلي يبدأ من فراش الزوجية وينتهي بالعلاقات الدولية ، منهج كامل ، كامل أي دخلك قد يكون مشبوهاً ، صناعتك قد تكون مشبوهة بمادة مسرطنة مسموح بها عشرة أو واحد بالألف وضعت واحد بالمئة فارتفع السرطان ، الله كبير ، المنهج الإلهي يبدأ من أخص خصوصيات الإنسان من فراش الزوجية وينتهي بالعلاقات الدولية ، يظن الناس الصلاة هي الدين فقط ، لا ، الصلاة هي عبادة شعائرية ، أما المنهج التفصيلي فيبدأ من فراش الزوجية وينتهي بالعلاقات الدولية ، أي كسب مالك ، إنفاق مالك ، معاملتك مع والديك بعد زواجك ، معاملة الزبائن ، قد يكون الزبون ليس لديه معلومات عن هذه المادة بعته هذه المادة الرخيصة بأسعار فلكية ، ممكن ، يوجد مليون معصية سببها استغلال جهل الشاري .
الدكتور حمزة بني عامر  :
سيدي مما قرأت أيضاً لك وسطِّر في عقلي وأنت قلته : إن من صور الظلم الاجتماعي الموجود حالياً أن يزوَّج الابن الطالح غير المستقيم بامرأةٍ صالحةٍ ، والبعض قد يخطئ في تفسير قول الله عز وجل عندما قال :

﴿ الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ 26 ﴾

[ سورة النور ]

الطيبون للطيبات كيف نجمع بين ذلك ونوفق ؟

الجمع والتوفيق بين الطيبين للطيبات والطيبات للطيبين :


الدكتور محمد راتب النابلسي  :
أولاً : هناك حديث صحيح مخيف :

((  عن عبد الله بن عمر أنَّ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلّم مرَّ بطعامٍ و قد حسَّنه صاحبُه فوضعَ يدَه فيه فإذا طعامٌ رَدِيءٌ فقال : بِعْ هذا علَى حده و هذا علَى حده مَن غشَّنا فليسَ منَّا ))

[ الألباني ]

أشد أنواع الردع عند النبي أن يقول : ليس منا ، لا ينتمي إلينا ، لا لهذا الدين ، ولا لهذا الإيمان ، ولا لهذه الأمة مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا وإذا المغشوش ليس مسلماً !؟ هناك حديث ثان : 

((  أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مَرَّ علَى صُبْرَةِ طَعامٍ فأدْخَلَ يَدَهُ فيها ، فَنالَتْ أصابِعُهُ بَلَلًا فقالَ : ما هذا يا صاحِبَ الطَّعامِ ؟ قالَ أصابَتْهُ السَّماءُ يا رَسولَ اللهِ ، قالَ : أفَلا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعامِ كَيْ يَراهُ النَّاسُ ، مَن غَشَّ فليسَ مِنِّي ))

[ صحيح مسلم  ]

 

(( مَن غَشَّ فليسَ مِنِّي ))

فإذا شخص يعرف أن ابنه فاسق ، منحرف ، له تجارب بالمصطلح اللطيف مع المرأة قبل الزواج ، أعطيناه فتاة طاهرة عفيفة تحفظ كتاب الله ، هذه أكبر جريمة بنظري . 

﴿ الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ 26 ﴾

[ سورة النور ]


﴿ الطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ﴾

أي احرصوا أن يكون

﴿ الطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ و الطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ ﴾

ليس خبراً بل هو إنشاء ، نص إنشائي ، احرصوا أن يكون الطيبون للطيبات والطيبات للطيبين ، والطيبون طيبون في إيمانهم ، هناك منهج ، إله ، شرع ، هناك يجوز ، لا يجوز ، هناك حلال ، وحرام ، هناك قربى من الله ، هناك بعد عن الله ، الدين منهج تفصيلي يبدأ من فراش الزوجية وينتهي بالعلاقات الدولية ، إن لكل طاعةٍ ثواباً ، ولكل معصيةٍ عقاباً ، ولكن لا أحد منتبه ، الله رب العالمين يعاقب وعقابه أليم ، إذا الإنسان نبهه الله مرة ، مرتين ، ثلاث مرات ولم ينتبه فسيكون العقاب أليماً ، عند الله أشياء تقطع نياط القلب : شلل ، خثرة في الدماغ ، تشمع في الكبد ، فشل كلوي ، شيء مخيف ، نحن في قبضة الله لابد من طاعته ، في طاعته نسلم ، في طاعته نسعد ، في طاعته نرتفع في الملأ الأعلى والأدنى  .
الدكتور حمزة بني عامر  :
سيدي أيضاً معنا سؤال من الأخت من ألمانيا متابعة للحلقة فمن ضمن إطار الزواج تقول: هل يلتقي الأزواج في الآخرة أي الزوج مع زوجته ويقبل وتكون أفضل من الحور العين في مخيلتها ؟
 

الفرق بين عالم الغيب وعالم الشهادة :


الدكتور محمد راتب النابلسي  :
طبعاً هذا الشيء وارد ، لكن نحن عندنا عالم الشهادة وعالم الغيب ، عالم الشهادة الذي نعيشه ، نتحدث مما نرى أو نسمع أو نفكر أو نتصل ، عالم الغيب : الله عز وجل اختار من عالم الغيب نصوصاً قرآنية محدودة ، والنبي الكريم اختار من عالم الغيب أحاديث محدودة ، أنا لا يسمح لي أن أضيف على هذه الأحاديث شيئاً ، أنا أضيف بالدنيا ، أحل مشكلة المرور في الدنيا ، في الآخرة ؛ الآخرة لها موضوع ثان ، فأنا لا يمكنني أن أضيف على عالم الغيب شيئاً ، كثير من الناس تورطوا بتفاصيل ليس لها أساس ، ليس لها نص ، أنا أكتفي بما ذكره الله وأسكت عما لم يذكره ، هذا عالم الغيب ، هذه بطولة ، أما هناك تفاصيل ببعض الكتب غير معقولة إطلاقاً ، ليس لها مصدر ، 

إن الإسناد من الدين ، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء 

[ عبد الله بن المبارك ]


لولا الدليل لقال من شاء ما شاء ، فهناك كلمات كثيرة من تصورات بعض العلماء ، تصورات بلا أدلة عما سيكون في عالم الغيب ، الله ذكر آيات محدودة وأحاديث محدودة لا أستطيع أن أضيف عليها شيئاً ، وأنا أسكت حيث سكت القرآن ، وأسكت حيث سكت النبي العدنان صلى الله عليه وسلم .
الدكتور حمزة بني عامر  :
ذكرت قبل قليل سيدي المرور وأن باستطاعة الإنسان أو ولي الأمر أن يضيف أو ينقص على هذه القوانين حتى تسير دفة الحياة ، الآن من ضمن الإحسان ونحن نتكلم عن الإحسان سماحتك سيدي نتكلم عن الإحسان إلى الطريق أي مديرية الأمن العام في الأسبوع الماضي أطلقت مبادرة للحد من حوادث السير معاً نصل آمنين بتكاتفنا جميعاً . 
 

طاعة ولي أمر المسلمين إذا أعطى أمراً ومعه الدليل والتعليل من طاعة الله :


الدكتور محمد راتب النابلسي  :
هل تصدق قبل أن تتابع بأن أعلى نسبة وفيات في العالم كله هي بسبب حوادث السير ، أكثر من الحروب ؟! نعم أكثر من الحروب ، مثال : مركبة يوجد فيها خمسون راكباً سيدي ، وشخص واحد منهم غير منضبط بالسرعة ، تفاجأ بسيارة ثانية ، طبعاً الحقيقة هذا يحتاج إلى موضوع مستقل لوحده ، موضوع السير ، فلذلك سيدي ولي الأمر إذا أعطى أمراً ، ولي أمر المسلمين إذا أعطى أمراً ومعه الدليل والتعليل ؛ طاعة هذا الأمر من طاعة الله :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا 59  ﴾

[ سورة النساء ]

منكم ولم يقل فيكم ، فيكم لها معنى ، ومنكم لها معنى ، الحاكم من جنسك مسلم ومعه منهج ، ومعه سلطة ،

﴿ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾

وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ استقلالاً ، لم يقل : أطيعوا الله ورسوله قال : وَأَطِيعُوا أي إذا كان هناك حديث لم تعثر له على أصلٍ في القرآن ، أنت مكلف أن تطيعه استقلالاً ، أما أُولِي الْأَمْرِ فعطفاً ، هناك فرق أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ولم يقل : وأطيعوا أولي الأمر ، أي تبعاً ، لذلك : 

((  لا طاعةَ لِمخلُوقٍ في معصيةِ الخالِقِ ))

[ صحيح الجامع ]

هذه الحقيقة مهمة جداً لا طاعةَ لمخلوقٍ في معصيةِ الخالقِ . 
الدكتور حمزة بني عامر  :
كيف نحسن إلى الطريق ؟
 

كيفية الإحسان في الطريق :


الدكتور محمد راتب النابلسي  :
والله يا سيدي أولاً هذا موضوع طويل يحتاج لجلسة كاملة إن شاء الله ، أنا يجب أن أطبق تعليمات أولي الأمر بالطريق ، ممنوع المرور لا أمر ، قد يكون القادم ليس لديه طريق آخر معاكس ، يمشي بسرعة بنصف الطريق وهناك منعطف فاجأك ، فالناتج حادث كبير ، قواعد المرور يجب الأخذ بها لأنها هي من ولي أمر المسلمين ،

﴿ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾

عطفاً . 
الدكتور حمزة بني عامر  :
أيضاً سيدي من صور الإحسان العظيمة عندما تكلمنا قبل قليل عن الإحسان إلى الوالدين نتكلم أيضاً عن الإحسان إلى الأرحام والجيران ؟
 

الإحسان إلى الأرحام :


الدكتور محمد راتب النابلسي  :
الحقيقة أن الأرحام كلمة في القرآن واسعة جداً ، أنا وصلت إلى معناها الدقيق : الأقرباء مطلقاً ، من طرف الأم ، ومن طرف الأب . 
الدكتور حمزة بني عامر  :
هل لمرحلة معينة ؟ مثلاً الأب ، الأم ، العم ، العمة ، الخال ، الخالة ، أبناء العم ، أبناء العمة ، أبناء الخالة ، وهكذا ؟  
الدكتور محمد راتب النابلسي  :
لا ، لا ، مستمر ، لا شي مقطوع ، صلة الرحم تأتي أول عبادة بعد الفرائض ، أختك من لها غيرك ؟ الأخرى لها الآخر ، أما أختك فمن لها غيرك ؟ تعد صلة الأرحام العبادة الأولى بعد الفرائض ، الأخت تسكن في مكان بعيد عن المدينة ، سأقول ملاحظة ولكنها قاسية قليلاً ، قد يكون صهرك الأول زوج ابنتك غنياً كبيراً ، وله منصب رفيع ، فتعتني به عناية تفوق حدّ الخيال ، زيارات يومية ، خدمات ، أما صهرك الثاني زوج ابنتك الرابعة هو صاحب دين ، لكن دخله محدود ، وبيته بعيد ، فتهمله ، أنا أعدها جريمة بحق هذه البنت العدل أصل الدين العدل ليس بالمال فقط ، بالمودّة ، بالمال وبالمودّة ، كما تعتني بالذي زوجها غني ينبغي أن تعتني عناية لا تقل عن الأولى لمن لها زوج فقير . 
الدكتور حمزة بني عامر  :
الإحسان إلى الجار سيدي كيف يكون ؟ 
 

الإحسان إلى الجار :


الدكتور محمد راتب النابلسي  :
سيدي هذا الجار أن تطعمه مما تأكل ، ليس لديه طعام عليك أن تعطيه ، هذا جارك ، حق الجار قد يفوق حق أي قريب ، والجار قبل الدار ، أي إذا كان هناك بيت أعجبك جداً ، وكان سعره مقبولاً جداً ، وبمنطقة راقية ، لكن  الجار كان سيئاً ، تضعف قيمة البيت ، الجار قبل الدار ، لأن التعامل معه يومي ، يفتح الإذاعة بصوت عال يمنعك من النوم في الليل ، شرير بعلاقته معك ، فالجار قبل الدار ، والجار له حقوق في الإسلام تفوق حدّ الخيال . 
الدكتور حمزة بني عامر  :
سيدي أيضاً صور الإحسان سبحان الله كثيرة ولكن وجودك معنا…
 

الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق :


الدكتور محمد راتب النابلسي  :
هناك عبارة دقيقة : 

الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق 

[ أبو حامد الغزالي ]

أعرف تاجر أقمشة تأتيه امرأة فقيرة جداً ، وكريمة النفس ، يعطيها أسعاراً خيالية أقل من رأسماله ، دون أن تشعر ، أي يدعمها ؛ ليس صدقة ، ليس زكاة ، دعمها دعماً حقيقياً دون أن تشعر ، عندما تحافظ على كرامة الإنسان ترقى عند الله ، أنا ممكن أن أزور شخصاً وأقول له : هذه زكاة مالي ، لا ، قبل العيد أحضر له ألبسة لأولاده ، هؤلاء أولادي أنا عمهم ، وليس أنا أعطيتك زكاة مالي ، اشتر ألبسة لأولاده ، خذ قياساتهم ، وقدم لهم هذه الألبسة كهدية ، الهدية مقبولة ، والهدية يحافظ فيها على كرامة المهدي ، هناك أساليب سيدي يذوب منها الإنسان من كمال هذا الموقف ، لذلك :  

(( عن حكيم ابن حزم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : اليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى ، وابْدَأْ بمَن تَعُولُ ، وخَيْرُ الصَّدَقَةِ عن ظَهْرِ غِنًى ، ومَن يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ ، ومَن يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ   ))

[ صحيح البخاري ]

أيضاً العطاء يحتاج إلى الأدب ، هذا مخلوق ، إنسان .

﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ115 ﴾

[ سورة الأنعام ]

أي يا عبادي آية بيننا وبينكم ، تتفاوتون عندي بصدقكم ، وأنا أعدل بينكم ، هذه الآية جامعة مانعة . 
الدكتور حمزة بني عامر  :
سيدي هل من صور الإحسان أن يحافظ الإنسان على سمعة نفسه في الدنيا وحتى بعد وفاته ؟
 

ضرورة محافظة الإنسان على سمعة نفسه :


الدكتور محمد راتب النابلسي  :
سيدي هو ليس من الإحسان ، هو الأصل ، لأنك أنت إذا اتسمت بالإيمان ، بالصلاة ، بالحج ، وبمكانة اجتماعية ، إن كان بدر منك عملاً خاطئاً فهذا يعد جريمة ، لأنك أنت يقتدى بك ، القدوات لهم حساب عسير جداً ، لو أن شخصاً من عامة الناس أخطأ فهو أخطأ بحق نفسه فقط ، أما إنسان له مكانة اجتماعية ، له دعوة كبيرة ، يرتكب خطأ بخلاف الدين فيكون بذلك قد عمل مشكلة كبيرة عند التابعين ، كيف يجمع بين توقيره كعالم وسقوطه في فكرة غير صحيحة أو مديح لا يرضي الله عز وجل ؟! أنت عفواً قد يخيب ظنك بمهندس ، ليست مشكلة ، قد يخيب ظنك بمحام ، ليست مشكلة ، قال لك : إنها ناجحة مليون بالمئة وهي غير ناجحة ويعلم ذلك قديماً ، مهندس قد يقول : هذا شق عرضي ليس له قيمة ، وتبين أن له قيمة كبيرة ، عرضي أي انهيار في الأساسات لا يريد أن يعترف بخطئه ، هذا ليس له قيمة ؟ لا بل له قيمة ، فأنت عندما تأخذ معلومة غير صحيحة هذا خطأ كبير جداً ، والاعتراف بالخطأ فضيلة وبطولة . 
الدكتور حمزة بني عامر  :
الإحسان في الكلام والجدال ؛ خاصة فيما نراه اليوم في بعض الحوارات التي قد تخرج عن المألوف سيدي ؟
 

الإحسان في الحوار :


الدكتور محمد راتب النابلسي  :
أنت قلت كلمتين الجدال والحوار ، الحوار مقبول ، الحوار الأصل فيه الحقيقة ، فإن كانت معك فأنا أخضع لك ، أما الجدال فلا ، الجدال : ربطت أفكاري مع شخصيتي أنا أدافع عن شخصيتي وليس عن أفكاري ، فالجدال غير مقبول كثيراً في الإسلام ، أما الحوار فمقبول : 

﴿ قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا 37 ﴾

[ سورة الكهف ]

﴿  وَهُوَ يُحَاوِرُهُ ﴾

الحوار : الهدف منه الحقيقة ، الوصول إلى الحقيقة ، فإن كانت معك فسأخضع لك ببساطة ، أما الجدال فالهدف منه الشخصية ، ربطت أفكاري بمكانتي فلا أتراجع .
الدكتور حمزة بني عامر  :
لم يتكلم لا من عقله ، ولا من فكره ، ولا من قلبه . 
الدكتور محمد راتب النابلسي  :
نعم ، نعم الموضوع يعني إثبات ذات ، تأكيد شخصية . 
الدكتور حمزة بني عامر  :
الإحسان في العمل ، عندما يؤدي الإنسان العمل الدنيوي المناط به . 
 

الإحسان في العمل  :


الدكتور محمد راتب النابلسي  :

(( دفن صحابي والذي دفنه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يوجد فرجة في القبر لم يملأها بالتراب ، فرجة صغيرة ، فالنبي قال له : هذه ؟ فأجابه : هذه لا تؤذي الميت ، فقال له النبي : " ولكنها تؤذي الحي ". ))

أيضاً للتقريب : عندنا ستار للنوافذ أباجور له شريط ، إذا وضع أحدهم النقطة الثانية بعيدة يصبح الخط غير متواز ، يصبح المنظر مزعجاً ، ولو بعد ثلاثين سنة كلما نظرت له تقول : أصلحه الله ، أما لو وضعها تماماً فالإتقان جزء من الدين ، صحابي توفي قال له : هذه الفجوة تؤذي الحي بالمنظر .
أنا أذكر مرة عندي مكتبة أنا صممتها والنجار نفذها ، فيها باب يفتح معاكساً ، ويصبح طاولة ، وله مساند أنيقة جداً ، فركب لي قبضة ، طبعاً القبضة أفقية ، قلت له : هذه غير متوازية مع حد الدرفة ، قال : لا ، أبداً ، أحضر مقياساً ، قلت له : غير متوازية ، أحضر بيكار وضعه هنا وقفله ووضعه هنا ، مائل ربع ميليمتر ، الإتقان جزء من الدين ، والغرب أتقن صناعته وأخذ عشرة أضعافها ، أما عندنا فالآلات نفسها في بعض المعامل نفس الآلات الألمانية ، ولكن هناك إهمال في القماش يباع بعشر القيمة ، الإتقان من الدين، والإتقان مربح ، فالغرب أتقن صناعته إتقاناً مذهلاً ، تأخذ صناعة من ماركة معينة من دون تردد ، قد يكون ثمنها ضعف ثمن البضاعة العادية .
الدكتور حمزة بني عامر  :
سيدي نختم معكم بقول الله عز وجل : 

﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ 90  ﴾

[ سورة النحل ]

ما هو الإحسان الذي أمر الله به  ؟  
 

الإحسان الذي أمر الله سبحانه وتعالى به :


الدكتور محمد راتب النابلسي  :
لو فرضنا ؛ سأروي قصة سريعة بدقائق : شخص تزوج امرأة في الشهر الخامس من زواجه بها كان حملها في الشهر التاسع ، واضحة ، يستطيع أن يطلقها ، أو يسحقها ، أهله معه ، وأهل العروس معه ، والدولة معه ، والشرع معه ، والمجتمع معه ، ماذا فعل ؟ جاء بولّادة ولدتها وأخذ هذا المولود تحت جبته ، ووقف أمام باب جامع الورد في حي السنجقدار في دمشق ، حتى نوى الإمام صلاة الفجر ولم يبق أحد وضع المولود وراء الباب والتحق بالمصلين ، فالنتيجة بعد الصلاة بكى الصغير تحلّق الناس حوله ، وابتعد هو إلى أن تأكد أن معظم من في المسجد تحلّقوا حوله فاقترب قال : خير ماذا هناك ؟ قالوا : لقيط ، لقيط ؟ معقول ؟! أخذ هذا المولود ورده إلى أمه ، رواية دقيقة جداً : خطيب المسجد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : قل لجارك فلان إنه رفيقي في الجنة ، هذه بطولة ، ممكن هذه المرأة تُقتل لأنها زانية حسب التقاليد ، قال له : إنه رفيقي في الجنة ، فالبطولة أن تستر ، أن تكون حكيماً ، الحكمة أعلى عطاء إلهي ، والدليل لم يقل من يكن حكيماً بل قال :

﴿ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ 269 ﴾

[ سورة البقرة ]

أنت بالحكمة تجعل العدو صديقاً ، بلا حكمة تجعل الصديق عدواً ، بالحكمة تسعد بأي زوجة ، بلا حكمة تشقى بزوجة من الدرجة الأولى ، بالحكمة تعيش بدخل محدود ، بلا حكمة تتلف المال الكثير ، أي أكبر عطاء إلهي على الإطلاق هو الحكمة ، والدليل : 

﴿ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ 269 ﴾

[ سورة البقرة ]

 

خاتمة وتوديع :


الدكتور حمزة بني عامر  :
سيدي الكلام معكم حقيقةً لا يمل ، وكلنا شوق وكما أخذنا منكم قبل أن ندخل إلى الاستديو إن شاء الله تعالى وعداً باللقاء ولو في كل شهر مرة لنستزيد ،  ونتفقه ، ونتعلم ، بارك الله بكم سيدي .
الدكتور محمد راتب النابلسي  :
نحن في خدمتكم سيدي ، الإذاعة لها أثر كبير ، كان يحضر درسي في الجامع مثلاً لو فرضنا ألفي شخص أما عن طريق الانترنت فسيحضر درسي مليونا شخص ، هناك فرق .
الدكتور حمزة بني عامر  :
باسمكم إخوتي وأحبتي نشكر أستاذنا وشيخنا الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي الذي نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرفع قدره في الدنيا والآخرة ، ويجعله في عليين ، وأن يحشرنا نحن وإياه تحت لواء المصطفى صلى الله عليه وسلم ، شكراً لكم سيدي . 
الدكتور محمد راتب النابلسي  :
أنا أحبكم في الله ، وأحب هذا البلد الطيب .
سأذكر كلمة : هذا البلد فيه خصائص قد يغفل عنها أهلها ، التدين في هذا البلد ليس تهمة تحاسب عليها ، والشعب أطياف ؛ هاشمي ، أردني ، لا يوجد بين الطيفين أحقاد تاريخية تقتضي القتل كما في بعض البلاد ، وثالثاً : يوجد حكومة قوية تحاسب وتعاقب ، هذه نعم ألفت فنسيت ، والدعاء النبوي : "اللهم أرنا نعمك بدوامها لا بزوالها".

تحميل النص

إخفاء الصور