وضع داكن
07-05-2024
Logo
الفتوى : 08 - هل الدعوة إلى الله واجبة على كل مسلم؟.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

سؤال:

 فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل الدعوة إلى الله واجبة على كل مسلم؟.

 وجزاكم الله عنا كل خير

الجواب :

 بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين وبعد.
الأخ الكريم / الأخت الكريمة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إجابة على سؤالكم، نفيدكم بما يلي:
أولاً: هل تصدقون أن الدعوة إلى الله فرض عين، لماذا تصلي لأنها فرض عين، والدعوة إلى الله فرض عين والدليل قال تعالى:

﴿وَالْعَصْرِ* إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾

أية خسارة، والعصر مطلق الزمن، والإنسان أي إنسان في عصر ومصر، لأن الزمن يستهلكه أنت بضعة أيام كلما انقضى يوم انقضى بضع منك، ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي يا بن آدم أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد، فتزود مني فإني لا أعود إلى يوم القيامة.
الدعوة إلى الله فرض عين لأن الله يقول:

﴿وَالْعَصْرِ* إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾

يوجد أربع أركان للنجاة، ربع هذه الأركان التواصي بالحق، التواصي بالحق تنمو دوائر الحق، وإذا لم نفعل ذلك نمت دوائر الباطل وأنهت الحق، فقضية نكون أو لا نكون، قضية وجود، فأنت إذا لم تتواص بالحق ضاقت دوائر الحق وغلبتها دوائر الباطل، العبرة أن لا ينفرد الباطل بالساحة، لو كان مسجد صغير يوجد حق، والحق ينمو وينمو وبنموه يحافظ على وجوده.
الدعوة إلى الله فرض عين : لكن الشرطين في حدود ما تعلم وحدود من تعلم، في حدود ما تعلم سمعت آية شرحها تأثرت تأثر بالغ فيه، سمعت حديث صحيح، سمعت حكم فقهي، سمعت موقف بطولي لصحابي جليل هذه سمعتها وتفاعلت معها وتأثرت بها، عليك أن تبلغها للناس، عليك بخاصة أهلك أقرباؤك، جيرانك، أصدقاؤك، أصحابك، هؤلاء فقط، فالدعوة إلى الله فرض عين في حدود ما تعلم ومع من تعلم، أما فرض الكفاية قال تعالى:

﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

هذا فرض الكفاية التبحر، معرفة أدق التفاصيل، معرفة الأدلة التفصيلية، الرد على كل الشبهات، هذه يتقنها الخبراء في الدعوة، الاختصاصيون في الدعوة هذه فرض كفاية، إذا قام بها البعض سقطت عن الكل، أما كل مسلم مكلف أن يكون داعية إلى الله في حدود ما يعلم ومع من يعرف، دليل ثالث قال تعالى:

﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾

دقق الآن إن لم تدعو على بصيرة لست متبعاً إلى رسول الله، ومن لم يتبع رسول الله لا يحب الله والدليل قال تعالى:

﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾

كلام خطير إن كنت تحب الله يجب أن تتبع رسول الله، النبي يأمرك فالدعوة إلى الله فرض عين، من لوازم الدعوة إلى الله أن تدعو نفسك أولاً أن تطلب العلم، طلب العلم فرض عين، ثم نقل العلم فرض عين يقول عليه الصلاة والسلام:

(( بلغوا عني ولو آية ))

والآن لا يوجد طريق إلا أن تطلب العلم بلقاءاتك اليومية، لا يوجد أحد من الحاضرين وأنا معكم إلا وله لقاءات في أسرته، مع أصدقائه، ومع جيرانه، في سفر... في كل لقاء أحرص أن تنقل الحق الذي سمعته من رجل موثوق إلى الآخرين، فالدعوة واجب على كل مسلم وهي فرض عين على كل مسلم، لكن لم نكلفك فوق طاقتك، لو حضرت خطبة الجمعة فقط وأخذت منها شيئاً ثميناً وسجلته، يوجد أسبوع كلما التقيت مع صديق في سفر في لقاء في حفلة، انقل هذه الآية للآخرين، هذا في مجال عامة المسلمين أما الدعوة إلى الله التي هي فرض كفاية تحتاج إلى وقت كثير وإلى متابعة وإلى تعمق وتبحر، وأنت كمسلم يكفيك أن تنتقي خطيب تثق بعلمه وإخلاصه وورعه وأن تأخذ منه بعض الحق، وأن تنقلها للناس، في أي لقاء، في أي مجلس لم يذكر الله فيه إلا قام أصحابه عن أنتن من جيفة حمار، قال النبي صلى الله عليه وسلم:

((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا مِنْ قَوْمٍ يَقُومُونَ مِنْ مَجْلِسٍ لا يَذْكُرُونَ اللَّهَ فِيهِ إِلا قَامُوا عَنْ مِثْلِ جِيفَةِ حِمَارٍ وَكَانَ لَهُمْ حَسْرَةً))

الدنيا تفرق أيها الأخوة والله يجمع، أما ما جلس قوم يذكرون الله عز وجل إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة قال النبي صلى الله عليه وسلم:

((عَنِ الأَغَرِّ أَبِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ شَهِدَ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: مَا مِنْ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلا حَفَّتْ بِهِمُ الْمَلائِكَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ))

وعود نفسك في أي لقاء أن تقول آية، حديث، حكم فقهي، والناس يستأنسون تسعد وتسعد.
الدكتور محمد راتب النابلسي

إخفاء الصور