وضع داكن
28-03-2024
Logo
موضوعات متنوعة - السيرة الذاتية : 07 - مقتطفات حول شخصية الدكتور راتب ومؤلفاته .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمـد لله رب العالمـين والصـلاة والسـلام علـى سـيدنا محمد الصـادق الوعـد الأمـين .

تقديم

الآن إلى الشخصية المميزة بالنسبة لي والأسلوب البسيط والمقنع ، شخصية ساحرة ، وعَلَم من أعلام دمشق يطل علينا أحيانا من خلال شاشة التلفاز أو من خلال مؤلفاته العديدة , إنه الدكتور محمد راتب النابلسي .

نبذة عن حياة الدكتور و مؤلفاته و أعماله

سأعطيكم نبذة عن حياة الدكتور ومؤلفاته وأعماله , عسى أن نكون بمثل عطائه وقدوة مثله لكي نرتقي بوطننا وشبابنا .

ولد في دمشق من أسرة ؛ حظها من العِلم كثير ، فقد كان والده " عالماً من علماء دمشق ، وكان يدرس في مساجد دمشق ، وترك مكتبة كبيرة تضم بعض المخطوطات .والتحق بمدارس دمشق الابتدائية ، والإعدادية ، والثانوية ، ثم التحق بمعهد إعداد المعلمين ، وتخرج فيه عام 1956 م ، وبعدها التحق بكلية الآداب ( قسم اللغة العربية ) في جامعة دمشق ، وتخرَّج فيها عام 1964 م ، حيث حصل على ليسانس في آداب اللغة العربية وعلومها ، وبعدها التحق بكلية التربية بجامعة دمشق ، ليتابع دراساته العليا ، وحصل في عام 1966 م على دبلوم التأهيل التربوي بتفوّق ، وقد أعطي شهادة الدكتوراه في التربية من ( Trainity college ) في ١٩٩٩/٦/١٨ بناء على إنجازاته وخبراته ومؤلفاته في مجال التربية.وقد حصل على الدكتوراه الفخرية من الجامعة الأمريكية المفتوحة المتخصصة بالعلوم الإسلامية والعربية، وذلك ضمن حفل خاص أقيم في عمان بتاريخ ٢٠١٥/٧/٢٧ تقديراً لجهوده في خدمة الدعوة الإسلامية.
وعمل في حقل التعليم الثانوي الرسمي ، ثم الجامعي ، حيث عين أستاذاً محاضراً في كلية التربية بجامعة دمشق ، بدءاً من عام 1969 م وحتى عام 1999‏ م .
وقد ألف وشارك في تأليف عدة كتب متعلقة بعمله الوظيفي أبرزها كتاب المطالعة المقرر لشهادة الدراسة الثانوية بفرعيها الأدبي والعلمي ، والذي استمر تدريسه قرابة عشر سنوات ، وكتاب أصول تدريس اللغة العربية لطلاب الدراسات العليا في كلية التربية في جامعة دمشق .
وقد طلب العلم الديني والشرعي في وقت مبكر من حياته ، فلزم دروس العلم الديني والشرعي لعدد من علماء دمشق ، ونال إجازة إسلامية في رواية الحديث الشريف من أستاذه في كلية الآداب الدكتور الشيخ صبحي الصالح أستاذ علوم القرآن ، وعلوم الحديث ، وفقه اللغة ، في جامعة دمشق .
وفي عام 1974 م عين خطيباً في جامع جده العارف بالله الشيخ عبد الغني النابلسي ، ومدرساً دينياً في مساجد دمشق ، ولا زال يخطب في جامع النابلسي ، ويدرِّس فيه ، وفي جامع العثمان ، وجامع الطاووسية ، والأحمدية ؛ يدَرِّس العقيدة ، والتفسير ، والحديث ، والفقه ، والسيرة ، واللغة العربية ، وأصول الدعوة ، ثم عيِّن مديراً لمعهد تحفيظ القرآن في جامع النابلسي ، وعضواً مُشرفاً على مجلة ( نهج الإسلام ) التي تصدرها وزارة الأوقاف في الجمهورية العربية السورية ، وعين عضواً في عدد من اللجان التي شكلتها وزارة الأوقاف ، وقد صدر قرار من وزير الأوقاف بتعيينه أحد خطباء مسجد بني أمية الكبير ، ومدرساً دينياً فيه .
ومثَّل سورية ، وشارك في عدد ليس بالقليل من المؤتمرات إسلامية في أكثر من بلد عربي ، وغربي ، وشرقي ، ولبى دعوة الجاليات والجمعيات والجامعات الإسلامية في أمريكا الشمالية ، وفي أوستراليا ، وفي تركيا ، وفي لبنان لإلقاء محاضرات دينية .
وله دروس وندوات تبثها أجهزة الإعلام المسموعة والمرئية السورية والعربية والإسلامية وغيرها .
وله مؤلفات عدة أبرزها موسوعة أسماء الله الحسنى ، وموسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة ، ونظرات في الإسلام ، وتأملات في الإسلام ، وكتب أخرى ، كما أنه شارك في كتابة مقالات في الصحف والمجلات السورية والعربية والإسلامية والغربية .

الطيور

ها أنا أعود يا صديقي المتفكر مثلما وعدتك في الأسبوع الماضي لنتوقف عند لحظات تفكرية جديدة ، والأهم من ذلك أعرفك على صديقي الذي حدثتك عنه في الرحلة الماضية :
الطيور :
هل تعلم عزيزي القارئ انه ما من طائرة صنعها الإنسان ، ترتقي إلى مستوى الطير ، أو تقترب ولو قليلا من الصفات والميزات التي تتمتع بها الطيور ، وسأسرد لك هنا بعض الحقائق العلمية التي أذهلتني شخصيا عن هذا المخلوق المعجزة ، يذكر العلماء أن هناك 9 آلاف طير موزعة على أنحاء العالم بمختلف الأشكال والأحجام والألوان ، وهذه الطيور تتمتع بوزن خفيف يعينها على الطيران ، وأكياس هوائية منتشرة في كل أماكن الجسم ، تخفف وزنه وتبرد عضلاته الحارة ، بسبب شدة الخفقان ، وجعل الله عظام الطيور مجوفة ، وريشه خفيف ليطير بمنتهى السهولة واليسر ، تزيد قوة بصر الطيور 8 أضعاف عن بصر الإنسان .
وأول وكالة أنباء في العالم ومازالت تحيرني وتحيرك بل وتحير العالم بأكمله كانت من الطيور وهي الحمام الزاجل التي استخدمها لأول مرة الأمير نور الدين الشهيد عندما كان أميرا على بلاد الشام ومصر ، فهذا الطير يستطيع أن يقطع مسافة ألف كيلومتر دون توقف ، يقطعها بسرعة كيلومتر في الدقيقة ، وفي الساعة يقطع 60 كيلومترا بدقة متناهية عجز العلماء عن تفسيرها .
والآن أنقلك عزيزي الرائع إلى الجزء الأهم من حياة الطيور وهو هجرتها ، هذه الهجرة التي أذهلت الجميع في طريقتها وتوقيتها الدقيق قال تعالى :

﴿ أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾

[ سورة النحل الآية : 79 ]

فتهاجر عشرات آلاف الملايين من الطيور كل عام من نصف الكرة الشمالي إلى النصف الجنوبي ، وأطول رحلة قامت بها مجموعة من الطيور كانت بمسافة 22 ألف كيلومتر من المتجمد الشمالي إلى جنوب افريقيا ، والغريب أن الطيور وكأن في رأسها ساعة ، لأنها تهاجر في الوقت نفسه كل عام ، بل الأغرب من ذلك إنها دقيقة جدا في تحديد الاتجاهات لدرجة لا يستطيع أي إنسان مهما بلغت خبرته بالطيران أن يصل لربع هذه الدقة وما أردت أن أتوقف عنده في هجرة الطيور أنها لا تهاجر فرادى بل مجموعات دائما تكون على شكل 7 فالسؤال الذي يطرح نفسه هنا وبقوة لماذا شكل 7 ؟!
قبل أن نبدأ ، أطلب منك عزيزي القارئ أن تقول « سبحان الله » لأن العلماء استفادوا من الشكل 7 في هجرة الطيور باختراع الطائرات والصواريخ بنفس الشكل عندما تأكدوا من أن هذا الشكل يقوم باختراق الكتل الهوائية بوجود مقدمة مدببة ، لأنه إذا خرج أي طير من الشكل 7 ستواجهه تيارات قوية تجعله يعود مضطرا إلى الشكل 7 ، والأكثر من ذلك أن العلماء اكتشفوا أن بهذا الشكل يكون بكل رفعة يقوم بها الطير توفر نصف المسافة للطائر الذي يليه وبذلك يختصرون المسافات ، سبحان الله من علم الطيور العمل الجماعي .
والآن أنت أيها القارئ الذي كرمك الله عن سائر المخلوقات ومن ضمنها الطيور ألا يجب عليك أن تعمل بروح فريق مع زملائك في العمل مستفيدا من هجرة الطيور ؟ سأترك الجواب لك لأن ثقتي بك كبيرة جداً .
وفي ختام هذه الرحلة الطويلة القصيرة ، لابد أن أفصح لك أولا عن الهدف منها ، وهو التأكيد على ضرورة التأمل والتدبر في مخلوقات الله بل وتخصيص وقت منظم لذلك لأنه مفيد جدا لترويض النفس البشرية وتعليمها الأفضل ، من خلال استشعار عظمة الله سبحانه وتعالى وقدرته وعلمه وعلى خبرته وذلك بالتفكر في مخلوقاته .

﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾

[ سورة الملك الآية : 14 ]

وثانيا لابد لي أن أوف بوعدي وذلك بالتعرف على صديقي الحبيب الذي رافقني في هذه الرحلة وهو الكتاب الرائع « الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة » للأستاذ الدكتور الذي أحترمه كثيرا وأدعو له ما حييت محمد راتب النابلسي حفظه الله ، ولذلك أوجه دعوة حارة جدا لكل قرائي لأن يقتنوا هذا الكتاب لما فيه من فائدة جمة استشعرتها بنفسي ، ولا أحد يستطيع أن يقرر ذلك إلا « أنت.. ولا أحد سواك » .

ومضات من السيرة

فضيلة الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي ، رجل أذن الله تعالى بالدعوة إليه فدعا إلى الله بإذنه ، ولا دعوة إلى الله إلا بإذنه ، له قلب واعٍ ، ولسان رطبٌ ، من ورائها أحبه كل إنسان سمع به ، وكما سمعت من سماحة المفتي مرةً في هذا المقام الذي قدمه مقالة والأذن تعشق قبل العين أحياناً ، فأحبه كل من سمعه .
الدكتور محمد راتب النابلسي أستاذ في كلية التربية في جامعة دمشق منذ عام 1970 ، وخطيب ومدرس ديني في مساجد دمشق منذ عام 1974 ، أستاذ مادة الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة في جامعة الأزهر فرع دمشق لقسم التخصص للدراسات العليا ، مشرف على مجلة نهج الإسلام التي تصدرها وزارة الأوقاف في الجمهورية العربية السورية ، وعضو في عدد من اللجان التابعة بوزارة الأوقاف ، مثل سورية وشارك في عدد من المؤتمرات الإسلامية في أكثر من بلد عربي وغربي وشرقي ، ولبى دعوات الجالية الإسلامية في أمريكة الشمالية ، وأستراليا ، وتركيا ، له دروس وندوات وحلقات دورية في أجهزة الإعلام المسموعة والمرئية العربية والإسلامية ، وله مؤلفات أبرزها موسوعة أسماء الله الحسنة ، نظرات في الإسلام ، تأملات في الإسلام ، موسوعة الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة وكتب أخرى ، له مقالات ، كتابات في مجلات الصحف السورية العربية والإسلامية .
الجانب الإنساني في شخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم .
أصول الدعوة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم .
الفضل ما شهدت به الأعداء ما قاله خصوم النبي صلى الله عليه وسلم قديماً وحديثاً .
ثم هدي النبي صلى الله عليه وسلم في تربية الأطفال .
هذه الموضوعات طبعت وقدمت وهي بين أيديكم ، لكن أحببت أن أنوع هذه المحاضرة على شكل آخر فجمعت بعض اللقطات والومضات من أقوال النبي ، ومن مواقف النبي ، ومن صيغة النبي ، لعلها تكون هادياً لنا في حياتنا اليومية .
وبادئ ذي بدء أقول : يا سيدي يا رسول الله يا من جئت الحياة أعطيت ولم تأخذ يا من أحببت الوجود كله ، ورعيت قضية الإنسان ، يا من ذكيت سيادة العقل ، ونهنهت غريزة القطيع ، يا من هيأك تفوقك لتكون واحداً فوق الجميع فعشت واحداً بين الجميع ، يا من كانت الرحمة مهجتك ، والعدل شرعتك ، والحب فطرتك ، والسمو حرفتك ، ومشكلات الناس عبادتك ، لقد زك الله عقلك فقال الله عز وجل :

﴿مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ﴾

( سورة النجم الآية: 2 )

وزك نفسك وقال :

﴿وَمَا طَغَى (17)﴾

( سورة النجم الآية : 17)

لقد زكى الله بصرك ، فقال :

﴿مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17)﴾

( سورة النجم الآية : 17)

لقد زكى الله جليسك فقال :

﴿عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5)﴾

( سورة النجم الآية : 5 )

لقد زكى الله النبي صلى الله عليه وسلم كله فقال :

﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)﴾

( سورة القلم الآية : 4 )

أيها الأخوة الكرام ؛ من مسلمات علم الأصول أنه ما لا يتم الفرض إلا به فهو فرض ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، يجب أن نوقن يقيناً قطعياً أن معرفة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم القولية والعملية فرض عين على كل مسلم ، كيف ؟ إذا قال الله عز وجل :

﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾

( سورة الحشر الآية: 7 )

كيف نأخذ ما آتانا ، وكيف ننتهي عما عنه نهانا إن لم نعلم ما الذي أمرنا به وما الذي نهانا عنه ، لأن كل آية في القرآن الكريم ما لم تقم قرينة على خلاف ذلك تقتضي الوجوب يقول عز وجل :

﴿ وَمَا ءَاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾

من أجل أن نطبق هذه الآية يجب أن نعلم ما الذي آتانا وما الذي عنه نهانا ، ولأن الله عز وجل يقول :

﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً (21)﴾

( سورة الأحزاب الآية : 21 )

كيف يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة إن لم نعرف سيرته كما تفضل الأستاذ الجليل وحدثنا عن علاقة النبي صلى الله عليه وسلم بالنساء . إذاً معرفة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرته فرض عين على كل مسلم .
أيها الأخوة ؛ آية كريمة يقول الله عز وجل :

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾

( سورة الأنفال الآية: 32 )

حار العلماء في هذه الآية ، ما دام شخص النبي صلى الله عليه وسلم بين ظهراني أصحابه فالآية واضحة ، لكن ما معنى الآية بعد انتقال النبي إلى الرفيق الأعلى ؟ قال بعض المفسرين ما دامت سنة النبي صلى الله عليه وسلم مطبقة في حياتهم ، في بيوتهم ، في كسب أموالهم ، في تجارتهم ، في لهوهم ، في أحزانهم ، في أفراحهم ، فهم في مأمن من عذاب الله وفي مأمن آخر :

﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)﴾

( سورة الأنفال الآية : 33 )

إذاً الحقيقة الأولى أن معرفة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرته فرض عين على كل مسلم لأنه ما لا يتم الفرض إلا به فهو فرض ، أرأيتم إلى الوضوء ، أليس فرضاً لأن الصلاة وهي فرض لا تتم إلا به، هذه الحقيقة الأولى .
حقيقة ثانية : يقول الله عز وجل :

﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾

( سورة آل عمران الآية : 159 )

سيد الخلق ، وحبيب الحق ، سيد ولد آدم ، معه الوحي ، أوتي المعجزات ، فصيح كامل .

وأجمل منك لم تر قط عين
وأكمل منك لم تلد النساء
خلقــت مبرأ من كل عيب
كأنك قد خلقت كما تشاء
***

إذا كان هذا الإنسان وهو سيد الخلق وحبيب الحق ، الذي أوتي الكمال البشري .

﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾

فكيف بداعية ليس معه ولا كتاب ، وليس معه معجزات ، ولا أوتي الفصاحة ، ولا البيان ، وفي دعوته غلظة ، لماذا الغلظة ؟ يجب أن نفرق بين أخلاق الجهاد ، وبين أخلاق الدعوة ، أخلاق الجهاد تشف عنها الآية الكريمة :

﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (73)﴾

( سورة التوبة الآية : 73 )

أما أخلاق الدعوة :

﴿فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34)﴾

( سورة فصلت الآية: 34 )

أيها الأخوة الكرام ؛ الأقوياء ملكوا الرقاب بقوتهم ، والأنبياء ملكوا القلوب بكمالهم ، والناس جميعاً أتباع قوي ، أو أتباع نبي ، فالذي يستخدم قوته لإرغام الآخرين على شيء ما فهو من أتباع الأقوياء ، أما الذي يستخدم الكمال البشري لامتلاك القلوب هو من أتباع الأنبياء ، النبي عليه الصلاة والسلام معصوم بمفرده ، معصوم من أن يخطأ بأقواله وأفعاله وإقراره ، لكن أمته صلى الله عليه وسلم معصومة بمجموعها :

(( لا تجتمع أمتي على الخطأ ))

لذلك حينما قال عليه الصلاة والسلام قبيل معركة بدر : لا تقتلوا عمي العباس واحد تأمل في هذه المقولة فقال أحدنا يقتل أباه وأخاه وينهانا عن قتل عمه ، صار في قلبه شيء ، فلما اكتشف بعد حين أن عمه العباس كان مسلماً وكان عين النبي في مكة ، فلو أن النبي عليه الصلاة والسلام ذكر أنه قد أسلم أنهى مهمته ، وإن لم يشارك عمه العباس في المعركة كشف ، وإن سكت النبي قتل ، لا بد من أن يقول لا تقتلوا عمي العباس من دون كلمة زائدة ، فقال هذا الرجل بعد حين والله ضللت أتصدق عشر سنين رجاء أن يغفر الله لي سوء ظني برسول الله ، كان عليه الصلاة والسلام معصوماً من أن يخطئ بأقواله ، وفي أفعاله ، وفي إقراره ، لكنه بشر :

﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾

( سورة الكهف الآية: 110 )

ولولا أنه بشر ، وتجري عليه كل خصائص البشر لما كان سيد البشر ، لأنه انتصر على بشريته ، يقول عليه الصلاة والسلام :

(( لقد أوذيت في الله وما يؤذى أحد ، وأخفت في الله وما يخاف أحد ، ولقد أتت علي ثلاثون من بين يوم وليلة وما لي ولبلال طعام يأكله ذو كبد إلا شيء يواريه إبط بلال ))

[ أخرجه أحمد في مسنده والترمذي وابن ماجة وابن حبان في صحيحه عن أنس ]

لأنه بشر ، ولأنه تجري عليه كل خصائص البشر كان سيد البشر .
أيها الأخوة الكرام ؛ لقد ترك الله له لحكمة مطلقة هامشاً اجتهادياً فإذا أصاب أقره الوحي على إصابته وإن لم يصب صحح له الوحي ، لماذا ؟ لماذا هذا الهامش الاجتهادي ؟ من أجل أن يكون هناك فرقاً بين مقام الألوهية ومقام النبوة ، لذلك الصديق وأنا موقن أنه ما على وجه الأرض رجل يحب رجلاً كما يحب الصديق رسول الله ، ومع ذلك حينما انتقل إلى الرفيق الأعلى قال من كان يعبد محمداً ، هكذا ، لمَ لم يقل رسول الله ؟ محمداً فإن محمداً قد مات ، إنقاذاً للتوحيد ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت .
لما عزل سيدنا خالد التقى بعمر بن الخطاب رضي الله عنه قال يا خليفة رسول الله لمَ عزلتني ؟ قال والله إني أحبك ، قال لمَ عزلتني ؟ قال والله إني أحبك ، قال لمَ عزلتني ؟ قال والله ما عزلتك يا ابن الوليد إلا مخافة أن يفتتن الناس بك لكثرة ما أبليت في سبيل الله ، ليبقى الناصر هو الله ، لئلا يتوهم المسلمون أن الذي ينصرهم هو خالد . هكذا التوحيد .
أيها الأخوة الكرام ؛ واحد خطب أمام النبي قال ما شاء الله وشئت ، قال :

(( بئس الخطيب أنت ، قل ما شاء الله كان وما لم يشاء لم يكن أجعلتني لله ندا !))

كان حرص النبي عليه الصلاة والسلام على التوحيد لا حدود له ، بل مواقفه العلمية التي تنفي الأكاذيب والترهات والأباطيل واضح وضوح الشمس .
الصحابة الكرام توهموا أن كسوف الشمس كان لموت إبراهيم ، فلما علم بهم النبي وقف بهم خطيباً وقال :

(( إن الشمس والقمر آيتان لا ينبغي أن تنكسفا لموت واحد من خلقه ))

[أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ومالك في الموطأ ]

أبعد هذه الموضوعية من موضوعية ، أبعد هذا البعد عن الأوهام من بعد ، لكن بعض المسلمين غلوا في تعظيمه التعظيم الذي لا يرضاه هو ، فقال إن الكون خلق من أجل محمد ، وأنا أقول إن البشر خلقوا من أجل أن يكونوا على شاكلة محمد ، هو القدوة لهم .
لذلك لا نريد داعية يشطح ، ولا داعية ينطح ، نريد داعية ينصح ، لا يمدح ولا يفضح ، أقسم الله بعمره الثمين ، حيث قال :

﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾

( سورة الحجر الآية : 72 )

لذلك قال الله عز وجل :

﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾

( سورة العصر )

خسارته أن الزمن يستهلكه ، من أدق تعريفات الإنسان أن الإنسان بضعة أيام كلما انقضى يوم انقضى بضع منه ، هذا قاله الإمام الحسن البصري ، وما من يوم ينشق فجره إلا وينادي يا ابن آدم أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد فتزود مني فإني لا أعود إلى يوم القيامة ، الله عز وجل لم يخاطبه باسمه إطلاقاً ، هناك في القرآن يا يحيى ، يا عيسى ، لكن ليس في القرآن يا محمد ، يأتي اسمه خبراً لا نداء ، يا أيها النبي ، يا أيها الرسول ، لذلك تطبيقاً لهذا المقام العالي الذي منحه الله إياه :

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾

( سورة الحجرات الآية : 1 )

بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى معنى الآية لا تقدم آراء واقتراحات مخالفة للسنة ، هو المعصوم ، هو الذي أتاه الله المنهج الأكمل .

﴿ لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾

كان عليه الصلاة والسلام صاحب شفافية لا تعقل ، دخل بستاناً فرأى جملاً ، فلما رآه الجمل حن ، فاقترب منه النبي عليه الصلاة والسلام ومسح ذفريه ، وقال من صاحب هذا الجمل ، قالوا فتاً أنصاري ، قال ائتوني به ، فلما جاءه قال له :

(( ألا تتقي الله بهذه البهيمة التي ملكك الله إياها ، فإنه شكا إلي أنك توجعه وتدهبه ))

[أخرجه أبو داود ]

يتحدثون عن الإرهاب ، والجواب أن النبي عليه الصلاة والسلام من خلال حديث رائع كان يعالج المشكلة لا من نهايتها بل من بدايتاها ، دخل إنسان إلى بستان أنصاري وأكل من دون إذنه فاعتقد هذا الأنصاري أنه سارق ، فأمسكه وقاده إلى النبي عليه الصلاة والسلام قال هذا سارق يا رسول الله ، الآن دققوا :

((قال هلا علمته إذا كان جاهلاً، وهلا أطعمته إذا كان جائعاً ))

كيف عالج المشكلة ؟ من بدايتها ، لا من نهايتها ، وما لم تعالج مشكلة الظلم في العالم ، والاضطهاد ، والقهر من بدايتها فالمشكلة تتفاقم ، هلا علمته إذا كان جاهلاً ، وهلا أطعمته إذا كان جائعاً .
أيها الأخوة ؛ مما ورد في السيرة أن النبي عليه الصلاة والسلام حينما فتح مكة ، دعته بيوتات قرش أن يقيم فيها ، الشيء الرائع قال انصبوا لي بيتاً عند قبر خديجة ، وركز لواء النصر أمام قبرها ، ليعلم العالم أن هذه المرأة التي في البيت شريكة في هذا النصر ، لم تتكحل عيناها برؤية النصر في حياتها ولكن نومه إلى جانب قبرها ووضع لواء النصر إلى جانب قبرها إشعار للعالم كله أن هذا النصر لها سهم كبير فيه .
أيها الأخوة ؛ أحد الصحابة الكرام في أثناء هجرته ألقي القبض عليه فقال عهداً علي إن أطلقتموني فلن أقاتلكم ، فأطلق ، فحدث النبي فسر به كثيراً ، وبعد حين كانت غزوة ، فانخرط فيها فقال ارجع ، ألم تعاهدهم ؟.
لما أرسل النبي عليه الصلاة والسلام عبد الله بن رواحة رضي الله عنه لتقييم تمر خيبر ، أغروه بحلي نساءهم ليخفض التقييم ، قال والله جئتكم من عند أحب الخلق إلي ولأنتم عندي أبغض من القردة والخنازير ، ومع ذلك لن أحيف عليكم ، فقال اليهود بهذا قامت السماوات والأرض وبهذا غلبتمونا ، والله الذي لا إله إلا هو لو فهم الصحابة الكرام الإسلام كما نفهمه نحن والله ما خرج من مكة ، لأنه وصل إلى الخافقين ، الإسلام مجموعة قيم والإمام ابن القيم رحمه الله تعالى يقول : الإيمان هو الخلق ، فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الإيمان .
أيها الأخوة ؛ قال تعالى :

﴿وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ﴾

( سورة هود الآية: 120 )

إذا كان قلب سيد الخلق وحبيب الحق يزداد ثبوتاً لسماع قصة نبي دونه ، فلئن يزداد قلبنا إيماناً بسماع قصة سيد الأنبياء من باب أولى ، أما إذا عددنا الاحتفال بذكرى المولد عبادة فهو بدعة ، أما إذا عددناه نشاطاً إسلامياً ، تعريفاً برسول الله ، جمعنا الناس وأطعمناهم الطعام ، وفعلنا هذا على مدى العام لا شيء فيه نشاط دعوي ، إذا كان قلب رسول الله يزداد ثبوتاً لسماع قصة نبي دونه فلئن نزداد نحن المقصرين بسماع قصة سيد المرسلين وختام النبيين من باب أولى .
أيها الأخوة الكرام ؛ سنته كما يقولوا علماء الحديث أقواله وأفعاله وإقراره ، دخل إلى بيت أحد أصحابه الذين توفوا ، سمع امرأة تقول هنئاً لك أبا السائد لقد أكرمك الله ، لو أنه سكت لكان كلامها صحيحاً قال :

((ومن أدراكِ أن الله أكرمه ، قولي أرجو الله أم يكرمه ، وأنا نبي مرسل لا أدري ما يفعل بي ولا بكم))

أدب مع الله ما بعده أدب ، الآن : وثقة بالله ما بعدها ثقة ، كان في الهجرة أهدر دمه مئة ناقة لمن يأتي به حياً أو ميتاً ، تبعه سراقة ، دققوا في قول النبي لسراقة ، يا سراقة كيف بك إذا لبست سواري كسرى ؟ ماذا يعني هذا الكلام ؟ أنني سأصل إلى المدينة ، وسأنشئ دولة ، وسأحارب أقوى دولتين في العالم ، وسأنتصر عليهم ، وستأتيني غنائمهم ، ويا سراقة لك سواري كسرى ، كيف جمع بين الأدب الرفيع ، لأنه لم يحكم على المستقبل ، قال :

(( وأنا نبي مرسل لا أدري ما يفعل بي ولا بكم ))

ليس من شأن البشر أن يحكم حكماً قطعياً على المستقبل لكن ثقته بالله لا حدود لها ، ماذا قال أبو سفيان حينما فتح مكة ؟ قال ما أعقلك وما أرحمك وما أوصلك وما أحكمك .
أيها الأخوة ؛ له سنة دعوية ، وما من داعية يخالف سنة النبي الدعوية ، كيف دعا النبي أصحابه ؟ كيف عاملهم ؟ ما من داعية يخالف سنة النبي الدعوية إلا كان حوله جدل طويل ، وما من داعية يتبع سنة النبي الدعوية إلا تألق نجمه ، مثلاً دققوا في هذا الكلام :
دخل أعرابي فقال أيكم محمد ؟ أله هيئة خاصة ، أله عرش عظيم ، أيكم محمد ؟ فقال أحد أصحاب النبي ذاك الوضيء .
وفي رواية ثانية : دخل أعرابي فقال أيكم محمد ؟ قال أنا .
حينما كان مع أصحابه في سفر وأرادوا أن يعالجوا شاةً قال أحدهم علي ذبحها ، وقال الثاني علي سلخها ، وقال الثالث علي طبخها ، وقال عليه الصلاة والسلام : وعلي جمع الحطب ، قال : يا رسول الله نكفيك ذلك ، قال :

((أعلم أنكم تكفونني ذلك ولكن الله يكره أن يرى عبده متميزاً على أقرانه))

هذه سنته في معاملة أصحابه ، عشية موقعة بدر ، الرواحل ثلاث مئة ، وأصحابه ألف ، فقال كل ثلاث على راحلة ، وأنا علي وأبو لبابة على راحلة ، ركب النبي الكريم جاء دوره في المشي ، توسلا صاحباه أن يبقى ، قال :

(( ما أنتما بأقوى مني على السير ، ولا أنا بأغنى منكما عن الأجر))

هكذا عامل أصحابه ، هكذا أحبهم ، هكذا تواضع لهم ، هكذا أكرمهم ، هكذا خدمهم فأي داعية يخالف سنة النبي الدعوية يثير حوله جدلاً طويلاً ، وأي داعية يتبع سنة النبي الدعوية يتألق نجمه ويوفقه الله عز وجل .
أيها الأخوة الكرام ؛ لا بد من لقطة من دلائل نبوة النبي عليه الصلاة والسلام ، فيما ورد من أحاديث صحيحة أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن قطع رأس الذبيحة ، وأمر بقطع أوداجها فقط في عصر النبي ما من مركز علمي في العالم ، ولا بعد مئة عام ، ولا بعد خمسمئة عام ، ولا بعد ألف عام ، ولا بعد ألف وثلاثمئة عام ، ولا بعد ألف وأربعمئة عام ، هناك في الأرض جهة علمية يمكن أن تعطي تفسيراً علمياً لهذا التوجيه النبوي ، الآن اكتشف أن قلب الإنسان ينبض ثمانين نبضة في الدقيقة الواحدة ، هذا القلب يتلقى الأمر من مركز كهربائي ذاتي ، لأن القلب أخطر عضو في الإنسان ، وحياة الإنسان متوقفة عليه ، فلا يمكن أن يكون تابعاً للشبكة العامة لا بد من مولد خاص في القلب ، ففي القلب مركز توليد كهربائي ذاتي ، فإذا تعطل هناك مركز آخر ، احتياطي أول ، فإذا تعطل هناك مركز ثالث ، هذه المراكز الكهربائية تمد القلب بتنبيه كهربائي يعطي النبض النظامي ، لكن الإنسان حينما يواجه خطراً أو يصعد درجاً لا بد من نبض يزيد عن 180 ، من أين يأتي هذا النبض الاستثنائي ؟ قال ، موضوع دقيق جداً الإنسان يبصر خطر ، ينطبع الخطر على الشبكية ، ينتقل إلى الدماغ إدراكاً ، الدماغ ملك الجهاز العصبي ، يعطي التماس إلى ملكة الجهاز الإلكتروني الغدة النخامية تعطي أمر إلى الكظر فيرسل خمس أوامر ، أمر إلى القلب يرفع النبض إلى 180 وأمر إلى الرئتين يرفع الوجيف ، وأمر إلى الكبد يطرح كمية سكر زائدة، وأمر إلى الأوعية المحيطية تضيق لمعتها فالخائف لا يحتاج إلى لون وردي ، يحتاج إلى أن ينجو بنفسه ، فالخائف يصفر لونه ، ويرتفع نبضه ، وتضيق شرايينه ، ويلهث ، فإذا فحصت دمه في دمه كمية سكر إضافية ، فالإنسان حينما يواجه خطراً يرتفع النبض إلى 180 .
الآن هذه الدابة أخطر شيء بها دمها ، الدم محرم أكله ، لأنه أعظم بيئة لنمو الجراثيم وحينما يكون طاهراً يجري في الإنسان ، في مصافي ، الكليتان مصفاة ، والرئتان مصفاة والغدد العرقية مصفاة ، فإذا سال الدم ، وفي لفتة لطيفة بالقرآن :

﴿أَوْ دَماً مَسْفُوحاً﴾

( سورة الأنعام الآية: 145 )

إذا سفح صار نجس ، وصار محرم أكله ، فإذا بقي دم الدابة فيها ، لماذا :

﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ﴾

( سورة المائدة الآية: 3 )

لأن دمها فيها ، الدابة حينما تذبح ويبقى رأسها متصلاً بجسمها يعمل الأمر الاستثنائي من الرأس إلى الكظر إلى القلب ، يرتفع النبض 180 درجة ، مهمة القلب بعد الذبح استخراج الدم كله من جسم الدابة ، فإذا ذبحت دابة من أوداجها فقط عمل جهاز الإنذار المبكر فرفع النبض إلى 180 وخرج الدم كله من جسم الدابة فكان اللحم وردياً شهياً ، أما إذا قطع رأسها كما تفعل معظم المسالخ في العالم يقطع رأسها كلياً تعطل الأمر الاستثنائي لا يخرج إلى ربع دمها ، ما من مركز في العالم بإمكانه أن يكتشف تعليلاً علمياً لهذا التوجيه النبوي ، يجب أن نعلم علم اليقين أن كلام النبي عليه الصلاة والسلام لا من ثقافته ، ولا من خبرته ، ولا معطيات بيئته ، وعاء النبي فرغه الله للوحي فقط .

﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾

( سورة النجم الآيات : 3-4 )

يا سيدي يا رسول الله ، يوم كنت طفلاً دعاك أترابك إلى اللعب ، فقلت لهم أنا لم أخلق لهذا ، ويوم جاءتك رسالة التوحيد دعتك زوجتك خديجة إلى تخذ قسط من الراحة فقال كلمة ، قال :

((انقضى عهد النوم يا خديجة ))

فلما دانت له الجزيرة العربية من أقصاها إلى أقصاها جمع أصحابه وقال :

((من كنت أخذت له مالاً فهذا مالي ، ومن كنت جلدت له ظهراً فهذا ظهري فليقتد منه ، ومن كنت شتمت له عرضاً فهذا عرضي فليقتد منه ، و لا يخشى الشحناء فإنها ليست من شأني ولا من طبيعتي))

أيها الأخوة الكرام ؛ لا أحب أن أطيل عليكم ولكن أتمنى أن تكون هذه الومضات وتلك اللقطات دافعاً لنا للنهج الصحيح لحياتنا .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

والحمد لله رب العالمين
*****

رسالة مهمة عن دعوة النابلسي

أستاذنا الفاضل وشيخنا العزيز ، جزاك الله عنا كل خير ... لقد سارت دروسكم معنا في الحياة كنور يرشدنا في المتاهات والظلمات ... فتارة يوقظنا من غفلة .. وتارة يمسح عنا دمعة ... وتارة يبث في قلوبنا الأمل والتفاؤل .. وتارة يحثنا على عمل خير أو إغاثة ملهوف .. وتارة يعطينا قوة في الحق .. وأخرى يذكرنا بعمل صالح نسيناه أو قرآن هجرناه أو خير غفلنا عنه ...
لا أريد في رسالتي هذه المدح والثناء رغم أنكم تستحقون أطيبه وأعطره لكن كما ذكرتم في التعليق على خطبة عذراً صلاح الدين (هذا مما يقوي همم الدعاة) .. وقد أردت أن أعبّر لكم عن شكري وتقديري بصدق ...
سيدي الكريم .. لقد قضيت عمراً أذهب إلى الدروس الدينية ولي من المعلّمات عدد كثير ومن الصديقات عدد اكبر لكن الآن وبعد سنوات طويلة في طلب العلم أشعر أنكم الأقرب حين أحتاج إلى سؤال أو إلى سماع نصيحة رغم أننا لم نتقابل أبداً .. فقد حباكم الله بموهبة وصدق جعلكم تسكنون قلوب المؤمنين .. وأنا أعرف الكثيرين من غير المتدينين ومن لا يحبّون المتدينين حتى يستمعون إلى دروسكم وتعجبهم ...
أستاذنا الفاضل .. كنت أستمع وأشاهد محاضراتكم أينما وجدتها لكن بعد ذلك من توفيق الله اهتديت إلى موقعكم الرائع الذي أسأل الله عز وجل أن يجعله منارة للدعوة .. فصرت أجد فيه الإجابة عن كل سؤال والشرح لكل مسألة والحل لكل مشكلة .. ذلك أنه يستقي موادّه من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولتنوّع موضوعاته ووفرتها وتنظيمها .. وصار مادة لي في الدعوة إلى الله فكلما قرأت درساً ووجدت سحره في قلبي ونفسي أحببت أن أشارك به الناس فأرويه أو أرسله بالبريد الالكتروني أو أقتبس منه وأضعه على الفيس بوك علّ الناس يعرفون دينهم أكثر ويؤمنون بربهم أكثر ويصلحون نفوسهم ويسعدون بحياتهم وتكون لي ولكم صدقة جارية وعلم ينتفع به ... فجزاك الله عنا كل خير .
كنت دوماً أقول ما شاء الله ، كم أتمنى أن يكون لي عمل صالح واسع النفع والأثر كفضيلة الشيخ .. ولكن ولحظي الرائع أكرمني الله عز وجل أن أكون فرداً ضمن فريق العمل في موقعكم المبارك في الترجمة والتدقيق .. وأكرمني بعد ذلك أكثر بإدارة الموقع الإنكليزي .. وأسعدني أكثر بالمشاركة في موقع سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ... فلله الحمد والفضل والمنة .. ونسأله الإخلاص والإحسان والتوفيق والقبول ... ومن جديد جزاكم الله عنا كل خير أنتم وفريق العمل الرائع إذ تكرمتم بتكريمي وقبولي للعمل معكم ..
ملاحظة صغيرة يا فضيلة الشيخ .. فأنا أعرف الكثير من محبيك الذين يسألون عنكم وكثير منهم يسألني حين أقتبس عنكم : ما رأي الدكتور فيما يحدث الآن ؟؟؟ فهم يعتبرونك البوصلة التي يمكن أن ترشدهم في هذه الفتنة .. وأنا أجيبهم بإرسال خطبكم التي كانت في بداية الأحداث فيسألون عنكم وعن أحوالكم الآن ... نحن في أمس الحاجة الآن إلى العلماء الثقات الذين نلتف حولهم ونتبعهم حتى لا نكون جزءاً من الفتنة .. أعاذنا الله من الفتن .. وأنا أعلم أنكم ضحّيتم وبذلتم الكثير ولا أطالبكم بأي شيء لأنني أعرف أنكم لا يمكن أن تقصّروا وأن ما لا نعرفه أكثر مما نعرفه .. لكن المرحلة القادمة بحاجة لرؤوس علماء كي لا يتخذ الناس رؤوساً جهالاً يضلّونهم ...
أخيراً أدعوا الله أن يجمعنا في ظل عرشه وأن يحشرنا في زمرة أحبابه ويرزقنا مرافقة الحبيب المصطفى في أعلى الجنان .. وأسألكم الدعاء ... جزاكم الله كل خير وبارك بعلمكم وعملكم .

النابلسي شخصية مركبة لواقع معقد

إذا أردنا أن نلخص الخط الدعوي الذي انتهجه الدكتور محمد راتب النابلسي ( وهو بحق من أنجح الدعاة على مستوى العالم الإسلامي قاطبة ) ونتلمّس الملامح العامة له نجد :

أولاً : عقلانية بعيدة عن العاطفة الساذجة

فواقع أمتنا الذي تحيا به اليوم يحتاج ـ أكثر ما يحتاج ـ إلى هذه العقلانية الفذة ، عقلانية مشوبة بتعاليم الدين الروحانية ، لتعطينا مزيجا رائعا يغذّي العقل والروح معاً ، و هو الذي ما فتئ يردد مقولة "محمد إقبال" من أن الأمة لا تنهض إلا بـ "قلب شرقي و عقل غربي".
وبخاصة أن واقع أمتنا المعاصر يشف عن حاجتها إلى العقلانية ، و ذلك لانخفاض مستوى تمثيلها ـ إن صح التعبير ـ على مستوى الفرد و الأسرة و المجتمع ، فمجتمعاتنا تمتاز بعاطفية "طفلية" تحكم معظم تصرفاتها ، أما صوت العقل الناضج فهو خافت و خجول .

ثانياً : المثال المتقن

فمرةً ضرب مثالاً على من لديه من العلم الشيء الكثير ، و لكن لا يطبّق ، فقال : لنفرض أن مريضاً ذهب إلى أحد الأطباء الماهرين ، فشخّص له الطبيب عين المرض ، و كتب له وصفة ممتازة ، هل ينتفع المريض أن يقرأ هذه الوصفة عشرات المرات ، و بصوت فصيح رخيم ، دون أن يشتري الدواء الموصوف و يتناوله !

ثالثاً : محاكاة قضايا الشارع الإسلامي

كقضية البنوك الربوية، و التأمين التقليدي و الإسلامي، و تعرض المسلمات للظلم.

رابعاً : قصص واقعية وعليه تأثير أعمق

فالقصة الواقعية جزء أصيل من منهج النابلسي الدعوي ، و هو ـ كصاحب أسلوب تربوي رفيع ـ يرى أن الطفل الذي يذهب مع أبيه إلى خطبة الجمعة أو أحد الدروس لا يشدّه إلا القصة ، و هي ـ على كل الأحوال و بحسب رأيه ـ يجب ألا تُقرأ من الفصل الأخير فقط .

خامساً : هدوء في الطرح

و هو هدوء ممزوج بحكمة واضحة ، " أعظم عطاء للإنسان الحكمة ، فبالحكمة تسعد بزوجة من الدرجة الثالثة ، و بدون حكمة تشقى بزوجة من الدرجة الأولى" .

سادساً : تكرار للقضايا الجوهرية

فمما كرره كثيراً أن : " الكون قرآن صامت ، و القرآن كون متكلّم ، و النبي عليه الصلاة و السلام قرآن يمشي " .

كما صحح مفهوم الحب عامة ، و مفهوم حب الله خاصة ، فقد أكّد أن الله لم يقبل دعوى محبته إلا بالدليل .

﴿ قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونِ يحببكم الله ﴾

سابعاً : أسلوب منطقي

فهو يؤكد أن مسلمي اليوم ليس لهم أيه مزية عند ربهم ، فقد قال اليهود في الآية :

﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ ﴾

[ سورة المائدة الآية : 18 ]

فلو أن مسلمي اليوم محبوبون عند الله ، فلم يعذبهم بكثرة البلايا والمحن التي تصيبهم ، ومن هنا استنبط الإمام الشافعي أن الله لا يعذب من يحبه . أما :

﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾

[ سورة آل عمران الآية : 110 ]

أي أصبحتم بهذه الرسالة وتطبيقها خير أمة .

ثامناً : روحانية لطيفة .

تنساب مع كلماته انسياباً .

تاسعاً : جرأة في معالجة قضايا المجتمع

فهو يجزم أن المرأة مظلومة في مجتمعاتنا ، و كم حذّر من كثرة الدعاوى بلا دليل ( كلٌ يدعي وصلاً بليلى و ليلى لا تقر لهم بذاك ) ، و أن محبة الله و رسوله تظهر عند التعارض مع المصلحة . و كم ردد أن " الصحابة كان واحدهم بألف ، و الآن الألف بواحد ".

عاشراً : إجلاء مفاهيم الإسلام الكبرى

فمن أقواله " أن المحبوب إذا لم يكن ممن يدلنا على الله فهو حب مع الله وهو عين الشرك ، أما إذا كان المحبوب يذكّرنا بالله فهو حب بالله و هو عين التوحيد " .
كما جعل الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ( و أنا أسميه : [ آلية إصلاح الذات ذاتياً ]) ثابتاً لا يتغير أبداً ولا يُتَخلّى عنه بحال .

أحدى عشر : مناهضة البدع و الدجل

حدّث أن زاره أحدهم ذات مرة ( و هو يعاني من تسارع في دقات القلب ) فقال للدكتور راتب أنه كلما دق عليه الباب تتناقص دقات قلبه تناقصاً كبيراً ، فرد عليه بلغته الشامية( والله مو صحيح ) ، و زاد قائلاً : أنه يمكن أن يعطيه شيئاً من العلم لا أكثر ولا أقل .

أثنى عشر : غزارة و تنوع في الإنتاج

فقد فسّر القرآن الكريم ، وشرح أسماء الله الحسنى ، و تكلّم في فقه السيرة ، و استطرد في الإعجاز العلمي ، وروى سير الصحابة وبعض التابعين ، و تحدّث في مدارج السالكين و شمائل المصطفى ( عليه الصلاة والسلام ) ، كما عالج قضايا حياتية كثيرة .

ثالثة عشر : لغة عربية سليمة

كيف لا والداعية مربٍ بالمقام الأول ، وعلى كل الأحوال هذا بديهي ، فهو مجاز باللغة العربية و آدابها ، وحاصل على الدكتوراه في التربية كما أسلفنا في المقال الأول .

أربعة عشر : حسن انتقاء الدليل

فالذي لا يدعو إلى الله على بصيرة فهو غير متبع لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما قال ، لأن الله تعالى يقول :

﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي﴾

[ سورة يوسف الآية : 108 ]

خمسة عشر : خطاب موجه للجميع

فالمتتبع لدروسه وندواته وكتبه ، لا يجد فيها طائفية أو مذهبية ضيقة البتة ، وهو يلمّح توريةً ، دون أن يذكر الفرقة أو المذهب المُرّض به أبداً .

ستة عشر : قوة في الكلمات

سبعة عشر : معالجة قضايا أساسية

مثلاً : " بر الوالدين " .
معظم الدعاة ينادون به ويسوقون الآيات والأحاديث التي تؤكّد ذلك ، ولكن راتب النابلسي رأى أن بر الآباء لأولادهم ـ قبل أن يبروهما ـ مأمور به بأمر فطري ، فكل الآباء يحبون أبنائهم ويعتنون بهم بدافع الفطرة ، ولذلك لم يأمر بهذا البر ربنا ، فهل يمكن أن يأمر ربنا سبحانه بالطعام والشراب مثلاً ، وأكبر بر للآباء تجاه أبنائهم أن يعلموهم شؤون الدين ، وأن يجدوا فيهما القدوة .
فهذا خرق للخطاب الديني التقليدي في محله .

ثمانية عشر : خطاب دعوي شامل

صوت أدبي وجمالي رفيع ، وعلمي بلغة الإعجاز الدقيقة : فالمستمع له ، القارئ لكتبه ، يحار بين أن يصنفه بين الأدباء ، أم بين العلماء .

تسعة عشر : مشوار دعوي متطاول

خبرة في هذا المجال لا نظير لها : و ذلك منذ حوالي أربعين عاماً ( فمنذ عام 1974 ، كُلّف أن يخطب في جامع جده العلامة عبد الغني النابلسي ، ومنذ ذلك التاريخ والخطب والدروس والمؤلفات تترى عاماً بعد عام ).

عشرون : منهج بعيد عن التجريح

فكما أسلفت ، يلمّح عن الرأي المخالف تلميحاً خاطفاً و بليغاً ، دون أن يساجل شخص أو فكرة .

واحد وعشرون : وضع قواعد للداعية

فمن قواعده تلك : " الإحسان قبل البيان "
" القدوة قبل الدعوة "

إثنان وعشرون : تعرية المتدينين المزيفين

فقد تحدث عن إسلام الصالونات مطوّلاً ، وعن الإعجاب السلبي بالإسلام بلا تطبيق ، وتوزيع الألقاب وغيره .

ثالثة وعشرون : نقد للواقع

فكم سمعته يحذّر من انهزام المسلمين من الداخل .

أربعة وعشرون : البعد عن الرسميات

خمسة وعشرون : إعلاء شأن العلم

ومن مقولاته التي لا يفتر عن تردادها : " إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم ، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم ، و إذا أردتهما معاً فعليك بالعلم " .
كما قال : أنه حدّثه مرة أحد الدعاة المرموقين أنه حلف بالله ما وقع كتاب بيده إلا قرأه .

ستة وعشرون : مهارة في استنباط الأدلة

من استدلالاته في قوله تعالى :

﴿ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ ﴾

أن هذه الآيات هي الآيات الكونية ، وليس القرآن ، لأنه قال بعدها :

﴿ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ﴾

[سورة الجمعة الآية : 2 ]

فهنا ، المقصود بالكتاب هو القرآن .

سبعة وعشرون : الفهم العميق

فقد قال في فقه السيرة :
" أن أفعال الرسول عليه الصلاة و السلام ـ من خلال سيرته ـ أبلغ من أقواله ، لأن أقواله تحتمل التأويل ، أما أفعاله فهي " حدية " ، لا تقبل فهماً آخر .

ثمانية وعشرون : الالتزام بالدليل

من أقواله : " لولا الدليل لتكلّم من شاء بما شاء " .

تسعة وعشرون : اطرادٌ في هموم الشباب

على رأس هذه الهموم : الزواج ، و قد حاول ـ غير مرة ـ تقديم حلول عملية في هذا المضمار . كما يسرد ـ في معرض المدح ـ أن ديدن كل شاب هو حب التفوق وتأكيد الذات .

ثلاثون : الدين ليس عبادات شعائرية فقط

فهو يقول أن الإسلام أكثر من خمسمائة بند ، أما العبادات الشعائرية فهي خمسة فقط .
كما قدّم قرينة على ذلك حاسمة ، مقولة جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ، عندما سأله النجاشي عن الإسلام فأجابه : " كنا قوما أهل جاهلية ، نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الرحم ، حتى بعث الله فينا رسولاً نعرف نسبه وأمانته وصدقه ، فدعانا إلى الله لنعبده ونوحده ، و نخلع ما كان يعبد آباؤنا من الحجارة والأوثان ، وأمرنا ـ وهنا الشاهد ـ بصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، وحسن الجوار ، والكف عن المحارم والدماء " .

الخلاصة

هذه النقاط كانت ما استطعت أن أستسقيه من منهج النابلسي الدعوي ، و أنا على يقين بأني لم أوفّيه حقه .

تحميل النص

إخفاء الصور