- موضوعات علمية
- /
- ٠1موضوعات علمية من الخطب
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
ما هي الأضرار التي تلحق بالمدخن من جراء هذه الدخينة:
1- إصابة الكريات الحمراء بالتسمم:
أولاً: كريات الدم الحمراء مغرمةٌ بأول أوكسيد الكربون الناتج عن التدخين, فإذا أخذت من هذا الغاز السام نصيباً، فعلى حساب الأوكسجين, لذلك تشيع في كريات المدخنين هذه الغازات السامة، وبالتالي تقل لياقتهم البدنية لنقص الأوكسجين في كرياتهم الحمراء، وتقلُّ قدرتهم على أداء المجهود, والتدخين يحدث التهاباً في القصبات الرئوية، مما يؤدي لتضيق الشعيبات الرئوية اللامعة، فالشعيبات هذه تضيق, وتضيق إلى أن تسد عند المدخنين, ومع ضيق هذه الشعيبات الهوائية، يضيق التنفس، ويكثر السعال، وهناك أشعار هدبية في قصبة الإنسان، تتحرك هذه الأشعار نحو الأعلى دائماً، لتدفع كل شيءٍ غريب إلى الحنجرة, وهذا ما يسميه الأطباء: القشع, هذه الأشعار التي أكرمنا الله بها، والتي هي موجودةٌ في داخل القصبة الهوائية، والتي تتحرك دائماً نحو الأعلى لطرد كل شيءٍ غريب, تصاب هذه الأشعار الهدبية بالشلل عند المدخنين, لذلك يكثر سعاله، ويضيق نَفَسَه، ويكثر القشع في قصبته الهوائية, من دون أن يستطيع أن يخرجه خارج القصبة.
2- خطر مادة النيكوتين على غدتي الكظر:
شيءٌ آخر؛ مادة النيكوتين في الدخان، هذه المادة لها تأثيرٌ كبير على غدتي الكظر، وقبل شرح هذه النقطة، الكظران أيها الأخوة، غدتان فوق الكليتين, إذا أدرك الإنسان خطراً، فالعين ترى ملامح الخطر، تراه إحساساً، وهذا الإحساس ينتقل إلى الدماغ إدراكاً، والدماغ وهو ملك الجهاز العصبي، يبلِّغ ملكة الجهاز الهرموني، الغدة النخامية، بأن خطراً متوقعاً, تعطي الغدة النخامية أمراً موحداً إلى الكظر ليتصرف, ماذا يفعل الكظر؟ يفرز مادةً تسهم في تسريع القلب، وتسهم في رفع وتيرة خفقان الرئتين، وهذه المادة تُقَبِّض الأوعية كلها، لتوفير الدم للعضلات، وتزيد من لزوجة الدم ليمنع النزيف، وهذه المادة التي يفرزها الكظر، من شأنها أيضاً أن تزيد السكر في الدم.
فالخائف يصفر لونه، لضيق أوعيته، ويضطرب قلبه، ويزداد وجيب رئتيه، وتزداد لزوجة دمه، ويزداد السكر في دمه.
إن فعل النيكوتين مشابهٌ تماماً لعمل الغدة الكظرية، فالمدخن دائماً أوعيته منقبضة, ودائماً سكره دمه أعلى من غيره، ودائماً دمه أكثر لزوجةً، ولزوجة الدم تعرِّض الإنسان إلى الجلطات كما يقولون، ودائماً ضربات قلبه تزيد من خمسة عشر إلى عشرين ضربة عن غير المدخن، وارتفاع ضغط الدم يزيد خمسة عشر بالمئة عن غير المدخنين, ويسبب انقباض الأوعية قصوراً في التروية للدماغ والقلب, وتسبب ازدياد لزوجة الدم، احتمال ورود الجلطة، أي تجلُّط الدم في الشرايين, ويزيد ازدياد الترسبات الدهنية، يزيد في تصلُّب الشرايين, وهذا يؤدي بالتبعية إلى ضعف القلب، ونقص التروية في الدماغ والقلب.
3- يوجد فيه مادة تسبب تلفاً في العصب البصري:
هناك مادةٌ في الدخان تسبب تلفاً في العصب البصري، حالاتٌ كثيرة من العمى أساسها التدخين, يسبب القطران في الدخان سرطان الرئة، والفم، والحنجرة، والمري.
جرى إحصاءٌ في بلدٍ غربي، في عام ألفٍ وتسعمئةٍ واثني عشر، كان هناك في هذا البلد، ثلاثمئةٍ وأربع عشرة حالة سرطان رئة، وفي عام خمسة وثمانين مئة, هناك خمسة وثمانون ألف حالة سرطان رئة بعد انتشار التدخين، هذا شيءٌ ثابت مقطوعٌ بصحته.
4- أثر التدخين على المعدة:
وشيءٌ آخر؛ يصاب المدخنون أحياناً بتقرحاتٍ في المعدة، وبضعفٍ ووهنٍ جنسي, وتصاب المدخنات من النساء بكثرة الإجهاضات، والأطفال الذين تلدهن النساء المدخنات أقل وزناً من الأطفال الذين يولدون من أمهاتٍ غير مدخنات.
5- نسبة الوفيات في الولادات:
وشيءٌ آخر؛ نسبة الوفيات في الولادات أكثر بين المدخنات منها من غير المدخنات, ونسبة وفاة الطفل بعد ولادته أيضاً أعلى, هذه أشياء علمية، مقطوعٌ بصحتها، أصبحت معروفة، وأصبحت متواترة.
إليكم هذا الاستنباط من الآيات التي تنهي الإنسان عن تناول الدخان, والعبرة منها:
فالإنسان بعد هذا يتساءل, هل التدخين حرام؟ على كلٍ؛ أضع بين أيديكم هذه الآيات, قال تعالى:
﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً﴾
وقال تعالى:
﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾
وقال تعالى:
﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾
ويقول عليه الصلاة والسلام:
((لا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ))
ونهى عليه الصلام والسلام عن كلِّ مسكرٍ ومفتِّر, فكل واحدٌ منكم ليستفتِ قلبه, كل هذه الأضرار التي تصيب الرئتين، والحلق، والفم, وجهاز الهضم، وجهاز إفراز الفضلات، وجهاز الدوران، والقلب، والدماغ، كلُّ هذه الأضرار ما دام الله عزَّ وجل, يقول:
﴿وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾
فينبغي أن يستعمل الإنسان عقله، ما من إعلانٍ للدخان في العالم، إلا وشركة الإعلان ملزمةٌ أن تكتب؛ إن هذا الدخان يضر بصحة المدخنين, فليسأل الإنسان نفسه: أين عقله ؟!.
فيا أيها الأخوة الأكارم, هذه حقائق موضوعةٌ بين أيديكم، ولا قيمة للمال إذا ذهبت الصحة، كما أنه لا قيمة للصحة إذا ذهب الهُدى، أول نعم الله عزَّ وجل الهدى، وثانيها الصحة، وثالثها الكفاية، فالصحة نعمةٌ عظمى يتلفها المدخنون بأيديهم, والإنسان العاقل لا يعيش لحظته، ولكن يعيش مستقبله, فلو استمر على هذه العادة السيئة, مصيره كمصير مئات الألوف من الناس الذي يعانون من أمراض وبيلة، كانوا في استغناءٍ عنها.