وضع داكن
22-02-2025
Logo
الفتوى : 04 - ما هو دور المرأة المسلمة في مجال الدعوة إلى الإسلام؟ .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

سؤال:

 فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما هو دور المرأة المسلمة في مجال الدعوة إلى الإسلام ؟

 وجزاكم الله عنا كل خير

الجواب :

 بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين وبعد.
الأخ الكريم / الأخت الكريمة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إجابة على سؤالكم، نفيدكم بما يلي:
يوجد أحاديث لو تعرفها المرأة حق المعرفة لكانت في حال غير هذا الحال، من هو أعلى شيء في الإسلام ؟ ما هو ذروة سنام الإسلام الجهاد، يقول عليه الصلاة والسلام:

))اعلمي أيتها المرأة وأعلمي من دونك من النساء أن حسن تبع المرأة زوجها يعدل الجهاد في سبيل الله((

المرأة مكلفة ومكرمة ومشرفة ومسؤولة كالرجل تماماً، أية نظرة من الرجل تتوهم أنها دونه فهي نظرة جاهلية، ولو رجعت إلى السنة المطهرة لرأيت النبي عليه الصلاة والسلام عامل زوجاته أرقى معاملة، السيدة عائشة كانت أسيرة عند رسول الله لدرجة أنها تسأله من حين إلى آخر كيف حبك لي، يقول عليه الصلاة والسلام: كعقدة الحبل، أصبحت بينهما شيفرة، تقول له من حين إلى آخر كيف العقدة يقول على حالها.
أكرموا النساء فوالله ما أكرمهن إلا كريم، ولا أهانهن إلا لئيم يغلبن كل كريم ويغلبهن لئيم، وأنا أحب أن أكون كريماً مغلوباً من أن أكون لئيماً غالباً بالمقابل إنسان خطب فتاة، أراد أن ينصحها أو أن يمتحنها فقال لها: إن في خلقي سوءً، فقالت له: إن أسوأ خلق منك من حاجك إلى سوء الخلق.
تروي كتب الأدب والسيرة أن القاضي شريح لقيه زميله الفضيل فقال له كيف حالك يا شريح، قال: والله منذ عشرين عاماً لم أجد ما يعكر صفائي، قال: وكيف تم ذلك، قال: خطبت فتاة من أسرة صالحة فلما كان يوم الزفاف وجدت صلاحاً وكمالاً، يعني صلاحاً في دينها وكمالاً في خلقها، فصليت ركعتين شكراً لله على الزوجة الصالحة، فلما انتهيت من صلاتي وجدت زوجتي تصلي بصلاتي وتسلم بسلامي وتشكر شكري، فلما خلا البيت من الأهل والأحباب، دنوت منها فقالت لي: على رسلك يا أبا أمية، ثم قامت فخطبت، فقالت: أما بعد فيا أبا أمية إنني امرأة غريبة لا أعرف ما تحب ولا ما تكره فقل لي ما تحب حتى أتيه، وما تكره حتى أجتنبه، ويا أبا أمية لقد كان لك من نساء قومك من هي كفء لك، وكان لي من رجال قومي من هو كفء لي ولكن كنت لك زوجة على كتاب الله وسنة رسوله ليقي الله أمراً كان مفعولاً، فاتق الله في وامتثل قوله تعالى:

﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُون﴾

ثم قعدت، قال: فألجأتني إلى أن أخطب، وقفت وقلت: أما بعد فقد قلت كلاماً إن تصدقي فيه وتثبتي عليه يكن لك ذخراً وأجراً، وإن تدعيه يكن حجة عليك، أحب كذا وكذا وأكره كذا وكذا، وما وجدت من حسنة فانشريها وما وجدتي من سيئة فاستريها.
المرأة المؤمنة ستيرة، ويوجد امرأة فضاحة، يعني إذا كان هناك خطأ في البيت، الزوج كان بحال نفسي صعب تفضحه، المرأة المؤمنة ستيرة، لا يعلم أقرب الناس إليها شأنها مع زوجها، فقال عليه الصلاة والسلام:

(( إني أكره المرأة تخرج من بيتها تشتكي على زوجها ))

))عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطّلاقَ فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ ))

بيت وطعام ولباس وتقول له طلقني، ولا ينظر الله إلى زوجة لا تشكر زوجها وهي لا تستغني عنه.
قال لها: وما وجدت من حسنة فانشريها، وما وجدت من سيئة فاستريها، قالت: كيف نزور أهلي وأهلك ؟ قال نزورهم مع انقطاع بين الحين والحين حتى لا يملونا.
وفي الحديث الشريف:

(( زر غباً تزدد حباً))

قالت: فمن من الجيران تحب أن أسمح لهن بالدخول إلى بيتك ومن تكره، قال: بنو فلان قوم صالحون، وبنو فلان قوم غير ذلك، قال ومضى علي عام عدت فيه إلى البيت فإذا أم زوجتي عندنا، فلما رأيتها في البيت رحبت بها وكانت قد علمت من ابنتها أنها في أهنأ حال، قالت لي: كيف رأيت امرأتك يا أبا أمية، قلت: والله هي خير زوجة، قالت يا أبا أمية: ما أوتي الرجال شراً من المرأة المدللة فوق الحدود فأدب ما شئت أن تؤدب وهذب ما شئت أن تهذب، ثم التفتت إلى ابنتها تأمرها بحسن السمع والطاعة، قال: ومضى علي عشرون عاماً لم أجد ما يعكر صفائي إلا ليلة واحدة كنت فيها أنا الظالم.
طبعاً الطيبون للطيبات، والإنسان قد ينجح في حياته العامة وقد لا ينجح في حياته الخاصة، ونجاحه في حياته الخاصة بطولة إذا انطلقت من مفهوم إنساني ومن آياته قال تعالى:

﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾

ما دور المرأة المسلمة في الدعوة إلى الله ؟

أقول كلاماً دقيقاً وخطيراً وهذا كلام إسلامي وصحيح، المرأة مساوية للرجل تماماً في التكليف والتشريف والمسؤولية، مكلفة بالإيمان والإسلام والفرائض والطاعة كما مكلف الرجل، ومشرفة كما هو مشرف ومسؤولة كما هو مسؤول، ولكن الله عز وجل يقول:

﴿فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾

فيها خصائص وللرجل خصائص، لا تعني أنه أفضل، أنت الآن بحاجة إلى سيارة تنقلك إلى مصيف، يوجد تراكس، والتراكس له وظيفة والسياحية لها وظيفة، فالمرأة لها خصائص، بنيتها الجسمية والعقلية والاجتماعية والنفسية موافقة لمهمتها في الحياة، والرجل بنيته الجسمية والعقلية والنفسية موافقة لمهمته في الحياة، أيام المثل يوضح مثلاً: السيارة العامة مكان الركاب يأخذ أكبر مسافة، أما الشاحنة مكان الشحن أخذ أكبر حجم ومكان الركاب أصغر حجم، أما سيارة السباق مكان المحرك أكبر قسم ولا يوجد إلا مكان للسائق، ثلاث سيارات، أول سيارة أكبر مكان للمحرك السباقية و الثانية أكبر مكان للركاب لأنها سياحية و الثالثة أكبر مكان للبضاعة لأنها شحن، فإذا كان زاد عقل الرجل و قلت عاطفته هذا كمال فيه و إذا كانت عاطفة المرأة زادت طبعاً هذا كمال فيها، ما معنى السكن ؟ أي الرجل يكمل نقصه بزوجته نقصه العاطفي و الزوجة تكمل نقصها بزوجها، من أين جاء السكن ؟ قال تعالى:

﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ﴾

﴿وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾

﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾

أما المودة و الرحمة لها معنى دقيق، المودة سلوك أساسه الحب فتقديم هدية مودة، الابتسامة مودة، دخلت إلى البيت فسلمت مودة، أعنتها في حاجات البيت مودة، أما الرحمة هذه مؤسسة أنشئت لتستمر، لو أن الزوج افتقر فلم يعد يحقق مصلحة الزوجة الآن تحل الرحمة محل المودة، لو أن الزوجة معها مرض عضال فلم تعد تصلح زوجة و لم يعد فيها مصلحة و لكن هناك رحمة، فكلام ربنا دقيق جداً، فبين الزوجين إما الود و إما الرحمة أو يجتمعان معاً.
الحقيقة إن نظام الزواج في الإسلام نظام رائع جداً، المرأة أولاً إذا قامت بواجبها اتجاه زوجها و أولادها فهي كالمجاهد في سبيل الله و الجهاد ذروة سنام الإسلام، الآن شهادة المرأة: المرأة تعتز بشهادتها تحمل دكتوراه، تحمل ماجستير، تحمل لسانس، أما أنا أرى أن الأعلى شهادة للمرأة أولادها، و أنتم في هذه البلاد و الله الذي لا إله إلا هو لا يوجد شيء أخطر في حياتكم من أولادكم، أنا مطمئن لكم و لكن هناك قلق على أولادكم، و القلق يشتد على أولادكم، أولادكم نصف منكم و نصف من البيئة، أما قد يكون أولاد الأولاد على غير دينكم فأخطر شيء أولادكم، إذا بذلت أربع ساعات في اليوم مع أولادك لتربيهم، لتعلمهم، لـتأخذ بيدهم فهذا سبب سعادتك قال تعالى:

﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً﴾

أي الله عز وجل لسبب أو لآخر جعلك تعيش في هذه البلاد وأنت مضمون، واحد من أخوانا الكرام على إيمانه واستقامته، المشكلة الأولاد، يجب أن ينشؤوا النشأة الإسلامية، يجب أن يعلموا القرآن، يجب أن يعلموا اللغة العربية، يجب أن يعلموا على الاعتزاز بدينهم وأمتهم وماضيهم، وأن يكونوا مسلمين صالحين وإلا كانوا حرقة في قلب الأب إلى يوم يلقى الله عز وجل.
المرأة مسؤولة عن تربية أولادها، وشهاداتها أولادها فإذا ربتهم تربية صالحةً على الصدق والأمانة والإخلاص وعلى حب النبي وحب آل النبي وأصحاب النبي وتلاوة القرآن، وأحكام الإسلام فقد نجحت، لا يوجد شك من قول النبي صلى الله عليه وسلم:

((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثٍ صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ وَعِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ وَوَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو))

يجب أن تعتقد أن أكبر عمل بعد مهنتك أولادك، وهذا يقتضي أن تتعاونوا وأن تنشؤوا مرافق للأولاد إسلامية ينبغي أن لا يختلط أولادكم بالأجانب، يجب أن يكون لهم أصدقاء من أولادكم أنتم، وأن تكون البيئة إسلامية.
يوجد أشياء مبشرة ويوجد أخطاء، فانتبهوا للأخطاء.
الدكتور محمد راتب النابلسي

إخفاء الصور