- أحاديث رمضان / ٠12رمضان 1426هـ - الاسماء والفوائد
- /
- 1- رمضان 1426 هـ - الفوائد
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين
أيها الأخوة الكرام، مع فائدة جديدة من فوائد ابن القيم رحمه الله تعالى، هذه الفائدة هي في الحقيقة مقياس لنا جميعاً، قال ابن القيم: " الجاهل يشكو الله إلى الناس ".
حقيقة الشكوى لغير الله:
وهذا غاية الجهل بالمشكوّ والمشكوّ إليه، فإنه لو عرف ربه لما شكاه، ولو عرف الناس لما شكا إليهم، ورأى بعض السلف رجلاً يشكو إلى رجل فاقته وضرورته فقال: " يا هذا، والله ما زدت على أن شكوت من يرحمك إلى من لا يرحمك "، وقد قال الشاعر:
وإذا شكوت إلى ابن آدم إنما تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم
لمجرد أن تشكو الله إلى الناس فهذا مقياس الجهل، لأن الله هو أرحم الراحمين، وبيده كل شيء،
لماذا الشكوى لغير الله ؟
وقال لك:
﴿ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(( يَتَنَزَّلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ ))
الله عز وجل عرض نفسه علينا، قال لك: لك مشكلة ؟ عندك سؤال ؟ عندك حاجة، تحب أن تتوب ؟ تحب أن تستغفر ؟ أنا جاهز، وأنت في الصلاة تقول: سمع اللهم لمن حمده، يعني أنا أسمعك يا عبدي، الله عز وجل ينتظرنا: " يا داود، لو علم المعرضون انتظاري لهم، وشوقي إلى ترك معاصيهم لتقطعت أوصالهم من حبي، ولماتوا شوقاً إلي، هذه إرادتي بالمعرضين، فكيف بالمقبلين ؟ ".
الذي قال: أنا ربكم الأعلى.
﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً﴾
فكيف بالذي قال: سبحان ربي الأعلى ؟ والذي قال:
﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾
﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى، فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾
فكيف بالذي قال: لا إله إلا الله ؟.
(( للهُ أفرح بتوبة عبده من العقيم الوالد، ومن الضال الواجد، ومن الظمآن الوارد ))
هو ينتظرك، ينتظرك ليسعدك، ليكرمك، ليسلمك، ليرحمك، الجاهل يشكو الله إلى الناس، إنسان لئيم، ضعيف، فقير، جاهل، تشكو الله إليه ؟! فالجاهل يشكو الله إلى الناس، وهذه غاية الجهل، بالمشكو والمشكو إليه، غاية الجهل بالله، وبالناس، فإنه لو عرف ربه لما شكاه، ولو عرف الناس لما شكا إليهم،
شكوى الأنبياء:
ماذا قال سيدنا يعقوب ؟
﴿ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ﴾
الشكوى إلى الله و الشكوى على الله:
ورأى بعض السلف رجلاً يشكو إلى رجل فاقته وضرورته، فقال: " يا هذا، والله ما زدت على أن شكوت من يرحمك إلى من لا يرحمك ".
بالمناسبة: قيل: من شكا إلى مؤمن فكأنما اشتكى إلى الله، ومن شكا إلى كافر فكأنما اشتكى على الله.
ما مِن موقف أغبى، ولا أحمق من إنسان مؤمن يشكو إلى كافر ربه، مناسبة ذهبية ليشمت به، مناسبة ذهبية ليقول له: ألم أقل لك دعك من طريق الإيمان، كله متاعب ؟ لو شكا مؤمن إلى كافر تضييقاً من جهات معينة لقال له: نصحتك فيما مضى، ليس لك مصلحة أن تكون مؤمناً، أو ديّناً، ما أجد موقفًا أصعب من أن يشمت كافر بمؤمن، كيف يشمت به ؟ حينما يشكو الله إليه:
وإن شكوت إلى ابن آدم إنما تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم
والعارف بالله إنما يشكو إلى الله وحده،
﴿ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ ﴾
، الإله هو معك، يرى كل شيء، ويسمع كل شيء، ويعلم كل شيء، وقد لا تحتاج أن تشكو.
ورد، ولكن هناك من يقول: النص غير صحيح: ألك حاجة يا إبراهيم ؟ قال: علمه بحالي يغني عن سؤالي.
إذا كنت في كل حال معي فعن حملي زادي أنا في غنى
فالعارف بالله إنما يشكو إلى الله وحده.
اشكو إلى الله نفسك لأنها سبب البلاء:
هناك مرتبة أعلى وأعرف العارفين ممن جعل شكواه إلى الله من نفسه لا من الناس، لأنه يعلم علم اليقين أن الناس لا يسلطون عليه إلا بذنب منه، لذلك من الأحاديث الجامعة المانعة الموجزة، والله كأنه جمع علم الأولين والآخرين:
(( لا يخافن العبد إلا ذنبه ))
هناك أقوياء، هناك طغاة، هناك وحوش، هناك ثعابين، هناك عقارب، هناك غرق، هناك حادث سير، المصائب لا تعد ولا نحصى، أما لو كنت متحققاً فلا تخاف من كل هذه، ولا من الطغاة، ومن الأقوياء، ولا من القناصين، ولا من المخادعين، ولا ممن يحقدون عليك ولا ممن يملكون أمرك، لا تخاف إلا من ذنبك، ذنبك يسبب كل هذا، وحوش كاسرة مفترسة، لكنها مربوطة بأزمّة قوية، بيد جهة، هذه الجهة بيدها هذه الوحوش، وهي جهة عادلة رحيمة، علاقتك معها لا مع الوحوش، فإن أرضيتها منعت عنك الوحوش، وإن لم ترضها أرخت لهم الحبل فوصلوا إليك، والدليل:
﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾
ورد في بعض الآثار القدسية:
(( أنا الله، لا إله إلا أنا، مالك الملوك، وملك الملوك، قلوب الملوك بيدي، وإن العباد إذا أطاعوني حولت قلوب ملوكهم عليهم بالرأفة والرحمة، وإن العباد إذا عصوني حولت قلوبهم عليهم بالسخط والنقمة، فساموهم سوء العذاب، فلا تشغلوا أنفسكم بالدعاء على الملوك، ولكن اشغلوا أنفسكم بالذكر والتضرع، أكفكم ملوككم ))
الحَجّاج قتلُ رجلٍ أهون عنده من قتل ذبابة، طاغية، جبار، له إيجابيات لها مكان آخر، الحسن البصري قام بأمانة العلم فبيّن، فلما بلغ الحجاج أن الحسن البصري بيّن، ونال منه استشاط غضباً، وقال لجلسائه: يا جبناء، يقوم عبد في البصرة فينال مني وتسكتون ؟ والله لأروينكم من دمه يا جبناء، كلمة واحدة، أمر بقتله ـ قتل سعيد بن جبير تابعي ـ أمر بقتله، وجاء بالسياف، ومد النطع، وهو في مجلسه، وحوله كبار معاونيه، وقال: ائتوا بالحسن البصري، جاؤوا بالحسن البصري، لما دخل إلى مجلسه، ورأى السياف واقفًا، والنطع قد مدّ على الأرض لئلا يؤذي دمه الأثاث، حرك شفتيه، ولم يدرِ أحد ماذا قال، فإذا بالحجاج يقول له: تعال إلى هنا يا أبا سعيد، وما زال يقربه، ويقربه حتى أجلسه على سريره، وقال: يا أبا سعيد، أنت سيد العلماء، لكن دخل الحسن البصري بهيبة العالم، بهيبة المتصل بالله، بهيبة المتوكل على الله، فما زال يقربه حتى أجلسه على سريره، وسأله في موضوع وأجابه، وعطره، وضيفه، وقال: يا أبا سعيد، أنت سيد العلماء، وشيعه إلى باب المجلس، الذي صعق الحاجب والسياف، تبعه الحاجب، قال: يا أبا سعيد، لقد جيء بك لتقطع رقبتك، فما الذي حصل ؟ قال له: حينما دخلت حركت شفتيك، ماذا قلت لربك ؟ قال له: قلت له: " يا ملاذي عند كربتي، يا مؤنسي في وحشتي، اجعل نقمته عليّ برداً وسلاماً كما جعلت النار برداً وسلاماً على إبراهيم ".
﴿ قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى﴾
ماذا أقول لكم، هناك طغاة، الطاغية قتلُ الإنسان أهون عليه من قتل ذبابة.
﴿ قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾
فالعارف إنما يشكو إلى الله وحده، وأعرف العارفين من جعل شكواه إلى الله لا من الناس، ولكن من نفسه، لأنه يعلم علم اليقين أنه:
﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾
وما أصابك من سيئة فمن نفسك.
﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ﴾
(( ما من عثرة، ولا اختلاج عرق، ولا خدش عود إلا بما قدمت أيديكم، وما يغفر الله أكثر ))
قبل أن تشكو حاسب نفسك:
يا أيها الإخوة، قبل أن تشكو، قبل أن تضجر، قبل أن تلعن زيداً أو عبيداً، قبل أن تندب حظك قل: ماذا فعلت مع ربي حتى أستأهل هذا الذي أصابني ؟ كن جريئاً مع نفسك، لا تحابِ نفسك، لا تجعلها فوق الخطأ، لا بد من شيء فعلته حتى استوجب أن يتسلط زيد عليك أو عبيد.
﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ﴾
﴿ وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ﴾
لذلك المؤمن الراقي أو العارف بالله، أو أعرف العارفين لا يشكو الناس إلى الله، يشكو نفسه إلى الله، بناء على هذا أنا حينما أدعو في الصعوبات، وفي النوازل، وفي البلاء أقول: يا رب، انصرنا على أنفسنا حتى ننتصر لك، حتى نستحق أن تنصرنا على أعدائنا، كن عالماً، كن موضوعياً، كن جريئاً، لا تخلط، الله عز وجل خلقك ليسعدك، ما خلقك ليعذبك، ولكن الله رحيم، يسوق هذه الشدائد كي نتوب إليه، كي نعود إليه، كي نصطلح معه.
لذلك العارف بالله، أو المؤمن يشكو ـ دققوا ـ يشكو من موجبات تسليط الناس عليه، الله عز وجل في آيات كثيرة، وكثيرة جداً يبين أن المصيبة سببها الإنسان، شرد عن الله، أخطأ، تكلم كلمة قاسية، أنت على الشبكية ترى مصيبة.
أحدهم عنده أخت عانس، مصيرها عند أخيها، وزوجة أخيه قاسية جبارة ، والأخ جاهل، ترضيه، وتبالغ في الإساءة إليها، مرة والأخ جالس على أريكة، وأخته جالسة على الأرض، فوكزها برجله، وقال: ائتِ لي بكأس ماء، وزوجته شابة وجالسة، قامت مسكينة مقهورة، الذي عنده بنت، وفاتها قطار الزواج إذا أمكن أن يهيئ لها بيتًا قبل أن يموت تعيش فيه مستورة مصونة مكرمة هذا من أعظم الأعمال، قد تكون زوجة الأخ جبارة، تتفنن في إيقاع الأذى بها، هذا ركب مركبته، وسافر إلى حلب، وقع له حادث سير، هُرست رجله اليمنى، وقطعت من أعلى الفخذ في ثاني يوم.
أنا ما رأيت أحمق ممن يتجبر في الأرض، ما رأيت أغبى ممن لا يدخل الله في حساباته اليومية، ما عبد الله بالأرض أفضل من جبر الخواطر .
والله لي أقرباء حدثوني أن شاباً خطب فتاةً وأعجبته، هذه الفتاة معها عرج ، والفرق بين كل رِجل 8 سانتيمتر، هي ذكية جداً، فارتدت ثيابًا سابغة للركبة، وهيأت حذاء الأول كعبه 8 سانتي، والثاني صفر، فترمم الفرق بالحذاء والثياب سابغة، العرج اختفى ، يبدو أنها جميلة، فخطبت، متى كشفت ؟ يوم العرس، وله أم حاقدة، أمرته أن يطلقها فوراً، لأنها غشته، يبدو أن هذا الشاب لا يحب كسر الخاطر، رضي بها، وأصر على أن تبقى عنده زوجة، وأحبها، يقسم لي أقربائي أنه خلال سنتين رزقه الله ما يزيد على مئة مليون.
أنا لا أقول: إن عملها صحيح، لا تظنوا أنني أؤيد عملها في غش الحقيقة، لكن الشابة كل هدفها في الحياة الزواج، دَرَسنا في علم النفس أن الحاجة إلى الأمومة هي الدافع الأول في الجنس البشري، لذلك ما من عمل أعظم عند الله من أن تشفع في زواج، أفضل شفاعة أن تشفع بين اثنين في نكاح، ورد في الأثر: من مشى بتزويج رجل بامرأة كان له بكل كلمة قالها، وبكل خطوة خطاها عبادة سنة، قام ليلها، وصام نهارها.
ما من عمل أعظم من أن تدل شاباً مؤمناً على شابة مؤمنة، فهذه الأسرة في صحيفتك، السعادة، والوفاق، وجبر الخاطر، في هذه الأسرة في صحيفة الذي كان شفيعاً في هذا الزواج، وكلام الشيطان دعوه تحت أقدامكم، امشِ بجنازة ولا تمشِ بزواج، ما الذي يحصل ؟ تدل شابًا على شابة فيتزوجون، يعيشون ثلاث سنوات، أربع سنوات بأعلى درجات السعادة، يختلفون، يأتون إليك، لماذا لما كنتم متوافقين ثلاث سنوات ما نفد واحد منكم، ولا واحد قال له: شكراً، لما نشأت مشكلة سيدي أنت دللتني عليها، دبر نفسك.
لذلك عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(( الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ، وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يُخَالِطُ النَّاسَ، وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ ))
(( اصنع المعروف إلى من هو أهله، وإلى غير أهله، فإن أصبت أهله أصبت أهله، وإن لم تصب أهله كنت من أهله ))
العارف بالله يشكو نفسه إلى الله، لا يشكو الناس، الناس بيد الله، فالذي يكرمك سمح الله له، والذي يقسو عليك سمح الله له، لذلك قال بعض العارفين: " أنا أعرف مقامي عند ربي من أخلاق زوجتي ".
أحيانا الزوجة تحرن، يكون هو نفسه حارن أيضاً، الزوج نفسه فيه تقصير، فيه شرود، فيه تفلت قليل، ينعكس تقصيره على موقف غير كامل من زوجته، لذلك المراتب ثلاثة، أخسّها أن تشكو الله إلى خلقه، كتلة جهل، دعك بأدبك، لا تفضح نفسك، لا تشمت بك إنسانًا.
اجعل خطاً ساخناً بينك و بين الله:
بالمناسبة، لو شكوت إلى مؤمن أشفق عليك، لكنه ضعيف، ولو شكوت إلى كافر شمت بك، لذلك من الأدعية النبوية،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(( تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ الْقَضَاءِ، وَشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ ))
لذلك الإنسان يعمل خطًّا ساخنًا مع الله، يناجيه، يخاطبه، يعتذر، يستغفر، يعلن توبته، اللهم اقبل توبتي، اللهم آمن روعتي، اللهم أقلّ عثرتي، اللهم اغفر زلتي، كن في مناجاة مع الله، اسأله، اعتذر، اطلب السماح منه، عبر عن ضعفك أمامه، عبر عن محبتك له، كن في حوار بينك وبين الله، وهذا الحوار اجعله بينك وبين الله، ولا تحاور أحداً من الناس، كن قويًّا، بقدر ما يتذلل المؤمن لله بقدر ما هو عزيز على الناس، لا يتضعضع أمامك، لا يضعف، أحيانا يبكي رجل لمصيبة أمام الرجال، ابكِ بينك وبين الله،
لا تحزن على شيئ فاتك من الدنيا:
لذلك قال الفقهاء: من بكى في الصلاة ـ خطأ يبكي في الصلاة ـ من بكى في الصلاة حزناً على شيء فاته من الدنيا فسدت صلاته.
من أجمل ما قيل عن الصديق رضي الله عنه أنه " ما ندم على شيء فاته من الدنيا قط ".
فليتك تحلو والحياة مـــريرة وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الـذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خـراب
إذا صح منك الوصل فالكل هي ن وكل الذي فوق التراب تراب
***
هذه الأنصارية التي بلغها أن النبي قد قتل في أحد، فهرعت إلى ساحة المعركة لا تلوي شيء، رأت أباها مقتولاً، قالت: ما فعل رسول الله ؟ رأت أخاها مقتولاً، قالت: ما فعل رسول الله ؟ رأت زوجها مقتولاً، قالت: ما فعل رسول الله ؟ رأت ابنها مقتولاً، فلما وقعت عينها على رسول الله قالت: يا رسول الله، كل مصيبة بعدك جلل، ما من مشكلة، امرأة تفقد أباها، وزوجها، وابنها، وأخاها، وتحرص على حياة رسول الله.
تبدل حال المسلمين و ما يجب فعله:
والله يا إخوان، الصحابة كان الواحد بمليار، والآن والله المليار بأف، وليس بواحد أف، استبدلوا أمر الله "اقرأ " بأمر ارقص، المسلمون لهم مساجد، يصلون، لكنهم في واد، والإيمان في واد آخر، لذلك:
﴿ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً﴾
وأمرهم ليس إليهم، وكلمتهم ليست هي العلية، وللكفار عليهم ألف سبيل وسبيل، هان أمر الله عليهم فهانوا على الله، فالإنسان يا إخوان إذا أمكن أن يصلح المجتمع فهذه بطولة، وإن لم يمكن فليصلح نفسه، وليقرأ قوله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾
إن استطعت أن تصلح الناس فأنت بطل، وإن لم تستطع، إن أصروا على الدنيا وعلى الاختلاط، وعلى الربا، وعلى الكسب الحرام، وعلى الكذب، وعلى النفاق فأصلح نفسك.
الدعاء:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا أرضنا وارضَ عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.