- موضوعات علمية
- /
- ٠1موضوعات علمية من الخطب
قال تعالى : فلا أقسم بما تبصرون.................
أيها الإخوة الكرام؛ في القرآن الكريم وفي سورة الحاقة بالتحديد آية كريمة تلفت النظر وهي قوله تعالى :
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لَا تُبْصِرُونَ * إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ * وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ * تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾
فما الذي لا نبصره ؟ كان علماء الفلك في عشرينيات هذا القرن يعتمدون في دراساتهم على الضوء المرئي الآتي من الأجرام فقط ، أي اعتبروا النجم الموجود هو النجم الذي يصلنا ضوءه ، وما كانوا يعتقدون أن هناك نجوماً لا نراها ، ثم اكتشفوا فجأةً أن حقيقة الضوء حركة تموجية ، وأن لون الضوء يعتمد على طول هذه الموجة وأن العين البشرية لا تستطيع أن ترى من طول هذه الأمواج إلا ما بين أربعة آلاف بوحدة قياس الموجة وسبعة آلاف ومائتين ، بين هذين الترددين المَوجِيَين يرى الإنسان وقبل هذا التردد لا يرى ، وبعد هذا لا يرى . فإذا وقع الضوء خارج هذين الحدين البنفسجي أربعة آلاف وحدة والأحمر سبعة آلاف ومائتين إذا وقعت تموجات الضوء قبل أو بعد هذين الحدين فإن الشيء لا يرى مع أنه موجود . لذلك لا نرى الأشعة التي وراء البنفسجية ولا نرى الأشعة السينية و أشعة غاما النافذة والأشعة تحت الحمراء . والموجات الدقيقة لا نراها ، الموجات الإشعاعية لا نراها ، فالعين لا ترى إلا في حدود ضيقة جداً ، لذلك قال ربنا سبحانه وتعالى :
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لَا تُبْصِرُونَ ﴾
بتفسير أبسط هناك كائنات لا نراها ، نحن لا نرى الجراثيم ولا الفيروسات . هناك ما وراء حدود رؤيتنا . إذاً يجب أن نؤمن أن الآيات الدالة على عظمة الله عز وجل ، ربما كانت أكثر عدداً وأعظم شأناً من التي نراها ، لذلك وردت هذه الآية الكريمة لتلفت نظر المؤمن إلى أن هناك آيات كثيرةً لا نراها .
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لَا تُبْصِرُونَ ﴾
وحَدَّثْ الشيء نفسه عن السمع ، هناك أصوات لا نسمعها ، بين عتبتين ، وهناك أشياء لا نلمسها . يقول ربنا سبحانه وتعالى :
﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾
بالقدر المناسب ، بالقدر الحكيم ، بالقدر الذي لا يزعج ، بالقدر الذي لا يؤذي . فلو أن الله سبحانه وتعالى رفع عتبة الحواس في الإنسان إلى درجة أعلى لأصبحت حياة الإنسان جحيماً . أقل شاهدٍ على ذلك لو أن كأس الماء الصافي الذي تنعم بصفائه ومذاقه لو رأيت ما فيه من الكائنات الحية لعافت نفسك أن تشربه ، فالحد الذي جعله الله في الرؤية هو حدٌ مناسبٌ وحيكمٌ ومعقولٌ ، ولكن يجب أن تعلم أن هناك أشياء كثيرة لا تراها ، وأن من الحكمة أن لا تراها ، ولكنها آيات عظيمة دالة على وجود الله وعلى وحدانيته وعلى عظمته . أيها الإخوة الكرام؛ كلما جال فكركم في آيات الله الدالة على عظمته ارتقى إيمانكم أقول هذا مراراً وتكراراً ، الكون بسماواته وأرضه ، والإنسان بخلقه المعجز ، بطعامه بشرابه بتوالده ، وما حوله من نباتات وحيوانات ومظاهر طبيعية ، الكون أوسع باب إلى الله وأقصر طريق إليه .