- موضوعات علمية
- /
- ٠1موضوعات علمية من الخطب
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
غشاء الطبل ؟
1- الوصف الدقيق لهذا الغشاء وأهميته للإنسان :
يا أيها الأخوة الأكارم, قال تعالى:
﴿وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾
هناك آياتٌ لا تعدُّ ولا تحصى بين جوانح الإنسان منها: غشاء الطبل, وكلُّ واحدٌ منكم يستمع لهذه الخطبة لأن غشاء طبله يعمل بانتظام .
غشاء الطبل غشاءٌ رقيق، لا يزيد سماكته عن نصف ميليمتر، ولا يزيد قطره عن تسع ميليمترات، أي أقل من سنتيمتر, متينٌ كالصُلب، مرنٌ كالمطاط, حيويٌ جداً لنقل الأصوات .
لو تعطَّل هذا الغشاء فَقَدَ الإنسان سمعه, لذلك جهَّزه الله عزَّ وجل بما يحفظه من التلف , جعله في آخر قناةٍ منحنيةٍ، أضيق من خنصر الإنسان، لئلا يعبث به الصغير فيخرقه .
جعل الله الأذن الوسطى موصولةً بقناةٍ إلى البلعوم, فإذا جاء ضغطٌ كبيرٌ كافٍ لخرقه, جاء الضغط المقابل من الفم، فتوازن الضغطان، وسلم غشاء الطبل من التمزُّق, لأن الأصوات الشديدة من شأنها أن تمزق غشاء الطبل .
2- طريقة صيانته :
طريقة صيانته طريقةٌ عجيبة: أن هذا الغشاء مفتوحٌ على الأذن، ومفتوحٌ من الطرف المقابل على البلعوم، فإذا جاء الضغط
فالهواء من الجهتين ضغط على الغشاء ضغطاً متكافئاً ، فسلَّمه من العطب .
3- وظيفة العظيمات الموجودة في هذا الغشاء :
هذا الغشاء مربوط بأربع عظيمات لا يزيد وزنها عن خمسة وخمسين ميلي غرام، ولا يزيد طولها مجتمعةً عن تسعة عشر ميليمتراً, هذه العظيمات لها وظيفةٌ رائعةٌ جداً، إنَّها تكبِّر الأصوات الضعيفة إلى عشرة أمثال، بل إلى عشرين مثل, تخفِّض الأصوات الضخمة المؤذية
إنها جهازٌ واحد يعمل على تكبير الصوت، وعلى خفض الصوت، وهذا فوق طاقة البشر، جهازٌ واحد يعمل على رفع مستوى الصوت، وعلى خفضه، هذا من الآيات الدّاَلة على عظمة الله .
4- قياس وحدة الأصوات:
إن قياس وحدة الأصوات هي الديسبل, وهناك آليةٌ عصبيةٌ معقدةٌ جداً تخفض الأصوات التي تزيد عن ديسبل، والتي من شأنها أن تؤذي الأذن، وإذا كان الصوت ضعيفاً جداً، وقلت للمتحدِّث: أعد ما سمعت, فإن بعض حركات الوجه تؤثِّر على عصبٍ مشتركٍ بين الوجه وبين عضلةٍ متعلقةٍ بعظم الركاب، من شأنها أن تزيد حساسية الأذن, فحينما تتغيَّر ملامح وجهك, حينما لا تسمع الكلام، هناك آليةٌ معقدةٌ جداً تنقل الصوت عبر العصب السمعي إلى عضلةٍ تضاعف حساسية الأذن, حينما تفعل هكذا، أو تحرك عضلات وجهك حركةً تدلُّ على أنك لم تسمع، عندئذٍ تزداد حساسية الأذن .
5- ميزة الصوت :
أيها الأخوة الأكارم, الصوت اهتزازٌ ينتقل عبر وسطٍ مرن، والوسط المرن هو الهواء لكنَّ الوسط المرن القاسي الصُلب، ينقل الصوت بسرعةٍ أشد، والوسط السائل ينقله بسرعةٍ أشد, لذلك ينتقل الصوت إلى غشاء الطبل عبر الهواء من غشاء الطبل، وثم ينتقل الصوت من غشاء الطبل عبر أربع عظام، ثم في قناةٍ قوامها سائل, فالصوت ينتقل عبر الهواء تارةً، وبعد غشاء الطبل عبر أجسامٍ صلبة، وبعد الأجسام الصلبة عبر قناةٍ فيها سائل .
هناك خمسةٌ وعشرون ألف خلية سمعية تلتقط السمع إلى الدماغ، كي تدرك, وحتى هذه الساعة لم يستطع العلماء أن يكتشفوا, كيف لم يستطع تفريق الأذن بين النغم وبين الضجيج؟.
لماذا حينما تنسحق قطعة زجاج تحت الباب، تشعر أنك تحب أن تخرج من جلدك, ولماذا إذا وقفت أمام شلالٍ ذي صوتٍ صاخب تأنس به؟ هذا ضجيج، وهذا نغم، كيف تفرِّق بين النغم والضجيج؟ وكيف أن هذه الأذن تلتقط مئات ألوف الأصوات، ولكل صوتٍ نبرةٌ خاصّة تسجَّل في الذاكرة؟ كيف تقول لفلان: أنت فلان عبر الهاتف؟ ما هذه الحساسية في الأذن التي تخزن لك في الذاكرة مئات بل ألوف الأصوات الخاصة؟ ما زالت الأذن سراً من أسرار الله عزَّ وجل .
أيها الأخوة, الذي أقوله من على هذا المنبر، أشياء بسيطة جداً مختصرة، لأن المنبر لا يحتمل تفصيلات دقيقة، لكن لو اطلعتم على ما في هذه الأذن من عجائب لسجدتم لله عزَّ وجل تعظيماً له .