- ندوات تلفزيونية
- /
- ٠17برنامج عقل وقلب - قناة شام
مقدمة :
الأستاذ جميل :
السلام عليكم ورحمة الله ، أيها الأخوة والأحبة ، أسعد الله أوقاتكم بكل خير ، وأهلاً بكم في لقاء جديد في برنامجنا عقل وقلب ، وضيف برنامجنا فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي ، تحدثنا في الحلقة السابقة عن مقومات التكليف ، وعنينا بمقومات التكليف تلك الأدلة الواضحة ، والآيات الجلية التي تشهد لله عز وجل بوحدانيته ، الكون الصامت كما علق على ذلك فضيلة الدكتور ، ذلك يشهد لوحدانية الله ، ونتحدث اليوم عن الفطرة وهي من ثوابت النفس البشرية ، فضيلة الدكتور ما هي الفطرة وكيف تعد من مقومات التكليف ؟
كل إنسان معه مقياس ذاتي يكشف خطأه من دون موجه أو معلم أو رسالة :
الدكتور راتب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .
أستاذ جميل جزاك الله خيراً على هذا السؤال ، كما أن الله أودع في الإنسان عقلاً يعد مقياساً للحقائق أودع في نفسه مقياساً آخر هذا المقياس يكشف له خطأه ، أي أنت بالمقياس الحديث مبرمج أو مولف أو مفطور أو مكيف على منهج الله عز وجل ، فما من أمر أمرك الله به إلا ونفسك تتمناه ، وما من نهي نهاك الله عنه إلا ونفسك تعافه ، فالإنسان معه مقياس ذاتي بإمكانه أن يكشف خطأه من دون موجه ، من دون معلم ، من دون رسالة :
﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ﴾
إقامة وجهك للدين حنيفاً هو نفسه ما برمجت عليه :
﴿ فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ﴾
ما من أمر أمرك الله به وما من نهي نهاك الله عنه إلا وجبلتك مبرمجة عليه :
الله عز وجل أمرك أن تكون صادقاً ، وجبلتك تكبر الصدق ، تحب الصدق ، أمرك الله أن تكون أميناً ، وجبلتك وفطرتك تحب الأمانة ، لكن حتى الأمور لا تختلط أن تحب الأمانة شيء وأن تكون أميناً شيء آخر ، حتى الذي يأكلون أموال الناس بالباطل يقتسمونها بالعدل ، لأن العدل فطرة
فالفطرة أنك مبرمج ، مولف ، مصمم ، مفطور على الكمال ، من هنا جاء العذاب النفسي ، إنسان فطرته ليست كاملة فارتكب الجرائم يبقى مرتاحاً ؟ لا يوجد إنسان على وجه الأرض يرتكب خطأ فاحشاً إلا ويتألم ألماً داخلياً ، وهذا ما يسمى بالكآبة المعاصرة ، الكآبة الآن أكبر مرض بالمجتمع البشري ، لأن هناك حركة بخلاف الفطرة ، حركة بخلاف منهج الله ، إن قلت فطرة يعني منهج الله ، إن قلت فطرة يعني الأمر والنهي ، ما من أمر أمرك الله به وما من نهي نهاك الله عنه إلا وجبلتك مبرمجة عليه لذلك :
﴿ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ (7)﴾
أنا أضرب مثلاً ، لي صديق في بلد عربي مجاور روى لي هذه القصة ، إنسان يقود مركبة في الساعة الثانية ليلاً ، ودهس طفلاً ولم يعلم به أحد ، كتب الضبط ضد مجهول ، هذا الإنسان لأربعين يوماً لم يستطع أن ينام ليلة واحدة ، ليس هناك مسؤولية ، وليس هناك إدانة ، ولا أي ضبط ، ولا أي تقرير ، إلى أن ذهب إلى طبيب نفسي قال له : لا ترتاح إلا إذا أديت الدية لأهله ، هذا قتل خطأ .
الفطرة جبلة طبيعية فطر عليها الإنسان متوافقة مع منهج الله تعالى :
عندنا في علم النفس مرض اسمه الهستريا ، اسمه على خلاف واقعه
الهستريا شلل عضوي لسبب نفسي ، الإنسان يلوم نفسه فتشل أعضاؤه ، مرض من الأمراض ، أي إنسان في الأرض من الستة آلاف مليون يرتكب خطأ ينهى عنه وحي السماء يحس بكآبة ، لذلك أكبر مرض نفسي في العالم الكآبة ، الذين وصلوا إلى قمم النجاح ينتحرون أحياناً عندهم كآبة ، الكآبة خلاف منهج الله عز وجل ، وخالف مبادئ فطرته ، سواء أقلت : فلان خالف منهج الله أو فلان خالف مبادئ فطرته المؤدى واحد ، فالفطرة جبلة طبيعية ، خصيصة فطر عليها الإنسان ، متوافقة تماماً مع منهج الله ، والدليل هذه الآية الأولى :
﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ﴾
أن تقيم وجهك للدين حنيفاً هو ذاته فطرتك :
﴿ فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّه ﴾
فطرة الله ، تأتي بدلاً في الإعراب
الأستاذ جميل :
فضيلة الدكتور إذاً الأمر هذه الفطرة التي أعطانا الله عز وجل إياها بعد العقل ، العقل أولاً والفطرة ثانياً ، هي ليست خاصة بفئة من الناس ، بل هي عطية وهبة للناس جميعاً.
الفطرة هبة للناس جميعاً :
الدكتور راتب :
الدليل أن الله عز وجل يخاطب أحياناً المؤمنين ، يا أيها الذين آمنوا ، وأحياناً أخرى يخاطب الناس كافة ، الآية تقول :
﴿ فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ﴾
أي إنسان حتى الملحد ، ملحد أمه من سبعة أيام لم تأكل شيئاً ، جاء بطعام نفيس أكله وحده ألا يشعر بحقارته ؟ شعور ذاتي ، لذلك أقول لك الآن كلمة خطيرة : أحياناً الإنسان يحتقر ذاته قد لا يدري بخطئه أحد ، قد يكسب مالاً كسباً غير مشروع ، قد يبني مجده على أنقاض الآخرين ، قد يبني غناه على إفقار الآخرين ، قد يبني قوته على إضعاف الآخرين ، قد يبني حياته على قتل الآخرين ، قد يبني عزه على إذلال الآخرين ، هذا الإنسان قوي ولا أحد بإمكانه أن يعترض عليه ولكن في داخله انهيار ، انهياره الداخلي بسبب فطرته
هذا الانهيار يجعله بوضع صحي غير جيد ، سريع الانفعال ، ردود فعله قاسية جداً ، هذا اضطرابه النفسي ، أستاذ جميل أنت بالعقل تعرف الله وأنت بالفطرة تعرف خطأك ، الله عز وجل سيحاسبنا ، بالكون آيات (وأعطاك عقلاً)كافية لمعرفة الله ، و لك فطرة كافية لمعرفة خطأك ، لذلك في بعض الفنادق بألمانيا كتب على السرير إذا لم تنم هذه الليلة فالعلة ليست في فراشنا إنها وثيرة ولكن العلة في ذنوبك إنها كثيرة .
الأستاذ جميل :
فضيلة الدكتور ما حكم هؤلاء الذين ينقادون إلى خلاف فطرتهم ؟
من خالف فطرته انقلب كالوحش الكاسر :
الدكتور راتب :
في البداية هناك آلام ، أي إنسان يخالف فطرته لو عقّ أباه ، لو عق أمه ، لو ارتكب خطأً فاحشاً ، لو أضر بإنسان ، أي إنسان كائن من كان في كل مكان وزمان ، حينما يؤذي أخاه الإنسان يتألم من الداخل ، هذا الألم إلى حين ، إلى أن تنطمس فطرته يصبح كالبهيمة ، هؤلاء الذين ألفوا العدوان على الآخرين ، ابتزاز أموالهم ، انتهاك أعراضهم ، بعد حين تنطمس فطرتهم هذا المعنى يعبر عنه في القرآن الكريم :
﴿ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14)﴾
الأستاذ جميل :
إذاً هذا هو الران الذي يلمس به القلب .
الدكتور راتب :
هذه الفطرة المنطمسة .
تصميم الفطرة من قِبل الله عز وجل تصميمياً رائعاً تكشف بها الخطأ من الصحيح :
لكن هناك آية :
﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7)﴾
كيف سواها ربنا ؟ قال تعالى :
﴿ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8)﴾
نحن نخاف أن يفهم من هذه الآية أن الله خلق فيها الفجور معاذ الله ، هذا المعنى مرفوض ، لكن الآية تعني أن الله صمم هذه النفس البشرية تصميماً رائعاً ، بحيث لو أخطأت لكشفت ذاتياً أنها أخطأت ، الإنسان لا يحتاج لا إلى موجه ولا إلى مرشد .
الأستاذ جميل :
بمقياس داخلي .
الدكتور راتب :
حتى الهرة إن أطعمتها قطعة لحم تأكلها أمامك ، أما إذا خطفتها بفطرتها تعرف أنها معتدية تأكلها بعيدة عنك .
الأستاذ جميل :
متابعة لحديثنا عن مقومات التكليف نتحدث عن الشهوة كيف التعامل معها ؟ وما هي مصارفها فضيلة الدكتور ؟
الشهوة ميل فطري أودعه الله في الإنسان :
الدكتور راتب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، بادئ ذي بدء هذه الطاولة التي أمامي لا تتحرك لأنها لا تشتهي شيئاً ، الشهوة ميل فطري أودعه الله في الإنسان ، قال تعالى :
﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾
فقد أودع الله فينا هذه الشهوات ، الإنسان يشتهي الطعام والشراب حفاظاً على وجوده ، يشتهي المرأة حفاظاً على بقاء النوع لكن من دون أن يشعر ، يشتهي العلو في الأرض حفاظاً على بقاء الذكر ، هذه الشهوات بالضبط كالمحرك في المركبة تجعله ينطلق ، يخرج من البيت بحثاً عن عمل من أجل أن يشتري بالأجر طعاماً يأكله ، بعدئذ بحثاً عن بيت من أجل أن يشتري مأوى يسكنه ، بحثاً عن زوجة ، ثم بحثاً عن أن يرتقي عند الناس من أجل أن يشتري مركبة فارهة يزهو بها ، فالإنسان يبدأ بالطعام والشراب ، ثم يتابع متابعة شهواته الزواج ، ثم يتمنى العلو في الأرض ، هذه شهوات أودعها الله في الإنسان ولولاها لما رأيت على وجه الأرض شيئاً ، لا رأيت جامعةً ولا جسراً ، ولا بناءً ، ولا مؤسسةً ، لا ترى شيئاً كهذه الطاولة لا تتحرك لأنها لا تشتهي شيئاً .
الأستاذ جميل :
ليس المطلوب كبح تلك الشهوات أو قمع تلك الشهوات وإنما لها مصارف دقيقة .
الشهوة يرقى بها الإنسان إلى الله مرتين ؛ صابراً و شاكراً :
الدكتور راتب :
الإنسان للتقريب : مركبة فيها محرك هي الشهوات ، وفيها مقود هو العقل ، وفيها طريق هو الشرع ، فمهمة العقل أن يبقي المركبة على الطريق ، إذاً لولا الشهوات لما ارتقى الإنسان إلى رب الأرض والسماوات ، كيف تتقرب إلى الله ؟ بشيئين ، بترك شهوة لا ترضي الله ، وبممارسة شهوة ترضي الله ، مثلاً المال ، أنت حينما تبتعد عن دخل مشبوه تتقرب إلى الله ، ترتقي إليه ، أنت تشتهي المال أودع فيك هذه الشهوة لكنك خفت من الله فلم تأخذ المال الحرام ، ثم حينما تعمل عملاً مشروعاً وتكسب المال المشروع تشتري به طعاماً ، تتزوج به ، تنجب أولاداً ، الآن ترقى إلى الله شاكراً ، فبالشهوة ترقى إلى الله مرتين ، ترقى إلى الله صابراً حينما تكف نفسك عن شهوة لا ترضي الله ، وترقى إلى الله شاكراً حينما تمارس شهوة وفق منهج الله ، والدليل قال تعالى :
﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ ﴾
المعنى المعاكس من يتبع هواه وفق هدى الله عز وجل لا شيء عليه ، بالإسلام لا يوجد حرمان ، بالإسلام يوجد تنظيم .
الشهوات طريق الإنسان للوصول إلى الله عز وجل :
مرة ثانية : لا يوجد شهوة أودعها الله فينا إلا لها قناة نظيفة تسري خلالها ، لذلك في بعض آيات القرآن الكريم :
﴿ بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (86)﴾
ما معنى بقية الله ؟ أي أنت مسموح لك تتحرك بشهوة مئة وثمانين درجة إلا أن الشرع سمح لك بمئة درجة ، فما تبقى لك من هذه الحركة الواسعة هو الخير ، المرأة زوجة ، لا يوجد خليلة ، لا يوجد عشيقة بمنهج الله عز وجل ، هناك زوجة بالحلال ، لا تستحي بالعلاقة بها ، العرس معه إطلاق أبواق المركبات كأنه إشهار نحن تزوجنا وفق منهج الله ، أما أي علاقة غير صحيحة بين شاب وفتاة يخافان ولا يوجد إشهار هناك تستر في مكان مظلم ، في مكان بعيد عن أنظار الناس .
الشهوة لولاها لما ارتقينا إلى رب الأرض والسماوات .
الشهوة أحد أسباب رقي المجتمع إن سلك الإنسان فيها الطريق الحلال :
هناك من يتوهم أن الشهوة أحد أسباب فساد المجتمع ، هي أحد أسباب رقي المجتمع ، أنت كيف تتقرب إلى الله ؟ بترك شهوة لا ترضي الله ، لا يوجد قانون في الأرض يمنعك أن تنظر إلى النساء ، وأن تملأ عينيك من محاسنهن ، ولكن الشرع يأمرك أن تغض البصر ، إذاً كل شيء أودعه الله فيك له قناة نظيفة تسري خلالها هذه الشهوة ، إذاً الشهوة محرك ، يمكن أن تكون سلماً ترقى بها إلى الله ، يمكن أن تكون دركات يهوي بها الإنسان إلى جهنم ، مثل بسيط : عالم جليل التقيت معه مرة ، قال لي : عندي ثمانية وثلاثون حفيداً ، معظمهم أطباء منهم خمسة عشر من حفاظ كتاب الله ، فأنا فكرت هذا الكم الكبير من الأحفاد الصالحين المثقفين الدينين بسبب علاقة جنسية بين هذا الرجل العظيم وبين زوجته ، هذه علاقة أنجبت أحفاداً وأصهاراً وذرية مباركة دينة ، وأي بيت دعارة فيه علاقة مشابهة لكن علاقة بالحرام ، الشهوة كالوقود السائل في المركبة إن وضع في المستودع المحكم ، وسار في الأنابيب المحكمة ، وانفجر في الوقت المناسب ، وفي الوقت المناسب ولد حركة نافعة ، أقلتك أنت وأهلك إلى مكان جميل ، أما إذا صبّ هذا الوقود على المركبة ، وأصابته شرارة أحرق المركبة ومن فيها ، فالشهوات طريق للوصول إلى الله ، على خلاف ما يفهم عامة الناس .
الأستاذ جميل :
هو مفهوم آخر ليس المطلوب من المتدين أن يكون قاعداً ، ولكن هي المحرك التي تميزه عن هذه الطاولة والجمادات ، فضيلة الدكتور اطلب منكم نصيحة أبوية من القلب إلى القلب لذلك الشاب المسرف على نفسه ، الذي يغيب عقله أمام شهوة المال أو الشهوات المحرمة ، ماذا تقول له ؟
الشهوة ليست قيداً لحرية الإنسان إنها ضمان لسلامته :
الدكتور راتب :
أقول له : الله عز وجل ما أودع فيك هذه الشهوات إلا ليسمح لك أن تمارسها بشكل نظيف ، أنا أظن أن بعض الشباب يتوهمون أن في التدين حرماناً ، أنا أقول دائماً حقل ألغام أمامه لوحة ، لا يمكن لعاقل أن يظنها قيداً لحريته بل يتأكد أنها ضمان لسلامته
فهذا الشاب يحب المرأة ، يحب المال ، إذا علم علم اليقين ، إذا طلب العلم الصحيح ، إذا سار في معرفة الحقيقة ، يوقن أن كل هذه الشهوات سوف يصل إليها في الوقت المناسب ، وفي المكان المناسب ، وبراحة نفسية ما بعدها من راحة ، لأن الله عز وجل قال :
﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ﴾
جنة في الدنيا وجنة في الآخرة ، والدليل :
﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾
مستحيل وألف ألف مستحيل أن تتجه إلى الله رب العالمين وأن تكون محروماً في الحياة .
الأستاذ جميل :
إذاً الجنة جنتان ، في الدنيا جنة وجنة السماء .
انقلاب الفطرة إلى صبغة بالاتصال بالله عز وجل :
الدكتور راتب :
ولكن جنة الدنيا كما قال بعض العلماء : في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة ، قال تعالى :
﴿ وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ (6)﴾
في الدنيا ذاقوا طعمها ، إن طعمها هو القرب من الله عز وجل ، لكن لابدّ من ملاحظة : أنا ذكرت الفطرة أن تحب الشيء لا أن تفعله ، لكن الصبغة أن تكون كريماً ، الفطرة أن تحب الكرم ، الفطرة أن تحب الرحمة ، الفطرة أن تحب العدل ، ولكن الصبغة أن تغدو عادلاً وأن تغدو كريماً ، بالاتصال بالله تنقلب الفطرة إلى صبغة :
﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ ﴾
هذه النقطة دقيقة جداً أنا أتمنى أن ينتقل الإنسان من فطرة سليمة إلى صبغة راقية .
الأستاذ جميل :
يصبغ بهذه الخصال الفطرة السليمة التي أودعها الله عز وجل في النفس .
الدكتور راتب :
الله عز وجل عندما يطلب الإنسان العلم يعرف الحقيقة ، وبدافع من حبه لوجوده ، ولسلامة وجوده ، ولكمال وجوده ، ولاستمرار وجوده ، يتحرك نحو سلامة وجوده وكمال وجوده .
خاتمة و توديع :
الأستاذ جميل :
جزاكم الله خيراً فضيلة الدكتور وأحسن إليكم ، وشكراً لكم أيها الأخوة المشاهدون ، نراكم إن شاء .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .