- موضوعات علمية
- /
- ٠1موضوعات علمية من الخطب
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
حقيقة أثبتها القرآن قبل أن يكتشفها العلم:
أيها الأخوة الأكارم, قبيل القرن السابع عشر قبل أن يكتشف المجهر، وقُبَيلَ أن تكتشف الجراثيم، فَسَّرَ العلماء الأمراض الوبيلة الوبائية ذات العدوى تفسيراً ساذجاً، فقالوا: إن المرض يتوالد في الإنسان توالداً ذاتياً, ولكن اكتشاف المجهر, واكتشاف الجراثيم التي هي مسببات الأمراض المعدية والسارية, كشف أن هذا المرض لا بد له من سبب غير مرئي, هو كائنات دقيقة لا ترى بالعين, ولكنها ترى تحت عدسات المجهر، وعُدت القاعدة الأولى يومها أن النظافة هي الطريق الوحيدة للوقاية من الأمراض المعدية, ماذا قال القرآن الكريم؟ قال الله تعالى:
﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾
وقال تعالى:
﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾
شيء دقيق جداً؛ هو أن القرآن الكريم استعمل كلمة الطهارة بدل النظافة، لأنه ما كل نظيف طاهر، لكن كل طاهر نظيف، والعكس غير صحيح, الأداة الطاهرة نظيفة، لكن ما كل أداة نظيفة طاهرة, فقد نجد فيها بعض الجراثيم, ولذلك جاءت عبارة القرآن الكريم أدق من عبارة النظافة، جاءت كلمة الطهارة في القرآن الكريم.
كيف نفهم موضوع العدوى من خلال أحاديث النبي ؟
أيها الأخوة الأكارم, النبي عليه الصلاة والسلام هو في الحقيقة من خلال الوحي السماوي أول من بين أن هناك أمراضاً تنتقل عن طريق العدوى، قال عليه الصلاة والسلام:
إذ كان الإنسان بأرض فيها مرض مع أنه قد لا يكون مريضاً, ولكنه حمل المرض, فإذا خرج من هذه الأرض, أو من هذه البلدة, نقل هذا المرض إلى بلاد كثيرة, فمن بقي في هذا البلد فهو في حكم الشهيد، ومن خرج منه كالفار من الزحف، هذا ما قاله النبي قبل خمسة عشر قرناً مشيراً إلى أن هناك أمراضاً تنتقل عن طريق العدوى.
أيها الأخوة الأكارم, قال عليه الصلاة والسلام:
((غطوا الإناء, وأوكؤوا السقاء, فإن في السنة ليلةً ينزل فيها وباء لا يمر بإناء ليس عليه غطاء، أو سقاء ليس عليه وِكاء إلا ونزل فيه من ذلك الوباء))
تنتقل هذه الجراثيم عن طريق السوائل، وربما دخلت الجراثيم الإناء غير المغطى, والسقاء غير المغلق، هذا حديث آخر يدل على انتقال المرض عن طريق العدوى.وفي حديث ثالث؛ يقول عليه الصلاة والسلام: ((تنكبوا الغبار فإن منها تكون النسمة)) والنسمة المخلوق الحي مهما دق حجمه، وكأن النبي عليه الصلاة والسلام أشار بالنسمة إلى الجرثومة.
وفي حديث آخر, قال عليه الصلاة والسلام:
((من أكل التراب فقد أعان على قتل نفسه))
يعني من أكل فاكهةً لم يغسلها فقد أعان على قتل نفسه، لكن النبي عليه الصلاة والسلام من باب التوحيد, ومن باب أنه لا يقع شيء إلا بأمر الله، قال:
((لا عدوى))
أي إذا مرض الإنسان لا ينبغي أن يتهم فلاناً بأنه أعداه، لأن النبي سُئل عن الجمل يصاب بمرض الجرب, قال:
((فمن أعدى الأول؟))
لك أن تتخذ الأسباب, ولكن لا ينبغي أن تعزو المرض لغير الله عز وجل، لك أن تأخذ الأسباب, لك ألا تدخل بلدة فيها مرض معدٍ، يقول عليه الصلاة والسلام:
((لا يوردن ممرض على مصح))
ويقول:
((لا عدوى, ولا طِيَرةَ, ولا هامة, ولا صَفَر))
فينفي أن تفعل العدوى فعلها من دون أمر الله عز وجل, ومن دون إرادته, يجب أن تأخذ بكل الأسباب, وألا تعزوَ المرض إلا إلى قضاء الله وقدره.
شيء آخر؛ أمر النبي عليه الصلاة والسلام إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم أن نغسل الإناء في سبع مرات إحداهن بالتراب, ولو رجعت إلى علماء الجراثيم لوجدت أن هذا الحديث الشريف من دلائل نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن الأكياس المائية التي ينقلها هذا الحيوان عن طريق لعابه أو برازه لا تزول إلا بالتراب.الشيء الدقيق؛ هو أن أمراضاً كثيرة سميت في منظمة الصحة العالمية بأمراض القذارة لا سبيل إلى الوقاية منها إلا بالنظافة، تنظيف كل شيء؛ الطعام، الخضراوات الفواكه، الأدوات، المنزل، الثياب, والله عز وجل يقي الإنسان بالنظافة شر أمراض كثيرة، ليست أقل من أن تكون مهلكة في بعض الأحيان.