- محفوظات
- /
- ٠8موضوعات هامة عن الصلاة
صلاة المسافر :
السفر..
فالسفر يسبب تغيراً في بعض الأحكام الشرعية ، من هذه الأحكام التي يطرأ عليها تغير في السفر :
- قصر الصلوات الرباعية.
- إباحة الفطر في رمضان.
- امتداد مدة المسح إلى ثلاثة أيام.
- سقوط وجوب الجمعة والعيدين.
- سقوط الأضحية.
- حرمة الخروج على الحرة بغير زوج أو محرم.
- إذا كان المسافر امرأة يضاف إلى هذه الشروط أنه لا يجوز أن تسافر إلا مع زوج أو محرم.
- يباح للمسافر التنفل على الدابة دون المقيم، المقيم لا يحق له ذلك.
هذا كله مما يطرأ عليه تعديل بسبب السفر.
القصر في الصلاة للمسافر :
القصر في الصلاة للمسافر، وهذا الموضوع يحتاجه كل مسلم لأن طبيعة هذا العصر تقتضي كثرة الأسفار فما حكم الصلاة للمسافر؟
القصر جائزٌ في القرآن، و السنة، والإجماع، فالقصر هو اختصار الصلاة من أربع ركعات إلى ركعتين، في صلاة الظهر، والعصر، والعشاء، فالصلاة الرباعية تغدو ثنائية، فالقصر جائز في القرآن، والسنة، والإجماع، أما بالقرآن فلقول الله تعالى:
﴿ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾
والحقيقة أن القصر جائز حتى في حالة الأمن، والآية تشير إلى أن الإنسان إذا خاف أن يفتن، أو خاف من عدوٍ قصر الصلاة، ولكن النبي عليه الصلاة والسلام قصر الصلاة في الحج، والعمرة، والسفر، وفي الغزو، فسنة النبي عليه الصلاة والسلام مفسرة للقرآن الكريم، قال عز وجل:
﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾
فالنبي عليه الصلاة والسلام أقواله تشريع، وأفعاله تشريع، وقد قصر الصلاة في السفر، و في الحج، و في العمرة، و في الغزو، فإذا قيّدت الآية بالخوف من فتنة العدو، فالنبي بسنته العملية أطلقها، وجعل مجرد السفر يجوز فيه قصر الصلاة.
الأسفار في عهد النبي أسفار غزو :
لعلماء التفسير أدلة على أن النبي عليه الصلاة والسلام فهِم من هذه الآية بأن أكثر السفر في عهد النبي عليه الصلاة والسلام سفر غزوٍ، فهذا ليس قيداً، بل هو وصفٌ، وليس قيد احتراز، بل هو قيد صفة ثابتة، فقوله تعالى:
﴿ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾
هذا قيد وصفي، لأن أكثر الأسفار في عهد النبي أسفار غزو، ومن شأن الغازي أن يخاف من عدوه.
وأحد أصحاب النبي عليهم رضوان الله سأل سيدنا عمر عن هذا، فعَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ: قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ:
(( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمِ الَّذِينَ كَفَرُوا "، فَقَدْ أَمِنَ النَّاسُ فَقَالَ: عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ ))
فالقصر جائز في حالة الخوف والأمن، وفي سفر الغزو والحرب والجهاد في سبيل الله، وفي سفر الحج والعمرة، وفي السفر المباح، أو لأي سفر آخر، ولو لزيارة الأصدقاء أو الأخوة، أو للسياحة.
أنواع من السفر يجوز فيها قصر الصلاة :
أما جواز القصر من السنة فقد تواترت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم:
((عن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب قال: كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ فِي سَفَرٍ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى طِنْفِسَةٍ لَهُ فَرَأَى قَوْمًا يُسَبِّحُونَ قَالَ: مَا يَصْنَعُ هَؤُلاءِ ؟ قُلْتُ: يُسَبِّحُونَ، قَالَ: لَوْ كُنْتُ مُصَلِّيًا قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا لأَتْمَمْتُهَا، صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ لا يَزِيدُ فِي السَّفَرِ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ وَأَبَا بَكْرٍ حَتَّى قُبِضَ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمْ كَذَلِكَ))
وأجمع أهل العلم على أن من سافر سفراً تقصر في مثله الصلاة سواء كان السفر واجباً، كسفر الحج إلى المسجد الحرام، والجهاد، والهجرة، والعمرة، أو مستحباً كالسفر لزيارة الأخوة، وعيادة المرضى، وزيارة أحد المسجدين؛ مسجد المدينة والمسجد الأقصى إن شاء الله تعالى، وزيارة الوالدين أو أحدهما، أو مباحاً كسفر النزهة، أو الفرجة، أو التجارة، أو مُكرهاً على السفر كأسيرٍ اقتيد من مكان لآخر، أو مكروهاً كسفر المفرد بنفسه، فإذا سافر الإنسان بمفرده فسفره مكروه من دون جماعة، ففي كل هذه الأنواع من السفر يجوز قصر الصلاة، فهذا إجماع أهل العلم بالقرآن والسنة والإجماع .
تعريف القصر :
أمّا تعريف القصر فهو اختصار الصلاة الرباعية إلى ركعتين، الذي يقصر إجماعاً الصلاة الرباعية من ظهرٍ وعصرٍ وعشاء، أما الفجر فلا يقصر، والمغرب لا يقصر أيضاً، فلدينا أحكام متعلقة بالسفر، وهذه الأحكام أساسية وسوف نأخذها إن شاء الله تعالى، فالجمع: جمع الظهر مع العصر تقديماً، أو جمع العصر مع الظهر تأخيرًا، والقصر، والمسح على الخف ثلاثة أيام، وإباحة الإفطار في رمضان، وهذه الأربعة تختص بالسفر الطويل، وحرمة خروج المرأة بغير محرمٍ، وسقوط الجمعة والعيدين، والأضحية، وإباحة أكل الميتة للمضطر، والصلاة على الراحلة، والتيمم، وإسقاط الفرض به، وهذه متعلقة بالسفر القصير، فهذه كلها أحكام السفر، واليوم نأخذ فقط حكم القصر في الصلاة.
آراء المذاهب في القصر :
هناك سؤال كبير يتردد بين المسلمين هل القصر رخصةٌ أم عزيمة واجبٍ؟
أيجب أن نقصر أم القصر رخصة نأخذ بها أم لا نأخذ؟
فعلى اختلاف المذاهب نعرض الآراء الثلاث؛ إما أنه فرض، وإما أنه سنة، وإما أنه رخصة يخير فيها المسافر.
1 ـ رأي الأحناف :
الأحناف قالوا: القصر واجب، وهو عزيمة عليك فعلها، وفرض المسافر في كل صلاة رباعية ركعتان، لا تجوز الزيادة عليهما عمداً، ويجب سجود السهو إن سها وصلاها أربع ركعات، فإن صلّى أربع ركعات وقعد بينهما إلى التشهد عدت الركعتان الأولى والثانية فرضًا، والثالثة والرابعة نافلة ويكون مسيئاً، وإن لم يقعد في الثانية مقدار التشهد بطلت صلاته لاختلاط النافلة بها قبل إكمالها، هذا رأي الأحناف، وأدلتهم أحاديث ثابتة، منها حديثٌ عن السيدة عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ:
((فَرَضَ اللَّهُ الصَّلاةَ حِينَ فَرَضَهَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ فَأُقِرَّتْ صَلاةُ السَّفَرِ، وَزِيدَ فِي صَلاةِ الْحَضَرِ))
والدليل الثاني حديث ابن عباس قَالَ:
(( فَرَضَ اللَّهُ الصَّلاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً))
فالقصر واجب عند الأحناف، فلو ذهبت إلى بيت الله الحرام وأنت مقيمٌ في الحج ولا عمل لك إلا العبادة، فالأحناف يقصرون الصلاة في الحج والعمرة وسفر التجارة والسياحة والغزو والجهاد وأي سفر، بل في مطلق السفر.
2 ـ رأي المالكية :
والمالكية يرون أن القصر سنة مؤكدة وليس واجباً لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، فما دام الفعل فعله فهو سنة مؤكدة، فإنه لم يصح عنه في أسفاره أنه أتمّ صلاته قط، فعند الأحناف القصر واجب، والواجب يقترب من الفرض، وعند المالكية قصر الصلاة سنة مؤكدة، كما في الحديث المتقدم.
3 ـ رأي الشافعية و الحنابلة :
وأما الشافعية والحنابلة فقالوا: القصر رخصة على سبيل التخيير، فللمسافر أن يتم أو أن يقصر، والقصر أفضل من الإتمام، حتى عند الشافعية مطلقاً، لأنه صلى الله عليه وسلم داوم عليه وكذلك الخلفاء الراشدون من بعده، وهو عند الشافعية على المشهور أفضل من الإتمام إذا وجد في نفسه كراهة القصر، فالقصر أولى من الإتمام.
فما دام العلماء قد اجتمعوا على القصر فهناك حكم معروف عندكم اسمه الخروج من الخلاف، فإذا قصرت الصلاة في السفر فقد خرجت من الخلاف كلياً.
أما أدلة السادة الشافعية فمنها قوله تعالى:
﴿ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ ﴾
وهذا يدل على أن القصر رخصة مخير على فعله وتركه كسائر الرخص.
والحديث السابق عن عمر:
(( صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ ))
وقوله عليه الصلاة والسلام:
((إنَّ اللَّهَ يُحِبُ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُه كَمَا يُحِبُ أَنْ تُؤْتَى عَزَائِمُه))
وثبت في صحيح مسلم وغيره أن الصحابة كانوا يسافرون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم القاصر، ومنهم المتم، منهم الصائم، ومنهم المفطر، لا يعيب بعضهم على بعض، هذه أدلة الشافعية.
((عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا اعْتَمَرَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ حَتَّى إِذَا قَدِمَتْ مَكَّةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي قَصَرْتَ وَأَتْمَمْتُ، وَأَفْطَرْتَ وَصُمْتُ، قَالَ: أَحْسَنْتِ يَا عَائِشَةُ وَمَا عَابَ عَلَيَّ))
فالشافعية معهم أدلتهم، والأحناف معهم أدلتهم، والقصر يتردد بين الواجب عند الأحناف، وبين السنة عند المالكية، وبين الإباحة على أنه رخصة يؤخذ بها أو لا يؤخذ عند الشافعية والحنابلة، واختلاف أمتي رحمة.
ما يطرأ على الصلاة في السفر :
الموضوع ما يطرأ على الصلاة فقط، أقل سفر تتغير فيه الأحكام مسيرة ثلاثة أيام من أقصر أيام السنة بسير وسط مع الاستراحة، ومع الحسابات الطويلة قدرها العلماء بواحد وثمانين كيلو متراً، أي أقصر أيام العام مسير ثلاثة أيام مع الاستراحة سهلاً أو صعوداً أو هبوطاً المعدل واحد وثمانون ألف متر، لكن المذهب الحنفي يقيد هذه المسافة بالمدة، الآن بعد النبك واحد وثمانون كيلو متراً أي ساعة بالسيارة، ولكن يوجد شرطان هما شرط قطع هذه المسافة، وشرط أن يدوم السفر ثلاثة أيام، إذا قطعت هذه المسافة بثلاثة أيام لك الحق أن تقصر الصلاة، فيقصر الفرض الرباعي من نوى السفر، إلا أنه بالفقه يوجد أشياء يتوقف عندها الإنسان أحياناً، قال: ولو كان عاصياً أي إذا خرج الإنسان ليقطع الطريق على الحجاج له أن يقصر الصلاة، أية صلاة هذه؟ قال: قاطع الطريق له أن يقصر الصلاة لأنه مسلم، وهل الذي يقطع الطريق ويخيف الناس ويسلبهم أموالهم هو مسلم، نحن يهمنا أمره إذا صلى أو لم يصلِّ.
على كلٍّ يقصر الفرض الرباعي من نوى السفر إذا جاوز بيوت مقامه، وجاوز أيضاً ما اتصل به من ثنائه، فلا يكفي أن يغادر بيته بل يجب أن يغادر المدينة بعد بيته يوجد بيوت، وبعد البيوت مقابر و فلوات، فيجب أن يتجاوز فناء المدينة.
الأحكام المتعلقة بالقصر :
الأحكام المتعلقة بالقصر دقيقة جداً، فالحكم الأول: المسافة التي تقصر فيها الصلاة، والثاني: نوع السفر الذي يقصر فيه الصلاة، والثالث: الموضع الذي نبدأ فيه القصر في الصلاة، والرابع: الزمان الذي يقصر فيه الصلاة إذا أقام المسافر، هذه الموضوعات هي المتعلقة بقصر الصلاة.
1 ـ المسافة التي تقصر فيها الصلاة :
المسافة باختصار شديد ومن دون الدخول في تفاصيل أحكامها: ثمانية وثمانون كيلو متراً، أي مسيرة ثلاثة أيام ولياليها من أقصر أيام السنة في البلاد المعتدلة، تعلمون أن في القطب منطقةً يستمر فيها النهار ستة أشهر، ومنطقة أخرى يستمر فيها الليل ستة أشهر، فإذا نزلنا قليلاً فقد تغيب الشمس في الساعة الواحدة ليلاً، وتشرق في الساعة الواحدة والنصف، أما المنطقة المعتدلة كمنطقتنا فالنهار والليل يتقاربان، وفي وقتين في العام يتساويان، وفي الصيف والشتاء يختلفان، وأطول أيام الصيف سبع عشرة ساعة، والليل سبع ساعات، وأقصر الأيام في الشتاء كما تعلمون، على كلٍّ مسيرة أيام ثلاث بلياليها من أقصر أيام السنة في البلاد المعتدلة بسير الإبل، أو سير الأقدام، وهذه قدرت بثمانية وثمانين كيلو مترًا، وعند بعض المذاهب لا يضر أن تنقص أو تزيد، تقريباً أن تتجاوز ثمانين كيلو متراً فلك أن تقصر الصلاة.
فلو ركبت سيارة وقطعت المسافة إلى النبك بساعة واحدة تقصر الصلاة، إذْ ليس المقصود بسفر ثلاثة أيام أن تمضي في هذه المسافة ثلاثة أيام، بل المقصود أن تقطع مسافة كانت تمضى أو تقطع في ثلاثة أيام، فلو قطعت بسيارة في ساعة واحدة فلك أن تقصر إذا وصلت إلى النبك، أما الزبداني فلا داعي للقصر.
فلو أنّ الإنسان طاف الدنيا هائماً على وجهه لم يجُز أن يقصر من الصلاة، فالسفر المقصود تريد حلب أو حمص أو عمّان، فإذا أردت مكاناً معيناً وقصدته فأنت مسافر، أما إنسان خرج على وجهه هائماً دون أن يقصد مكاناً فهذا لا يجوز له أن يقصر،على كلٍّ هذه حالات نادرة جداً.
والمسافة في البحر أو الجبل أو الجو أو السهل كالمسافة في البر، والمهم أن تقطع ثمانين كيلو أو أكثر، يجوز حينئذٍ أن تقصر الصلاة، ولا يضر أن تقل هذه المسافة قليلاً أو تزيد، ويقولون أحياناً في بعض الصفقات: زائد ناقص عشرة بالمئة، فلا مشكلة.
والسادة المالكية استثنوا أهل مكة من هذه المسافة، فإذا ذهبوا من مكة إلى منى أو غيرها من المناطق قصروا الصلاة.
2 ـ نوع السفر الذي يقصر فيه الصلاة :
أما الأحناف فلهم رأي خاص، ولبقية المذاهب رأي آخر في نوع السفر الذي تقصر فيه الصلاة، فالأحناف أيُّ سفر تقصر فيه الصلاة ولو كان سفراً مكروهاً، أو سفرًا فيه معصية، هذا رأيهم، فقاطع الطريق الذي ذهب ليزني عليه قصر الصلاة! أيّة صلاة هذه! والأئمة الثلاث يقولون: لا بد من أن يكون السفر مباحاً أو سفر طاعةٍ، فأنتم تبسمتم عندما أخبرتكم برأي السادة الأحناف لكن لهم تخريج دقيق، فإذا سافر الإنسان هل سفره حرامٌ لعينه؟ لا، فمثلاً: لحم الخنزير حرامٌ بذاته، فإذا دخلت المطعم وتناولت لحمَ ضأنٍ مذبوح على الشريعة الإسلامية ولم تدفع الثمن هل هذا حرام أم حلال؟
حرام، لا لأنه تناول لحم الضأن، بل لأنه لم يدفع الثمن، فأصبح بذلك حرامًا، نقول: أكل هذا الطعام حرامًا، لكن لا لذاته بل لغيره، فلو أن السفر محرم بذاته، حيث يمكن أن تعصي الله فيه أو تطيعه، فما دام السفر ينفك عن المعصية، وما دامت المعصية تنفك عن السفر إذاً ما نقوله: إن على المسافر أن يقصر من الصلاة، ولا علاقة لنا بحال المسافر، وقد يكون مقيمًا يعصي الله، أرادوا أنه لا ينبغي لنا أن نربط المعاصي بالعبادات، فكل عبادة لها أحكامها، والله أعلم، ولكن رأي الجمهور أنه لا يجوز أن تقصر الصلاة إلا في السفر المباح ، كالحج والعمرة والهجرة - من فرّ بدينه- فكم مِن سفر مباح اليوم؟ هناك أسفار كثيرة، هؤلاء الذين غادروا بلادهم فراراً بدينهم هذا سفرهم مباح، أو طلباً للعلم، أو قصداً للرزق، أو لزيارة الأهل؛ كأن تزور ابنتك التي هي في بلد بعيد، فهذا سفر مباح، أو لزيارة أخٍ في الله، أو صديق، لكن سفر المعصية كالإباق كعبد أبق من مولاه؛ أي هرب، وقطع الطريق، والتجارة في الخمر والمحرمات، فهذا السفر معصية، وهناك من يقصد السفر ليرتكب بعض الموبقات في بلد آخر، على كلٍّ عند الأئمة الثلاث لا يصح قصر الصلاة إلا في السفر المباح، لقول الله عز و جل:
﴿ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ﴾
فرخصة أكل لحم الخنزير بشرط ألا يكون باغيًا ولا عاديًا، فحينئذٍ لا إثم عليه، فإذا كان باغياً فعليه إثمٌ كبير، والعلماء قاسوا على هذه الآية.
3 ـ الموضع الذي نبدأ فيه القصر في الصلاة :
أما الموضع الذي يبدأ فيه القصر فنمثِّل له بإنسان يتوهم نفسه أنه اليوم مسافر، وسفره الساعة الواحدة، والظهر أذَّن الساعة الحادية عشرة والنصف، فصلى الظهر وقصر الصلاة، هذا حرام، إذْ لا يجوز القصر في الصلاة إلا بعد مباشرة السفر، لا بعد نيّة السفر، فالنيّة لا يعتد بها أبداً، فلا تستطيع قصر الصلاة إلا إذا خرجت من المدينة وتجاوزت ظاهرها، ونحن نرى أنه حول المدينة مرافق كالمقابر والبساتين، وكل بلد له ترتيبه، والمهم أن تتجاوز أبنية المدينة حتى يبدأ حكم القصر في الصلاة، ولا يجوز أن تتم الصلاة إلا إذا دخلت المدينة، فبخروجك منها يبدأ القصر وبدخولك إليها ينتهي القصر، فهذا الموضع الذي يبدأ فيه القصر.
4 ـ الزمان الذي يقصر فيه الصلاة إذا أقام المسافر :
أما مقدار الزمن الذي يقصر فيه إذا أقام المسافر، فعند الأحناف إذا سافر الإنسان ونوى الإقامة أكثر من خمسة عشر يوماً فعليه أن يقصر الصلاة، سافر ليقيم تسعة أيام أو سبعة أو أربعة عشر يوماً، فإذا نوى الإقامة خمسة عشر يوماً فما فوق وجب أن يتم الصلاة، ولو بقي سنوات وسنوات دون أن ينوي الإقامة فعليه أن يقصر الصلاة، فأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما فتحوا بلاد أذربيجان قصروا الصلاة ستة أشهر متتابعة، فأنت تقصر الصلاة ما لم تنوِ الإقامة، فإذا نويت الإقامة خمسة عشر يوماً فأكثر عند الأحناف فعليك أن تتم الصلاة، أما المالكية والشافعية فإذا نوى المسافر إقامة أربعة أيام بموضع أتم الصلاة، والمالكية قالوا: عشرون صلاة فإذا نقصت قصر الصلاة.
فعند المالكية والشافعية والحنابلة إذا نوى أكثر من أربعة أيام أو أكثر من عشرين صلاة أتمّ الصلاة، أمّا عند الأحناف فخمسة عشر يوماً فما فوق، فإذا نويت الإقامة أتممت الصلاة، ويحسب يوم الدخول والخروج من المدة.
شروط صحة نية السفر :
يشترط لصحة نية السفر ثلاثة أشياء؛ الاستقلال بالحكم، أي لا يكون جندياً في جيش، وأحياناًً يسافر المعلم مع صانع، وهذا الصانع ليس له خيار في السفر، فالذي أمره بيد غيره لا يحق له قصر السفر، لكن من كان مستقلاً بالحكم، ومن كان بالغاً، وعدم نقصان مدة السفر عن ثلاثة أيام، فهذه هي الشروط الثلاثة، زوجة من زوجها لا يحق لها أن تقصر السفر وحدها، فلا يقصر الصلاة من لا يجاوز عمران قيامه، أي خرج من الشام ووصل إلى القدم فما تجاوز العمران، والآن يقول لك: ضموا برزة إلى دمشق، ويوجد قرار أن يضموا حرستا ودوما إلى دمشق، والمعضمية سوف يضمونها مع دمشق، وكفرسوسة مع دمشق، وداريا مع دمشق، وهذه كلها ملحقة بالشام، وعليه أن يجاوز عمران مقامه، فإذا كان صبياً بعد فلا يقصر، أو كان تابعاً لم ينوِ متبوعه السفر كالمرأة مع زوجها، والعبد مع مولاه، والجندي مع أميره، أو نوى السفر ولكن لم يدم سفره ثلاثة أيام فما فوق ودون الثلاثة أيام، على كلٍّ هذه بعض الشروط التي يمـكن أن يقصر الإنسان صلاته.
فالرباعية تصبح ثنائية، أما صلاة الفجر فتبقى ثنائية هي هي، والمغرب هو هو، والوتر يصلى لأنه فرض عملي، أي أقرب إلى الفرض منه إلى السنة، أما السنن فالعلماء قالوا: لو رجل أثناء السفر يوم السفر يوجد مشقة وتعب فالفرض فقط، لكن وصل إلى مكان، ونزل بفندق واستراح، إذا كان مرتاحاً نفسياً وجسدياً يصلي السنن مع الفرض مقصوراً، أما إذا كان عليه مشقة وفي عجلة من وقته ويوجد تعب فالفرض فقط، والرباعي يصبح ثنائياً .
شروط القصر في الصلاة :
تمهيد :
قصر الصلاة لا يصح إلا إذا غادر المصلي تخوم المدينة، أي غادر أبنية قريته، فإن خرج من بيته وبقي في حدود مدينته، أو في حدود قريته، فلا يصح أن يقصر الصلاة، بل يجب أن يغادر أبنية القرية، ويجب أن يكون السفر ثلاثة أيام، أي ثمانون كيلو متراً في ثلاثة أيام، ويجب أن يكون مستقلاً بالحكم أي مسافراً أمره بيده لا جندياً مع أميره، ولا زوجةً مع زوجها، ولا عبداً مع سيده، الأمر للسيد والأمير والزوج، وأن يكون بالغاً، فمغادرة تخوم المدينة، واستمرار السفر ثلاثة أيام، وبعد هذا أن يكون مستقلاً بالحكم، وأن يكون بالغاً، هذه إذا توافرت كلها صحّ قصر الصلاة.
1 ـ أن يكون السفر طويلاً :
شروط القصر في الصلاة: أن يكون السفر طويلاً، ويبلغ مسافة ثمانين كيلو مترًا فما فوق، ويقولون: يأتي يوم على الناس -هذه كلمة قرأتها -يطوف الإنسان حول العالم في ثلاث ساعات وليس هذا ببعيد!
الآن يقطع الإنسان المحيط الأطلسي كله بطائرة تفوق سرعتها سرعة الصوت بمدة يسيرة جداً، فيدور العالم في ثلاث ساعات، الأولى من بيته إلى المطار، والثانية حول العالم، والثالثة من المطار إلى البيت، واليوم الإنسان يذهب بساعتين من دمشق إلى جدة وينتظر في المطار أربع ساعات، فهذا يقصر، فأن يكون السفر طويلاً بمقدار مرحلتين كما تكلمنا من قبل، أي: ثمانون كيلو مترًا وما فوق هذا الشرط الأول.
2 ـ أن يكون السفر مباحاً غير محرم أو محظور :
الشرط الثاني أن يكون السفر مباحاً غير محرم أو محظور، فقد أمسكوا برجل يسرق في بيت الله الحرام، فلما حقق معه قالوا له: أنت في الحج؟ فقال: لا، فأنا عندما أحرمت أحرمت سارقاً، فمن المتوقع أن نشاهد حالات نشل وسرقة كثيرة في الحج.
وإذا سافر إنسان لقطع الطريق، أو ليسرق، أو ليزني، أو ليرتكب إثماً فهل ينعقد قصره لو قصر؟ يجب أن تقولوا: لا تنعقد صلاته أصلاً، لأن الإنسان عندما يرتكب ذنباً يضع حجاباً بينه وبين الله، والمعاصي تقطع وتحجب، فالشرط الأول أن يكون السفر طويلاً، والشرط الثاني أن يكون السفر مباحاً.
3 ـ تجاوز العمران من موضع الإقامة :
والشرط الثالث أن تجاوز العمران من موضع الإقامة كما بيَّنا.
4 ـ أن يقصد مكاناً معيناً في السفر :
والشرط الرابع أن تقصد مكاناً معيناً في السفر، أما أن تقول: دعوها على التيسير، فهذا هائم على وجهه، والعلماء عدُّوا تحديد الهدف شرطاً، أو البلد الذي تريد الذهاب إليه، فلا قصر ولا فطر لهائم، وهو من خرج على وجهه لا يدري أين يتوجه.
5 ـ الاستقلال بالرأي :
والشرط الخامس الاستقلال بالرأي، فالجندي تابع لقائده، والخادم تابع لسيده، والطالب تابع لأستاذه، والزوجة تابعة لزوجها، فلو أن الزوج ما تكلم لها أن تقصر الصلاة لم يجز لها القصر، إذْ لا قصر للصلاة إلا إذا كنت مستقلاً بالرأي في السفر، فأنت صاحب القرار، أمّا التابع فإذا بلغه قائده: نحن نتجه للنبك، فيا أيها الجنود اقصروا الصلاة فيقصرون، أما جندي يتحرك مع قائده ولا يدري المناورة بعد خمسة كيلو مترات بالتل أم بالنبك وبما أنه تابع فلا يحق له قصر الصلاة، فالتابعون ليسوا أصحاب قرار في السفر
6 ـ ألا يقتدي المسافر بمتم أو مسافر يقيم الصلاة :
وشرط المسافر ألا يقتدي بمتم أو مسافر يقيم الصلاة، فرجل شافعي المذهب أراد أن يصلي الظهر أربع ركعات، فالحنفي المسافر لا يحل له أن يقتدي به إلا أن يتم معه، أما أن ينفصل عنه بعد صلاة ركعتين ثم يسلم فليس له ذلك، إذْ يشترط متابعة المقتدي للإمام في الصلاة.
فكل أخواننا الحجاج حتى العلماء لو صلوا في الحرم الظهر يصلون أربعًا، لأنه يقتدي بمقيم، إذا اقتديت بمقيم فعليك إتمام الصلاة، وإذا اقتديت بمسافر يتم صلاته وجب أن تتم الصلاة معه، لتحقيق شرط المتابعة في الصلاة، ولا يجوز أن تقتدي بمشكوك السفر.
دخلت المسجد فوجدت الإمام يصلي صليت خلفه، هل تعرف حاله؟ أغلب الظن هو مسافر مثلي، لكني غير متأكد، فهذا مشكوك السفر، إن اقتدى بمقيم أو مسافر يتم الصلاة أو بمشكوك الصلاة في السفر، فيجب على المسافر أن يتم الصلاة ليحقق متابعة الإمام، فهو شرط في الاقتداء.
لكن الأحناف ما أجازوا أن تصلي خلف الإمام إلا صلاة الوقت، أي عندما يؤذن الظهر تقام الصلاة، وهذه الصلاة التي تُصلى بعد أذان الظهر والإقامة اسمها صلاة الوقت، فالمسافر يجوز أن يقتدي بمقيم في صلاة الوقت فقط، فإذا صلى الإمام صلاة الوقت أصبح المسافر في ذمته ركعتان فقط، عندئذٍ لا ينبغي له أن يقتدي بإمام ثانٍ، دخلت المسجد فوجدت فيه إمامًا يصلي صلاة الظهر، لكن بعد أن صلى الإمام الراتب صلاة الظهر في وقتها أنت لا ينبغي لك أن تصلي خلفه، بل ينبغي أن تصلي وحدك صلاة المسافر قصراً، حتى لو أدركت الإمام وهو في القعود الأخير في الركعة الرابعة يجب أن تصلي الظهر أربعًا، لأنك لو صليتها ركعتين وقعت في مخالفة الاتباع، حتى لو أدركت الإمام في التشهد الأخير يجب أن تتم الصلاة أربع ركعات، لأنك اقتديت بإمام مقيم، أو إمام يتم الصلاة في السفر، أو بمشكوك السفر.
فموضوع النية دقيق جداً، ويرى بعضهم أن على المصلي الذي يقصر الصلاة في السفر أن ينوي القصر عند الإحرام بالصلاة، فالأصل أن تتمها، فما دام هناك استثناء فلابد من النية معه، وبعضهم قال: لا يكفي أن تنوي القصر في أول صلاة السفر، والصلوات كلها بعد ذلك تتابعها كذلك.
الأحناف قالوا: إنّ نية السفر وحدها تجزئ عن نية قصر الصلاة في السفر، والشرط الثاني البلوغ، وهو شرط عند الحنفية، فالصبي لا يقصر الصلاة لأنه لم يفقه القصر، فلابد من البلوغ لإيقاع هذا الحكم، وهذا ملخص لآراء العلماء في شروط السفر.
من خاف ألا يفهم الناس عليه ما معنى قصر الصلاة فينبغي أن يصلِّي الصلاة تامة :
عند الأحناف يقصر الصلاة من نوى السفر، وقصد موضعاً معيناً، ومتى جاوز بيوت محل لإقامته، وكان المكان محدداً جاز أن يقصر الصلاة، أما في هذه الحالة، لو أن أحدكم سافر إلى بلد ما، ودخل المسجد، ونوى أن يصلِّي صلاة السفر قصراً، وفجأة رأى خلفه ثلاثين شخصاً! فهناك مساجد أساسية في البلدة، وفي مركز المدينة يدخلها الناس دائماً، فدخل أحدهم ووجد إمامًا يصلِّي أول ركعة، وخلفه ثلاثون أو أربعون، وأكثرهم قد يكونون أمييّن يجهلون أحكام السفر، فعليه أنة يصلّى ركعتين ثم يقول بعد سلامه: أتموا صلاتكم فإني مسافر! قد أضعتهم بهذا، وجدت حكماً شرعياً، إنك إذا خفت ألا يفهم الناس عليك ما معنى قصر الصلاة فينبغي أن تصلِّي الصلاة تامة دفعاً للفتنة ولتشويش المصلين، فإذا صلى أحدكم في مسجد قصراً، ثم شعر أن وراءه أشخاصًا عديدين اقتدوا به، وغلب على ظنه أنه لو سلم على رأس الركعة الثانية وقال: أتموا صلاتكم فإني مسافر، وخاف ألاّ يفهموا عليه فيقع في الاضطراب، فالأَوْلى أن يتم الصلاة، أما إذا جاء ليصلي في البيت وصاحب البيت معه قال: أنا مسافر سأصلي ركعتين، الأولى أن يبلّغه قبل البدء في الصلاة، فإذا صلى ركعتين، وتشهد، وقعد القعود الأخير، وسلم يقول: أتم صلاتك فإني مسافر، وإذا قالها الإنسان قبل الصلاة أجزأه ذلك.
ما يلغي السفر :
فما الذي يلغي القصر؟ أن تزيد مدة إقامتك عن خمسة عشر يوماً عند الأحناف، أو عن أربعة أيام عند الحنابلة والمالكية والشافعية.
وما الذي يلغي القصر أيضاً؟ أن تدخل بلدتك، فكثيراً من الأخوان أخبروني وهم يجهلون هذه الحقيقة أنه مسافر منهَك القوى دخل بيته، وأكمل قصر الصلاة، فهذا لا يجوز أبداً، صلّ في النبك العشاء قصرًا فلا مانع، أما إذا وصلت إلى المدينة ودخلت بيتك فأتمَّ، ولكن لو أن صلاة فاتتك وأنت مسافر قضيتَها قصراً، ولو فاتتك الصلاة وأنت مقيم وأنت الآن مسافر قضيتها تامة.
وفي حالات نادرة لو أن إنسانًا بلدُ إقامته دمشقُ، فذهب إلى حمص، وعُيِّن مدرسًا ونقل معه زوجته وأولاده، فأين يقصر في دمشق أم في حمص؟ ما دام عمله وزوجته في حمص، ومكان إقامته الدائم في حمص، فهذا لو جاء إلى بلدته بنية الزيارة يومين أو ثلاثة فإنه يقصر في دمشق.
ولو أنّ شخصًا عنده زوجتان؛ الأولى في حمص، والثانية في الشام، فهل يقصر كلما سافر من زوجة لأخرى؟ لا، بل عليه تحديد البلد المقيم فيه مع الزوجة الأولى مثلاً، والزوجة الثانية بلد السفر، وإذا كان للإنسان أكثر من بلد؛ كبلد ولد فيه، وبلد يعمل فيه، وبلد له فيه زوجة، فأصبح التداخل واضحاً، ولا بد من بلد أَصْليٍّ باختياره.
قضاء الصلاة الفائتة في السفر :
قضاء الصلاة الفائتة في السفر، فلو أن المسلم فاتته صلاةٌ في أثناء سفره، فعند الأحناف والمالكية من فاتته صلاة في السفر قضاها في الحضر ركعتين، ومن فاتته صلاة في الحضر قضاها في السفر أربع ركعات، أما إذا فاتته في السفر وقضاها في السفر فحكم واضحٌ أنْ يصليها ركعتين، وإن فاتته في الحضر وقضاها في الحضر فالحكم أربع ركعات، أما إذا فاتته في السفر وأراد أن يقضيها في الحضر فيقضيها ركعتين، وإذا فاتته في الحضر وأراد أن يقضيها في السفر يقضيها أربع ركعات، هذا عند السادة الأحناف والمالكية، أما عند الشافعية والحنابلة فمن فاتته الصلاة في الحضر ُتقضى أربعًا، سواء في السفر أو الحضر، وعندنا شيء في الفقه اسمه الجمع بين المذاهب، وأوضح ذلك ممثِّلاً له؛ عند الأحناف إذا مست يد الرجل يد زوجته لم ينقض وضوءه، وعند الشافعية ينقض وضوءه، فهناك حكمان متناقضان في المذهبين المختلفين، فالاتجاه الدقيق هو الجمع بين المذهبين مع التفصيل، فلو أن الإنسان مست يده يد زوجته وما شعر بشيء، بل ما شعر إلا كما يشعر لو مست يده أي قطعة أثاث، فهذا لا شيء عليه، ولا وضوء عليه، ولو كان شافعياً، ولو مست يده يد امرأته وشعر بشيء فعليه الوضوء، ولو كان حنفياً، وهذا هو الجمع بين المذهبين مع التفاصيل، فلو تتبعنا العلة التي حملت الإمام أبي حنيفة أن يقول: لا وضوء عليه، ثم تتبعنا العلة التي حملت الإمام الشافعي على أن يقول عليه الوضوء، ولو أردنا التفصيل والتبيين لأمكن أن نبحث عن علة إضافية.
صلاة السنن في السفر :
اختلف العلماء في موضوع صلاة السنن في السفر، النوافل الراتبة تركها ابن عمر وآخرون، واستحبها الشافعي وأصحابه، ودليلهم الصلاة التي تقصر في السفر الظهر والعصر، فالسنن أيضاً تلغى لكن هذا الموضوع فيه خلاف.
فللإمام الشافعي قول شهير يجعل الإنسان أحياناً في حيرة من أمره، ولكن الواقع أحياناً يؤكد قول الإمام الشافعي، حيث يقول: " من لم يعهد منه سفرٌ لم يعهد منه علمٌ "، فالسفر أنواع؛ سفر لطلب العلم، وسفر لطلب الرزق، وسفر فرار بالدين، وأرقى أنواع السفر ما كان في طلب العلم، ويأتي بعده السفر فراراً بالدين، ثم السفر في طلب الرزق، لكن الإمام الشافعي يقول: " من لم يعهد منه سفرٌ لم يعهد منه علمٌ "، شيء من الخبرات التي يكتسبها الإنسان في السفر أنه كلما توسعت دائرة اتصالاته عرف حجمه وموقعه الحقيقي.
فما من سبيل إلى أن ينتصر المسلم على الطرف الآخر إلا إذا عرف الطرف الآخر، وعرف حجمه وإمكاناته، وطريقة تفكيره، والمبادئ التي يرتكز عليها، وبهذه الطريقة يمكن تمهيد السبيل إلى نشر هذا الدين في الآفاق، وهناك قول دقيق استنبطه الإمام الشافعي من تجربته فقال: " من لم يعهد منه سفرٌ لم يعهد منه علمٌ ".
استحباب النوافل المطلقة في السفر :
اتفق الفقهاء على استحباب النوافل المطلقة في السفر، واختلفوا في استحباب النوافل الراتبة، قبل الظهر ركعتان أو أربع ركعات، وبعد المغرب ركعتان، هذه السنن التي صلاها النبي عليه الصلاة والسلام مع الفرائض، اسمها سنن الرواتب، واتفق الفقهاء على استحباب النوافل المطلقة في السفر واختلفوا في استحباب النوافل الراتبة، فقد تركها ابن عمر وآخرون، واستحبها الشافعي وأصحابه، وجمعُ المذهبين مع التفاصيل أنْ يأتي المسافر بالسنن الرواتب إن كان في حال أمن وقرار، أي مستقراً، وإلا إن كان في حالة سفر وارتحال يصلي الفرائض من دون سنن الرواتب، وهذا التوجيه يجمع بين المذهبين مع التفاصيل، ففي السفر يكون أحياناً اضطرابات وحاجات لم تؤمن، والمواعيد دقيقة، المواصلات صعبة، ففي أيام السفر يمكن أن تستقل بالفرائض التي قصرتها أو جمعتها، ولكن حينما تستقر في السفر ولو لم تنوِ الإقامة فيمكن أن تصليها كما أمر النبي عليه الصلاة والسلام.
الجمع بين الصلاتين يجوز في كل المذاهب إلا الحنفية :
والجمع بين الصلاتين يجوز في كل المذاهب إلا الحنفية، فلم يسمحوا بالجمع إلا في عرفات ومزدلفة، جمع الظهر مع العصر جمع تقديم، والمغرب والعشاء جمع تأخير، فالصلوات التي تجمع الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، في وقت إحداهما، والأفضل عدم الجمع خروجاً من الخلاف، فإذا وجد مذهب يمنع الجمع كالأحناف، ومذاهب يجيز الجمع، ووُجِد الخلاف، فكيف أخرج من هذا الخلاف؟ بعدم الجمع، أخذت الأحوط، والقاعدة الفقهية نحن دائماً نستخدم الأحوط عند اليسر، والأسهل عند العسر، فنأخذ بالأحوط ونحن في حالة اليسر، ونأخذ بالأسهل ونحن في حالة العسر، والله عز وجل قال:
﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾
والقاعدة الفقهية تقول: الأمر إذا ضاق اتسع، وكل إنسان يأخذ بالأشد الأصعب في أوقات الشدة والعسر، فهذا ليس فقيهاً في الدين، لأن الله عز وجل ما أراد منا المشقة التي لا جدوى منها، بل أراد منا إقبالنا عليه، وإخلاصنا له، فإذا توافر هذا فلا بد من اليسر، فالذين أجازوا جمع الصلوات؛ صلاتي الظهر والعصر جمع تقديم أو تأخير، وصلاتي المغرب والعشاء جمع تقديم أو جمع تأخير، فهؤلاء الذين أجازوا الجمع وهم المذاهب الثلاث؛ الشافعية، والمالكية، والحنابلة، لهم شروط؛ منها: قالوا: اتفق المجيزون للجمع تقديماً أو تأخيراً على جوازه في أحوال ثلاث: هي السفر، والمطر، ونحوه من ثلج وبرد، والجمع بعرفة ومزدلفة، عرفة ومزدلفة بند، والأحوال الجوية بند، والسفر بند.
صلاة المريض :
المرض شيء يطرأ على الإنسان، والشرع الحكيم لم يدع قضيةً أو ظرفاً صعباً إلا وشرع له، ولكن لابد من تفصيلات.
يجوز أن يصلي المؤمن قاعداً، وأن يصلي جالساً، وأن يصلي مضطجعاً، وأن يصلي مستلقياً، وأن يومئ برأسه، ففي كل الأحوال يجوز أن يصلي، و هناك استنباط بسيط من هذا الإجمال، فما هذا الاستنباط؟ يجب أن تصلي واقفاً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فمضطجعاً، فإن لم تستطع فمستلقياً، فإن لم تستطع فمومياً برأسك، فإن لم تستطع فمومياً بعينيك، ماذا تستنبطون من هذا الإجمال؟ الصلاة عماد الدين من أقامها فقد أقام الدين، ومن هدمها فقد هدم الدين.
لا يجوز لرجل مؤمن أن يدع الصلاة بأي حال من الأحوال، يحارب عدوه فهناك صلاة الحرب، إذ يقف النبي عليه الصلاة والسلام ويأتم نصف الجنود وراءه، ويصلون ركعةً واحدة، والنصف الآخر يحرسه، فمادامت الصلاة يجب أن تكون حتى في ساعة اللقاء مع العدو فالصلاة هي الدين، لذلك قال عليه الصلاة والسلام:
((من ترك الصلاة فقد كفر جهاراً))
و:
((بين الرجل والكفر ترك الصلاة))
((عَنْ أُمِّ أَيْمَنَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لا تَتْرُكِ الصَّلاةَ مُتَعَمِّدًا فَإِنَّهُ مَنْ تَرَكَ الصَّلاةَ مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ))
الحالات التي يجوز فيها للمصلي أن يصلي قاعداً :
قال العلماء: إذا تعذر على المريض كل القيام، كان يصلي واقفاً فوجد نفسه تضايق فيتابع جالساً، طبعاً القيام الحقيقي أن تقف على قدميك أو تعثر، ما الفرق بين التعذر والتعثر؟ التعذر الاستحالة لكن التعثر الصعوبة، كما هو الفرق بين التعذر في الإعراب منع من ظهورها التعذر، ومنع من ظهورها الثقل، إذا قلت: منع من ظهورها التعذر يستحيل على اللسان أن يحرك الألف، لكن الحركات على الواو لا تظهر للثقل، لأنه يثقل على اللسان أن يلفظ الواو مضمومةً أو مكسورةً.
إذا تعذر أو تعثر كل القيام لوجود ألم شديد فهذه أول حالة، أو خاف زيادة المرض، أو بطء الشفاء، أي وجود ألم حقيقي، هناك حالة لا يوجد ألم حقيقي، ولكن يتوقع إذا وقف أن يزداد المرض، ويتوقع أيضاً أنه إذا وقف مصلياً يتأخر الشفاء، هنا يوجد سؤال دقيق جداً فمن الذي يقول إنه إذا صليت واقفاً يتأخر الشفاء أو يزداد المرض؟ قال العلماء: إذا غلب على ظنه، فعندنا ظن، وإذا غلب على ظنه، أو أخبره طبيب مسلم حاذق، أو ظهر الحال في أثناء الوقوف، فعندنا ثلاث حالات تجعلك إذا وقفت يزداد المرض، أو يتأخر الشفاء، أو تحس بألم شديد، بشرط أن يغلب هذا على ظنك بتجربةٍ سابقة، أو أن يخبرك طبيب، أو أن يظهر الألم فجأةً، ففي هذه الحالات السابقة يجوز أن تصلي قاعداً لعدم وجود ألم حقيقي، أو ألم متوقع، أو تأخير شفاء، أو زيادة الداء.
إذا تعذر أو تعثر كل القيام بوجود ألم شديد فهذه أول حالة، أو خاف زيادة المرض، أو بطء الشفاء صلى قاعداً بركوع وسجود، قاعداً كما يقعد للجلوس الأخير، وقد مرّ معنا سابقاً أن الإنسان المتعب له الحق أن يصلي النوافل قاعداً، ولا يقبل منه الفرض قاعداً إذا كان متعباً، فالفرض يجب أن تؤديه قائماً، أما إذا كان هناك مرض فبحث آخر، لك أن تصلي الفرض والسنن قاعداً بركوع وسجود.
ورجل لا يستطيع أن يقعد على الطريقة التي نألفها في القعود النظامي لألم بعظام رجليه، له أن يقعد كيف يشاء، وله أن يقعد متربعاً، أو على طرفين، أو على ساقيه بأي شكل يريحه، و له أن يجلس، و بقدر ما يستطيع أن يجلس أيضاً يصح ذلك كما قلت قبل قليل.
من تعذر عليه الركوع و السجود يصلي قاعداً و يجعل إيماءه للسجود أخفض من الركوع
قال: وإذا تعذر عليه الركوع والسجود - إذا كان معه انزلاق غضروفي بفقراته وآلام لا تحتمل فإذا فعل هكذا شعر بألم شديد نقول له: صلّ قاعداً واركع واسجد برأسك، لكنه يجب أن يجعل إيماءه للسجود أخفض من إيمائه للركوع، فإن لم يخفضه عنه لا تصح صلاته، أما أن يضع شيئاً عالياً يسجد عليه فهذا مما نهى عليه النبي صلى الله عليه وسلم، كان يضع كرسياً عالياً يسجد عليه فهذا مما نهى عليه النبي صلى الله عليه وسلم.
((عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِي اللَّهم عَنْهم قَالَ: كَانَتْ بِي بَوَاسِيرُ فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلاةِ فَقَالَ: صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ ))
وزاد النسائي: " فإن لم تستطع فمستلقياً لا يكلف الله نفساً إلا وسعها "
و
((عَنْ جَابِرٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَادَ مَرِيضًا فَرَآهُ يُصَلِّي عَلَى وِسَادَةٍ ، فَأَخَذَهَا فَرَمَى بِهَا ، فَأَخَذَ عُودًا لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَأَخَذَهُ فَرَمَى بِهِ ، فَقَالَ : صَلِّ عَلَى الأَرْضِ إِنِ اسْتَطَعْتَ ، وَإِلا فَأَوْمِئ إِيمَاءً وَاجْعَلْ سُجُودَكَ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِكَ))
يوجد عندنا إيماء بالرأس والسجود والركوع العاديين، وهو قاعد الركوع زاوية متوسطة بين القيام والسجود العادي، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول:
((من استطاع منكم أن يسجد على الأرض فليسجد ومن لم يستطع فلا يرفع إلى جبهته شيئا يسجد عليه بركوعه وسجوده يومئ برأسه ))
من تعثر عليه القعود في الصلاة أومأ مستلقياً أو على جنبه :
وإذا تعثر القعود أومأ مستلقياً أو على جنبه، عمليات جراحية تكون في طرفه اليمين مضمد ومجبصن، فاستلقاؤه على جنبه، يجوز أن يصلي مستلقياً على جنبه الأيمن، أو الأيسر، أو على ظهره، أو قاعداً بأية صورة يرتاح معها، أو قائماً، لكن العلماء نهوا عن أن يستلقي الرجل على ظهره تماماً ويصلي ورأسه إلى السماء، أي النظر إلى السماء في الصلاة مكروه، ولذلك قالوا: يجب أن يوضع تحت رأسه وسادة تجعل نظره نحو الأمام لا نحو السماء.
ويجعل تحت رأسه وسادةً ليصير وجهه إلى القبلة لا إلى السماء.
الآن إذا كان مستلقياً باتجاه القبلة أي رجلاه نحو القبلة قالوا: الأدب أن ينصل ركبتيه لئلا يجعل ركبتيه نحو القبلة، وأحياناً الإنسان يستلقي على ظهره ويرفع ركبتيه نحو الأعلى، فهذا وضع فيه أدب أكبر مما جعل رجليه ممدودتين باتجاه القبلة وهذا من باب الأدب إذا قدر، وإذا كان المرض في عموده الفقري، أما كان المرض في ركبتيه فيجعلهما على طبيعتهما.
إذا تمكن الإنسان أن يكون سريره في غرفة نومه من الشرق إلى الغرب فرأسه نحو الغرب ووجهه نحو القبلة فليفعل أكمل نومة، أي السرير شرق غرب، ومكان الوسادة نحو الغرب، فإذا استلقى الإنسان على شقه الأيمن فيصير وجهه نحو القبلة وقدماه نحو الشرق ورأسه نحو الغرب ووجهه نحو القبلة، والإنسان بغرفة النوم ينتبه إلى هذا.
من عجز عن الإيماء و فهم الخطاب عليه أن يصلي ما فاته :
وإذا تعذر الإيماء قال: أخرت عليه الصلاة مادام يفهم الخطاب، فإذا لم يفهم الخطاب رفعت عنه الصلاة، لا يوجد وعي بل غيبة مطلقة مستلقياً على فراش في المستشفى غيبوبة تامة، ارتفع ضغطه وفقد وعيه، إذا كان يعجز عن الإيماء و يفهم الخطاب عليه أن يصلي ما فاته من صلوات عندما يستعيد قدرته، فإذا غاب عن الوعي سقطت عنه الصلاة فإذا كانت الصلوات خمسة أوقات فما فوق، و إذا كانت أقل من خمسة أوقات لا تسقط ولو غاب عن الوعي فعليه أن يقضيها. سقوط القضاء إذا دام عجزه عن الإيماء أكثر من خمس صلوات فبعض العلماء قال: إن استطاع أن يومئ بجفنيه تقبل صلاته لعظم شأن الصلاة، وفي درس آخر إن شاء الله ننتقل إلى بحث آخر عن قضاء الفوائت.
إسقاط الصلاة والصوم :
إذا مات المريض ولم يقدر على الصلاة بالإيماء تسقط عنه، فليست هناك فترة عفي فيها إلا أنه مرض وانتهى، ومرضه بالموت، وفي مرضه لم يقدر على الصلاة بالإيماء، وفي هذه الحالة تسقط عنه الصلاة، ولا يلزمه الإيفاء بها وإن قلت، وكذلك الصوم إن أفطر فيه المسافر ومات في سفره، أو أفطر المريض ومات قبل الإقامة، ومات قبل الصحة، لا يلزمه شيء فيسقط عنه الصيام، وتسقط عنه الصلاة، لكن ورد في النص الثابت عن الصوم من أفطر بعذر فالفدية تسقطه، قال تعالى:
﴿ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾
وبعض العلماء وجه هذه الآية إلى أن الذي يستطيع أن يصوم ولكنه مسافر له أن يفطر ويستطيع أن يصوم في سفره، و المريض له أن يفطر ويستطيع الصيام في أثناء المرض، فهذا إذا أفطر أفطر بعذر، ولكن قد يكون