- الفقه الإسلامي / ٠5العبادات الشعائرية
- /
- ٠3الصلاة
الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، و أرنا الحق حقاً و ارزقنا اتباعه، و أرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
سنن خطبة الجمعة :
أيها الأخوة الأكارم، وصلنا في موضوع الفقه إلى: صلاة الجمعة، وسوف نتحدث عن سنن الخطبة، وسنن الخطبة ثمانية عشر شيئاً، أولها الطهارة، بمعنى الوضوء، والخطبة ليست صلاةً، فليس من شروطها الوضوء، ولكن من سننها الوضوء، وستر العورة، والأكمل للخطيب أن يلبس ثياباً فضفاضة كهذا الثوب الذي يلبس، وهذه الجبة أو العباءة، لأن هذه الثياب تستر حجم العورة، وهذه هي الثياب الكاملة.
والجلوس على المنبر قبل الشروع بالخطبة، والأذان بين يديه كالإقامة، ثم قيامه واقفاً، والسيف بيساره متكئاً عليه في كل بلدة فتحت عنوةً، العلماء فسروا هذه السنة لأن الخطيب يري أهل هذه البلدة أنها فتحت بالسيف، فإذا رجعتم عن الإسلام فالسيف موجود، فذلك باق بأيدي المسلمين.
واستقبال القوم بالوجه، وبدء الخطبة بحمد الله سبحانه وتعالى، والثناء عليه بما هو أهله، والشهادتان، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والموعظة، والتذكير، وقراءة آية من القرآن، وأن تكون الخطبة خطبتين، والجلوس بينهما بمقدار ثلاث آيات، وإعادة الحمد والثناء، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في ابتداء الخطبة الثانية، والدعاء للمؤمنين والمؤمنات بالاستغفار لهم، وأن يسمع القوم الخطبة، وأن تخفف الخطبتان بقدر سورةٍ من طوال المفصل، من السور التي بين الطويلة والقصيرة، ويكره التطويل في الخطبة، وترك شيء من السنن، ويجب السعي للجمعة، ولذلك في بعض البلاد الإسلامية يؤذن قبل أذان الظهر بساعة تذكيراً للناس كي يستعدوا ويسعوا إلى صلاة الجمعة، قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾
وفي بلاد الحجاز فيما أعلم في كل مساجد البلاد يؤذن قبل الفجر بساعة لقيام الليل، وبعدها أذان الفجر، وقبل أذان الظهر يوم الجمعة بساعة يؤذن للتذكير، وعندنا في الشام والحمد لله قبل الصلاة بفترة طويلة يذكر المؤذن، وقبل الفجر يسبح ويترحم، والتراحيم والتسابيح هذه كلها من باب التذكير، ولا أنسى مرة سمعت تذكير مؤذن فخشع قلبي: وهو المعطي لا يسأل، وهو الحليم لا يعجل، وهو الكريم لا يبخل.
و لما يتعلق الإنسان بالله عز وجل، و بأسمائه الحسنى، إذا كانت له حاجة عند الله عز وجل، أو يخاف شيئاً، أو يخشى مرضاً فيطلب حاجته، أو يسأل تيسير العسير، وليس للإنسان إلا الله عز وجل، فكلمة إلهي ليس لي إلا أنت، هذه الكلمة يجب ألاّ تغادر الإنسان، إلهي رضاك قصدي، أنت مقصودي، ورضاك مطلوبي، فهذه الكلمات يجب أن يكون الإنسان في مستواها.
ويجب السعي للجمعة، وترك البيع عند الأذان الأول، فهذا هو الأذان الأول الذي قبل أذان الجمعة بساعة، وإذا صعد الخطيب المنبر فلا صلاة ولا كلام حتى يفرغ من صلاته، وكره لحاضر الخطبة الأكل والشرب والعبث ولو بمسبحته ولو بتقليب الحصى، ولو أن يقول لصاحبه: اسكت:
((إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنْصِتْ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْت))
والالتفات يمنةً ويسرة، فهذا مكروه في صلاة الجمعة، وكُرِه أيضاً أن ترد سلاماً، فإذا دخل إنسان جاهل وقال: السلام عليكم فليس لك أن ترد عليه السلام، ولا تشميت العاطس، فلو أن إنسانًا عطس لم يشمت، لأن في تشميت العاطس تشويشاً على المستمعين، وكره الخروج من المسجد بعد النداء ما لم يصلِّ، إذا سمعت المؤذن يؤذن فقد كُرِه لك السفر قبل أن تؤدي صلاة الجمعة، ومن لا جمعة عليه إن أداها جاز، كرجل مسافر وصل إلى مدينة فليس عليه صلاة الجمعة، ولو كان المسجد قريبًا، وسمع المؤذن يؤذن، سعى وصلى الجمعة، جاز له أن يصلي الجمعة مكان الظهر، وَمن لا عذر له في التخلف عن الجمعة لو صلى الظهر قبلها حرم عليه ذلك، وكره للمعذور والمجنون أداء الظهر في جماعة يوم الجمعة، ويكره أن تصلي صلاة الظهر جماعة، لأنّ فيها فتنة، فأناس يصلون الجمعة وآخرون يصلون الظهر جماعة، فكأنهم انشقوا عن الجماعة، ولا يصلى المعذورُ الظهر مكان الجمعة إلا فرادى، وكره أن يصلى الظهر جماعة يوم الجمعة لمن كانوا معذورين كالمساجين مثلاً، فيجب أن يصلوا الظهر فرادى.
ومن أدرك صلاة الجمعة في التشهد الأخير، أو في سجود السهو أتمّ جمعته، والله أعلم، لكن بركة صلاة الجمعة في خطبتها، ولما يأتي الإنسان إلى الجمعة في وقت مبكر فكأنما قدم بدنة –جمل- وإذا جاء في وقت بعده فكأنما قدم بقرة، ومن جاء في وقت بعده فكأنما قدم شاة، ومن جاء في وقت بعده فكأنما قدم دجاجةً، ومن جاء في وقت قريب من الأذان فكأنما قدم بيضة فإذا صعد الخطيب المنبر طويت الصحف وجلس الملائكة يستمعون الخطبة، وأغلقت الدفاتر، فلا تسجيل بعدها، فقد صحّ من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال:
(( مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ ))
فالتسجيل يكون قبل أن يصعد الخطيب المنبر، فإذا جئت في وقت مبكر يسجل لك أجر إنفاق بدنة؛ جمل ثمنه اثنا عشر ألف ليرة، وبعدها بوقت الساعة الثانية بقرة، وفي الثالثة شاة، وفي الرابعة دجاجة، وفي الخامسة بيضة، والمقصود بالساعات هنا الوقت، هناك عد تنازلي، فإذا صعد الخطيب المنبر طويت الصحف وجلست الملائكة تستمع الخطبة.
***
آداب الكسب و المعاش :
والآن إلى فصل جديد من فصول إحياء الدين، ويتعلق بالكسب والمعاش، وكيف أن الإنسان له نشاط يومي، وأول هذا النشاط الطعام والشراب، وقد تحدثنا عنه في شهور عدة، فآداب تناول الطعام، وآداب الدعوة، وآداب استجابة الدعوة، وآداب حضور الطعام، وآداب الخروج، و آداب الضيف، وآداب المضيف تحدثنا عنها طويلاً والحمد لله.
و الشيء الثاني هو آداب النكاح، و لكن آداب النكاح لسنا بعيدي عهد بها، ففي كتاب فقه السنة تحدثنا في آداب النكاح، و في أحكام الزواج أكثر من سنة، و لأن الموضوعات متشابهة آثرت أن أنتقل إلى موضوع ثالث؛ و هو آداب الكسب و المعاش، و هذا فصل مهم جداً، لأنه ما من واحد منا إلا ويكسب قوت يومه، و هناك معلومات و آداب دقيقة ينبغي لنا أن نعرفها حتى يكون كسبنا حلالاً وشرعياً.
فضل الكسب والحث عليه :
من آداب الكسب والمعاش موضوعان أساسيان؛ الأول فضل الكسب والحث عليه، وربنا عز وجل يقول:
﴿ وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا ﴾
إن لله عملاً في النهار لا يقبله بالليل، النهار للعمل، والليل للصلاة، وللجلوس مع الأهل، وللتفكر، والتهجد، والتذكر، والشكر لله، فعمل في الليل لا يقبله في النهار أي لله علينا عمل في الليل لا يقبله في النهار، وله علينا عمل في النهار لا يقبله في الليل.
﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ﴾
الإنسان اجتماعي بطبعه لا تقوم حياته إلا بالجماعة :
من حكمة الله عز وجل أن الإنسان لو أحب أن يحصي الأعمال التي هو بحاجة إليها لن ينتهي، فهو مثلاً بحاجة إلى طبيب عيون، وطبيب داخلي، وطبيب جلدي، وطبيب أعصاب، وطبيب نفسي، وطبيب نسائي، وبحاجة إلى من يقدم له الخبز، والمزارع، وصانع المحراث، والذي يبذر، والذي يحصد، والذي يجمع القمح، والذي يبذر القمح، والذي يصول القمح، والذي يطحن القمح، والذي يقدم الطحين للمخابز، فهو بحاجة إلى لحم، تربية الأغنام، وذبحها، وسلخها، وجرمها، وتقديمها، وعلفها، وبحاجة إلى فواكه وخضار، وإلى لباس، فلو جمعنا حاجات الإنسان لكانت بالملايين، بحاجة إلى قماش ينشف به وجهه بعد الوضوء، بحاجة إلى من يقص له شعره، وإلى من يصلح له مركبته، وإلى من يقيم له بيته، وإلى من يقدم له أثاث البيت ولوازمه.
فأحدنا بحاجة إلى مليون شيء، ولكن يتقن شيئًا واحدًا، يتقن شيئاً و يحتاج إلى ألوف الأشياء، فمن هنا كانت الجماعة، ومن هنا قال العلماء: الإنسان اجتماعي، فلا تقوم حياته في المجتمع إلا مع الجماعة، وإذا أردتَ تعليم ابنك فهناك مَن هو مختص بذلك، ولن تستطيع أن تقلع ضرس ابنك الذي يؤلمه إلا إذا كان هناك من هو مختص بذلك، فربنا عز وجل قال:
﴿ وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا ﴾
أنا مرة فكرت كم من إنسان يعيش بسبب ارتفاع الحر؟ تصور ذلك، وكم معملاً في العالم للمكيفات؟ وكم معملاً للمراوح؟ وكم معملاً للمشروبات الغازية؟ وكم معملاً للبوظة بسبب الحر؟ وكم معملاً يقدم ألبسة فضفاضة مريحة حريرية للصيف؟ وكم من إنسان يعيش من وراء البرد؟ المدافئ، والتدفئة المركزية، والألبسة الصوفية، والدثر الصوفية، كم من إنسان يعيش من طول شعر الإنسان؟ ولو فرضنا أنّ حشرة تؤذي النبات فكم من إنسان يعيش بفضل هذه الحشرة؟ و كم مهندس زراعي؟ وكم آلة رش؟ وكم من وسائل النقل والشحن والبيع والشراء والقرطاسية من أجل مكافحة هذه الحشرة؟ فربنا عز وجل جعل الحياة عملاً، فأنت بحاجة إلى الثياب، وكذلك إلى زارع القطن، والمحالج، والمغازل، والأصبغة، وصناعة الخيوط، وطبع القماش، منه المطبوع على الطاولة، والمطبوع بشكل أسطواني، ونسيج، وتطريز... من أجل أن تلبس هذا الشيء، ويوجد خياطون وأزرار، فالأمر ليس له نهاية من أجل هذا اللباس:
﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ﴾
أساليب وأنواع أخرى للعمل :
الشيء الآخر ربنا عز وجل قال:
﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ﴾
فمباح لك أن تعمل، وسيدنا عمر يقول: "إن هذه الأيدي خلقت لتعمل، فإذا لم تجد في الطاعة عملاً التمست في المعصية أعمالاً، فاشغِلها بالطاعة قبل أن تشغلك بالمعصية".
﴿ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ﴾
الإنسان عندما يسافر إلى مدينة أخرى ويحمل معه بضاعته، أو عينات من بضاعته، ويعرضها في السوق، فيبيع ويشتري، ويسجل ويشحن، ويستقبل بضاعة، ويسلمها ويحوِّل ثمنها، فهذه أيضاً أساليب وأنواع للعمل قال تعالى:
﴿ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ﴾
وهذا هو السفر في طلب الرزق.
من حكمة الله سبحانه وتعالى أنه جعل الحرام سهلاً و الحلال صعباً :
وقال تعالى:
﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾
وبعضهم حمل هذه الآية محملاً آخر، فإذا صليت واستمعت إلى الخطبة فانطلق لتحقيق هذا الذي سمعته، وانطلق إلى العمل الصالح، وإلى التزود بهذا الزاد الذي أمرك الله به، وقد جاء في الأثر: "إنّ من الذنوب ذنوبًا لا يكفرها إلا الهم في طلب المعيشة"، حدثني أخ ترك وظيفته، وسعى في التجارة، واشترى صفقة بحوالي مئة وثمانين ألفًا، ووضعها في مستودع عند شخص، وهذا الشخص قليل الأمانة، فباع البضاعة، وأخذ ثمنها، وسافر خارج القطر، والمال ليس له، أخذ مالاً من الناس، وتاجر به، واشترى صفقة جيدة، وليس عنده مستودع، فوضعها عند شخص، ثم جاء ليتفقد بضاعته، فإذا بابن صاحب هذا المستودع قد باع البضاعة كلها، وخرج من القطر، فقال لي: صباحاً أستيقظ بالهم، وأنام بالهم، وأقول: يا رب، وعاهدت الله أن أردّ لأصحاب الأموال أموالهم، وقال لهم: هذا الذي حصل، فالتجارة ربح وخسارة، وما كان غارماً، ولكن آثر أن يرد لأصحاب الأموال أموالهم، وأخذ الله بيده، وفتح الله عليه باب الرزق من أوسع أبوابه، وردّ الأموال لأصحابها، وربح واشترى محلاً تجارياً يقتات منه اليوم.
إذًا: من الذنوب ذنوب لا يكفرها إلا الهم في طلب المعيشة، ومن حكمة الله سبحانه وتعالى أنه جعل الحرام سهلاً، تحرك القلم حركة تأخذ مئة ألف، تعالَ إلى التجارة وحصلها، تحتاج إلى سنة واثنتين وثلاث حتى تحصل عليها، بمتاعب ومخاطر وخوف وعدم بيع وكساد البضاعة وقبض ثمنها، فمن حكمة الله سبحانه وتعالى أنه جعل الحرام سهلاً والحلال صعباً، حتى يميز الخبث من الطيب.
الحكمة من جعل الله سبحانه وتعالى الكعبة في وادٍ غير ذي زرع :
لماذا جعل الله سبحانه وتعالى الكعبة البيت الحرام في وادٍ غير ذي زرع؟ وهناك أماكن في أوربا كالجنان، جبال خضراء، بحيرات، أجواء مريحة رطبة، نسيم عليل، فلماذا جعل مكة المكرمة حارةً جافةً لا غصن ولا شجرة ولا نسمة بل طبيعة قاسية؟ لماذا؟ الذي خلق الجبال الخضراء لم خلقها في هذه البلاد؟ ليميز السائح من الحاج، فلو أنها بلاد جميلة لاختلط الأمر على الناس، فلا تدري لماذا يذهب إلى هناك سياحةً أم حجاً؟ أما لأنها كذلك فلا يقصدها إلا الحاج؟ ولا يقصدها إلا المحب لله والرسول؟ ويتحمل مشاق السفر رضاءً لله ورسوله، وكذلك الحلال صعب لماذا؟ لأنه لا يحل الحلال إلا المؤمن، ويتحمل كل متاعب الحياة، ولا يأكل المال الحرام، تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها، تموت جوعاً ولا تأكل بثدييها، فالأدباء غير العلماء، في صف الشهادة الثانوية هناك قصة شعرية، أن امرأة فقيرة لها بنت مرضت، فباعت شرفها من أجل تأمين ثمن الدواء، أعطاها هذا المجرم ريالاً مزيفاً، فلما ذهبت إلى الصيدلي لتشتري الدواء ألقى الريال في وجهها، وقال: هذا مزيف، لقد فقدت ابنتها وفقدت عفتها، وهذه القصة لا ينبغي أن تدرس، فكأن الشاعر يعطي لهذا الانحراف قبولاً من المرأة في سبيل إنقاذ ابنتها بأن تضحي بعفتها، لا، إن الله موجود، وبيده كل شيء، والأمر ضامن، والذي أمر بالاستقامة والعفة يضمن، وهذه حالة غير صحيحة، هذه قصة مشوهة وغير واقعية، فلو أن هذه المرأة عفت عن الحرام هل يعقل أن تموت ابنتها مرضاً؟ مستحيل، هذه فرضية شيطانية، ليس كل قصة يجب سماعها، هناك قصص لها مؤدى سيئ، وكأننا نرضى من الفتاة من أجل تأمين دواء ابنتها أن تضحي بشرفها، أما العرب فيقولون: تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها، مجمع الأمثال للميداني، بل ربما تموت جوعاً. من الذنوب ذنوب لا يكفرها إلا الهم في طلب المعيشة.
صفات التاجر الأمين :
(( التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ ))
ما كنت فيما مضى أفهم بعد هذا الحديث، تاجر باع واشترى، وجلس في مكتب فهو مع الصديقين والشهداء! ماذا فعل؟ ما الذي فعله حتى يكون في صفوف هؤلاء الصديقين؟ ولكن حينما علمت أن أكبر قطر إسلامي في العالم إندونيسيا وماليزيا، هؤلاء يزيدون عن مئتين وخمسين مليونًا، هؤلاء كلهم أسلموا عن طريق التجار، إن أطيب الكسب كسب التجار الذين إذا حدثوا لم يكذبوا، وإذا وعدوا لم يخلفوا، وإذا اؤتمنوا لم يخونوا، وإذا باعوا لم يطروا - لا يمدح بضاعته كأنما ينزلها من السماء - وإذا اشتروا لم يذموا - يرخص بقيمة البضاعة المشتراة حتى يجعل صاحبها يبيعها برأسمالها - وإذا كان عليهم لم يماطلوا، وإذا كان لهم لم يعسروا، فهؤلاء وهؤلاء الآن أندر من الكبريت الأحمر، فلو أن رسول الله قال: إن أطيب الكسب كسب التجار وسكت، فأيّما تاجر له الحق أن يقول: أنا منهم، ولكنه ذكر سبع صفات إذا توافرت في التاجر جميعها كان منهم.
(( من طلب الدنيا حلالاً، استعفافًا من المسألة، وسعيًا على أهله، وتعطفاً على جاره، بعثه الله يوم القيامة ووجهه مثل القمر ليلة البدر، ومن طلبها حلالاً مكاثرًا بها مفاخرًا لقى الله وهو عليه غضبان))
هل هناك من تشجيع على العمل أعظم مِن هذا الحديث؟
موضوعية النبي صلى الله عليه و سلم :
وقد رُوي أنه عليه الصلاة والسلام كان جالسًا مع أصحابه ذات يوم، فنظروا إلى شاب ذي جلد وقوة، مفتول العضلات، عريض المنكبين، ضخم الجثة، نشيط، قد بكر وسعى- انطلق من بيته باكراً -، فقالوا: ويح هذا لو كان شبابه وجلده في سبيل الله، فقال عليه الصلاة والسلام: لا تقولوا هذا فإنه لو كان يسعى على نفسه ليكفها عن المسألة ويغنيها عن الناس فهو في سبيل الله، يريد أن يشتري بيتًا ليتزوج، ويستقر، ويريد أن يؤسس أسرة، فهو في سبيل الله، وإن كان يسعى على أبوين ضعيفين، له أب مقعد وأم متقدمة في السن ليس لهما أحد غيره، أحياناً أنا أرى شخصًا شابًا في أول حياته ترك المدرسة، وعمل في مصلحة، عنده أم وأب عاجزان، وعنده أخوات، واللهِ أقدّسه، فهذا الذي يسعى على أبوين ضعيفين، و ذرية ضعاف، عنده ثماني بنات يريدون أن يأكلوا كل يوم، ليغنيهم ويكفيهم فهو في سبيل الله، وإن كان يسعى تفاخراً وتكاثراً فهو في سبيل الشيطان.
انظروا النبي صلى الله عليه كم هو موضوعي، الصحابة تسرعوا لو كان جلد هذا الفتى في سبيل الله؟ فقال: لا تقولوا هذا....
التأجيل وعدم الإتقان ليس لهما أجر الأجر لمن نصح :
وفي الأثر: "إن الله يحب العبد يتخذ المهنة ليستغني بها عن الناس، ويبغض العبد يتعلم العلم ليتخذه مهنةً"، العلم عمل إضافي، يجب أن تكون لك مهنة تقتات منها، وتكون يدك بها عليا لا سفلى، تسير في الناس رافع الرأس، عزيز النفس، إني أرى الرجل لا عمل له فيسقط من عيني، فقيمة الرجل ما يحسنه، فتعلم كل شيء عن شيء، أن يكون لك اختصاص، وشيء عن كل شيء، وفي الخبر أن الله يحب المؤمن المحترف الذي له مصلحة.
(( يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْكَسْبِ أَطْيَبُ قَالَ عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٍ))
وفي خبر آخر: "أحل ما أكل العبد كسب يد الصانع إذا نصح"، صنع لك إنسان طاولة متقنة، أو بابًا، أو بذلة خياطة متقنة، أو قميصًا، أو ثوبًا للشتاء قياسه مناسب، وألوانه مناسبة ومريح، وخيوطه من درجة جيدة، فالله عز وجل يحب هذا الإنسان إذا نصح، أما إذا غش فثمّة مشكلة، وأحياناً الخياطون يوفرون في بذلة ما خمس ليرات، ويضعون لها أقمشة رخيصة، ترسلها إلى الكي فتعود تالفة، ماذا استفدت؟ تَلعن هذا الذي خاط لك الثياب طوال ما تراه.
مرة أحد الشعراء خاط له خياط قباء، لا هو طويل، ولا هو قصير، فانزعج منه، فقال للخياط: والله لأهجونَّك ببيت شعر لا تدري أمدحٌ هو أم ذم، وهذا الخياط كان أعور، والشاعر هو بشار بن برد، وما أدراك ما بشار، فقال:
خاط لي زيد قباء ليت عينيه سواء
***
فهو أعور العين، يا ترى تمنى له أن تكون العينان مبصرتين أم أن تكون العينان عمياوين؟ فأحياناً إذا كان للإنسان مصلحة يجب أن يكون مضبوطاً، متقِنًا، فإنما أهلك الصنعة قولُ: غد، وبعد غدٍ، فالتأجيل، وعدم الإتقان هذا ليس لهما أجر، فالأجر لمن؟ للذي نصح.
على الإنسان ألا يكون عالة على أحد :
تسعة أعشار الرزق في التجارة، والعشر في المواشي، وروي أن عيسى عليه السلام رأى رجلاً فقال: ما تصنع؟ قال: أتعبد، فقال: من يعولك؟ قال: أخي، قال: أخوك أعبد منك، لا تكن عالة على أحد، النبي الكريم عليه الصلاة والسلام يقول:
((أيها الناس إنه ليس من شيء يقربكم من الجنة ويبعدكم من النار إلا قد أمرتكم به، وانه ليس من شيء يقربكم من النار ويبعدكم من الجنة إلا قد نهيتكم عنه، وإن الروح الأمين نفث في روعي، أنه ليس من نفس تموت حتى تستوفي رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعاصي الله، فإنه لا ينال ما عند الله إلا بطاعته))
أنا أعتبر هذا الحديث أساسًا في الرزق، يوجد شجرة تفاح في سرغايا، التفاحة الرابعة من تحت، هذه لفلان في الشام، منذ خلق هذه التفاحة عليها اسم آكلها، بقي آكلها إذا كانت أخلاقه عالية جداً أنْ يشتريها، أو يأكلها ضيافةً، أو تهدى إليه، وإذا كان غير مؤمن فيسرقها، أو يأخذها تسولاً، أو يقطفها، فطريقة انتقال هذه التفاحة إليك باختيارك، أما هي فلك، وطريقة انتقالها لك باختيارك، قال تعالى:
﴿ فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ﴾
اللهُ عز وجل كريم جبار :
﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾
لم يستعمل الله سبحانه وتعالى الفعل المضارع " ثم يرزقكم "، لا،
﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ﴾
وانتهى الأمر، ولا يوجد مثل أجمل من سيدنا عبد الرحمن بن عوف، لما هاجر إلى المدينة المنورة قال له أحد الصحابة الأنصار: هذا نصف مالي فخذه، فقال له: بارك الله لك في مالك، ولكن دُلَّني على السوق، لا يوجد أجمل من عرض الخير على المؤمن، والأجمل منه التعفف عنه، ولذلك جاء في المثَل العربي:
(( الأَسْوَاقُ مَوَائِدُ اللّه فِي أَرْضِهِ ))
قل: يا رب واذهب إلى السوق، ولقد سمعت آلاف القصص، اشترى بضاعة، وقال: يا رب فبيعت، قال لي أخ: من يومين اشترى بضاعة، و لم تباع لمدة أسبوعين و لا لشهرين، اشتراها بمال شخص، فلما شاهد هذا الشخص أن هذه البضاعة ما بيعت، قال له: أرجعها، قال له: إنه من العيب أن نعيدها، واللهُ عز وجل كريم، وهو واقف جاءه مشترٍ فاشتراها كلها، ومنها تعلَّم درسًا لا ينساه، فإن الله جبار.
وأحيانا الإنسان يشتري بعين الجبر، واللهُ عز وجل يكرمه أنه يبيع البضاعة بعين الجبر أيضاً، وهناك أناس يبيعون البضاعة وعينهم فيها، وثمة تاجر يبيع البضاعة وتخرج من عينه، والذي يشتريها يربح منها، فعلى الإنسان ألاّ تكون عينه في البضاعة، والمثل العربي يقول: "الأَسْوَاقُ مَوَائِدُ اللّه فِي أَرْضِهِ ، فابتغوا الرزق عند تزاحم الأقدام".
كل الأعمال شريفة ولكن العار أن يكسب الإنسان رزقاً حراماً :
وعن سالم مولى زيد بن صوحان قال: كنت مع مولاي زيد بن صوحان في السوق فمر علينا سلمان الفارسي وقد اشترى وسقا من طعام، فقال له زيد: يا أبا عبد الله تفعل هذا وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال:
((إن النفس إذا أحرزت رزقها اطمأنت وتفرغت للعبادة وأيس منها الوسواس))
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيضاً:
((لأَنْ يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا فَيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ))
فلأَنْ تجمع حطبًا، وتبيعه بخمس ليرات خير لك من أن تقف على باب غني فيذهب ماء وجهك، ويذهب ثلثا دينك، وكل الأعمال شريفة، ولكن العار أن تكسب رزقاً حراماً، والعار أن تفعل العار، وأن تعصي الله عز وجل، مثلاً أمام باب الجابية ترى أناساً جالسين معهم أدوات تعزيل المجاري، هل يجوز أن تقول: ما هذه المهنة؟ واللهِ الذي لا إله إلا لهو أشرف مليون مرة من السرقة، ومن كسب المال الحرام، ومن الخداع، ومن الأساليب المعروفة في كسب المال، وهذا العمل الذي لا يطاق أشرف ألف مرة من عمل آخر مظهره فخم، ولكنه مبني على الغش، والدجل، والكذب، والربا، ومبني على أخذ المال بسيف الحياء، ولكن بعض الحرف نهى النبي عليه الصلاة والسلام المسلمَ أن يحترفها، ألم يقل لكم قبل قليل: واستجملوا مهنكم، وأجملوا في الطلب، أي استجملوا مهنكم:
((... أيها الناس إنه ليس من شيء يقربكم من الجنة ويبعدكم من النار إلا قد أمرتكم به، وإنه ليس شيء يقربكم من النار ويبعدكم من الجنة إلا قد نهيتكم عنه، وإن الروح الأمين نفث في روعي، أنه ليس من نفس تموت حتى تستوفي رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعاصي الله، فإنه لا ينال ما عند الله إلا بطاعته ))
وقد قلت كلامًا قبل قليل: لو أن هناك خيارًا بين هذا العمل وعمل حرام، فهذا العمل خير بلا ريب، ولو خيرت أن تعمل في هذا العمل الشاق الذي يحتقره الناس وبين أن تأخذ رشوةً، أو مالاً حرامًا، أو أن تخدع، أو أن تدلس، واللهِ إنّ هذا العمل أشرف بألف مرة، فاستجملوا مهنكم، وفي الأثر:
((من فتح على نفسه باباً من السؤال فتح الله عليه سبعين باباً من الفقر))
وفي الآثار أن لقمان الحكيم قال لابنه:
((يا بني استغنِ بالكسب الحلال عن الفقر، فإنه ما افتقر أحد قط إلا أصابه ثلاث خصال، رقة في دينه....))
إذا كان الإنسان فقيرًا لم يهتم كثيرًا بالحلال والحرام، يريد مالاً حلالاً، أو حرامًا، أو شبهة، يجوز أو لا يجوز، فالفقر يسبب رقة بالدين.
من علامات المؤمن التجمُّلُ في الفاقة والشكر في النعمة :
واللهِ ثمّة موقف لا أنساه حتى الموت؛ كنت أخطب الجمعة، ولما انتهت الخطبة توقف رجل ملء السمع والبصر، فصيح اللسان، متكلم، يرتدي زياً إسلامياً، وتحدث للناس عن سيدنا عمر، وعن الإسلام، وعن الصلاة، وبعد أن أنهى حديثه طلب من الناس المعونة، فلو كان عاجزًا لجاز له ذلك، ولكنه يمكن أن يشتري خضاراً ويبيعها، لكن كل هذا الحديث الجميل من أجل أن تطلب من الناس؟ فهذا الدين عظيم، فليس لك أنْ تهينه، ولا أنْ تستخدم الآيات والأحاديث والسيرة من أجل أن تطلب من الناس المال، ولا تشكو مرضًا ولا علة، قال تعالى:
﴿ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾
تظنه غنيًا، يلبس لباساً أنيقاً، ومن علامات المؤمن التجمُّلُ في الفاقة، والشكر في النعمة، أناس أحضروا قراء قرآن لميتهم، وقدّموا لهم موزًا، فوضعها أحد القرّاء إلى جانبه، وعندما ذهب نسيها، فتذكر ورجع وقرع الباب؛ أعطوني الموزة، هذا القرآن يحتاج غير هذا المستوى.
استغنِ بالكسب الحلال عن الفقر، فإنه ما افتقر أحد قط إلا أصابه ثلاث خصال، رقة في دينه، يضعف دينه، يشتهي أن يأكل.
إتقان العمل جزء من الدين :
لذلك أحد أمراض المسلمين الكسل، ترى أرضًا قاحلة فيها مضافة؛ قهوة وشاي، قمْ و ازرعها، سوِّرها واحفر بئرًا، وتحرك:
(( مَنْ أَحْيَى أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ ))
في هذا الحديث قانونٌ للإصلاح الزراعي، تذهب زوجته تعمل وهو قاعد، ترعى وتحصد، وتطعم البقر والدواب، وتحلب البقر، وتطبخ وهو جالس، الكسل سمة فادحة، هذا الإنسان فيه رقة في دينه، وضعف في عقله، وذهابٌ لمروءته، وأعظم من هذه الثلاث استخفاف الناس به، فإذا كان له عمل كانت له مكانة، فلان مختص، أحيانا تقف عند ميكانيكي سيارات، فتراه مثل الطبيب يعتز بنفسه، ومعه الحق، وتحتاج إليه لأنه خبير، تترجاه، وتعامله بأدب لأنه خبير، من أين جاءت مكانته؟ من خبرته، وأحيانا تقف أمام نجار بكل أدب، تريد باباً متقناً، من أين جاء النجار بمكانته؟ من إتقان عمله، وله مصلحة، فأنا أحضكم على العمل، وعلى الإتقان، والشيء المؤسف أن الأجانب أتقنوا عملهم فربحوا أرباحاً طائلة، يقول لك: الين الياباني أسعاره ترتفع، وكذا المارك الألماني، لماذا؟ لأن عندهم بضاعة متقنة جداً، وعليها طلب شديد، يقول لك: لا تستطيع أن تبيع إلاّ بعد شهرين، لأنّ البضاعة محجوزة، وإنتاج المعمل محجوز لسنتين، وهذا من كثرة الإتقان، وهذه أخلاق المسلمين، وإتقان العمل جزء من الدين، فترى الصناعة الأجنبية ثمنها عشرة أضعاف، الثياب مستقيمة، والأزرار في مكانها، والعروة جيدة، والخيط متين، بإتقان بسيط رفع السعر عشرة أضعاف، فإتقان العمل جزء من الدين.
"يا بني استغنِ بالكسب الحلال عن الفقر، فإنه ما افتقر أحد قط إلا أصابه ثلاث خصال؛ رقة في دينه، وضعف في عقله، وذهاب مروءته، وأعظم هذه الثلاث استخفاف الناس به".
الاقتصاد في المعيشة خير من بعض التجارة :
لكن بالمقابل لا نريد من الإنسان أن ينغمس في التجارة، وينسى دينه، ينسى الصلاة، وأداء واجباته، وينسى حضور مجالس العلم، ويكسب مالاً حرامًا، ويتعامل بالربا ويقول لك: أنا مضطر، لا يوجد اضطرار هنا، وبالمقابل إذا كان النبي الكريم نهى عن الكسل لم يأمر بالانغماس في الدنيا، قال تعالى:
﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ﴾
الاقتصاد في المعيشة خير من بعض التجارة، فإذا كانت التجارة فيها مواد مشبوهة، أو بضاعة محرمة، أو كذب، ونفاق، ومعاملات ربوية، فوالله لأنْ تضغط مصروفك فيكون قليلاً خيرٌ لك ألف مرة من هذا الكسب الحرام العريض.
أقوال في طلب الرزق :
سيدنا عمر يقول: "لا يقعدن أحد عن طلب الرزق ويقول: اللهم ارزقني فقد علمتم أن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة".
رجل قال في الشيخ محي الدين- وكان زاهدًا لا يريد أن يعمل-: أما رزقي فعلى الله، جلس في طرف المسجد، وزعوا خبزًا، وهو ما قال ولا كلمة، فما أعطوه، بقي بلا خبز، في الظهر وزعوا طعاماً وما طلب فما أعطوه، في المساء دخلوا فتنحنح، يريد أنْ يقول: إنني موجود هنا، حتى جاء نصيبه من الأكل، فأنت تحتاج إلى حركة، ومن دون حركة لن يصلك شيءٌ.
إن الله كتب عليكم السعي فاسعوا، وكان زيد بن مسلمة يغرس في أرضه فقال له عمر رضي الله عنه: أصبت استغن عن الناس يكن أسلم لدينك، وأكرم لك عليهم.
وسيدنا ابن مسعود يقول: "إني لأكره أن أرى الرجل فارغًا لا في أمر دنياه، ولا في أمر آخرته "، ليس عنده شيء، وسئل إبراهيم عن التاجر الصدوق أهو أحب إليك أم المتفرغ للعبادة؟ فقال: التاجر الصدوق أحبّ إليّ لأنه في جهاد يأتيه الشيطان عن طريق المكيال والميزان ومن قبل الأخذ والعطاء فيجاهده.
سيدنا عمر يقول: "ما من موضع يأتيني الموت فيه أحبّ إليّ من موطن أتسوق فيه لأهلي، أبيع وأشتري "، هذا عمل شريف، قال: "ربما يبلغني عن الرجل يقع فيّ، يتكلم عليّ ويذمني، فأذكر استغنائي عنه فيهون عليّ ذلك "، إنسان تكلم عليك وأنت لست بحاجته، أما إذا كنت في حاجة إليه وتكلم عليك فهذه هي النار، واللهِ واللهِ - مرتين - لحفرُ بئرين بإبرتين، وكنسُ أرض الحجاز في يوم عاصف بريشتين، ونقلُ بحرين زاخرين بمنخلين، وغسلُ عبدين أسودين حتى يصيرا أبيضين، أهونُ عليَّ من طلب حاجة من لئيم لوفاء دين.
هذه كلها من المستحيلات، تنقل بحرين بمنخلين، تكنس أرض الحجاز في يوم عاصف بريشتين، وتحفر بئرين بإبرتين، وتغسل عبدين أسودين حتى يصيران أبيضين !! هذا كله من المستحيلات، ومع ذلك فهي أهون عليَّ من طلب حاجة من لئيم لوفاء دين.
احتجْ إلى الرجل تكن أسيرَه، واستغنِ عنه تكن أميرَه، قد لا تملك شيئاً، ولكن استغناؤك عن الناس يجعلك غنياً، وسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه التقى برجل أثنى عليه النبي عليه الصلاة والسلام ولم يره، قال له: ألك حاجة؟ قال له: معي درهمان متى تراني أصرفهما.
((عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِحْصَنٍ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا))
قال لي رجل: أنا مصروفي ثلاثمئة ألف في السنة، ولا تكفيني، فأصابه مرض عضال فقال: الإنسان تكفيه ألف ليرة في الشهر، من ثلاثمئة ألف في السنة إلى اثني عشر ألفًا، فما كان يعرف قيمة الصحة، والذي عنده صحة طيبة فليشكر الله عز وجل إلى أكثر الحدود.
جاءت ريح عاصفة في البحر، فقال أهل السفينة لإبراهيم بن أدهم - رحمه الله -وهذا العالم الجليل مدفون بمدينة جَبْلَة، في مسجد على البحر تماماً، وكان معهم فيها: أما ترى هذه الشدة؛ رياح عاتية، وأمواج كالجبال، والسفينة على وشك الغرق، فقال إبراهيم بن الأدهم: "ما هذه الشدة، قالوا: وما الشدة إذاً؟! قال: الشدة أن تحتاج إلى الناس، فهذه هي الشدة ".
وقال أيوب: قال لي أبو قلابة: "الزم السوق فإن الغنى من العافية ".
الاستغناء عن الناس يسبب صحة نفسية و توازناً :
إذا افتقر الإنسان أصبحت عنده حساسية كبيرة، ما زارني فلان، احتقرني، فيبني قصورًا من الوهم، وكلها أمراض نفسية، أسبابها التولي الاجتماعي، فإذا كنت متخلفًا عن أقرانك، ومعك أمراض نفسية خاصة، وحساسية مفرطة، فإنك تعاتبهم لأتفه الأسباب، وتعتقد أنهم يحتقرونك، وهم لا ينتبهون إليك إطلاقاً، فلما يستغني الإنسان تنشأ عنده صحة نفسية، ويتوازن، فإذا زاروك فإنه يزورونك وأنت مستغنٍ عنهم.
وقد سئل إنسانٌ سؤالاً: ما تقول في رجل جلس في بيته أو مجلسه وقال: لا أعمل شيئاً حتى يأتيني رزقي؟ فقال: هذا رجل جهل العلم، أما سمع قول النبي عليه الصلاة والسلام:
((وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي))
الله مسبب الأسباب و الإنسان بحاجة إلى سعي و طلب :
وقال عليه الصلاة والسلام حينما ذكر الطير:
(( لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرُزِقْتُمْ كَمَا يُرْزَقُ الطَّيْرُ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا ))
ولكن لا أحد ينتبه إلى هذا الكلام، دققوا: تَغْدُو وَتَرُوحُ، فهناك سعي، والطير متوكل على الله.
وعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(( لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرُزِقْتُمْ كَمَا يُرْزَقُ الطَّيْرُ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا ))
السر في هذا الحديث أنها تغدو وتروح، فثمّة حركة وسعي، أحد أخواننا ذهب إلى الحجاز في أيام الحج، قال لي: شاهدت نخلة، فأردت أن أهزها كما فعلت السيدة مريم، فما اهتزّت معي ولا سنتمترًا ولا ميليمترًا، فما هذه الآية؟
﴿ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً ﴾
قالوا: هذه كناية عن السعي، وليس بهزها ينزل التمر، فإنها لا تُهزّ، ولكنها كناية عن السعي، تحرك، فكّر بشيء، اشترِ بضاعة وبعها، اسأل، واخرج من بيتك وادخل إلى السوق، فإنّ الله عز وجل يرزقك بالحركة، وكل شيء بقوانين دقيقة في الأرض، والله مسبب الأسباب، وأنت تحتاج إلى طلب.
وللحديث بقية، والفصل طويل، ولكن نحن بحاجة ماسة إليه، لأن العمل شيء أساسي.
حاجة الإنسان إلى الطعام و إلى كسب ثمنه :
انتهينا من الطعام، وانتقلنا إلى كسب الطعام، وأجمل شيء في القرآن الكريم لما ربنا عز وجل وصف الأنبياء فقال:
﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا ﴾
فيأكل الطعام ليبقى حياً، ويمشي في السوق ليشتري الطعام، فأنت بحاجة إلى الطعام، وبحاجة إلى كسب ثمنه.
***
النبي عليه الصلاة والسلام أعظم الناس حياءً لأنه أعظمهم إيماناً :
وسننهي هذا الدرس بفصل عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان عليه الصلاة والسلام أعظم الناس حياءً لأنه أعظمهم إيماناً .
((عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ وَهُوَ يُعَاتِبُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ يَقُولُ إِنَّكَ لَتَسْتَحْيِي حَتَّى كَأَنَّهُ يَقُولُ قَدْ أَضَرَّ بِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْهُ فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنْ الْإِيمَانِ ))
والحياء والإيمان قُرِنا جميعاً، فإذا رُفع أحدهما رُفع الآخر، وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم:
(( أَشَدَّ حَيَاءً مِنْ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا ))
العذراء العزبة المصونة التي ربيت تربية صالحة، فلو ذكرت أمامها كلمة تخدش الحياء لأصبح وجهها كالتوت، والنبي الكريم كان:
(( أَشَدَّ حَيَاءً مِنْ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا ))
((عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ غُسْلِهَا مِنْ الْمَحِيضِ فَأَمَرَهَا كَيْفَ تَغْتَسِلُ قَالَ خُذِي فِرْصَةً مِنْ مَسْكٍ فَتَطَهَّرِي بِهَا قَالَتْ كَيْفَ أَتَطَهَّرُ قَالَ تَطَهَّرِي بِهَا قَالَتْ كَيْفَ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ تَطَهَّرِي فَاجْتَبَذْتُهَا إِلَيَّ فَقُلْتُ تَتَبَّعِي بِهَا أَثَرَ الدَّمِ ))
إنه الكلام اللطيف الواضح، كان " أَشَدَّ حَيَاءً مِنْ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا "، وهذا الوقح الذي يمزح مزاحاً خبيثاً فاحشاً، ويسمي العورات بأسمائها يخجل الناس منها فليس فيه إيمان إطلاقاً، ومن علامات الإيمان الحياء:
((عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدَّ حَيَاءً مِنْ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا، وَإِذَا كَرِهَ شَيْئًا عُرِفَ فِي وَجْهِهِ))
((عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اسْتَحْيُوا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ، قَالَ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَسْتَحْيِي وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، قَالَ: لَيْسَ ذَاكَ، وَلَكِنَّ الاسْتِحْيَاءَ مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَالْبَطْنَ وَمَا حَوَى، وَلْتَذْكُرِ الْمَوْتَ وَالْبِلَى، وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدِ اسْتَحْيَا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ ))
والله تعالى أيضاً حيِيٌّ، عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
((إِنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي إِذَا رَفَعَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا خَائِبَتَيْنِ))
أراك لا تستحيي من ربك خذ إجارتك لا حاجة لنا بك، عن ابن جريج قال: بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج فإذا هو بأجير له يغتسل في البر قال:
((أراك لا تستحيي من ربك خذ إجارتك لا حاجة لنا بك))
وقال البخاري في صحيحه: بَاب مَنِ اغْتَسَلَ عُرْيَانًا وَحْدَهُ فِي الْخَلْوَةِ، وَمَنْ تَسَتَّرَ فَالتَّسَتُّرُ أَفْضَلُ وَذكر حديث بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنَ النَّاسِ ))
وعن عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْ