الحَمدُ لِلَّه ربِّ العالمينَ، والصّلاةُ والسّلامُ على سيِّدنا محمد، الصّادقِ الوَعدِ الأمين، اللهُمَّ لا عِلمَ لنا إلا ما علّمْتَنا، إنّك أنت العليمُ الحكيمُ، اللهمَّ علِّمنا ما ينفعُنا، وانفعْنَا بما علَّمْتَنا، وزِدْنا عِلْماً، وأرِنَا الحقَّ حقًّا وارْزقْنَا اتِّباعه، وأرِنَا الباطِلَ باطلاً وارزُقْنا اجتِنابَه، واجعَلْنا ممَّن يسْتَمِعونَ القَولَ فيَتَّبِعون أحسنَه، وأَدْخِلْنَا برَحمَتِك في عبادِك الصَّالِحين.
الله سبحانه في هذه السورة ترك لقارئ القرآن أن يتصوَّر جواب الشرط كما يريد:
سورة اليوم هي سورة الانشقاق:
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ(1) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ(2) وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ(3) وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ(4) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ(5)﴾
كلامٌ جديدٌ مستأنف:
﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ(6)﴾
أين جواب الشرط؟ الله سبحانه وتعالى في هذه السورة ترك لقارئ القرآن، لهذا المؤمن، أن يتصوَّر جواب الشرط كما يريد، أحياناً في فن القصة تنتهي القصة عند العُقدة، وقارئ القصة يتخيَّل نهايتها كما يشاء.
فربنا عزَّ وجل يقول: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾ أي تشققت، وهذا من علامات يوم القيامة.
كل ما في الكون يستمع لله ويستجيب إلا الإنس والجن لأنهما مخيران:
ثم قال تعالى: ﴿وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ﴾ معنى أذنت أي استمعت لربها، بمعنى أنها خضعت له، استمعت لربها واستجابت له، فماذا يفيد هذا المعنى؟ هناك من يستمع ولا يستجيب، وهناك من يستمع ويستجيب.
في الكون كله نوعان من المخلوقات تستمع؛ قد تستجيب وقد لا تستجيب إنهما الإنس والجن لأنَّهما مخيَّران:
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولًا(72)﴾
إنّ الإنسان حمل الأمانة، ومن مقتضيات الأمانة أن يكون مُخيّراً، ومن مقتضيات الأمانة أن يرسل الله له رسلاً، أن يخلق له كوناً معجزاً، أن يهبه عقلاً نيّراً، كونٌ معجز وحواس يلتقط بها هذا الكون، فكرٌ يحاكم ويدرك، فعليه أن يعرف الله من خلال الكون والحواس والعقل، وإذا غفل عن الله عزَّ وجل أرسل الله له الأنبياء، وأنزل إليهم الكتاب، وبعث في كلِّ زمانٍ مَن يدعو إلى الله عزَّ وجل، في كلِّ عصرٍ واحدٌ يسمو به.
إذاً الحجة قائمة، لكنّ السماوات والأرض أذِنت واستجابت، والإنسان قد يأذن، بمعنى قد يستمع، وقد لا يستجيب، واليهود قالوا:
﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَٰقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ ٱلطُّورَ خُذُواْ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم بِقُوَّةٍۢ وَٱسْمَعُواْ ۖ قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُواْ فِى قُلُوبِهِمُ ٱلْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ ۚ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُم بِهِۦٓ إِيمَٰنُكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ(93)﴾
الإنسان قد يستمع إلى الحق، وقد يستجيب، وقد لا يستجيب:
﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى(43) فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى(44)﴾
هو مُخيَّر، قد يستجيب وربما لا يستجيب، وقد يهتدي وربما لا يهتدي:
﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً(3)﴾
﴿ وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(148)﴾
أنت أيُّها الإنسان مخيَّر ومُسيَّر، مسيَّرٌ لما اخترت، معنىً دقيق جداً، أي أنت حينما تقف على الإشارات الضوئية أنت مخيَّر، قد تستجيب، وتقف عند الإشارة الحمراء، وربما لا تستجيب، فإن لم تستجِب وتابعت المسير، والإشارة حمراء فقَدْت اختيارك، وليس لك وقتها خيارٌ في قبول العقوبة أو رفضها، كنت قبل أن تخطو مخيَّراً، والإنسان مسيَّر ومخيَّر، مسيَّر لما اختار، مسيّرٌ لدفع ثمن اختياره، والإنسان مخير أن يأكل مالاً حراماً أو أن لا يأكل، فإذا أكل مالاً حراماً فليس مخيّراً في أن يقبل المصيبة التي سيعاقبه الله بها أو لا يقبل، فَقَدَ اختياره الآن، وبعد أن اختار السوء فقدْ فَقَدَ اختياره، والطالب مخيَّر أن يكتب الوظيفة أو لا يكتب، فله كل الاختيار أن يسهر مع أهله، وأن يسمُر معهم، وأن يبقى في الطريق، وأن يجلس مع أصدقائه، أو أن يدخل إلى غرفته فيعكف على كتابة الوظيفة، لكن غداً حينما يصدر قرارٌ بفصله ستة أيام، لأنه ترك الوظيفة فليس مخيراً في قبول هذا القرار أو رفضه، لقد صار القرارُ ملزِماً.
القول بأن الإنسان مسيَّر تسييراً مطلقاً هذا افتراءٌ على الله عزَّ وجل:
الإنسان مخيَّر ومسيَّر، مخيَّر في أن يأكل مالاً حلالاً أو حراماً، إذا أكل مالاً حراماً فَقَدَ اختياره، وقد يحترق محله التجاري، وقد تصادر أمواله، وقد يدفع مبلغاً فوق طاقته، وهذا ثمن اختياره السيّئ، فالإنسان مخيَّر.
أما إذا قال الإنسان: إنه مسيَّر تسييراً مطلقاً فهذا افتراءٌ على الله عزَّ وجل، فسيدنا على رضي الله عنه سأله رجل: أكان مسيرُنا إلى الشام بقضاءٍ من الله وقدر؟ فقال: ويحك، لعلَّك ظننت قضاءً لازماً وقدراً حاسماً، إنَّ الله أمر عباده تخييراً ونهاهم تحذيراً، وكلَّف يسيراً ولم يكلِّف عسيراً، ولم يُعصَ مغلوباً، ولم يُطَع مكرهاً، ولم يرسل الأنبياء عبثاً، ولم ينزِّل القرآن لعباً.
فالاختيار تماماً كطريق عليه في المقدمة لافتة مكتوب عليها ممنوع المرور، لكن السائق بإمكانه أن يسير، ولكن لسيره ثمن، فإذا نهى الله عزَّ وجل شيء، وإذا نفى شيئ آخر، وإذا نفى أي: أن هذا الشيء لا يمكن أن يحدث كأن الطريق عليه قطع إسمنتية كبيرة جداً لا يمكن لسيارة أن تخترقها، هذا هو النفي، أما النهي أي أنك مخيَّر، إما أن تسير فتدفع الثمن، أو أن تستجيب فتنجو، فالسماء والأرض والكواكب والنجوم والصخور والهواء والمياه والبحار والجبال والتراب كلُّ هذه المخلوقات مسيّرةً مئة في المئة:
﴿ ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11)﴾
لا خيار لهما، فربنا عزَّ وجل قال: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ*وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ﴾ معنى أذنت أي استمعت لأمره، واستجابت له فانشقَّت، وحُقَّ لها أن تفعل هذا، لأنَّها ليست مختارة، أما الإنسان فقد يستمع إلى الحق، ولا يستجيب له، قد لا يستجيب، وهذا هو الصدق، فالنبي الكريم قال:
(( خَيْرُ الصَّحَابَةِ أَرْبَعَةٌ وَخَيْرُ السَّرَايَا أَرْبَعُمئة وَخَيْرُ الْجُيُوشِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ وَلَنْ يُغْلَبَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفاً مِنْ قِلَّةٍ. ))
لو كانت أمة سيدنا محمد تعدُّ اثني عشر ألفاً، وهم صادقون كصدق أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام لن يُغلبوا أبداً، فكيف غُلِبوا وهم ألف مليون؟ لأنهم ليسوا على الطريق الذي سار عليها أصحاب رسول الله.
الإنسان قد يستمع للحق وربما لا يستجيب لكنَّ الصادق هو الذي يستجيب:
الإنسان قد يستمع للحق وربما لا يستجيب، لكنَّ الصادق هو الذي يستجيب، من كان صادقاً في طلب الحق.
أحياناً تطرق باب إنسان مرة واحدة فإذا لم يفتح لك تعود أدراجك منصرفاً، وآخر يقرعه مرتين، وإنسان ثالث يقف خلف الباب ربع ساعة، وإنسان رابع يصلي ثم يعود، وإنسان خامس يقرع الباب ثم يغيب ساعة ويعود، أعرف شخص وقف على باب بيت ست ساعات في أيام الشتاء، له مع صاحب البيت دين كبير وسيأتي متأخراً عند العشاء، انظر إلى الصدق في طلب الشخص! لو أننا صدقنا في طلب الله عزَّ وجل لكنا في حالٍ غير هذه الحال.
لقد وصف ربنا عزَّ وجل نبياً عظيماً بأنَّه كان من الصادقين، مع أنَّ الصدق الذي نعرفه نحن في معجمنا ألاّ يكذب، هذه صفةٌ يجب أن تتوافر في أقل مؤمن، فأقل مؤمن على وجه الأرض لا يكذب فكيف يوصف بها نبيٌ عظيم؟
﴿ وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ ۗ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا ۚ نِّعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ(44)﴾
وكان من الصادقين، أي كان طلبه في معرفة الله نابعاً من تصميم عالٍ جداً، كما فعل النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:
(( والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه. ))
[ ابن إسحق في المغازي وفي سنده ضعف ]
لكن عامة الناس:
﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ(11)﴾
تنبع قيمة أعمال الإنسان من كونه مخيَّراً:
بعض الأشخاص لأدنى ضغط يترك الدرس، لأدنى فكرة ليست ثابتة يقول لك: لا أريد الحضور، إغراء بسيط كأن يخطب فتاة فلا يأتي الدروس في المسجد بعد ذلك، فقد تلهى، فهذا ليس صادقاً، فيمكن أنْ يحضر الدروس وهو في بحبوحة، وإذا لم تكن هناك بحبوحة بل كان لديه ضغط يقول لك: مشغول، وليس عندي فراغ، أريد الالتفات الآن لمستقبلي.
﴿وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ﴾ إنّ الله عزَّ وجل يُسمعنا الحق، فإما أن نستجيب وإما ألاّ نستجيب، لكنَّ السماوات والأرض، والشمس والقمر، والجبال، والنجوم، والبحار، والصحارى وذرَّات الهواء وحبَّات المطر هذه ليس لها خيار إطلاقاً تستجيب لأمر الله: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ *وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ﴾ أذنت له أي استمعت له ونفَّذت مشيئته وليس لها إلا ذلك، أما الإنسان الذي يستمع للحق وينفِّذ فله أجر كبير، لأن في إمكانه ألاّ ينفِّذ، فلما يحضر أحدكم مجلس علم فله أجر كبير، وبإمكانه أن يمكث في بيته ولا يأتي، ولا يتجشَّم مشقَّة ركوب سيارتين تحت المطر ليحضر الدرس، فبإمكانه ألاّ يأتي، وبإمكانه أن يأتي، إذاً فهو مخيَّر، إذاً عمله له قيمة، من أين تنبع قيمة الأعمال؟ لأن الإنسان مخيَّر.
معك مئة ليرة ممكن أن تتناول بها الطعام في أحد المطاعم مع أصدقائك، وممكن أن تدفعها صدقة، هذه ممكنة وهذه ممكنة، أما الجماد فليس له خيار.
لا يوجد مجال للاختيار يوم القيامة:
إذاً: ﴿وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ﴾ هذه وظيفتها، ليس لها خيار: ﴿اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾ لا يوجد مجال للاختيار، يوم القيامة:
﴿إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ*وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ*وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ*وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ﴾ مدّت أي أصبحت منبسطة، لا تلَّ ولا جبلَ ولا وادي:
﴿ وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ(10)﴾
وهناك آية أخرى:
﴿ وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ(3)﴾
﴿ لَا تَرَى فِيهَا عِوَجاً وَلَا أَمْتاً(107)﴾
أي منبسطة ﴿وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ*وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ﴾ ألقت كلَّ الناس الذين كانوا في بطنها، كانوا في بطنها فألقتهم على ظهرها، ﴿وَتَخَلَّتْ﴾ أي بالغت في إخراج ما في بطنها، أجل بالغت فلم تبقِ أحداً.
أحياناً الإنسان يقول له: أعطني كل شيء معك، فيقلب له جيبه لآخر مدى، هذه مبالغة: ﴿وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ﴾ أي هؤلاء الذين دفنوا في بطنها سوف تلفظهم إلى ظهرها، وإذا لفظتهم إلى ظهرها أصبحوا أمام الحساب: ﴿وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ﴾ هكذا جاءها الأمر، استمعت لأمر ربّها، ونفَّذت أمره وحُقَّ لها ذلك، هذه وظيفتها منذ الأزل؛
﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ﴾ أما جواب الشرط فهو في أهوال يوم القيامة، هول الموقف بين يدي الله عزَّ وجل، هول الحساب، هول النار، هول الصراط المستقيم، هول: ﴿وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ﴾ هول:
﴿ وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً(13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً (14)﴾
هذه أهوال يوم القيامة.
الحكمة من جعل الحلال صعباً والحرام سهلاً:
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ﴾ معنى كادح أي من بذل جهداً شاقاً فبدا عليه، أحياناً تجد يداً خشنةً، والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم رأى أحد أصحابه ذا يدٍ خشِنة من آثار العمل الشاق، فأمسك يد هذا الصحابي وقال: إنَّ هذه اليد يحبها الله عزَّ وجل، فمن له مصلحة صعبة يكسب منها رزقاً حلالاً يعين بها أهله فهذه اليد يحبُّها الله عزَّ وجل.
فمعنى كادح أي عمل عملاً يبدو عليه آثار التعب، أحياناً تجده مخدوشاً أو فيه حروق، أو يده خشنة، قالت أعرابيةٌ لمست يد أبيها، فرأتها خشنة:
هذه كفُّ أبي خشَّنها ضرب مِسحاةٍ ونقــــــــــلٌ بالزبــيـــــــــل
قال: أبوها:
ويك لا تستنكري خشن يدي ليس من كدّ لعــــز بذليــــــل
إنما الذّلة أن يمشــــي الفتى ساحب الذيل إلى باب البخيل
ويلكِ لا تستنكري هذه اليد، يقول الأب: إن هذا العمل خير له من أن يجرَّ ذيله إلى وجه لئيم، وخيرٌ له ألف مرة من أن يقف على باب اللئيم.
قيل: ما الذل؟ قال: أن يقف الكريم بباب اللئيم ثم يرده، ألم يقل الإمام عليٌ كرَّم الله وجهه: "والله والله، مرّتين، لحفر بئرين بإبرتين، وكنس أرض الحجاز في يومٍ عاصفٍ بريشتين، ونقل بحرين زاخرين بمنخلين، وغسل عبدين أسودين حتى يصيرا أبيضين، أهون عليَّ من طلب حاجةٍ من لئيمٍ لوفاء دين" .
فالإنسان يكدح في الدنيا، والأعمال أكثرها شاقّة، سبحان الله! الأعمال الحلال شاقّة، وهذه حكمةٌ بالغة، لو أن الكسب الحلال أيسر من الكسب الحرام لتحوَّل الناس إلى الحلال لا حباً في الله عزَّ وجل، ولكن ابتغاء السهولة، لكنَّ حكمة الله اقتضت أن يكون الكسب الحلال متعباً، والكسب الحرام سهلاً، يمكن أنْ تعمل سنة بكاملها، ولك خمسة شركاء وتربحون مئة ألف، هذا كسب حلال.
الكسب الحلال متعب ولكن له ثمراته:
يمكن أن توقِّع توقيعاً، وأنت طبيبٌ شرعيٌّ فتقول: إن هذه الوفاة طبيعية، وتكون الوفاة غير طبيعية، وتأخذ على هذا التوقيع خمسمئة ألف، لم يكتب إلا (الوفاة طبيعية) ووقّع، ويكون الميت ترك تركة تبلغ خمسة ملايين، وأعطوه نصف المليون ورجوه طي هذا الموضوع، فهذا الكسب سهل جداً، أن يكتب كلمة: "تبيَّن بعد فحص الجثة أن الوفاة طبيعية"، التوقيع: فلان. واسمحوا لنا بنصف المليون، الكسب الحرام سهل جداً ولكن معه انهيار داخلي، أما الكسب الحلال فمتعب، ولكن له ثمراته.
أحياناً تعمل المرأة في البيوت من أجل أن تطعم أولادها، فوالله عملها هذا مقدَّس، وهناك امرأة تعرض مفاتنها على الناس، وتكسب رزقاً أكثر من هذه بمئات المرّات، فهناك عمل من الخارج قذر متعب، كأعمال فيها دخان وغيره، وهناك أعمال من الخارج أنيقة جداً، ولكنها قذرة من الداخل، والعبرة أن تكون نفسك من الداخل نظيفة، وليكُن عملك بعدئذٍ أيّ عمل، لو بأيام الشتاء القارسة لك عمل متعب؛ شحم وزيوت وبذلة عمل ملطخة، واللهِ هذا مقدَّس عند الله عزَّ وجل لأنك من الداخل نظيف، وهذا كسب حلال، لأنك تقدِّم خدمات مقابل أجر معتدل ونصيحة للمسلمين، فهذا عمل شريف، ولو كان المظهر الخارجي في أثناء العمل متعباً أو غير مريح، فهناك أشخاص لهم أناقة ظاهرة في عملهم، ولكن عملهم مبني على الغش، وعلى الاحتيال، وعلى المخاتلة، مبني على كسب المال حرام، مبني على إيقاع الأذى بالناس، مبني على سلب الناس أموالهم، ولو كانت الغرفة فخمة جداً، لكن هذا العمل من الداخل قذر، ومن الخارج أنيق، وهناك أعمال من الداخل نظيفة جداً، ومن الخارج ليست على ما يرام، فهناك كدح، والحياة فيها كدح: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ﴾ أما كلمة (إنسان) فلا تعني أنَّه مؤمن، أيّ إنسان، فالذين تركوا ثروات طائلة ألم يبذلوا جهداً طائلاً في الحياة؟ هذا ترك كذا ألفاً، وترك بنايتين، بدأ من الصفر كعامل حتى حصَّل هذه الثروة، ألم يبذل جهداً كبيراً جداً؟ إذاً هو كادح، لكنّه كدح له ثمار إيجابية، وهناك كدح له ثمار سلبية، وعلى كل حال: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ﴾ .
كلمة (ملاقيه) لها معنيان:
الإنسان الذي صار صاحب ثروة طائلة ربما لم يكن ينام الليل، أو ينام في المحل، أو ينام على ديوان خشبي، يأكل شطيرة، حتى جمَّع هذه الثروة، فإذا لم يعرف الله عزَّ وجل فكل هذا الكدح لا قيمة له:
﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً(23)﴾
﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ﴾ كلمة (ملاقيه) لها معنيان: المعنى الأول: إن هذا العمل سوف تلقى جزاءه، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، كما قال عليه الصلاة والسلام:
(( يامحمد عش ماشئت فإنك ميت واعمل ماشئت فإنك مجزى به وأحبب من شئت فإنك مفارقه وأعلم أن شرف المؤمن صلاته بالليل وعزه استغناؤه عن الناس. ))
افعل ما يحلو لك فكل شيء بسعره، كل عمل سوف تلقى جزاءه، (واعمل ماشئت فإنك مجزى به) : ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ﴾ إنَّك سوف تلقى جزاء هذا العمل.
المعنى الثاني: هذه الهاء تعود على الله عزَّ وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ﴾ ليجزيك على عملك، إنْ خيراً فخير، وإنْ شراً فشر، وعلى كلٍ فالمعنيان يلتقيان في مفهومٍ واحد، قال تعالى:
﴿ وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنْ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً(104)﴾
شتَّان بين همِّ المؤمن وهمِّ غير المؤمن:
كل الناس يتعبون ويعرقون وينصبون ويُصابون بالّهم والحزن، لكن شتَّان بين همِّ المؤمن وهمِّ غير المؤمن، انظر صباحاً إلى النّاس وقد انطلقوا من بيوتهم:
﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى(1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى(2) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى(3) إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى(4)﴾
هذا ذاهب في سفر يعقد صفقة، وهذا ذاهب إلى وظيفته، وهذا يريد أن يشتري بيتاً، وهذا سمع أن هناك محلاً للبيع رخيصَ الثمن، فهو ذاهب ليراه، كلُّ واحد يمشي في خط. وهنيئاً لمن انطلق من بيته يبحث عن عملٍ صالح، أو يبحث عن رضاء الله عزَّ وجلَّ: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ﴾ تقرير حقيقة، أيْ أن الحياة متعبة، حياة فيها جهد، لكي تأكل صحناً من السلطة تشتغل فيه ربع ساعة، اغسل البندورة وقسمها، ونقِّ البقدونس وافرمه، وضع الليمون، وأخرج البذور من الليمون، وضع الملح، تحتاج إلى ربع ساعة من العمل، فالحياة متعبة.
لكي تأخذ الشهادة، ويقول الناس عنك: مثقف، وتأخذ لك راتباً لن يكفيك خمسة أيام، تشتغل ليلاً ونهاراً، وتظل عدة سنوات وأنت تدْرس في الجامعة، وامتحانات، وإرهاق أعصاب، وتوتر، وسؤال يأتي لم تتوقعه، وأحياناً لا تنام الليل، وأحياناً يصيبك ألم لا يحتمل لكي تأخذ الشهادة المتواضعة جداً: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ﴾
لكن ﴿فَمُلَاقِيهِ﴾ إذا استيقظ شخص قبل الفجر، وصلّى قيام الليل، ثم صلّى الصبح في جماعة، واستمع إلى مجلس العلم، وقرأ القرآن، وغضَّ بصره، وأحسن إلى أمهِ وأبيهِ، فإذا كان يسكن في حيّ بعيد، وأمه وأبوه يسكنان في المهاجرين، وهو ساكن في المخيم، ركب الحافلة الأولى، ثم الثانية ليصل إليهما، وزارهما وقالت له: اعمل كذا، احضر لي الحاجة الفلانية، هذا جهد شاق وليس سهلاً، لكن ﴿فَمُلَاقِيهِ﴾ اعتنيت بأولادك، فأنت ملاقيه، جلست مع زوجتك ساعات تنصحها وتفهمها حتى صلَّت أو حتى اقتنعت بالصلاة، أو حتى تحجَّبت ﴿فَمُلَاقِيهِ﴾ .
لك صديق أكرمته وعاونته حتى أتيت به إلى المسجد وسمع الدروس واستجاب، وكان كل حين يسألك سؤالاً وأجبته عن أسئلته حتى استقام تماماً فهو في صحيفتك،﴿فَمُلَاقِيهِ﴾
فلو ساهمت في إنشاء مسجد حتى توسَّع، فاستراح المصلّون فيه فهذا الجهد﴿فَمُلَاقِيهِ﴾ وربما لو كان الأمر لك شخصياً لما بذلتَ مثل هذا الجهد، فأحياناً تكون هناك عقبات كبيرة جداً، هي فوق طاقة الإنسان، فتنصرف عنه، أما إذا كانت لله فإنك تندفع لتحقيقها، وهذا الجهد لك، فأنت ملاقيه.
جلست ساعة وربع الساعة في مجلس علم، وقد ترى شخصاً جسمه متعباً أو متقدماً في السن، ولا يستطيع أن يقعد، وليس له محل يستند عليه، لكنه قعد دون أن يستند،﴿فَمُلَاقِيهِ﴾ هذا التعب ملاقيه، كان بإمكانك أن تظل في بيتك قاعداً على أريكة مريحة جداً، وديوان عريض، والوسائد على يمينك ويسارك، مادّاً رجليك في راحة: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ﴾ فالجهود كلها في معرفة الله، وفي فهم كتاب الله، وفي الاستقامة، وفي الكسب الحلال، وفي العمل الصالح، كلُّ هذه الجهود سوف تلاقيها.
الجهد الكبير كله محسوبٌ عند الله عزَّ وجل للمؤمنين فقط:
قال تعالى:
﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً ۚ وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ ۗ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَىٰ وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا (77)﴾
كُلْ تمرةً، ودقق في النواة تجد هناك خيطاً بين الفِلقتين، هذا الخيط الصغير اسمه الفتيل،﴿وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً﴾ .
وضع النواة على رأس لسانك، وقم بتحريكها تجد لها نتوءاً صغيراً مثل رأس الدبوس، هذا هو النقير:
﴿ وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا (124)﴾
﴿وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً﴾ فكل شيء محسوب، لكن عندما تجد إنساناً يمشي في طريق الإيمان وهو متعب، يريد أن يرضي أمه وأباه، وأن يؤمِّن لزوجته حاجاتها، وأن يعتني بأولاده ويربيهم، ويرغب في أن يكون أولاده مؤمنين، ويريد إتقان عمله حتى لا يتكلم الناس عنه وهو مسلم، وأن يحضر في موعد الوظيفة تماماً، وإذا كان مراجعاً ذا لهفة فتأخر لخدمته ساعة بعد الدوام، يعاني مشقة في دوامه، وفي وظيفته، وفي عمله، وفي تجارته، وفي بيته، ومع أهله وأمه، وله إخوة يسكنون في أماكن بعيدة يجب أن يزورهم، فهذا الجهد الكبير كله محسوبٌ عند الله عزَّ وجل. لكن الشقاء لا لهؤلاء، ولكن لمن كان يسعى بجهدٍ كبير، ويعرق، وينصب، ويكدح، والنهاية إلى جهنَّم، هذه هي المشكلة، فالمؤمن رابح مهما بذل من جهد، ومهما انضبط، ومهما شعر أن في الحياة جهاداً، لكن المربح معه، فالحياة مؤقَّتة، والسعادة أبدية، والجنة إلى أبد الآبدين، لكن إنساناً آخر يهلك طوال حياته، كشخص ذهب إلى دولة أجنبية، وعمل في المطاعم ليلاً ونهاراً، وترك عياله وأولاده إلى أن أسس مشروعاً، وجمَّع ثروةً، وأرسل أول مبلغ، وطلب من أهله شراء أرض، وفي السنة الثانية بعث مبلغاً آخر لتعمير الأرض، ثم بعد ذلك أمدّهم بمال لفرش البيت وتأثيثه بالأثاث الفخم، وطلب إنشاء حديقة، وما زال في أوامره: اعملوا واتركوا، وهو راجع بعد عشرين سنة من التعب، وبعد أن أمَّن بيتاً فخماً وفرشه، وفي أثناء تناوله الطعام في المطار، وبعد أنْ أكل لقمتين من الطعام، وفجأة سقط مفارقاً للحياة، مسكين على هذه الحياة، تعب مُضنٍ، والثمرة صفر.
المؤمنون كدحهم مأجور وسيرون نتائج كدحهم لكن غير المؤمنين كدحهم إلى دمار:
الكدح موجود عند المؤمنين وعند غير المؤمنين، لكن شتَّان بين المؤمنين وبين غير المؤمنين، فالمؤمنون كدحهم مأجور، وسوف يرون نتائج كدحهم، لكن غير المؤمنين كدحهم إلى دمار، وإلى لا شيء، قال الله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ(6) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ(7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً(8)﴾
أي أن ربنا عزَّ وجلَّ هكذا ترتيبه، فإذا أخذ الإنسانُ كتابه بيمينه، معنى ذلك أن أعماله صالحة وطيبة: ﴿فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً﴾ قال بعض المفسرين: إن ما في كتابه من أعمالٍ سيئة قبل الإسلام يعفو الله عنها، وهذا معنى قوله تعالى:﴿حِسَاباً يَسِيراً﴾ أي الإسلام يَجُبُّ ما قبله، الكتاب فيهِ كل شيء، لكن بعد أن أسلم، وعرف الله عزَّ وجلَّ، واستجاب له، وتاب إليه توبةً نصوحاً، فالذي وقع قبل هذا التاريخ يعفى عنه، ولهذا:
(( عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ عُذِّبَ قَالَتْ قُلْتُ أَلَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً قَالَ ذَلِكِ الْعَرْضُ. ))
[ متفق عليه عَنْ عَائِشَةَ ]
ولذلك قال الله عزَّ وجلَّ: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ* فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً﴾ أي فيما سبق التوبة، ما سبق الإسلام، هذا معفو عنه، بعد التوبة والإسلام أعماله كلَّها جيدة واستقامة وعمل صالح وتوبة.
الغنى والفقر بعد العرض على الله:
قال تعالى:
﴿ وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً(9)﴾
الآن إذا قرع الابن الباب، وهو ناجح يحدث في البيت ضجة من فرحته، فيريهم شهادته، لا يترك إنساناً إلا ويريها له.
﴿وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً﴾ وإذا نُقِل الزوج إلى وظيفة أعلى فيدخل البيت بطريقة تأخذ العقل، ببشاشة ومرح، وأين الأكل، ويمزح مع زوجته ومع أولاده، لأنه فرِح: ﴿وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً﴾ إذا اشترى صفقة رابحة جداً، أو باع بيعةً فيها ربح كبير، أو حقق نجاحاً خارج البيت، فدخوله البيت فيه سرور، ويمكن لأهل البيت أنْ يروا أثر الفرحة عليه، ويقولون: حتماً هناك شيء، ليس هذا من عادته، طليق، عيناه زئبقيتان، تلمعان، ابتسامته عريضة، مرح: ﴿وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً﴾ نسأل الله أنْ يجعلنا من هؤلاء، وكما قال سيدنا عليّ: "الغنى والفقرّ بعد العرض على الله" فإذا تمَّ العرض على الله، وأُوتي الإنسان كتابه بيمينه، وحوسب حساباً يسيراً، عندئذٍ: ﴿وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً﴾ .
الآن تعب، وبعده سرور، وطِّن نفسك أن الحياة الدنيا مدرسة، فيها جدّ ودوام، وانتباه ووظائف، وامتحانات ومذاكرات، ومذاكرات فُجائية، وفيها مذاكرات شفهية، ووظائف كتابية، وعقوبات، وإخراج، وتعهدات، لكن بعد الشهادة يضع يده على المريض، عنده خمسون زبوناً، يأخذ ما يعادل راتب الموظف في الشهر كلّه، ويحصلها الطبيب في يوم واحد، لكنه عانى الكثير حتى أخذ الشهادة، أخذ بكالوريوس، وأخذ دكتوراه، وأخذ بورد، وتعب، ورجع إلى بلده، فالإنسان إذا تعب الآن: ﴿فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً*وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً﴾ أيْ مِن السعادة أن يطرق الإنسان باب أهله ويحمل لهم خبراً سارّاً جدّاً، فإذا اشترى لزوجته قطعة من الحليّ تكرمةً لها فدخوله البيتَ لا يكون دخولاً عادياً ﴿وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً﴾ .
الذي يؤتَى كتابه وراء ظهره يدعو على نفسه أن يهلك:
قال تعالى:
﴿ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ(10)﴾
قال المفسرون: من شدة الخجل لا يستطيع أن ينظر للذي يعطيه الكتاب، وقال بعضهم الآخر: من شدة ازدرائه واحتقاره، فهذا الذي يعطيه الكتاب لا يحب أن ينظر إلى وجهه، هذا أو ذاك، فإما خجلاً وإما ازدراءً:
﴿ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ(10) فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً(11)﴾
أي يقول: وا ثبوراهُ، أي لقد هلكت، الأعمق من ذلك أن هذا الذي يؤتَى كتابه وراء ظهره يدعو على نفسه أن يُهلك:
﴿ وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ(77)﴾
قال الشاعر:
كفى بك داءً أنْ ترى الموت شافيًا وحسبُ المنايا أنْ يكُنَّ أمانــيَا
أي أنت في حالةٍ تتمنى معها الموت، فما هي هذه الحالة؟ إنها أشدُّ من الموت.
كفى بك داءً أنْ ترى الموت شافيَا وحسبُ المنايا أنْ يكُنَّ أمانــيَا
فهي حالةٌ لا تحتمل، شيءٌ لا يطاق أن تكون في حالةٍ تتمنى معها الموت، وأن يكون الموت أحبَّ إليك من الحياة، كذلك هذا الذي يؤتَى كتابه بشماله يوم القيامة يدعو ثبوراً، يدعو ربّه أن يهلكه، أي أن يفنيه، أن يدمره.
الفرق بين أهل الدنيا وأهل الجنة :
قال:
﴿ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ(10) فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً(11) وَيَصْلَى سَعِيراً(12)﴾
لذلك:
(( إنَّ العَرقَ ليلزمُ المرءَ في الموقِفِ؛ حتَّى يقولَ: يا ربِّ إرْسالُك بي إلى النَّارِ أَهوَنُ عليَّ مِمَّا أجدُ وَهوَ يعلمُ ما فيها من شدَّةِ العذابِ. ))
[ الهيثمي في مجمع الزوائد وفي سنده ضعف ]
﴿فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً*وَيَصْلَى سَعِيراً*إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً﴾ فالفرق فرق بسيط ﴿وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً﴾ أما هذا الثاني: ﴿إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً﴾ معظم الناس يقبعون في بيوتهم في انبساط وسرور، وتجد الواحد منهم يتمطَّى ويتمدد، ومزحه ثقيلٌ أحياناً، ولا شيء عنده حرامٌ، وإذا جاءت امرأة أخيه جلس معها، وإذا جاءت رفيقة زوجته يدعوها للجلوس معه، مدَّعياً: عندي المكان أكثر دفئاً لكنّ: ﴿إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً﴾ مسرور مبسوط، ليس لديه شيء حرام، لاح له مبلغٌ من المال حلال أو حرام يأكله، يجوز أو لا يجوز يأكله، دُعِي إلى حفلة لا يجوز الذهاب إليها فيقول: لا أتركها تذهب من يدي: ﴿إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً﴾ أي ليس عنده قيود ولا حدود، وليس عنده شيء محرَّم، ولا يخشى حساباً ولا عذاباً ولا يوم قيامة، ولا يخشى أن يغضب الله عزَّ وجل، يقول لك: يفرجها الله، هل سنعيش عمرين؟ العمر الذي سنعيشه واحد.
من كان عبداً لفرجه ولبطنه ولديناره موضوع الموت لا يخطر بباله على الإطلاق:
إن كنت كما قال أحد الشعراء الجاهليين:
فإن كنت لا تستطيع دفع منيّتي فدعني أُبادِرْها بما ملكت يدي
إنّ معظم الناس يقوم بإعداد الترتيبات للذهاب إلى النزهة في أثناء يوم الجمعة، فصلاة الجمعة لا ترد على باله من الأساس، فالنزهة هي كل ما في باله، فلا شيء عنده محرَّم، شهوته هي إلهه، شهواته وسروره وبسطه:
(( تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَالْقَطِيفَةِ وَالْخَمِيصَةِ إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ. ))
[ البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]
عبدٌ لفرجه ولبطنه وللباسه ولدرهمه وديناره.
﴿وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ*فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً*وَيَصْلَى سَعِيراً*إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً﴾ كان مكيّفاً، له مقعده الخاص، وله قعدته الخاصة، وله أكلته الخاصة، والكل في خدمته، وهمّه الأوحد أنْ يُسَرَّ ويعطي نفسه ما تشتهي، فإذا تكلَّم صهره بكلمة يقيم قيامته، ويثور عليه، هكذا تتكلم معي؟ ولا يقول هذا صهري، حامي عرضي، يجب أن أداريه، فلا يهمه، وإذا اشتكت ابنته المتزوجة يقول لها: تعالَيْ إلينا، واقعدي عندنا، واتركيه وحيداً، فيدعوها إلى تركه: ﴿إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً*إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ﴾ موضوع الموت لا يخطر بباله على الإطلاق، ومعنى "لن يحورَ" أي لن يعود إلينا.
المؤمن البطل هو الذي يفكر في الآخرة و بوقوفه بين يدي الله عزَّ وجل:
قال تعالى: ﴿إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ﴾ ظنَّ أن هذه الدنيا فيها كل شيء، يقول: الجنة هنا والنار هنا، فما معنى الجنة هنا؟ أي أنّ مَن معه مال فهو في الجنة والفقير في جهنم، هذه فلسفته، أما الآخرة فهي خارج حسابه.
الآن يجب أن نكون واقعيين، فمن يُدخلِ الآخرة في حسابه اليومي؟ فيمكن أن يأتيه خاطر في الشهر مرة، أو بالأسبوع مرة، أما الذي كلما تكلَّم بكلمة، أو كلما باع بيعة، أو كلما حلف يميناً فالآخرة في باله باستمرار؟ هذا هو المؤمن؛ كلما تحرَّك حركة، كلما تنفس بكلمة، أو كلما نظر نظرة، فهذه النظرة لا ترضي الله، فأنا أستطيع أن أنظر يقول: لا أستطيع أن أصلي الظهر، وبإمكاني أن أنظر أيّ نظرة، وليس بإمكاني أن أقرأ القرآن في الصباح الباكر.
وخلاصة القول: لا تعصِهِ في النهار.. يوقظْك في الليل.
شكوت إلى وكيعٍ سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأنّ العلـــم نـــــــورٌ ونور الله لا يهـــدى لعاصـي
فالمؤمن البطل هو الذي في كل حركة، وكل سكنة، وكل نظرة يفكر في الآخرة، يفكر في وقوفه بين يدي الله عزَّ وجل، فالموت لا يعرف متى.
كل إنسان يفكر في الموت يومياً يكون ذكياً وعاقلاً:
أحد أعلام الأمة الكبار رأى ملك الموت، فقال له: يا ملك الموت كم بقي من حياتي؟ فأشار له بيده خمس، فلما استيقظ امتلأ قلقاً، هل يا ترى خمس أشهر أم خمس سنوات، خمسة أسابيع، خمسة أيام، خمس ساعات، فالتقى بإمام المفسرين ابن سيرين فقال له: ما تفسير هذه الرؤيا؟ قال له: قال لك ملك الموت: إن سؤالك أحدُ خمسة أشياء لا يعلمها إلا الله. فأشخاص توفوا، فيا ترى عندما توفى أحدهم ألم يكن خاطراً بباله أن غداً سيحضر إلى البيت حلوى قطائف عصافيري؟ هذا ممكن، أَوَ ما خطر بباله أنه في العطلة الصيفية سيذهب هو وأولاده إلى المصيف في اللاذقية، كل ذلك قد يكون لكنه مات.
فقد ذكرت لكم أني قد التقيت بشخص يعمل مديراً لثانوية، وقال لي بفمه: والله مللت، أريد أن آخذ استيداعاً لخمس سنوات، أو إعارة إلى الجزائر، وكنتُ أستمع له، وكان يوم الخميس، والساعة الحادية عشرة، فقال: وسأبقى في الجزائر خمس سنوات، ولا آتي إلى الشام في الصيف، وأقضي الصيف في فرنسا، وأتملى منها، وفي العطلة الصيفية الثانية أذهب إلى إنجلترا، والثالثة إلى إيطاليا، ثم أرجع إلى الشام، فأفتح محلاً وأتقاعد، وأضع أولادي في المحل لإدارته، وأعيش باقي حياتي في رفاهية.
واستمعت إليه، وجاملته فيما يقول، وأن الله كريم، وذهبت إلى البيت لتناول طعام الغداء، ونزلت بعد ذلك إلى شغل لي في أسواق دمشق، وبينما كنتُ راجعاً وجدت نعوته على الجدران، والله الذي لا إله إلا هو في اليوم نفسه، وتكلم معي في أشياء تحتاج إلى عشر سنوات لتحقيقها، وفي اليوم نفسه كان منتهياً، فلذلك ربنا عزَّ وجل قال: ﴿إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ﴾ فالموت لا يدخل في حسابه على الإطلاق، لا الموت ولا الآخرة، فالواحد له بيت يسكنه، فهل سأل نفسه يوماً في أي غرفة سيغسِّلونه؟ فإذا فكّر في ذلك فلا ينزعج منها، لأنّها واقعة لا بد منها، فهل يغسَّل في المطبخ؟ فالمطبخ صغير، والحمام صغير، ففي أي غرفة، فهو سيُغسَّل في هذا البيت، كيف ستطبع ورقة النعوة؟ وهل سيكتب فيها والد الفقيد؟ فهو لا يعرف من سيموت قبل الآخر، هيّئْ لك مشروع نعوة ولو انزعجت منها، وبادِرْ لعمل مشروع شاهدة: هذا قبر المرحوم فلان الذي توفي في: وضع نقطتين وخطين وألف وتسعمئة، فلا نعرف متى، مشروع شاهدة، مشروع نعوة، هذه أشياء ذات فائدة عظيمة، اذهب لزيارة مقبرة، اتبع جنازة، انظر عندما يضعونه في القبر، وضعوا عليه التراب بالمغرفة، أما أنت فقليل من الغبار تثور من أجله على أهل البيت، أو قليل من الغبار على حلَّتك تثور ثورة كبرى، أما الميت فيضعون التراب بالمغرفة فوقه، وبعد أن يمهدوا التراب أخذوا بالأجر عظَّم الله أجركم: ﴿إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ﴾ كل إنسان يفكر في الموت يومياً يكون ذكياً وعاقلاً، عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( أي الناس أكيس؟ قال: قلت: الله ورسوله أعلم. قال: إن أكيس الناس أكثرهم للموت ذكرًا، وأحسنهم للموت استعدادًا ))
مَنْ عَدَّ غَداً مِنْ أَجَلِهِ فَقَدْ أَسَاءَ صُحْبَةَ الْمَوْتِ:
هذا هو العقل، يقول: أنا ما زلت صغيراً، فالموت لا يعرف صغيراً ولا كبيراً، تجد نعوة كُتِبَ عليه: الشاب، فإذا نظرت تجد ليس له زوجة فهو لم يتزوج بعد، والد الفقيد، وأخو الفقيد، تتبَّع هذه النعوات، الشابة، فتاة مخطوبة، وعرسها بعد أسبوعين، وزوجها مهندس كبير، كان يراقب مشروعاً أخرج رأسه من النافذة، وكان أحد العمال يلقي بقالب من البلوك فوقعت فوق رأسه فمات، وكانوا قد أعدوا للعرس من الحلويات أكثر من خمسمئة كيلو غراماً، وقد وضعت كلها للمعزِّين، وتعزية النساء، أجلسوا العروس بلباسها الكامل، فالعرس لم يتم: ﴿إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ﴾ فيجب أن تؤمن أن الموت قريب، أقول لكم هذا الحديث الشريف:
(( مَنْ عَدَّ غَداً مِنْ أَجَلِهِ فَقَدْ أَسَاءَ صُحْبَةَ الْمَوْتِ. ))
[ البيهقي في شعبه بسند ضعيف ]
غداً فقط، إذا قلت: غداً إن شاء الله سوف أشتري شمسية، فالأمطار ستكون غزيرة هذه السنة، فإذا لم تقل: إن شاء الله، وقلت: غداً سآخذ شمسية من عند بائع أعرفه، فأريدها أن تكون أجنبية وممتازة، وبهذا تكلِّم نفسك، فعندما تعدّ غداً من أجَلِك فقد أسأت صحبة الموت، فأنت لا تعرف ما هو الموت إذاً؟
لي صديق نام في الساعة الحادية عشرة، ويظهر أن زوجته مسَّت يده في الساعة الواحدة فوجدتها شديدة البرودة، فوجدته قد مات دون إذن أو إنذار، نام نوماً طبيعياً، وفي الأسبوع القادم إن شاء الله نتابع ما بقي من السورة.
الملف مدقق