الحَمدُ لِلَّه ربِّ العالمينَ، والصّلاة والسّلام على سيِّدنا محمد، الصّادقِ الوَعدِ الأمين، اللهُمَّ لا عِلمَ لنا إلا ما علّمْتَنا، إنّك أنت العليمُ الحكيمُ، اللهمَّ علِّمنا ما ينفعُنا، وانفعْنَا بما علَّمْتَنا، وزِدْنا عِلْماً، وأرِنَا الحقَّ حقًّا وارْزقْنَا اتِّباعه، وأرِنَا الباطِلَ باطلاً وارزُقْنا اجتِنابَه، واجعَلْنا ممَّن يسْتَمِعونَ القَولَ فيَتَّبِعون أحسنَه، وأَدْخِلْنَا برَحمَتِك في عبادِك الصَّالِحين.
أيها الإخوة المؤمنون، مع الدرس الخامس والثلاثين من دروس سورة آل عمران ، ومع الآية الثلاثين بعد المئة، وهي قوله تعالى:
﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَأۡكُلُواْ ٱلرِّبَوٰٓاْ أَضۡعَٰفًا مُّضَٰعَفَةًۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ (130)﴾
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
1 ـ سببُ ورودِ آية الربا في سياق آيات غزوة بدر وأُحُد:
قد يسأل سائل: سياق الآيات متعلق بالمعارك؛ معركة أحد ومعركة بدر، فلماذا أُقحِمت آية الربا في هذا السياق؟ لو أن هذا كلام بشر نقبله منه، خطر في باله هذا الخاطر فأقحمه، أما لأنه كلام خالق البشر لا بد من حكمة بالغة.
أيها الإخوة المؤمنون، السياق سياق حرب وسياق قتل، في الحرب يوجد قتل، ولا يوجد تقديم باقات ورود، فالقتل ملازم للحرب، وما من معصية في القرآن توعّد الله فاعلَها بحرب من الله إلا الربا، فكما أن الإنسان في الحرب يُقتَل، إذا أكل الربا يحاربه الله عز وجل ويتلف ماله، ويتلفه مع ماله، هذه نقطة دقيقة، كيف أن سياق الآيات المكية:
﴿ وَالشَّمْسِ وَضُحَٰهَا(1)﴾
﴿ وَالْفَجْرِ(1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ(2)﴾
﴿ وَالَّيْلِ إِذَا يَغْشَى(1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى(2)﴾
﴿ وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ(1) وَمَآأَدْرَىٰك مَا الطَّارِقُ(2)﴾
كل آيات سور الجزء الثلاثين تتعلق بالكونيات، فإذا وُجِدت سورة واحدة مقحمة ضمن هذه السور، ولا علاقة لها بالكونيات، وهي قوله تعالى:
﴿ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ(1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ(2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ(3)﴾
فلماذا أُقحِمت هذه السورة المتعلقة بحكم شرعي مع سور تتحدث عن الكون؟ قال علماء التفسير: لأن الإنسانَ إذا بخس حق إنسانٍ توعّده الله بالهلاك، كمن اشترى منك قماشًا فلم تعطه الكيل الدقيق، إن كنت مطففاً تستحق الهلاك من الله، فكيف إذا قصرت في حقك اتجاه الله عز وجل؟ الهلاك مصير من طفَّف، فكيف مصير من نسي أن الله خلقه، ولم يكُن شيئاً، وأنعم عليه بنعمة الإيجاد، ونعمة الإمداد، ونعمة الهدى والرشاد.
أيها الإخوة، أيضاً هنا السياق سياق بدر وأحد، وانتصار وهزيمة، وقتل وأسر، جاءت هذه الآية آية الربا، فكيف أنك في الحرب إن لم تنتصر تُقتَل، فهنا توعّد الله المؤمنين بحرب من الله ورسوله إذا هم أكلوا الربا، ذلك أنّ كل معصية لها أثر محدود إلا الربا، فإنها تهدم مجتمعاً بأكمله، هذا مجتمع الطبقتين؛ مجتمع الأثرياء الذين يحتارون كيف ينفقون المال، في عرس واحد خمسة وثمانين مليونًا، والفقراء الذين لا يذوقون طعم الطعام.
الربا آثاره مدمرة، يجمّع الأموال بأيدٍ قليلة، ويحرم منها الكثرة الكثيرة بسبب بسيط؛ هو أن المال يلد المال، بينما في البيع والشراء الأعمال تلد المال، وحينما تلد الأعمال المال فلا بد من إنفاق كثير، ولا بد من مصاريف، ومن متعلَّقات بهذا المشروع، هذا بشكل مختصر شرحته في الدرس الماضي، لكن هناك ملمح في الآية.
2 ـ النداء بالإيمان إيقاظا للمشاعر:
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ﴾ ما دمتم قد آمنتم بالله، ما دمتم قد آمنتم أن الله عز وجل هو الخالق، وهو الرازق، وهو المربي، وهو المسير، وإليه المصير، ومنهجه حق، وكلامه حق، والجنة حق، والنار حق، إذاً ﴿لَا تَأۡكُلُواْ ٱلرِّبَوٰٓاْ أَضۡعَٰفًا مُّضَٰعَفَةً﴾ .
3 ـ إياكم وهذا الفهمَ السقيمَ لهذه الآية:
بينت لكم في الدرس الماضي، ولا بد من التذكير أن بعضهم يفهم هذه الآية فهماً ساذجاً؛ ﴿لَا تَأۡكُلُواْ ٱلرِّبَوٰٓاْ أَضۡعَٰفًا مُّضَٰعَفَةًۖ﴾ أن النهي عن الأضعاف المضاعفة فقط، فلو أكلنا الربا أضعافاً غير مضاعفة لجاز، هذا كلام مردود، ولأن الله عز وجل يقول:
﴿ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍۢ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ۖ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَٰلِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279)﴾
القيدُ الاحترازي والقيد الوصفي:
أيها الإخوة، هذا قادنا إلى ما يُسمى القيدَ الاحترازي، والقيدَ الوصفي، ﴿لَا تَأۡكُلُواْ ٱلرِّبَوٰٓاْ أَضۡعَٰفًا مُّضَٰعَفَةًۖ﴾ ، فقد كان المرابون في الجاهلية يأكلون الربا أضعافاً مضاعفة كيف؟ أقرضه بالربا، واستحق الأجل، فجاء الأجل، واستحق الدفع، وليس معه، يقول له: إما أن تؤدي، وإما أن أُربي، يضاعف الفائدة لشهر آخر، يأتي الشهر الآخر، فإما أن تؤدي، وإما أن تربي، فكان الجاهليون يأكلون الربا أضعافاً مضاعفة، كلما زاد الأجل ارتفعت نسبة الربا.
3 ـ اتقوا الله بتركِ الربا:
﴿وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ﴾ اتقوا الله هنا بمعنى دعوا الربا، ففي حياة الإنسان قضية مهمة جداً، وهي كسب المال:
(( يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة. ))
[ الألباني بسند ضعيف جداً ]
الأحكام الشرعية كلها بكفة، وكسب المال بكفة واحدة، إنه إن طاب دخلك استجيبت دعوتك، إنه إن طاب دخلك بارك الله لك بمالك، وبارك الله لك بأولادك، بارك الله لك بزوجتك، بارك الله لك بدخلك، إن طاب دخلك، معنى "أطب مطعمك" أن تشتري طعاماً بثمن كسبته من كدّ يمينك، وعرق جبينك.
﴿ وَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ ٱلَّتِيٓ أُعِدَّتۡ لِلۡكَٰفِرِينَ (131)﴾
وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ
الكافر بحكم تحريم الربا مصيرُه النارُ:
أي أن النار مصير من أكل الربا، وكفر بهذا الأمر.
إخواننا الكرام، عندنا كفر يخرج من الملة، صاحبه كافر، وعندنا كفر دون كفر، فالأمر إن لم تنفذه، وأنت متوهم أن هذا الأمر غير معقول فهذا نوع من الكفر، وإذا قال لك أحدهم: هل من المعقول أن أقرضه مبلغ نصف مليون لسنة، ولا أربح؟ معنى هذا أني جمدت مالي هذا، ولو أنني استثمرته في منشأة لعاد علي بالربح، أنت حينما تحكّم عقلك فيما قطع الله به فهذا نوع من الكفر، قال تعالى:
﴿ وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَٰتُهُمْ إِلَّآ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَبِرَسُولِهِۦ وَلَا يَأْتُونَ ٱلصَّلَوٰةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَىٰ وَلَا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَٰرِهُونَ (54)﴾
معنى هذا أن الكفر ألاّ تعظِّم أمر الله عز وجل، ألاّ تراه أمراً من عند خالق الكون، علة أي أمر أنه أمر، قال تعالى: ﴿وَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ ٱلَّتِيٓ أُعِدَّتۡ لِلۡكَٰفِرِينَ﴾ كنت أقول لكم دائماً: إن الحقيقة المرة أفضل ألف مرة من الوهم المريح، مسلمون يؤدون شعائر الدين، يصلون، يصومون، يتصدقون، اسمعوا، عَنْ ثَوْبَانَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ:
(( لأعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا، قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا، أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ، وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا. ))
إذاً أصبحت أعمالهم هباءً منثوراً، في موقف آخر حينما سأل النبي أصحابه رضوان الله عليهم سألهم من المفلس؟ قالوا بحسب العرف من لا درهم له ولا متاع، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:
(( هَلْ تَدْرُونَ مَنْ الْمُفْلِسُ؟ قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، قَالَ: إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصِيَامٍ وَصَلَاةٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ عِرْضَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، فَيُقْعَدُ فَيَقْتَصُّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْخَطَايَا أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ، فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ. ))
لا تصح: العبادات الشعائرية إلا بصحة المعاملات
معنى هذا أن هناك معاملات وعبادات، عبادات شعائرية، وعبادات تعاملية، والعبادات الشعائرية لا تصح ولا تُقبَل إلا بالعبادات التعاملية، لذلك ترك دانق من حرام -أي سدس الدرهم- خير من ثمانين حجةً بعد الإسلام، لذلك لما سيدنا ابن عباس رأى رجلاً كئيباً سأله: << مالي أراك كئيباً؟ قال: ديون لزمتني، ما أطيق سدادها، قال: لمن؟ قال: لفلان، قال: أتحب أن أكلمه لك، قال: إن شئت، فقام من معتكفه، فقال له أحدهم: يا بن، عباس أنسيت أنك معتكف؟ قال: لا، ولكنني سمعت صاحب هذا القبر، والعهد به قريب، ودمعت عيناه يقول :
(( من مشى في حاجة أخيه، وبلغ فيها كان خيراً من اعتكاف عشر سنين. ))
[ تخريج المسند لشعيب بسند ضعيف ]
حقيقة الدين ترك الحرام، وفعل الخيرات، هذه هي حقيقة الدين، وهذا الراعي الذي امتحنه سيدنا عبد الله بن عمر وقال له: << بعني هذه الشاة وخذ ثمنها قال: ليست لي، قال له: قل لصاحبها أنها ماتت، قال: ليست لي، قال: خذ ثمنها، قال: والله إني لفي أشد الحاجة إلى ثمنها، ولو قلت لصاحبها: إنها ماتت أو أكلها الذئب لصدقني، فإني عنده صادق، أمين ولكن أين الله؟>> .
تضع يدك على حقيقة الدين حينما تدع المال الحرام، وتضع يدك على حقيقة الدين حينما تعمل صالحاً ابتغاء مرضاة الله، هذه حقيقة الدين، أما الصلاة مُنشّطة، وترفع شأنك عند الناس، وهذه العبادات الشعائرية، الحج؛ عندما ترجع تجد الزينة، والحاج فلان، ونفعنا الله ببركته، وادعُ لنا يا سيدي، أنتم كنتم في الحج، أعمال فيها وجاهة.
العبادات الشعائرية لا تصح ولا تُقبَل إن لم تصح العبادات التعاملية، أعيد وأكرر: ترك دانق من حرام خير من ثمانين حجةً بعد الإسلام.
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ﴾ يا من آمنتم بالله.
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَأۡكُلُواْ ٱلرِّبَوٰٓاْ أَضۡعَٰفًا مُّضَٰعَفَةًۖ﴾ لا تأكلوا الربا، وكان الجاهليون يأكلونه أضعافاً مضاعفة، فالنهي هنا عن كل الربا، وعن جنس الربا.
﴿وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ﴾ أي أطيعوا الله في ترك الربا.
إياكم والأساليب الملتوية لأكل الربا:
﴿وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ*وَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ ٱلَّتِيٓ أُعِدَّتۡ لِلۡكَٰفِرِينَ﴾ هؤلاء الذين كفروا بهذا الحكم، وقالوا: لابد أن نستثمر أموالنا، ولا يمكن أن نجمد هذه الأموال، فنقرضها قرضاً حسناً، طبعاً الآن إذا كان هذا الربا محرمًا تحريماً واضحاً صارخاً في الشرع فهناك آلاف الأساليب التي يحتال بها الناس على أكل الربا.
مثلاً: نقدم لك بيتاً تسكنه بلا مقابل، على أن تجعل عندنا مبلغاً من المال نحن نستثمره، فإذا خرجت من البيت أعطيناك المبلغ.
تدخل شريكاً في بيت تأخذ أجرته، وأنت في الحقيقة تأخذ فائدةً على هذا القرض، مبلغك مضمون بالتمام والكمال بعد سنتين، وما دام ثمة ضمان فقد صارت هذه الأجرة نوعاً من الربا.
وضعت مالك في الاستثمار بربح ثابت، قد يقول هذا المستثمر البسيط: هو تاجر صالح، حج ثماني عشرة حجة، ولا يحب أن يدخل في متاهات الحسابات، يعطي على الألف كذا، أفضل له، ليس له مصلحة أن يقوم بجرد، هذا أيضاً ربا.
الربا الصارخ واضح، قرض ربوي، هناك ألف أسلوب للربا بشكل ملتوٍ، في بعض البلاد الإسلامية عشرة أكياس رز، يمكن أن يكون عمرها عشرين سنة، يأتي إنسان، ويشتري عشرة أكياس فرضاً بعشرة آلاف دَيناً، ثم يبيعها نقداً لصاحب الأكياس مثلاً بثمانية آلاف، الذي حصل أن صاحب المتجر دفع ثمانية آلاف، وقبض بعد حين عشرة آلاف، هذا بيع العِينة، وهو ربا محقق، ومشاركة في بيت، وأخذ أجرة، ومبلغك مضمون، هذا ربا.
(( تشتري الصوف فرضاً بربع قيمتهم لستة أشهر، لذلك من دخل السوق دون أن يتفقه أكل الربا شاء أم أبى، وأخطر شيء في حياة الرجل موضوع كسب المال، المرأة دينها سهل، فعن عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله ﷺ قال:
إذا صلَّت المرأةُ خمسَها وصامت شهرَها وحفِظت فرجَها وأطاعت زوجَها قيل لها ادخُلي الجنَّةَ من أيِّ أبوابِ الجنَّةِ شئتِ. ))
ولكن ثمة مزالق في كسب المال لا تعد ولا تحصى، أكثرها تحايل على الربا، والعملية عملية ربا، لكن بأسلوب آخر.
حتى قيل في مصر: إذا وضعت مالك في البنك، أو في المصرَف فهو أمانة عند هؤلاء، لأنهم أصحاب ذوق، يقدمون لك عوائد، وليست فوائد، الأسماء غيرناها، ويمكن أن نغير الاسم، نغير الشكل، نغير الصيغة، الطريقة، الربا ربا بأي اسم، وبأي طريق، قال تعالى:
﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَأۡكُلُواْ ٱلرِّبَوٰٓاْ أَضۡعَٰفًا مُّضَٰعَفَةًۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ (130) وَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ ٱلَّتِيٓ أُعِدَّتۡ لِلۡكَٰفِرِينَ (131) وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ (132)﴾
وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ
رحمة الله مطلق عطائه، رحمة الله يصعب تفسيرها، فهي تبدأ من الصحة وتنتهي بالجنة، تبدأ من التوفيق، ومن راحة البال، ومن الشعور بالأمن، ومن الشعور بالسكينة، ومن حسن السمعة بين الناس، ومن القناعة، ومن الرضا عن الله عز وجل، رحمة الله كلمة لا حدود لها، أقلها الصحة، وأعلاها الجنة، قال تعالى: ﴿وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ﴾ .
2 ـ رحمة الله ثمنها طاعته:
رحمة الله ثمنها طاعته، لذلك لما التقى سيدنا عمر بسيدنا سعد بن أبي وقاص، وكان هذا الصحابي الجليل خال رسول الله، وكان النبي عليه الصلاة والسلام يحبه حباً جماً، وكان يداعبه، ويفتخر به، وما فدّى أحداً بأمه وأبيه إلا سيدنا سعد، قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَقَدْ جَمَعَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ أَبَوَيْهِ كِلَيْهِمَا يُرِيدُ حِينَ قَالَ:
(( ارمِ سعدٌ فِداك أبي وأُمِّي. ))
ومع ذلك لقيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: << يا سعد، لا يغرنك أنه قد قيل: خال رسول الله، فالخلق كلهم عند الله سواسية، ليس بينهم وبينه قرابة إلا طاعتهم له>> فقط، ليس بينك وبين الله إلا الطاعة، ليس بينك وبين الله إلا الطاعة فقط.
أطِعْ أمْرَنا نرْفَع لِأَجْلك حُجْبنا فإنا منَحنا بِالرِّضى من أحَبَّنا
ولُذ بِحِمــــانا واحْتَمِ بِجَنابِنـــا لِنَحْميك ممِّا فيه أشْرار خَلْقِنـا
الآن الآية التي تليها:
﴿ وَسَارِعُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ أُعِدَّتۡ لِلۡمُتَّقِينَ (133)﴾
وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ
أولاً: دقق في كلمة سارعوا، أنت في الدنيا في أيام معدودة، بل أنت بضعة أيام، كلما انقضى يوم انقضى بضع منك، لذلك ينبغي أن تسارع، وليس هناك مسارعة إلا للسباق، فأنت في سباق، وقد ورد: ومن لم يكن في زيادة، فهو في نقصان، والمغبون من تساوى يوماه.
2 ـ ينبغي أن تكون مع الجماعة:
﴿وَسَارِعُوٓاْ﴾ فيها واو جماعة، فينبغي أن تكون مع الجماعة، وليس هناك سباق فردي في الأرض كلها، هل سمعت أن إنسانًا دخل في سباق بمفرده فكان الأول؟ هذا كلام مضحك، لا يوجد في الأرض سباق فردي، كلمة سباق في جماعة، أو اثنين، ينبغي أن تكون مع الجماعة، لأنه كما قال رسول الله ﷺ:
(( الجماعة رحمة، والفرقة عذاب. ))
(( فإنَّ الشَّيطانَ معَ الواحدِ، وهوَ مِنَ الاثنَينِ أَبْعَدُ. ))
(( عليكَ بالجَماعةِ فإنّمَا يأكلُ الذِّئبُ مِنَ الغَنمِ القاصِيَة. ))
﴿وَسَارِعُوٓاْ﴾ المسارعة في سباق أولاً: تقتضي هذه الآية أن تكون في جماعة، وتقتضي هذه الآية أن تكون متفوقاً، أن تكون في المقدمة، لأن علو الهمة من الإيمان، وهناك ملمح دقيق في آية أخرى يفيدنا الآن، قال تعالى:
﴿ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلْمَوْتَ وَٱلْحَيَوٰةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفُورُ(2)﴾
إذا كانت شعبة متفوقين نقرأ النتائج لا لنعرف من نجح، ومن رسب، لا كلهم ناجحون، بل نقرأ النتائج لنعرف من هو الأول، ومن هو الثاني، ومن هو الثالث.
كل شيء ميسر لك، الكون ينطق بوجود الله، وبوحدانيته، وكماله، وهذا القرآن فيه إعجاز، وكلام النبي فيه رحمة، فكل شيء جاهز أمامك، النجاح مفروغ منه، لكن الامتحان من أجل معرفة المتفوقين فقط ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ فقط.
وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ
﴿وَسَارِعُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ أُعِدَّتۡ لِلۡمُتَّقِينَ﴾ كلمة ﴿عَرۡضُهَا﴾ تعني جنة واسعة أرجاؤها، كلمة عريض يعني واسع، فلان له جاه عريض، مصطلح لغوي، فلان ذو دعاء عريض، يرفع صوته بالدعاء، فلان مثلاً له جاه عريض، العرض العِظَم والسعة، هذا المعنى الأول: ﴿وَسَارِعُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ﴾ هناك ذنوب تُمحا أولاً، وهناك جنة ثانية، تخلية وتحلية، محو سلبي، وشيء إيجابي، سارِع إلى شيئين؛ إلى مغفرة، وإلى جنة، لو أننا قلنا: سارع إلى مغفرة الله، غفر لك، لا يوجد شيء إيجابي، عفا عنك، أنت إذا عفوت عن طالب مقصر، فمقتضى هذا الإعفاء أن تقدم له جائزة أيضاً، فأنت إن سارعت إلى شيئين؛ إلى مغفرة الله أولاً، وإلى جنة عرضها السماوات والأرض.
إذا كان عرضها السماوات والأرض فكم طولها، السماوات والأرض تعبير قرآني عن الكون، والكون ما سوى الله، إذا كانت هذه الجنة الذي دُعينا إليها عرضها السماوات والأرض فكم طولها؟
في آية أخرى:
﴿ مُتَّكِـِٔينَ عَلَىٰ فُرُشٍ بَطَآئِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍۢ ۚ وَجَنَى ٱلْجَنَّتَيْنِ دَانٍۢ(54)﴾
إذا كانت البطانة من إستبرق فما نوع القماش الأساسي، هذا نوع من المبالغة، البطانة من إستبرق، فما قولك بالقماش الذي يظهر إلى الناظر، إذا كانت هذه الجنة عرضها السماوات والأرض فكم طولها؟
﴿أُعِدَّتۡ لِلۡمُتَّقِينَ﴾ للذي يقول: معاذ الله، إنه ربي أحسن مثواي، للذي يقول: الله الغني، هذا الذي يتورع عن المعصية، هو المتقي، وهذه الجنة التي عرضها السماوات والأرض، والتي هو فيها إلى أبد الآبدين:
﴿ لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ (48)﴾
﴿ لَهُم مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ۚ ذَٰلِكَ جَزَآءُ ٱلْمُحْسِنِينَ(34)﴾
﴿ جَنَّٰتُ عَدْنٍۢ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلْأَنْهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَآءُ مَن تَزَكَّىٰ(76)﴾
﴿ كَذَٰلِكَ وَزَوَّجْنَٰهُم بِحُورٍ عِينٍۢ(54)﴾
الفائز الحقيقي مَن فاز بالجنة:
اقرأ أوصاف الجنة في القرآن الكريم، كلام خالق هذا، كلام لا بد أن يقع، من هو الفائز؟ ما هو الفوز عند الناس الآن؟ من هو الفائز؟ معظم الناس يرون أن الفائز هو الغني الذي له دخل كبير، إما من تجارة، أو صناعة، أو زراعة، أو منصب رفيع، أو بيت واسع جداً في أرقى أحياء دمشق، أو مركبة فارهة جداً، أو مزرعة كالجنة مثلاً، أو بيده وكالات حصرية، تدر عليه دخلاً فلكياً، أو عنده أراضٍ أخذها بثمن بخس، فإذا ثمنها اليوم أضعاف مضاعفة، هذا الفوز عند الناس، أو له زوجة تروق له، أو له أولاد كلهم أطباء ومهندسون، هذه كلها مقاييس الدنيا، لكن ما مقياس الفوز عند الله؟ آية واحدة قال تعالى:
﴿ كُلُّ نَفْسٍۢ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ ۖ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدْخِلَ ٱلْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَآ إِلَّا مَتَٰعُ ٱلْغُرُورِ (185)﴾
﴿فَمَن زُحْزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدْخِلَ ٱلْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ﴾ ، الزحزحة فعل ثنائي مضعف، مثل: قلقل، ودمدم، وعسعس، وزلزل، وهو أساسه زلّ وزل، تصبح زلزل، سمّاه علماء اللغة ثنائيًا مضعّفا، هذا يفيد الحركة، فكل ما في الدنيا يدعو إلى جهنم؛ نساء كاسيات عاريات، الدنيا خضرة نضرة، مالها يغري، ونساؤها تغري، وقصورها تغري، ومركباتها تغري، وتجارتها تغري، إنها ترقص للناس، وقد افتتنوا بها، فإذا أخذ الإنسان الآن تأشيرة دخول إلى أمريكا فكأنه حج، يقول: الله يطعمها لكل مشتهٍ مثلاً، هذه قِيم الناس، استطاع أن يأخذ تأشيرة دخول إلى أمريكا، أو إلى أوروبا مثلاً، أو تمكن من تجارة ناجحة مثلاً، لكن في القرآن: ﴿فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَآ إِلَّا مَتَٰعُ ٱلْغُرُورِ﴾ هذا المؤمن، المؤمن مُصدِّق، لذلك لما خرج قارون بزينته قال تعالى عنه:
﴿ فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ ۖ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَوٰةَ الدُّنْيَا يَٰلَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَٰرُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79 (وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ ءامَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّىٰهَا إِلَّا الصَّٰبِرُونَ (80)﴾
طريق الجنة شاقٌّ لكنه مريح في النهاية
وبشكل مبسط تمشي على طريق مستوٍ، ثم وجدت طريقين؛ طريقًا هابطة معبدة، فيها ورود، ورياحين، وأشجار، وأنت راكب دراجة، والطريق الآخر صاعدة، فيها حفر، وأكمات، وغبار طبعاً تختار بالفطرة الطريق الهابطة، لأنها مريحة جداً، وجميلة، ومن دون جهد، وعند مفترق الطريقين لوحة كُتب عليها: هذه الطريق الصاعدة تنتهي بقصر منيف، فيه كل شيء لمن دخله، وهذه الطريق النازلة تنتهي بحفرة ما لها من قرار، فيها وحوش كاسرة، بعد أن قرأت الإعلان أيّ طريق تختار؟ الصاعدة تتناقض مع طبيعتك، أنت راكب دراجة تحتاج إلى جهد كبير جداً، والطريق غير مستوية، وعرة، وفيها أكمات، وحفر وحرّ، ولكن بعد نصف ساعة أنت في قصر منيف، وهذه الطريق الهابطة مريحة، معبدة، محاطة بالأزهار والرياحين، فيها نساء جميلات، لكن تنتهي بحفرة ما لها من قرار، هذه اللوحة تكفي أن تقلبك مئة وثمانين درجة، هذه اللوحة تكفي أن تنعكس موازينك، ما قولك إذا كان إلى جانب اللوحة منظارٌ معلَّق، إذا أردت فانظر إلى نهاية الطريقين، كل شيء مريح آخرته إلى جهنم، يأكل بلا قيد، حرام، حلال، يجوز، لا يجوز، ولا يهمه إن كان في الطعام لحم الخنزير، يمتع عينيه بكل امرأة تحل له، ولا تحل له، امرأة أجنبية، يقول لك: أريد أن أعيش وقتي، هذا كلام شيطان،
(( إنَّ عملَ النَّارِ سَهْلٌ بسَهوةٍ. ))
[ تخريج المسند لشعيب بسند ضعيف جداً ]
استرخاء من دون قيد، تفلت، لا قيد، ولا قيمة لشيء حرام، دابة أفلتتْ، فهي تفعل ما تشاء، أما عمل الجنة ففيه قيود، فيه حرام، حلال، مكروه، مستحب، أمر، نهي، يجوز، ولا يجوز، جهنم، ترى أن حياة المؤمن كلها قيود.
مثلاً: إذا التقى شابان مع بعضهما، قال الأول: أنا في المدرسة، وعندنا ست وثلاثون ساعة دوام، وعندنا أساتذة مخيفون، وكل يوم هناك وظيفتان، أو ثلاثة، وتقارير، ومحاضرات، وتلخيص كتب، وأبي قاسٍ جداً، فبإشارة من المدرسة أنني مقصر يؤنبني، والله حياتنا كلها لا تطاق، فالثاني لا يوجد عنده مدرسة، من أبناء الأزقة، ينام إلى الظهر إذا أراد، يقول: لا يوجد شيء أفعله، مساءً أذهب إلى السينما، وقبل الظهر نائم، وألعب في الليل النرد مع أصدقائي، في الحقيقة من الناجح؟ المتعب أم المستريح؟ العبرة أن ترى النهاية، العبرة أن تضحك متأخراً، فكل إنسان يضحك أولاً يبكي كثيراً، وكل إنسان يبكي كثيراً، ثم يضحك فهو الفائز، فبطولتك لا أنْ تضحك الآن، بل أن تضحك غداً، قال تعالى:
﴿ فَالْيَوْمَ الَّذِينَ ءامَنُوا مِنْ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ(34)﴾
أما الكفار إذا رأوا مؤمنًا يقولون: إنه محدود، متزمّت، عقله صغير، يلحق الدين، ماذا في الدين؟ تعال واسهر معنا، وانظر المناظر الجميلة، والاختلاط ما أجمله، تعال معنا، نحن شباب طيبون، ومرحون، فـ ﴿الَّذِينَ ءامَنُوا﴾ يوم القيامة ﴿مِنْ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ﴾ .
﴿ إِنَّهُۥ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِى يَقُولُونَ رَبَّنَآ ءَامَنَّا فَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ ٱلرَّٰحِمِينَ(109) ٱتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّىٰٓ أَنسَوْكُمْ ذِكْرِى وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ(110)﴾
أيها الإخوة الكرام، المسارعة تقتضي أن تكون في جماعة، والمسارعة تقتضي أن تكون ذا همة عالية، والمسارعة تقتضي أن تكون ملتزماً بالأمر والنهي تماماً من أجل المغفرة، وملتزماً بالعمل الصالح من أجل الجنة، فالمغفرة تحتاج إلى توبة، والجنة تحتاج إلى عمل صالح، والدليل:
﴿ قُلْ إِنَّمَآ أَنَا۠ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰٓ إِلَىَّ أَنَّمَآ إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَٰحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِۦ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَٰلِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِۦٓ أَحَدًۢا(110)﴾
﴿وَسَارِعُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ أُعِدَّتۡ لِلۡمُتَّقِينَ﴾ جنة تساوي الكون، هؤلاء المتقون:
﴿ ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي ٱلسَّرَّآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَٱلۡكَٰظِمِينَ ٱلۡغَيۡظَ وَٱلۡعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِينَ (134)﴾
وفي درس آخر إن شاء الله نتابع شرح هذه الآيات.
الملف مدقق