وضع داكن
08-11-2024
Logo
قناة قطر - الندوة : 02 - سنن الله عز وجل في هدايته لخلقه - سنن الرفع وسنن الردع .
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

الدكتور محمد المري :
  بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ، وأظهر الحق بالحق وأخذ الأحزاب ، وأتم نوره وجعل كيد الكافرين في تباب ، وأرسل الرياح بشراً بين يدي رحمته ، وأجرى بفضله السحاب ، وأنزل من السماء ماءً فمنه شجر ومنه شراب ، وجعل الليل والنهار خلفةً فتذكر أولو الألباب ، وجعل القرآن فرقاناً بين أهل الحق وأهل الارتياب ، وحفظ الأمة بالسنة المبينة للكتاب ، وأشهد أن لا إله إلا الله غافر الذنب وشديد العقاب ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله والأصحاب وسلم تسليماً كثيراً .
 أما بعد حياكم الله جميعاً مشاهدي الأكارم وأهلاً بكم في برنامجكم الأسبوعي رياض الجنة ، والذي يعد بوابةً دعويةً بين أهل العلم وبين الناس ، نسأل الله أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم ، ونتشرف في هذا اليوم أن يكون ضيف هذا اللقاء فضيلة الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي الداعية الإسلامي المعروف ، فأهلاً ومرحباً بكم وحياكم الله فضيلة الشيخ .
الدكتور راتب :
 بارك الله بكم ، ونفع بكم ، وأعلى قدركم .
الدكتور محمد المري :
 جزاك الله خيراً شيخنا ، مشاهدينا الكرام ؛ أرسل الله الرسل إلى الناس لينقلوهم من ظلام الجهل إلى نور العلم ، ومن ظلام الشرك إلى نور الإيمان ، ومن التزين بالباطل إلى الانقياد للحق والعمل به وكان لله سبحانه وتعالى سُننٌ محكمة لتبين طريق الحق للخلق ، كما قال تعالى :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾

[ سورة الأنفال الآية : 24]

 حول موضوع سُنن الله في الدفع والردع يسرنا أن نرحب بمداخلاتكم واتصالاتكم على الأرقام التي ستظهر على الشاشة بعد قليل . شيخنا في بداية هذا اللقاء الأجواء جميلة وزاد جمالها حضورك اليوم .
الدكتور راتب :
 بارك الله بكم ، ونفع بكم .
الدكتور محمد المري :
 نبارك لكم المطر والغيث نسأل الله أن يجعله طيباً إن شاء الله ، كنا نتكلم شيخنا عن نزول المطر ، وذكرنا أن الله يقول .

 

القانون يتيح لنا التنبؤ بما سيكون قبل أن يكون :

الدكتور راتب :

﴿ وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً ﴾

[ سورة الجن الآية : 16]

 الحقيقة الله ثبّت مليون قانون لكن حرك الصحة والأمطار باستثناء هذا الثبات لأن الله عز وجل رب العالمين يريد أن يربينا ، يؤدبنا ، ليلفت نظرنا من خلال هاتين القضيتين الاثنتين .
الدكتور محمد المري :
 الله أكبر! جزاكم الله خيراً شيخنا على هذه الإضافة الجميلة ، شيخنا اليوم عنوان الحلقة "سنن الدفع والردع" ، ماذا نقصد بهذا العنوان ؟
الدكتور راتب :
 بادئ ذي بدء نقول : نحن في العلم ، العلم هدفه القانون أو ينتهي بالقانون ، والقانون يتيح لنا التنبؤ ، بمعنى أنه لابد من ترك فواصل بين الأشياء المتلاصقة من أجل التمدد حسب قانون التمدد ، لو لم نتركها لانهار البناء ، إذاً قانون يعطينا هدف كبير هو التنبؤ بما سيكون ، تنبؤ وفق أسس علمية ، فلذلك القانون نهاية العلم ، من تعريفات القانون ؛ علاقةٌ بين متغيرين .
الدكتور محمد المري :
 لكن هل نستطيع أيضاً أن نقول هو نتيجة هذا العلم ؟
الدكتور راتب :
 طبعاً ، نهاية العلم أو هدف العلم ، لأن القانون يتيح لنا التنبؤ بما سيكون قبل أن يكون .
الدكتور محمد المري :
 سنتنبأ ونضع له بعض الأسس والأحكام التي تعيننا عليها .

 

يقابل القانون في العلم السنن في الدين :

الدكتور راتب :
 ماذا يقابل القانون في الإسلام ، في الدين ، في وحي السماء ، في منهج خالق الأكوان ؟ السنن ، قال تعالى :

﴿ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً ﴾

[ سورة فاطر الآية : 43]

الدكتور محمد المري :
 هناك آية أخرى ؟
الدكتور راتب :

﴿ تَحْوِيلاً ﴾

[ سورة فاطر الآية : 43]

 إذاً يقابل القانون في العلم السنن في الدين ، أي قوانين ثابتة ، علاقات ثابتة ، القانون أساسه علاقةٌ مقطوعٌ بها ، معنى مقطوعٌ بها أي الشك ثلاثون بالمئة ، الظن خمسون بالمئة .
الدكتور محمد المري :
 أعلى قليلاً .
الدكتور راتب :
 الوهم ثلاثون في المئة ، الشك خمسون في المئة ، الظن سبعون في المئة .
الدكتور محمد المري :
 غلبة الظن .
الدكتور راتب :
 تسعون في المئة ، القطع مئة بالمئة .
الدكتور محمد المري :
 اليقين .
الدكتور راتب :
 دينا يقينيات ، هذا الدين يقينيات والدليل :

﴿ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ ﴾

[ سورة التكاثر الآية : 5]

 مثلاً منطلق بمركبة بسرعة عالية جداً ، بمنحدر شديد ، وهذا المنحدر ينتهي بمنعطفٍ حاد ، اكتشف السائق أن المكبح تعطل .
الدكتور محمد المري :
 ليس عنده فرامل .

 

سنن الدفع إلى الله :

الدكتور راتب :
 يقول : انتهينا ، يعبر عن المستقبل بالماضي .

﴿ أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ ﴾

[ سورة النحل الآية : 1]

 أتى وهو سيأتي ، الماضي إذا جاء محل المستقبل لتحقق الوقوع ، فنحن عندنا قوانين في العلم ناتجة من استقراءات ، من استنباطات ، من إخباريات أحياناً ، وعندنا في الإسلام سنن ، والآية واضحة :

﴿ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً ﴾

[ سورة فاطر الآية : 43]

 ولا :

﴿ تَحْوِيلاً ﴾

[ سورة فاطر الآية : 43]

الدكتور محمد المري :
 شيخنا أحياناً القوانين قد تتبدل أو تتغير ، هل تفسر لنا ذلك ؟ لكن السنن .
الدكتور راتب :
 الآية :

﴿ وَلَنْ تَجِدَ ﴾

[ سورة فاطر الآية : 43]

 ثابتة ، علاقات ثابتة ، أي نحن عندنا سنن الدفع إلى الله .
الدكتور محمد المري :
 وهي التي نريد أن نتحدث عنها بموضوع الحلقة سنن الدفع والردع .
الدكتور راتب :
 والردع ، الهدى البياني أنت مرتاح ليس عندك أية مشكلة في بيتك ، مع زوجتك ، مع أولادك ، بعملك ، بمكانتك ، بصحتك ، بدخلك ، بإنفاقك ، بنشاطاتك ، تستمع إلى القرآن الكريم ، تستمع إلى خطبة جمعة ، إلى حديث رسول الله ، إلى درس ديني ، إلى ندوة في التلفاز ، أنت بهذا الاستماع تلقيت عن الله عز وجل ، الموقف الكامل والرائع والواجب الاستجابة .

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾

[ سورة الأنفال الآية : 24]

الإنسان بين الدفع والرفع والبطولة أن تفهم على الله حكمته :

 دقق ؛ يحييكم ، الإنسان قد يكون نبضه مثالياً ، ضغطه مثالي ، قد يكون عند الله ميت ، قال :

﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ﴾

[ سورة النحل الآية :21]

 أو :

﴿ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ ﴾

[ سورة المنافقون الآية :4]

 طاولة ، أو :

﴿ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ﴾

[ سورة الفرقان الآية : 44]

 أو :

﴿ كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً ﴾

[ سورة الجمعة الآية : 5]

 خيارك مع العلم ليس خياراً تحسينياً بل خياراً وجودياً من أجل أن تؤكد إنسانيتك ، وأنك المخلوق الأول والمكرم والمكلف ، ينبغي أن تطلب العلم ، فإذا أردت الدنيا فعليك بالعلم ، والآخرة عليك بالعلم ، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم .
الدكتور محمد المري :
 هذا شيخنا بالنسبة لسنن الدفع ، والردع ماذا نقصد به ؟
الدكتور راتب :
 الردع : المصائب ، المصائب سميت مصائب لأن مفردها مصيبة وتصيب الهدف ، سأضرب أمثلة كثيرة : إنسان مسرف في إنفاقه ، والإسراف لا يجوز ، ساق الله له ضائقة مالية هذه مصيبة ، وقف موقفاً فيه كبر ، ساق الله له موقف فيه تطامن ، فيه تحجيم .
الدكتور محمد المري :
 ردعه عن هذا الكبر .
الدكتور راتب :
 أبداً ، فالدفع دفع إلى الله ، والردع ردع عن معصية ، عن تقصير ، عن شُبُهة ، عن عمل لا يرضي الله عز وجل ، فأنت بين الدفع والرفع ، والبطولة أن تفهم على الله حكمته ، وقالوا : من لم تحدث المصيبة في نفسه موعظةً ، فمصيبته في نفسه أكبر ، من لم تحدث المصيبة في نفسه موعظةً .
الدكتور محمد المري :
 أي تغير مثلاً .

 

الهدى البياني أول سنة من سنن الدفع إلى الله :

الدكتور راتب :
 موعظةً ، فمصيبته في نفسه أكبر ، فهو المصيبة .
الدكتور محمد المري :
 هذه الموعظة شيخنا كيف تتحقق ؟ تتحقق بالتغير يعني يتغير .
الدكتور راتب :
 طبعاً ، نحن في الحقيقة عندنا آية دقيقة جداً :

﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾

[ سورة الرعد الآية : 11]

 أنت مرتاح مثلاً إن شاء الله كلنا ، مرتاح بصحتك ، ليس عندك مشكلة صحية كبيرة ، مرتاح مع زوجتك ، مع أولادك ، مع أصهارك ، مع كنائنك ، بمجتمعك ، مع والديك ، بدخلك ، بإنفاقك ، نقول له نهمس في أذنه : لا تغير الله لا يغير ، فابقَ صاعداً ، ما دمت ما غيرت من طاعةٍ إلى معصية ، من تواضع إلى كبر ، من إنفاق باعتدال إلى إسراف ، ما دمت ما غيرت الله لا يغير ، اطمأن للمستقبل ، وأنا أقول دائماً كلمة دقيقة جداً : لا تقلق على هذا الدين إنه دين الله ولكن اقلق ما إذا سمح الله لك أو لن يسمح أن تكون جندياً له .
 فالهدى البياني أول سنة من سنن الدفع إلى الله ، تابعت ندوة تلفزيونية كهذه الندوة ، تابعت تلاوة قرآن كريم ، تابعت معنا آية ، استمعت إلى خطبة جمعة ، اخترت جامعاً قانعاً بخطيبه فهي كلها تتلقى من الله التوجيه ، والآيات ، والنصوص ، والأهداف ، والمحاذير ، فأنت مهمتك أن تستجيب ، الدليل :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾

[ سورة الأنفال الآية : 24]

 أي أن الإنسان من دون دين ميت .

﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ﴾

[ سورة النحل الآية :21]

الدكتور محمد المري :
 شيخنا سنن الهداية من خلال القرآن والسنة كثيرة ، نريد أن نتحدث عن سنن الهداية.
الدكتور راتب :
 الهداية أن تتلقى من الله وحيه ، أن تتلقى من النبي تفسير هذا الوحي .

(( تَركْتُ فيكُمْ أَمْرَيْنِ لنْ تَضِلُّوا ما تَمسَّكْتُمْ بهما : كتابَ الله ، وسنّة رسولِهِ))

[أخرجه مالك عن بلاغ مالك]

 إذاً نحن أمام كتابٍ وسنة .
الدكتور محمد المري :
 يأتي الآن شيخنا من ينكر هذه السنة ، أو هذا الوحي ويأخذ القرآن ويرد السنة .

 

الله تعالى جعل القرآن قطعيات وجعل السنة شارحة للقرآن :

الدكتور راتب :
 دقيقة .

﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾

[ سورة الحشر الآية : 7]

 فالذي ألغى السنة ألغى القرآن .
الدكتور محمد المري :
 لأنه أمر في هذه الآية ، الآية أمر باتباع النبي صلى الله عليه وسلم .
الدكتور راتب :

﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ ﴾

[ سورة الحشر الآية : 7]

 لو أنه لا يوجد سُّنة يجب أن يكون القرآن مئة ألف صفحة .
الدكتور محمد المري :
 لكي يبين كل شيء .
الدكتور راتب :
 أما جعل القرآن قطعيات ، وجعل السنة شارحة للقرآن .
الدكتور محمد المري :
 فلا يستقيم ، أي أن هذه من السنن الثابتة ؟
الدكتور راتب :
 أبداً ، شيء ثابت ، أنت أعقد آلة في الكون ، هذا التعقيد تعقيد إعجاز لا تعقيد عجز ولهذه الآلة صانعٌ عظيم ولهذا الصانع العظيم تعليمات التشغيل والصيانة ، فانطلاقاً من حرصك اللامحدود على سلامتك ، وعلى سعادتك ، وعلى استمرارك ، ينبغي أن تتبع تعليمات الصانع ، لا تحب أحداً ، أحب نفسك ، انظر يوجد في الأرض ثمانية مليارات إنسان .
الدكتور محمد المري :
 ما المقصود شيخنا أحب نفسك ؟
الدكتور راتب :
 أي احرص على سلامتها وسعادتها ، يوجد ثمانية مليارات إنسان الآن أحدث إحصاء قبل سنتين ، هل بينهم إنسان يحب المرض ؟
الدكتور محمد المري :
 لا أبداً .

 

أي إنسان في الأرض حريص على سلامته وسعادته واستمراره :

الدكتور راتب :
 الفقر ؟ القهر ؟ هل يوجد إنسان لا يحب أن يكون بيته واسعاً ؟ زوجته صالحة ؟ أولاده أبراراً ؟ بناته محتشمات ؟ له مكانة اجتماعية ؟ فأنت إذا طبقت منهج الله حققت هذه الأهداف كلها ، هل هناك إنسان لا يحب أن يكون أولاده صالحين ؟ دائماً أي إنسان في الأرض حريص على سلامته وسعادته واستمراره ، الاستمرار بالأولاد ، السلامة بالاستقامة ، والسعادة بالعمل الصالح ، والاستمرار بتربية الأولاد .
 كنت أقول دائماً : لو بلغت أعلى منصبٍ في الأرض ، وجمعت أكبر ثروةٍ فيها ، ولم يك ابنك كما تتمنى فأنت أشقى الناس .
 أنت يجب أن تهتم بسلامتك بالاستقامة ، باتباع تعليمات الصانع ، وبسعادتك بالإقبال عليه ، لأن الله مصدر الجمال والكمال والنوال .

(( ابن آدم اطلبنِي تجدني ، فإذا وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتك فاتك كل شيء وأنا أحب إليك من كل شيء ))

[ حديث قدسي ]

(( لله أفرح بتوبة عبده من الضال الواجد ، والعقيم الوالد ، والظمآن الوارد))

[ذكره السيوطي في الجامع الصغير عن أنس]

 فالنقطة دقيقة جداً ؛ موضوع مصيري ، موضوع سعادة أو شقاء ، موضوع أدق من ذلك نكون أو لا نكون ، هؤلاء الذين شردوا عن الله .

﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ﴾

[ سورة النحل الآية :21]

الدكتور محمد المري :
 أين هم من هذه السنة شيخنا ؟
الدكتور راتب :
 تركوا السنة ، تركوا المنهج ، مثلاً أنت تركب مركبة حديثة جداً ، تألق ضوء أحمر ، إذا توهمت هنا أنه ضوء تزييني احترق المحرك ، تحتاج مئة ألف ، إذا قرأت تعليمات الصانع .
الدكتور محمد المري :
 واتبعتها .

 

قانون يحتاجه البشر جميعاً في التعامل مع الآخرين :

الدكتور راتب :
 وأن هذا التألق تحذيري ، أضف الزيت ، أضفت لتر زيت ، سلم المحرك ، فأنت لأنك أعقد آلة في الكون ، ولك صانعٌ عظيم ، وصانعٌ حكيم ، وأرسل لك عن طريق الأنبياء تعليمات التشغيل والصيانة ، فانطلاقاً من حرصك على سلامتك ، وعلى سعادتك ، وعلى استمرارك ينبغي أن تتبع تعليمات الصانع .
الدكتور محمد المري :
 شيخنا البعض يسأل لماذا نتبع ؟ أليس الله غنيٌ عنا ؟ لماذا يأمرونا بالعبادة وهو غني عنا ؟
الدكتور راتب :
 هو :

﴿ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾

[ سورة البقرة الآية : 267]

 للتقريب ؛ إذا أب ملياردير ومعه دكتوراه وليس بحاجة إلى أولاده إطلاقاً ، لو رأى أولاده شردوا عن الدين ، وشقوا في الدنيا ألا يتألم ؟
الدكتور محمد المري :
 نعم .
الدكتور راتب :
 كمال الله عز وجل .

(( لله أفرح بتوبة عبده من الضال الواجد ، والعقيم الوالد ، والظمآن الوارد))

[ذكره السيوطي في الجامع الصغير عن أنس]

 من رحمته :

﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ﴾

[ سورة آل عمران الآية : 159]

 أي يا محمد بسبب رحمةٍ استقرت في قلبك من خلال اتصالك بنا كنت ليناً لهم ، فلما كنت ليناً لهم أحبوك والتفوا حولك ، وأنت أنت لو كنت افتراضاً منقطعاً عنا لامتلأ القلب قسوةً ولانعكست القسوة غلظةً وفظاظةً عندئذٍ .

﴿ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾

[ سورة آل عمران الآية : 159]

 هذا قانون يحتاجه الأب ، والأم ، والجد ، والجدة .
الدكتور محمد المري :
 في التعامل مع الآخرين .

 

الأب محبوب عند الأولاد عند تطبيق منهج الله :

الدكتور راتب :
 يحتاجه البشر جميعاً .
الدكتور محمد المري :
 شيخنا كأنك تقول : لو كان الأب غليظاً لانفض أولاده من حوله ، المدير غليظاً لانفض الموظفين .
الدكتور راتب :
 لي كلمة دقيقة للآباء : بالثقافة الإسلامية الأب محترم جداً ، هذه من نعم الله الكبرى ، لكن البطولة لا أن تكون محترماً فقط أن تكون محبوباً .
الدكتور محمد المري :
 أي من الممكن أن يحترمك الابن ولكن الأفضل أن يحبك .
الدكتور راتب :
 الثقافة العامة يجب أن يضيف إلى احترامه محبته .
الدكتور محمد المري :
 حسناً ، كيف نضيف هذه المحبة هي أيضاً الرحمة التي أشرت إليها ؟
الدكتور راتب :
 بإكرام الأب ، بإكرامه ، بخدمته ، ببره .
الدكتور محمد المري :
 لا أقصد كيف يكون الأب محبوباً عند الأولاد ؟
الدكتور راتب :
 بتطبيق منهج الله ، باتباع تعليمات الصانع .
الدكتور محمد المري :
 ومنها التي ذكرت الرحمة .
الدكتور راتب :
 أبداً .
الدكتور محمد المري :
 بهذا يكون محبوباً عند الولد ، شكراً لكم شيخنا نستأذنك ونستأذن مشاهدينا للخروج لهذا الفاصل أيها الأحبة ثم نعود إليكم كونوا معنا .
 أهلاً ومرحباً بكم أيها الأحبة عدنا إليكم مرةً أخرى وضيفنا فضيلة الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي حياكم الله شيخنا مرةً أخرى .

العقل مرتبط بالواقع أما الدين فمرتبط بوحي السماء :

الدكتور راتب :
 بارك الله بكم ، ونفع بكم .
الدكتور محمد المري :
 شيخنا أحسن الله لك ، تكلمنا عن سنن الهداية ، والآن قبل أن نتكلم عن الهدى البياني والتأديب التربوي ، البعض شيخنا يقارن بين السنة والقانون مثلما أشرت بالمحور الأول ، فكما أن القانون يعرض على العقل ، هو يعرض السنة على العقل ، فإما يقبلها العقل وإما يرفضها .
الدكتور راتب :
 دقق سيدي ، لو أيقظنا إنساناً من قبره مات قبل مئة عام أعطيناه السي دي فيه ألف وخمسمئة كتاب ، موسوعة شاملة ، ألف وخمسمئة كتاب في قرص ، لا يصدق ، العقل مرتبط بالواقع ، أما الدين بوحي السماء .
الدكتور محمد المري :
 أي ليس للعقل أن يحصيه .
الدكتور راتب :
 لا العقل له دور دقيق ، عليه أن يتأكد من صحة النص ، هذا عمل العقل ، هناك حديث صحيح بالبخاري ، هناك ضعيف ، وموضوع ، وحسن .
الدكتور محمد المري :
 هذا دور العقل الآن .
الدكتور راتب :
 على العقل أن يتأكد من صحة النص ، ثم أن يفهم النص ، وتنتهي مهمته .
الدكتور محمد المري :
 شيخنا ، العقل بحث فوجد أن هذا الحديث صحيح في البخاري ، لكن الحديث الصحيح الذي في البخاري عُرض على العقل فما استوعبه العقل يرده ؟
الدكتور راتب :
 العقل قاصر عن فهم حكمة الله .
الدكتور محمد المري :
 وهذا الذي أريد أن أصل إليها .
الدكتور راتب :
 العقل قاصر ، العقل مربوط بالواقع ، ذكرت قبل قليل : أيقظنا إنساناً مات قبل مئة عام ، أعطيناه قرص .
الدكتور محمد المري :
 لا يستوعب ، أبداً لا يستوعب .

الفرق بين اليقين الحسي والعقلي والإخباري :

الدكتور راتب :
 أعطيناه قرصاً مدمجاً فيه ألف وخمسمئة كتاب لا يصدق ، أما الدين مرتبط بوحي السماء بالمطلق .
الدكتور محمد المري :
 فإن صح الحديث فيقبل كما هو ولا يقبل النقاش فيه .
الدكتور راتب :
 العقل له دوران ، التأكد من صحة النقل ، ثم فهم النقل ، وانتهت مهمته ، أما الوحي من عند المطلق ، من عند الأزلي ، من عند صاحب الجمال والكمال والنوال .
الدكتور محمد المري :
 إذاً يقين .
الدكتور راتب :
 أبداً ، دقق .

﴿ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ﴾

[ سورة التكاثر الآية : 5 ـ 6]

 يوجد عندنا يقين حسي كأسماء ، طاولة ، أدواته الحواس الخمس واستطالاتها ، الميكروسكوب ، والتلسكوب ، يوجد عندنا يقين عقلي مثلاً أنا أمامي جدار ووراءه يوجد دخان ، عقلي يقول لي : لا دخان بلا نار ، اليقين الحسي لشيءٍ ظهرت عينه وآثاره ، أدواته الحواس الخمس واستطالاتها ، أما اليقين العقلي لشيءٍ غابت عينه وبقيت آثاره فأداته العقل ، أما الإخباري لشيءٍ غابت عينه وآثاره فأداته الوحيدة الخبر الصادق ، لكن المؤمن يتلقى أخبار الله له وكأنه يراه .
الدكتور محمد المري :
 مثل ماذا ؟
الدكتور راتب :

﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ﴾

[ سورة الفيل الآية : 1]

الدكتور محمد المري :
 أنا لم أرَ لكني أصدق .
الدكتور راتب :
 ينبغي أن تأخذ إخباره كأنك رأيت ، فأنت بين اليقين العقلي ، واليقين الحسي ، اليقين الحسي والعقلي والإخباري .
الدكتور محمد المري :
 والإخباري هو الذي نتحدث عنه اليوم ، طيب شيخنا الطعن في السنة أنا لا أريد أن أطيل في هذا المحور كثيراً ، الطعن في السنة ألا يعد هدم للدين ، وضوابط الديني ؟

 

ما أصابنا من مصيبة في الأرض ولا في السماء إلا للموعظة :

الدكتور راتب :
 طبعاً ، ارتداد ، لماذا ؟ لا يوجد أمة في الأرض .
الدكتور محمد المري :
 إلا ولها ثوابت .
الدكتور راتب :
 لا يوجد أمة في الأرض تملك منهج التحقق من النص كالأمة العربية الإسلامية ، نحن ننفرد بهذا ، مثلاً البخاري أربعون ألف حديث أربعة آلاف حديث متواتر ، أحاديثنا لا يوجد أمة على وجه الأرض تملك علم الرواية كما نملكها نحن ، لأن الله عز وجل حينما تولى حفظ كتابه ، من لوازم حفظ كتابه أن يحفظ السنة التي فسرت الكتاب ، إذا عندنا قانون عشرون صفحة ، ويوجد كتاب تفسيره ألف صفحة ، إذا ألغينا التفسير التغى القانون ، بما أن الله تولى بذاته العلية حفظ كتابه .

﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾

[ سورة الحجر الآية :9]

 يتولى تباعاً حفظ سنة نبيه ، لذلك هيّأ علماءً كباراً ، لا تملك أمة في الأرض علماء رواية كعلماء المسلمين .
الدكتور محمد المري :
 وعلماء الشرح والتعديل ، ثم يأتي بعض المتعالمين المعتوهين ويقول : لو يقوم أنس أو يقوم ابن عباس ، ويقسم لي على صحة هذا الحديث لا أقبل ، فكيف يقبل من البخاري ، نسأل الله الهداية .
الدكتور راتب :
 هو عقله مطلق ، عقلنا مطلق ، أنا قلت قبل قليل : العقل قبل مئة عام يرفض كل شيء يراه الآن ، أنا من الممكن أن أتكلم مع ابني في أمريكا ساعة ، وأرى صورته على الهاتف!
الدكتور محمد المري :
 لو كان هذا الكلام قبل خمسين سنة لا يصدقوا ، حسناً شيخنا لنتكلم عن الهدى البياني والتأديب التربوي .
الدكتور راتب :
 الهدى البياني مثلاً سمعت درساً ، سمعت خطبة ، تابعت ندوة ، قرأت كتاب تفسير ، دخلت لجامع وجدت درساً في الجامع ، تتلقى المعلومات من الله من خلال العلماء والدعاة ، هذا الهدى البياني ، لكن إذا الإنسان ما طبق ، الله رب مربي ، يسوق له بعض الشدائد ، التأديب التربوي ، انظر ؛ ما أصابكم من مصيبة في الأرض ولا في السماء إلا لتكون موعظة ، فأي مصيبة على الإطلاق هي موعظة للإنسان ، لفت نظر ، إعلام ، انتبه .

﴿ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾

[ سورة الحديد الآية : 22]

 فالمصائب سميت مصائب لأنها تصيب الهدف ، متكبر وقع بموقف حرج .
الدكتور محمد المري :
 هذا المقصود به التأديب التربوي شيخنا ؟

 

الموقف الكامل للهدى البياني أن تستجيب إلى الله طاعةً وتأدباً :

الدكتور راتب :
 هذا هو ، عندما لم يستجب للهدى البياني ، دقق هذه متتابعة ؛ لأنه لم يستجب للهدى البياني ، وهو في بيته تابع ندوة تلفزيونية إسلامية ، دخل للجامع ، سمع خطبة ، هذا الهدى البياني .
الدكتور محمد المري :
 شيخنا إذا كان مثلما يقولون : يسمع من هنا ويخرج من هنا .
الدكتور راتب :
 معنى ذلك هو ليس طالباً الحقيقة .
الدكتور محمد المري :
 هناك خلل .
الدكتور راتب :
 لا هذا صار تقليد ، التقليد لا يقدم ولا يؤخر ، الله ماذا قال :

﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾

[ سورة محمد الآية : 19]

 العلم ما قال لك قلد ، بالإسلام لا يوجد تقليد ، التقليد لا ينجي .

﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾

[ سورة محمد الآية : 19]

الدكتور محمد المري :
 وهذا المقصود به علم أنه يكون فرض عين على كل مسلم .
الدكتور راتب :
 على كل مسلم ، لكن ليس مكلفاً أن يكون داعية كل مسلم ، في حدود ما يعلم ومع من يعرف ، إذا الإنسان ما استجاب دقق ، الهدى البياني الموقف الكامل فيه أن تستجيب إلى الله طاعةً وتأدباً .
الدكتور محمد المري :
 ما استجاب ؟
الدكتور راتب :
 ما استجاب المعالجة .
الدكتور محمد المري :
 الابتلاء .

﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ ﴾

[ سورة البقرة الآية : 155]

التأديب التربوي يكون لإنسان لم يستجب لله :

الدكتور راتب :

﴿ إِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ ﴾

[ سورة المؤمنين الآية : 30]

 علة وجودنا الابتلاء .
الدكتور محمد المري :

﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾

[ سورة البقرة الآية : 155]

الدكتور راتب :
 لذلك التأديب التربوي لإنسان لم يستجب لله ، لابد له من لفت نظر ، مثلاً إنسان عليه زكاة ما دفعها .
الدكتور محمد المري :
 من جهة الخسارة مثلاً .
الدكتور راتب :
 من جهة خسارة ، من جهة ثانية هذا التأديب التربوي لمن ؟ كلامي دقيق : مثلاً مريضين عند طبيب ، أحدهما معه التهاب معدة حاد ، فالطبيب أخضعه لحمية قاسية جداً ، ستة أشهر حليب فقط ، الثاني معه سرطان منتشر قال له الثاني : ماذا آكل ؟ قال له : كُل ما شئت ، هذه هي :

﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا َأخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً﴾

[ سورة الأنعام الآية : 44]

 فإذا شخص الله يؤدبه فليشكر الله كثيراً ، معنى ذلك أن هناك أمل كبير أن يكون صالحاً .
الدكتور محمد المري :
 شيخنا ، الأول قلنا له أن يشرب الحليب لأنه يوجد أمل للشفاء ، والآخر معه سرطان كُل ما شئت .
الدكتور راتب :
 ما في أمل ، لذلك :

﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ ﴾

[ سورة الأنعام الآية : 44]

 ليس باباً أبواباً ، ليس شيئاً كل شيء :

﴿ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً ﴾

[ سورة الأنعام الآية : 44]

الدكتور محمد المري :
 مولانا ، كيف يعرف الإنسان أن المصيبة التي حلت به هو الابتلاء ، كيف يعرفها هل هي استدراج أم إيقاظ ؟

 

المقصود بالقصم :

الدكتور راتب :
 سؤال : حضرتك أب إن شاء الله ، جاء ابنك معه درجات أعماله وقد نال علامات تامة وثناء على أخلاقه ، ألا تفعل له أي شيء أبداً ؟
الدكتور محمد المري :
 هو يريد هدية يقول لك .
الدكتور راتب :
 يريد دراجة وتكريماً ؟ إذا الله عز وجل هو المربي رأى عبده مطيع ، يخافه ، يتقرب إليه ، يحبه ، يخدم عباده ، يجب أن يلقي في روعه أنه يحبه .
 من أحبنا أحببناه ، ومن طلب منا أعطيناه ، ومن اكتفى بنا عما لنا كنا له وما لنا .

(( ابن آدم اطلبنِي تجدني ، فإذا وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتك فاتك كل شيء وأنا أحب إليك من كل شيء ))

[ حديث قدسي ]

الدكتور محمد المري :
 نسأل الله حبك شيخنا وحب من يحبك ، بعد ذلك يأتينا شيخ القصم .
الدكتور راتب :
 القصم ؛ لا بالهدى البياني استجاب ولا بالتأديب التربوي تاب ولا بالإكرام الاستدراجي رجع أو شكر ، انتهى ، بقي القصم .
الدكتور محمد المري :
 ما المقصود بالقصم ؟
الدكتور راتب :
 البطش ، انتهى ، انتهى عند الله ، لكن متى ؟
الدكتور محمد المري :
 لكن هذه سنة ثابتة ؟

 

الإنسان مخير ومن يتوهم غير ذلك فقد ألغى الثواب والعقاب والجنة والنار :

الدكتور راتب :
 ثلاث سنن سنة الهدى البياني ، والتأديب التربوي ، والإكرام الاستدراجي ، لا بالهدى البياني استجاب ، ولا بالتأديب التربوي تاب ، ولا بالإكرام الاستدراجي شكر ، انتهى ، عندئذٍ :

﴿ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ ﴾

[ سورة البروج الآية : 12]

 فالبطولة إن شاء الله نحن والمستمعين والمشاهدين نكون في أول درجة الهدى البياني.
الدكتور محمد المري :
 نسأل الله ذلك ، شيخنا الإنسان باختياره وتقصيره هو الذي ينقل نفسه من أسلوب إلى أسلوب ، أليس كذلك ؟
الدكتور راتب :
 طبعاً .
الدكتور محمد المري :
 وجامع كل هذه الأمور الغفلة .
الدكتور راتب :
 دقيقة ؛ أنت هل تصدق مدير مدرسة راقية جداً ، أول يوم في العام الدراسي يقول : سأتلو عليكم أسماء الناجحين آخر العام وأسماء الراسبين .
الدكتور محمد المري :
 قبل الدراسة .
الدكتور راتب :
 مستحيل! فأنت مخير ، وأي إنسان يتوهم لثانية واحدة أنه غير مخير فقد ألغى الدين كله ، ألغى الثواب والعقاب والجنة والنار ، ألغى كل شيء ، الإنسان مخير إذا أغفلنا أنه مخير صار في مشكلة كبيرة جداً ، صار تمثيلية سمجة لا معنى لها ، كأن تقول : أيها الطلاب سأتلو عليكم أسماء الناجحين آخر السنة ، وأسماء الراسبين ، اذهبوا ادرسوا .
الدكتور محمد المري :
 لن يقرأ أي أحد ، شيخنا البعض يحتج على هذه الشبهة .

عقيدة الجبر أكبر فساد عقيدي في الإسلام :

الدكتور راتب :

﴿ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا ﴾

[ سورة الأنعام الآية : 148 ]

 عقيدة الجبر تلغي الدين كله .

﴿ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا ﴾

[ سورة الأنعام الآية : 148 ]

 كلام من ؟

﴿ الَّذِينَ أَشْرَكُوا ﴾

[ سورة الأنعام الآية : 148 ]

﴿ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا ﴾

[ سورة الأنعام الآية : 148 ]

 لذلك عقيدة الجبر أكبر فساد عقيدي في الإسلام ، هكذا كتب الله لي ، ما بيدنا شيء.
الدكتور محمد المري :
 سنتكلم شيخنا عن هذه العقيدة في محور أيضاً أوسع من هذا ، لكن أستأذنك ونأخذ هذا الاتصال ، معنا مبارك ، مبارك السلام عليكم .
المستمع :
 مرحباً يا دكتور محمد كيف حالك ، مساك الله بالخير يا شيخ ، وأمسي على الشيخ الفاضل الذي معك .
الدكتور محمد المري :
 الله يمسيك بالخير يا مرحباً ، تفضل يا أخي مبارك .
المستمع :
 بارك الله فيك ، الله يجزيك الخير ، أنا استمتعت بكلام الشيخ الله يطول في عمره إن شاء الله ويعطيه الصحة والعافية ، دائماً فعال في كل لقاءاته وكل كتبه ، والله إن شاء الله يحفظه ويعطيه الصحة وطول العمر .
 سؤالي في الموضوع شيخ محمد : كثير من الناس يفعلون أشياء ويبطلون أشياء ، هل الأشياء التي ارتكبها الأب أو الأم هل الابتلاء يصل للأولاد مثلاً ؟ أو الآباء مثلاً بعض الآباء ما كانوا جادين مع أولادهم ، ما كانوا يتكلمون مع أولادهم ، حتى بعد وفاتهم هل هذا الابتلاء يصيب الأولاد يا شيخ ؟
الدكتور محمد المري :
 نعم ، بإذن الله يعلق الشيخ على هذا ، حياك الله أخي مبارك .
 شيخنا واضح السؤال عندك ، الابتلاء شيخنا يقول : هل يتعدى إلى الولد ، هل يبتلى الإنسان في أولاده ؟

 

أسئلة المستمعين :

الدكتور راتب :
 الجواب بكلمة واحدة :

﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾

[ سورة الأنعام الآية : 164]

 أبداً .
 الدكتور محمد المري :
 لا يتعدى ؟
الدكتور راتب :
 أبداً .
الدكتور محمد المري :
 شيخنا هو لعله يقول : لا أدري فهمت منه هذا أن الإنسان إذا أُبتلي بحب شيء كالزنا نسأل الله العافية ، إذا تطاول على أعراض الناس ، فالزنا دين فهل يأتي من يتطاول على عرضه لعلي فهمت هذا ؟
الدكتور راتب :
 لا يمكن ، الله ينسق الظالم ، سوط الله ينتقم به ثم ينتقم منه .

﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾

[ سورة الأنعام الآية : 164]

الدكتور محمد المري :
 وهذا من عدل الله ومن رحمته .
الدكتور راتب :
 أبداً مستحيل ، قد يأتي ابن مؤمن من صلب كافر ، مثلاً عكرمة بن أبي جهل لا تسب أباه ، فإن سبّ الميت يؤذي الحي ولا يبلغ الميت ، ما هذا الأدب ؟
الدكتور محمد المري :
 خالد بن أبو الوليد .

 

علم الله المستقبلي علم كشف وليس علم جبر :

الدكتور راتب :
 لا عكرمة بن أبي جهل بالذات ، لا تسبوا أباه فإن سب الميت يؤذي الحي ولا يبلغ الميت ، الدين كله أدب ، الدين كله رحمة .
الدكتور محمد المري :
 وهذا أيضاً من رحمة الله ، شيخنا نعود إلى الجبر ، ذكرنا أن البعض لا يصلي فإذا نصحته في الصلاة ، قال : الله كتب عليّ ألا أصلي فلماذا أصلي ؟
الدكتور راتب :
 هذا كله كذب ، وهذا الكلام اركله بقدمك ، الإنسان مخير .

﴿ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا ﴾

[ سورة الأنعام الآية : 148 ]

 هذا علم كشف ليس علم جبر ، هذا أصبح موضوعاً آخر ، مثلاً أنت في الطابق العاشر تحت البناء يوجد ساحة ، يوجد طريق إلى جامع وطريق إلى ملهى ، شخص يمر من أمام البناء ليس له علم فيك إطلاقاً ، أنت شاهدته ذهب نحو الملهى ، علم الله المستقبلي علم كشف وليس علم جبر .
الدكتور محمد المري :
 صحيح ، لم يجبره على الذهاب .
الدكتور راتب :
 أبداً .
الدكتور محمد المري :

﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ﴾

[ سورة الإنسان الآية : 3]

الدكتور راتب :
 أبداً اسمه علم كشف وليس علم جبر ، مثلاً معلم عادي يقول لك : هذا لا ينجح مع أن الامتحان لم يبدأ ، لا يدرس .
الدكتور محمد المري :
 لكنه يعلم أن الإهمال لا ينجح .
الدكتور راتب :
 إهمال شديد لا ينجح ، إنسان عادي يستشف المستقبل ، فالله علمه علم كشف وليس علم جبر أبداً ، لأنه ما الدليل ؟ دقق :

﴿ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾

[ سورة الكهف الآية : 29 ]

﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ﴾

[ سورة الإنسان الآية : 3 ]

الدكتور محمد المري :

﴿ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ﴾

[ سورة البقرة الآية : 256 ]

﴿ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾

[ سورة الكهف الآية : 29 ]

﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾

[ سورة البقرة الآية : 256]

الإنسان مخير فيما كُلف :

الدكتور راتب :
 الله ماذا قال :

﴿ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ ﴾

[ سورة الأنعام الآية : 149]

 لو إنسان كتب عليه الشقاء ، الحجة مع الإنسان وليس مع الله ، أنت كتبت علي يا ربي وأنا نفذت ما كتبته علي .
الدكتور محمد المري :
 تعالى الله عن هذا ، شكر الله لكم ، شيخي أستأذنك وأستأذن المشاهدين نخرج إلى هذا الفاصل أيها الأحبة ثم نعود كونوا معنا .
 أهلاً ومرحباً بكم أيها الأحبة ، عدنا إليكم مرة أخرى ، شيخنا ذكرنا أن الإنسان مخير فيما يختار نريد أن نختم هذا اللقاء .
الدكتور راتب :
 مخير فيما كُلف .
الدكتور محمد المري :
 فيما كُلف به ، نعم .
الدكتور راتب :
 لكن أنا ما اخترت أبي وأمي ، ولا اخترت كوني ذكراً أو أنثى ، ولا اخترت مكان ولادتي .
الدكتور محمد المري :
 لكنه مخير في فعل الطاعة .
الدكتور راتب :
 لكن حينما يأتي يوم القيامة أكتشف أنه ليس في الإمكان أبدع مما كان ، نقطة مهمة جداً ، أنت مخير فيما كُلفت .
الدكتور محمد المري :
 أي أن البعض شيخنا يقول : لماذا أبي من القبيلة الفلانية ، أو جنسيتي من الشيء الفلاني ؟

 

ليس في إمكاننا أبدع مما أعطانا :

الدكتور راتب :
 يكشف لك يوم القيامة الله جل جلاله أنه ليس في إمكانك أبدع مما أعطاك ، كلمة دقيقة جداً .
الدكتور محمد المري :
 لأن العامة شيخنا يقولون كلاماً قريباً من هذا ، يقولون : الخيرة فيما اختاره الله .
الدكتور راتب :
 أبداً .
الدكتور محمد المري :
 وهذه صحيحة .
الدكتور راتب :
 لأنه :

﴿ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ ﴾

[ سورة يونس الآية :10]

 مؤمنون وكفار :

﴿ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾

[ سورة يونس الآية :10]

الدكتور محمد المري :
 حتى الكافر رضي .
الدكتور راتب :
 أبداً أخذ حقه ، الله غني عن تعذيبنا ، غني .
الدكتور محمد المري :
 سبحانه! ما خلقنا ليعذبنا ؟
الدكتور راتب :
 أبداً أبداً .

﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾

[ سورة هود الآية : 119]

 هل هناك أوضح من ذلك ؟
الدكتور محمد المري :
 لا ، الدعوة التأديبية شيخنا .

 

الحكمة من الشدائد حمل الإنسان على التوبة :

الدكتور راتب :
 هذا الإنسان جاءه الهدى البياني سمع قرآناً ، سمع تفسيراً ، حضر خطبة ، قرأ كتاب تفسير .
الدكتور محمد المري :
 ما أثرت به .
الدكتور راتب :
 ما أثرت فيه ، لأن الله يحبه ، والله خلقه ليرحمه ، ساق له شبح مصيبة فإذا خاف وجد نبضه مرتفعاً جداً مثلاً ، والطبيب أخافه ، فيقوم للصلاة ، عنده تجارة المستودع احترق فيتوب ، يسوق له الشدائد كي تحمله على التوبة ، الآية :

﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى ﴾

[ سورة السجدة الآية : 21]

 في الدنيا .
الدكتور محمد المري :
 ما المقصود بالعذاب الأدنى ؟
الدكتور راتب :
 الأدنى : في الدنيا .

﴿ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾

[ سورة السجدة الآية : 21]

 هذه مرحلة اسمها التأديب التربوي ، عندما رفض الهدى البياني ، رفض أن يتوجه إلى الله بمبادرة منه ، رفض أن يصلي طواعيةً .

(( عَجِبَ رَبُّنا تعالى مِنْ قَومٍ يُقادونَ إلى الجنَّة في السَّلاسِلِ ))

[البخاري وأبو داود عن أبي هريرة]

 نعمة كمان ، أفضل ما يكون شارد ، أنت بطولتك أن تأتي إليه طائعاً ، أن تأتي إليه بمبادرةٍ منك ، أن تأتي إليه محباً ، الله عز وجل قال :

﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾

[ سورة المائدة الآية : 54]

 أرادنا أن نقيم علاقةً معه بالحب ، أما ممكن .
الدكتور محمد المري :
 ليس العجيب أن يحبهم ، المهم أن يحبونه ، المهم أن يحبهم هو سبحانه وتعالى ، هذا هو الأبلغ .

 

الرد على محبة الله بمحبة مماثلة :

الدكتور راتب :
 الأصل أن الله يحبنا ، الأصل الله يحبنا ، ينبغي أن نرد محبته بمحبةٍ مماثلة .
الدكتور محمد المري :
 شيخنا ، البعض ينكر هذا فيقول : نرى بعض الكفار أموالهم أكثر من أموالنا ، نرى بعض من لا يصلي في سعادة ورغد .
الدكتور راتب :

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

إخفاء الصور