- الخطب
- /
- ٠1خطب الجمعة
الخطبة الأولى:
الحمد لله ثم الحمد لله ، الحمد لله الذي هدانا لهذا ، و ما كنا لنهتدي لولا أن هدانا ، و ما توفيقي ولا اعتصامي ولا توكُّلي إلا على الله ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقراراً بربوبيته ، وإرغاماً لمن جحد به وكفر ، وأشهد أن سيدنا محمداً صلَّى الله عليه وسلم رسولُ الله سِّيدُ الخلق والبشر ، ما اتَّصلت عينٌ بنظر ، أو سمعت أذنٌ بخبر ، اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على سيدنا محمد ، وعلى آله وأصحابه وعلى ذرِّيته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علِّمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علّمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
تعريف الصّبر :
أيها الأخوة المؤمنون ؛ نتابع موضوع الصبر ، وننتقل إلى ما ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام ، حينما سئل عن الإيمان فقال عليه الصلاة و السلام :
(( الإيمان هو الصبر ))
معنى ذلك أن النبي صلى الله عليه و سلم لخَّص الإيمان كله بالصبر ، وإذا سألت المؤمن عن الصبر فقد ينصرف ذهنُه إلى حالة من الرضا ترافق نزول المصيبة ، إنه فرع صغير من فروع الصبر ، إن للصبر أيها الأخوة معان جليلة وحكماً عظيمة ، و النبي عليه الصلاة و السلام حينما لخَّص به الإيمان كله فمعنى ذلك أن الصبر شيء خطير ، و أنه قد يلي في الأهمية موضوع العبادة .
يا أيها الأخوة المؤمنون ؛ في أبسط تعريفات الصبر ، إنه حبس النفس على ما تكره ، وهذا هو المعنى الشائع عند الناس ، و لكن الصبر بمعناه الواسع حبس النفس عما تحب، حبسها على ما تكره ، وحبسها عما تحب ، فتحمُّل البلاء أيها الأخوة نوع من أنواع الصبر ، لقول الله عز وجل :
﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾
هذا فرع من فروع الصبر ، و لكن النوع الآخر و الأخطر هو الصبر عن مشتهيات النفس ، إن الإنسان إذا توافر المالُ بين يديه فهو إلى الصبر أحوج ، إن الإنسان إذا أصبح قوياً فهو إلى الصبر أحوج ، إن الإنسان إذا كان ذا وجاهة بين الناس فهو إلى الصبر أحوج ، لماذا ؟ إذا كان الإنسان ذا مال وفير هل يستطيع أن ينفق هذا المال في الوجوه التي أرادها الله عز وجل ؟ هل يضبط نفسه فلا يجعلها تسترسل مع المتع و الشهوات ؟ هل يضبط نفسه فلا يجعلها تستعلي على المخلوقات ؟ هل يضبط نفسه فلا يجعلها تتيه حول من حوله ؟
أجلّ أنواع الصبر أن تصبر و أنت قوي :
يا أيها الأخوة المؤمنون ؛ الصبر مع الحرمان أهون و أسهل و أيسر ، و لكن أن تصبر و المال بين يديك ، تستطيع أن تفعل به ما تشاء ، و لكن أن تصبر و أنت القوي ، تستطيع أن تنزل العقاب بمن تشاء ، أما أن توظِّف هذه القوة لتكون في خدمة الحق ، فهذا من أجلِّ أنواع الصبر .
يا أيها الأخوة المؤمنون ؛ ما الدليل على ذلك ؟ يقول الله عز وجل :
﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾
الإنسان يُبتلــى بالخير كما يُبتلى بالشر ، يبتلى بالسراء كما يبتلى بالضراء ، يبتلى بالغنى كما يبتلى بالفقر ، يبتلى بالقوة كما يبتلى بالضعف ، يبتلى بالذكاء و يبتلى بشيء آخر ، وهو نقيض الذكاء ، هل وظَّف هذا الذكاء لنشر الحق أم وظَّفه لنشر الباطل ؟ هل وظف هذه القوة لتكون في خدمة الحق أم لتكون في خدمة الباطل ؟ و ربنا سبحانه و تعالى في آية أخرى من كتابه يقول :
﴿فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ﴾
ابتلاه ، حينما أعطاه فقد ابتلاه ، حينما كرَّمه فقد ابتلاه ، حينما نعَّمه فقد ابتلاه، يقول هو : رب أكرمن ، هذه مقولته هو ، قال تعالى :
﴿وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ * كَلَّا﴾
أداة ردع و زجر ، ليس عطائي يا عبادي إكراماً إنما هو ابتلاء ، و ليس حرماني هواناً إنما هو دواء ، المال يصبح نعمة إذا نجحت في كسبه و إنفاقه ، قبل أن تأخذ به قواعد الشرع ليس نعمة ، إنما هو ابتلاء ، من هنا قال الإمام علي كرم الله وجهه : " الغنى و الفقر بعد العرض على الله " قال تعالى :
﴿فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ ﴾
أكرمه بالمال ، يقول عليه الصلاة و السلام :
(( يُحشر الأغنياء أربع فرق يوم القيامة ؛ فريق جمع المال من حرام و أنفقه في حرام ، فيقال : خذوه إلى النار - حسابه سريع - و فريق جمع المال من حلال و أنفقه في الحرام ، يقال : خذوه إلى النار ، و فريق جمع المال من حرام و أنفقه في حلال ، فيقال : خذوه إلى النار . . . ))
أما هذا الذي جمع المال من حلال ، وأنفقه في حلال ، هذا يقال له : قفوه فاسألوه ، هل تاه بماله على خلق الله ؟ هل أنساه مالُه فرائض الدين ؟ هل قال من حوله يا ربي لقد أغنيته بين أظهرنا فقصَر في حقنا ؟
أيُّ شيء خلقه الله في الدنيا إنما هو مادة للابتلاء :
يا أيها الأخوة المؤمنون ؛ يقول الله سبحانه و تعالى في سورة آل عمران ، قال تعالى :
﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ﴾
هذه الشهوات أودعها ربُّ الأرض و السموات لنرقى بها إليه ، هل نستخدمها سلَّماً لنرقى بها إليه أم نستخدمها دركات نهوي بها إلى النار ؟ هنا المشكلة ، كل شيء أودعه الله فيك إما أن ترقى به وإما أن تهوي به ، إما أن تستخدمه وفق ما أراده الله سبحانه و تعالى ، وإما أن تستخدمه على خلاف ما أراده الله سبحانه و تعالى ، أيُّ شيء خلقه الله في الدنيا إنما هو مادة للابتلاء ، ترقى به أو تهوي به ، تصعد به إلى أعلى عليِّين ، أو تهوي به إلى أسفل سافلين ، لذلك حينما تكون محروماً فالصبر أهون ، لأن القدرة معدومة ، فأنت إلى الصبر أقرب ، و لكن حينما تكون مكرَّماً ، وحينما تكون ميسوراً ، وحينما تكون قوياً ، وحينما تكون صحيحاً ، و حينما تكون وجيهاً ، وحينما تكون في المكان الذي كرَّمك الله به ، هل تنسى ذكر الله ؟ هل تنسى كيف كنت قبل هذا ؟ هل تنسى فضل الله عليك ؟ هل تنسى إنعامه عليك ؟ لذلك يقول بعض العلماء : " البلاء يصبر عليه المؤمن ، و العافية لا يصبر عليها إلا المؤمن الصادق " أن تنضبط وأنت صحيح شحيح ، أن تنفق المال و أنت صحيح شحيح ، تأمل الغنى و تخشى الفقر، أن تنضبط و بإمكانك أن توقع بخصمك أشدّ أنواع العقوبات ، أحد الرجال سأل سيدنا عمر بن الخطاب و كان أمير المؤمنين ، قال : يا أمير المؤمنين أتحبُّني ؟ قال : لا والله لا أحبك ، قال : أو يمنعك بغضُك لي أن تعطيني حقي ؟ قال : لا والله ، فقال عندئذ : إنما يأسف على الحب النساء .
يا أيها الأخوة المؤمنون ؛ الإمام الغزالي في إحياء علوم الدين يقول : " الصبر على السراء أشدُّ ، لأنه مقرون بالقدرة ، ومن العصمة ألا تقدر" ، فالجائع عند غيبة الطعام أقدر على الصبر منه إذا حضرته الأطعمة اللذيذة الطيِّبة ، فلهذا عظُمت عند الله محنةُ السراء ، الله سبحانه و تعالى يقول في صريح القرآن :
﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾
أنت بالمال تُفتتن ، قد تكون في وضع مقبول قبل المال ، و لكن بعد المال تتفتَّح أمامك أبواب الملذَّات ، أبواب المباهج ، أبواب التنعُّم ، ماذا تعمل ؟ الله سبحانه و تعالى أعطاك المال لينظر كيف تعمل ، كيف تقف ، من تعطي ، من تمنع ، من تصل ، من تقطع ، ماذا يكون موقفك ، هل أنت مع الناس أم أنت فوقهم ؟
من معاني عدم الصبر عند العافية الركون إلى الدنيا :
فيا أيها الأخوة الأكارم ، يقول الله سبحانه وتعالى :
﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾
و في آية ثانية ، يقول الله سبحانه وتعالى :
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾
أحد أصحاب رسول الله الذين آتاهم الله المال بلغه أنه قد قيل : إن فلاناً سيدخل الجنة حبواً ، ولن يدخلها هرولةً ، فقال هذا الصحابي الجليل : واللهِ لأدخلنها خبباً - أي عدواً - وماذا أفعل إذا كنت أنفق مئة في الصباح فيؤتيني الله ألفاً في المساء ؟
يا أيها الأخوة الأكارم ، قال تعالى :
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾
العلماء قالوا : من معاني عدم الصبر عند العافية أن تركن إلى الدنيا ، أن تطمئن إليها ، أن تجعلها مصدر و مبلغ علمك ، أن تجعلها غاية أملك ، أن تجعلها مقرًّا و ليست ممرًّا، أن تعقد عليها الآمال ، أن تظن أن المال شيء ثمين ، لكن الإنسان يكتشف بعد فوات الأوان أن المال شيء ، و لكنه ليس كل شيء ، المؤمن الصادق يعلم أن هذا الذي بين يديه عارية مستردَّة ، إن لله ما أعطى و له ما أخذ ، و اللهُ سبحانه و تعالى قد يستردّ هذه العارية في أيِّ وقت ، لذلك قيل : إذا أردت أن تكون أقوى الناس فتوكَّل على الله ، لا على مالك ، و إذا أردت أن تكون أغنى الناس ، فكن بما في يدي الله أوثقُ منك بما في يديك ، و إذا أردت أن تكون أكرم الناس فاتقِّ الله ، معنى عدم الصبر على العافية أن تركن إلى الدنيا ، أن تطمئن إليها ، أن تجعلها غايةَ حياتك ، منتهى أملك ، أن تقيِّم الناسَ في ضوء قيمها ، مع أن الله سبحانه و تعالى لم يرض ، ولم يقبل أن يعتمد على القيم التي يتفاضل الناسُ بها في الدنيا إلا قيمة العلم ، فقال تعالى :
﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾
من أنواع الصبر ألا تتطلَّع إلى ما عند الناس :
نوع آخر من الصبر ، ونحن في أشدِّ الحاجة إليه ، أيها الأخوة المؤمنون ؛ من أنواع الصبر ألا تتطلَّع إلى ما عند الناس ، ألا توازن بينك و بين الآخرين ، ممن ارتقوا في سلم الدنيا ، الله سبحانه و تعالى يجيبك عن هذا السؤال ، هؤلاء الذين ارتقوا في سلم الدنيا ولكنهم ليسوا مؤمنين ، وليسوا مستقيمين ، وليسوا منضبطين ، لقد أداروا للدين ظهورهم ، و جعلوا القرآن وراءهم ، هؤلاء ولو رأيتهم في أبهَى حلَّة ، وفي أجمل زينة ، لو رأيتهم فأعجبتك أجسامهم، أو أعجبتك بيوتهم لا تركن إليهم ، يقول الله سبحانه وتعالى :
﴿أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَا يَشْعُرُونَ﴾
هذا ليس إكراماً ، إنما هو ابتلاء ، قال تعالى :
﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾
و قال تعالى :
﴿أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ﴾
و قال تعالى :
﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾
هذه كلها آيات كريمة ، يجب أن تحملك على الصبر على ألا تشتهي ما عند الآخرين ، آية ثالثة ، قال تعالى :
﴿لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾
آية رابعة ، هؤلاء الذين حول قارون قالوا :
﴿فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾
هذه كلها آيات كريمة تؤكِّد أن المؤمن إذا عرف اللهَ عز وجل ، واستقام على أمره، وعرف هدفه ، وعرف وسيلته ، فهذا هو الغنى الحقيقي ، من أوتي القرآن وظن أن أحداً أوتي خيراً منه فقد حقَّر ما عظَّمه اللهُ تعالى ، من تلا قوله تعالى :
﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾
ورأى أن أحداً من أهل الدنيا قد أعطاه الله ، وقد حُرِم ، فهو ليس في مستوى هذه الآية .
الصّبر عند وجود دواعي الشّهوة :
يا أيها الأخوة المؤمنون ؛ صبرٌ آخر وهو الصبر عند داعي الشهوة ، الله سبحانه و تعالى أودع في الإنسان بعض الشهوات ليرقى بها إلى رب الأرض و السموات ، و أيَّة شهوة أودعها اللهُ في الإنسان جعل لها قناةً تُفرَّغ فيها ، لكنها قناة نظيفة ، فإذا أفرغ هذه الشهوة في قناة قذرة أو قناة ملتوية أو قناة غير مشروعة هلك بها ، فإذا جاءته دواعي الشهوة فلينظر أيّ الطريق السليم التي رسمها الله فليسِر بها ، من هنا قال الله سبحانه وتعالى :
﴿لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ﴾
الصّبر عند وجود دواعي الغضب :
شيء آخر ، نوع آخر من أنواع الصبر ، أن تصبر عند وجود دواعي الغضب، النبيُّ عليه الصلاة و السلام قال ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصِنِي قَالَ :
(( لَا تَغْضَبْ فَرَدَّدَ مِرَارًا قَالَ لَا تَغْضَبْ ))
و قال تعالى :
﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾
رجل شتم أحد أصحاب رسول الله ، فما كان من هذا الصحابي الجليل إلا أن قال كلمتين : إن كنت صادقاً فيما تقول فغفر اللهُ لي ، وإن كنت غير صادق فغفر اللهُ لك ، هذا الغضب الذي يأخذ بالإنسان مأخذاً يدنيه من الحيوان ليس من أخلاق المؤمن .
التوحيد ينفي الغضب و الحسد و الحقد :
المؤمن موحِّد ، ومعنى موحِّد أنه يؤمن أنه لا يقع شيء في الكون إلا بمشيئة الله ، فما شاء الله كان ، و ما لم يشأ لم يكن ، ما أراد اللهُ وقع ، و ما لم يرِد لم يقع ، و الذي وقع أراده الله ، وإرادة الله عز وجل متعلّقة بالحكمة ، وحكمته متعلقة بالخير المطلق ، قال تعالى:
﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾
في الإعزاز و الإذلال ، في العطاء و المنع ، في الرفع و الوضع ، في القبض و البسط ، في الإكرام و الحرمان ، بيدك الخير ، هذا الإيمان يطفئ لهيبَ الغضب ، قال تعالى:
﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾
التوحيد ، التوحيد ، التوحيد .
يا أيها الأخوة المؤمنون ؛ قال تعالى :
﴿فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ﴾
تعذِّب نفسك ، التوحيد ، قال تعالى :
﴿فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾
ما كان لك لن يكون لغيرك ، و ما كان لغيرك لن يكون لك ، ليسترِح قلبُك ، التوحيد ينفي الغضب ، وينفي الحسد ، و ينفي الحقد .
الصّبر على طاعة الله عز وجل :
يا أيها الأخوة المؤمنون ؛ وصبرٌ آخر ، إنه صبر على طاعة الله عز وجل ، قال تعالى :
﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً﴾
و قال تعالى :
﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً﴾
الصّبر في العبادة له مراحل ثلاث :
يا أيها الأخوة المؤمنون ؛ قال تعالى :
﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى﴾
الصبر في العبادة له مراحل ثلاث ، مرحلة قبل العبادة ، أن تتحقَّق من الإخلاص ، لقول الله عز وجل :
﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ﴾
الإخلاص للعبادة كالروح للجسد ، قال تعالى :
﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا ﴾
قال بعض المفسرين : العمل الذي لا إخلاص فيه ، و قال بعضهم : العمل الذي لا صواب فيه ، لا بد من اجتماع شرطين أساسين حتى يُقبل العمل ؛ أن يكون خالصاً ، وأن يكون صواباً ، و معنى أن يكون خالصاً أن يُبتغى به وجهُ الله ، و معنى أن يكون صواباً ، أن يكون وفق السنة الشريفة ، فلا بد من الإخلاص قبل العبادة ، و لا بد من الإخلاص في أثنائها حتى تُؤدَّى على الوجه الذي أراده الله عز وجل ، حتى تؤدى على الوجه المطلوب ، حتى تؤدى على الوجه الذي يحبه الله و رسوله ، هذا يحتاج إلى صبر ، و لابد من الصبر بعد العبادة ، لئلا يتحدَّث الإنسان عن عبادته فيستعلي بها على الآخرين ، لئلا يؤذي من أعطاه بالمن ، لئلا يتحدث حديثاً يفقده ثوابَ عبادته ، فلا بد من الإخلاص قبلها ، و لا بد من الصمت بعدها ، ولابد من الإتقان في أثنائها .
الأمر بالعدل و الإحسان :
أيها الأخوة المؤمنون ؛ و أنت أيها الأخ الكريم مأمورٌ بالصبر على الفرائض وعلى النوافل في الوقت نفسه ، استمع إلى قوله تعالى :
﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ﴾
العدل قسري ، قال تعالى :
﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ﴾
الإحسان طوعي ، لكن الله سبحانه وتعالى كما يأمرك بالعدل يأمرك بالإحسان ، كما يأمرك بأداء الحقوق ، يأمرك بأن تؤدِّي فوق الحقوق ، إنه الإحسان ، من هنا قال النبي عليه الصلاة و السلام : " في المال حق سوى الزكاة . . . "هذا الذي أدى زكاة ماله بالتمام و الكمال إذا وجد أن أخاً مؤمناً كريماً في أمس الحاجة إلى المال ، ماذا يقول لربه ؟ يا رب لقد أدَّيت زكاة مالي ، وفي المال حق سوى الزكاة ، حينما قال الله عز وجل :
﴿وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾
في آية أخرى :
﴿وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾
الآية الأخرى التي خلت منها كلمة " معلوم " فسَّرها العلماءُ بأنها الصدقات .
يا أيها الأخوة المؤمنون ؛ آلاف القضايا تُحلُّ بين الناس لا على العدل بل على الإحسان ، لو أن هذا الأخ الذي يطالبك بهذا الشيء لا حقَّ له به ، و لكنه قد ينطوي تحت باب الإحسان ، لذلك هذه الآية التي يقرؤها الخطباءُ في كل خطبة ، قال تعالى :
﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ﴾
من أقال نادماً أقاله الله يوم القيامة ، إقالة الشاري النادم ليس من العدل ، و لكن من الإحسان ، إذا اشترى الإنسان شيئاً بإيجاب وقبول ونقد الثمن ، وتسلَّم البضاعة ، فقد لزم البيع ، لكن إذا جاءك نادماً ، ولا يؤثِّر عليك إرجاع هذه البضاعة ، والبضاعة لم تُستعمل بعد، و جاءك راجياً ، الآن مطالب بالإحسان ، قال تعالى :
﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ﴾
أيها الأخوة المؤمنون ؛ و للصبر موضوعات كثيرة نعالجها إن شاء الله بعد موضوع عيد المولد النبوي إن شاء الله تعالى .
أيها الأخوة الأكارم ، حينما يفهم الإنسان فهماً عميقاً آيات الله عز وجل ، حينما تنقلب هذه الآيات إلى واقع ، إلى سلوك ، إلى مواقف ، عندئذ نكون قد فهمنا كتاب الله عز وجل ، لأن النبي عليه الصلاة و السلام يقول : " ما آمن بالقرآن من استحل محارمه" .
أيها الأخوة المؤمنون ؛ حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم ، واعلموا أن ملك الموت قد تخطَّانا إلى غيرنا ، و سيتخطَّى غيرنا إلينا ، فلنتَّخذ حذرنا ، الكيَّس من دان نفسه و عمل لما بعد الموت ، و العاجز من أتبع نفسه هواها و تمنى على الله الأماني ، و الحمد لله رب العالمين .
* * *
الخطبة الثانية :
أشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله ، صاحب الخلق العظيم ، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
الكليتان من آيات الله الدالة على عظمته :
أيها الأخوة المؤمنون ؛ النبي عليه الصلاة و السلام أُثر عنه دعاء إذا دخل الخلاءَ وخرج منه ، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ مِنْ الْخَلَاءِ قَالَ :
((الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْأَذَى وَعَافَانِي ))
هذا الطعام و الشراب فيه قوة ، وفيه لذة ، و فيه فضلات ، فجهاز تصفية البول، الكليتان فيهما من العجائب الشيء الذي لا يُصدَّق ، إن ملخَّص القول : إن أعقد جهاز في الإنسان بعد الدماغ هما الكليتان ، بعض المعلومات الطفيفة و البسيطة التي تُعدُّ من مسلَّمات هذا العلم ، في الكليتين مليونان من وحدات التصفية ، في كل كلية مليون ، وحدة التصفية هذه أنبوب دقيق ، وعاء دقيق ، يلتف حول نفسه حتى يشكِّل كُبَّة - كرة - هذه الأنبوب الدقيق الذي يلتفُّ حول نفسه حتى يشكل كبكوبة ، أو كبة اسمه عند علماء التشريح الكبيبة ، هذه الكبيبة يحيط بها غشاء ينتهي بأنبوب ، كيف يرشح البول ؟ عملية في منتهى التعقيد ، كيف لا و قلت لكم قبل قليل : إن أعقد جهاز بعد الدماغ هو الكلية ، وحسبكم أن الكلية الصناعية يزيد حجمُها عن حجم مكتب كبير ، و يستغرق الإنسان وقتاً لتصفية دمه ما يزيد عن ثماني ساعات ، و التصفية لا تعادل تصفية الكلية الطبيعية ، هذه الكبيبة مع غشائها و أنبوبها لا تُرى بالعين ، لو أن هذه النفرونات - وحدات التصفية - صُفَّت إلى جانب بعضها بعضاً لبلغ طولُها في الكليتين مئة و ستين كيلو متراً في الكليتين ، سطوحها الداخلية لو نُشِرت لاستغرقت ثمانية أمتار مكعبة، لذلك الدم يجري في الكليتين بطريق طوله في اليوم الواحد ما يزيد عن مئة كيلو متر ، و لها معلومات دقيقة ، كيف يكون الضغطُ أعلى في الشريان الأكبر و الضغطُ أقل من هنا ترشح ، وما علاقة الضغط بضغط الكلية ؟ موضوعات لا تُعالج من على المنبر ، و لكن من أجل أن يقف الإنسان وقفة خاشعة عند قوله تعالى :
﴿ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾
هاتان الكليتان لا يزيد وزنهما مجتمعتين عن مئة وأربعين غراماً ، الكلية الواحدة التي تقوم بوظائف يعجز عن فهمها الدماغ ، لا يزيد وزنها عن سبعين غراماً ، و لو بطَّأت في عملها ، و لو توقفت عن عملها لانتهت حياة الإنسان ، لغرق في سمومه ، فالنبي عليه الصلاة و السلام حينما كان يخرج من بيت الخلاء يقول :
((الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْأَذَى وَعَافَانِي ))
أمراض الكليتين لا تُعد و لا تُحصى ، أمراض الكليتين و أمراض الحالبين و أمراض المثانة كثيرة جداً ، هذا الجهاز الدقيق ، هذا الجهاز المتقن الذي ينفي عنك الأذى ألا تشكر الله عليه ؟ كيف تكون حالة الإنسان من دون مثانة ؟ كيف تكون ؟
يا أيها الأخوة المؤمنون ؛ ما ذكرت شيئاً ، ذكرت عنوانات و أرقاماً سريعة من أجل أن ألفت نظرُ الإنسان إلى ما ينطوي عليه من أجهزة دقيقة .الدعاء
الدعاء :
اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولَنا فيمن تولَيت ، وبارك اللهم لنا فيما أعطيت ، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت ، فإنك تقضي ولا يقضى عليك ، اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارض عنا ، اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك ، ومن طاعتك ما تبلغنا بها جنتك ، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا ، ومتعنا اللهم بأسماعنا ، وأبصارنا ، وقوتنا ما أحييتنا ، واجعله الوارث منا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا ، مولانا رب العالمين ، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك ، اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا ، وآمنا في أوطاننا ، واجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين ، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ، ولا تهلكنا بالسنين ، ولا تعاملنا بفعل المسيئين يا رب العالمين ، اللهم بفضلك ورحمتك أعلِ كلمة الحق والدين ، وانصر الإسلام وأعز المسلمين ، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى ، إنك على ما تشاء قدير ، وبالإجابة جدير .