- موضوعات علمية
- /
- ٠1موضوعات علمية من الخطب
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
من أطوار الدعوة إلى الله :
أيها الأخوة الأكارم, القاعدة الثامنة والأخيرة هي:
معرفة الآمر قبل الأمر، يجب أن نعرِّف بالآمر قبل أن نعرف بالأمر، لقد علمنا النبي صلّى الله عليه وسلم من خلال ما أوحي إليه، أن العلم وحده هو الوسيلة، والطريق إلى الله، قال تعالى:
﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾
وأن المرء ما لم يتعرف إلى الله، من خلال آياته الكونية، وآياته التكوينية، وآياته القرآنية، فإنه لا يملك الخشية الكافية التي تحمله على طاعة الله ، واتباع سنة نبيه، وكان النبي عليه الصلاة والسلام يدعو, ويقول:
((اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ))
لذلك كان التفكُّر في خلق السموات والأرض طريقاً إلى خشية الله التي هي طريقٌ إلى طاعته، وطاعته طريقٌ إلى سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة, قال تعالى:
﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً﴾
أية دعوةٍ إلى الله تقتصر على التعريف بأمره ونهيه، ولا تُقَدَّمُ التعريف به على التعريف بأمره، هي دعوةٌ لا يكتب لها النجاح، قال تعالى:
﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ﴾
إليكم هذه الآية العجيبة من آيات الله :
فمن الآيات التي في أنفسنا، لبن المرأة الذي يعدُّ مبهراً ومدهشاً، تعجز عن تركيبه و بخصائصه قوة البشر، ولو اجتمعت أضخم المعامل، ولو تضافرت، فتركيبه في تبدلٍ مستمر بحسب حاجات الرضيع ومتطلباته
وبحسب احتمال أجهزته وأعضائه، وهو أكثر ملائمةً وأكثر احتمالاً، وهو أأمن طرق التغذية من حيث الطهارة والتعقيم، إذ يؤخذ من الحلمة مباشرةً دون التعرض للتلوث الجرثومي، وحرارته ثابتةٌ خلال الرضعة الواحدة، ومتناسبةٌ مع حرارة الرضيع، ويصعب توافر هذه الشروط في الإرضاع الصناعي .
فلبن المرأة، لطيف الحرارة في الصيف، دافئ في الشتاء، سهل الهضم، لا تتجاوز فترة هضمه الساعة والنصف، بينما تزيد فترة هضم حليب القوارير عن ثلاث ساعات، والطفل الذي يرضع من ثدي أمه، يكتسب مناعةً ضد كل الأمراض، لأن في حليب الأم كل مناعاتها، وفيه موادٌ مضادةٌ للالتهابات المعوية والتنفسية، ومواد تمنع التصاق الجراثيم بجدر الأمعاء، ومواد حامضية لقتل الجراثيم، والإرضاع يقي في المرضع أورام الثدي الخبيثة، ويقي في الرضيع الآفات القلبية والوعائية، وأمراض التغذية والاستقلاب
بل إن الفطام السريع يحدث عند الطفل رضَّاً نفسياً، وانحرافاتٍ سلوكية، وحليب الأم سهل التحضير ليلاً ونهاراً، وفي السفر والحضر، لأنه جاهزٌ تماماً، بالحرارة المطلوبة, والتعقيم المثالي، والسهولة في الهضم، والمناعة الشاملة، قال تعالى:
﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ * أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ * يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُبَداً * أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ * أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾
قال عكرمة وابن المثيِّب: النجدان هما الثديان:
يا رب تداركتنا باللطف في ظلمة الحشا
وخير كفيلٍ في الحشا قد كفلتنا
وأسكنت قلب الأمهات تعطفاً ........
علينا وفي الثديين أجريت قوتنا
وأنشأتنا طفلاً ، وأطلقت ألسناً ......
.....تترجم بالإقرار أنك ربنا
وعرفتنا إياك ، فالحمد دائماً .......
لوجهك إذ ألهمتنا منك رشدنا