- ندوات تلفزيونية / ٠01برنامج ويتفكرون - قناة ندى
- /
- ٠2ويتفكرون 2
مقدمة :
الدكتور بلال:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أخوتي أخواتي أينما أسعد الله أوقاتكم بكل خير، بتحية الإسلام أحييكم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نحن معاً في حلقة جديدة من برنامجنا: "ويتفكرون"، نبحر فيه في آيات الله عز وجل الكونية والتكوينية والقرآنية، نستضيف في هذه الحلقات المباركة فضيلة شيخنا الدكتور محمد راتب النابلسي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الدكتور راتب :
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بارك الله بكم.
الدكتور بلال:
بارك الله بكم سيدي، اليوم نتحدث عن آية جديدة من آيات الله لكن قبل ان أبدأ بها أحب أن أسمع تعليقكم على حديث في الترمذي وهو صحيح، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
(( فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم ))
هناك علم وهناك عبادة، التفكر تحت أي مجال يندرج؟
آيات الله عز وجل قنوات واضحة للوصول إليه :
الدكتور راتب :
الانتفاع بالشيء ليس أحد فروع العلم به، فلو أن إنساناً وضع يده على مفتاح مكيف يأتيه الهواء البارد، ويستمتع بهذا الهواء، لكن الذي يحمل دكتوراه في التكييف يعلم آلية التبريد، أما الانتفاع فقط فهو لكل الناس، أي مسلم طبق منهج الله يقطف ثماره في الدنيا والآخرة، أما أن يكون داعية يعلم الناس فهذا يحتاج إلى فهم الحكم، وفهم الأسباب، وما شاكل ذلك، الآيات كثيرة جداً، الله عز وجل أمرنا أن نعرفه، قال تعالى:
﴿ وَما خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلّا لِيَعبُدونِ ﴾
والمعرفة تحتاج إلى أدلة، والله عز وجل ذات كاملة لا تدركه الأبصار، ولكن العقول تصل إليه من خلال آياته الكونية تفكر، التكوينية نظر، القرآنية تدبر، فنحن أمام آيات إما كونية خلقه، أو تكوينية أفعاله، أو قرآنية كلامه، قال تعالى:
﴿ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ﴾
أي القنوات الثلاث الواضحة الناصعة المجدية قناة الكون تفكر، قناة أفعال الله نظر، قناة القرآن الكريم تدبر.
بطولة الإنسان أن يعيش عمراً مديداً بصحة طيبة :
إذاً قال تعالى:
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ ﴾
فالنوم من نعم الله الكبرى، لكن بالنوم يوجد حالات كثيرة، الإنسان حينما ينام ينخفض نبض قلبه إلى الخمسين تقريباً، الإنسان السوي الصحيح المعافى نبضه عبارة عن ثمانين نبضة، إذا آوى إلى فراشه ينخفض النبض إلى خمسين نبضة، حينما ينخفض النبض إلى خمسين نبضة تصبح حركة الدماء في الأوعية بطيئة، وإذا أبطأت هذه الحركة قد تترسب بعض الذرات الدهنية على جدران هذه الأوعية، وهناك مقولة قالها الأطباء: الإنسان عمره من عمر شرايينه، لذلك أي شيء يساعد على مرونة الشرايين هذا يطيل العمر من مفهوم علماء الإحصاء طبعاً، هو العمر عند الله ثابت، لكن كملاحظة لك عند الله عمر معين، قد يكون ستاً وثمانين سنة، وأربعة أشهر، وثلاثة أسابيع، وخمسة أيام، وأربع ساعات، وثماني دقائق، وسبع ثوان، هذه ثابتة لكن باختيارك، إما أن تمضي هذا العمر قائماً متحركاً نشيطاً، أو طريح الفراش، هذه الحالة أو تلك باختيار الإنسان، أما العمر كعمر فلا يتغير.
الدكتور بلال:
هذه باتباع السنن..
الدكتور راتب :
النوم المديد له مشكلة، الإنسان يأوي على فراشه ينخفض نبض القلب إلى خمسين، فإذا انخفض إلى خمسين تباطأ الدم في حركته في الشرايين، وإذا تباطأ بعض ذرات الدهون العالقة بالدم تترسب على جدران الشرايين، والإنسان - كما قلت قبل قليل - عمره من عمر شرايينه، لو تصورنا إنساناً لم يمت لا بجلطة، ولا بشلل، اذكر مئة نوع من الموت، كيف يموت؟ آلية الموت بتصلب الشرايين، القلب عندما ينبض يضخ، الشريان مرن، مرونته تتجاوب مع القلب، والشرايين هي قلوب، القلب عندما ينبض الشريان توسع لأنه مرن، معنى مرن أنه يزداد حجمه ثم يرجع إلى ما كان عليه مثل المطاط تماماً، فالشريان مرن مرونته تسبب مساعدة للقلب، أي الشرايين هي قلوب بالحقيقة، لو شخص وضع يده على شريان هنا يشعر بالنبض، معنى هذا أن الشريان يتجاوب مع القلب، فعندما تترسب الدهون على جدران الأوعية المرونة تضعف، وإذا ضعفت المرونة ازداد الجهد على القلب، وأحد أسباب أمراض القلب تصلب الشرايين، بل إن عمر الإنسان من عمر شرايينه، لذلك الإنسان عندما ينام النبض يرجع إلى الخمسين، والدم يتباطأ في الشرايين، والمواد العالقة الدهنية تترسب في جدران الشرايين، عندئذ تضيق لمعة الشريان- أي قطره - القلب يتعب، أما إن كان كل أربع ساعات حركة فالوضع يختلف، لذلك يوجد أشخاص لا علاقة لهم بالدين أصلاً، ولا بالإسلام نوعاً، إلا أنهم علماء، الإنسان بعد أربع ساعات يتحرك هذه الحركة خففت هذا التصلب في الشرايين، لذلك قالوا: الإنسان عمره من عمر شرايينه. وبطولة الإنسان أن يعيش عمراً مديداً بصحة طيبة.
أنا أقول: أثمن شيء في الحياة أن تعرف الله أولاً، وأن تتمتع بصحة ثانياً، وأن تملك ما يغطي نفقاتك، لذلك:
(( مَنْ أصبَحَ منكم آمِناً في سِرْبه، مُعافى في جَسَدِهِ، عندهُ قوتُ يومِه، فكأنَّما حِيزَتْ له الدنيا بحذافيرها))
أي صحة طيبة، دخل كاف، راحة نفسية.
الدكتور بلال:
أستاذنا الفاضل؛ النوم المديد حله أن يستيقظ الإنسان بعد أربع أو خمس ساعات؟
الإيمان بالله يعين على الطاعة :
الدكتور راتب :
لصلاة الفجر شيء دقيق جداً، عندنا دكتور في الجامعة، تكلم لنا عن موضوع الكآبة، قال لنا: هذا المرض النفسي يعاني منه العالم الغربي، نسبته مئة و اثنان و خمسون بالمئة، أي مئة شخص يعانون من كآبة، و اثنان و خمسون يعانون من كآبتين، قال: هذه الظاهرة المرضية غير موجودة في الشرق الأوسط لسبب واحد هو أن هناك إيماناً بالله، هذا الإيمان بالله يوجد إله يرعاك، يحفظك، إله يستجيب لدعائك، إيمان بالله يعينك على طاعته، على علاقتك الطيبة مع من حولك، فالإيمان بالله له دور كبير جداً.
الدكتور بلال:
أستاذنا الفاضل هنا يحضرني سؤال؛ لا شك أن الصلاة صحة وهذا أحد ما تفضلتم به أن الإنسان يستيقظ بعد أربع أو خمس ساعات وهم يؤدون حركات رياضية، ونحن نؤدي صلاة الفجر أو نذهب إلى المسجد ونؤدي الصلاة فكأننا بذلك نمنع النوم المديد..
السجود عامل مهم من عوامل مرونة الشرايين :
الدكتور راتب :
دقيقة واحدة؛ الإنسان حينما يسجد بحكم الجاذبية يهجم الدم إلى الرأس، هذا الهجوم إلى الرأس يبعد عنه الجلطات الدموية، وضيق الشرايين، لأن هناك تدريباً يومياً، عندما سجد الدم هجم إلى الرأس، الشرايين حينما جاءها الدم الكثيف توسعت، من توسعها وتقلصها ينشأ ما يسمى بالمرونة، شرايين الدماغ إذا كانت مرنة تخدم الإنسان إلى آخر حياته.
الدكتور بلال:
وهنا السؤال الذي أريد أن أسأله حتى تضح الصورة عند الأخوة المشاهدين، البعض يقول عندما نتحدث عن فوائد الصلاة الصحية: وهل الصلاة من أجل الصحة؟
الصلاة عبادة :
الدكتور راتب :
لا، الصلاة عبادة، لكن لا يمنع أن تؤدي هذه العبادة لله وحده، أن تعقد خلال الصلاة صلة مع الله، أن تستنير بنوره، أن تأخذ من رحمته، من كمالاته، هذا لا يمنع أن يكون هناك فوائد من نوع ثان، أما أنا فأعرف الصلاة أنها صحة، لا، غير صحيح، الصلاة عبادة، الله عز وجل أمرنا أن نعبده بصرف النظر عن الفوائد المادية، والجسمية، والاجتماعية للعبادة، العبادة طاعة لله عز وجل، طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية، طاعة ليست قسرية، طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، ما عبد الله من أطاعه ولم يحبه، كما أنه ما عبد الله من أحبه ولم يطعه، طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية.
خاتمة و توديع :
الدكتور بلال:
جزاكم الله خيراً وأحسن إليكم، شكراً على ما أفدتم وأجدتم، وأنتم أخوتي الأكارم لم يبق لي في نهاية هذا اللقاء الذي طاب بحضوركم بعد أن شكرت شيخنا الكريم على ما تفضل به إلا أن أشكر لكم حسن المتابعة، شاكراً المولى جلّ جلاله، متمنياً لكم دوام الصحة والعافية، إلى الملتقى أستودعكم الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.