- موضوعات متنوعة
- /
- ٠4موضوعات متفرقة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
مآخذ أعداء الدين على كتابنا أن فيه آيات كثيرة تتحدث عن القتال:
أيها الأخوة الكرام، لازلنا مع الأحداث ومع الموقف المشتعل، الموضوع اليوم هو أن بعض أعداء الدين يأخذون على كتابنا أن فيه آيات كثيرة تتحدث عن القتال، وغاب عنهم أنهم يقتلون الشعوب كل يوم وكل حين وبسبب وبلا سبب عدواناً وطغياناً، ألا يحتاج المؤمنون إلى توجيهات إلهية ؟ وقد شاءت حكمة الله أن يعيش المؤمنون مع غير المؤمنين في وقت واحد وفي مكان واحد، فلذلك لقاء هذا السفك للدماء الذي لا يصدق في العالم قديماً وحديثاً، لابدّ من أن يكون في منهج الله عز وجل آيات تتحدث عن الموقف الدفاعي الذي ينبغي أن يقفه المؤمنون، فلذلك الآية الأولى وهي أصل في العقيدة:
﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ(216)﴾
المشكلة أيها الأخوة، أنت حينما تؤمن بالدنيا فقط فهذه الآيات تتناقض مع رخاء العيش، مع الاستقرار، مع الدعة، مع الترف، أما حينما تؤمن أنك مخلوق لجنة عرضها السماوات والأرض، وأن هذه الجنة فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وأن الدنيا زائلة وأنها ممر وليست مقراً، دار تكليف لا دار تشريف، دار عمل لا دار أمل.
ارتباط النصر الإلهي بالإيمان أولاً وبالإعداد ثانياً:
حينما تنطلق من التصورات الإسلامية الشمولية تفهم لماذا أراد الله أن يكون المؤمنون مع غير المؤمنين في أمكنة واحدة وفي أزمنة واحدة ؟ ولماذا أراد الله أن تكون معركة الحق والباطل معركة أزلية أبدية ؟ بمعنى أن الحق لا يقوى إلا بالتحدي، هذه الأحداث التي نعيشها أرجو الله عز وجل أن يمد في أعماركم جميعاً كي تروا النتائج الإيجابية التي قد لا تصدق، أحداث جمعتنا، أحداث أذابتنا في بوتقة واحدة، أحداث وحدتنا، أحداث كانت لعنة على أعدائنا لألف عام قادمة من كل شعوب الأرض من دون استثناء، أحداث تدفعنا إلى تربية أولادنا، أحداث تدفعنا إلى أن نعد لأعدائنا العدة الكافية، تدفعنا إلى أن نؤمن، المجتمع من دون قوة لا قيمة له، وأن النصر الإلهي منوط بالإيمان أولاً وبالإعداد ثانياً، وكلا الشرطين شرط لازم غير كاف، لا يكفي أن نكون مؤمنين، لابدّ من أن نعد للأعداء القوة التي نستطيعها:
﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾
ولا يكفي أن نكون قد أعددنا ولسنا مؤمنين، هذه الأحداث تنقلنا من إسلام يعد ظاهرة صوتية، الإسلام مع الأسف الشديد خطبة تلقى، درس يلقى، نشيد ينشد، ظاهرة صوتية، لكن رأينا كيف أن الإسلام يكون ظاهرة عملية، كيف أن قلة مؤمنة قليلة تستطيع أن تقف في وجه أعتى جيش في المنطقة، بل تستطيع أن تقف في وجه رابع جيش في العالم يملك من الأسلحة ما لا يوصف من أنواع القنابل، من أنواع الأسلحة براً وبحراً وجواً، وكيف كان إجرامه بأنه استقوى على شعب شبه أعزل، على بيوت، على أطفال، على نساء.
الدروس والعبر التي استفادها المسلمون من هذه الأحداث تفوق حدّ الخيال:
والله أيها الأخوة، الدروس والعبر التي نستفيدها من هذه الأحداث تفوق حدّ الخيال، أما الذين قتلوا نسأل الله لهم الشهادة:
ً
﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)﴾
وأما البيوت التي هدمت إن شاء الله يمكن أن تعود كما كانت في القريب العاجل، لكن لم يستطع الكفر العالمي أن يقهر المسلمين، لم يرفع أحد الراية البيضاء، لم يستسلم أحد.
القتال قدرنا لننال شرف الشهادة:
على كل أردت في هذا الدرس الحديث عن أن القتال في القرآن آياته تقترب من مئة وعشرين آية في لقاء قصير، الآية الأولى آية عقدية متعلقة بالعقيدة:
﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ(216)﴾
القتال قدرنا، معنىً آخر يستنبط من هذه الآية:
﴿وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ ﴾
أي الله عز وجل قادر، زلزال يصيب أرض أعدائنا لا يبقي ولا يذر، هناك زلازل يموت منها ملايين، الله قادر ينتصر منهم مباشرة، لكن ليكسب عباده المؤمنين شرف الشهادة، لتكون هذه الشهادة سبباً لدخول جنة عرضها السماوات والأرض.
الأمر بيد الله لكن هناك قوانين وأسباب ومقدمات ما لم نأخذ بها لن ننتصر:
أيها الأخوة، شيء آخر متعلق بالعقيدة هو أن الله عز وجل بيده كل شيء، يقوي هذه الفئة على هذه الفئة، أو يقوي هذه الفئة على هذه الفئة، لحكمة بالغة بالغة بالغة عرفها من عرفها وجهلها من جهلها، والدليل:
﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ﴾
﴿عَلَيْكُمْ ﴾
ولو شاء الله لسلطكم عليهم، الأمر بيد الله لكن هناك قوانين، و هناك أسباب، و هناك مقدمات، و هناك قواعد، أما إن لم نأخذ بالقوانين مهما دعونا ربنا، ومهما رفعنا أصواتنا بالدعاء، ومهما بكينا، ما لم نقدم ثمن النصر لا نناله، إنسان عنده امتحان شهادة ثانوية ما درس إطلاقاً، إن أراد البكاء فلن ينجح، إن أراد الضحك فلن ينجح، إن أراد أن يترجى، والده يدعو له لن ينجح، إن بحث عن أسئلة متوهمة أنه مدفوع ثمنها لن ينجح، ما لم يدرس لن ينجح، أنا أتمنى أن نفهم الدين هكذا، هناك ثمن، هناك أسباب، تقرأ عدداً من الكتب الطبية، تقتني كم مجلة طبيبة، تقرأ مجموع مقالات طبية لن تكون طبيباً، طريق الطب دقيق، شهادة ثانوية، مجموع مئتان وثلاثون، كلية طب أول سنة علوم عامة، ثاني سنة تشريح، الثالثة فيزيولوجيا، الرابعة علم أمراض، الخامسة علم صحة، السادسة تدريبات، تأخذ إجازة بالطب، تدخل دبلوم عامة، دبلوم خاصة، ماجستير، دكتوراه، تصبح دكتوراً في الطب لا يكفي، لا أحد يأتيك ما لم يكن معك اختصاص مستواه رفيع جداً، هذا طريق تكتب الدكتور فلان، أما تقرأ كم مجلة طبيبة، تتابع بعض الموضوعات الطبية، تقول أنا طبيب، هذا شيء مضحك.
النصر له ثمن إن لم يُدفع لن نناله:
كذلك المسلمون النصر له ثمن إن لم يدفع لن نناله، يبدو أن أخوتنا أسأل الله لهم التوفيق دفعوا الثمن وأنا سمعت من أحد قادتهم أنه قال: يا رب لقد أعددنا لهم، هذا الذي علينا آمنا بك وأعددنا لهم، فعلاً تفاجئنا عندهم صواريخ بعد وقف إطلاق النار من جانب واحد أطلقوا عليهم الصواريخ، أين الأهداف التي حققت ؟ لم يحقق ولا هدف، فهذه حقيقة:
﴿وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ﴾
﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ(216)﴾
الأجل ليس له علاقة بالقتال أو بالمرض وإنما علاقته بانتهاء الأجل:
أيها الأخوة، أما هذا الذي قعد وتوانى وتكاسل وجبن يقول الله له:
﴿قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ﴾
هذا الذي تقاعس لن يموت ؟ لا سوف يموت، وسوف يدفع ثمن تقاعسه، الأجل لا يتغير، هذه قضية إيمانية خطيرة جداً، الأجل ليس له علاقة بالقتال، ليس له علاقة بالمرض، الأجل له علاقة بانتهاء الأجل، الأجل هذه من بديهيات الإيمان، له علاقة بانتهاء الأجل، أما إذا لم ينتهِ الأجل يمكن أن تخوض ألف معركة كما قال سيدنا خالد، خضت مئة معركة وليس في جسمي موضع إلا وفيه ضربة بسيف أو طعنة برمح، وها أنا أموت على فراشي كما يموت البعير فلا نامت أعين الجبناء.
العاقل من عاش في الدنيا كأنه غريب أو عابر سبيل:
إذاً دخول المعركة لا ينهي الأجل، والمرض لا ينهي الأجل، ينهي الأجل انتهاء الأجل، أما هؤلاء الذين انطلقوا لنصرة الدين هؤلاء يقول الله لهم:
﴿وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (157) ﴾
شخص أحياناً يدخل بمرحلة كسب الرزق، بعد كسب الرزق تتنامى تجارته، تتنامى صناعته، تتنامى أمواله، يدخل بمرحلة أخرى ليست مرحلة كسب الرزق بل مرحلة الجمع، كم مليون عملت يا فلان ؟ ثمانية عشر مليوناً، أنا ثمانون، يدخل أحياناً التاجر أو الصانع أو صاحب الأموال الطائلة بمرحلة غير كسب الرزق ماذا تسمى ؟ مرحلة الجمع، فالله عز وجل يقول:
﴿وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (32) ﴾
أي أحياناً كل واحد منا له أقرباء أغنياء أحياناً، أو أصدقاء، أو معارف، يموت أحد الأشخاص الذي معه ملايين مملينة، الذي معه مئات الملايين تدخل إلى بيته بالتعزية طبعاً ما هذا البيت ما شاء الله أربعمئة خمسمئة متر، بلاط، رخام، الثريات شيء جميل جداً، هذه الزخرفة، التزيين، من اشترى البلاط ؟ المرحوم، من اختار الثريات ؟ المرحوم، من اشترى السجاد ؟ المرحوم، من اختار هذا المنظر الطبيعي ؟ بعد سنة أثناء سفره لأوربا حتى أعجبه أحضره معه، أين المرحوم ؟ في باب صغير، أليست هذه موعظة كبيرة جداً ؟ اقرأ أية نعوة وسيشيع إلى مثواه الأخير، ماذا يسمى البيت الذي يسكنه بالقياس إلى كلمة مثوى أخير ؟ المثوى المؤقت، أنت أحياناً تأخذ بيتاً في المصيف شهر، يجوز فيه خطأ لا تهتم، شهر يمضى، قد تجد في البيت آلاف الأخطاء أنت بحاجة لأن تقعد شهراً بعيداً عن دمشق، تتمتع بمناظر وتلتقي مع أقربائك فقط، أما السقف غير جيد، الطلاء غير جيد، الستائر غير أنيقة، شيء لا قيمة له عندك إطلاقاً، لما الإنسان يشعر أن الحياة الدنيا مؤقتة ما عنده مشكلة، عندما يظن أن الحياة الدنيا هي كل شيء في حياته أي نقص فيها يجعله يتألم، لذلك عش في الدنيا كأنك مسافر أو عابر سبيل:
﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) ﴾
أخطر شيء يصيب الأمة أن تهزم من الداخل:
أخطر شيء يصيب الأمة لا أن تهزم أبداً، أن تهزم من الداخل، أن تقع في الإحباط، في اليأس، أن تسودها ثقافة اليأس، ثقافة الطريق المسدود، ثقافة أننا لن ننتصر، إن سادت في الأمة هذه الثقافة لا نصدق النصر أبداً، نظنه مؤامرة أو تمثيلية، هذه مشكلة كبيرة جداً، أولاً الصحابة قدوة لنا، صحابة رسول الله نخبة البشر وفيهم سيد الخلق وحبيب الحق:
﴿إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10) ﴾
شخص قال: أيعدنا صاحبكم أن تُفْتَح علينا بلاد قيصر وكسرى، وأحدنا لا يأمن أن يقضي حاجته.
﴿هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً (11) ﴾
طبعاً:
(( لا تكرهوا الفتنة في آخر الزمان فإنها تبير المنافقين))
المنافق ينكشف، كان مستوراً انكشف.
معاهدة المؤمن الله عز وجل على الطاعة في المنشط والمكره وفي إقبال الدنيا وإدبارها:
عندما الله عز وجل قال:
﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ﴾
ويقاس على هذه الآية وما كان الله ليذر الدول على ما هي عليه حتى يميز الخبيث من الطيب:
﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً (23) ﴾
عاهدنا الله على الطاعة في المنشط والمكره، في إقبال الدنيا وإدبارها، في الغنى والفقر، في الصحة والمرض، قبل الزواج وبعد الزواج.
﴿ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا﴾
أما المنافقون:
﴿وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً (12) ﴾
الثبات و ذكر الله كثيراً أوامر الله عز وجل للمؤمنين في الحرب:
شيء آخر، أحياناً الإنسان بالمقاييس الأرضية يقول ما في أمل، دقق في موقف المؤمنين:
﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) ﴾
من توجيهات ربنا جلّ جلاله للمؤمنين:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا ﴾
من أجل أن تثبتوا قال تعالى:
﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45) ﴾
ومن أجل أن تذكروا الله كثيراً:
﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46) ﴾
هذه توجيهات ربنا للمؤمنين الصادقين.
التثبيط و الكذب شأن المنافق دائماً:
المنافق دائماً يقول:
﴿لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا ﴾
لو لم يتورطوا بالذي تورطوا به ما ماتوا وما قتلوا، لو استمعوا إلى نصيحتنا ما كان هذا الذي كان، هذا شأن المنافق دائماً، والإنسان أحياناً يجد دولة قوية، عملاقة، عظيمة، أسلحة فتاكة، طيران، إعلام، يقول ما في أمل يقول الله عز وجل:
﴿لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197) لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ (198) ﴾
الإيمان مرتبة علمية مرتبة أخلاقية ومرتبة جمالية:
أيها الأخوة، لكن المؤمن كما قال النبي عليه الصلاة والسلام:
(( المؤمن كيس فطن حذر ))
من هو الكيس ؟ الذي دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، الذي ضبط نفسه، ضبط دخله، ضبط إنفاقه، ضبط بيته، ضبط بناته، الذي دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني، لذلك الله عز وجل يقول:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ ﴾
شيء جميل جداً أنك بقدر ما تحب المؤمن تعجب بحكمته، تعجب بذكائه، تعجب بأفكاره، نحن بحاجة الآن إلى مؤمن مستوعب الثقافة المعاصرة، متفوق في عمله، إيمانه قوي، عملياً لا يرضيك إنسان طيب لكنه جاهل، ولا يرضيك إنسان ذكي جداً لكنه خبيث، كلمة مؤمن مرتبة، تقول دكتور بالمصطلح المعاصر ما معنى دكتور ؟ إن وجدت اسماً قبله دال، يعني هذا أمي ؟ لا، معه إتمام مرحلة ابتدائية حتماً، ومعه إعدادي، ومعه ثانوي، ومعه ليسانس أو بكالوريوس، ومعه دبلوم عامة، دبلوم خاصة، وماجستير، ودكتوراه، ومؤلف كتاباً، والكتاب فريد من نوعه وصار بالعلم قفزة نوعية، كل هذه التفاصيل تعني كلمة دال، هذا قياس، ومعنى مؤمن، المؤمن مرتبة علمية، ما اتخذ الله ولياً جاهلاً لو اتخذه لعلمه، المؤمن مرتبته العلمية أنه اكتشف الحقيقة الكبرى، عرف الله، عرف سرّ وجوده، وعرف غاية وجوده، مؤمن مرتبة أخلاقية، المؤمن لا يكذب، ولا يحتال، ولا يأخذ ما ليس له،، ولا ينافق، ولا ينبطح، مؤمن، والمؤمن مرتبة جمالية، له أذواق رفيعة جداً، يذهبون إلى مقهى أصوات تصدح، أغاني لا تحتمل، طاولات عليها خمر، صياح وضجيج، عملوا نزهة، أي نزهة ؟ المؤمن له أذواق أخرى في نزهاته، في لباسه ذوق، في بيته له ذوق، فالإيمان مرتبة علمية ومرتبة أخلاقية ومرتبة جمالية، هذا معنى المؤمن.
المؤمن إنسان لبق بعيد عن السذاجة و البساطة:
أيها الأخوة:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً (71) ﴾
الإنسان كيس فطن حذر، لا يليق بالمؤمن أن يكون ساذجاً أو بسيطاً، ماذا قال سيدنا عمر ؟ لست بالخب ولا الخب يخدعني. يعني لست من البساطة بحيث أخدع ولست من اللؤم بحيث أخدع.
أيها الأخوة الكرام، هناك شيء آخر أن هذه الحرب، حربنا دفاعية دائماً نحن لا يوجد عندنا حرب هجومية والدليل:
﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190) ﴾