- موضوعات علمية
- /
- ٠1موضوعات علمية من الخطب
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
مقدمة عامة :
أيها الأخوة الأكارم, من نعم الله الظاهرة، هذه النعم التي بين أيدينا، ولكن هناك نِعَمٌ عظيمة لا نعرفها، بل نحن في غفلةٍ عنها، وقد قال الله عزَّ وجل:
﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾
وفي هذه الآية شيءٌ يلفت النظر، قوله: تعدوا نعمة الله، أي تعدوا خيرات النعمة الواحدة، يعني أنتم عاجزون عن إحصاءها .
من النعم التي يغفل عنها الإنسان :
أيها الأخوة الأكارم, يقول ربنا سبحانه وتعالى:
﴿اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا﴾
قد يفهم من هذه الآية، أن بين النجوم والكواكب أعمدةً لا نراها, لأن الآية تقول:
﴿اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا﴾
إذاً: فليس هناك أعمدةٌ مرئية، وهذا لا ينفي أن تكون هناك أعمدةٌ غير مرئية .
أيها الأخوة, تتجاذب الأجسام فيما بينها، وتتجاذب الكتل فيما بينها، وتتجاذب الكواكب فيما بينها, فالشمس تجذب الأرض، ولولا هذه القوة التي أودعها الله في الشمس لانعدمت لسببٍ من الأسباب، فإن الأرض سوف تلاقي مصيرها المحزن باندفاعها الأزلي في متاهات الفضاء الكوني الباردة والمعتمة .
شيءٌ مألوف أن نرى الشمس كلَّ يوم, وأن تشرق علينا كلَّ يوم، وألا يغيب عنا ضوء الشمس, ولكن لو أن هذه الأرض تفلَّتت من جاذبية الشمس، ومضت في متاهات الفضاء إلى ما لا نهاية، حيث الظلام الدامس، والبرد الذي قد يصل إلى ثلاثمائةٍ وخمسين درجة تحت الصفر، فما مصير الأرض؟ .
أيها الأخوة الأكارم, بحساب قوى الجاذبية، قال بعض العلماء: لو أردنا استبدال قوة الجاذبية بحبالٍ مرئية، واخترنا أمتن المعادن على الإطلاق، إنه الفولاذ المضفور حيث يتحمل السنتيمتر المربع من هذا المعدن, قوة شد تزيد على مئة كيلو، لو أردنا أن نضع بين الأرض والشمس أعمدةً من الفولاذ فكم نحتاج؟ .
قيل: نحتاج إلى مليون مليون عمود، قطر العمود الواحد خمسة أمتار, فلو وضعت هذه على سطح الأرض على البر والبحر، لكان بين العمودين مسافة عمود واحد، نحن أمام غابةٍ كثيفةٍ جداً من الأعمدة، حتى نستبدل بها قوى التجاذب التي أوجدها الله بين الأرض والشمس, هذا شيءٌ يكاد لا يمكن تصوره .
قال العلماء: كل هذه القوى من أجل أن تحرف مسار الأرض كل ثانيةٍ، ثلاث ميليمترات، حتى تشكِّل مساراً مغلقاً شبيهاً بالدائرة حول الشمس، ولولاها لانتهت الحياة, لرأيت الحركة على سطح الأرض مستحيلة، و لرأيت البناء مستحيلاً، لرأيت أشعة الشمس محجوبةً بهذه الحبال الكثيرة, هذه من النعم الباطنة التي قد لا ينتبه إليها الإنسان .
يقول الله سبحانه و تعالى:
﴿اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا﴾
أيها الأخوة الأكارم, دققوا في هذه الآيات الكونية، فكلما ازددنا معرفةً بالله عزَّ وجل ازددنا خشيةً له، وازددنا طاعةً له .