- أحاديث رمضان / ٠12رمضان 1426هـ - الاسماء والفوائد
- /
- 1- رمضان 1426 هـ - الفوائد
الحمد لله رب العالمين، والصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الإخوة الكرام، مع حكمة جديدة من حكم ابن القيم رحمه الله تعالى، هذه الحكمة محورها مساوئ الشهوات،
بعض الحقائق عن الشهوة
الشهوة حيادية
و قبل أن نمضي في الحديث عن مساوئ الشهوات لابد من تنويه إلى أن الشهوة أودعها الله في الإنسان، وهي حيادية، بمعنى أنها يمكن أن تكون سلماً ترقى بها إلى الله، ويمكن أن تكون دركات تهوي بها إلى الهلاك، لأنك مخير فهي حيادية، فحينما توصَف الشهوة بأنها سبب الهلاك فالحقيقة أن الذي اتخذ قراراً بالهلاك هو الإنسان.
الشهوة ليست سبب هلاك الإنسان
هل يمكن لمركبة من أرقى أنواع المركبات صُنعت لخدمة الإنسان أن يقودها الإنسان وهو مخمور، فيهوي بها في أعماق الوادي، ويقول: هذه المركبة شريرة أهلكتني ؟ لا، استعمالها بغير أصولها هو الذي أهلك الإنسان، فالشهوة ليست أبداً سبب هلاك الإنسان، بالعكس، لولا الشهوات لما ارتقينا إلى رب الأرض والسماوات.
الشهوة ترقى بها مرتين صابراً و شاكراً
إنك من دون شهوة لا تتحرك، لا تفعل شيئاً، الشهوة ترقى بها مرتين، ترقى بها صابراً، وترقى بها شاكراً، فإذا متعت نفسك بما أحل الله لك ترقى إلى الله شاكراً، وإذا امتنعت عن شهوة نهاك الله عنها ترقى إلى الله صابراً، شاكراً وصابراً، سلماً ودركات، أنت المسؤول.
الشهوة قوة محركة
هل تتصور مركبة بلا محرك، عندئذ ليست مركبة، لابد لها من محرك، والعقل هو المقود، و الشرع هو الطريق.
الصبر عن الشهوة أسهل من الصبر على ما توجبه الشهوة
كلمات دقيقات وبليغات
الشهوة توجب ألم نفسي
أعلى منصب في أمريكا زلّت قدمه مع امرأة، فتحمل فضيحة لا تنتهي، واضطر أن يبكي، واضطر...، لذلك ألا يا رُبّ شهوة ساعة أورثت حزناً طويلاً .
سمعت عن إنسان سافر وزلّت قدمه في السفر، وانتقل إليه مرض الإيدز، من أجل أن يخفي هذا المرض عن زوجته وأولاده بذل جهداً لا ينتهي، ثم فضح، وانتهى عند أهله وأولاده، ألا يا رُبّ شهوة ساعة أورثت حزناً طويلاً .
الصبر عن الشهوة أسهل من الصبر على ما توجبه الشهوة، فإما أن توجب ألماً وعقوبة، وقد يكون الإنسان في أعلى مكانة، فإذا خضع لشهوته سببت له هذه الشهوة آلاماً، وقد تسبب له عقوبات هو في غنى عنها،.
لابد من ضرب مثل حتى أبين لكم كيف أن الإنسان يعاني من آلام نفسية لا تحتمل، لو أن قلماً ثميناً فُقِدَ في صف، فالمعلم أغلق الباب، وفتش الطلاب طالباً طالباً، يوجد طالب له مكانته، من عائلة محترمة، مظهره العام جيد، اشتهى هذا القلم فوضعه في محفظته، فلما فضح أمْرُه لم يتكلم المعلم معه لا كلمة، ولم يضربه، لماذا يكاد يموت من الألم ؟ هذا هو الألم النفسي، لذلك ورد: " إن العار ليلزم المرء يوم القيامة حتى يقول: يا رب، لإرسالك بي إلى النار أهون عليّ مما ألقى، و إنه ليعلم ما فيها من شدة العذاب ".
حينما يقف العبد بين يدي ربه، ويحاسبه، ويقول له: منحتك الوجود، منحتك النعم، منحتك الأمن، منحتك الغنى، ثم تفننت في إيذاء عبادي، وبثِّ الذعر في قلوبهم، وهذه الحروب التي تجري ـ أشهد الله ـ أن الذين يقررون ضرب هذه المدن وإلقاء هذه القنابل الذرية واللهِ هم أشقى البشرية قاطبة، هم أغبى أصناف البشر، لأنهم ما أدخلوا الله في حساباتهم، ما أدخلوا اليوم الآخر في حساباتهم، هذه الشهوة قد توجب ألماً وعقوبة.
الإنسان بنيان الله، وملعون من هدم بنيان الله، وإذا كانت المرأة يمكن أن تدخل النار في هرة حبستها، لا هي أطعمتها، و لا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض، فما قولك بشعوب تدمر ؟ بشعوب تفتقر ؟ بشعوب تعاني ما تعاني ؟ من أجل قلة في العالم تتحكم بثرواته.
إنّ أذكى إنسان هو الذي يجتنب أن يؤذي إنساناً أو مخلوقاً، عصفور اصطدته لغير مأكلة، هذه إلى أين توصل ؟ يأتي يوم القيامة وله دوي كدوي النحل، يقول: يا رب، سله لمَ قتلني ؟ فإذا كان موضوع عصفور أو هرة يوجب النار فكيف بالذي يسحق شعوباً، و يعتدي على حرمات، و يبتز أموال الناس، و أكل ما ليس له بحق أن يأكل ؟
قال:
" فالصبر عن الشهوة أسهل من الصبر على ما توجبه الشهوة، فإنها إما أن توجب ألماً وعقوبة، وإما أن تقطع لذة أكمل منها.
أول خطر من أخطار الشهوة أنها توجب ألماً نفسياً وعقوبة مادية، أو أنها تقطع لذة أكمل منها.
لما لا يدرس الطالب، ويمضي وقتاً في دور السينما، ومع رفقاء السوء يخسر ويهان، أما الذي درس، ونال الشهادة بتفوق أقيم له حفل تكريم، يعلو في نظر الناس، و تصيبه مشاعر الغبطة والفرح والسعادة أضعاف مضاعفة عن ساعات قضاها زميله في فيلم، أو مع صاحب سوء.
الشهوة تقطع لذة أكمل منها
السوء الآخر للشهوة، وإما أن تقطع لذة أكمل منها، فقضية بالحساب حتى في الأمور المادية، لذلك الإنسان الذي يأكل كل ما يشتهي، ولا يرعى قواعد صحته كانت آلام الأمراض، وآلام التخلف الصحي أضعاف مضاعفة عن لذائذ الطعام والشراب، إنها قضية موازنة، وإما أن تضيع وقتاً إضاعته حسرة وندامة، وإما أن توجب ألماً وعقوبة، وإما أن تقطع لذة أكمل منها، وإما أن تضيع وقتاً إضاعته حسرة و ندامة.
تجد الذي ضبط نفسه، وأطاع ربه يرفع الله له ذكره، ويعلي قدره، تأتيه موجات من الفرح، موجات من الغبطة، موجات من السعادة، تفوق ملايين أضعاف لذة الشهوة الآثمة.
مرة ثانية، ألا يا رُبّ شهوة ساعة أورثت حزناً طويلاً، ألا يا رب نفس جائعة عارية في الدنيا طاعمة ناعمة يوم القيامة.
وإما أن تسلم عرضاً توفيره أنفع للعبد من سلمه
الإنسان يعيش بمكانته في المجتمع، يعيش باستقامته، يعيش بعفته، يعيش بأمانته إذا سلم عرضه، والعرض موضع الذم والمدح في الإنسان، أي مكانتك، كل شخص منا له مكانة في المجتمع، وقد يكون في أدنى درجة، لكنه مستقيم.
الحاجب الذي دخْله أربعة آلاف، ومهمته أن يأتي بالقهوة والشاي إلى المدير العام، هذا إذا كان مستقيماً فله مكانة، مرتبته الاجتماعية لا علاقة لها بمكانته، مكانته باستقامته، يده نظيفة، لسانه نظيف، ما أكل مالاً حراماً، ما ابتز إنساناً، ما كان سبب هلاك إنسان، فحتى أدنى مرتبة اجتماعية إذا رافقتها الاستقامة والعفة والصدق والأمانة تجد هذا الإنسان كبيراً.
والله أنا ذكرتُ هذه القصة مرات عديدة، إنسان محسن أراد أن يبني مسجداً في حي فقير ليس فيه مسجد، فكلف أحد الإخوة الكرام بالبحث عن الأرض، فوجد أرضاً مناسبة جداً، مربعة باتجاه القبلة، سعرها معقول، أبلغ المحسن الكبير كي يرى الأرض ميدانياً، فلما جاء هذا المحسن أعجبته الأرض، ووجد سعرها مناسبًا، سطر شيكاً بنصف قيمتها، فسأل صاحب الأرض، وهو مستخدم ورثها قبل شهر، قال له صاحب الأرض وقد أخذ شيكاً بنصف قيمتها: متى النصف الثاني ؟ فقال له: عند التنازل، قال له: أيّ تنازل ؟ قال: هذه الأرض سوف تغدو مسجداً، فلابد من أن تذهب إلى مديرية الأوقاف كي تتنازل عنها حتى أعطيك القسم الثاني، فأمسك الشيك، ومزقه، وقال: أنا أستحي من الله أن أبيع أرضاً لتكون مسجداً، أنا أولى منك أن أقدمها لله، هذا المستخدم دخله أربعة آلاف في الشهر، عنده ثمانية أولاد، تحت الخط الأحمر من الفقر، يقول هذا المحسن: واللهِ ما صغرتُ في حياتي أمام إنسان كما صغرت أمام هذا المستخدم، فأنت حينما تستقيم، ولو كنت في أدنى درجة اجتماعية كبير، وإذا انحرفت، وخالفت مبادئ فطرتك، وخالفت منهج ربك، و كذبت، ولم تكن أميناً، واعتديت على أعراض الآخرين، ثم افتضحت، تشعر أن هذه المكانة العليّة أصبحت في الوحل.
لذلك إخواننا الكرام، الآلام النفسية لا تحتمل، وإنّ العار ليلزم المرء يوم القيامة حتى يقول: يا رب، لإرسالك بي إلى النار أهون عليّ مما ألقى.
أعطيتك كل شيء فلماذا فعلت بعبادي ما فعلت ؟
﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾
والله أحياناً يقصر إنسان مع محسن كبير أسدى له معروفاً كبيراً، يكاد يموت من الألم، لكن الناس نيام إذا ماتوا انتبهوا.
إنّ الشهوات كالمخدرات تماماً، الشهوات في الدنيا كأنها مخدرات، متى يصحو الإنسان من خدره ؟ عند الموت يعلم حجم خطئه، هذا الذي ركب مركبة، وأعطى السائق مبلغاً كبيراً، ورقة نقدية كبيرة، وردّ له السائق التتمة زيادة عشرين بنساً في لندن عما يستحق، هو إمام مسجد، فقال: ينبغي أن أرد هذه الزيادة، لكن لما جلس في المقعد قال: إنها شركة عملاقة، ودخلها كبير، و هذا المبلغ يسيراً لا يقدم ولا يؤخر، ولا عليّ أن آخذه، لكن غلبت فطرته على مؤامرته، قبل أن ينزل مدّ يده إلى جيبه، وأعطى السائق عشرين بنساً، ابتسم السائق، وقال له: ألست إمام هذا المسجد ؟ قال: بلى، قال له: و الله حدثتُ نفسي أن أزورك في المسجد لأتعبد الله عندك، ولكني أردت أن أمتحنك قبل أن آتي إليك، فانتبه، ووقع هذا الإمام مغشياً عليه ـ أغمي عليه ـ لأنه تصوّرَ عِظَمَ الجريمة التي كاد يقترفها لو أبقى المبلغ في جيبه، فلما صحا من غفوته قال: يا رب، كدت أبيع الإسلام كله بعشرين بنساً.
أحياناً توجد أعمال لا تحتملها، فالإنسان عندما يستقيم يسعى لراحة قلبه، تجد المستقيم ملكاً، المستقيم يشعر بنشوة، يشعر ببراءته، يشعر بطهارته، يشعر بسموه، ولو كان مستخدماً في دائرة، المرتبة الاجتماعية ليس لها علاقة بالموضوع، الزوج الكبير يحتل منصباً عريضاً، له دخل فلكي، إذا خان زوجته يصبح أمامها شيئاً تافهاً، أمام أولاده شيء تافه، أمام مَن حوله شيء تافه، فلذلك سألوا مرة ألف رجل: لماذا لا تخون زوجتك ؟ فجاءت الإجابات متفاوتة من حيث القيمة، أول مجموعة قالت: لا أستطيع، لأنها معي في المحل، معي في العمل، هذا أتفه جواب، وقسم آخر قال: لا أحتمل الشعور بالذنب، هذا أرقى، أما القسم الأرقى والأرقى قال: لا أحب الخيانة، قال تعالى:
﴿ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ﴾
وإما أن تسلم عرضاً توفيره أنفع للعبد من سلمه
الإنسان يعيش بمكانته في المجتمع، يعيش باستقامته، يعيش بسمعته، هذه الحاجة الثالثة، أنت بحاجة للطعام والشراب حفاظاً عن الفرد، وبحاجة إلى زوجة حفاظاً عن النوع، بعد أن تأكل وتشبع، وبعد أن تتزوج وتتحصن فأنت أمام حاجة ثالثة أساسية، تحتاج إلى أن تكون ذا قيمة في المجتمع، القيمة لا تأتي من المال، تأتي من بطولة، تأتي من استقامة، تأتي من علم، لذلك قالوا: رتبة العلم أعلى الرتب.
أضخم ثانوية في دمشق وأعرق ثانوية قديمة جداً درستَ فيها إذا دخلت وجدت في مدخلها لوحة بأجمل خط في صدر البهو، كتب عليها: رتبة العلم أعلى الرتب، والآن الآية الكريمة:
﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً﴾
العظيم وصف فضله بأنه عظيم، في أي موضوع ؟ في العلم، لذلك الأنبياء جميعاً هناك آية متكررة:
﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً﴾
أن تعرف الله، أنت المخلوق الأول، أن تعرف الحلال والحرام، أن تعرف سر وجودك، وغاية وجودك.
وإما أن تذهِب مالاً بقاؤه خير من ذهابه
الشهوات تحتاج إلى أموال طائلة، أحياناً الدخول إلى الملاهي يحتاج إلى مبالغ فلكية جداً، يؤذي الإنسان فيها صحته، ويغضب ربه، ويفقد ماله، ويشوِّه سمعته.
وإما أن تذهب مالاً بقاؤه خير له من ذهابه، وإما أن تضع قدراً وجاهاً قيامه خير من وضعه، الإنسان يعيش بمكانته يعيش بنقائه يعيش بسمعته.
وإما أن تضع قدْرًا وجاهاً قيامُه خيرٌ مِن وضعه، وإما أن تسلب نعمة بقاؤها ألذّ وأطيب من قضاء الشهوة
دائماً الشهوات وشيكة الانقضاء، نحن في رمضان الذي يفطر ويعصي ربه، ويتحدى خالقه، ولا يعبأ، بل يفطر في الطريق ويتحدى، هذا استمتع بالدخينة بضع مرات في اليوم، لكن حينما يأتي يوم العيد يشعر بدناءته، لأن الذين صاموا أفطروا، واستمتعوا بالطعام والشراب، وأبيح لهم ما كان مباحاً لهم قبل رمضان، لكن غيرهم فقدوا طاعة الواحد الديان.
أيها الإخوة الكرام، الشهوات تنقضي لذتها، وتبقى تبعتها، بينما الطاعات تنقضي متاعبها، وتبقى خيراتها.
وإما أن تطرق لوضيع إليك طريقاً لم يكن يجدها قبل ذلك
لو ارتكب الإنسان معصية شائنة، قد يأتي إنسان وضيع يناله بالأذى، وقد كانت له مكانة كبيرة، أحياناً على مستوى قانون السير، تمشي بطريق ممنوع، تظن نفسك ذكياً، فيكون الشرطي أمامك، فيوقفك، تترجى، وتصغر أمامه، وتقول: لا أعرف، ولم تكن مضطرًا أن تصغر، طبق القانون، وتبقى في أعلى مكانة، لأن هناك إنسانًا مكانته أكبر من أن يرجو شرطياً، لا يترجى، أُطبق القانون، ولا أقف موقفاً ضعيفاً أمام إنسان، هذه قاعدة، لذلك إياك وما يعتذر منه، والشيء الذي تضطر أن تعتذر منه لا تفعله، وابقَ رافع الرأس، أنا أرى الذين يخالفون قوانين السير يقفون موقفاً ضعيفاً أمام إنسان بالمرتبة الاجتماعية أقلّ منهم بكثير، لكن تتضعضع أمامه، لأنه سوف يسحب منك الإجازة أو الأوراق، واسترجاعها يحتاج إلى جهد ووقت، ويحتاج أن تعطل زمنًا، فأنت حينما تلتزم النظام تبقى في مكانتك، المواطن المستقيم حر طليق، يسافر، يأتي، لا يوجد عنده قيد، ولما يرتكب الإنسان جريمة يفقِد حريته الإنسان، ويصبح رهن اعتقال وسجن، ولا حظ حينما يقبضون على مجرم، انظر إلى وجهه، يخفض بصره، لا يستطيع أن يحد النظر في المصور من جريمته، إذاً على الإنسان أن يرعى مكانته.
وإما أن تجلب همًّا وحزنا وغمًّا وخوفا لا يقارب لذة
هناك لاعب كرة اتهم بالشذوذ، وسيق إلى المحاكمات، وعليه سجن ثلاثون سنة، وأمام المصورين والصحف والأخبار، كان لاعبًا بطلا فأصبح متهمًا بالشذوذ.
مرة جرتْ مناظرة بين رجلين، أحد الرجلين افتضح أمره في أمريكا بجريمة جنسية فصار يبكي على شاشة التلفزيون من شدة خجله من مكانته، وما آل إليه عند جمهوره من فضيحة.
وإما أن تنسَى علما ذكْره ألذّ من نيل الشهوة
قد ينسى المرء بعض العلم بالمعصية، لأن المعصية تنسي العلم.
شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأنبأني بأن العلم نــــور ونور الله لا يهدى لــعاصٍ
***
وإما أن تشمت عدوا، وتحزن وليًّا
إنّ العدو يشمت والصديق يتألم، وإذا سقط الإنسان من عين الله، أو من عين الناس يتألم له الصديق، و يشمت به العدو، وأصعب شيء في الحياة أن يشمت بك العدو، لذلك في الدعاء: نعوذ بك من عضال الداء، ونعوذ بك من شماتة الأعداء، ومن السلب بعد العطاء.
وإما أن تقطع الطريق على نعمة مقبلةٍ
قد يكون خطُّ الإنسانِ البياني صاعدًا، فهذه الشهوة المحرمة التي ارتكبها تقطع الطريق على نعمة.
خطب إنسان امرأةً من أسرة محترمة، والفتاة جميلة، وديّنة، ثم اكتشف أهل الفتاة أن له معصية كبيرة قبل أن يخطب الفتاة، فرفضوا متابعة الزواج، فهذه الشهوة الطارئة منعت نعمة مقبلة، فضاعت منه.
وإمّا أن تحدث عيبا يبقى صفة لا تزول
قد يرتكب الإنسان خطأ يسبب له مرضًا دائمًا، أو يسبب له مرضًا قد يستمر عشرات السنين، وقد يكون هذا المرض دليل انحرافه، ووصمة عار بحقه، فإن الأعمال تورث الصفات والأخلاق.
الحقيقة ثمة تحليل عميق جداً لمن يؤثر شهوة في معصية الله عز وجل: كيف يخسر أنواع الخسارات التي لا تعد ولا تحصى، لذلك نقول: مستحيل وألف ألف مستحيل أن تطيعه وتخسر، ومستحيل وألف ألف مستحيل أن تعصيه وتربح، قال تعالى:
﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً﴾
والإنسان العاقل يخضع لتعليمات الصانع، وصانعك هو الله، وتعليماته القرآن الكريم والسنة.