وضع داكن
04-05-2024
Logo
الفتوى : 03 - هل هنالك تفسير عملي وواقعي لقصة سيدنا نوح وسفينته ؟
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

سؤال :

 فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 أنا شخص ملحد أعيش في قطر عربي و قد نصحني احد أصدقائي بالتوجه إليك للإجابة عن بعض أسئلتي، ولكني كنت اشكّ بقدرتك على الخوض بتفاسير علمية بحتة بعيدة عن الخوارق والتقديس ومفاهيم إرادة وقدرة الله الخارق عن الطبيعة. ولكنه نصحني بأن أحاول لعلي اهتدي لما يسميه بالصراط المستقيم المهم, أنا أرى العديد من القصص الدينية قصصاً مناقضة للفيزياء والمنطق والعلم واكره حياتي عندما يتم الإجابة بنفس الجواب (قدرة الله) .
 سؤالي هل هناك من تفسير علمي لقصص كقصة نوح الذي وذع آلاف الحيوانات داخل سفينة بسيطة لمدة طويلة من الزمن مع كافة الأطعمة والأوساخ دون أن تأكل بعضها ؟!!
هل من تفسير علمي لهذا ؟ !!
أم أن أجابتك ستكون كأي شخص مؤمن بأنها قدرة الله ؟
أتمنى أن تكون إجابة علمية لأنني لا أؤمن سوى بالدليل والبرهان العلمي القاطع.
وجزاكم الله عنا كل خير

الجواب :

 بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين وبعد .
الأخ الكريم
إجابة على سؤالكِ ، نفيدكِ بما يلي :

 

 أولاً: لعل البداية من هنا ليست صحيحة إن كنت راغباً في الوصول إلى الحقيقة فلا شك أن الموضوعات التي تحدثت عنها ومنها قصة نوح عليه السلام هي من القضايا الغيبية أي أنها تدخل في دائرة الإخباريات ، ودائرة الإخباريات لا مجال للعقل فيها أبداً .
 فدوائر المعرفة ثلاث الأولى دائرة المحسوسات وتشمل كل شيء يدرك بالحواس أي ظهرت عينه وآثاره ، والثانية دائرة المعقولات وهي لشيء غابت عينه وبقيت آثاره فهذه طريقها العقل ، أما الشيء الذي غابت عينه وآثاره فلا سبيل لإدراكه إلا الخبر الصادق
 فأنا وغيري مثلك تماماً لو أننا أخضعنا القضية لقوانين عقلنا ، لكنني أختلف عنك في أنني أصدق هذا الخبر لأنه من الله ، والله تعالى أصدق من تكلم لأنني أعرف عنه الكثير من خلال دقة صنعته في هذا الكون المعجز ومن خلال كلامه المعجز جل جلاله فقد أخبرني منذ أكثر من ألف وأربعمئة سنة عن حقائق أثبتها العلم التجريبي وأخبرني عن الكون ومظاهره وعن غيبيات وقعت ، فكيف لي ألا أصدق خبره الذي لا يدرك بحواسي ولا بعقلي ؟!
 تخيل أني سوف أجيبك الآن فأقول لك : لقد كانت سفينة نوح ضخمة جداً أضخم من البارجات الحديثة في عصرنا وقد كانت أشبه بحديقة حيوان متنقلة فيها أقفاص محكمة لكل حيوان ذكراً أم أنثى ويقوم على رعايتهم وتأمين متطلباتهم مئات الأشخاص بل آلافهم ماذا سيكون جوابك ؟!! إن قلت لي هذا غير صحيح فكلامك غير صحيح لأنه ليس لديك من المحسوسات ما ينبئك أنه يستحيل وجود هكذا سفينة مع أنها في هذا العصر ممكنة بلا شك ولا يمنع أن يكون قد وجد مثلها بل أعظم منها ألا ترى إلى الأهرامات المعجزة العظيمة التي ما زال الإنسان مدهوشاً أمامها يعجز عن إيجاد تفسير لها ، وآخر ما قيل إن حضارة ميكانيكية عظيمة وآلات ضخمة كانت موجودة في هذا العصر وإلا فلا يعقل وجودها بغير تلك الحضارة .
 ها أنا ذا أناقشك من زاوية عقلية محضة ولا أظن أن لك أن تكذبني ما دمت تفقد الأدلة والبراهين فأنا أفترض وأنت تفترض . ما رأيك لو أننا _ فرضاً _ أخرجنا إنسانا من قبره قد مات قبل ألف عام وعرضنا عليه قرصاً ليزرياً واحداً فيه أكثر من خمسة آلاف عنوان لكتاب وقد يبلغ الكتاب عشرة أجزاء وهو موجود الآن ثم قلنا له معلومات عن هذا القرص لا شك أنه لن يصدقنا لأن عقله لا يتصور ذلك في زمانه إذاً هذا العقل القاصر المرتبط بالبيئة لا يعقل ولا يصح أن نجعله حكماً على الخبر الصادق على وحي السماء أعود لأقول لك: إن البداية ليست من هنا البداية أن تتعرف إلى الله من خلال كونه ثم تتعرف إلى كلامه من خلال إعجازه ثم تؤمن به فتصدق ما جاء عنه من خبر صادق وقبل كل ذلك أن تمتلك إرادة قوية في الوصول إلى الحقيقة وفقك الله ويسر لك أسباب الخير

تحميل النص

إخفاء الصور