- موضوعات متنوعة / ٠3دورات للطلاب الأجانب / ٠2دورة عام 1999
- /
- ٠1عقيدة
الرقيب الشهيد
قال ابن القيم نظماً:
وهو الرقيبُ على الخواطرِ واللوا حظِ كيف بالأفعال بالأركان ؟!
* * *
ومن أسمائه الحسنى ( الرقيب ) وهو واسمه ( الشهيد ) مترادفان، كلاهما يدلُّ على حضوره مع خلقه، يسمع ما يتناجون به، ويرى ما يخوضون فيه، ويعلم حركات خواطرهم وهواجس ضمائرهم وتقلب لواحظهم، لا يغيب عنه من أمرهم شيءٌ يقولونه أو يفعلونه، كما قال تعالى:
﴿وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (61)﴾
﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7)﴾
وكقوله:
﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16)﴾
وفي الحديث الصحيح:
((صريح الإيمان أن تعلم أن الله معك حيث كنت ))
ولهذا كانت المُراقبة التي هي من أجل أعمال القلوب هي التعبُّد لله باسمه الرقيب الشهيد، فمتى علم العبد أن حركاته الظاهرة والباطنة، قد أحاط الله بعلمها، واستحضر هذا العلم في كل أحواله، أوجب له ذلك حراسةً باطنة عن كل فكر وهاجس يبغضه الله، وحفظ ظاهره عن كل قول أو فعل يسخط الله، وتعبد بمقام الإحسان فعبد الله كأن يراه، فإن لم يكن يراه فإنه يراه.
وقول المؤلف رحمه الله: " كيف بالأفعال بالأركان " معناه أنه إذا كان الله عزَّ وجل رقيباً على دقائق الخفيَّات، مطَّلعاً على السَرائر والنيات، كان من باب أولى شهيداً على الظواهر والجليات، وهي الأفعال التي تفعل بالأركان، أي: الجوارح.