- موضوعات متنوعة / ٠3دورات للطلاب الأجانب / ٠2دورة عام 1999
- /
- ٠1عقيدة
معنى الشكور:
هو الذي يتقبَّل أعمال عباده ويرضاها، ويثيبهم عليها، ويضاعفها لهم أضعافاً كثيرة على قدر إخلاصهم فيها وإتقانهم لها، كما قال تعالى:
﴿إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً (30)﴾
وقد ضرب الله في كتابه مثلاً للنفقة التي تنفق في سبيله بحبةٍ أنبتت سبع سنابل في كل سنبلةٍ مائة حبة، ثم قال بعد ذلك:
﴿وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ﴾
إيذاناً بأن المضاعفة قد تتجاوز هذا القدر لمن يشاء.
وفي الحديث الصحيح:
((من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ـ ولا يقبل الله إلا الطيب ـ فإن الله يتلقاها بيمينه فيربيها له كما يربي أحدكم فلوَّه حتى تصير مثل الجبل العظيم))
فسبحان من وفق عباده المؤمنين لمرضاته، ثم شكرهم على ذلك بحسن ثوابه وجزيل عطائه، منةً مِنه وتفضّلاً لا حقاً عليه واجباً، بل هو الذي أوجبه على نفسه جوداً منه وكرماً.
ـ وقد أمر الله بالشكر، ونهى عن ضده، وأثنى على أهله، ووصف به خواصَّ خلقه، ووعد أهله بأحسن جزائه، وجعله سبباً للمزيد من فضله، وحارساً وحافظاً لنعمته، وأخبر أن أهله هم المنتفعون بآياته، واشتق لهم اسماً من أسمائه ؛ فإنَّه سبحانه هو الشكور.
ـ وقد سمى الله عزَّ وجل نفسه ( شاكراً ) ( وشكوراً ) وسمى الشاكرين بهذين الاسمين، فأعطاهم من وصفه، وسمَّاهم باسمه، وحسبك بهذا محبة للشاكرين.
ـ ورضي الرب عن عبده بالشكر. قال تعالى:
﴿وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ﴾
ـ وقلة أهله في العالمين تدلُّ على أنهم خواصه. قال تعالى:
﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13)﴾
وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قام حتى تورَّمت قدماه، فقيل له: تفعل هذا، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ فقال:
(( أفلا أكون عبداً شكوراً ))
ـ مبنى الدين على قاعدتين:
الذكر والشكر، وليس المُراد بالذكر مجرد ذكر اللسان ؛ بل الذكر القلبي واللساني، والذكر يتضمن ذكر أسمائه وصفاته، وذكر أمره ونهيه، وذكره بكلامه، وذلك يستلزم معرفته والإيمان به، والثناء عليه بأنواع المدح، فذكره الحقيقي يستلزم ذلك كله، ويستلزم ذكر نعمه وإحسانه إلى خلقه.
ـ وأما الشكر فهو القيام له بطاعته، والتقرب إليه بأنواع محابِّه ظاهراً وباطناً، وهذان الأمران هما جماع الدين، فذكره مستلزم لمعرفته، وشكره مستلزم لطاعته، وهذان هما الغاية التي خلق لأجلها الجن والإنس، والسماوات والأرض، ووضع لأجلها الثواب والعقاب، وأنزل الكتاب وأرسل الرسل.
قال تعالى:
﴿خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)﴾