وضع داكن
23-11-2024
Logo
موضوعات علمية من الخطب - الموضوع : 044 - الحمام الزاجل أول وكالة أنباء في التاريخ
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

أول وكالة أنباء في التاريخ :

أيها الأخوة المؤمنون, لغزٌ كبير ما زال حتى الآن يحيِّر الباحثين

هذا الحمام الذي خلقه الله سبحانه وتعالى، كيف يهتدي إلى هدفه، وما الطريقة التي يستخدمها؟ .
تساءل العلماء, كيف يستدلُّ الحمام على طريقه الطويل في السفر؟ لا تنسوا أن الحمام يُعدُّ أول وكالة أنباءٍ في التاريخ، إنه استخدم عند الشعوب كلِّها؛ الإغريق، اليونان، الرومان، وعند العربوفي كل العصور كان يستخدم لنقل الرسائل، وإبلاغ الأنباء، وقد استخدمته بعض الدول الغربية كهولندا لإبلاغ الأوامر إلى سومطرة، وجاوى في جنوب شرقي آسيا، يقطع مسافات تزيد عن سبعة عشرة ألف كيلو متر تقريباً، السؤال الذي يحيِّر العقول: كيف يهتدي هذا الطائر عبر هذه المسافات الطويلة؟ .والله طيارٌ من بني البشر، لو كان أذكى طيارٍ في الأرض، لا يستطيع أن يهتدي بالنظر فقط، لا بدَّ من إشارات، ولابدَّ من إحداثيات، ولا بدَّ من خرائط، ولا بدَّ من بثٍ مستمر يحدث له في أي موقعٍ هو على سطح الأرض، رحلةٌ طويلة من غربي أوروبا إلى جنوبي شرقي آسيا، طائرٌ صغير يطير معه رسالة، كيف يوصلها إلى هناك؟ كيف تعمل الحاسة التي توجه الطائر نحو طريقه؟ .

ما هو اللغز الذي حير العلماء في هذا الطير, وماذا قالوا, وهل اهتدوا إلى معرفته ؟

قال العلماء: إن شيئاً ما لا نعرفه، يوجِّه هذه الطيور إلى أهدافها، قالوا: أن هذا الطير ، تنطبع في ذاكرته معالم الأرض، فهو يعرفها، ويهتدي بها، هذه فرضية، جاء عالمٌ آخر ونقض هذه الفرضية، بأن جاء بحمامٍ زاجل، وعصب عينيه وأطلقه، فانطلق إلى هدفه، أية معالم؟ أية ذاكرة؟ ما دامت قد عصبت عيناه، وانطلق رغم أن عينيه معصوبتان، انطلق إلى هدفه، هذه فرضية .
فرضية ثانية، أنه يشكل مع الشمس زاويةً، يهتدي بهذه الزاوية إلى موطنه، فكيف يطير في الليل؟ كيف يهتدي إلى هدفه وهو يطير ليلاً؟ نقضت هذه النظرية .

نظريةٍ ثالثة, توقعوا أن في دماغه جهاز رادار، يهديه إلى الهدف، فوضعوا على رأسه جهازاً صغيراً كهربائياً، يصدر إشاراتٍ كهربائية، من أجل أن تشوش عليه، ومع ذلك وصل إلى هدفه .
توقعوا أنه يهتدي إلى أهدافه عن طريق الساحة المغناطيسية التي في الأرض، وضعوا في أرجله حلقاتٍ حديديةٍ ممغنطة من أجل تشويش هذه الساحة، فاهتدى إلى هدفه, لم تَبْقَ عندهم ولا نظرية إلا ونقضت، كيف يقطع هذا الطائر، عشرات الآلاف من الأميال، فوق البحر، فوق الجبال، فوق الصحارى، فوق الوديان، فوق السهول؟ كيف يأخذ زاويةً باتجاه الهدف؟ هذا سرٌ لا يزال يحير عقول العلماء، ولا يزال قول أحد العلماء: إن شيئاً ما يوجه الطيور إلى موطنها, قال تعالى:

﴿قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾

[سورة طه الآية: 49-50]

أصح تفسير، أنها هداية الله سبحانه وتعالى, قال تعالى:

﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى﴾ 

[سورة الأعلى الآية: 1-3]

لذلك يسمي علماء التوحيد هذه الظاهرة التي تحيِّر العقول: هداية الله, ويسميها علماء الحياة: الغريزة، أي آليةٌ معقدة، توجد عند المخلوق، من دون تعلم .

الخاتمة :


ها نحن نقرأ هذه المقالات حول الحمام الزاجل ، وهو أول وكالة أنباءٍ في التاريخ، يقطع عشرات الألوف من الأميال، يهتدي إلى هدفه، من دون خطأ، من دون خلل، من يهديه؟.عصبوا عينيه، فاهتدى، أطلقوه في الليل، فاهتدى، شوشوا عليه جهازاً, فاهتدى، رفعوا أيديهم مستسلمين، قالوا: لا ندري، إن شيئاً ما يوجِّه هذا الطائر إلى هدفه, قال تعالى:

﴿قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾

[سورة طه الآية: 49-50]

نص الزوار

إخفاء الصور