- موضوعات علمية
- /
- ٠1موضوعات علمية من الخطب
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
ما كشفه الطب حديثاً:
أيها الأخوة الكرام, من البحوث العلمية الطبية التي تُعد آية من آيات الله الدالة على عظمته: أن الجنين كان في نظر الطب قديماً كائناً حياً في أدنى مستويات الحياة، كانت كتب الطب تصف حياته كحياة حبة الفاصولياء في أصيص التراب، يعني رُشَيم وجُذَير وسُوَيق ومحفظة, غذاء جاءه الرطوبة, وجاءه النور, فنما هذا الرُشَيم, وما حركات الجنين إلا ردود أفعال على المؤثرات التي تصل إليه, وهو في بطن أمه, تغيرت نظرة الطب الحديث من خلال تطور وسائل الملاحظة, والمشاهدة, ووصول الطب إلى باطن الجسم الإنساني, واستخدام التنظير, والتصوير التلفزيوني, والتسجيل الضوئي والصوتي, سمحت هذه الوسائل المتقدمة جداً للطب أن يصل إلى الجنين، فيطلع على حياته العضوية وسلوكه النفسي.كشف الطب حقائق مذهلة, أم حامل في الشهر السادس معتادة على التدخين، طلب منها الطبيب أن تمتنع عن التدخين مدة جيدة, ثم قدم لها دخينة، وما إن أولعتها إلا وأشار المقياس إلى اضطراب قلب الجنين, وقالوا: هذا منعكس شرطي, وهو نوع من أنواع التعلم, تأذى هذا الجنين, وهو في الشهر السادس من أمه, حينما استعملت الدخان.إذا وقعت الأم في أزْمة نفسية كالغضب فإن الجنين يتأثر لتأثر أمه, وتضطرب أعضاؤه وأجهزته، وإذا كانت الأم في سعادة ويسر, وكانت تهدهد له ببعض التهويمات, فإن الجنين يهدأ, وينتظم قلبه وأعضاؤه ونفسيته, والأغرب من ذلك أن الجنين وهو في بطن أمه ينجذب إلى صوت أبيه, ويقف موقف المأخوذ, ويتأكد هذا بعد الولادة.يا أيها الأخوة الأكارم, هذا الموضوع اسمه: الرباط، يعني ارتباط الجنين بأمه، فإذا رغبت الأم بالحمل, وأُولعت به, بادل الجنين أمه الابتهاج, وقدم مودته وشكره على حسن لقاءها، ويغتني شعوره بالسكينة, ويعبر عن امتنانه بحركات في بطن أمه, لا حد لعذوبتها على قلب الأم.
أما الأم التي لا ترغب بالحمل, ويتم الحمل وهي مكرهة, فإن التواصل أو الرباط ينقطع مع الجنين، يحيا الجنين حياةً منفصلةً عن أمه, فيها الوحشة والانكماش, ويسلك سلوك البلبلة والاضطراب, ويختل توازنه, ويعبر عن هذه اللا مبالاة أول الأمر بالصبر, وبعدئذ يشاكس أمه بركلات يرسلها بقدميه, وكأنه يعبر بها على احتجاجه على كراهيتها له.وبعد الولادة لا يقبل الجنين الذي رفضت أمه حمله ثديها, بل يقبل على أي ثدي آخر, فإذا عصبت عيناه, وقُدم له ثدي أمه رفضه، لأنها رفضته في الأصل، يحيا الجنين حياة نفسية, ويبدأ تعلمه, وهو في بطن أمه.قال بعضهم: قد تكون دورة النوم عند الأم ذات خصائص معينة, فالأم التي تكثر السهر يأتي وليدها مشابهاً لها، الأم التي هي نؤومة الضحى يأتي ابنها مشابهاً لها، فهناك تأثر يتأثر به الجنين من أمه قبل أن يولد.الأغرب من هذا كله، أن التي جاءها المخاض إذا كان لها إنسان قريب ودود يجلس إلى جانبها كأمها، فهذا الإنسان القريب الودود يلعب دوراً أساسياً في تيسير الولادة, ويزداد صبيب الدم على الرحم والجنين مغذياً, فينتعش الجنين في أثناء المخاض, وتتضاءل عقابيل نقص الأوكسجين هذا النقص الذي ربما أصابه بتأخر عقلي واضطراب نفسي.أيها الأخوة, انظروا إلى حكمة الله عز وجل حتى أن الصفات التي تحياها الأم في أثناء الحمل تنعكس معظمها على الجنين, وهو في بطن أمه، فحينما نبتعد عن التصميم الإلهي, وعن البنية الإلهية التي بناها, ونأخذ أسلوباً آخر في الحياة, هذا ينعكس على صحة أولادنا, وعلى نمائهم, وعلى سلامة نفوسهم.