- موضوعات علمية
- /
- ٠1موضوعات علمية من الخطب
قال تعالى : يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث .
يا أيها الإخوة المؤمنون ؛ يقول الله تعالى في كتابه العزيز:
﴿ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ﴾
معنى الظلمات ؟
فسر العلماء هذه الظلمات تفسيراتٍ متباينة :
منهم من قال : ظلمة البطن ، وظلمة الرحم ، وظلمة الأغشية التي تحيط بالجنين .
وقال بعضهم : إن الجنين محاطٌ بأغشيةٍ ثلاث ، وربما كان هذا من إعجاز القرآن العلمي .
الغشاء الأمينوسي .
نقف في هذه الوقفة عند غشاءٍ واحد ، هو الغشاء الأمينوسي .
هذا الغشاء الأمينوسي هو الغشاء الباطن الذي من جهة الجنين ، يحيط بالجنين من كل جانب .
وهو كيسٌ غشائي رقيق ومقفل يحيط بالجنين إحاطةً تامة ، وفي هذا الغشاء المقفل ، سائل ، يزداد مع نمو الجنين ، إسمه السائل الأمينوسي يصل حجمه إلى لترٍ ونصفٍ في الشهر السابع ، ثم يعود إلى لترٍ قبيل الولادة .
يا أيها الإخوة الأكارم ؛ من منا يصدق أنه لولا هذا السائل لما نجا جنينٌ من الموت ، قالوا :
الفائدة الأولى : السائل يغذي الجنين .
إن هذا السائل يغذِّي الجنين ، ففيه مواد زلالية ، ومواد سكرية ، وأملاحٌ غير عضوية ، وهذا السائل يحمي الجنين من الصدمات .
طبَّقت مركبة الفضاء التي حطَّت على القمر ، هذا المبدأ بين كبسولة الروُّاد وبين جسم المركبة سائل من أجل امتصاص الصدمات ، فحينما تأتي صدمةٌ من هذه الجهة ، ولو فرضنا أن قوتها أربعة سانتي ، فإن السائل يوزِّع هذه القوة على كل السطح ، فيصبح هذا الضغط نصف ميلي ، إن أحدث طريقةٍ لامتصاص الصدمات ، هي أن يكون بين الشيء الذي تخاف عليه ، وبين المحيط الخارجي ، سائل ، وهذا السائل موجودٌ في الدماغ أيضاً .
إن المخ ، محاطٌ بسائلٍ ، يمنع تأذي المخ بالصدمات ، بل إن هذا السائل يمتصُّ كل صدمةٍ مهما تكن كبيرة .
الفائدة الثانية : السائل يحمي الجنين .
إن السائل الأمينوسي ، هو الذي يحمي الجنين من الصدمات والسقطات والحركات العنيفة ، التي تصيب المرأة الحامل
إن أية ضربةٍ ، أو أية صدمةٍ ، يمتصها هذا السائل ، ويوزِّعها على كل سطح الجنين ، بحيث لا يتأثر الجنين .
الفائدة الثالثة : السائل يسمح للجنين بالحركة .
هذا السائل يسمح للجنين بحركة حرةٍ خفيفة ، إن الأجسام وهي في السوائل تبدو حركتها أسهل بكثير مما لو لم يكن هناك سائل .
فالفائدة الثالثة السماح للجنين بحركةٍ لطيفةٍ خفيفةٍ حرَّة .
الفائدة الرابعة : السائل جهاز تكييف .
أن هذا السائل جهاز تكييف ، له حرارةٌ ثابتة لا تزيد ولا تقل ، إلا في أجزاء الدرجة ، مهما كان الجو الخارجي ، بارداً أو حاراً ، فإن هذا السائل يؤمِّن للجنين حرارةً ثابتة ، تعينه على النمو .
الفائدة الخامسة : السائل يمنع الجنين بالتصاق بالغشاء الأمينوسي .
يمنع هذا السائل التصاق الجنين، بالغشاء الأمينوسي ، ولو أن هذا الالتصاق حصل ، لكان هناك تشوهاتٌ في خلق الجنين .
الفائدة السادسة : السائل يسهل عملية الولادة .
أن هذا السائل نفسه يسهِّل الولادة ، وهو الذي يعين على توسيع المجرى ، وتوسيع الأماكن التي سوف يمر منها الجنين .
الفائدة السابعة : السائل يطهر ويعقم المجرى .
أن هذا السائل حينما يسبق الجنين إلى الخارج يطهِّر ويعقم المجرى لئلا يصاب الجنين بالإنتان .
فمن تطهير المجرى ، ومن تسهيل الولادة ، ومن منع التصاق الجنين بالغشاء الأمينوسي ، ومن تأمين الحرارة الثابتة ، ومن تأمين الحركة الحرة الخفيفة ، ومن حماية الجنين من الضربات واللكمات ، ومن تغذية الجنين ، إن هذا السائل الأمينوسي الذي جعله الله داخل الرحم ، وداخل الغشاء الأول ، يسبح فيه الجنين ، لهو آيةٌ من آيات الله سبحانه وتعالى :
﴿ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ﴾
ذلكم الله ربُّ العالمين ، ذلك عالم الغيب والشهادة ، ذلك هو الخلاَّق العليم ، ذلك هو الربُّ الكريم ، ذلك هو الرحمن الرحيم .
الخلاصة .
أيها الإخوة المؤمنون ؛ والله الذي لا إله إلا هو ، تمضي أعمارنا كلها في التفكُّر في خلق الإنسان فقط .
بحثٌ لا يزيد عن صفحةٍ واحدة ، في كتابٍ تزداد صفحاته عن ألف صفحة ، صفحةٌ واحدة مُفادها أنه لولا هذا السائل ، لما نجا جنينٌ من الموت ، هذه رحمة الله بالإنسان .
﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ﴾
﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى﴾
﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ﴾
﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ﴾
﴿ قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ * مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ * مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ * ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ * ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ ﴾
أيها الإخوة المؤمنون ؛ تفكَّروا في خلق السماوات والأرض ، تفكَّروا في خلقكم ، قال تعالى :
﴿ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾