وضع داكن
29-03-2024
Logo
مختلفة - المغرب : 18 - جمعية الرواد للتنمية الذاتية – التحديات القيمية للشباب المسلم في ظل التحولات الاعلامية والرقمية المعاصرة
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

الدكتور محمد راتب النابلسي :
 بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله ربِّ العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، السلام عليكم .
الدكتور عزيز :
 وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
 بارك الله بكم ، ونفع بكم ، وأعلى قدركم .
الدكتور عزيز :
 اللهم آمين ، جزاكم الله عنا أفضل جزاء سيدي الشيخ .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
 بارك الله فيكم .
الدكتور عزيز :
 نحن سعداء أن نكون معكم اليوم إن شاء الله .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
 السعادة والمودة متبادلة .
المذيع :
 السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، باسمي وباسم جمعية الرواد للتنمية الذاتية والتقدم والتأهيل ، بمدينة الناظور الواقعة شمال شرق المملكة المغربية ، نرحب بالدكتور محمد راتب النابلسي ، في موضوع التحديات القيمية للشاب المسلم في ظل التحولات الإعلامية والرقمية المعاصرة ، والذي سيكون معه ويخاطبه الدكتور عزيز ، تفضل دكتور عزيز .
الدكتور عزيز :
 شكراً جزيلاً ، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته فضيلة الدكتور العلّامة محمد راتب النابلسي .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
 وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته الأخ الكريم المحاور .
الدكتور عزيز :
 بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد الفاتح لما أُغلق، والخاتم لما سبق ، ناصر الحق بالحق ، والهادي إلى صراطك المستقيم ، وعلى آله حق مقداره وقدره العظيم ، أما بعد فضيلة الدكتور العلّامة محمد راتب النابلسي ، إنه لشرفٌ عظيم اليوم أن نجري هذا اللقاء العلمي ، نرجو من الله عز وجل أن ينفع به عامة المسلمين وخاصتهم في أقصى الأرض وفي أدناها .
 سيدي الفاضل ؛ موضوعنا سيكون بعنوان : "التحديات القيمية للشباب المسلم في ظل التحولات الإعلامية والرقمية المعاصرة "، ولعلنا حتى أُقدم توطئة عامة للسادة المتابعين من مدينة الناظور ومن خارجها ، وفي هذا الإطار أعلl سيادتكم سيدي الشيخ الفاضل أن أهل المغرب من طنجة إلى البويرة يحبونكم حباً خاصاً جداً ، ولقد جعل الله عز وجل لخطابكم القبول في صفوف الفئة التي سنجعلها أساساً موضوعاً لهذه المحاورة العلمية .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
 لكن قبل ذلك المحبة ، والمودة ، والتقدير ، والاحترام ، والشوق لن تكون من طرفٍ واحد ، والدليل قوله تعالى :

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54)﴾

[سورة المائدة]

 أنا والله أحبكم من أعماقي ، ولكم عندي مكانة كبيرة جداً ، زرتكم مراتٍ عديدة ، ذات مرة حضر محاضرتي خمسة وثلاثون ألف شخص .
الدكتور عزيز :
 وفي الحقيقة إن هذه الجائحة حالتنا دون أن نستقبلكم ، والله منذ مدةٍ ونحن على شوقٍ لاستقبالكم في هذه المدينة العزيزة ، مدينة الناظور التي تترجى إن شاء الله الرحمن الرحيم بعد مرور هذه الجائحة أن نستضيفكم ، ونفرح بوجودكم إن شاء الله تعالى ، هذه الجائحة لعل من حسناتها هذا الإعلام الرقمي ، الذي جعلنا نلتقي ، ونجعل صلة وصلٍ بين مشارق الأرض وبين مغاربها ، ولعل هذه التحولات الإعلامية والرقمية بالرغم من حسناتها الكثيرة ، إلا أنها تجعل المتابع يعرف مجموعةً من التحديات القيمية والأخلاقية ، ولعل فئة الشباب هي الفئة الأكثر استخداماً لهذه الوسائل ، ومن ثم لعل هذه التحديات ستكون أكثر وأكبر بنسبة هذه الشريحة .

 

الإنسان مخير في استخدام إنجازات العلم :

الدكتور محمد راتب النابلسي :
 الإنجازات الدقيقة الرائعة التي حدثت ، الإنسان لأنه مخيّر هي حيادية ، قد تستخدم لبناء الحق وبناء الإنسان ، وهي أيضاً تستخدم لإفساد الإنسان ، مادام الإنسان مخيّراً وكل شيء أمامه ، ممكن أن يكون حيادياً ، تُستخدم في الخير أو في الشر :

﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ۖ فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ ۖ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (189)﴾

[سورة الأعراف]

﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29)﴾

[سورة الكهف]

﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)﴾

[سورة الإنسان]

 فالإنسان مخيّر ، ولأنه مخيّر لكل إنجازات العلم طرفان حادان ، والإنسان إما أن يأخذ الطرف الإيجابي ، أو الطرف السلبي ، ويوجد في الإعلام فساد لا يعلمه إلا الله .
الدكتور عزيز :
 جزاك الله خيراً سيدي الشيخ الفاضل ، السؤال الذي ربما قد نبدأ به هو ما هي في نظركم فضيلة الدكتور أهم التحديات القيمية والأخلاقية التي تعرفها شريحة الشباب والتي قد تكون أكثر من غيرها في بقية الشرائح ؟

 

الشباب قوة الأمة وأملها :

الدكتور محمد راتب النابلسي :
 بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله ربِّ العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ، وعلى صحابته الغُرِّ الميامين ، أمناء دعوته ، وقادة ألويته ، وارض عنا وعنهم يا ربَّ العالمين .
 لكن أنا استنبطت من عنوان الموضوع ثلاثة محاور ، أولاً : ذكرتم الشباب والتحديات والإسلام ، فلقائي الذي أتبارك فيه أنا يبدأ بالشباب ، ثم التحديات ، ثم الإسلام ، فالشباب عماد الأمة ، والشباب قوة الأمة ، والشباب أمل الأمة :

((مَا مِنْ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ شَابٍّ تَائِبٍ))

[السلسة الضعيفة]

 ريح الجنة في الشباب :

((إن اللهَ يُباهي بالشابِّ العابِدِ الملائكةَ ، يقولُ : انظُروا إلى عَبْدِي ترك شهوتَه من أَجْلِي ، أَيُّهَا الشَّابُّ أنت عندي كبعضِ ملائكتي))

[ورد في الأثر]

 مثلاً مركبة ، الشباب هم المحرك ، والعلماء الربانيّون هم المقود ، والمنهج الصحيح الطريق المعبّد ، فالأمة تنطلق بقوة شبابها ، وتوجيه علمائها الربانيّين ، على منهج الله وهو الطريق المستقيم ، النقطة الدقيقة الآن كلمة شباب لا تتعلق بالعمر ، هناك شابٌ يافع بالتسعين، وشيخٌ هرم في الأربعين ، تفسير ذلك مادامت لك أهداف أيها الإنسان أكبر منك فأنت شاب ، مهما بلغت من العمر ، وإذا اقتصرت أهدافك على بيتٍ وزوجةٍ ومركبة ، فأنت في أرذل العمر ، مادام هدفك صغيراً أنت لست شاباً ، كان هناك عالم جليل بلغ الثامنة والتسعين ، كان منتصب القامة ، حاد البصر ، مرهف السمع ، أسنانه في فمه ، كان إذا رأى شاباً يقول له : يا بني أنت كنت تلميذي ، وكان أبوك تلميذي ، وجدك تلميذي ، عاش ثمانية وتسعين عاماً ، منتصب القامة ، حاد البصر ، مرهف السمع ، فالشباب لها معنى آخر في الدين ، ليس له علاقة بالسن إطلاقاً ، والإنسان هدفه فقط أن يتزوج ، ويصبح لديه منزل ، ومركبة ، وزوجة ، هذا ليس له علاقة بالشباب إطلاقاً ، فريح الجنة بالشباب .

 

العبادة علة وجودنا في الدنيا :

 الشيء الدقيق لو أنت أرسلت ابنك إلى باريس لينال الدكتوراه ، باريس مدينة كبيرة جداً ، أكبر مدينة في أوروبا ، علّة وجود الابن هناك هي الدراسة ، من الممكن أن يدخل إلى مطعم ليأكل ، أو إلى مكتبة ليقرأ ، أو إلى حديقة ليتنزه ، أما علّة وجوده فهي الدراسة ، سأسحب مثالاً على علّة وجود الإنسان في الدنيا ، الله تعالى قال :

﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)﴾

[سورة الذاريات]

 فالعبادة بنص هذه الآية علّة وجودنا في الدنيا ، والعبادة هذا المخلوق الحادث ، الخائف ، الشهواني ، الأناني ، يتصل بأصل الجمال والكمال والنوال الذي هو الله ، إذا اتصل به استقى منه الأمن :

﴿وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا ۚ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ (82)﴾

[سورة الأنعام]

 استقى منه الحكمة :

﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (269)﴾

[سورة البقرة]

 الكمالات الإلهية يستقي منها كمالات ترفعه عند الله وعند الناس .

 

الحكمة أكبر عطاء إلهي :

 لذلك الصلاة قضية مهمة ، من الممكن الإنسان المريض ألا يصوم ، والفقير ألا يحج ، والفقير ألا يؤدي زكاة ماله ، والشهادة مرة واحدة ، أما الفرض المتكرر الذي لا يسقط بحال فهو الصلاة ، العبد الفقير اتصل بالله ، اشتق منه الكمال ، اشتق منه الأمن (فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (81))

 

، اشتق منه الحكمة ، بالحكمة يجعل العدو صديقاً ، وبالحمق يجعل الصديق عدواً ، بالحكمة يسعد بأي زوجة ، بلا حكمة يشقى بزوجة من الدرجة الأولى ، بالحكمة يتدبر بالمال المحدود ، بلا حكمة يتلف المال الكثير ، فأكبر عطاء إلهي هو الحكمة .

 

اتباع تعليمات الصانع حرصاً على سلامتنا وسعادتنا :

 لذلك المؤمن يتميز عن غيره بمئات الصفات ، بل بعشرات مئات الصفات ، اختيار زوجته ، معاملة زوجته ، تربية أولاده ، خروج بناته ، اختيار حرفته ، علاقته مع الزبائن ، علاقته مع من هم أعلى منه ، منهج تفصيلي يبدأ من فراش الزوجية وينتهي بالعلاقات الدولية ، كسب مالك ، إنفاق مالك ، اختيار حرفتك ، التعامل مع الناس ، هناك مواد حافظة للمواد الغذائية ، مسموح استخدامها بنسبة ثلاثة بالألف ، استخدمها بنسبة ثلاثة بالمئة ، أصبح هناك سرطانات ، بمعنى ما من مخالفةٍ للشريعة إلا يقابلها نكبات كبيرة جداً ، بشكل أو بآخر أنت اقتنيت سيارة حديثة جداً ، في لوحة البيانات تألق لون أحمر ، إن فُهِم هذا التألق تزيينياً احترق المحرك ، تحتاج لمئة ألف ، وإن فُهِم هذا التألق تحذيرياً أوقفت المركبة وأضفت لتر زيت واحداً، فالإنسان انطلاقاً من محبته لذاته ، من حرصه على سلامته ، وعلى سعادته ، وعلى استمراره ، ينبغي أن يتبع تعليمات الصانع ، الجهة الصانعة هي الله ، وهي الجهة الخبيرة :

﴿إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ ۚ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14)﴾

[سورة فاطر]

 فأنت انطلاقاً من حرصك على سلامتك ، وعلى سعادتك ، مثلاً لو أنت تركب مركبتك ومكتوب لوحة : حقل ألغام ممنوع التجاوز ، هل نفهم هذه اللوحة هي حد لحريتك أم ضمان لسلامتك ؟ في اللحظة التي يفهم الإنسان أن كل أوامر الدين الإيجابية والسلبية ، المأمورات والمنهيات ، ضمان لسلامتنا وسعادتنا .

 

حجم الإنسان عند ربه بحجم عمله الصالح :

 يوجد في الأرض الآن ثمانية مليارات إنسان هل هناك شخص منهم يحب الفقر؟ لا، من يحب المرض؟ لا أحد ، من يحب القهر؟ لا أحد ، من لا يحب أن يكون سعيداً في منزله ؟ الجميع ، يكون دخله جيداً ، وزوجته صالحة ، وأولاده أبراراً ، وبناته محتشمات ، ومكانة اجتماعية راقية ، وحرفته راقية ، من لا يحب أن يعيش مئة وثلاثين عاماً ؟ الجميع ، فالإنسان حريص على سلامته ، وعلى سعادته ، وعلى استمراره ، سلامته بالاستقامة ، الاستقامة سلبية ، أنا لا آكل مالاً حراماً ، لا أكذب ، لا أغش ، أنا لا أغتاب ، كلها سلبيات ، الإيجابيات عمل صالح ، لم سمي صالحاً ؟ لأنه يصلح للعرض على الله ، ومتى يصلح ؟ إذا كان خالصاً وصواباً ، خالصاً ما ابتغي به وجه الله ، وصواباً ما وافق السنة ، والدليل الآية تقول :

﴿حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ۖ وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100)﴾

[سورة المؤمنون]

 سمي العمل صالحاً لأنه يصلح للعرض على الله ، ومتى يصلح ؟ إذا كان خالصاً وصواباً ، خالصاً ما ابتغي به وجه الله ، وصواباً ما وافق السنة ، العمل الصالح هو مقياس التقييم ، والدليل :

﴿وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا ۖ وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (19)﴾

[سورة الأحقاف]

 فأنت حجمك عند الله بحجم عملك الصالح ، وعلّة وجودك في الدنيا العمل الصالح، والعمل الصالح سمي صالحاً لأنه يصلح للعرض على الله ، ومتى يصلح ؟ إذا كان خالصاً وصواباً ، خالصاً ما ابتغي به وجه الله ، وصواباً ما وافق السنة ، المؤدّى ، تنعقد لك مع الله صلة ، أصبح هناك خط ساخن مع الله ، هذا العبد الفقير اتصل مع الغني فاستغنى بغنى الله ، العبد الشهواني اتصل بأصل الجمال والكمال والنوال اشتق من حلمه ، من رحمته ، من حكمته ، من إنصافه ، لذلك مكارم الأخلاق مخزونةٌ عند الله تعالى ، فإذا أحبّ الله عبداً منحه خلقاً حسناً.

 

الصلاة اتصال بأصل الجمال والكمال والنوال :

 آثار الصلاة شيء مذهل ، الإنسان إذا أصبح له اتصال بالله ، أصبح عنده إنصاف، عنده رحمة ، والدليل :

﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)﴾

[سورة آل عمران]

 يا محمد بسببي اتصالك بنا ، اشتققت الرحمة من الله ، فانعكست ليناً ، فلما انعكست ليناً التفَّ حولك أصحابك وأحبابك ، وأنت أنت بالذات لو كنت افتراضاً منقطعاً عنا ، لامتلأ القلب قسوةً ، وانعكست القسوة غِلظةً وفظاظة ، قال تعالى :

﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)﴾

[سورة آل عمران]

 معنى هذا أن أي إنسان له اتصال مع الله ، لذلك الصلاة هي دائماً اتصال بأصل الكمال والجمال والنوال ، المؤمن يشتق من الله الكمال الأخلاقي ، فالمؤمن إذا لم يقل لك وأنا أعني ما أقول بدقةٍ بالغة : ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني إلا أن يكون أتقى مني ، أذكر ذات مرة زرت صديقي في العيد ، فتح الباب لي والده ، قلت له : الأخ محمد موجود ؟ قال لي : غير موجود ، قلت له : سلم عليه ، قال : هل من الممكن أن تزورنا خمس دقائق ، زرته ، انظر ماذا قال لي ؟ قال : عمري خمسة وتسعون عاماً ، قبل أيام عملت فحصاً كاملاً للدم والبول ، وكان كل شيء طبيعياً ، خمس وتسعون سنة ، قال لي : والله أنا ما عرفت الحرام ، لا حرام المال ، ولا حرام النساء .

 

من استقام على أمر الله له عند الله معاملة طيبة جداً :

 أنا أقول للشباب : أنت إذا استقمت على أمر الله ، لك عند الله معاملة طيبة جداً ، ينبغي أن تقول : ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني إلا أن يكون أتقى مني ، ما الذي يحصل في حياتك الدنيوية ؟ شخص وُلِد ، بعد مرحلة من الأشهر والأيام مشى ففرح به أهله ، ثم قال : بابا ، فرحوا أكثر ، ذهب إلى الروضة ، ثم دخل الابتدائي ، ثم الإعدادي ، ثم الثانوي، بعد ذلك أخذ الليسانس ، تعين مدرّساً ، أخذ دبلوماً وماجستيراً ودكتوراه وأصبح دكتوراً ، تزوج ، اشترى منزلاً ، خطه صاعد ، ثم جاء ملك الموت ، الخط الصاعد ينزل إلى الصفر ، لا منزل ، ولا مركبة ، ولا تجارة ، ولا وظيفة راقية ، كله انتهى ، هذا الموت ينهي كل شيء ، ينهي قوة القوي ، وضعف الضعيف ، وغنى الغني ، وفقر الفقير ، ووسامة الوسيم ، ودمامة الدميم ، إلا المؤمن لو جاءه الموت يبقى خطه البياني صاعداً ، أو الموت للمؤمن نقطة على هذا الخط ، لذلك ماذا يقول المؤمنون يوم القيامة ؟ لم نرَ شراً قط ، ماذا يقول الطرف الآخر ؟ لم نرَ خيراً قط .

كورونا رسالة من الله إلى البشر للحث على العودة إليه سبحانه :

 الآن الفقرة الثانية : التحديات المعاصرة ، النبي قال :

((يوم يذوب قلب المؤمن في جوفه مما يرى ولا يستطيع أن يغير ، إن تكلّم قتلوه ، وإن سكت استباحوه ، موتٌ كعقاص الغنم ، لا يدري القاتل لم يقتل ؟ ولا المقتول فيم قُتِل ؟))

[ورد في الأثر]

 ورد في السيرة النبوية : تمتلئ الأرض ظلماً وجوراً ، العالم الآن غرق في وحل الأرض ، بل أعرضوا عن وحي السماء ، فالله أرسل رسالة ، أحياناً يكون هناك دولة قوية جداً ، ودولة إلى جوارها تناوئها ، تقوم بعرض عسكري ، طيران وصواريخ ، الله أرسل رسالة لأهل الأرض قاطبةً ، لكل أطياف البشر ، من الخفير وحتى الأمير ، أرسل كورونا ، رسالة من الله مفادها :

﴿أَنَا اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14)﴾

[سورة طه]

الناس زمرتان :

 لذلك إذا كان هناك الآن ثمانية مليارات إنسان ، الله عز وجل قال :

﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ (2) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَىٰ (3) إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ (4)﴾

[سورة الليل]

 ثمانية مليارات إنسان ينطلقون إلى أعمال منوعة ، ثمانية مليارات إنسان يوجد ثمانية مليارات جهة ، شخص يبحث عن وظيفة ، وشخص يداوم في الجامعة ، وهذا يرتكب معصية ، طائرة ذهبت إلى شرق آسيا ووقعت ، شخص ذاهب ليرتكب فاحشة في بلاد شرق آسيا ، والثاني ليلقي محاضرة دينية ، يموت على نيته ، (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ (4))

 

، هل يمكن لهؤلاء البشر الذين عددهم ثمانية مليارات أن يكونوا في حقلين فقط ؟ ممكن ، قال :

﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ (7)﴾

[سورة الليل]

 الحسنى هي الجنة والدليل :

﴿لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ ۖ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ ۚ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ(26)﴾

[سورة يونس]

 صدق بالحسنى بمعنى صدق بالآخرة ، فاتقى أن يعصي الله ، أعطى وبنى حياته على العطاء ، يعطي من وقته ، من ماله ، من علمه ، من خبرته ، من اهتمامه ، الرد الإلهي : (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ (7))

 

، أكبر عطاء إلهي التوفيق والتيسير ، زواجه ميسّر ، حرفته ميسّرة ، مكانته جيدة ، أولاده أبرار ، بناته محتشمات ، مكانته الاجتماعية عالية ، (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ (6))

 

،الرد الإلهي (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ (7))

 

﴿وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَىٰ (8)وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَىٰ (9)فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَىٰ (10)﴾

[سورة الليل]

 كذب بالجنة ، فاستغنى عن طاعة الله ، بنى حياته على الأخذ ، (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ (6))

 

، (وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَىٰ (8)وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَىٰ (9) ، لذلك يقع على رأس الهرم البشرية الآن زمرتان ، الأقوياء والأنبياء ، الأقوياء ملكوا الرقاب ، والأنبياء ملكوا القلوب ، الأقوياء أخذوا ولم يعطوا ، والأنبياء أعطوا ولم يأخذوا ، الأقوياء عاش الناس لهم ، والأنبياء عاشوا للناس ، الأقوياء يُمدحون في حضرتهم ، والأنبياء في غيبتهم ، والناس جميعاً تبعٌ لقويٍّ أو نبي ، بل بطولة الأقوياء أن يتخلّقوا بأخلاق الأنبياء ، لذلك : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ (7) وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَىٰ (8)وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَىٰ (9)فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَىٰ (10))

 

الفرق بين الرزق والكسب :

 بيل غيتس ترك ثلاثة وتسعين ملياراً ، على فراش الموت ماذا قال؟ هذا الرقم لا يعني عندي شيئاً ، جوبز الآن حجم شركته المالية - آبل - سبعمئة مليار ، هذا اسمه رزق ، الرزق ما أكلت فأفنيت ، تصدقت فأبقيت ، ولبست فأبليت ، ما أكلت فأفنيت ، الذي أكلته انتهى، لبست فأبليت ، الذي لبسته اهترأ ، الذي يبقى فقط الصدقة ، سميت صدقة لأنها تؤكد صدق العبد في عبادة الله عز وجل ، أما الكسب فهو الحجم المالي ، لم تنتفع به وسوف تحاسب عليه ، أول جسر بين أوروبا وآسيا في اسطنبول ، الذي صممه كان مهندساً يابانياً ، أثناء افتتاح الجسر مع رئيس الجمهورية ألقى هذا المهندس الياباني بنفسه ، فنزل ميتاً ، ذهبوا إلى غرفته في الفندق ، كان قد كتب ورقة : ذقت كل شيءٍ في الحياة لم أرَ لها طعماً أردت أن أذوق طعم الموت ، أما المؤمن لو كان موظفاً بسيطاً ، وزوجته في المنزل ، وأولاده أسعد الناس، إن لم تقل : ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني إلا أن يكون أتقى مني هناك مشكلة .

الإسلام خضوع لمنهج الله والكفران إعراض عن الله :

 الإسلام خضوع لمنهج الله ، لمنهج الواحد الديّان ، لتعليمات الصانع ، الإسلام خضوع، والإيمان إقبال على الله ، والكفران إعراض عن الله ، أما التقوى :

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (28)﴾

[سورة الحديد]

 فأنا لا أستطيع أن أرى شيئاً بالغرفة المظلمة ، مع أن عيني جيدة جداً لا أرى شيئاً، فلابد من ضوء تصله الكهرباء ، يتوسط بيني وبين المرئي ، انتقلنا إلى العقل : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ) ، فكما أن العين لا معنى لها بلا نور يتوسط بينها وبين المرئيات ، والعقل يحتاج إلى نور ، فالإنسان بعقله قد يلحد ، إذا لم يكن في قلبه نور إلهي ، النور الإلهي للعقل كنور الكهرباء للعين تماماً .

 

الآيات القرآنية والكونية والتكوينية هي القنوات السالكة لمعرفة الله :

 الآن ما هي القنوات السالكة لمعرفة الله ؟ لدينا آيات كونية خلقه ، الموقف الكامل التفكر ، لدينا آيات تكوينية أفعاله ، الموقف الكامل النظر ، ولدينا آيات قرآنية الموقف الكامل منها التدبر ، أنا لدي ثلاث قنوات سالكة لمعرفة الله ، آياتٌ كونية ، وتكوينية ، وقرآنية ، الكونية لمحة واحدة ، مثلاً الأرض تدور حول الشمس دورة في العام ، بمسار بيضوي ، لهذا المسار قطران ؛ قطر أطول وقطر أقصر ، الآن في القطر الأطول عندما انتقلت إلى القطر الأقصر المسافة قلّت ، والجاذبية ازدادت فلابد من أن تنجذب الأرض إلى الشمس ، وإذا انجذبت تبخرت في ثانية واحدة ، ما الذي يحصل ؟ ترفع الأرض سرعتها لينشأ من رفع السرعة قوة نابذة تكافئ القوة الجاذبة فتبقى على مسارها :

﴿إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا ۚ وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ ۚ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (41)﴾

[سورة فاطر]

 يد من ؟ علم من ؟ قدرة من ؟ حكمة من ؟ الله عز وجل ، تابعت السير ، الآن انتقلت من القطر الأصغر إلى الأطول ، ما الذي حصل ؟ الجاذبية ضعفت ، فالأرض تفلّتت من الشمس ، إن تفلّتت تصبح الحرارة مئتين وستين تحت الصفر ، فالأرض تنتهي الحياة بها إن انجذبت ، وتنتهي إن تفلّتت ، هنا تخفض الأرض سرعتها لينشأ من خفض السرعة قوة نابذة أقل تكافئ القوة الجاذبة بالأقل ، يد من ؟ قدرة من ؟
 الآن الشمس تكبر الأرض بمليون وثلاثمئة ألف مرة ، بمعنى يدخل إلى جوف الشمس مليون وثلاثمئة ألف أرض ، لدي صورة للشمس تقريباً بحجم الآيباد ، والأرض نقطة واحدة ، شيء دقيق جداً ، الله قال :

﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (1)﴾

[سورة البروج]

 كنت ذات مرة في أمريكا وزرت متحفاً فلكياً ، البروج في السماء ، هناك خطوط بين النجوم ، برج العقرب كالعقرب تماماً ، هناك نجم صغير متألق اسمه : قلب العقرب ، يتسع للشمس والأرض مع المسافة بينهما ، قلب العقرب أحد نجوم برج العقرب ، يتسع للشمس والأرض مع المسافة بينهما ، فهذا الإله العظيم يُعصى ؟! ألا يخطب وده ؟! ألا تُرجى جنته ؟! ألا تُخشى ناره ؟!

 

السكينة والتوفيق والحكمة :

 لذلك العقيدة أصل في ديننا ، والحركة استقامة سلبية ، والعمل الصالح إيجابي ، والصلاة ، (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14))

 إذا صلى الإنسان ذكر الله :

﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (152)﴾

[سورة البقرة]

 إذا ذكر الإنسان الله منحه الله السكينة التي يسعد بها ولو فقد كل شيء ، السكينة شيء مُسعد ، السكينة النبي سَعد بها وهو في الغار ، وسيدنا يونس سعد بها وهو في بطن الحوت ، وسيدنا موسى وهو في البحر ، بأشد الأماكن ظلمةً سعد بها ، لذلك :

﴿وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)﴾

[سورة الأنبياء]

 أصبح لدينا سكينة نسعد بها ولو فقدنا كل شيء ، والآن التوفيق ، وما توفيقي إلا بالله ، ولدينا الحكمة : (وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ) ، نتائج الصلاة مذهلة ، لذلك الصحابة الكرام فتحوا العالم ، ونحن نملك نصف ثروة الأرض ، ونحتل أكثر موقع استراتيجي في العالم ، ومع ذلك كما ترى ونسمع ، فلذلك :

((لا يخافنَّ العبد إلا ذنبه ، ولا يرجون إلا ربه))

[أخرجه سعيد بن منصور في سنته عن علي]

 هذا ملخص الملخص ، والله عز وجل لخص فحوى دعوة الأنبياء جميعاً بآية واحدة، قال :

﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25)﴾

[سورة الأنبياء]

 العلماء قالوا : التوحيد نهاية العلم ، والعبادة نهاية العمل ، والحمد لله ربِّ العالمين .
المذيع :
 جزاكم الله عنا أفضل جزاء فضيلة الشيخ ، المداخلة القيمة والشيقة التي تُؤصّل مجموعة من المفاهيم التي وردت في العنوان الذي نريد أن نتناوله في البحث والتحليل ، فضيلة الدكتور باعتباركم أحد النجوم الذين أضاؤوا الخطاب الديني المعاصر ، أريد من فضيلتكم أن تتكرموا بالحديث عن هذه التجربة ، في إطار الكثير من الناس يتحدثون على أن الخطاب الديني المعاصر يجب أن يكون خطاباً بخصوصيات وخصائص جديدة ، تمكّن من الإقبال على الله عز وجل ، ولعلكم النموذج الأمثل الذي في الحقيقة يبيّن أن الشاب المسلم حينما يجد خطاباً عقلانياً متوازناً يُقبل عليه بشغاف قلبه . . .

العناية بالخطاب الديني :

الدكتور محمد راتب النابلسي :
 بما أن الإنسان عقلٌ يدرك ، وقلبٌ يحب ، وجسمٌ يتحرك ، فلابد للخطاب الديني من أن يغذي عقله بالعلم ، وقلبه بالحب ، وجسمه بالطعام والشراب الذي اشتري بمالٍ حلال ، فلديه حاجة عقلية أن يعرف الله ، الذي هو أصل الكمال والجمال والنوال ، أن يعرف رحمته ، حكمته، لطفه .

((يا بن آدم اطلبني تجدني ، إن وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتّك فاتك كل شيء ، وأنا أحبُّ إليك من كل شيء))

[ورد في الأثر]

 إذاً لابد من أن يكون الجانب الأول هو الخطاب الديني ، الذي يخاطب عقله وقلبه وجسمه ، لذلك :

((إني تارك فيكم ما لن تضلوا كتاب الله وسنتي))

[رواه مسلم]

 الكتاب والسنة ، نحن معنا وحي السماء ، ولدينا وحل الأرض ، عندما استقي أنا خطابي الديني من وحل الأرض انتهينا كأمة ، أما إذا استقيت خطابي الديني من وحي السماء ، من الإله العظيم ، كماله مطلق ، أصل الكمال والجمال والنوال ، صفاته حُسنى ، صفاته عُلا ، حينما أستمد هذا الخطاب من الله عز وجل أنا أسلم وأسعد ، وكل إنسان هدفه السلامة والسعادة والاستمرار ، السلامة باستقامته ، والسعادة باتصاله بالله ، والاستمرار بتربية أولاده ، أنا زرت أمريكا خمس مرات ، أول زيارة كان رئيس الجمهورية كلينتون ، قلنا لهم : لو بلغت منصباً ككلينتون ، وثروةً كأوناسيس ، وعلماً كأينشتاين ، ولم يكن ابنك كما تتمنى فأنت أشقى الناس ، فلابد من تربية الأولاد ، ومن المستحيل أن يسعد الإنسان وابنه شقي ، فالذي يتمنى أن يكون أسعد الناس يربي أولاده ، وأنا لي موقع على الإنترنت ، يوجد فيه أربعة وستون كتاباً خلاصة دعوتي إلى الله ، موقعي الأول في العالم ، موقعي أحدث تطبيق له ، فيه قسم صوتي ، وأنت تركب مركبتك أحببت أن تسمع موضوعاً مهماً جداً ، تأخذه صوتاً ، الموضوع نفسه تجده نصاً إذا أنت داعية ، وهذا النص موجود فيه ملف للتعديل ، وملف ليس للتعديل ، بهذه المحاضرة هناك فقرة لا تهمك تمسحها ، هناك فقرة إضافية أضفتها ، وأنت في سهرة يظهر الدرس على الشاشة ، فهناك جانب نصي ، وجانب صوتي ، وجانب مرئي ، هذا أول موقع في العالم ، يطلبه في اليوم مليونا زائر ، وفيه عشر لغات ، اكتب تطبيق الموقع ، في الآيباد موجود ، في الآيفون موجود ، بأي هاتف ، وكله مجاني ، هذا بين أيديكم ، فيه تواصل ، وفيه فتاوى ، وفيه تقريباً كل شيء ، من القرآن إلى السنة إلى سير الصحابة ، كل شيء موجود وهذا بين أيديكم ، نحن عملنا له تطبيقاً الآن بأي آيفون أو آيباد يظهر .
المذيع :
 بارك الله بكم شيخنا الحبيب ، في الحقيقة أنتم الآن قدمتم نموذجاً حقيقياً وواقعياً لانفتاح الخطاب الإسلامي الديني على وسائل الإعلام عامةً ، في الحقيقة أود أن أسأل فضيلتكم عن هذا الانتقال ، أو هذه الطفرة التي حدثت من الإعلام الإسلامي ، من شاشة الفضائيات؛ لأنّنا نحن أهل المغرب عرفناكم بفضل هذه الفضائيات ، وبفضل برنامجكم الذي عرفناه أولاً أسماء الله الحسنى .

 

حاجة المسلمين اليوم إلى إعلام إسلامي حقيقي :

الدكتور محمد راتب النابلسي :
 اِقبَل مني هذا التعليق ، كان في حياة العالم كله سلطة تشريعية ، مجلس نواب ، وسلطة تنفيذية وزراء ، وقضائية معروفة ، الآن يوجد إعلام فقط ، يركز على قضية العالم قام ولم يقعد ، هناك جهات أخرى ، هناك مآس لا يعلمها إلا الله ، يوجد تعتيم إعلامي ، أو تلميع إعلامي ، أو تضليل إعلامي ، الآن لا يوجد تشريع ، ولا تنفيذ ، ولا قضاء ، يوجد إعلام يركز على شيء ، العالم يقوم ولا يقعد من أجل موت شخص واحد ، وإذا مات مليون شخص لا تعليق ولا تنديد ولا إنكار ، فنحن نحتاج إلى إعلام الآن ، إعلام إسلامي حقيقي ، موضوع الانترنت ليس شيئاً سهلاً ، في هذه الهواتف هناك آراء صحيحة ، وأشياء واضحة ، فكان الإعلام مُقتصراً على الأقوياء ، الآن لأي إنسان ، مثلاً أنا في عمان أخاطب إخواننا في المغرب ، أهذا ليس إعلاماً ؟
المذيع :
 قمة الإعلام ولله الحمد ، من حسنات هذه الطفرة التقنية أنها جعلتنا نستعيض عن إعلام لا أريد أن أصفه بأنه فاسد ، وإن كان كذلك ، بمعنى أننا يمكن أن نستفيد من هذه التقانة لنصنع إعلاماً ، فضيلة الدكتور إن أردنا أن نضع معالم الإعلام الباني ، ما هي برأيك أبرز التوجهات ؟

معالم الإعلام الباني :

الدكتور محمد راتب النابلسي :
 اولاً سيدي صحة النصوص ، أهم شيء أنه لدينا كتاب وسُنة ، الكتاب من الله كمال مطلق ، وما صح من السنة ، هناك سُنة غير صحيحة ، هناك سُنة ضعيفة أو موضوعة ، القرآن الكريم قطعي الثبوت ، ظنيّ الدلالة ، أنت بحاجة إلى مفسّر ، أما الحديث فظنيّ الثبوت ، لابد من حديثٍ صحيح ، الله عز وجل هيأ للأمة علماء كباراً ، كالبخاري ومسلم انتقوا من أربعمئة ألف حديث إلى أربعة آلاف حديث ، فلدينا الصحاح درجة أولى ، فنحن لدينا كتاب وسُنة ، (إني تارك فيكم ما لن تضلوا كتاب الله وسنتي) ، هل تستطيع أن تدخل إلى طبيب من دون مال في جيبك ؟ لا تستطيع ، كذلك إلى المهندس والمحامي ، إلا المسجد فهو بالمجان ، أنا كنت ذات مرة في أستراليا في آخر مدينة في الأرض ، بعدها يوجد القطب الجنوبي ، فيها معهد شرعي ، ومسجد ، وفيها دعوة إلى الله ، ماذا قال :

((ليَبْلُغن هذا الأمر ما بلغ اللَّيل والنَّهار ، ولا يترك الله بيت مَدَرٍ ولا وَبَرٍ إلَّا أدخله اللهُ هذا الدِّين ، بِعِزِّ عَزِيزٍ أو بِذُلِّ ذَليلٍ ، عِزًّا يُعِزُّ الله به الإسلام ، وذُلًّا يُذِلُّ الله به الكفر))

[الترغيب في العزة في السنة النبوية]

ديننا دين وسطي متوازن يجمع بين الدنيا والآخرة والحاجات والقيم :

 الشيء الدقيق جداً الحقيقة المُرّة أن في الأرض يوجد دول عديدة ومجتمعات ، على رأسها محور واحد ، لا يوجد غيره شئت أم أبيت ، أحببت أم كرهت ، نحن في دول الإنجلوسكسونية ، كندا ، أستراليا ، إنجلترا ، ألمانيا ، فرنسا ، إيطاليا ، المحور الأول لن يسمح لإحدى هذه الدول أن تحل محله ، المحور الثاني الدول دول التحكم ، الصين واليابان ، العالم العربي كله ، العالم الإفريقي كله ، أمريكا الجنوبية كلها ، لن يسمح المحور الأول لإحدى هذه الدول أن تنتقل للحلقة الأعلى ، أول حلقة ضبط ، الثانية تحكم ، الثالثة مع الأسف الشديد العالم الإسلامي ، عند الغرب دول التدمير لأن لديهم ديناً لا يزال حياً حتى الآن ، هذا الدين متوازن وسطي ، يجمع بين الدنيا والآخرة ، والحاجات والقيم ، والشهوات والمبادئ ، قابل للتطبيق ، هناك دراسات أكاديمية ليست إسلامية ، فرنسا سيكون الدين الإسلامي هو الدين الأول فيها في عام 2050 ، دين مقبول ، فلذلك هناك حربٌ أيديولوجية مع المسلمين ، لو فرضنا إنسانة تحجبت في فرنسا العالم يقوم ولا يقعد ، أما التفلّت الكامل فلا أحد يتكلم ، يوجد تناقض مريع بين المبادئ والقيم ، أنا متفائل بإيماني ، المصير لهذه الأمة ، التفاؤل من الإيمان ، والتشاؤم واليأس والقنوط والسوداويّة تقترب من الكفر .

﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ۖ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48)﴾

[سورة الطور]

 فلذلك الآن الامتحان امتد وقته كثيراً ، لكن بعده يوجد فرج ، لابد من فرج إلهي ، هذا التفاؤل بسبب الإيمان فقط .
المذيع :
 جزاكم الله عنا أفضل جزاء سيدي الشيخ ، كما أننا حينما نتحدث عن البناء القيمي للإنسان ، نحن نعلم بأنكم قبل أن تظهروا لنا بالجانب الإعلامي أنت شخص مربِّ ، وشخص معلم ، نريد أن نستفيد بهذا اللقاء من هاتين الخاصيتين العظيمتين اللتين حظاكم الله عز وجل بهما ، التعليم والتربية . .

 

الدين استقامة :

الدكتور محمد راتب النابلسي :
 هل من الممكن التجارة التي هي ألف نوع وألف مستوى أن تنضبط بكلمة واحدة؟ التجارة هي الربح ، إن لم تربح لست تاجراً ، وهذا الدين فيه استقامة ، إن لم تستقم لن تقطف من هذا الدين شيئاً ، أصبح الدين فولكلوراً ، عادات ، تقاليد ، أشياء قديمة ، ثقافة ، الدين منهج إلهي ، منهج الخالق ، منهج الرحيم ، منهج الذي خلقنا ليسعدنا ، منهج تفصيلي يبدأ من فراش الزوجية وينتهي بالعلاقات الدولية ، هذا المنهج ، إذا كان هناك منزل فيه كل الأجهزة الغالية ، والثلاجات ، والمكيفات ، والميكروويف ، ولكن لا يوجد كهرباء ، لا قيمة لكل هذه الأجهزة ، الآن هناك مشكلة قطع التيار الأساسي ، نحن ما مشكلاتنا ؟ ليست في الكبائر ، خذ مثلاً بيتاً في المغرب ، لا يوجد خمر ، نحن مسلمون ، ولا يوجد زنا ، ولا يوجد قتل ، لكن لدينا آلاف المعاصي الصغيرة ، مثلاً شخص يركب مركبته يمشي في طريق عرضه حوالي ستين متراً ، أوتوستراد دولي ، على يمينه واد سحيق ، وعلى يساره واد سحيق ، إذا حرك المقود سنتيمتراً واحداً نحو اليمين وثبته على الوادي ، لا صغيرة مع الاستغفار ، لو حركه تسعين درجة وأعاده فوراً لا كبيرة مع الاستغفار ، نحن مصرّون على الصغائر ، هناك اختلاط في بيوتنا ، يوجد في البضاعة مواصفات غير صحيحة ، يوجد بيع حرام ، يوجد شراء حرام ، يوجد تكاسل في العبادات ، نحن ليس لدينا جرائم ولا خطايا كبيرة ، ولكن فعل هذه الصغائر إذا أصررنا عليها أصبحت كبائر ، أما الكبائر إذا تبنا منها فتصبح صغائر ، أرجو الله لأهلنا في المغرب حياة سعيدة ، وتألقاً دينياً ، وإقبالاً على الله ، وانضباطاً بمنهج الله عز وجل ، هذه التجارب كلها أعطتنا فوائد ، لا يوجد حل سوى تطبيق المنهج الإلهي ، يوجد حلول أرضية لم تفلح إطلاقاً ، نحتاج إلى حلول سماوية ، أقول كلمة : خذوا دينكم عن الأرضيات لا عن الفضائيات .
المذيع :
 جزاكم الله خيراً ، والله العظيم نحن نعلم شدة انشغالكم ، ونعلم المسؤوليات الملقاة على عاتقكم ، وبالرغم من ذلك أنتم تلبون النداء ، ربما سؤال أخير حتى لا نطيل على سيادتكم، نريد منكم كلمةً أخيرةً توجهونها إلى هذه الفئة ، وإن قلتم إنَّ فعل الشباب لا يتصل بالعمر ، ولكن قد نتحدث عن الفتوة بشكلٍ عام .

محاسبة كل إنسان عن نفسه وبيته وعمله :

الدكتور محمد راتب النابلسي :
 أنت كمؤمن تحاسب عن ثلاث دوائر ، لديك ثلاث دوائر ؛ أنت دائرة ، والبيت دائرة، والعمل دائرة ، أنت هل يا ترى إيمانك صحيح ؟ العلم طلبته من أصوله ؟ من الموثوقين ؟ عرفت تفسير القرآن ؟ هل لديك وقت تقطعه من وقتك الثمين لمعرفة الله ؟ أتقنت صلاتك ؟ قرأت القرآن ؟ غضضت البصر ؟ ضبطت الشاشة ؟ ضبطت السهرة ؟ ضبطت النزهة ؟ يجب أن تكون كل نشاطاتك تنضبط بمنهج الله عز وجل ، الآن يجب أن ترى أولادك ، كنت ذات مرة في أمريكا من عشرين سنة ، قلت : لو بلغت منصباً ككلينتون ، وثروةً كأوناسيس ، وعلماً كأينشتاين ، ولم يكن ابنك كما تتمنى فأنت أشقى الناس ، نربي أولادنا ، اختيار الزوجة ، تربية الأولاد ، اختيار الحرفة ، هناك حرف فيها عطاء للناس ، وهناك حرف فيها لهو وأخذ ، فلابد من أن تحسن انتقاء زوجتك وحرفتك ، إذا كانت زوجته مؤمنة ستربي أولاده ، إذا اختارها لجمالها فقط ، الحديث :

((تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأرْبَعٍ ؛ لِمالِها ، ولِحَسَبِها ، وجَمالِها ، ولِدِينِها ، فاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَداكَ))

[أخرجه البخاري]

 يوجد لدينا شيئان الحرفة والزوجة ، فالبطولة أنا أخاطب الشباب ، أحسن اختيار زوجتك ، (فاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ ، تَرِبَتْ يَداكَ) ، واختر حرفتك ، هناك حرفة فيها عطاء ، وحرفة فيها أخذ ، هناك حرفة فيها إفساد ، هناك حرفة فيها بناء ، فاختيار الحرفة والزوجة شيء مهم ، الاستقامة سلبية ، والعمل الصالح إيجابي ، والاتصال بالله تألق ، فإذا فعلنا هذه الأشياء ، ولم نقل : ليس على وجه الأرض من هو أسعد منا ، فنحن لا نكون صادقين بهذه الحركة .

 

خاتمة وتوديع :

المذيع :
  جزاكم الله عنا فضيلة الشيخ العلّامة الدكتور محمد راتب النابلسي ، يوجد رجاءٍ أخير ، مجموعة من الإخوة والأخوات يطلبون منكم أن تدعون لهم ولأبنائهم في الصلاح ، لأن في الحقيقة أصبح هاجس تربية الأبناء في هذا الزمن الذي نعيشه من أكبر الهواجس عند الكثير من الأسر .

الدعاء :

الدكتور محمد راتب النابلسي :
 اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير ، واجعل الموت راحةً لنا من كل شر ، مولانا ربَّ العالمين ، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك ، اللهم لا تؤمنا مكرك ، ولا تهتك عنا سترك ، ولا تنسنا ذكرك ، أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تُهنّا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارض عنا ، اجعل هذا اللقاء لقاءً طيباً مباركاً ، وألهم أهلنا السداد والرشاد ، واجعل هذه اللقاءات الطيبة في ميزان حسنات من يستمع إليها ويطبقها ، وأرجو الله أن يحفظ لكم إيمانكم ، وأهلكم ، وأولادكم ، وصحتكم ، ومالكم ، والدعاء الأخير أهم دعاء ، واستقرار بلادكم ، هذه نعمةٌ لا تُعرف إلا إذا فُقدت .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور