- أحاديث رمضان / ٠14رمضان 1428هـ - القوانين والمقاصد
- /
- 2- رمضان 1428 هـ - مقاصد الشريعة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
الإيمان بالله أول المقاصد البعيدة لأركان الإسلام:
أيها الأخوة الكرام، لازلنا في سلسلة دروس عن مقاصد الشريعة الإسلامية، وقد تحدثنا في الدروس السابقة عن المقاصد البعيدة لأركان الإسلام، النطق بالشهادة والصلاة والصيام والزكاة والحج، وها نحن ننتقل إلى المقاصد البعيدة من أركان الإيمان، أول شيء الإيمان بالله.
حقائق الإيمان عديدة منها:
1 ـ الإيمان من أجل ذواتنا و سعادتنا و سلامتنا:
أيها الأخوة، الحقيقة الأولى في هذا الموضوع أن الله عز وجل حينما قال:
﴿ إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ (7) ﴾
لكن:
﴿ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ (7) ﴾
﴿ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ (7) ﴾
لذلك الإيمان من أجل أنفسنا، الله عز وجل كما ورد في الحديث القدسي الصحيح:
(( يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَسَأَلُونِي، فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ ))
فلذلك الحقيقة الأولى في الإيمان أن الإيمان من أجلنا، من أجل سلامتنا، من أجل سعادتنا، من أجل أن يحقق الهدف من وجودنا وهو إسعادنا في الدنيا والآخرة، قال تعالى:
﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ (119) ﴾
خلقهم ليسعدهم فالإيمان ليس من أجل شيء آخر إنما هو من أجل ذواتنا وسلامتنا وسعادتنا هذه الحقيقة الأولى.
2 ـ من يرفض الإيمان يحتقر نفسه لأنه غاب عنه أنه المخلوق الأول:
الحقيقة الثانية
الإنسان أحياناً يرفض أشياء كثيرة يرفضها احتقاراً لها، يعرض عليه بيت سعره مرتفع ومساحته صغيرة يرفضه، تعرض عليه فتاة ليتزوج منها في دينها رقة يرفضها لأنه ما أعجبه دينها، فأي شيء ترفضه في حياتك أحد أسباب رفضه احتقارك له، تعرض عليه تجارة متعبة والأرباح قليلة فيها أخطار يرفضها، أي شيء ترفضه الأصل أنك لم تقبله، وما كان شيئاً ثميناً في تصورك، وما كان شيئاً كبيراً في مقاييسك فرفضته، إلا أنك إذا رفضت الدين تحتقر نفسك الدليل:
﴿ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ (130) ﴾
قد ترفض شيئاً احتقاراً له إلا أن الدين وحده إذا رفضته تحتقر نفسك، ما عرفت قدرها، ما عرفت أنك المخلوق الأول، ما عرفت أنك المخلوق المكرم، ما عرفت أنك المخلوق الوحيد الذي خلق لجنة عرضها السماوات والأرض، هذه حقائق كبرى ما عرفتها.
أتحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر
***
لأنك من بني البشر أنت المخلوق الأول، قال تعالى:
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ (72) ﴾
الحقيقة الثانية الذي يرفض الإيمان أو حقائق الإيمان أو منهج الرحمن يحتقر نفسه لأنه غاب عنه أنه المخلوق الأول، وغاب عنه أن الكون بأكمله مسخر له، وغاب عنه أنه خلق لجنة عرضها السماوات والأرض، لذلك من هنا يقال: من عرف نفسه عرف ربه.
3 ـ خيار الإنسان مع الإيمان خيار وقت فقط:
أيها الأخوة الكرام، حقيقة ثالثة، أنت لك خيارات كثيرة، خيارات مع مليون موضوع، مع مليار موضوع خيار قبول أو رفض، إلا أن خيارك مع الإيمان خيار وقت فإما أن نؤمن في الوقت المناسب قبل فوات الأوان، وننتفع بإيماننا
إما أن نؤمن ونسعد بإيماننا، إما أن نؤمن ونسلم بإيماننا، إما أن نؤمن وينبني على إيماننا أعمال جليلة، إما أن نؤمن وينبني على إيماننا سعادة في الدنيا والآخرة، وإما أنه لابدّ من أن نؤمن ولكن بعد فوات الأوان، هذا إيمان فرعون ماذا قال فرعون ؟
﴿ فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24) ﴾
﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي (38) ﴾
مرة عرضت صورته بندوة وهو قد لفت يده بالشاش، بعد أن عرضت صورته قلت هذا الذي قال من قبل أنا ربكم الأعلى، هذا الذي قال ما علمت لكم من إله غيري، حينما أدركه الغرق ماذا قال ؟
﴿ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ (90) ﴾
العاقل من آمن قبل فوات الأوان:
دققوا أيها الأخوة، والله الذي لا إله إلا هو ما من إنسان على وجه الأرض من الستة آلاف مليون إنسان يأتيه الموت إلا وتنكشف له الحقيقة التي جاء بها الأنبياء ولكن بعد فوات الأوان.
﴿ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً (92) ﴾
وفرعون موسى الذي مات غرقاً لا يزال محنطاً في متاحف مصر، وقد أخذ إلى فرنسا لترميم بعض الفطور في يده، وصورته عندي وقد لفت يده بالشاش وهو بمنظر مخيف هذا فرعون، لذلك خيارك مع الإيمان خيار وقت بينما خيارك مع مليار موضوع خيار قبول أو رفض.
الإيمان ألصق بالإنسان من أي شيء آخر لارتباطه بسعادته و سلامته:
أيها الأخوة الكرام، ما أثمن شيء في الإيمان ؟ أن الله خلقك ليسعدك، فالإيمان به يعني تحقيق المراد الإلهي من وجودك، لأن الله خلقك ليسعدك في الدنيا والآخرة، فالإيمان به ماذا يعني ؟ يعني أن تحقق الهدف الكبير، الحكمة البالغة من خلقك، يعني الإيمان بالله من أجل سلامتك وسعادتك، ولأن الإنسان كما تعلمون مفطور على حبّ وجوده، وعلى حبّ سلامة وجوده، وعلى حبّ كمال وجوده، وعلى حبّ استمرار وجوده، هذه الخصائص التي جُبل الإنسان عليها لا تتحقق إلا بالإيمان بالله، فمن أجل سلامة وجودك تؤمن، ومن أجل كمال وجودك تؤمن، ومن أجل استمرار وجودك تؤمن، فلذلك الإيمان ألصق بك من أي شيء آخر، الإيمان سلامتك، الإيمان سعادتك، الإيمان استمرارك إلى أبد الآبدين في جنة عرضها السماوات والأرض.
تسخير ما في السماوات و ما في الأرض للإنسان مكافأة له على حمل الأمانة:
أيها الأخوة الكرام
كلكم يعلم أن الله حينما عرض على الخلائق حمل الأمانة في عالم الأزل وهذه الحقيقة تؤكدها الآية الكريمة:
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ (72) ﴾
لأن الإنسان كلف حمل الأمانة، ولأنه صار المخلوق الأول الذي قبل حمل الأمانة، عندئذ سخر الله له ما في السماوات وما في الأرض جميعاً منه، هل تصدق أن كل المجرات سخرت لك أيها الإنسان من أجل أن تعرف الله، أنت المخلوق الأول، أنت الذي قبلت حمل الأمانة
أنت الذي قلت يا رب أنا لها، أنت الذي تصديت وقبلت حملها فكافأك الله على حملها وقبولها أن سخر الله لك ما في السماوات وما في الأرض جميعاً منه، لكن هذا التسخير هو تسخير تعريف وتسخير تكريم، وهذه حقيقة مهمة جداً أي شيء خلقه الله في الكون من أجل أن تتعرف إلى الله من خلاله، ومن أجل أن تنتفع به، الإنسان حينما يكفر يأخذ الجانب الثاني فقط ينتفع بكل شيء في أعلى درجات الانتفاع وهذا شأن العالم الغربي، انتفعوا بكل شيء خلقه الله عز وجل بأعلى درجة، كانوا مع النعمة ونسوا المنعم، كانوا مع الرحمة ونسوا الراحم، فلذلك الكافر قد يقف عند النعمة ويستغرق فيها ويستمتع فيها أشد الاستمتاع ويغفل عن الذي منحه هذه النعمة، أما الهدف الآخر وهو الأكبر هو أن تعرف الله من خلالها هذا المعنى مأخوذ من قول النبي عليه الصلاة والسلام:
(( إِذَا رَأَى الْهِلَالَ قَالَ هِلَالُ خَيْرٍ وَرُشْدٍ هِلَالُ خَيْرٍ وَرُشْدٍ هِلَالُ خَيْرٍ وَرُشْدٍ آمَنْتُ بِالَّذِي خَلَقَكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي ذَهَبَ بِشَهْرِ كَذَا وَجَاءَ بِشَهْرِ كَذَا ))
أي شيء خلقه الله لك له وظيفتان: وظيفة تعريفية و وظيفة نفعية:
لذلك أي شيء خلقه الله لك له وظيفتان:
وظيفة تعريفية به ووظيفة نفعية تنتفع به في الدنيا، وقد تكون الوظيفة التعريفية أول وظيفة فيما خلقه الله لك، للتقريب إذا شخص دخله محدود جداً بحيث لا يسمح له أن يلعق لعقة عسل واحدة، فقير وقرأ كتاباً عن العسل، وعن فوائد العسل، وعن النحل، وعن نظام النحل الدقيق، فبكى خشوعاً لله، اسمحوا لي أن أقول لكم إن هذا الإنسان حقق الهدف الأول من خلق النحل والعسل، أي أنه عرف الله من خلاله مع أنه لم يذق لعقة عسل واحدة لفقره الشديد، والذي يأكل العسل يومياً وليلاً ونهاراً ولم يفكر في هذه النعمة عطّل أكبر هدف من خلق النحل والعسل.
دققوا في هذا المعنى كل شيء خلقه الله لك له هدف نفعي وله هدف إرشادي، أنت إن لم تستفد منه في معرفة الله عز وجل هذا الهدف الإرشادي عطلته واكتفيت في الهدف النفعي الذي سبقك به الغربيون أشواطاً.
الهدف الإرشادي هو الهدف الأكبر من خلق السماوات والأرض:
بطولتك أن تنسب النعمة إلى المنعم، البطولة أن تعرف الله من خلال هذه النعم، قال تعالى:
﴿ أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (9) وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10) ﴾
﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ﴾
﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7) ﴾
أوامر إلهية:
﴿ قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (101) ﴾
لذلك الهدف الإرشادي هو الهدف الأكبر من خلق السماوات والأرض بل هي مسخرة لك تسخير تعريف ومسخرة لك تسخير تكريم، ورد فعل التعريف أن تؤمن ورد الفعل التكريم أن تشكر، فإذا آمنت وشكرت حققت الهدف من وجودك، الدليل:
﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ (147) ﴾
أنت حينما تؤمن وحينما تشكر حققت الهدف الأكبر من وجودك في الدنيا.
إيمان إبليس إيمان لا يقدم ولا يؤخر ولا ينجي:
أيها الأخوة الكرام، للأمانة العلمية هناك إيمان كإيمان إبليس هذا الإيمان لا يقدم ولا يؤخر، ولا ينجي ولا يسعد:
﴿ قَالَ رَبِّ ﴾
آمن به خالقاً قال:
﴿ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12) ﴾
﴿ فَبعزتِكَ ﴾
آمن به رباً، وآمن به عزيزاً، وآمن بالدار الآخرة، قال:
﴿ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (79) ﴾
وهو إبليس اللعين هو الذي يغوي البشر أجمعين.
من لم يجد أثر الإيمان في سلوك المسلمين صارخاً فهذا إيمان إبليسي:
لذلك هذا الإيمان الذي لا ينتج عنه استقامة والتزام ووقوف عند الحلال والحرام، هذا الإيمان الذي لا تجد له أثراً في السلوك، ترى المسلمين يؤمنون بالله واليوم الآخر دقق في حياتهم لا تجد أثراً لهذا الإيمان، لا في استقامته، ولا في ضبط شهواته، ولا في ضبط دخله، ولا في ضبط إنفاقه، ولا في ضبط أهله، وأولاده، وبناته، لا تجد أثر الإيمان في السلوك، إن لم تجد أثر الإيمان في السلوك صارخاً فهذا الإيمان إيمان إبليسي فلذلك:
﴿ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ (54) ﴾
أثبت الله لهم أنهم يصلون، وينفقون أموالهم أحياناً، ولكنهم عند الله كفروا بالله وبرسوله، هذا كفر دون كفر، هذا كفر أنه ما قنع بالصلاة فرضاً، ما قنع بالزكاة، فإذا ما قنع بشيء فرضه الله عليه فهذا كفر دون كفر كما قال العلماء وإن كان يصلي.
أنواع الإيمان:
أيها الأخوة الكرام، نستنبط من هذا أنه يمكن أن يكون الإيمان دائرة كل إنسان مؤمن بالله أي نوع من أنواع الإيمان ضمن هذه الدائرة، كل إنسان ملحد يقول لك هذا الكون محض صدفة،
والأديان أفيون الشعوب، والأديان شعور الضعف أمام قوى الطبيعة، شعور الإنسان الضعيف أمام قوى الطبيعة، كل إنسان يفهم هذا الأمر هكذا ينبغي أن يكون خارج هذه الدائرة، وكل إنسان يقول الله موجود أي إنسانة ساقطة تعيش من عرض جسمها على الآخرين برمضان لا تعمل تخاف، معنى هذه مؤمنة نوع من الإيمان، هناك كثير من النساء في رمضان يكفون عن امتهان حرف تغضب الله عز وجل فقط برمضان إذاً مؤمنة، فكل إنسان آمن بالله بأي نوع من أنواع الإيمان ضمن هذه الدائرة، ضمن هذه الدائرة دائرة ثانية كل إنسان حمله إيمانه على طاعة الله في الدائرة الداخلية، هذا الإيمان المجدي الذي حمله إيمانه على طاعة الله، الذي حمله إيمانه على أن يكون وقافاً عند كتاب الله، الذي حمله إيمانه على أن يقول هذا حرام لا أفعله معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي، كل إنسان يمتنع عن شيء بدافع إيمانه، أو يفعل شيئاً بدافع إيمانه، هذا الإنسان بهذا المستوى في الدائرة الثانية، ولهذه الدائرة الثانية مركز في هذا المركز الأنبياء والمرسلون المعصومون، عندنا أنبياء ومرسلون معصومون دائرة، وحول هذا المركز دائرة كل إنسان حمله إيمانه على طاعة الله ضمن هذه الدائرة، وفي دائرة أوسع منها كل إنسان آمن بالله لكن لم يحمله إيمانه على طاعة الله، وكل إنسان ملحد أنكر وجود الله هو خارج هذه الدائرة.
الإيمان بلا عمل لا قيمة له إطلاقاً:
الآن الإيمان بلا عمل لا قيمة له إطلاقاً
أنا أفسر ذلك إنسان مصاب بمرض جلدي مرض مستعصٍ له علاج وحيد أن يعرض نفسه لأشعة الشمس، لو أنه جلس في غرفة قميئة مظلمة رطبة، وأثنى على الشمس، يا لها من شمس ساطعة، يا لها من شمس عظيمة، يا لها من شمس شافية، هذا كلام لا قيمة له إطلاقاً، ما لم يتحرك إلى ضوء الشمس فإيمانه بالشمس لا يقدم ولا يؤخر، يعني بمعنى أنك حينما تقول إن الشمس ساطعة هي ساطعة أنت ماذا فعلت ؟ ما فعلت شيئاً ما زدت عن أن أقررت بحقيقة ثابتة، فإن أنكرت هذه الحقيقة تُتهم بعقلك، لذلك الإيمان بلا عمل ليس له قيمة إطلاقاً إلى أن يحملك إيمانك على طاعة الله، قال تعالى:
﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ (110) ﴾
المؤمن الناجي هو المؤمن الذي يحمله إيمانه على عمل صالح يتقرب به إلى الله:
ما بعد هذا الكلام تلخيص القرآن كله:
﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ (110) ﴾
الملخص:
﴿ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ (110) ﴾
﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا ﴾
لا يمكن أن تسمى مؤمناً ناجياً إلا إذا حملك إيمانك على عمل صالح تتقرب به إلى الله عز وجل، قال تعالى:
﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110) ﴾
الإيمان تصديق وإقبال والكفر تكذيب وإعراض:
الإيمان تصديق وإقبال، هناك جانب عقلي وهناك جانب نفسي
أخطأ خطأً فاحشاً من ظنّ أن الإيمان تصديق فقط، تصديق وإقبال، والكفر تكذيب وإعراض، من الجانب الأول أنه تصديق الإيمان لا يزيد ولا ينقص، أما من الجانب الثاني أنه إقبال الإيمان يزداد وينقص، قال تعالى:
﴿ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ (4) ﴾
أي عمل صالح تقوم به في تضحية وفي بذل جهد تتألق به فيزداد إقبالك على الله من خلاله، إذاً إيمانك زاد بهذا العمل الصالح، إن صاحبت الصالحين قد تتأثر بصحبتهم فيزداد إيمانك بمعنى الجانب الآخر النفسي الإقبال، الجانب النفسي يزداد وينقص أما الجانب الاعتقادي ثابت.
الإيمان ما وقر في القلب وأقرّ به اللسان وصدقه العمل:
لذلك الإيمان في جانب اعتقادي وجانب نفسي، الاعتقادي تصديق والنفسي إقبال، الكفر في جانب عقلي تكذيبي وجانب إعراض، أحياناً يكون الطالب الأستاذ ملء السمع والبصر، جثة كبيرة وصوت جهوري والصف صغير، والأستاذ يملأ الصف مهابة وقوة وطلاقة لسان، والطالب ينشغل عنه بحركات على دفتره، وكتابات لا معنى لها متشاغلاً عن هذا المدرس، هذا النوع نوع من الكفر، الكفر ليس تكذيباً بل هو إعراض
فأي إنسان أعرض عن الدين يقول أنا مؤمن لكن أنت أعرضت عنه، أعرضت عن عباداته، عن العمل الصالح، عن حضور مجالس العلم، لذلك الإيمان تصديق وإقبال والكفر تكذيب وإعراض، بهذا المقياس من مقياس الإيمان النفسي يزيد وينقص، والآية دقيقة:
﴿ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ (4) ﴾
من هنا تعريف الإيمان، الإيمان ما وقر في القلب وأقرّ به اللسان وصدقه العمل.
هناك جانب داخلي إيمان داخلي وقر في القلب وصدقه اللسان وأكده العمل، يقابل ذلك عندنا كفر اعتقادي وكفر نطقي كلامي وكفر سلوكي، لو إنسان ألقى بالمصحف إهانة له هذا كفر عملي، وإذا قال هذا المصحف ليس كلام الله كفر قولي، وإذا اعتقد بأعماقه أن هذا كلام محمد لكن ما حكى ولا كلمة، عندنا كفر اعتقادي، وكفر نطقي كلامي، وكفر سلوكي، وعندنا إيمان بالقلب، وإيمان ينطق به اللسان، وإيمان يؤكده العمل.
لذلك أيها الأخوة الكرام، يقول الله عز وجل:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا (136) ﴾
أي إيمانكم لا يكفي، الإيمان درجات.
طرق الإيمان ثلاثة:
1 ـ التفكر في خلق السماوات و الأرض:
آخر شيء طرق الإيمان ثلاثة أن تتفكر في خلق السماوات والأرض والدليل قوله تعالى:
﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) ﴾
2 ـ النظر في أفعال الله عز وجل:
وهناك طريق آخر أن تنظر في أفعال الله قال تعالى:
﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (11) ﴾
3 ـ التدبر في آيات الله عز وجل:
في طريق ثالث هو التدبر في آيات الله عز وجل، التدبر في القرآن في آياته القرآنية، أي أن تتأمل وأن تعرض نفسك على هذه الآية أين أنت منها ؟هل أنت مطبق لها أم بعيد عنها أم تأخذ منها بعض الشيء وتهمل بعض الشيء الآخر ؟
إذاً طرق الإيمان التفكر في خلق السماوات والأرض التفكر في آياته الكونية، والتفكر في أفعاله التفكر في آياته التكوينية، والتدبر بكلامه وهو تدبر لآياته القرآنية.