وضع داكن
23-11-2024
Logo
أسماء الله الحسنى - إصدار 2008 - الدرس : 031 أ - اسم الله السيد 1
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

من أسماء الله الحسنى: ( السيد):

 أيها الأخوة الكرام، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى، والاسم اليوم "السيد" .

تعظيم الناس بعضهم بعضاً من أعظم الأخطاء التي يقع بها المسلمون:

 ورد هذا الاسم في السنة المطهرة، أحد الصحابة الكرام وهو: مطرف بن عبد الله بن الشخير قال:

(( قال أبي: انطلقتُ في وفَدِ بني عامر إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: أنتَ سَيدنا ؟ فقال: السيد الله، قلنا: وأفضلُنا فَضلا، وأعظمُنا طَوْلا، فقال: قولوا بقولكم، أو بعض قولكم، ولا يَستَجْرِيَنَّكم الشيَطان ))

[ أخرجه أبو داود عن مطرف بن عبد الله بن الشخير ]

  لذلك مزلق خطير أن يعظم الناس بعضهم بعضاً، النبي عليه الصلاة والسلام وهو سيد الخلق، وأحب الخلق إلى الله، وسيد ولد آدم، ومن بلغ سدرة المنتهى، ومن كان الوسيلة العظمى إلى الله عز وجل، قال:

(( السيد الله ))

  أيها الأخوة، سيدنا عمر رضي الله عنه كان مع أصحابه في جلسة، فقال أحدهم: والله ما رأينا خيراً منك بعد رسول الله، فغضب غضبة وأحدّ فيهم النظر، وخافوا إلى أن قال أحدهم: لا والله، لقد رأينا من هو خير منك، فقال: من ؟ فقال: أبو بكر، قالوا: كذبتم جميعاً وصدق، عدّ سكوت أصحابه على قول من قال ما رأينا خير منك بعد رسول الله عدّ سكوتهم كذباً، فقال: كذبتم جميعاً وصدق، والله كنت أضلّ من بعيري، وكان أبو يكر أطيب من ريح المسك.
  فلذلك ورد في بعض الأحاديث:

 

(( إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب ))

 

[ أخرجه الطبراني عن عطاء بن أبي رباح ]

  أحدهم مدح أخاه أمام رسول الله، قال له: ويحك قطعت عنق صاحبك

(( أنتَ سَيدنا ؟ فقال: السيد الله ))

النبي الكريم ربى أصحابه على الطاعة و العمل لله :

 كلكم يذكر أنه حينما انتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى ماذا قال الصديق ؟ قال قولاً يلفت النظر، قال: من كان يعبد محمداً (هكذا فقط) وأنا أعتقد أنه ما على وجه الأرض إنسان يحب إنساناً كما أحب الصديق رسول الله ولكنه كان موحداً.
 أيها الأخوة الكرام، سيدنا خالد وهو في قمة نجاحه، قائد جيوش المسلمين عزله سيدنا عمر، لمَ ؟ لا أحد يعلم، وهو قائد الجيوش رجع جندياً في بعض المعارك وتسلم القيادة أبو عبيدة الجراح، لما جاء إلى المدينة، سأل سيدنا عمر، يا أمير المؤمنين لمَ عزلتني ؟ قال: والله إني أحبك، قال: لمَ عزلتني ؟ قال: والله إني أحبك، قال: لمَ عزلتني ؟ فقال سيدنا عمر: والله ما عزلتك يا بن الوليد إلا مخافة أن يفتتن الناس بك لكثرة ما أبليت في سبيل الله، هناك رواية أخرى:
  أن سيدنا عمر جاءه جندي من جنود خالد، فقال هذا الجندي: إن معركة فيها خالد لا يمكن أن تُهزم، فخاف عليهم من الشرك الخفي، خاف عليهم أن يتوهموا أن الناصر هو خالد، أراد أن يعزله، و ينتصروا بعد عزله، لأن الناصر هو الله.
  وفي هذه الرواية الثانية جاء من يهمس في أذن سيدنا خالد، أنك قائد الجيوش، وأن القوة بيدك، وأن الجيش بيدك، اذهب إلى المدينة واعزل عمر، وتولى مكانه قال: والله ما كنت لأفعل، لأنني جندي لله، وسواء أكنت قائد أو جندياً الأمر عندي سيان.
 هكذا ربى النبي أصحابه، رباهم على الطاعة، رباهم أن يضعوا حظوظهم تحت أقدامهم، رباهم أن يعملوا لله.

من تذلل لله رفعه:  على كلٍ هذا الصحابي قال:

(( قال أبي: انطلقتُ في وفَدِ بني عامر إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا: أنتَ سَيدنا ؟ فقال: السيد الله، قلنا: وأفضلُنا فَضلا، وأعظمُنا طَوْلا، فقال: قولوا بقولكم، أو بعض قولكم، ولا يَستَجْرِيَنَّكم الشيَطان ))

[ أخرجه أبو داود عن عبد الله بن الشخير ]

 أيها الأخوة، خطيب خطب أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ما شاء الله وشئت، قال النبي الكريم: بئس الخطيب أنت، قل ما شاء الله كان، وما لم يشاء لم يكن جعلتني لله نداً ؟!.
 أخوانا الكرام، كلما تذللت لله رفعك الله، كلما كنت عبداً له أعزك الله، كلما مرغت وجهك في أعتابه رفعك الله، وأنا لا أعتقد أنه على وجه الأرض إنسان رفعه الله كما رفع رسول الله، هل يعقل أن يقسم خالق السماوات والأرض بعمر إنسان ؟ لقد أقسم الله بعمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:

﴿ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾

( سورة الحجر )

عدم مخاطبة الله عز وجل النبي الكريم باسمه مباشرة بل ورد اسمه مخبراً عنه:

 ما خاطب الله النبي باسمه إطلاقاً.

﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ ﴾

( سورة الأحزاب الآية: 59 )

﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ﴾

( سورة المائدة الآية: 67 )

 ما خاطبه باسمه إطلاقاً، بينما خاطب الأنبياء:

﴿ يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ﴾

( سورة مريم الآية: 12 )

﴿ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي ﴾

( سورة المائدة الآية: 116 )

  ما خاطب الله نبيه باسمه مباشرة بل ورد اسمه مخبراً عنه:

﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ﴾

( سورة الفتح الآية: 29 )

 أما الخطاب يتميز النبي عليه الصلاة والسلام بأن الله خاطبه بالنبوة والرسالة.

النبي بشر تجري عليه كل خصائص البشر لذلك فهو سيد البشر:   

 فيا أيها الأخوة الكرام، أن نعرف قدر النبي صلى الله عليه وسلم لا يعني أن نرفعه فوق بشريته.

(( إنما أنا بشر، أرضى كما يرْضى البشر، وأغْضَبُ كما يغضب البشر ))

[ أخرجه مسلم عن أنس بن مالك ]

 ولولا أن النبي بشر، تجري عليه كل خصائص البشر، لما كان سيد البشر هو بشر قال:

 

(( لقد أُخِفْتُ في الله ما لم يُخَفْ أَحدٌ، وأُوذِيت في الله ما لم يُؤذَ أحد، ولقد أتى عليَّ ثلاثون من يوم وليلة، ومالي ولبلال طعامٌ إِلا شيء يُواريه إِبطُ بلال ))

 

[أخرجه الترمذي عن أنس بن مالك ]

  مرة ثانية: لولا أنه بشر يشتهي كما نشتهي، ويخاف كما نخاف، ويتمنى كما نتمنى، ويطلب السلامة كما نطلبها، لولا أنه بشر، تجري عليه كل خصائص البشر، لما كان سيد البشر.

 

 

الحكمة من الهامش الاجتهادي الضيق الذي سمح الله به للنبي الكريم:

 لماذا سمح الله للنبي الكريم بهامش محدود جداً، ضيق جداً أن يجتهد ؟ فإذا اجتهد وأصاب أقره الوحي على اجتهاده، وإن كان الأولى بخلاف ما اجتهد الوحي صحح له هذا الاجتهاد.

﴿ عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ ﴾

( سورة التوبة الآية: 43 )

﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى ﴾

( سورة عبس )

  لماذا ؟ أليس من الممكن أن لا يدع له هذا الهامش إطلاقاً ؟ قال بعض العلماء: هذا الهامش الاجتهادي الضيق جداً الذي سمح الله له به من أجل أن يكون هناك فرق بين مقام الألوهية، ومقام النبوة، هذا من حكمة الله عز وجل.

﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ﴾

( سورة الكهف الآية: 110 )

 ولولا أنه بشر لما كان قدوة لنا، لأنه انتصر على بشريته، ولحكمة بالغةٍ بالغة في كل عصر، وفي كل مصر، هناك أناس من بني البشر ينتصرون على بشريتهم ويكونون حجة على غيرهم، في هذا العصر، في عصر الفساد، في عصر التفلت، في عصر يصدق فيه الكاذب، ويكذب فيه الصادق، في عصر يؤتمن الخائن، ويخون الأمين في عصر القابض على دينه كالقابض على الجمر، في عصر:

 

(( يكون الولد غيظاً والمطر قيظاً وتفيض اللئام فيضاً ويغيض الكرام غيضاً ))

 

[ أخرجه الطبراني عن عائشة أم المؤمنين ]

 في عصر يوسد الأمر إلى غير أهله، في عصر تعد الفضائل مغرماً، والنقائص مغنماً، في هذا العصر لابدّ من أن تجد إنساناً انتصر على بشريته، واستقام على أمر ربه وركل الدنيا بقدمه.

من تواضع لله رفعه و من تكبر وضعه :

 أيها الأخوة ، لمَ لا يكون أحدنا شيئاً مذكوراً ؟ لمَ لا يكون أحدنا بطلاً ؟ لمَ لا ينتصر على بشريته ؟ فالنبي عليه الصلاة والسلام كان بشراً لكنه كان سيد البشر، كان بشراً لكنه أحبّ الله حباً تفوق بهذا الحب، حتى صار سيد الأنبياء والمرسلين.
 إذاً العلاقة عكسية، كلما تواضعت لله رفعك، وكلما تكبرت وضعك، كلما قلت الله تولاك الله، فإذا قلت أنا تخلى عنك.
 الصحابة الكرام في بدر قالوا الله، افتقروا إلى الله، تذللوا إلى الله فانتصروا.

﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ﴾

( سورة آل عمران الآية: 123 )

  أما في حنين اعتدوا بقوتهم، اعتدوا بعددهم، فقال قائلهم: (وهم الصحابة الكرام وفيهم سيد الأنام):

 

(( ولن يُغْلَبَ اثنا عَشَرَ ألفا مِنْ قِلَّةٍ ))

 

[أخرجه أبو داود والترمذي عن عبد الله بن عباس ]

 فلم ينتصروا، قال تعالى:

 

﴿ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ﴾

( سورة التوبة )

من هان أمر الله عليه هان على الله:

 إخوانا الكرام، المسلمون في أشد الحاجة إلى هذا الدرس، تقول الله يتولاك الله ، تقول أنا بخبرتي، بقوتي، بجماعتي، بأسرتي، بمالي، بسطوتي، بسلطتي، بمنصبي ، تقول أنا يتخلى الله عنك، إن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:

(( إن الله تبارك وتعالى اختارني واختار بي أصحابا ))

[ أخرجه الحاكم عن عويم بن ساعدة ]

  هو قمة البشر وأصحابه نخبة البشر، ومع ذلك في أُحد لم ينتصروا، لأنهم عصوا، فلو انتصروا لسقطت طاعة رسول الله، وفي حنين لم ينتصروا لأنهم وقعوا في شرك خفي.

 

(( ولن يُغْلَبَ اثنا عَشَرَ ألفا مِنْ قِلَّةٍ ))

 

[أخرجه أبو داود والترمذي عن عبد الله بن عباس ]

 فلم ينتصروا، ولو أنهم انتصروا لسقط التوحيد، فإذا عامل الله أصحاب رسول الله الذين بذلوا الغالي والرخيص، والنفس والنفيس، إذا عامل الله أصحاب رسول الله، وهم قمم في مجتمعاتهم هكذا، نحن لماذا نطمع أن يأتينا النصر على طبق من ذهب، ونحن غارقون في المعاصي والآثام ؟ لماذا نطمع ؟ والله طمعنا سذاجة، طمعنا جهل كبير.

﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ﴾

( سورة محمد )

 هان أمر الله على الناس فهانوا على الله، لذلك العلاقة عكسية، كلما تذللت لله رفعك، ما الذي يمنعك أن قول في السجود يا رب أنت ربنا، ورب كل شيء، يا رب نحن بك، أنت القوي يا رب، أنت الغفور، أنت الرحيم، تذلل لله.

 

السيادة المطلقة لله لأن السيد الحقيقي هو الله:

 السيادة المطلقة لله، لكن السيادة النسبية لم تنفع من مخلوق، الله عز وجل عليم وهناك إنسان عالم، لكن علم الإنسان شيء، وعلم الله شيء آخر، تقل السيد فلان، ما في مشكلة، سيادة نسبية، تفوق الإنسان.

(( واللهُ وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ ))

[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن أبي هريرة ]

 تفوق، كان كريماً، أخلاقياً، عمله طيباً، ضحى بالغالي والرخيص، والنفس والنفيس، له سيادة نسبية، النبي قال: قوموا لسيدكم (سيدنا سعد)، يعني الإنسان يتفوق لكن السيد الحقيقي هو الله، السيادة المطلقة لله، "السيد" هو الله، "السيد" حقيقة هو الله، هو الرب، هو المالك، مالك كل شيء، مالك السماوات والأرض، الخلق كلهم عبيده، فالسيادة المطلقة عدا الحقيقية لا تكون إلا لله.

 

 

الله تعالى سمح لذاته العلية أن توازن مع مخلوقاته كي تعرف من هو الله:

 الخلق كلهم عبيده، الإنسان سيد سيادة مقيدة، نسبية، بل مجازية، للتقريب حينما قال الله عز وجل:

﴿ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴾

( سورة المؤمنون )

 هل هناك خالق إلا الله ؟ أما الإنسان إذا صنع شيئاً، إذا صنع شيئاً من كل شيء على مثال سابق الله عز وجل سماه مجازاً خالقاً، لكن الله خالق السماوات والأرض صنع كل شيء من لا شي، وعلى غير مثال سابق، وهو الخالق، أما إذا قال الله عز وجل:

﴿ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴾

 أن يوصف الإنسان خالقاً مجازاً، هكذا بالآية الكريمة.

﴿ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ ﴾

( سورة الأنعام )

﴿ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ﴾

( سورة الأنبياء )

 أي سمح لذاته العلية أن توازن مع مخلوقاته، كي تعرف من هو الله.

 

كل مخلوق مهما كان قوياً عبد لله:  أيها الأخوة الكرام، الآية الكريمة التي تؤكد هذه السيادة المطلقة "السيد" الله:

﴿ إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً ﴾

( سورة مريم )

 كل مخلوق مهما كان قوياً، ولو كان ملحداً، ولو كان كافراً، هو عبد لله، هو عبد القهر، الإنسان كل قوته، وهيمنته، وقوة شخصيته، وأمواله المنقولة، والغير منقولة، ومنصبه منوط بضربات قلبه، فإذا توقف القلب لسبب أو آخر أصبح خبراً على الجدران، المرحوم فلان، كل قوته، وهيمنته، وكل حجمه المالي، وكل رفعة منصبه، منوط بقطر شريانه التاجي، فإذا ضاق هذا الشريان دخل في متاعب كبيرة جداً، كل هذه المكانة ، والقدرة، والهيمنة، والعظمة المتوهمة منوطة بنمو خلاياه، فإذا نمت نمواً عشوائياً انتهت حباته، حتى هذه اللحظة ليس هناك علاج للورم الخبيث، يصيب كل الأعمار، يصيب معظم الناس، هذا المرض تحدى بني البشر.

 

عبد القهر و عبد الشكر:  لذلك هناك عبد جمعه عبيد، هناك عبد القهر الذي جمع هذا العبد عبيد.

﴿ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾

( سورة فصلت )

  وهناك عبد الشكر، هذا العبد الصالح، الذي عرف الله عز وجل، الذي تفكر في خلق السماوات والأرض فعرف الله، هذا العبد الصالح الذي خضع لله، هذا العبد الصالح الذي أحبّ الله، هذا العبد الصالح الذي شكر الله، هو عبد، لكن جمعه عباد.

﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ ﴾

( سورة الفرقان الآية: 63 )

﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ﴾

( سورة الحجر الآية: 42 )

  فرق كبير بين أن تكون في قبة الله، وفي أية لحظة تنتهي الحياة، في أية لحظة يتوقف القلب، في أية لحظة سكتة دماغية، في أي لحظة احتشاء قلب، في أي لحظة حادث سير، بين أن تكون عبداً في قبضة الله، هذا عبد القهر، وبين أن تكون عبداً لله عرفته وأطعته، وتقربت إليه، وأحببته فرق كبير جداً.
  لذلك العلماء قالوا: هناك عبد القهر، وهناك عبد الشكر.

 

(( يا محمد إن الله يخيرك بين أن تكون نبياً عبداً أو نبياً ملكاً ؟ فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جبريل عليه السلام كالمستشير، فأومأ إليه: أن تواضع. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل نبياً عبداً ))

 

[أخرجه الطبراني عن عبد الله بن عباس ]

 أجوع يوماً فأذكره، وأشبع يوماً فأشكره.

 

الله عز وجل مع كل الخلق :

 لذلك ننتقل إلى شيء مناسب جداً ننتقل إلى شيء مناسب جداً: المعية، حينما قال الله عز وجل:

﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ ﴾

( سورة الحديد الآية: 4 )

  مع كل الخلق، مع المؤمن والكافر، مع الصالح والطالح، مع القريب والبعيد

﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ ﴾

  أي معكم بعلمه.

الله تعالى مع المؤمنين بالنصر و التأييد و الحفظ بشرط طاعتهم له:  أيها الأخوة، لكن هناك معية خاصة، المعية العامة الله مع كل البشر، مع الكفار مع المؤمنين، مع الملحدين، مع الطائعين، مع العصاة، مع الفجار، مع أعدائه، بعلمه وفي قبضته، لكنه مع المؤمنين معية خاصة، معهم بالتوفيق، معهم بالنصر، معهم بالتأييد معهم بالحفظ، إذا قال الله عز وجل :

﴿ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾

( سورة الأنفال )

 معهم بالتوفيق، معهم بالتأييد، معهم بالنصر، لكن هذه المعية مقيدة، لها ثمن باهظ.

﴿ وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً ﴾

( سورة المائدة الآية: 12 )

 أنا معكم بثمن، الثمن الطاعة.

﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ﴾

( سورة محمد الآية: 7 )

 فالنصر، والـتأييد، والتوفيق، والحفظ، هذه لها ثمن أن تكون مطيعاً لله عز وجل .

 

الله تعالى يحب التفوق و يحب أن يكون الإنسان متميزاً بين بني البشر:

 أيها الأخوة، إن لم تكن عبداً لله، إن لم تكن عبداً لله فأنت شئت أم أبيت عبد لعبد لئيم، ومسافة كبيرة جداً بين أن تكون عبداً، ومن كان عبد لله فهو حر، وبين أن تكون عبداً لعبد لئيم، يتفنن بإذلالك، يتفنن في التخلي عنك، يتفنن في قهرك، إما أن تكون عبداً لله، أو أن تكون عبداً لعبد لئيم.
  سيدنا إبراهيم قال:

﴿ قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ * الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ * رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ * وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ * وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ ﴾

( سورة الشعراء )

 أيها الأخوة الكرام، "السيد" الله، هو "السيد" مطلقاً، وإذا قلنا فلان سيد مجازاً شيء محدود، في مهمة محدودة جداً، سيد نسبي، والله عز وجل يحب التفوق، يحب أن تكون متميزاً بين بني البشر.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور