- أحاديث رمضان / ٠09رمضان 1423هـ - أحاديث قدسية وأدعية
- /
- 1- رمضان 1423 - أحاديث قدسية
الصلاة على النبي :
أيها الأخوة الكرام، من توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم أن عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية.
والحديث القدسي الذي أخرجه النسائي في سننه:
((عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ ذَاتَ يَوْمٍ وَالْبُشْرَى فِي وَجْهِهِ فَقُلْنَا: إِنَّا لَنَرَى الْبُشْرَى فِي وَجْهِكَ؟ فَقَالَ: إِنَّهُ أَتَانِي الْمَلَكُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ رَبَّكَ يَقُولُ أَمَا يُرْضِيكَ أَنَّهُ لا يُصَلِّي عَلَيْكَ أَحَدٌ إِلا صَلَّيْتُ عَلَيْهِ عَشْرًا ولا يُسَلِّمُ عَلَيْكَ أَحَدٌ إِلا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ عَشْرًا ))
هذا الحديث القدسي أيها الأخوة ينقلنا إلى موضوع الصلاة على النبي، وأصل هذه الصلاة في القرآن الكريم:
﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾
أيها الأخوة، يوجد بالدين أفكار، عقائد، تصورات، نصوص، هذه ينبغي أن نستوعبها، وأن نتمكن منها، وأن نفهمها، وأن نعتقدها، وأن نتبناها، لكن يوجد بالإسلام أحوال لو بقيتم على الحال التي أنتم عليها عندي -كما قال عليه الصلاة والسلام- لصافحتكم الملائكة ولزارتكم في بيوتكم.
والذي أتصوره أن الذي يشدك إلى الدين هذه الأحوال التي تملأ جوانحك، هذا السرور، هذا البشر، هذا الشعور أن الله يحبك، هذا الشعور بالتفاؤل، هذا الشعور أن الله لا يتخلى عنك، ألم يقل الصحابي الجليل حنظلة: نكون مع رسول الله ونحن والجنة كهاتين فإذا عافسنا الأهل ننسى.
أيّ إنسان اتصل بالنبي الكريم أخذ من تجليات الله القدر الأكبر على قدر محبته :
أيها الأخوة، قضية يغفل عنها معظم الناس أنك إذا صاحبت مؤمناً، إذا اخترت مؤمناً راقياً، قريباً، موصولاً بالله، وصاحبته فضلاً على الحقائق التي تتعلمها منه إنك تشتق من أحواله الطيبة مع الله أحوالاً تسعدك، أي بشكل أو بآخر هذا معنى الصلاة التي وردت في هذه الآية، لو أنك مع رسول الله، واقتربت منه، وعشت معه، وتأملت في أخلاقه، تأملت في أحواله، تأملت في شمائله، لاشك أنك تتعلق به، وإذا تعلقت به ارتقت نفسك، هذا شيء آخر غير العلم، لذلك قال بعض علماء القلوب: لا تصاحب من لا ينهض بك إلى الله حاله، ويدلك على الله مقاله.
وأنا متأكد أيها الأخوة، أنك حينما تدخل بيتاً من بيوت الله، أو حينما تدخل بيت الله الذي ألفته، وتجلس في حلق الذكر، تشعر براحة، هذه الراحة - غير المعلومات التي طرحت، والتي فهمتها- راحة نفسية، هذا من فوائد الذكر، للتقريب النبي عليه الصلاة والسلام مهبط تجليات الله، قال تعالى:
﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ﴾
مهبط تجليات الله فأي إنسان اتصل بهذا النبي الكريم أخذ من تجليات الله القدر الأكبر على قدر محبته، وعلى قدر الاتصال به، وعلى قدر تصديقه يأخذ، هذا ينسحب أيضاً على من ينوبون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في إبلاغ الحق للناس، فحينما تكون مع الجماعة تشعر بسعادة:
(( مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ....))
الله وملائكته يصلون على النبي بالرحمات والتجليات والأنوار والسكينة :
إذاً معنى الآية إن الله وملائكته يصلون على النبي بالرحمات، بالتجليات، بالأنوار، بالسكينة، بالسعادة، يا أيها الذين آمنوا إن أردتم هذه الرحمة فكونوا مع الصادقين، قال تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾
أنت حينما تنتمي إلى المؤمنين تكون معهم، هناك شيء غير أفكارك التي تستقيها منهم، غير معتقداتك التي تأخذها منهم، غير التصورات الرائعة التي في القرآن والسنة التي تشتقها منهم، هناك حال تشعر به معهم، هذا الحال هو امتزاج نفوسهم، فالنفس الأقوى تأخذ بالأضعف، الأقرب إلى الله يأخذ بيد من تعلق به، من هنا قال عليه الصلاة والسلام:
((اللهم لا تجعل لي خيراً على يد كافر أو منافق))
لماذا؟ إن جاءك الخير منه، وتعلقت به، اشتبكت نفسك بنفسه، فمَسَّك من أحواله، والدليل قوله تعالى:
﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ﴾
إن ركنت إلى ظالم، إن أحببته، إن أعجبك بيته، إن أعجبك منطقه، إن أعجبتك مركبته، إن أعجبك دماثته، ركنت إليه، مستك النار:
﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ﴾
المؤمن يلزم بيوت الله و يلزم المؤمنين ويشتق من أخلاقهم :
لذلك المؤمن يلزم بيوت الله، يلزم المؤمنين، هو معهم، يحبهم، يتعامل معهم، يصغي إليهم، يشتق من أخلاقهم، هذا معنى قوله تعالى:
﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾
أي كونوا مع المؤمنين، اتقوا الله وكونوا مع الصادقين، إن كنت مع الصادق فضلاً عن الحقائق التي عرفتها من خلال لقائك به، هناك أحوال أنت في أمس الحاجة إليها، الناس حينما أغفلوا هذه الصحبة وقعوا في حالة اسمها التصحر، أفكار دقيقة جداً أما القلب فمتصحر، عين لا تدمع، قلب لا يخشع، أذن لا تسمع، هناك أفكار لكن لا يوجد حب، والحب شطر الإسلام، والمؤمن من دون حب جثة هامدة، إسلام من دون حب ثقافة، عادات، تقاليد، تراث، فلكلور، والإسلام من دون حب يمل بالكلمة الصريحة يمل، إسلام من دون حب تتناقص فيه الاتصالات، صادق أخاً أقوى منك في الدين، صادق أخاً موصولاً برب العالمين، صادق أخاً محباً لسيد المرسلين، إن محبته لهذا السيد العظيم قد تنتقل إليك، والدليل: المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل.
اجلس أنت مع أناس معينين، تشتهي أن تكون مثلهم، تقلدهم، تحب منهجهم في الحياة، اجلس مع أناس آخرين تشتهي أن تكون مثلهم، فإذا كنت مع المؤمنين تشتهي أن تكون مؤمناً:
((عليكم بالجماعة، وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية ))
النبي عليه الصلاة و السلام مهبط لتجليات الله عز وجل :
ينبغي أن يكون لك مسجد، ينبغي أن يكون لك مرجع، ينبغي أن يكون لك قدوة، ينبغي أن يكون لك مرشد، معلم، ينبغي أن يكون لك قلب تؤوي إليه، هذا الحب في الله هو عين التوحيد، ينبغي أن تحب المؤمنين، ينبغي أن تحب الصادقين، ينبغي أن تحب أولياء الله العاملين، إن أحببتهم ارتقيت إلى أحوالهم، إن أحببتهم اشتققت من أحوالهم أحوالاً تسعدك، هذا كله من قوله تعالى:
﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾
للتوضيح أكثر كيف أن هناك محطة كهربائية تأتيها التيارات العالية جداً، عشرون ألف فولت، و كيف أن هذه المحطة توزع على الناس الكهرباء، فكأن النبي عليه الصلاة و السلام بشكل أو بآخر مهبط لتجليات الله عز وجل، كل من أحبه، كل من أحب من أحبه، كل من قدّره، كل من قدّر من قدّره، كل من أطاع سنته، كل من أطاع من أطاع سنته، يأخذ من هذا الفضل، و هذا الفيض، و هذا النور، و هذه السكينة، و هذا التوفيق، و هذا التأييد، الله يحبنا جماعة لا يحبنا متفرقين:
(( يد الله مع على الجماعة من شذّ شذ في النار ))
الله يحبنا مجموعة متعاونة، ألم يقل النبي عليه الصلاة والسلام:
((قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: الْمُتَحَابُّونَ فِي جَلَالِي لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ يَغْبِطُهُمْ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ))
فالحديث القدسي الذي أخرجه النسائي في سننه:
((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ ذَاتَ يَوْمٍ وَالْبُشْرَى فِي وَجْهِهِ فَقُلْنَا إِنَّا لَنَرَى الْبُشْرَى فِي وَجْهِكَ فَقَالَ إِنَّهُ أَتَانِي الْمَلَكُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ رَبَّكَ يَقُولُ أَمَا يُرْضِيكَ أَنَّهُ لا يُصَلِّي عَلَيْكَ أَحَدٌ إِلا صَلَّيْتُ عَلَيْهِ عَشْرًا ولا يُسَلِّمُ عَلَيْكَ أَحَدٌ إِلا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ عَشْرًا ))