- قصص و روائع و مقتطفات و ومضات
- /
- ٠10قصص واقعية
الصلح مع الله .
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، وعلى صحابته الغر الميامين.أيها الإخوة الكرام، مرة عقب أحد الدروس التقيت مع إنسان شاب، قال لي: أنا مهندس خُيوط درست في رومانيا، وأنا موظف في معمل كبير في دمشق، لكنني أُصاب بالصرع، إما في مركبتي، وهذا خطر كبير، أو في السيارة العامة، أو في الطريق، أو في مكتبي، أو في البيت، وفي اليوم، أو في الأسبوع عدة مرات، من ثلاث مرات إلى خمس مرات، قال لي: أنا أكاد أسحق، لماذا أنا كذلك ؟ طبعاً استقر في ذهني أن الصرع أذية في الدماغ، ومرض عضال، لكنه أراد جواباً غير هذا الجواب، لماذا أنا كذلك ؟ لماذا يفعل الله بنا هذا ؟ فالتقيت به في البيت، وشرحت له، لكنني قلت له: الله عز وجل يقول:
﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ ﴾
فأصغى إلي إصغاء يفوق حد الخيال، قال: ما معنى هذا الكلام ؟ قلت: مستحيل وألف ألف مستحيل أن يسوق الله لعبد شيئاً يزعجه، أو يؤلمه، ما دام مستقيماً على أمره، والدليل هذه الآية:
﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ ﴾
لذلك بعد هذا الكلام اهتم اهتماماً كبيراً، وأخرج من جيبه ورقة، وبدأ يكتب، قال لي: ماذا تأمرني أن أفعل ؟
ذكرت له أداء الصلوات بأوقاتها، غض البصر، ضبط اللسان، ضبط العين، ضبط الأذن، ذكرت له فيما أذكر قريبا من أربعين بندا، كتبها كلها، من شدة ألمه من هذا المرض، هذا المرض كاد يحطمه، والله بعد أن خرج شعرت أنني تورطت، كيف تورطت ؟ لعلها أذية لا تُشفى، أنا وعدته أنه إذا استقام على أمر الله تزول هذه الأذية، وكان لي درس يوم الجمعة، وفي أول جمعة له يأتي ويقول لي: الحمد لله، هذا أول أسبوع في حياتي لم أُصَب بأية نوبة، والله كأنني ملكت الدنيا، قلت: يا رب إن شاء تسلم منه، جاء الأسبوع الثاني وقال لي: أيضاً هذا الأسبوع لم أصب بأية نوبة، أذكر أنه جاء في أسبوع رابع، وأنا لا أصدق ذلك من الفرح ؛ أن الذي ذكرته له مؤيد بكلام الله، الله عز وجل صدق هذا الكلام، وأبعد عنه هذه النوبات، في الأسبوع السادس لم يأتِ إلى الدرس، قلت: لعله جاءته نوبة، والله قلقت أشد القلق، لكن في الأسبوع السابع جاء، قال لي بالضبط: لا تقلق على مبدئك، أنا أخطأت مع الله، في هذا الأسبوع أخطأت، فجائي نوبة في الطريق.معنى ( المؤمن ) أن تأتي وعوده محققة، وتأتي أفعاله مصدقة لوعوده، فإذا وعدك الله بحياة طيبة، وعدك برزق وفير، وعدك بحياة آمنة، وعدك بالسكينة، وعدك بالحكمة، هذه الوعود لزوال الكون أهون على الله من ألاّ تحقق هذه الوعود، لكن إن لم تُحقَّق فنحن السبب، يجب أن نتهم أنفسنا، الله غني عن تعذيبنا، والآية واضحة:
﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيما ﴾