- قصص و روائع و مقتطفات و ومضات
- /
- ٠10قصص واقعية
قصة جليبيب .
رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، اسمه جُليبيب، رجل فقير معدوم، عليه أسمال بالية، جائع البطن، حافي القدمين، مغمور النسب، لا جاه، ولا مال، ولا عشيرة، ليس له بيت يأوي إليه، ولا أثاث، ولا متاع، يشرب من الحياض العامة بكفيه مع الواردين، وينام في المسجد، وسادته ذراعه، وفراشه الأرض، في أقل من هيك ؟ وكان في وجهه دمامة، كمان ما في جمال اطلاقاً ، لكنه صاحب ذكر لربه، وتلاوة لكتاب مولاه، لا يغيب عن الصف الأول في كل الصلوات، ولا في كل الغزوات، ويكثر الجلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم، يعني واحد في الطبقة الدنيا الدنياالدنيا، لا شيء ، لا بيتاً، ولا مأوى، ولا ثياباً، ولا طعاماً، ولا شراباً، لا وسامة، قال له النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ذات يوم :
يا جُليبيب ألا تتزوج؟
فقال : يا رسول الله ومن يزوجني؟ بيكون ما في عقل ،مين يزوجني ، فقال عليه الصلاة والسلام :
أنا أزوجك يا جُليبيب
هنا هذه اللقطة من الصعب أن تصدق، لكن هكذا كان أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، لتعلموا من هم أصحاب النبي، فالتفت جُليبيب إلى الرسول فقال: إذاً تجدُني كاسداً يا رسول الله.. فقال الرسول الكريم:
غير أنك عند الله لست بكاسد
عند الناس كاسد عند الله مالك كاسد، دخل شخص على النبي فقال له:
أهلاً بمن خبرني به جبريل
قال له: أو مثلي؟! قال له:
نعم يا أخي، خامل في الأرض علم في السماء
وكل واحد منكم ولو كان شاباً صغيراً بإمكانه أن يكون علماً في السماء، لأن طاعة الله بين يديه، والطريق إلى الله سالك، اطلب العلم واعمل به. قال له أنا أزوجكجاء في أحد الأيام رجلٌ من الأنصار، قد توفي زوج ابنته، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، يعرضها عليه ليتزوجها، فقال له النبي:
نعم
لما قال له نعم والد الفتاة اختل توازنه من الفرح، صارت ابنته زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن لا أتزوجها أنا، فسأله الأب: لمن يا رسول الله! فقال صلى الله عليه وسلم:
أزوجها جُليبيباً
اللهم صب عليهما الخير صباً، ولا تجعل عيشهما كداً
ثم لم يمض على زواجهما عدة أيام حتى خرج النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه في غزوة، وخرج معه جُليبيب، فلما انتهى القتال اجتمع الناس، وبدؤوا يتفقدون بعضهم بعضاً، فسألهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال:
هل تفقدون من أحد؟
قالوا: نعم يا رسول الله نفقد فلاناً وفلاناً، ونسوا جليبيباً، ليس له مكانة إطلاقاً، فقال صلى الله عليه وسلم:
ولكنني أفتقد جُليبيباً.. فقوموا فالتمسوا خبره،
فقاموا وبحثوا عنه في ساحة القتال، وطلبوه مع القتلى، ثم مشوا فوجدوه في مكان قريب، وقد استشهد، وقف النبي صلى الله عليه وسلم أمام جسده المقطع، ثم قال:
أنت مني وأنا منك،
لاحظوا أن الإسلام ألغى كل هذه الفوارق، لا يوجد أقل منه، قال:
أنت مني وأنا منك،
ثم تربع النبي صلى الله عليه وسلم جالساً بجانب هذا الجسد، ثم حمل هذا الجسد ووضعه على ساعديه، وأمرهم أن يحفروا له قبراً.. قال أنس: فمكثنا والله نحفر القبر وجُليبيب ليس له فراش غير ساعدي النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أنس: فعدنا إلى المدينة وما كادت تنتهي عدة زوجة جليبيب حتى تسابق إليها كبار الصحابة.
هذا هو الامتحان .