وضع داكن
24-04-2025
Logo
مدارج السالكين - الدرس : 016 - الصدق
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
 

منزلة الصدق:


أيها الإخوة المؤمنون؛ مع الدرس السادس عشر من مدارج السالكين.
منزلة اليوم منزلة الصدق، وإذا تحدثنا عن الصدق كمنزلةٍ من منازل مدارج السالكين فيجب أن يخطرَ في بالكم عن هذه الكلمة كلُّ شيء إلا ما يفهمهُ عامّةُ الناس من أنَّ فُلاناً صادقاً إذا تكلّمَ وفقَ الواقع. 
كلمة الصدق في القرآن الكريم أكبر بكثير من أن يأتي كلامكَ مُطابِقاً للواقع، وبعدَ حين إن شاء الله سوف يتضح هذا المعنى جليّاً من خلال بعض الآيات والأحاديث.
 

الآيات التي تتحدث عن الصدق:

 

الآية الأولى: كونوا مع الصادقين:

على كُلٍ لنستعرض الآيات الكريمة التي وردت فيها كلمة الصدق، كلمة الصدق لا أُبالغ إذا قُلت إنَّ كلَّ الدرجات العُلا التي ينالُها المؤمن إنما بسببِ صِدقه، لا أقول أن يكونَ صادقاً في حديثه، بل لهذه الكلمة معنىً أكبر بكثير.
أول آية من آيات هذا الدرس وهي قوله تعالى: 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119)﴾

[ سورة التوبة ]

أي أطيعوا الله، اتقوا الله أطيعوا الله، وربما أراد الله عزّ وجل أن يُبيّن لنا من أجل أن تطيعوه كونوا مع الصادقين، كأنَّ أثرَ المجتمع الذي حولك، أثرُ البيئةِ التي حولك، أثر الأصدقاء، أثرَ الأقرباء، أثر المعارف، أثر الجيران لهم تأثير، فــ: ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله﴾ أطيعوا الله، ومن أجل أن تستطيعوا أن تتقوه ﴿وكونوا مع الصادقين﴾ لابدَّ من أن تكونَ مع صادقٍ، هذا المعنى الأول، يبدو أنَّ الصادق يُعطيكَ من خِبرته ، يعطيك من عِلمه، يعطيكَ من حالِه، يعطيك من قاله، يعطيكَ من أخلاقه، فلابدَّ من أن ترى الدينَ مُجسّداً في شخص، الدين كأفكار، كأخبار، كمعلومات، لا يفعلُ في الإنسان فِعلَ المثل الأعلى، المعلومات والأخبار والآثار لا تحمل على السلوك القويم كما لو رأيتَ بأُمِ عينيكَ إنساناً تعيشُ معه تَمثّلَ هذا الدين، أي موقفٌ واحدٌ أخلاقي يقفه مؤمن له تأثيرٌ كبيرٌ جداً في نفسِ المُتعلّم، لذلك لو أنَّ بالإمكان أن يجريَ التعليم على مستوى الدول العالمية من دون معلّم، عن طريق الكتاب، لوفرنا ألوف ألوف الملايين، ولكن لابدَّ من المُعلّم، ﴿اتقوا الله وكونوا مع الصادقين﴾ .
الإنسان يقول لكَ: أنا مؤمن، وله بيئةٌ سيئة، له أصدقاءُ سوء، له قُرناءُ سوء، له جيرانُ سوء، يقيمُ معهم، وينسجمُ معهم، ويندمج معهم، ويسهرُ معهم، ويُمضي ساعاتٍ طويلة معهم، وهو مُستمتع معهم، وهو مؤمن؟! هذا مستحيل، لابدَّ من حِميّة، لابدَّ من أن تُجري تبديلاً جذريّاً في علاقاتكَ الاجتماعية. 

(( عن أبي سعيد الخدري: لا تُصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامكَ إلا تقي. ))

[ الترمذي: حسن ]

لكَ أن تُقيمَ علاقة عمل مع أيّ إنسان في حدود العمل، تُقدم له ما عندك، يعطيك الثمن بكلامٍ طيب، بسلامٍ، بوداعٍ، بترحيبٍ، بطلاقةِ وجهٍ، أمّا أن تُقيمَ علاقةً حميمةً مع إنسانٍ بعيدٍ عن الله عزّ وجل، ليسَ هذا من الإيمان في شيء، قال تعالى: 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ (13)﴾

[ سورة الممتحنة ]

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51)﴾

[ سورة المائدة ]

إذاً الآية الأولى: ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين﴾ كُن معهم لتأخذ عنهم، لتأخذَ من عِلمهم، لتأخذ من آدابهم، لتأخذَ من أحوالهم، لتأخذ من ورعهم، لتأخذَ من أخلاقهم، لتأخذ من مُثلهم، كُن معهم، راقِبهم، اسألهم، استفتهم، حاوِرهم: ﴿وكونوا مع الصادقين﴾ لذلك:

(( يدُ اللَّهِ مع الجماعَةِ ومن شذَّ شذَّ إلى النَّارِ. ))

[ الشوكاني في نيل الأوطار: حكم المحدث : ثابت ]

(( عن ابن عمر قال: خطبنا عمر بالجابية فقال: يا أيها الناس إني قمت فيكم كمقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا، فقال: أوصيكم بأصحابي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يفشو الكذب حتى يحلف الرجل ولا يستحلف، ويشهد الشاهد ولا يستشهد، ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان، عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة من سرته حسنته وساءته سيئته فذلكم المؤمن. ))

[ تخريج كتاب السنة: حكم المحدث: صحيح ]

(( عليكَ بالجماعةِ فإنَّما يأْكلُ الذِّئبُ منَ الغنمِ القاصيةَ. ))

[ ابن القيم المصدر: الفروسية: حكم المحدث: صحيح ]

هذه أول آية.
 

مرتبة الصّدّيقين هي المرتبة الأولى التي تلي مرتبة النبوة:


قال تعالى:

﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69)﴾

[ سورة النساء ]

﴿الصِّدِّيقِينَ﴾ المرتبة الأولى التي تلي مرتبة النبوة، قال تعالى: 

﴿ مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (75)﴾  

[ سورة المائدة ]

أبو بكر الصّدّيق، المرتبة الأولى التي تلي مرتبة النبوة مرتبة الصّديقيّة، نرجو الله عزّ وجل أن يجعلنا من الصادقين، ﴿وحسنَ أولئكَ رفيقاً﴾ أي أن تكونَ مع الصادقين، خالق الكون يقول لك: ﴿وحَسُنَ أولئكَ رفيقاً﴾ هذا هوَ الرفيق الذي يجب أن تَعضَّ عليه بالنواجذ، هذا الرفيق الذي ينبغي أن تُلازمه: ﴿وحَسُنَ أولئكَ رفيقاً﴾ أنا لا أكتمكم إنَّ الأثرَ الذي يحدث من خلال تعامل الإخوة المؤمنين أثرٌ بليغٌ جداً، أي أخ يتعلّم من أخ الصدق، من أخ آخر الورع، من أخ ثالث الزهد، من أخ رابع الاستقامة، فإذا أنت مجتمعك مجتمع مؤمن، علاقاتك، نُزهاتك، مجالسك، سهراتك، ندواتك، في أفراحك، دائماً كُن مع المؤمنين، ﴿اتقوا الله وكونوا مع الصادقين﴾ . 

الآية الثانية: فلو صدقوا الله لكان خيراً لهم:

آيةٌ ثانية من آيات الصدق، الله سبحانه وتعالى خالق الكون يُخبرنا أننا إذا كُنا صادقين فهوَ خيرٌ لنا، يقول الله عزّ وجل: 

﴿ طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ (21)﴾

[ سورة محمد ]

الخيرُ كله في الصدق، والسوءُ كله في الكذب، ﴿فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ﴾ هل تصدّقون أنَّ أركانَ الإيمان وأركانَ الإسلامِ بمجموعها أساسها الصدقُ؟ إليكم الدليل قال تعالى: 

﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177)﴾

[ سورة البقرة ]

﴿آمنَ بالله واليوم الآخر والملائكةِ والكتاب والنبيينَ﴾ هذه أركانُ الإيمان، ﴿وآتى المالَ على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلينَ وفي الرقاب وأقامَ الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساءِ والضرّاءِ وحينَ البأسِ﴾ أركان الإسلام مع الأخلاق، أركان الإسلام، وأركان الإيمان، والأخلاقيات، والتعامليات، ﴿أولئكَ الذينَ صَدقوا﴾ لأنهم صَدقوا آمنوا، لأنهم صدقوا أسلموا، لأنهم صدقوا تَخلّقوا بأخلاق الإسلام. 
 

معنى الصدق:


إذاً كلمة صِدق تأخذُ معنىً آخر غيرَ المعنى الذي يتبادر إلى أذهان الناس، فُلان صادق؛ أي يتكلّم الصدق، لا، صادِقٌ في طلبه، إمّا أن يُطابِقَ الواقِعُ الخبر، إمّا أن يكونَ كلامُكَ مطابقاً للواقع فأنتَ صادقٌ في لسانك، وإمّا أن يأتيَ عملكَ مُصدّقاً لقولك، هذا صِدقُ السعي، الشيء الخطير أنه إذا لم يكن الإنسان صادقاً فلابدَّ من أن يكونَ كاذباً، كيف؟ قال تعالى: 

﴿ لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (24)﴾

[ سورة الأحزاب ]

من هو َالمُنافق؟ إنسان كذاب، أي يقول ما لا يؤمن، يُعبّرُ عما ليسَ في نفسه، يتزيّنُ بما ليسَ في قلبه، يُظهِر ما لا يُبطن، يُعلن ما لا يُخفي، دائماً بحياته يوجد ازدواجية، له مواقف مُعلنة، مواقف مُبطّنة، له علانية مقبولة، له سريرة ممقوتة، له كلامٌ لينٌ لطيف، وله قلبٌ قاسٍ حقود حسود، إذاً إن لم يكن الإنسان صادقاً فهو منافق، فهو كاذب، والكذبُ والنفاقُ متطابقان تماماً.
 

على الإنسان أن يكون صادق اللسان والحال والقلب والعمل:


أيها الإخوة الأكارم؛ الإيمانُ أساسه الصدق، والنفاقُ أساسه الكذب، مُنافق أي كذّاب، مؤمن أي صادق، صادق مع نفسه، وصادق مع ربه، وصادق مع الناس، أحياناً الإنسان هناك انسجام داخلي فيما بينه وبينَ نفسه، هذا الانسجام الداخلي معناه أنه صادقُ مع نفسه، وأحياناً فيما بينه وبينَ اللهِ العلاقة عامِرة، نقول: صادقٌ مع ربه، فإذا عامل الناسَ باستقامةٍ فهو صادقٌ مع الناس، العبدُ لا ينفعه يوم القيامة ولا يُنجّيه من عذاب النار إلا أن يكونَ صادقاً، قال تعالى: 

﴿ قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119)﴾

[ سورة المائدة ]

ما الذي ينجي العبد من النار؟ أن يكون صادقاً، لا آتي بشيء من عندي، كله من كتاب الله، كلمة الصدق في كتاب الله، في أي الآيات مرت؟ وفي أي الأبعاد جاءت؟ وفي أي المعاني استعملت؟ 
الحقيقة هناك كما يقول بعضُ العُلماء: صِدقٌ في اللسان، وصِدقٌ في العمل، وصِدقٌ في الحال، صادِقُ اللسان يأتي كلامه مُطابِقاً للواقع، صادق العمل يأتي فِعلهُ مطابقاً للسانه، صادِقُ الحال يأتي لسانه مطابقاٌ لِما في قلبه، وما في قلبه مطابق لِما في لسانه، أي لابد من أن تكون صادق اللسان والحال والقلب والعمل، صادقَ اللسانِ، وصادقَ الجوارح، وصادقَ القلب. 

 الصدق ينتهي بالإنسان إلى مرتبة الصدّيقيّة: 


الحقيقة الصدق ينتهي بكَ إلى مرتبة الصدّيقيّة، هناك دليل، هذا الدليل هو قول النبي عليه الصلاة والسلام:

((  عَنْ عبد الله رَضِي اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا، وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا. ))

[ صحيح مسلم ]

إذا إنسان صادق في فِعل الخيرات، الله عزَّ وجل يتولى هِدايته إلى الخير، إذا الإنسان صادق في هداية الخلق، الله عزَّ وجل يتولّى إلهامه الطريقَ المُناسب، والأسلوب المناسب، والعبارة المناسبة، والفِكرة المناسبة، والموقف المناسب، ((إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي)) صادِقٌ في تزويج ابنتك من مؤمن، يهديكَ الله إلى الشاب المؤمن، صادقٌ في إصلاحِ زوجتك، يهديكَ الله إلى الأسلوب المناسب لإصلاحِها، اللهُ الهادي، أنتَ عبدُ الهادي ولستَ هادياً، فإذا صدقتَ مع الله هداكَ الله، صادقٌ في تأسيس عملٍ حلالٍ يُغنيكَ عن سؤال الناس، الله يهديك، صادقٌ في أن تلتقي برجلٍ من أهل الحق، الله يهديكَ إليه، إذا كنتَ صادقاً في معرفة الحقيقة لابدَّ من أن تَصِلَ إليها، إذا كنتَ صادقاً في أن تلتقي بأهل الحق لابدَّ من أن تلتقي بهم، لأنَ الله يهديك عندئذٍ، هذا معنى قوله تعالى: 

﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)﴾

[ سورة العنكبوت ]

أنا حينما أشعر أنَّ الإنسان صادقٌ في طلبِ الحقيقة، واللهِ أشعر أنَّ كلَّ خليةٍ في جسمي تنطق له: أبشر، لابدَّ من أن تعرف الحقيقة المُطلقة، صادقٌ في أن ترى أهلَ الحق، أبشر، لابدَّ من أن تلتقي بهم، صادقٌ في أن تهدي الناسَ إلى الله، لابدَّ من أن يضعكَ الله في هذا المقام، لكنَّ الله عزّ وجل لا يتعاملُ أبداً مع التمنيات، ولا يتعامل أبداً مع الرغبات غير الصادقة، لذلك هناك عقبات، العقبات لإثبات الصِدق.
أي إذا إنسان صادق بحفر بئر مثلاً، يحفر متراً، مترين، خمسة، عشرة، خمسة عشر، لم يجد مياهاً، عشرين، ثلاثين، يقول لك: حفرت ثمانين متراً، ودفعت ثلاثمئة ألف، معناها صادق في البحث عن الماء، هناك شخص ليس مهتماً بالأرض، ولا يُعلّقُ عليها كبيرُ أهميّة، نصحوهُ أن يحفرَ بئراً خمسة أمتار، بعيدة المياه، هناك إنسان:

أخلق بذي الصبرِ أن يحظى بحاجته            ومُدمن القرعِ للأبواب أن يَلِجَا

[ عمرو بن معد يكرب ]

* * *

النملة تُعلِّمنا الصدق، تصعد وتقع وتصعد وتقع وتصعد وتقع، أي أنا أتمنى على الأخ أن يعرف الحقيقة، أنتَ في تعاملكَ مع الله لابدَّ من أن يظهرَ صِدقك، قد تشعر بوحشة أحياناً، قد تشعر بانقباض، قد تشعر بضيق، قد يَقِلّ دخلك، قد يتكاثر الناسُ ضِدك، قد تُوَاجه عقبات، قد تواجه معارضات، قد تواجه تآمرات، قد تواجه خصوماً، قد تواجه حُسّاداً، قد تواجه ضغوطاً من داخل البيت، ضغوط ممن حولك، من جيرانك، من زملائك، ماذا تفعل؟ لا زِلتَ مُصِرّاً على طلب الحق. 
 

الحكمة من الابتلاء:


لذلك ربنا عزّ وجل لابدَّ من أن يمتحنَ المؤمنين، ولو أنَّ فيهم رسول الله، في غزوة الخندق: 

﴿ هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا (11)﴾

[ سورة الأحزاب ]

أين وعود رسول الله تُفتحُ عليكم بلاد قيصر وكسرى؟ أنتَ يا سراقة تضع تاج كسرى على رأسك؟ أنت يا كذا.

(( عن عدي بن حاتم الطائي: قال له: يا عديّ بن حاتم لعله إنما يمنعكَ من دخولٍ في هذا الدين، ما ترى من حاجتهم، وايمُ الله! ليوشكنَّ المال أن يفيضَ فيهم حتى لا يوجد من يأخذهُ، ولعلكَ يا عديَّ بن حاتم إنما يمنعكَ من دخول هذا الدين ما ترى من كثرةِ عدوّهم، وايمُ الله! ليوشكّنَّ أن تسمعَ بالمرأة البابلية تَحُجُ هذا البيتَ على بعيرها لا تخاف، ولعله إنما يمنعكَ من دخول في هذا الدين أنكَ ترى أنَّ المُلكَ والسُلطانَ في غيرهم، وايمُ الله! ليوشكّنَّ أن ترى القصورَ البابليّةَ مُفتحةً للمسلمين. ))

[  ابن كثير | المصدر : البداية والنهاية:  خلاصة حكم المحدث : له شواهد من وجوه أخر ]

وعود رائعة جداً، أي قبائل متناحرة متباغضة في الجزيرة، شظف العيش، وخشونة العيش والحروب، وهؤلاء الضعاف المتخلّفون في مقياس العصر، هؤلاء سيفتحون بلاد قيصر وكِسرى، أي دولة من الدول المتخلّفة جداً الآن نقول لها: أنتِ سوف تنتصرين على دول الشرق والغرب؟ هذا شيء مستحيل، ﴿هُنالكَ ابتليَّ المؤمنون﴾ جاء الأحزاب، ما اجتمعَ في الجزيرة جيشٌ يعدُّ عشرة آلاف مُقاتل، اجتمعوا جميعاً لا على محاربة المسلمين، لا، يا ليت ذلك، لا على غزوهم في عُقرِ دارهم، على استئصالهم من جذورهم، على إبادتهم، ليست حرب الخندق حرباً تقليدية، حرب إبادة، حرب استئصال، واليهود الذين عاهدوا رسول الله نقضوا عهدهم كعادتهم، كُشِفَ ظهره: ﴿هنالكَ ابتليَ المؤمنون وزُلزِلوا زلزالاً شديداً﴾ الإسلام بقي ساعات، ساعات انتهى كله، إلى أن قالَ أحدهم: أيعُدنا صاحبكم أن تُفتحَ علينا بلادُ قيصر وكِسرى وأحدُنا لا يأمن أن يقضي حاجته؟!! ﴿هنالكَ ابتليَ المؤمنون وزُلزِلوا زلزالاً شديداً﴾ هذا يسمونه حديثاً: الفرز، الفرز العلمي، عندك صف مثلاً كلهم وجوه مُقبلة ونشيطة، لكن أجريت امتحاناً، فرزوا، ثلاثون طالباً راسباً، اثنا عشر طالباً نجحوا، اثنان متفوقان، طالب واحد نال الدرجة الأولى، هذا الفرز، فربنا عزّ وجل دائماً يُجري امتحانات، امتحانات مُفاجئة، أنا مؤمن مرتاح، مؤمن ولكَ مكان بالجنة، حجزته من الآن، ومرتاح، والناس كلهم لا يفهمون، فقط أنتَ تفهم، يضعك ربنا بظرف صعب، فإذا أنت لست مؤمناً، تكون مشركاً، تكون في خوف شديد، تقع بالحرام وأنتَ لا تدري: ﴿هنالكَ ابتليَ المؤمنون وزُلزِلوا زلزالاً شديداً﴾ .

﴿ وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (12)﴾

[ سورة الأحزاب ]

كان كله خلط بخلط، باللغة الدارجة كان كله خلط، قال رسول الله وقال قيصر وكِسرى، ﴿مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا﴾ أما:

﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23)﴾

[ سورة الأحزاب ]

هذا مؤمن، عاهد خالق الكون في السرّاء والضرّاء، في الصحة والمرض، في إقبال الدنيا وفي إدبارها، قبلَ الزواج وبعدَ الزواج، في البحبوحة وفي الضيق، في انقباض النفس وفي طلاقة النفس، القلب له أحوال، تمر عليك ساعات تمشي على الأرض كأنكَ طائر من فرحك، مسرور، الله عزّ وجل تجلّى عليك، يمر حين آخر يحجُبُ عنكَ هذا الحال الطيب، تُحسّ بوحشة؛ بانقباض، بسأم، بضجر، بملل، وأنتَ أنت. 

هم الأحبة إن جاروا وإن عَدلوا         فليسَ لي عنهم معدِلٌ وإن عدلوا

واللهِ وإن فتتوا في حُبـهم كبـدي         باقٍ على حُبــهــم راضٍ بما فعلوا

[ عبد الرحيم بن أحمد بن علي البرعي اليماني ]

* * *

هل هذا حالُكَ مع الله؟ يا ربي أنا راضٍ، لكن دائماً كُن محتاطاً، قُل له كما قالَ له النبي الكريم: لكنَّ عافيتكَ أوسعُ لي، لا تكن مُعتداً بنفسك، يا ربي أجرِ لي امتحاناً؟ لا، يا ربي أنا راضٍ بما تفعله، أنا راضٍ بحكمك، أنا راضٍ بقضائك، أنا راضٍ بنصيبي من أيِّ شيء، راضٍ بهذه الزوجة، وراض بهذا العمل، وراضٍ بهذا البيت، وراض بهؤلاء الأولاد، أنا راضٍ، لكنَّ عافيتكَ أوسعُ لي يا رب: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً﴾ إنسان على الفقر مستقيم، على الغِنى لا نعرف، هو بِمنصب متواضع جداً مَلَك، وضعوه مديراً عاماً، لم نعد نستطيع التكلم معه، قبل الزواج رائع، بعد الزواج امتنع عن حضور مجالس العلم، مثلاً، فنحن لا نريد أن نمتحن امتحاناً ونسقط، أي هذه الآية يجب أن تبقى في أذهاننا، ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً﴾ لا يبدل، قال: ((إنَّ الصدقَ يهدي إلى البِر، وإنَّ البِرَّ يهدي إلى الجنة، وإنَّ الرجلَ لَيصدُقُ حتى يُكتبَ عِندَ الله صديّقاً، وإنَّ الكذبَ يهدي إلى الفجور، وإنَّ الفجورَ يهدي إلى النار، وإنَّ الرجلَ لَيكذِبُ حتى يُكتبَ عِندَ اللهِ كذّاباً)) . 

الآية الثالثة: وقل رب أدخلني مدخل صدق:

الآن يوجد عندنا آية دقيقة جداً وخطيرة، يقول الله عزّ وجل: 

﴿ وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا (80)﴾

[ سورة الإسراء ]

ما معنى ﴿أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ﴾ ؟ دخلنا على التجارة، دخلنا على الجامعة، سافرنا، دخلنا على الزواج، دخَلَ الشيء أصبحَ في داخلهِ، قالَ العلماء معنى: ﴿أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ﴾ أن يكونَ هذا الدخولُ إلى هذا الشيء لله، أبتغي به وجه الله، وبالله، أستعينُ بالله، وبأمر الله، أُنفذُ أمره فيه، وأبتغي مرضاة الله، للهِ، وباللهِ، وبأمرِ الله، وابتغاء مرضاة الله.
يجب أن يكونَ زواجكَ هكذا؛ أن تختارَ المرأة الصالحة، وأن تُعاملها كما أمرَ الله، وأن تبتغي من هذا الزواج مرضاة الله عزّ وجل، أسست معملاً، أسست دكاناً، أسست تجارة، تعينت بوظيفة، سافرت بعثة، أيُّ عملٍ تعملهُ يجبُ أن يكونَ لله، وبالله، وبأمر الله، وابتغاءَ مرضاة الله، هذا معنى: ﴿رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ﴾ أما المشكلة أن ربنا قال: ﴿وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ﴾ تجد هذا الإنسان أقدمَ على هذا العمل يبتغي وجه الله، لله، وباللهِ، وبأمرِ اللهِ، وابتغاء مرضاة الله، حينما أصبحَ في داخله، وعلا شأنهُ، أو كَثُرَ ماله، أو اتسعت تجارتهُ، فخرجَ كاذباً، دخلَ صادقاً فخرجَ كاذباً، هُنا المُشكلة، فالبطولة لا في الدخول، في الخروج، البطولة كلّ البطولة في أن تخرج لا في أن تدخل، الدخول سهل، مثل الحرب دخولها سهل جداً، أبسطُ شيء أن تدخلَ الحرب، لكنَّ أصعبَ شيء أن تخرُجَ منها، قد تخرجَ منها مُدمّراً، لذلك القصة تعرفونها، وأقولها لكم كثيراً، سيدنا معاوية رضي الله عنه كانَ يتحادثُ مع عمرو بن العاص، وكان من دُهاة العرب، قال: يا عمرو، ما بلغ من دهائك؟ قالَ: واللهِ ما دخلتُ مُدخلاً إلا أحسنتُ الخروجَ منه، قال: يا عمرو، لستَ بداهية، أمّا أنا واللهِ ما دخلتُ مُدخلاً أحتاجُ أن أخرُجَ منهُ. 
فالآن أقول لكم: الدخول سهل أما الخروج ليسَ بسهل، تجد إنساناً كان فاسقاً تاب، والتحق بجماعة دينية، أول شهر شهرين يغلي غلياناً، يتّقدُ اتّقاداً، يمشي فوقَ الأرض من شِدة الفرح، بعد فترة تجد انطفأ هذا اللهب، وخبا هذا البريق، واتبعَ هواه وانتكس، نحنُ نريد الثبات، نريد الاستمرار، لذلك يقول عليه الصلاة والسلام:

(( عَنْ عَائِشَةَ  : أَنَّهَا قَالَتْ: سُئِلَ النَّبِيُّ ﷺ: أَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: «أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ».))

[ صحيح البخاري ]

احرص على أن تثبت في كلِّ شيء، في الدفع، اجمع واطرح وقسّم واضرب، قل: أنا أتخلى من دخلي عن مئة ليرة في الشهر، هذه المئة ليرة كل شهر على مدى سنتين، ثلاث، أربع، خمس، أفضل مليون مرة من خمسة آلاف مرة واحدة فقط، وبعدها تندم على عدم دفعك، ((أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: «أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ)) لَزِمتَ مجلسَ عِلم اثبت، تأتي أنتَ ابتغاء مرضاة الله، أنتَ تأتي تزور بيتَ الله، لابد من أن يُكرمكَ الله بعلمٍ، بحكمةٍ، بتوفيقٍ في عملك، بطلاقةٍ في لسانك، باتزانٍ في تصرفاتك، ببركةٍ في مالك، في أهلك، في أولادك، أنتَ في ذِمة الله، الإنسان لا يؤثر الدنيا على الآخرة، من آثرَ دُنياه على آخرته خَسِرَهُما معاً، ومن آثرَ آخرته على دُنياه رَبِحَهُما معاً، فهذه الآية خطيرة جداً: ﴿ربي أدخلني مُدخلَ صِدقٍ وأخرجني مُخرجَ صِدقٍ واجعل لي من لَدُنكَ سُلطاناً نصيراً﴾ . 

الآية الرابعة: واجعل لي لسان صدق:

يوجد عندنا شيء آخر سيدنا إبراهيم قال: 

﴿ وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (84)﴾

[ سورة الشعراء ]

يوجد عندنا مُدخل صدق، وعندنّا مُخرج صدق، دخلنا على تجارة استقامة، شركاء حلفوا على كتاب الله؛ لا رِبا، لا فائدة، لا بِضاعة مُحرّمة، لا كذب، لا غش، شيء جميل، اتّسعت هذه التجارة، ونمت، وصار لها فروع، سافروا، دخلوا على فنادق فخمة، دخلوا على متنزهات، على ملاهٍ، دخلوا بصدق لكن ما خرجوا بصدق، ثم تعاملوا مع الفوائد، ثم اختلف وضعهم كليّاً، فنحن عندنا مُدخل صدق وعندنا مُخرج صدق؛ في التجارة، في السفر، في الزواج، في طلب العلم، طالب العلم متواضع معك ليسانس، دكتوراه، لا مانع، لكن بعدما أصبحت بهذا اللقب أصبحتَ إنساناً آخر، أصبحتَ تزدري أُمتكَ الإسلامية، أصبحتَ ترى أنَّ الدين لا يصلحُ لهذا العصر، عاد بشخصية أخرى، هذا دخل أخي أنا أريد أن أُسافر، وأن أدرس، حتى أُصبح دعماً للإسلام، باركَ الله بكَ، مُدخل صدق، لكن عُدتَ إنساناً آخر، عُدتَ إنساناً ترى أن الدين لا جدوى منه، وأنَّ هذه الأمة متخلّفة جداً، هؤلاء هم الأشخاص الراقون، هؤلاء صادقون، يُمضي سنوات وهو يُثني عليهم، ونسي الإيدز، ونسي تبادل الزوجات، ونسي زِنا المحارم، ونسي هذا السقوط المُريع الأخلاقي والاجتماعي، لكن انبهر بجسر، ببناء شامخ، بحديقة، بمواصلات منتظمة، باتصالات، بسيارات فخمة، فعاد إنساناً آخر، هذا دخل مُدخل صدق، ذهب لأخذ الدكتوراه حتى يكون دعماً للمسلمين، عاد ضِدّ المسلمين، هذا دخلَ مُدخلَ صِدقٍ، ولم يخرج مُخرجَ صِدقٍ، يا إخوان؛ البطولة لا في الدخول، في الخروج، البطولة في الثبات، هذه الفورات لا تفرح بها، مرة طالب عِلم التقى بعالم، الطالب مندفع، أحوال وإقبال بكاء، قال له: يا بني، الله يُثبتّك، انزعج، لماذا انزعجت؟ مرّ على رأسه من هذا كثيراً، فورات فورات ثم تجد هموداً هموداً، قال له: الله يُثبّتكَ يا بني، فعلاً البطولة في الثبات، في أن تبدأ بسرعةٍ مستمرة، أو بتسارع، أما تسارع ثمَّ تباطؤ هذا شيء ليسَ في مصلحة المؤمن.
يوجد عندنا لسان صدق، عندنا مُدخل صدق واضح، لله، وبالله، وبأمر الله، وابتغاء مرضاة الله، تجارته، وزواجه، وشهاداته، ومعمله، ونظرته، وحركاته، وسكناته، الآن يوجد عندنا لِسان صدق، يا ترى هذا اللسان يتكلّم عن الحقيقة أم عن الكذب؟ عن الحق أم عن الباطل؟ عن الآخرةِ أم عن الدنيا؟ عن القيم أم عن الشهوات؟ عما يُرضي الله أم عما يُرضي الشيطان؟ أحياناً تجد اللسان مسخراً لخدمة الشيطان، إذا تحدث تحدثَ عن الدنيا، زيّنها للناس، زهّدهم في الآخرة، حببهم في الدنيا، روّجَ لهم المعاصي، يسّرَ عليهم الذنوب، شجعهم على ارتكاب الموبقات، دفعهم إلى الانغماس في الشهوات، هذا لسان كذب، يا ترى هل لكَ لسان صدقٍ أم لسان كذب؟ أُرسل ابني إلى بريطانيا ليدرس اللغة؟ نعم أرسله، ضروري جداً، أنت تعرف ماذا هناك؟ سوف يقيم مع أسرة، وأغلب الظن سيصبح هناك انحراف، سيصبح زنا، سيعود إنساناً آخر، أتقن اللغة الإنكليزية، لكنه فقد دينه كلياً، ابعثه فوراً، مثلاً ابنتي جاءها فُلان لا يوجد مانع، لكن لا يُصلي، غير مهم، لسان كذب؛ ينصحكَ بالانحراف، وبالسقوط، وبالانغماس في الدنيا، ربنا عزّ وجل على لسان سيدنا إبراهيم قال: ﴿واجعل لي لسانَ صِدقٍ في الآخرين﴾ . 

الآية الخامسة: وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق:

الآن قال تعالى:

﴿ أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ (2)﴾

[ سورة يونس ]

يوجد عندنا مُدخل صدق، مُخرج صدق، لسان صدق، وقدم صدق: 

﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (55)﴾

[  سورة القمر ]

أصبح عندنا خمسة أشياء، مُدخل صدق، مُخرج صدق، لسان صدق، قدم صدق، مقعد صدق، مقعد الصدق هو الجنة، ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ*فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِر﴾ أحياناً من باب التقريب يكون المهندس متفوقاً جداً، قدّم لأمته خدمة كبيرة جداً، اكتشف مثلاً ثروة معدنية، رئيس الجمهورية أحبّ أن يُكرمهُ، وضعه بجانبه، طبعاً كلُّ الوزراء شاهدوه أمامهم؛ معززاً، مكرّماً، مبجّلاً، يلتف نحوه، يبتسم في وجهه، يحييه باحترام بالغ، فهذا مقعد صدق عِندَ هذا الإنسان الحاكم، ولله المثلُ الأعلى، أنت مؤمن، لكَ في الجنةِ مقعدُ صدق، لكَ مكانتكَ عندَ الله، لكَ منزلتك، لكَ شأنك، الله عزّ وجل وفي، الله عزّ وجل كريم، شكور، هو الشكور، فأنت في الدنيا خائف، منطلق إلى بيوت الله، منطلق إلى تعلّم العلم، تغضّ بصركَ عن محارم الله، تٌعاكس أهواءك، ميولك، تُنفق من مالك، من وقتك، وبالآخرة: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ*فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِر﴾ بصراحة قال تعالى:

﴿ لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ (61)﴾

[ سورة الصافات ]

﴿ خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26)﴾

[ سورة المطففين ]

هذا هو التنافس الشريف، التنافس في طلب الجنة، التنافس في رِضوان الله عزّ وجل، التنافس في طاعة الله، هذا هو التنافس الذي يُحبه الله عز وجل، أما قدمُ الصدق فَفُسرَ بالجنة، وفُسّرَ بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم، وفُسّرَ بالأعمال الصالحة. 
 

علاقة الحق مع الصدق:


الحقيقة كلمة الحق تلتقي مع الصدق، ما الحق؟ نقول: 

﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85)﴾

[ سورة الحجر ]

الحق الشيء الثابت، والشيء الهادف، شيء ثابت وشيء هادف، شيء خُلِقَ ليبقى، كيف عرفنا هذا المعنى؟ عرفنا هذا المعنى من أضداد الحق، قال عزّ وجل: 

﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (27)﴾

[ سورة ص  ]

خلقناهما بالحق وما خلقناهما باطلاً؛ الباطل الشيء الزائل، الحق الشيء الثابت، خلقنا السماوات والأرض بالحق: 

﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (38)﴾

[ سورة الأنبياء ]

معناها الحق خِلاف الباطل، والحق خِلاف اللعب، اللعب هو أن تعملَ عملاً لا هدفَ منه، صار معنى الحق الشيء الثابت غير الزائل، والهادف غير العابث، ثابت غير زائل هادف غير عابث، الحقّ يلتقي مع الصدق، فالحقُ صدقٌ غير كذب، ودائمٌ غيرُ زائلُ، ونافعٌ غيرُ ضار، نافع ودائم وواقع، الحقيقة الإنسان إذا كان صادقاً، أول ثمار الصدق طمأنينة في القلب، قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه الإمام الترمذي: 

(( عن الحسن بن علي: الصِّدقُ طُمَأنينةٌ، والكَذبُ ريبةٌ.))

[ تخريج مشكل الآثار: حكم المحدث: إسناده صحيح ]

الكذّاب أو المنافق أو الكافر، دائماً في قلق، دائماً في ريب، دائماً في شك.
 

كلمات في الصدق:


الآن بعضُ الكلمات في الصدق، قال بعضُ العلماء: الصدقُ الوفاءُ للهِ بالعمل، أخطر شيء بحياة المؤمن أن يكون حجم كلامه أكبر من حجم عمله، إذا كان حجم عملك أكبر أحسن، تعمل بصمت، أكبر دولة إسلامية الآن تعدّ مئة وخمسين مليوناً أسلمت بلا كلام، بالعمل، إندونيسيا، إذا كان حجم عملك أكبر من حجم كلامك أفضل، أما الحد الأدنى أن يكونَ حجمُ عملك كحجم كلامك، ممكن أن تقرأ حديثاً أن النبي عليه الصلاة والسلام كان:

(( عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي. ))

[ ابن ماجه في سننه: صحيح ]

كان إذا دخل بيته بسّاماً ضحّاكاً، هذا الحديث ممكن أن تقرأه، تحفظه، ،وتحفظ ضبطه، من رواه، الترمذي، البخاري، فلان، في أي كتاب، تجلس على مجلس تتصدر المجلس، تقول: قال عليه الصلاة والسلام، والناس منصرفون إليك، وتدخل للبيت على شِجار، وعلى كلمات قاسية، كل كلامك ليسَ له قيمة، القيمة فقط فيما تفعله في البيت، لا فيما تقوله عندَ الناس، أبداً.
تعريف الصدق، الوفاء لله بالعمل ، الكلامُ كلهُ لا قيمةَ له، الوفاءُ للهِ بالعمل، كانَ في مَهنةِ أهله، هل تفعلُ أنتَ هذا؟ كان إذا دخلَ إلى بيته بسّاماً ضحّاكاً، قالَ: أكرموا النساء، فوالله ما أكرمهنَ إلا كريم، ولا أهانهنَ إلا لئيم، يغلبن كلَّ كريم، ويغلبهنَّ لئيم، وأنا أُحبّ أن أكونَ كريماً مغلوباً من أن أكونَ لئيماً غالباً، هل أنتَ كذلك؟ لذلك أتمنى على كل إخواننا دائماً يدقق،  حجم محفوظاتي، حجم أعمالي، إذا كان هناك فرق كبير مشكلة كبيرة جداً، يجب أن يكونَ حجمُ عملك مبدئياً بحجم أقوالك، أنفِقوا، هل تُنفق أنت؟ غضوا أبصاركم، هل تَغُضّ بصرك؟ كونوا حُلماء يا أخي، هل أنتَ حليم؟ تسامحوا، تتسامح أنت؟ هذه البطولة، أحد تعريفات الصدق أن يأتي فِعلكَ مُطابقاً لقولك، أول كلمة تحدثتها، أن يأتي فعلكَ مُطابقاً لقولك، وقيلَ: الصدق موافقة السرِّ للنطقِ، أن يأتي ما في القلب كما في اللسان، واللهِ يا أخي مشتاقون لك، يا أهلاً وسهلاً، أين أنت؟ أطلت الغياب؟ عندما يذهب ترتاح، الآن رحبت به، وعبّرت عن محبتك له ، وعن شوقكَ، وعن اهتمامك، لايزال في الغرفة، عندما يدير ظهره تتحول، هذا كذب هذا، الصدق موافقة السرِّ للنطقِ.
تعريف ثالث، الصدقُ استواء السرِّ والعلانية.
هناك تعاريف أصعب، قال: الصدقُ القولُ بالحقِّ في مواطن الهلكة، موطن عصيب يمكن أن تُضحي بحريتك أو بحياتك، تقول كلمة الحق ولا تخاف، وعندئذٍ يتولى الله عزّ وجل حِفظكَ وتأييدكَ ونصرك، يروون أن الحجاج بلغه عن الحسن البصري كلاماً لا يحتمل، فجاء بالنِّطع، النطع هو قماش أو مشمع يوضع عليه من تُقطع رقبته حتى الدم لا يؤثر بالأثاث، وجاء بالسياف، وقال: أحضروه، الأمر منته، أحضِروه ليقتله، فلما دخل تمتم الحسن البصري، لمّا دخل على الحجاج رحبَ به، وسلَمَ عليه، وأجلسهُ إلى جانبه، هذا السيّاف صُعق، لماذا دعوته يا سيدي؟ لنضرب عُنُقه، ثم طلب منه الدعاء، وودعه إلى الباب، أنا لا أذكر القصة بتفصيلاتها، إلا أنه سأله: ماذا قلت؟ استعان بالله عزّ وجل، فقالوا: الصدق القول بالحق في مواطن الهلكة. 
أحياناً أنت إذا تكلّمت بالحق تُنقذ إنساناً من هلاك، هناك أشخاص يتهيبون، هذا من الصدق، وقيلَ: كلمة الحق عِندَ من تخافهُ وترجوه، إمّا أنه مُعلّق آمالاً كبيرة عليه، فتكلّمَ كلمة غير صحيحة، بقيت صامتاً، دعها له، لا نريد أن نحزنه، أين الصدق؟ أين النصيحة؟ أينَ الأمر بالمعروف؟ أينَ النهيُ عن المنكر؟ فحينما ترجو إنساناً أو تخافُ منه صار الكلام دقيقاً جداً معه، لابدَّ من أن تقول كلاماً يرضى عنه أو ترضيه به، ليسَ هذا هو الصدق، الصدقُ ألا تخاف في الله لومةَ لائم، ألا تأخذكَ في الله لومة لائم.
 

المنازل كلها أساسها أن تكونَ صادقاً مع الله عزّ وجل:


الجُنيد قال: الصادقُ يتقلّبُ في اليومِ أربعينَ مرة، والمرائي يثبُتُ على حالة واحدة أربعينَ سنة، أنا توقعت أن يكون هناك خطأ مطبعي، ليس معقولاً، بالعكس الكاذب يتقلّب في اليوم أربعين مرة، والصادق يثبُتُ على حالة واحدة أربعينَ سنة، الصواب الأول، الصادقُ يتقلّبُ في اليومِ أربعينَ مرة، والمرائي يثبُتُ على حالة واحدة أربعينَ سنة، المُرائي الشيطان أراحهُ، الشيطان أراح المُرائي، لأنه يُحققُ أهدافَ الشيطان، أما الصادق؛ من صلاة، إلى صدقة، إلى أمر بالمعروف، إلى انقباض، ما السبب؟ إلى انطلاق ما السبب؟ إلى زيارة مريض، من حال إلى حال، من منزلة إلى منزلة، من خوف إلى رجاء، من ثقة برضاء الله إلى قلق، من طُمأنينة إلى حُزن، من سعادة إلى شحوب، شِدةُ صِدقه، وشِدةُ حرصه على رِضوان الله عزّ وجل يجعله في أحوال عديدة جداً، متقلّب تقلّب الصادق. 
إذا طالب لا يدرس إطلاقاً، كُلما سألوه: الحمد لله، جيد، لا يوجد عِنده مُشكلة، لأنه لا يدرس، أما الذي يدرس، هذه النقطة لم يفهمها، يريد أستاذاً، هذه يريد زميلاً، هذه يريد مجموعة، هذه يريد مُلخّصاً، هذه يُريد أن يسأل، ضاج وضوّج الناس، هذا الذي نوى على النجاح، أما الذي لا يقرأ لا يوجد عنده مشكلة، بابا عندك مشكلة؟ كله واضح، معناها لا يقرأ شيئاً أبداً، لو أنه يقرأ لم يكن كل شيء واضحاً، فالكذّاب المرائي يثبُتُ على حالة أربعينَ عاماً، بينما الصادق يتقلّبُ في اليومِ أربعينَ حالاً، يسأل: هذه القطعة كُسرت معي من يدفع ثمنها؟ أنا أم الزبون؟ يسألكَ بعمله، بصلاته، بذكره، بورده، بقيام ليله، بغض بصره، بعلاقته مع زوجته، يُتعُبكَ الصادق، خائف على مكانته عِندَ الله، خائف على استقامته، خائف على دينه، يتقلّب، هذه الصلاة أجادها، لم يُجِدْها، الذكر أجاده، قرأ القرآن، حفظ أم لم يحفظ، هناك حيوية، أما الآخر على حالة واحدة.
أحدهم دهس اثنين، مات الأول والثاني لم يمت، الذي لم يمت يصيح، فقال له: مات ولم يتكلّم، لأنه مات، الشخص الذي لا يوجد عنده مشكلة معناها ميت، قال تعالى: 

﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (21)﴾

[  سورة النحل  ]

أما الحي له سؤال، له جواب، له قضية، له مشكلة، هكذا قالَ الجُنيد، الصادقُ يتقلّبُ في اليومِ أربعينَ مرة، والمرائي يثبُتُ على حالة واحدة أربعينَ سنة. 
على كل الصدقُ منزلةٌ هيَ أمّ المنازل، لا أُبالغ إذا قلت: إنَّ المنازلَ كلها أساسها أن تكونَ صادقاً مع الله عزّ وجل، أي التفت إلى الله ودع الخلقَ جانباً، عكس الصدق الكذب أو الرياء، والرياء من الشرك، وقد قيل: أخوف ما أخاف على أمتي الشرك الخفي، أما إني لست أقول إنكم تعبدون صنماً ولا حجراً، ولكن شهوة خفية، وأعمال لغير الله.
وآخر ما يُقالُ في هذا الدرس: إنَّ الصدقَ يهدي.
 أنت حينما تكون صادقاً مع الله يتولى الله نقلكَ من حالٍ إلى حال، ومن مقامٍ إلى مقام، ومن درجة إلى درجة، ومن طريقة إلى طريقة، ومن فهمٍ إلى فهم، هذا التطوير والرقيّ أساسه الصِدق.
اللهم اجعلنا من الصادقين؛ الذينَ إذا أحسنوا استبشروا وإذا أساؤوا استغفروا.

الملف مدقق

والحمد لله رب العالمين 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

نص الدعاة

إخفاء الصور