الحَمدُ لِلَّه ربِّ العالمينَ، والصّلاة والسّلام على سيِّدنا محمد، الصّادقِ الوَعدِ الأمين، اللهُمَّ لا عِلمَ لنا إلا ما علّمْتَنا، إنّك أنت العليمُ الحكيمُ، اللهمَّ علِّمنا ما ينفعُنا، وانفعْنَا بما علَّمْتَنا، وزِدْنا عِلْماً، وأرِنَا الحقَّ حقًّا وارْزقْنَا اتِّباعه، وأرِنَا الباطِلَ باطلاً وارزُقْنا اجتِنابَه، واجعَلْنا ممَّن يسْتَمِعونَ القَولَ فيَتَّبِعون أحسنَه، وأَدْخِلْنَا برَحمَتِك في عبادِك الصَّالِحين.
أيها الإخوة المؤمنون، مع الدرس السادس والثلاثين من دروس سورة آل عمران، ومع الآية الرابعة والثلاثين بعد المئة، ففي قوله تعالى الذي شُرِح جانب منه في الدرس الماضي:
﴿ وَسَارِعُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ أُعِدَّتۡ لِلۡمُتَّقِينَ (133)﴾
هؤلاء صنفان المتقون والعاملون، المتقون من صفاتهم:
﴿ ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي ٱلسَّرَّآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَٱلۡكَٰظِمِينَ ٱلۡغَيۡظَ وَٱلۡعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِينَ (134)﴾
1 ـ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ
إنفاق المال صعب محالف لطباع النفس:
بدأ الله بالإنفاق لأنه أصعب شيء، قد تحضر مجلس علم، أما حينما تنفق، وقد حبب الله إليك المال، والمال مادة الشهوات، والمال يحل مشكلات كثيرة، أنت حينما أودع الله في قلبك حب المال وكلفك أن تنفق معنى ذلك أنك فعلت شيئاً مهماً.
بدأ الله بالإنفاق، بل إن إنفاق المال أهون بكثير من إنفاق النفس، أكثر الآيات جاهَدوا بأموالهم وأنفسهم، وبدأ الله بالمال، لأنه أهون في إنفاقه، فأهون ألف مرة أن تنفق مالاً من أن تضحي بحياتك، فجعل الله إنفاق المال أولاً، ثم إنفاق النفس ثانياً، إلا في آية واحدة عُكِست الآية، قال تعالى:
﴿ إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَٰلَهُم بِأَنَّ لَهُمُ ٱلْجَنَّةَ ۚ يُقَٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِى ٱلتَّوْرَىٰةِ وَٱلْإِنجِيلِ وَٱلْقُرْءَانِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِۦ مِنَ ٱللَّهِ ۚ فَٱسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ ٱلَّذِى بَايَعْتُم بِهِۦ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ(111)﴾
في معرض البيع القطعي نبدأ بالعقد بكتابة المهم، ثم الأقل أهميةً فهنا ينفقون في السراء والضراء.
وكلمة ينفق كلمة واسعة؛ ينفق ماله، وقد ينفق علمه، وقد ينفق وقته، هناك أشخاص أثمن شيء في حياتهم وقتهم، ينفقون من أوقاتهم، هناك أشخاص أثمن شيء في حياتهم أموالهم ينفقون أموالهم، هناك أشخاص أثمن شيء في حياتهم ماء وجههم فينفقونه في سبيل الله، في خدمة أخ مظلوم، له صديق، وبيده الأمر، يحب أن يبقى معه مترفعاً، ولو ذهبت إلى هذا الإنسان الذي بيده الأمر لحُلَّت مشكلة هذا المؤمن، لكن تحتاج أن تزوره في مكتبه، وأن تسأله عن صحته، وأن تعرض له هذه القضية، هذا يحتاج إلى بذل ماء وجه.
الحقيقة:
﴿ لَن تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَىْءٍۢ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِيمٌ(92)﴾
يجب أن تنفق شيئاً تحبه، يجب أن تنفق شيئاً ثميناً جداً، الحقيقة أن الإنسان يرقى بالإنفاق، ويسلم بالاستقامة، قال تعالى:
﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَٰمُواْ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ ٱلْمَلَٰٓئِكَةُ أَلَّا تَخَافُواْ وَلَا تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِى كُنتُمْ تُوعَدُونَ(30)﴾
بالاستقامة تسلم، لكن بالإنفاق تسعد، وأوضح دليل على ذلك قوله تعالى:
﴿ قُلْ إِنَّمَآ أَنَا۠ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰٓ إِلَىَّ أَنَّمَآ إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَٰحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِۦ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَٰلِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِۦٓ أَحَدًۢا (110)﴾
قد تملك حقيقة، ويأتيك إنسان مؤمن طاهر يسألك عن هذه الحقيقة، هذه تملكها، وتربح منها في مجال التجارة والصناعة، فإذا بذلتها لمؤمن تتوهم أنت أن ربحك سيهبط، لكن المؤمن يبني حياته على البذل، فقد يعطي من أسرار حرفته لمؤمن.
حدثني أخ توفي رحمه الله، كان من إخواننا، عنده محل حلويات، دخل إليه شخص من بلاد بعيدة من أقصى الشمال الشرقي، وليس مسلماً، وقال له: أتعلمني صناعة هذه الحلويات؟ قال له: حباً وكرامة، مباشرةً طبخ طبخةً أمامه، ثم كلفه أن يطبخ طبخةً تجريبية، يقول لي هذا الأخ رحمه الله: ثلاثون عاماً كل عام يأتي هذا الذي علمه صناعة الحلويات من أقصى البلاد ليقدم له هديةً، وشكراً على هذا العمل الطيب.
3 ـ المؤمن يبني حياته على الإنفاق:
إخواننا الكرام، بالمناسبة المؤمن يبني حياته على الإنفاق، قال تعالى:
﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى(5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى(6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى(7)﴾
لأنه صدق بالحسنى، لأنه صدق أنه مخلوق لجنة عرضها السماوات والأرض، لأنه صدق بالحسنى، والحسنى هي الجنة، قال تعالى:
﴿ لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ ۖ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ ۚ أُوْلَٰٓئِكَ أَصْحَٰبُ ٱلْجَنَّةِ ۖ هُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ(26)﴾
ما دام قد صدّق بالحسنى، فهو يتقي أن يعصي الله، وهذه استقامة، وفيها السلامة، لكن لا يكفي، لا بد أن يبني حياته على العطاء، بل إن حجمك عند الله بحجم عطائك، بل إن حجمك عند الله بحجم عملك الصالح، والدليل:
﴿ وَلِكُلٍّۢ دَرَجَٰتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ ۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَٰفِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ(132)﴾
من أنت؟ من أنت عند الله؟ بقدر عملك الصالح، بقدر بَذْلِكَ وعطائك، المؤمن الصادق بنى حياته على العطاء يسعده أن يعطي لا أن يأخذ، يسعده أن يسهر الليل في سبيل الله، يسعده أن ينفق ماله في سبيل الله، يسعده أن ينفق وقته في سبيل الله، يسعده أن ينفق ماء وجهه في سبيل الله.
إخوة كرام يطرقون أبواب التجار ليأخذوا منهم مساعدات للفقراء والمساكين، هذا العمل ليس سهلاً، فيه بذل ماء وجه، فإن كنت لا تفعل هذا فأنت مرتاح، لكنك آثرت بذْلَ ماء الوجه حتى يرضى الله عز وجل.
إخواننا الكرام، حقيقة الإيمان ما إن تستقر في قلب المؤمن حتى تعبر عن ذاتها بعمل، والإسلام حركة، الإسلام عمل، الإسلام بذل وتضحية، ولن يتألق المؤمن إلا بالعمل، لن يتألق المؤمن إلا بخدمة الخلق، وقد ناجى أحدهم ربه قال: يا رب لا يطيب النهار إلا بخدمة عبادك، ولا يطيب الليل إلا بمناجاتك، النهار لا يطيب إلا بخدمة عباده، وجرِّب أن الله عز وجل إذا تفضل عليك؛ قدّر على يديك عملاً صالحاً، توفيق بين زوجين، إكرام يتيم، إطعام مسكين، توفيق بين شخصين، حينما تنفق من حكمتك، ومن ذكائك، ومن علمك، ومن وقتك، ومن مالك، ومن ماء وجهك تسعد، والآية الأساسية: ﴿لَن تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ .
4 ـ لابد من الإنفاق في السراء والضراء:
لكن هناك أناس ينفقون في الرخاء، ليس عنده عمل يذهب إلى المسجد، الوقت شتاء، والليل طويل، والدرس ممتع، أما لأدنى عمل، لأدنى انشغال يلغي الدرس، أما هنا: ﴿ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي ٱلسَّرَّآءِ وَٱلضَّرَّآءِ﴾ ينفق وهو في بحبوحة، وينفق، وهو في ضائقة، هناك أناس ينفقون بسخاء وهم على فراش الموت، انتهى المال عنده، المال لا قيمة له، أن تنفق وأنت صحيح شحيح.
سيدنا الصديق كان ينفق على مِسْطَح، فلما تكلم في ابنته، واتهمها في الزنا أوقف الإنفاق، هو بشر، والبنت غالية جداً، وهي بريئة، فعاتبه الله عز وجل:
﴿ وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُواْ ٱلْفَضْلِ مِنكُمْ وَٱلسَّعَةِ أَن يُؤْتُوٓاْ أُوْلِى ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْمَسَٰكِينَ وَٱلْمُهَٰجِرِينَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ ۖ وَلْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُوٓاْ ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَكُمْ ۗ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(22)﴾
فبكى، وقال: أحب أن يغفر الله لي.
إخواننا الكرام، ما من صفةٍ صارخةٍ واضحةٍ جليّةٍ في حياة المؤمن كالإنفاق، فإنه يسعده أن ينفق، أحياناً تعرض على مؤمن قدّم خدمةً لله أجراً، فكأنك صفعته، ابتغى ذلك عند الله، أراد هذا العمل أن يكون قُربةً لله، أراد من هذا العمل أن يكون وسيلةً إلى الله عز وجل، قال تعالى: ﴿فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِۦ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَٰلِحًا﴾
إذا شكوت جفاف القلب فاعمل عملا صالحا خالصا لله:
بالمناسبة أيها الإخوة، قد يشكو أحد المؤمنين الصادقين فينكر قلبه، يشكو جفافاً في قلبه، يشكو تصحراً في قلبه، يقول: أنا أصلي، وأصوم، وأنا مستقيم، لكن لا يوجد سرور، يتضايق، النصيحة لمثل هذه الحالة: اعمل عملاً صالحاً، اعمل عملاً صالحاً لا تبتغي به إلا وجه الله.
حدثني أخ قال لي: أنا جئت إلى الشام، وكنت في مصيف الساعة الثانية عشر في بلدة من ضواحي دمشق، رأيت رجلاً وامرأته يمسكان بطفل، وهما قلقان جداً، قال لي: أوقفت مركبتي، وسألتهم: ما الأمر؟ وهم نازحون من لبنان في أيام حوادث لبنان، وقد ارتفعت حرارة الطفل إلى الواحد والأربعين، وهم قلقون، قال لي: أخذتهم بسيارتي إلى مستشفى، ثم إلى مكان لتناول الأدوية، وبقيت معهم حتى الساعة الرابعة صباحاً، وأعدتهم إلى بيتهم، أقسم لي بالله أنه خلال عشرة أيام كأنه مغموس في سعادةٍ لا توصف.
كل هؤلاء الخلق عباد الله، فإذا أردت أن تتقرب إلى الله، اخدم عباده، يسرْ لهم أمرهم، خفف عنهم آلامهم، يسر لهم حياتهم، أدخل السرور على قلبهم، طمئنهم، لا تخفهم، لا تبتز أموالهم، لا تحرجهم، لا تستغلهم، لا تتحكم بهم، لا تلقِ في قلبهم الرعب كي يعطوك مالاً، لا تزور لهم الحقائق، تصور أن هؤلاء عباد الله، وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله، المؤمن كله خير، المؤمن حينما يموت تبكي عليه السماوات والأرض، بدليل قوله تعالى أن أهل الكفر:
﴿ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمْ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ(29)﴾
لأنهم استُرِيحَ منهم، أما المؤمن يبكي عليه كل شيء كتلة عطاء، كتلة خير، كتلة نصيحة، كتلة توفيق، كتلة تيسير، كتلة حب، هذا المؤمن لأنه اتصل بالله، ما فيه من كمال من أثر كمال الله، المؤمن محسوب على الله، المؤمن لأنه عرف الله، وأقبل عليه ملَكَ القلوب، والقوي ملَكَ الرقاب، الأقوياء ملكوا الرقاب والأنبياء ملكوا القلوب، وأنت اختر إما أن تكون تابعاً لنبي، فتملك القلوب بكمالك، وإما أن تكون تابعاً لقوي، فتملك الرقاب بقوتك، وشتان بين من يملك الرقاب، وبين من يملك القلوب، من يملك الرقاب يُلعَن في غيبته، ومن يملك القلوب يُدعى له في غيبته، والمِحَك والمقياس الصحيح ما يُقال في غيبتك، لا ما يُقال في حضرتك، هذا هو المقياس.
فهؤلاء ينفقون، ينفق وقته، ماله، علمه، خبرته، حدثني أخ وضع ابنه عند محل إصلاح كي يتعلم هذه الحرفة قال لي: استخدمه لخدمته الشخصية، وحينَ فكِّ المحرك يقول له: اخرج، لا يعلّم علماً لأحد، أما المؤمن فلا يبخل بشيء، ولا يضنّ بشيء، لأنه يعطي فالله عز وجل يعطيه، وكلما أعطى يزداد عطاء الله له، كلما مكّن الناس في أعمالهم مكّنه الله في عمله، كلما أدخل على قلب الناس الطمأنينة طمأنه الله عز وجل، كلما حل مشكلات الناس حل الله مشكلاته، لأن الله عز وجل شكور.
وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ
1 ـ لابد من العفو إن كان يصلِح المذنبَ:
﴿ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي ٱلسَّرَّآءِ وَٱلضَّرَّآءِ﴾ الآن هم بشر، يقول النبي ﷺ :
(( إنما أنا بَشَرٌ أَرْضَى كما يَرْضَى البَشَرُ، وأَغْضَبُ كما يَغْضَبُ البَشَرُ . ))
هناك من يستفزك، هناك من يتجاوز حده معك، هناك من يغيظك، هناك من يقصر في حقك، هناك من يعتدي عليك، هناك من يعتدي على سمعتك، هناك من يطعن بك، موقف المؤمن ﴿وَٱلۡكَٰظِمِينَ ٱلۡغَيۡظَ﴾ دخلنا في موضوع دقيق، فكاد الحليم أن يكون نبياً، والحلم سيد الأخلاق، الحلم طبع أصيل مشتق من كمال الله، أما التحلّم تصنع الحلم، فثمن أن تكون حليماً أصيلاً أن تتحلّم، أي؛ ان تكظم غيظك، تكون من الداخل كالمرجل، وقد تضغط على أسنانك، وقد تمزق ثيابك، إنك تغلي كالمرجل، ولكنك ضبطت نفسك فأنت ذو خلق، ولكن النبي ﷺ كان على خلق، وشتان بين أن تقول: فلان ذو خلق، أي دخل في صراع مع نفسه، وجذبته إلى أن ينتقم ثم كبحها وفي النهاية انتصر عليها، فهو ذو خلق، لكن النبي ﷺ متمكن من خلقه أشد ما يكون التمكن.
﴿ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي ٱلسَّرَّآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَٱلۡكَٰظِمِينَ ٱلۡغَيۡظَ﴾ هناك مواقف كثيرة جداً يستثار فيها الإنسان، يُتحدى، يُستَفز، لكن المؤمن حليم، فقد قال أحدهم: أنا أتغاضب ولا أغضب، قد تقتضي الحكمة أن تتغاضب من أجل أن تضبط الأمور.
سئل سيدنا عمر رضي الله عنه: "يا أمير المؤمن لقد هاب الناس شدتك، فبكى، وقال: والله لو يعلم الناس ما في قلبي من الرخمة لأخذوا عباءتي هذه، لكن الأمر لا يناسبه إلا كما ترى" .
المؤمن من الداخل برد وسلام، من الداخل هدوء وراحة وبرود، لكن إن كان في مكان قيادي؛ مدير مدرسة أو مستشفى ووجد تقصيراً لا بد أن يأخذ موقفاً حازماً ويتغاضب، يصطنع الغضيب، لكنه حليم، فهذا من صفات هؤلاء المتقين، وهذا أثر من آثار كمال الله عز وجل، فبشكل مختصر المؤمن له اتصال مع منبع الكمال؛ اتصل مع الحليم فصار حليماً، اتصل مع الحكيم فصار حكيماً، اتصل مع الرحيم فصار رحيماً، اتصل مع العدل فكان منصفاً، بالعدل.
فالمؤمن كماله صارخ، لكن لعل الناس ينفرون من مؤمنٍ يؤدي صلواته لكن لم يكن متصلاً بالله الاتصال الذي يحمله على أن يشتق منه الكمال، ﴿وَٱلۡكَٰظِمِينَ ٱلۡغَيۡظَ﴾
يروى أن رجلاً صالحاً عنده جارية ارتكبت خطأ كبيراً فذكرته بقول الله تعالى: ﴿وَٱلۡكَٰظِمِينَ ٱلۡغَيۡظَ﴾ قال فكظمت غيظي، قالت: وَٱلۡعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِۗ قال عفوت عنك، قالت: وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِينَ قال: أنت حرة لوجه الله.
بالتسلسل؛ كظم غيظه، وعفا عمن أساء إليه ثم أحسن إليه.
﴿ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي ٱلسَّرَّآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَٱلۡكَٰظِمِينَ ٱلۡغَيۡظَ وَٱلۡعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِينَ﴾ لماذا يعفو بالمناسبة؟ الله عز وجل يقول:
﴿ وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَابَهُمُ ٱلْبَغْىُ هُمْ يَنتَصِرُونَ(39)﴾
المؤمن عزيز، المؤمن لا يذل لأحد، لا يسمح لأحد أن يتجاوزه، ولا أن يتطاول عليه، لكن إذا غلب على ظنه أن عفوه يصلح هذا الإنسان يعفو عنه.
﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمْ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ(39) وَجَزَٰٓؤُاْ سَيِّئَةٍۢ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ۖ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُۥ عَلَى ٱللَّهِ ۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلظَّٰلِمِينَ(40)﴾
عفا لأنه رأى في عفوه صلاحاً لهذا الإنسان، عندئذ يتولى الله مكافأته، فإذا قال لك ملك في الأرض: أنا أكافئك، ماذا يقدم لك قلمَ رصاص؟! أم مركبة ضخمة جداً، أم بيتًا؟ يقول الله عز وجل: ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُۥ عَلَى ٱللَّهِ﴾ أنت تعفو عن الناس حينما يكون عفوك مصلحاً لهم، أما إذا كان عفوك يشجعهم على متابعة الأذى فلا تعفو عنهم.
وقد ذكر ابن كثير في البداية والنهاية: أنه كان في الأسارى يوم بدر أبو عزة الجمحي فمن عليه رسول الله بلا فدية واشترط عليه أن لا يقاتله، فلما أسر يوم أحد قال يا محمد امنن علي لبناتي وأعاهد أن لا أقاتلك، فقال رسول الله ﷺ لا أدعك تمسح عارضيك بمكة وتقول خدعت محمدا مرتين.
المؤمن له شخصيته، وله حلمه، وذكاؤه، سيدنا عمر وضي الله عنه قال: <<لست بالخَبِّ ولا الخب يخدعني>> ، يعني لست من الخبث حيث أَخدَع، ولا من السذاجة حيث أُخدَع، هذا الموقف متوازن، ليس خبيثاً فَيَخْدَع، ولا ساذجاً فَيُخْدع، تعفو إذا غلب على ظنك أن عفوك عن هذا الإنسان سيصلحه، أما إذا عفوت عنه فتطاول، فاجترأ على الحق، فينبغي أن تكون حازماً معه.
﴿وَٱلۡكَٰظِمِينَ ٱلۡغَيۡظَ﴾ إخواننا الكرام، الرسول عليه الصلاة والسلام استنصحه أحد أصحابه فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجلاً قَالَ لِلنَّبِيِّ ﷺ أَوْصِنِي؟ قَالَ:
(( لا تَغْضَبْ، فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: لا تَغْضَبْ. ))
وهناك أحاديث كثيرة، لا تغضب، بعض شرّاح الحديث قالوا: الغضب أحياناً رأس البلاء، قد تطلق زوجتك في ساعة غضب، وقد تفقد شريكك في ساعة غضب، وقد تفضح نفسك في ساعة غضب، وقد تقضي على أحب الناس إليك في ساعة غضب.
جاء إنسان إلى بيتك، وقد اشترى قطع أثاث غالية جداً، له ابن أمسك بشفرة، ومزق قماش هذا الأثاث، فلما جاء إلى البيت ما تحمل هذا المنظر، فجاء بأصابع ابنه فضربها بمسطرة بعنف شديد، وبعد حين اسودت يداه، فأخذه إلى الطبيب، فقال له: إلى المستشفى فوراً، في المستشفى قالوا له: لا بد من قطع يديه، فلما توسل الابن بسذاجة ألا تُقطَع يداه قتل الأب نفسه من شدة ألمه، ساعة غضب، ابنك أثمن مِن أي شيء في البيت، ربما لا تحتمل، في الغضب قد تقضي على أحب الناس إليك، بالغضب قد تفقد أقرب الناس إليك، بالغضب قد تفقد وظيفتك، قد تفقد عملك، قد تفقد شريك، لا تغضب، ﴿وَٱلۡكَٰظِمِينَ ٱلۡغَيۡظَ﴾ فلا تتخذ قراراً وأنت غاضب، إذا غضبت جمّد كل حركة إلى أن ترتاح، وقل: هذا الموضوع أبتّ فيه بعد يومين.
أيها الإخوة، العدو الأول هو الغضب، فلا تغضب، وحينما يغضب الإنسان يصبح كالوحش الكاسر، فالمؤمن كرّمه الله، وأكرمه الله بالحلم، وبالحلم تُحَلّ كل مشكلة، بل يُحَل كل شيء، بتعبير آخر كل شيء يُحَل عند الموت، لكن قد يدمر الإنسان نفسه بالغضب، وهناك حروب دمرت أممًا في ساعة غضب، حرب جرت في الجاهلية بقيت عشر سنوات أحرقت الأخضر واليابس في ساعة غضب، الإنسان بالغضب يصبح أحمقَ، ويصبح وحشاً، ويعطل عقله، تُعطَّل خبرته، ويرتكب أشد حماقة، لذلك أكبر عطاء على الإطلاق يناله المؤمن من الله عز وجل الحكمة، قال تعالى:
﴿ يُؤْتِى ٱلْحِكْمَةَ مَن يَشَآءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ ٱلْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِىَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّآ أُوْلُواْ ٱلْأَلْبَٰبِ(269)﴾
النبي عليه الصلاة والسلام تصور إنساناً ملك الجزيرة من أقصاها إلى أقصاها، بعد حنين بلغ أوج قوته، دانت له الجزيرة من أقصاها إلى أقصاها، ثم جاءه أحدهم وهو من أصحابه، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ :
(( لَمَّا أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَعْطَى مِنْ تِلْكَ الْعَطَايَا فِي قُرَيْشٍ وَقَبَائِلِ الْعَرَبِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الْأَنْصَارِ مِنْهَا شَيْءٌ، وَجَدَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ الْأَنْصَارِ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى كَثُرَتْ فِيهِمْ الْقَالَةُ، حَتَّى قَالَ قَائِلُهُمْ: لَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْمَهُ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ هَذَا الْحَيَّ قَدْ وَجَدُوا عَلَيْكَ فِي أَنْفُسِهِمْ –متألمين جداً منك يا رسول الله- لِمَا صَنَعْتَ فِي هَذَا الْفَيْءِ الَّذِي أَصَبْتَ، قَسَمْتَ فِي قَوْمِكَ، وَأَعْطَيْتَ عَطَايَا عِظَامًا فِي قَبَائِلِ الْعَرَبِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي هَذَا الْحَيِّ مِنْ الْأَنْصَارِ شَيْءٌ، قَالَ: فَأَيْنَ أَنْتَ مِنْ ذَلِكَ يَا سَعْدُ؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَنَا إِلا امْرُؤٌ مِنْ قَوْمِي، وَمَا أَنَا، قَالَ: فَاجْمَعْ لِي قَوْمَكَ فِي هَذِهِ الْحَظِيرَةِ، قَالَ: فَخَرَجَ سَعْدٌ فَجَمَعَ النَّاسَ فِي تِلْكَ الْحَظِيرَةِ قَال: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، مَقَالَةٌ بَلَغَتْنِي عَنْكُمْ، وَجِدَةٌ وَجَدْتُمُوهَا فِي أَنْفُسِكُمْ، أَلَمْ آتِكُمْ ضُلَّالًا فَهَدَاكُمْ اللَّهُ، وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمْ اللَّهُ، وَأَعْدَاءً فَأَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ؟ قَالُوا: بَل اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ وَأَفْضَلُ، قَالَ: أَلا تُجِيبُونَنِي يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ؟ قَالُوا: وَبِمَاذَا نُجِيبُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ وَلِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ الْمَنُّ وَالْفَضْلُ، قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ فَلَصَدَقْتُمْ وَصُدِّقْتُمْ، أَتَيْتَنَا مُكَذَّبًا فَصَدَّقْنَاكَ، وَمَخْذُولًا فَنَصَرْنَاكَ، وَطَرِيدًا فَآوَيْنَاكَ، وَعَائِلًا فَأَغْنَيْنَاكَ، -ذكرهم بفضلهم عليه وهو في أوج قوته- أَوَجَدْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ فِي لُعَاعَةٍ مِنْ الدُّنْيَا تَأَلَّفْتُ بِهَا قَوْمًا لِيُسْلِمُوا، وَوَكَلْتُكُمْ إِلَى إِسْلَامِكُمْ، أَفَلَا تَرْضَوْنَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالْبَعِيرِ وَتَرْجِعُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِحَالِكُمْ؟ قَالَ: فَبَكَى الْقَوْمُ حَتَّى أَخْضَلُوا لِحَاهُمْ، وَقَالُوا: رضِينَا بِرَسُولِ اللَّهِ قِسْمًا وَحَظًّا. ))
هذه القصة أين مكانها؟ مع حكمته، أم مع كظم غيظه، أم مع وفائه، أم مع رحمته، أم مع حنكته السياسية، امتص هذه النقمة، التعبير المعاصر طوّقها، استوعبها، هكذا المؤمن.
المؤمن بحكمة يسعد بزوجة من الدرجة الخامسة، ومن دون حكمة يشقى بزوجة من الدرجة الأولى، بحكمة يسعد بدخل محدود، ومن دون حكمة يشقى بدخل غير محدود، بحكمة يربي أولاده المتعبين، ومن دون حكمة يفسد أولاده الصالحين، دققوا في هذه الكلمة: ﴿وَمَن يُؤْتَ ٱلْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِىَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ لا يمكن للمقطوع عن الله عز وجل أن يكون حكيماً، لا بد أن يرتكب حماقة ما بعدها حماقة، وهو في أوج ذكائه، وكانوا مستبصرين، والدليل:
﴿ أَفَرَءَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَٰهَهُۥ هَوَىٰهُ وَأَضَلَّهُ ٱللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍۢ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِۦ وَقَلْبِهِۦ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِۦ غِشَٰوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِنۢ بَعْدِ ٱللَّهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾
يحمل شهادة عالية، تسمع كل قصة فيها دمار، قال تعالى:
﴿ هُوَ ٱلَّذِىٓ أَخْرَجَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ مِن دِيَٰرِهِمْ لِأَوَّلِ ٱلْحَشْرِ ۚ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُواْ ۖ وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ ٱللَّهِ فَأَتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُواْ ۖ وَقَذَفَ فِى قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ ۚ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِى ٱلْمُؤْمِنِينَ فَٱعْتَبِرُواْ يَٰٓأُوْلِى ٱلْأَبْصَٰرِ (2)﴾
هؤلاء يهود خيبر، وكلما كان الإنسان بعيداً عن الله يتحامق، قال تعالى:
﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ(1)﴾
وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
1 ـ أسباب محبة الله لك بيدك:
﴿ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي ٱلسَّرَّآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَٱلۡكَٰظِمِينَ ٱلۡغَيۡظَ وَٱلۡعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِينَ﴾ لكنك إذا أحسنت إلى خلق الله أحبك الله، وما من مرتبةٍ على الإطلاق أعظم من أن يحبك الله، ومحبة الله بيديك، أسبابها بيديك، قال تعالى:
﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ۖ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ ۖ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)﴾
تب إلى الله يحبك الله، قال تعالى:
﴿ وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا ۖ فَإِنۢ بَغَتْ إِحْدَىٰهُمَا عَلَى ٱلْأُخْرَىٰ فَقَٰتِلُواْ ٱلَّتِى تَبْغِى حَتَّىٰ تَفِىٓءَ إِلَىٰٓ أَمْرِ ٱللَّهِ ۚ فَإِن فَآءَتْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا بِٱلْعَدْلِ وَأَقْسِطُوٓاْ ۖ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ (9)﴾
كن منصفاً، قال تعالى :
﴿ وَأَنفِقُواْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَا تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى ٱلتَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوٓاْ ۛ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ (195)﴾
﴿ إِلَّا ٱلَّذِينَ عَٰهَدتُّم مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْـًٔا وَلَمْ يُظَٰهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوٓاْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَىٰ مُدَّتِهِمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُتَّقِينَ (4)﴾
﴿وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ تطهّر ، وتُب ، وأنصِف ، وأحسِن يحبك الله عز وجل ، فإذا أحبك الله كان معك. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِنَّ اللَّهَ قَالَ:
(( مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ، وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ. ))
أن يحبك الله هذه أعلى مرتبة في الأرض، أن يحبك خالق السماوات والأرض.
2 ـ الإحسان مجاله واسع وكبير:
﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ كلمة محسنين واسعة جداً، إتقان العمل إحسان، الإنصاف إحسان، الحلم إحسان، خدمة الخلق إحسان، محسن، قد تحسن مع حيوان في أثناء ذبحه، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: اثِنْتَانِ حَفِظْتُهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
(( إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ. ))
قد تحسن إلى عدوك فتردعه عن غيّه.
عَنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
(( انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا. ))
الإحسان يبدأ بإتقان العمل، وينتهي بخدمة الخلق، وما من إحسان أعظم من أن تدل الإنسان على الله، دللته على الخير المطلق، وعلى السعادة المطلقة ﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾
هؤلاء ﴿ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي ٱلسَّرَّآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَٱلۡكَٰظِمِينَ ٱلۡغَيۡظَ وَٱلۡعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِينَ﴾ الآن إياكم، ثم إياكم، ثم إياكم أن تتوهموا أن هذه الواو التي بعد هذه الآية واو العطف.
﴿ ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي ٱلسَّرَّآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَٱلۡكَٰظِمِينَ ٱلۡغَيۡظَ وَٱلۡعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِينَ (134) وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَٰحِشَةً أَوۡ ظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسۡتَغۡفَرُواْ لِذُنُوبِهِمۡ وَمَن يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلَّا ٱللَّهُ وَلَمۡ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ (135)﴾
وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ
1 ـ هذه الواو للاستئناف لا للعطف:
هذه ليست عطفاً هذه واو الاستئناف، هؤلاء فريق، وسيأتي وصف فريق آخر، القضية فيها مشكلة كبيرة، ينفق في السراء والضراء، كاظمٌ لغيظه، عافٍ عن الناس، محسِن، ثم إذا فعل فاحشةً، يعني زنا، أعوذ بالله، هذه الواو واو الاستئناف، وليست واو العطف، هؤلاء زمرة، هؤلاء فريق أول، والنمط الآخر والفريق الآخر ﴿وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَٰحِشَةً أَوۡ ظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ﴾ في مرتبة ثانية.
2 ـ المؤمن المذنب سريع العودة والأوبة:
هو في صراع إذا غلبته نفسه ففعل فاحشةً، أو ظلم إنساناً سريعاً ما يستغفر، يذكر الله، يذكر عدله، يذكر حكمته، يذكر بطشه فيستغفر، استغفروا الله ﴿ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسۡتَغۡفَرُواْ لِذُنُوبِهِمۡ﴾ لكنهم يعتقدون أنه لا يغفر الذنوب إلا الله وحده.
3 ـ المؤمن المذنب لا يصر على المعصية:
﴿وَلَمۡ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ﴾ لا يقيمون على هذه المعصية، أولاً يعتقدون أنها معصية، وأنها مُهلِكة، ثم هم من باب العمل لا يقيمون عليها، من باب الاعتقاد يعتقدون أنها مهلكة، وأنها تسبب لهم غضب الله تعالى، تسبب لهم مقت الله وغضبه، وأنها تستدعي بطش الله عز وجل، هذه عقيدتهم.
سلوكهم يقلعون عنها، لذلك قالوا: النبي معصوم، والولي محفوظ، النبي معصوم؛ لأن الله عصمه، فلا يخطئ في قول، ولا في عمل، ولا في فتوى، ولا في شرح، ولا في موقف، لكن الولي محفوظ؛ يخطئ، لكن خطأه لا يضره، لأنه سريعاً ما يستغفر، وسريعاً ما يرجع، وسريعاً ما يخاف، قال تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَٰحِشَةً أَوۡ ظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسۡتَغۡفَرُواْ لِذُنُوبِهِمۡ وَمَن يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلَّا ٱللَّهُ وَلَمۡ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ﴾ لم يصروا، أي لا يقول لك: ما عملنا شيئًا، هذا الذي يستهين بالمعصية، ويستهين بالذنب منافق، لأن ذنب المنافق كالذبابة، وذنب المؤمن كالجبل يخشى أن يقع عليه، وشتان في الوزن بين الذبابة والجبل، هذا من تشبيه النبي، ذنب المنافق ذبابة يقول: ماذا صار؟ أكلناها؟ نظرنا فقط، قال: إن الله جميل يحب الجمال، هكذا ذنب المنافق كالذبابة، وذنب المؤمن كالجبل، يخشى أن يقع عليه،
(( إنَّ المؤمنَ يرَى ذنوبَه كأنه في أصلِ جبلٍ يخافُ أنْ يقعَ عليه وإنَّ الفاجرَ يرَى ذنوبَه كذبابٍ وقع على أنفِه قال به هكذا، فطار . ))
لذلك الصنف الثاني يخطئ، ولكن مع خطئه يستغفر، ومع خطئه يعلم أن هذا ذنب كبير، وأن الله قد يعاقبه عليه عقاباً أليماً، هذا الذنب يوجب سخط الله عز وجل، هذا الذنب يوجب بطش الله عز وجل، فهؤلاء صنف آخر.
﴿وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَٰحِشَةً أَوۡ ظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسۡتَغۡفَرُواْ لِذُنُوبِهِمۡ وَمَن يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلَّا ٱللَّهُ ﴾ لو فعلت الذنب ألف مرة من الذي يغفر غير الله؟ قال تعالى: ﴿وَمَن يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلَّا ٱللَّهُ وَلَمۡ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ﴾ لم يصروا لا قولاً ولا فعلاً، لا يقول لك: هذا ليس بذنب، هذا معناه أنه أصرَّ على أنه ليس بذنب، يقول لك: والله ذنب كبير، وقد أخطأت، ثم يقلع، لم يصر، لم يعتقد أنه لا شيء، لم يستهن به اعتقاداً، ثم إنه لا يقيم عليه سلوكاً، يبتعد عنه ﴿وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ﴾ قال:
﴿ أُوْلَٰٓئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغۡفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمۡ وَجَنَّٰتٌ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ وَنِعۡمَ أَجۡرُ ٱلۡعَٰمِلِينَ (136)﴾
أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ
بهذا التواضع، متواضع، ذنبه كبير، تاب منه سريعاً، استغفر الله، اعتقد أنه ذنب مدمِّر يحجب عن الله عز وجل، ثم أقلع عنه، قال: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغۡفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمۡ وَجَنَّٰتٌ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ وَنِعۡمَ أَجۡرُ ٱلۡعَٰمِلِينَ﴾ ربهم، وليس ربي، الزمرة الأولى محسنون، والزمرة الثانية عاملون، يقول لك: هناك ضباط وصف ضباط، موظفون من الدرجة الأولى، وآخرون من الدرجة الثانية، كن طموحاً، وكن من الزمرة الأولى، قال تعالى: ﴿ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي ٱلسَّرَّآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَٱلۡكَٰظِمِينَ ٱلۡغَيۡظَ وَٱلۡعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِينَ* وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَٰحِشَةً أَوۡ ظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسۡتَغۡفَرُواْ لِذُنُوبِهِمۡ وَمَن يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلَّا ٱللَّهُ وَلَمۡ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ﴾
تطبيق سنة النبي واستغفار الله أمان من العذاب:
إخواننا الكرام، نحن في بحبوحة في حالتين؛ في حالة أن سنة النبي عليه الصلاة والسلام فينا قال تعالى:
﴿ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ(33)﴾
إذا كان بيتك إسلاميًا، وعملك إسلاميًا، وأفراحك إسلامية، وأتراحك -لا سمح الله- إسلامية، وتجارتك وكسب مالك إسلاميين، ونزهاتك إسلامية، وعلاقاتك الاجتماعية إسلامية، إذا كان الإسلام فينا فنحن في بحبوحة من أن يدمرنا الله عز وجل، قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ﴾ عندنا بحبوحة ثانية لو أنّ أقدامنا زلّت، لو أننا عصينا، قال: ﴿وَمَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ أنت في بحبوحتين؛ بحبوحة الاستقامة، وبحبوحة الاستغفار، أنت مستقيم فأنت في بحبوحة، أنت مستغفر فأنت في بحبوحة، لكن لا أنت مستقيم، ولا مستغفر، فهذه معصية الكِبر، معصية الرد، إبليس عصى، وآدم عصى، لكن إبليس قال:
﴿ قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُۥ مِن صَلْصَٰلٍۢ مِّنْ حَمَإٍۢ مَّسْنُونٍۢ(33)﴾
رد الأمر الإلهي استكبر أن يطيع الله عز وجل، فكان إبليس اللعين، أما سيدنا آدم فقال تعالى في حقه:
﴿ وَلَقَدْ عَهِدْنَآ إِلَىٰٓ ءَادَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِىَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُۥ عَزْمًا (115)﴾
فرق كبير كبيرٌ بين معصية الغَلبة، ومعصية الكبر، قال رسول الله ﷺ:
(( الكِبْرُ بَطْرُ الحقِّ، وغَمْطُ النّاس. ))
أن ترد الحق وأن تحتقر الناس.
﴿ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِكُمۡ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُكَذِّبِينَ (137)﴾
قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ
في آية أخرى تفيدنا هنا:
﴿ قُلْ سِيرُواْ فِى ٱلْأَرْضِ ثُمَّ ٱنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلْمُكَذِّبِينَ(11)﴾
1 ـ لابد للمكذب من عقاب عاجلا أو آجلاً:
المكذِّب بالحق له جزاء وبيل، فإما أن يأتي تباعاً، وإما أن يأتي على التراخي، مرة قال تعالى: ثم، ومرة بالفاء: ﴿قُلْ سِيرُواْ فِى ٱلْأَرْضِ ثُمَّ ٱنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلْمُكَذِّبِينَ﴾ قد يأتي العقابُ بعد الذنب مباشرةً، وقد يأتي العقاب بعد مهلةٍ على كلٍّ الدنيا وحدها تبين لنا كل شيء.
2 ـ السنن الإلهية قوانين ثابتة:
﴿قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِكُمۡ سُنَنٌ﴾ أي قوانين ثابتة: ﴿قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِكُمۡ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُكَذِّبِينَ ﴾
الملف مدقق