- موضوعات علمية
- /
- ٠1موضوعات علمية من الخطب
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم
اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
دعوة لك من القرآن الكريم :
﴿أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ﴾
نحن مدعوون بنصِّ الآية الكريمة إلى أن ننظر إلى الجبال، كيف نصبت؟ .
تفاصيل هذه الدعوة :
تشير مجموعةٌ من آيات الله في القرآن الكريم، إلى تفصيل هذه الآية، يقول الله تعالى :
﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَاداً * وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً﴾
الجبل وتد، ثلثا الجبل مغروسٌ في الأرض عبر طبقاتها المتعددة، ولا تنزاح الطبقات المتباينة عن بعضها في أثناء الدوران، بسبب أن وتداً وهو الجبل يربطها جميعها, قال تعالى:
﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَاداً * وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً﴾
معنىً آخر: يقول الله سبحانه وتعالى: مشيراً إلى أن هذا الجبل الذي تراه عينك، إنما الذي تراه منه، الثلث الظاهر، وله ثلثان تحت الأرض, فجبال هيمالايا التي يزيد ارتفاعها عن اثني عشر ألف متر، هذا هو الثلث الظاهر، بينما ضعف هذه المسافة مغروسةٌ تحت الأرض كالوتد، من هنا قال الله عزَّ وجل:
﴿وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا * مَتَاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ﴾
معنىً ثالث:
﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَاناً﴾
السلاسل الجبلية التي على السواحل، تجعل المنطقة التي خلفها منطقةً جافّة، وليست رطبة، ليست منطقة رياحٍ عاتية، لو ذهبت إلى حلب عن طريق حمص، لرأيت أن الأشجار كلَّها مائلة، لوجود فتحةٍ بين سلسلتي الجبال المنصوبة على السواحل، فالجبل في هذه الآية جعله الله أكناناً:
﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَاناً﴾
تبدُّل الطقس والمُناخ متعلِّقٌ بالجبال بفتحاتها، وكيف أنها مصدّاتٌ للرياح؟ .
معنىً رابع:
﴿وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً﴾
العلاقة بين الأنهار والجبال, هي: أن الجبال مستودعاتٌ للأنهار, قال تعالى:
﴿وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً﴾
معنى خامس:
﴿وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ ﴾
هذه الكرة مع دورانها السريع، لا بدَّ من أن تضطرب، أما إذا وزِّعت الجبال توزيعاً دقيقاً دقيقاً على سطحها، بحيث يؤدي هذا التوزُّع إلى استقرارها مع دورانها، فهذا مما تعنيه هذه الآية:
﴿أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً﴾
لئلا تضطرب الأرض في أثناء الدوران .
معنىً سادس:
﴿أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ﴾
من جعلها مستقرة؟ من جعلها ساكنة سكوناً تاماً مع أنها متحرِّكة؟ تقطع الأرض في الثانية الواحدة ثلاثين كيلو متراً، تدور حول نفسها بسرعة ألفٍ وستمئة كيلو متر في الساعة، وحول الشمس بسرعة ثلاثين كيلو متر في الثانية، ومع ذلك تبني البناء فلا يتشقق، لو أنها اضطربت بأقل وحدة بميزان الزلازل، لتهدَّمت الأبنية:
﴿أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ﴾
شيءٌ آخر:
﴿وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتاً﴾
قال العلماء: تضاعف الجبال مساحة الأرض أربعة أضعاف، لو أخذت المساحة التي يشغلها الجبل، لكانت أقلَّ من مجموع سُطِحِه بخمسة أجزاء، فهذه الجبال تضاعف المساحات، وتلطِّف الأجواء، ولها وظائف لا يعلمها إلا الله، لذلك يقول ربنا سبحانه وتعالى:
﴿أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ﴾