وضع داكن
26-04-2024
Logo
الأسماء الحسنى - الدرس : 16 - اسم الله الودود
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الإخوة الكرام، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى، والاسم اليوم ( الودود )

معنى الود و إختلافه عن الحب

 الود: هو الحب، وأيّ إنسان لا يجد حاجة في أن يُحِب، أو أن يُحَب فليس من بني البشر، لأن أصل العلاقة بين الله وبين عباده الحب، يحبهم ويحبونه، لكن الفرق بين الحب والود أن الحب شعور، بينما الود عمل، الابتسامة ود، الهدية ود، الخدمة ود، الإكرام ود، أمّا الحب فإنه:

 

لا يعرف الشوق إلا من يكابده  ولا الصبابة إلا من يعانيها
***

 إنه شعور داخلي

 

 

كيف نفهم أن الله ودود؟

 

خلق الخلق ليرحمهم و يسعدهم

 ولكن كيف نفهم أن الله ودود، ودود لأنه خلق الخلق ليرحمهم، والدليل:

 

﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾

 

( سورة هود الآية: 119 )

 خلقهم ليسعدهم، خلقهم ليرحمهم، خلقهم لجنة عرضها السماوات والأرض، ولكن حينما ننشئ مدرسة، أو جامعة من أجل تخريج قادة للأمة، فالهدف نبيل جداً، تخريج علماء، وقضاة، وقادة، لكن هذه الجامعة لو أن أحد الطلاب قصر أو تجاوز حده يعاقب، فالطالب الساذج الجاهل يظن إذا عوقب أن هذه الجامعة إنما أنشأت من أجل المعاقبة، فهم سقيم وسخيف.
 خلق الله الخلق ليرحمهم، خلقهم ليهديهم سبل السلام، خلقهم ليسعدهم، لكنهم انحرفوا عن الصراط المستقيم، فاستحقوا المعالجة من الله عز وجل، إلا أن الله سبحان الله وتعالى:

 

﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾

 

( سورة الشورى الآية: 11 )

خلق الخلق ليُحسن إليهم

 إذا أحب الإنسان يضعف أمام المحبوب، ويتذلل له، وما قصة مجنون ليلى عنكم ببعيد، وقُصي لُبنى، فإذا أحب الإنسان يضعف، بل يتذلل، لكن الله سبحان الله وتعالى إذا أحب يحسِن، لذلك الله ( ودود )، أي أنه يحب عباده، يحفظهم، يؤيدهم، ينصرهم، يكرمهم، ينزل عليهم رحمته، يلقي في قلوبهم السكينة، يغنيهم ويكرمهم، محبة الله جل جلاله تتجسد بإكرام الإنسان، إذاً الله ( ودود )
 خلقنا بأحسن تقويم ود من الله

 

﴿ َقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾

 

( سورة التين )

 هذا ود من الله عز وجل،

 

العينين

 جعل لك عينين، لو جعل لك عينًا واحدة لرأيت بُعدين فقط، طولاً وعرضاً، أما البعد الثالث فهو العمق، ولا يرى إلا بالعينين،

 

 

الأذنين

 ولو جعل لك أذنًا واحدة لم تعرف مصدر الصوت، لكن الأذنين تكشفان لك مصدر الصوت،

 

 

خلق الإنسان هو الكمال المطلق

 جعل لك أجهزة بالغة الدقة، جعل لك أعضاء، وقلبًا، ورئتين، وكليتين، ومعدة، أمعاء، لو دققت في خلقك لرأيت خلقك وحده وداً ما بعده ود.
 أيّة مركبة صنعت مرّت بأطوار وأطوار، ولو أن أحدكم رأى مركبة صنعت في سنة 1900، ومركبة صنعت سنة 2005 لوجد البون شاسعاً بين المركبتين، الأولى تشغل من مقدمتها، والإضاءة بفوانيس، والعجلات ليس فيها هواء، المحرك حركة واحدة، وأول قطار صنعته الحكومة البريطانية أمرت صاحب القطار أن يمشي وإنسان أمامه ليحذر الناس منه، يمشي إنسان أمام القطار لأن سرعة القطار الأول أقل من سرعة الإنسان، وطور.
أما خلق الإنسان فهو الكمال المطلق منذ أن خُلق، ليس هناك إنسان مطوّر، محدث، موديل 2000، كمال الخلق يدل على كمال الخالق، إذاً الود من الله عز وجل أنه أكرمك.

 

 

النباتات

 والنباتات التي خلقها الله للزينة هل تؤكل ؟ هناك إنسان أعطى دابة فلّة فأكلتها الدابة، من هو الدابة ؟ التي أكلتها أم التي أعطاها إياها ؟ هناك نباتات لا تعد ولا تحصَى، هذه النباتات للزينة، وهناك أسماك زينة، وأشجار زينة، ونبات أخضر زينة، والعطورات، وأنواع الورود، الأشياء التي لا تتوقف عليها حياتنا، بمئات الألوف من أجل الإنسان، لو أن أحدكم على إطلاع بأنواع النباتات، وأنواع الورود، أنواع الفواكه لأخذه العجب.
والله كنت في أستراليا فقدمت لي فواكه، والله لا أعرفها في حياتي، ولا تعرفونها أنتم، أنواع منوعة من الفواكه تحير العقول، كل نوع فاكهة، هناك ثلاثمئة نوع من العنب، وأنواع كثيرة التفاح، والفواكه الشتوية، والصيفية، والحلوة، والحامضة، كله إكرام، القمح قوت، لكن الفاكهة إكرام.

 

 

﴿ فَوَاكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ﴾

 

( سورة الصافات )

الولد

 الطفل أكبر هدية من الله، يملأ البيت سعادة.
أيها الإخوة، لو أن واحداً دعاك إلى طعام في الشتاء، البيت مدفأ، ومعطر، بدأ بالعصير، ثنى بالمقبلات، ثم طبق أول، وطبق ثان، ثم الفواكه، ثم الحلويات، ثم ودعك إلى باب البيت، أليس هذا وداً ؟.
لو تأملت في صنع الله، وفي خلق الله، فكل شيء خلقه الله لك محض ود،

 

الزوجة

 الزوجة ود، إنه كائن:

 

 

﴿ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً﴾

 

( سورة الروم الآية: 21 )

 كطرفة، كنت مرة في مؤتمر فقام أحد الدعاة وألقى كلمة، وتعرض لهذه الآية:

﴿ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا ﴾

 ، وقف عند كلمة أنفسكم، قال: هذه التي تنام إلى جانبك ليست وحشاً، إنها إنسان من بني جلدتك، تفكر كما تفكر، تحب كما تحب، تكره كما تكره، تؤمن كما تؤمن، تكفر كما تكفر، ترقى كما ترقى، تسمو كما تسمو

﴿ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا ﴾

لكن الله سبحانه وتعالى أسبغ عليها الجمال، وهذا ود لك، وأسبغ على الزوج القوة والمروءة والإكرام، وهذا ود للزوجة، هي تحتاج إلى من يحميها، ويكرمها، وهو يحتاج إلى من ترعاه وتحبه، الزوجة ود، الأولاد ود،

الأم و الأب

 الأم ود، أودع في قلوب الآباء والأمهات محبة لا توصف، وهذه المحبة طبع، ليس للآباء خيار فيها، وأنا لا أنسى حينما أزور مستشفى الأطفال كيف أن كل الأمهات المثقفة وغير مثقفة، والبدوية، والتي معها دكتوراه، والمدرسة، والسافرة، والمحجبة، تعطف على ابنها وتبكي، من أودع في قلوب الأمهات محبة الأبناء ؟ إنه الله جل جلاله.

 

الماء العذب

 أيها الإخوة، الماء العذب ود، هل تصدقون أن تكلفة تحلية لتر من الماء أكثر من عشر ريالات في بعض البلاد، تقريباً 150 ليرة لتحلية لتر من الماء، جميع الينابيع ماء عذب فرات، هذا ود، فلو أن الماء كله مالح ندفع معظم دخلنا لتحلية الماء، الماء المالح لا يشرب.

 

 

أسماك و ناتات الزينة

 الآن هناك أسماك للزينة فقط، من أجل أن تمتع عينيك بها، سمكة شفافة، سمكة فسفورية، سمكة سوداء، وأنواع السمك مليون نوع، وعدد نباتات الزينة داخل البيوت التي لا تحتاج إلى شمس بمئات الألوف، عدد الأبصال بمئات الألوف، وكذا عدد الورود، هذا كله ود.
أحيانا تدعى إلى طعام، وتوضع أمامك باقة ورد ود، هناك أشياء كثيرة تزيد على تلبية الحاجات، إلى التكريم،

 

 

جهاز الهضم

 أنت تأكل وتنام، لو أن الله أوكل لك هضم الطعام لا تنام الليل ، الآن البنكرياس، بعد قليل المرارة، لا ينام، تأكل وتنام، المعدة، والأمعاء، والبنكرياس والصفراء، والامتصاص، أنت تنام مرتاحا.

 

 

الرئتان

 وجيب الرئتين، لو أوكل إليك لم تستطع أن تنام، تنام فتموت، تنام والرئتان تنبهان تنبيهاً دورياَ من المخيخ، وإذا تعطل هذا التنبيه الآن هناك دواء غال جداً فوق طاقة أي إنسان، لو تعطل مركز التنبيه الدوري بالمخيخ يحتاج إلى حبة كل ساعة، ينام الساعة العاشرة ويستيقظ الساعة الحادية 11، يأخذ حبة، ينام إلى الساعة 12، وهكذا، هذا إنجاز كبير جداً، هذا إذا تعطل مركز تنبيه الوجيب الدوري، لكنك تنام والرئتان تعملان بانتظام،

 

 

لسان المزمار

 تنام ولسان المزمار يعمل بانتظام، يتجمع اللعاب في فمك، تذهب إشارة إلى الدماغ، الدماغ يعطي أمرًا إلى لسان المزمار فيغلق طريق الهواء، ويفتح طريق المعدة، فاللعاب الذي تجمع في فمك يدخل إلى معدتك.

 

 

تقلبك في السرير

 تنام، وتتقلب أكثر من أربعين مرة في الليل الواحدة، وزن العظام مع ما فوقها من العضلات يضغط على ما تحتها فتضيق الأوعية، وتضعف التروية، وتعطي مراكز الإحساس بالضغط الدماغ إشارة، فالدماغ يأمر النائم فينقلب إلى جهة، لكن حكمة الله أن الله يقلبه مرة ذات اليمين، ومرة ذات الشمال حتى لا يقع من السرير.

 

 

﴿ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ﴾

 

( سورة الكهف الآية: 18 )

 تصور إنسانًا نائمًا أربعين مرة على غير جهة، وهو نائم، أليس هذا وداً ؟

 

معاني أن الله ودود

 المعنى الأول: أنه تودد إلى خلقه بألوان النعم
المعنى الأول: أن الله ودود، أي تودد إلى خلقه، بألوان النعم بدءاً بخلق الإنسان، ثم بالزوجة، بالأولاد، بالفواكه، بالثمار، بالأزهار، بالأطيار، بالأسماك، بالجمال الذي خلقه الله في الكون، كل هذا من مودة الله لك.

 

 

المعنى الثاني: أنه يخلق الود بين عباده

 المعنى الثاني: أن الله يخلق الود بين عباده،

 

 

المودة بين الآباء والأبناء

 أودع في قلب الأم والأب محبة للولد لا توصف.
 مرة كنت في سفر، فالتقيت بمدير شركة عملاقة في الخليج، فجاءه اتصال هاتفي، بعد أن انتهت المكالمة قال لي: الأفندي ـ ابنه عمره أربع سنوات ـ أعطاني أمره أن أذهب وأوصله إلى رفيقه، وهذا المدير تحت يده ألف موظف، تحت يده عدد من الموظفين كبير جداً، قال لي: هكذا أمره لأنه، من أودع في قلب الأب هذا الحب ؟ هذه محبة الله أودعها الله في قلب الآباء، فإذا أحب أبٌ ابنه أحبه الله.

 

 

﴿ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي﴾

 

( سورة طه الآية: 39 )

 في قلوب الخلق، فيخلق المودة بين الآباء والأبناء،

 

بين الأزواج والزوجات

 الود بين الزوجة وزوجته في الأصل شيء لا يوصف، تغار عليه من ظلها، وهو يحبها، من خلق هذه المحبة ؟ الله جل جلاله، والود بين العباد من خلق الله عز وجل.

 

 

معاني " سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا "

 مرة قرأت حديثاً، أن الله يخرج المؤمن من ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، كما يخرج الجنين من ضيق الرحم إلى سعة الدنيا.
 قبل أيام كنا في دعوة على طعام الإفطار، جلس إلى جانبي رجل قال لي: هل عرفتني ؟ قلت له: والله ما عرفتك، قال لي: أنا رائد فضاء، تذكرت عندئذٍ اسمه، قلت له: أنا تحدثت عنك كثيراً، قال لي: كيف ؟ قلت له: المؤمن ينتقل من ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة كما ينتقل الجنين من ضيق الرحم إلى سعة الدنيا، ذكرت له أن الإنسان في بطن أمه موجود في حيز لا يزيد على 750 سنتمترا مربعًا، هذا الجنين إذا خرج إلى الدنيا، وتقدمت به السن، وأصبح رائد فضاء ووصل للقمر، وقطع 360 ألف كم، فوازن بين الرحم 750 سنتمترا مربعًا، وبين رائد فضائي وصل إلى  القمر، إذاً الإنسان خُلق في ود ما بعده ود، الآية الدقيقة:

 

 

﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً﴾

 

( سورة مريم )

 أيْ ود معه، وود بين خلقه،

 

﴿ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ﴾

 يجعل لهم وداً معه، يتجلى على قلبك، يطمئنك، يجعلك آمناً، أنت آمن والناس خائفون، أنت موقن والناس متشككون، أنت راضٍ والناس ساخطون، أنت واثق من رحمة الله والناس يظنون ظن السوء ، لذلك:

 

 

﴿ إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ﴾

  دقق في أشياء لا تعد ولا تحصى هي من مودة الله لك.

 

 

﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾

 

( سورة الرحمن )

 الله عز وجل منحك الوجود، ومنحك الإمداد، ومنحك الهدى والرشاد، ومنحك زوجة، ومنحك أولادًا، ومنحك ذاكرة، أحد الأشخاص له حجم كبير في البلد، وصاحب معمل، خرج من معمله إلى بيته فلم يهتدِ إلى الرجوع إلى البيت، بقي ساعتين يبحث عن بيته، لكنه تذكر بيت ابنه، سألت طبيباً فقال: إنه فَقْدُ ذاكرةٍ جزئيٌّ، إنسان يفقد ذاكرته، وأنت أعطاك ذاكرة.
أحياناً بائع قطع تبديل يأتيه شخص، ويقول له: عندك القطعة الفلانية، يقول صاحب المحل لموظف عنده: اصعد إلى الرف الرابع، في القسم الثاني، القطعة الثالثة هاتها، معنى ذلك أن هذا المحل كله في ذاكرته.
الآن كلكم حينما يأتي للمسجد يضع حذاءه في مكان، لما يخرج يذهب إليه، هذه الذاكرة شيء لا يصدق، إنسان يعيش 60 سنة هناك 60 مليار صورة، ما هذه الذاكرة ؟ هذا من فضل الله علينا.
إذاً كلما زدت هذا الكون تفكراً زدت معرفة بالله عز وجل،

 

﴿ إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ﴾

 

 

الدعاء:

 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا أرضنا وارضَ عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور