وضع داكن
29-03-2024
Logo
مقاصد الشريعة - الدرس : 22 - الله أكبر
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

حقائق عن كلمة ( الله أكبر ):

أيها الأخوة الكرام، مع درس جديد من دروس مقاصد الشريعة الإسلامية.
في القرآن الكريم آيات الصيام، منها قوله تعالى:

﴿ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) ﴾

( سورة البقرة )

في نهاية هذا الشهر الكريم، شهر الصيام يظن أن الإنسان اهتدى إلى الله، لذلك لا بد من أن يقول في صبيحة يوم العيد: الله أكبر، هذا الدرس حول كلمة ( الله أكبر )

 

1 – لا يعرف حقيقة الله أحد، فاللهُ أكبر مما عرفتَ:

الحقيقة الأولى: أن الله عز وجل لا يعرفه إلا الله، مع أن النبي عليه الصلاة والسلام هو المخلوق الأول الذي عرف الله المعرفة الحقيقية، لا يمكن أن تكون لبشر، لذلك الله أكبر مما عرفت، بأي مرتبة، بأي مقام، بأي درجة، مهما توسعت في معرفة الله، مهما تبحرت في معرفة الله، مهما تعمقت في معرفة الله، مهما تفوقت في معرفة الله، مَن أنت أمام سيد الأنبياء والمرسلين ؟ هو كبشر لا يعرف الله المعرفة الكاملة.
أول معنى من معاني ( الله أكبر ) أن الله أكبر مما عرفت، والنبي عليه الصلاة والسلام الذي بلغ سدرة المنتهى، والذي بلغ مقاماً ما وصله مخلوق، ومع ذلك لا يعرف الله المعرفة الكاملة، معرفته نسبية، لأنه بشر، إذاً: لا يعرف الله إلا الله، هذا هو المعنى الأول.

2 – لابد من تطبيق حقيقة ( الله أكبر ):

لسانُ حال المسلمين التكذيب بمعاني ( الله أكبر )
لكن المعنى الثاني: هو الذي يعنينا كثيراً، هناك ما يسمى لسان المقال، وهناك ما يسمى لسان الحال، لا بد من التوضيح.
قد تزور طبيبا، وأنت لبق وذكي، وعندك مرونة اجتماعية، فتكتشف أن الطبيب دون المطلوب في اختصاصه، لكن بعد أن ينتهي من معالجتك تصافحه، وتثني عليه، وتشد على يديه، وتقدم له المبلغ الذي تراه مناسباً، وتشكره، لكنك اكتشفت أن علمه لا يكفي لمعالجتك، لسان مقالك الثناء عليه، لكن لسان حالك أنك لا تشتري الوصفة، بل تبحث عن طبيب آخر، فلسان الحال التكذيب، لكن لسان المقال الشكر والثناء.

لسانُ حال المسلمين التكذيب بمعاني ( الله أكبر )

الآن مليار وخمسمئة مليون مسلم لا أشك أن واحداً منهم في أيام العيدين لا يقول: (الله أكبر )، هذا لسان المقال، ولا قيمة له إطلاقاً، وحينما تقدم للمسلمين طعاماً مغشوشاً يسبب لهم أمراضاً وبيلة من أجل هامش ربح كبير فأنت ما قلت: ( الله أكبر ) ، ولا مرة، ولو ردتها بلسانك ألف مرة، لأن هذا المبلغ الذي حصلته من بضاعة غذائية فاسدة، لك أساليب في إدخالها، هذا المبلغ عندك أكبر من الله.
أنا أقول كلاما صريحا، حينما تقدم للمسلمين غذاء فاسدا، واحتلت على إدخاله، وجعلته صالحاً للاستهلاك البشري، وهو ليس بصالح، وحققت ربحا كبيرا فصلاتك وصيامك وحجك وزكاتك خسرتها كلها، وأبطلت عباداتك كلها، لأن هذا المبلغ رأيته أكبر من الله، ومن طاعته، ومن رضوانه.
لا أخصص حرفة من الحرف، كل الحرف التي يمتهنها الناس يمكن أن تكون محكاً لإيمانهم.
حينما توهم مريضا بشيء من أجل أن يجري عندك تحليلات وفحوصا على أجهزة غالية جداً، وهو لا يحتاجها، فما قلت ولا مرة: ( الله أكبر )، ولو ردتها بلسانك ألف مرة، لسان المقال لا قيمة له إطلاقاً هنا، قال تعالى:

﴿ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ (54) ﴾

( سورة التوبة)

هذا الحال، مشكلتي ليس مع القال، هذا الذي يطيع زوجته، فيسمح لها أن تتبرج، وأن تتزين في الطريق، وأن تبرز كل مفاتنها ويتباهى بها، ويرتدي ثوباً أبيض يوم العيد، ومعه مسبحة، ومتعطر، وكل مظهره إسلامي، هذا ما قال: الله أكبر، ولا مرة، لأنه رأى إرضاء زوجته أكبر من الله، هذه الحقيقة.
كلمة ( الله أكبر ) تنهد لها الجبال، هذا الذي رأى أن استقبال مندوب شركة هو وكيلها، ودعوته إلى مطعم، فطلب مشروبا، فمن أجل مصلحته، من أجل بقاء الشركة معه، من أجل ربح فلكي كبير قدم له المشروب، هذا ما قال: ( الله أكبر )، ولا مرة، ولو رددها بلسانه ألف مرة.
هذا الذي يطيع مخلوقاً، ويعصي خالقاً يرى أن هذا المخلوق أكبر من الله، لأن طاعته أغلى عنده من طاعة الله، فيطيعه ويعصي الله.
كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنْ اكْتُبِي إِلَيَّ كِتَابًا تُوصِينِي فِيهِ، وَلَا تُكْثِرِي عَلَيَّ، فَكَتَبَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِلَى مُعَاوِيَةَ: سَلَامٌ عَلَيْكَ، أَمَّا بَعْدُ ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:

(( مَنْ الْتَمَسَ رِضَا اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللَّهُ مُؤْنَةَ النَّاسِ، وَمَنْ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى النَّاسِ ))

[ الترمذي ]

كلمة ( الله أكبر ) يجب أن تكون معك في كل دقيقة، فحينما تحلف على كتاب الله أن البضاعة لم تربح فيها، ورأس مالها أغلى من ثمن بيعها، والأمر ليس كذلك، وأقسمت بالله فأنت رأيت أن الربح الناتج عن هذا الكذب أكبر عندك من الله.
لذلك إذا قلت: مؤمن فأعني إنسانا فذًّا، إنسانا منضبطا أخلاقياً، منضبطا عقدياً منضبطا جمالياً، لا يبيع دينه ولا بمليار، ولا بمئة مليار، المؤمن رقم صعب، لا يباع ولا يشترى، ولا يساوم، لا ترهبه سياط الجلادين اللاذعة، ولا تغريه سبائك الذهب اللامعة.

 

3 – حقيقة ( الله أكبر ) صمودٌ عند الإغراءات:

إن لم يستوِ عندك التبر والتراب فلست مؤمناً، المئة مليار مثل الليرة، الحرام حرام، تركله بقدمك.
كنت أقول دائماً: في معامل الإسمنت في كل طبخة تصب مكعبات، هذا المكعب يوضع على جهاز بسيط جداً يمسك المكعب من أعلاه، وفي أسفله كفة ميزان، توضع فيه أوزان، على أي وزن كسر هذا المكعب فهذه مقاومة الإسمنت، كل طبخة لها مقاومة، وأنا أقول: قد تترفع عن ألف ليرة، وتقول: أعوذ بالله، لا آكل الحرام، لكن مليون ليرة تقول: هذه بلوى عامة، وأنا عندي أولاد، لماذا على الألف كنت عنيفا جداً، والذي قدم لك الألف أقمت عليه الدنيا، لكن المليون سكتت، لماذا سكتت ؟ لان قلبك، لماذا بحثت عن تبريرات، إنك لم تقل: ( الله أكبر )، ولا مرة، ولو رددتها بلسانك ألف مرة، هذا الكلام الصريح، هذا الكلام المزعج، هذا الكلام الذي لا يحابي أحداً، هذا المظهر الديني مظهر فقط، لما تعامله تفاجأ، تسافر معه فتفاجئ، تجاوره تفاجَأ، تزوجه فتفاجأ، أين صلاحه ؟ أين دينه ؟ في النواحي المادية يتنكر لكل شيء، فلذلك حينما تقول: ( الله أكبر )
يجب أن تعلم أن هذه الكلمة خطيرة جداً، وحينما تفوتك عبادة من أجل عرض من الدنيا قليل فما قلت: ( الله أكبر )

4 – حقيقة ( الله أكبر ) قولُ الحق من غير خشية الناس:

مرة إنسان كان لا يصوم في بعض السنوات، أراد أن يصوم، فصام، هو موظف في دائرة، دخل إلى رئيسه، قال له: أنت صائم ؟ قال: لا، أعوذ بالله، لست صائما، قال: هاتوا له القهوة، شرب، خاف أن يتهم أنه صائم، رأى رضاء رئيس الدائرة أكبر عنده من إرضاء الله عز وجل.
قد يكون الإنسان في مكان، ويقدَّم على الطاولة الخمر، يقول: أنا معي قرحة، ما جرأت أن تقول: أنا لا أشرب الخمر، لأني مسلم، ولأن الدين يمنعني أن أشرب الخمر، ما قدرت أن تقولها، رأى أن هذا الذي على الطاولة أكبر من الله، فكذب إرضاءً له.

هذا حال وواقعُ المسلمين، وللأسف:

 

أيها الإخوة، أنا أقول كلاما ليس من فراغ، حينما أرى مسلما في الصف الأول يرتاد المساجد، وحينما تتعرض مصالحه للخطر يصبح إنساً آخر، أو حينما تأتيه إغراءات شديدة يتخلى عن كل مبادئه، مِثْلُ هذا المسلم لا وزن له عند الله إطلاقاً، ومِثل هذا العدد الغفير مليار وخمسمئة مليون لا وزن لهم عند الله، لذلك لما يرى الإنسان ما يحل بالمسلمين قد لا يصدق، لقد هان الله عليهم فهانوا على الله.
والله حدثني أخ توفي ـ رحمه الله ـ هو رجل من الدعاة إلى الله، ومن أصل ألباني، سافر إلى بلده، وألقى خطبة في أضخم مسجد هناك، قال: أمامي عشرون ألفا، ومن شدة تأثرهم بخطابه بكوا بكاءً شديداً، قال: العجيب أن كل واحد في جيبه زجاجة خمر، يشرب في المسجد لتأثره بالخطبة، والله هذه القصة سمعتُها من فمه إلى أذني بغير وسيط، حتى لا تقول: إنها قصةٌ مبالغ فيها، قال: وأنا أخطب تسحب من الجيب قوارير الخمر، تأثروا، لأن خطبة مؤثِّرة .
المسلمون بهذا المستوى لا يفرق أحدُهم بين الخمر وغير الخمر، عندنا معاهد شرعية، طلاب جاءوا من بلاد بعيدة، معهم قوارير خمر في المعهد الشرعي، هذا عادي جداً، الإسلام شكل، لم يبق من الإسلام إلا اسمه، ولم يبقَ من القرآن إلا رسمه، هان أمر الله على الناس فهانوا على الله.
كلمة ( الله أكبر ) تهدّ لها الجبال، تعمل وتكسب المال، وتتزوج، وتؤسس عملا، وتأخذ الدكتوراه، وتكون أستاذا كبيرا، لكن هناك إله سيحاسب.
والله أيها الإخوة، لا شيء يدهش ويوقع في الحرج، كأن ترى إنسانًا حسن السيرة في التعامل اليومي، ما عنده دقة إطلاقاً، وكم مِن بائع له ديون كبيرة جداً على الناس.
هناك إنسان قرأ السيرة قراءة واعية، فلما رأى النبي عليه الصلاة والسلام يريد أن يصلي على أحد صحابته، صحابي جليل عاش مع النبي خاض معه غزوات، قال: أعليه دين ؟ قالوا: نعم، قال: صلوا على صاحبكم، إلى أن قال أحدهم: علي دينه يا رسول الله، فصلى عليه، سأله في اليوم التالي: أأديت الدين ؟ قال: لا، سأله في اليوم الثالث أأديت الدين قال لا سأله في اليوم الرابع أأديت الدين قال نعم، قال: الآن ابترد جلده.
أنا لا أصدق أن تاجرا في هذا البلد، أو بأي بلد إسلامي ليس له مع الناس مئات الألوف، بل ملايين دينا ذهبت عنه، والذي أخذ هذا الدين يصلي في المسجد، أين النصوص ؟ كيف سوّلت لك نفسك أن تأخذ هذا المال ؟ إنسان اشترى بضائع بكميات كبيرة، وباعها، وقبض ثمنها، وزوج أول ولد، والثاني، واشترى بيتا وسيارة لكل واحد، وبدأ يماطل بهذه الديون، وهي مبالغ فلكية عليه، وهو من رواد المساجد، وهو يماطل سنين متعددة، أين الدين ؟ أين حرمة الدين ؟ دققوا: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

(( يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلَّا الدَّيْنَ ))

[ مسلم ]

الشهيد قدم حياته، هل هناك أغلى من الحياة ؟ حياته التي قدمها في سبيل الله لا تشفع له عند الله إذا أكل المال الحرام.
سبعمئة ألف دعوى كيدية في قصر العدل، اغتصاب شركات، اغتصاب بيوت، ديون ميتة، بعضهم من رواد المساجد، ويصلون في أول صف، والجميع يرتدي ثيابا إسلامية، ويتعطر يوم الجمعة، ومعه مسبحة، يسبح بها الله عز وجل، وكل أموره دينية،

﴿ إِنّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِينًا ﴾،

ومصحف في السيارة، والديون التي عليك !!! صار الإسلام فلكلوريا ومظهرا في محله التجاري، أول شيء آية قرآنية:

﴿ إِنّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِينًا ﴾

، في سيارته مصحف، حتى إذا كلمته بالهاتف تسمع القرآن على الخلوي، أو نشيدا، مسلم من كل نواحيه، والديون التي عليك ؟!! التناقض المريع بين هويتك ومعاملتك هو الذي أوصل المسلمين إلى ما هم عليه الآن، هان أمر الله على الناس فهانوا على الله، كل المظاهر إسلامية صارخة، مظاهر إسلامية، فن إسلامي، بطاقة إسلامية، كل شيء إسلامي، أما الإسلام الحقيقي، إسلام الورع، ركعتان من ورع خير من ألف ركعة من مخلط، الذي خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً، من لم يكن له ورع يصده عن معصية الله إذا خلا لم يعبأ الله بشيء من عمله.
حقوق العباد مبنية على المشاححة، بينما حقوق الله مبنية على المسامحة.
على مستوى النساء، إن جلس النساء مع بعضهن كانت الغيبة والنميمة، وفلانة وعلانة، وشكلها، وبيتها، وزوجها، وأولادها، يُشرّح الإنسان تشريحا كاملا في غيبته.
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: حَكَيْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا فَقَالَ:

(( مَا يَسُرُّنِي أَنِّي حَكَيْتُ رَجُلًا، وَأَنَّ لِي كَذَا وَكَذَا، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ صَفِيَّةَ امْرَأَةٌ، وَقَالَتْ بِيَدِهَا هَكَذَا، كَأَنَّهَا تَعْنِي قَصِيرَةً، فَقَالَ: لَقَدْ مَزَجْتِ بِكَلِمَةٍ لَوْ مَزَجْتِ بِهَا مَاءَ الْبَحْرِ لَمُزِجَ )) 

[ الترمذي ]

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: 

(( يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا، غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: هِيَ فِي النَّارِ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصَلَاتِهَا، وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنْ الْأَقِطِ، وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: هِيَ فِي الْجَنَّةِ )) 

[ أحمد عن أبي هريرة ]

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

(( عُذِّبَتْ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا، فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ، قَالَ: فَقَالَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ: لَا أَنْتِ أَطْعَمْتِهَا، وَلَا سَقَيْتِهَا حِينَ حَبَسْتِيهَا، وَلَا أَنْتِ أَرْسَلْتِهَا، فَأَكَلَتْ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ))

[ مُتَّفَقٌ عَلَيْه ]

هذا ما تعنيه كلمة ( مؤمن ):

أيها الإخوة، كلمة مؤمن، مرتبة كبيرة، ومن حياتنا المعاصرة كلمة دكتور معه وثيقة إتمام مرحلة قطعاً، معه شهادة إعدادية، معه شهادة ثانوية، معه ليسانس، معه دبلوم أول، دبلوم ثان، ماجستير، دكتوراه، ثلاث وثلاثين سنة دراسة، من أجل حرف ( د ) إلى جانب اسمه، معه كل هذه الشهادات، ما معنى مؤمن ؟ يعني المستقيم، الصادق، الأمين، العفيف، الرحيم، المنصف، المتواضع، كلمة مؤمن مرتبة أخلاقية، ليس هناك مؤمن مخادع، ولا مؤمن كاذب:
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(( يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى الْخِلَالِ كُلِّهَا إِلَّا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ ))

[ أحمد]

فالذي يخون، أو يكذب ليس مؤمناً قطعاً.

وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ

 

والله هناك آية تنهد لها الجبال، يقول الله عز وجل:

﴿ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ (24) ﴾

( سورة ص )

قد يستأثر الشريك بالشركة لنفسه، لأن الشركة باسمه، والخبير ما أدخل اسم الشريك الثاني، وبعدما أخذ خبرته، وتمكن بدأ يضايقه بأسلوب ذكي جداً، ضايقه وأهمله فأخذ قرارا من دون رأيه حتى ضجر، فانسحب واستأثر بالشركة، هذا الشريك بغى على شريكه.

﴿ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ (24) ﴾

( سورة ص )

زوج له زوجة ثرية، هددها بالطلاق، إن لم تكتب له أحد البيوت، فكتبت له أحد البيوت، ثم طلقها، قال تعالى:

﴿ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ (24) ﴾

( سورة ص )

ماذا استنبط الإمام الشافعي من هذه الآية ؟ قال: إن الذي يبغي على خليطه ليس مؤمناً، هو صائم مصلٍّ، وله ثماني عشرة حجة، وثلاث وثلاثون عمرة، واغتصب شركة، وأكل مالا ليس له، هذا ليس مؤمناً، فكلمة مؤمن مرتبة أخلاقية، كلمة مؤمن مرتبة جمالية أذواقه الخاصة.
المرأة التي وضعت خمارا تعني أنها محجبة، لكنها تلعب النرد، والأغاني تصدح، والطاولة الثانية فيها خمر، زوجها محافظ وزوجته محافظة، هل هذا المكان لكم ؟ هل هذا مكان المؤمنين ؟ هذا مكان عام فيه خمور تدار، والأغاني تصدح، ولعب النرد... هل هذا مكان مؤمن ؟ المؤمن مرتبته جمالية، وله أذواق خاصة، لقاءاته خاصة، عنده انضباط، عنده منهج، المؤمن مرتبة علمية وأخلاقية وجمالية.

خاتمة:

لذلك أيها الإخوة الكرام، أختم هذا اللقاء الطيب بالقول: إن الذي يطيع مخلوقاً، ويعصي خالقاً، يغش المسلمين، ويطيع زوجته، ويعصي ربه، ما قال: ( الله أكبر )، ولا مرة ولو رددها بلسانه ألف مرة.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور