وضع داكن
26-04-2024
Logo
الخطبة : 1081 - المناسبة ، العبر والدروس من هذه المناسبات .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخــطــبـة الأولــى :

الحمد لله نحمده، ونستعين به، ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته، وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله، سيد الخلق والبشر، ما اتصلت عين بنظر، أو سمعت أذن بخبر، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين أمناء دعوته وقادة ألويته و ارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين.

الله عز وجل خلق هذا العالم وفق نظام السببية :

لم يخلق الله أي شيء عبثاً فلكل شيء سبب
أيها الأخوة الكرام، قبل أيام مرت ذكرى الإسراء والمعراج، والحقيقة أن هذه الموضوعات موضوعات المناسبات تعالج دائماً بذكر وقائع هذه المناسبات، وقد حفظ المسلمون جميعاً دقائق هذه الوقائع وأبعادها، ولكن الذي يعنينا اليوم الدروس والعبر التي يمكن أن تستقى من هذه المناسبة.
أولاً أن الله عز وجل حينما قال:

﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (83) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84) فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85) ﴾

( سورة الكهف )

التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب
أي أن الله عز وجل خلق هذا العالم وفق نظام السببية، كل شيء له سبب، والسبب له نتيجة، والنتيجة تأتي بعد السبب، والسبب يأتي قبل النتيجة، هذا من سنن الله في خلقه، لكن الناس يتوهمون أحياناً أن السبب وحده يخلق النتيجة، من توهم هذا التوهم وقع في الشرك، العالم الغربي أخذوا بالأسباب بشكل يلفت النظر واعتمدوا عليها وحدها وألهوها وقعوا في وادي الشرك، بينما المسلمون في عصورهم المتأخرة لم يأخذوا بالسبب أصلاً وتوكلوا توكلاً ساذجاً سماه العلماء تواكلاً، وقعوا في وادي المعصية هؤلاء أشركوا وهؤلاء عصوا، ما الموقف الكامل ؟ أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ثم تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء، هذا الموقف يحتاج إلى علم وإلى إرادة، يحتاج أن تأخذ ابنك المريض لا سمح الله إلى أعلى طبيب، وأن تعطيه الدواء بعناية فائقة، وتتوجه من أعماق قلبك إلى الله ليشفيه، لم تعتمد على الأسباب لكنك أخذت بها طاعة لله عز وجل.

 

اعتماد النبي الكريم على الله بعد أن أخذ بالأسباب أثناء هجرته من مكة إلى المدينة :

النبي عليه الصلاة والسلام كان من الممكن أن ينتقل من مكة إلى المدينة كما انتقل من مكة إلى بيت المقدس بلمح البصر، ولكن علّمنا النبي عليه الصلاة والسلام في الهجرة أن نأخذ بالأسباب، علمنا كيف أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يدع ثغرة إلا وغطاها الأخذ بالأسباب دون اهمال أي صغيرة أو كبيرة
كلف إنساناً يأتيه بالأخبار، وكلف إنساناً يمحو الآثار، وكلف إنساناً يأتيه بالطعام، واتجه ساحلاً على عكس طريق المدينة ليضلل المطاردين، وقبع في غار ثور أياماً ثلاثة، وأخذ بكل الأسباب عبادة، لكن شاءت حكمة الله أن يرينا ربنا أنه أخذ بالأسباب ولم يعتمد عليها، اعتمد على الله فلما وصلوا إليه وشاءت حكمة الله أن يصلوا إليه قال له الصديق: يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى موطئ قدمه لرآنا قال يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما.
والله الذي لا إله إلا هو لا ينجح المسلمون اليوم وهم في محنة، العالم كله يحاربهم، حرب عالمية ثالثة معلنة على المسلمين في كل بقاع الأرض، كانت قبل الحادي عشر من أيلول غير معلنة لكنها بعد الحادي عشر من أيلول أصبحت معلنة جهاراً ونهاراً، ولا ينجي المؤمنين من هذه المحنة إلا أن يأخذوا بالأسباب وكأنها كل شيء ثم يتوكلوا على الله وكأنها ليست بشيء، قال تعالى:

﴿ وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ ﴾

( سورة الأنفال الآية: 60 )

على المسلم أن يأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ثم يتوكل على الله وكأنها ليست بشيء :

تسافر ينبغي أن تراجع المركبة مراجعة تامة، وبعدها تتوجه من أعماق أعماقك إلى الله أن يا رب أنت المسلم احفظني في هذه الرحلة، المؤمن الطالب يدرس ليلاً نهاراً، يقرأ المراجع جميعاً، يتابع، يدقق، يلخص، وعند الامتحان يقول يا رب أنت الموفق قدمت الذي عليّ اعقلها وتوكل
هذا هو الموقف في أداء فحص، في معالجة مرض، في تجارة، في صناعة، في أي نشاط، هذا المفهوم الدقيق مفهوم الأخذ بالأسباب والتوكل على رب الأرباب الجمع بينهما يندر أن تراه في المسلمين، تجد مسلماً ساذجاً يقول توكلنا على الله لا يعد، ولا يخطط، ولا يسأل، ولا يبحث، ولا يدرس، هذا توكل ساذج، توكل أعمى، هذا التوكل لن يجدي نفعاً معنا ولا مع أعدائنا، هم يخططون، يهيئون، يعدون، ونحن نتواكل وندعي أن الله معنا:

﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ (18) ﴾

( سورة المائدة)

بماذا ردّ الله عليهم ؟

 

﴿ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ (18) ﴾

( سورة المائدة)

ولو قال المسلمون هذا الكلام نحن أمة محمد يقول الله لهم: قل فلما أعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق، ينبغي أن نأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ثم نتوكل على الله وكأنها ليست بشيء.

 

عدم خضوع الإسراء بالنبي الكريم إلى قانون البشر أو قانون الزمان و المكان :

ولكن لئلا نتوهم كما يتوهم الغرب أن السبب كافٍ لخلق النتيجة أحياناً تعطل الأسباب، قال تعالى: المعجزة لا تحتاج إلى سبب

﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ ﴾

( سورة الإسراء الآية: 1 )

هذا الإسراء لا يخضع لقوانين البشر، لا يخضع للزمان وللمكان، لا يخضع للتنقل، لو أنه خضع للتنقل يوجد بالجو أماكن الحرارة ألف وخمسمئة درجة عطلت كل القوانين فالذي قنن القانون يقنن غيره، والذي قنن القانون يعطله، والذي قنن القانون يجمده، والذي قنن القانون كقوله تعالى:

 

﴿ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾

( سورة الأنبياء )

أيضاً هناك أناس أفقهم ضيق جداً درسوا في العالم الغربي يقول: لا، الإسراء والمعراج غير معقول لأنه عدّ عقله مرجعاً، عقلك جهاز الله خلقه، كما أن الله خلق هذا العقل وخلقه على مبدأ السببية كان من الممكن أن يخلقه على مبدأ آخر مبدأ اللا سبب.

 

الدروس والعبر التي يمكن أن تستقى من الإسراء و المعراج :

1 ـ القوانين التي سنّها الله تعالى بيده يبدلها في أية لحظة و يغيرها:

الأمر بيد الله عز وجل
أيها الأخوة، الدرس الأول من دروس الإسراء والمعراج أن الله تنظيماً للحياة، وترسيخاً للمبادئ، وراحة للإنسان، جعل قوانين، وجعل أسباب ونتائج، لكن هذه القوانين بيده في أية لحظة يبدلها، يغيرها، لذلك هذا أهم شيء في الحروب بحسب المنطق لا تستطيع قلة قليلة أن تقف في وجه كثرة كثيرة، ولكن حينما يقلل الله الكفار في أعين المؤمنين، ويكثر المؤمنين في أعين الكفار ننتصر عليهم، والتاريخ الإسلامي حافل بانتصارات لا يقبلها العقل، ثلاثون ألف لا يقفون أمام ثلاثمئة ألف وهذا حصل، فلذلك أنت حينما تؤمن من خلال الإسراء والمعراج أن هذا القانون بيد الله، يجمده، يعدله، يبدله، يلغي مفعوله كقوله تعالى:

 

﴿ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾

( سورة الأنبياء )

لا تقلق.

 

قصص الأنبياء ليست قصصاً للتاريخ و إنما قصصاً لنا تملأ النفس ثقة بالله تعالى :

إذاً أيها الأخوة، نحن حينما نقرأ قصص الأنبياء قد يخطر في بالنا أنها قصة للتاريخ، لا، ليست للتاريخ، لنا، يعني فرعون بقوته، بجبروته، بأسلحته، بجيشه، بحقده، بطغيانه، وراء شرذمة قليلة من أتباع موسى عليه السلام، هو وراءهم وصلوا إلى البحر، اسأل مليار إنسان في أمل ؟ الأمل صفر:

﴿ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) ﴾

( سورة الشعراء )

ثق بالله وتيقن من قدرته
البحر ماء مؤلف من ذرات، الذرات مؤلفة من نواة وكهارب، بين مادة غازية ومادة صلبة كهرب واحد، إذا الله عدّل كهروباً واحداً كنّا أمام بحر فإذا نحن أمام طريق يبس مشى فيه موسى، فلما خرج من الضفة الثانية وفرعون في وسط البحر عاد البحر بحراً هذه القصة لنا:

 

﴿ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾

 

( سورة آل عمران )

الله عز وجل ما طالبكم أيها المسلمون أن تعدوا العدة المكافئة أبداً فوق طاقتنا طالبنا أن نعد القوة المتاحة فقط:

﴿ وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ ﴾

( سورة الأنفال الآية: 60 )

بقدر ما تستطيعون وعلى الله الباقي، هذا المعنى يملأ النفس حماساً وثقة بالله ويقيناً وهذا المعنى يرفع معنويات المسلمين.

 

ترسخ ثقافة الهزيمة عند المسلمين :

الآن أيها الأخوة، هناك حالة اسمها ثقافة الهزيمة، لو حصل انتصار لا نصدقه نحن نقول مؤامرة، تمثيلية، ترسخ عندنا ثقافة الهزيمة، لا نقبل أية انتصار، والحقيقة أن الخط البياني لأعداء الأمة هابط، وكلكم يعلم علم اليقين أن المخطط الذي رسم لهذه المنطقة لم ينجح أبداً هم غيروا نحن لم نغير، لم ينجح:

﴿ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا ﴾

( سورة آل عمران: الآية 139)

ثقافة الهزيمة نتيجة لعدم الثقة المطلقة بالله
الدرس الأول من دروس الإسراء والمعراج أن الله عز وجل من أجل ترسيخ النظام في الحياة جعل لكل سبب نتيجة ولكل نتيجة سبباً، ولكن بأي لحظة الله يجمد القانون، يلغيه كما ألغاه في الإسراء والمعراج:

 

﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ ﴾

( سورة الإسراء الآية: 1 )

إنسان ينتقل من مكة إلى بيت المقدس، ويصعد إلى الطبقات العلا في السماء إلى سدرة المنتهى، ويعود إلى المقدس، ثم إلى مكة وفراشه لا يزال ساخناً، معنى ذلك القوانين كلها عطلت، لكن قدّم لله طاعة وإخلاصاً وصدقاً ومحبة، ترى ما يشبه المعجزات:

 

﴿ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249) ﴾

(سورة البقرة)

أخطر ما يصيب الأمة الإسلامية أن تهزم من الداخل :

أخطر شيء أيها الأخوة، أخطر ما يصيب الأمة أن تهزم من الداخل:

﴿ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾

( سورة آل عمران ).

الإيمان بالله يجعلك قوياً شجاعاً جريئاً
هذا هو الدرس الأول السبب ليس كافياً لخلق النتيجة، لكن الله هو خالق النتيجة عن طريق السبب كي تنتظم حياتنا، لكن في ظروف صعبة الله عز وجل يعطل الأسباب كيف ؟ حاكم قوي طاغوت مثلاً أحياناً لا يستطيع أن يفعل شيئاً مع إنسان مؤمن، الحسن البصري أدى رسالة العلماء، غضب من كان بيده الأمر قال والله لأروينكم من دمه، أمر بقتله، القضية سهلة جداً قرار لا يحتاج لا إلى محاكمة ولا إلى تصديق ولا إلى نقد، أمر بقتله، ائتوني به، دخل إلى مكان قتله فحرك شفتيه، لم يفهم أحد ما قال، فإذا بهذا القوي الذي أمر بقتله يقف له ويستقبله يقول: أهلاً بأبي سعيد، أنت سيد العلماء، ومازال يقربه من مجلسه حتى أجلسه على سريره واستفتاه، وأكرمه، وعطره، وضيفه، وشيّعه إلى باب القصر ، السياف صُعق، لماذا جيء بي ؟ جيء بي لأقتله، تبعه الحاجب قال: يا أبا سعيد، لقد جيء بك لغير ما فعل بك، ماذا قلت بربك ؟ قال له: قلت: يا ملاذي عند كربتي، يا مؤنسي في وحشتي، اجعل نقمته عليّ برداً وسلاماً، كما جعلت النار برداً وسلاماً على إبراهيم.
وانتهى الأمر هذا المعنى معنى التوحيد الأمر بيد الله:

 

﴿ قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى * قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ﴾

( سورة طه )

هذا الإيمان هو الذي يجعلك قوياً شجاعاً جريئاً.

 

جعل الله عز وجل السبب قبل النتيجة ترسيخاً للنظام وإراحة للإنسان :

أيها الأخوة الكرام، إذاً إياكم أن تتوهموا أن السبب يكفي لخلق النتيجة، لابدّ من فعل الله عز وجل، لكن الله عز وجل لتنتظم حياتنا جعل السبب قبل النتيجة ترتيب، أما الذي يخلق النتيجة هو الله العقل يعتمد مبدأ السببية ولكن الله فوق كل شيء
الدليل زوجان شابان يتمتعان بأعلى درجة من الصحة، وجاهزية الأعضاء، لا ينجبان، الله عطل السبب، السبب كاف، زوج وزوجة كلاهما شاب لا ينجبان والسيدة مريم جاءها المخاض من دون أن يمسها إنسان:

﴿ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ (47) ﴾

(سورة آل عمران)

هذين مثالين صارخين، العقم مثال وإنجاب ابن من دون أب مثال، سيدنا عيسى، إذاً الله عز وجل ترسيخاً للنظام وإراحة للإنسان جعل الحياة وفق نظام السببية، وجعل عقلك على مبدأ السببية، أنت لا تفهم شيئاً بلا سبب لكن أحياناً يتم شفاء تام بلا أسباب، العلماء الأطباء السابقون وضعوا هذا مع الخرافات لكنهم قبل عشر سنوات أحدثوا في الطب علماً اسمه الشفاء الذاتي ظاهرة ورم خبيث بالدرجة الخامسة، والله الذي لا إله إلا هو القصة منذ اثنين وعشرين عاماً مريض أصاب رئته مرض خبيث من الدرجة الخامسة، أطباء كثر، مخابر في دمشق، في بريطانيا، والأطباء أصدقائي حكموا عليه لا أمل في شفائه إطلاقاً، هو الآن حي يرزق لا يشكو شيئاً.

 

الاستعانة بالله و عدم العجز المنهج الذي ينبغي أن يتبعه المسلمون :

أنت حينما تؤمن أن السبب لا يخلق النتيجة ولكن الله يخلقها، ولكن ترسيخاً للنظام، وإراحة للإنسان رتب الأمور هكذا، لكن لو واجهت موقفاً عظيماً استعن بالله ولا تعجز، أما المنهج الذي ينبغي أن يفعله المسلمون يقول النبي عليه الصلاة والسلام:

(( إِنَّ اللَّهَ تَعالى يَلُومُ على العَجْزِ ))

[ رواه أبو داود عن عوف بن مالك رضي اللّه عنه ]

السبب لا يخلق النتيجة بلا توفيق من الله
أشد اللوم تقول ما بيدنا شيء، انتهينا، أعداؤنا أقوياء جداً، الإعلام بيدهم، والأموال بيدهم، والثروات بيدهم، والتحالفات كلها معهم، لا، إذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟ أنت بالله أقوى الأقوياء، وأنت بالله أحكم الحكماء، وأنت بالله أغنى الأغنياء، نحتاج إلى إيمان، هناك إله ما سلمنا إلى أحد، كيف يأمرنا أن نعبده وقد سلمنا إلى غيره ؟ لا، قال تعالى:

 

﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾

( سورة هود الآية: 123 )

كله بيده، بالأثر القدسي:

(( أنا مالك الملوك، وملك الملوك، قلوب الملوك بيدي، وإن العباد إذا أطاعوني حولت قلوب ملوكهم عليهم بالرأفة والرحمة، وإن العباد إذا عصوني حولت قلوبهم عليهم بالسخط والنقمة، فلا تشغلوا أنفسكم بالدعاء على الملوك، ولكن اشغلوا أنفسكم بالذكر والتضرع أكفكم ملوككم ))

[ رواه الطبراني عن أبي الدرداء ]

الأمر بيد الله والمعجزة حق وإن استغربها العقل :

يجب أن تعبد إلهاً واحداً هو الله، وكل ما تتوهم أنهم أقوياء بيده، نحن وضعنا أمام وحوش مخيفة، كل وحش يمكن أن يلتهمنا بلقمة واحدة، لكن هذه الوحوش بيد الله والله عزّ جل عليم وحكيم وعادل ورحيم، أنت علاقتك مع من ؟ ليست مع الوحوش هي بيد الله، أزمتها بيد الله إن كنت معه شدّ الزمام فابتعد عنك، إن تركته أرخى الزمام فاقترب منك، هذه القصة كلها، ابن ممسك بيد أمه ترك يد أمه لحقه كلب ونبح عليه، يعني ارجع إلى أمك، هذا ملخص الملخص، الله عز وجل يسوق الأقوياء ويهدد الضعفاء، كي يلجأ الضعفاء إلى الله عندئذ يكونوا أقوياء الله قادر على كل شيء
هذا هو الدرس الأول من دروس الإسراء والمعراج، الأمر بيد الله كن فيكون زل فيزول، والمعجزة حق وإن استغربها العقل، هذا قانون من قننه ؟ الله عز وجل، من خلق القانون ؟ من قال إن النار تحرق ؟ الله عز وجل، الذي أعطى النار قوة الإحراق يأخذ منها هذه القوة، يا نار كوني برداً، لو قال برداً لمات من البرد، لو قال برداً فقط لمات من البرد قال وسلاماً كي لا يموت، لو كان الأمر كوني برداً وسلاماً انتهى مفعول النار إلى الأبد قال على إبراهيم فقط:

﴿ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾

( سورة الأنبياء )

قانون بيد الله عز وجل والقوي بيد الله عز وجل أحياناً إذا أنت مع الله يملأ قلب القوي خوفاً منك:

(( نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ ))

[ البخاري ومسلم عن أبي هريرة ]

أما لما أمته تركت سنته هزمت بالرعب مسيرة عام، تلويح، تهديد، ترتعد فرائصنا، هذا من ضعف إيماننا.

2 ـ أية محنة تصيب المؤمن استناداً إلى درس الإسراء والمعراج يعقبها منحة من الله:

أيها الأخوة، الدرس الثاني أكتفي به أن المؤمن على استقامته، وعلى محبته لله، وعلى طاعته أحياناً يمتحنه الله بمصيبة الشدة والضيق بيد الله يعقبها الفرج بإذنه تعالى
لذلك الكلام للمؤمن أية محنة تصيب المؤمن استناداً إلى درس الإسراء والمعراج يعقبها منحة، كل محنة وراءها منحة وكل شِدة وراءها شَدة إلى الله، كان النبي عليه الصلاة والسلام في الطائف تصور إنساناً بحجم النبي، في مقام النبي، سيد الأنبياء والمرسلين، سيد ولد آدم، سيد البشر، قمة البشر، يضرب، الله عز وجل مكنه أن ينتقم منهم:
جاءه ملك الجبال، وقال له:

(( إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمْ الْأَخْشَبَيْنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ))

[ متفق عليه عن عائشة]

محق كامل، اعتذر عنهم ودعا لهم ولم يتخلَ عنهم ورجا الله أن ينجبوا أولاداً موحدين، هذا الكمال:
إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي، هذه الشدة إن كانت تعني أنك غاضب عليّ أنا أستغفرك، وإن كان ليس لها علاقة بغضبك أنا راض بها ولكن عافيتك أوسع لي.

 

الإسراء والمعراج هو الردّ الإلهي على محنة النبي عليه الصلاة والسلام :

الآن ننتقل إلى سورة الإسراء:

﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ ﴾

( سورة الإسراء الآية: 1 )

من دعا الله وأخلص الدعاء يفرج الله عنه
لو أن شخصاً ضعيفاً في حفظ القرآن الكريم أيّ كلمتين تناسبان هذه الآية ؟ أنا أعتقد:

 

﴿ إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾

( سورة الأحقاف )

أخذه من مكة إلى بيت المقدس وهو في السماوات العلا، قال تعالى:

 

﴿ إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) ﴾

( سورة الإسراء الآية: 1 )

يا رب ما علاقة سميع بصير بالآية ؟ يعني يا محمد سمعنا دعاءك في الطائف، سمعنا تواضعك في الطائف، سمعنا رحمتك بالطائف، سمعنا ترفعك عن الانتقام منهم بالطائف، سمعنا منك بالطائف دعوة لهم، أنت في محنة كنت وسمعنا دعاءك وهذا هو ردنا أنت سيد الأنبياء والمرسلين.

 

الشدائد عقوبات من الله إن لم يكن الإنسان مستقيماً :

أيها الأخ الكريم، استقم كما أمرت كما قال الله عز وجل:

﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ (112) ﴾

( سورة هود)

يمتحنكم الله ليعيدكم إلى الطريق الصحيح
واعلم علم اليقين أن كل مؤمن يستقيم على أمر الله لو أصابته محنة ليعتقد اعتقاداً جازماً أن وراء المحنة منحة، مقتدٍ برسول الله، وكل شدة صحية، مالية، اجتماعية، في بيتك، في عملك، مع أولادك، وراءها شدة إلى الله هذا الدرس الثاني، الإسراء والمعراج هو الرد الإلهي على محنة النبي عليه الصلاة والسلام، حينما جفاه أهل الأرض رحبت به السماء فكان سيد الأنبياء والمرسلين، لذلك:

 

﴿ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾

( سورة آل عمران )

بشرط أن يكون هناك استقامة، إذا لم يكن هناك استقامة الشدائد عقوبات من الله، المال الحرام المال يتلف، لا تقول لي هذا امتحان لا هذا عقاب، هناك معصية كبيرة، جاء وراء المعصية شدة بالغة، هذه الشدة عقاب أنا أتحدث عن مؤمن مستقيم أصابته محنة ليعتقد اعتقاداً جازماً أن بعد هذه المحنة منحة، وأنّ بعد هذه الشدة شدة إلى الله.
على كل أيها الأخوة، لا تخلو حياة المؤمن من شدة تكون أحياناً عقاباً على تقصير أو معصية، ولا تخلو حياة المؤمن من شدة تكون امتحاناً مع استقامته وطاعته، ثم تستقر حياته على الإكرام، هناك مرحلة تأديب، مرحلة ابتلاء، مرحلة تكريم، هذه المراحل تتداخل أو تتمايز، يمكن بيوم واحد تأتي الإنسان شدة هي عقاب وشدة هي ابتلاء بيوم واحد فهناك مرحلة تأديب، مرحلة امتحان، مرحلة تكريم.

 

كل محنة وراءها منحة وكل شدة وراءها شدة :

النتيجة يخلقها الله وحده أما الأسباب فهي بيدك
أيها الأخوة الكرام، لابدّ من خطبة أخرى حول الإسراء والمعراج كي نستنبط هذه الدروس التي نحن في أمس الحاجة إليها، تحدثنا عن درسين ؛ عن درس أن الأسباب وحدها لا تخلق النتائج لابدّ من أن تأخذ بالأسباب تعبداً، ولابدّ من أن تنتظر النتائج قياساً، على أن الله جعل لكل نتيجة سبب، أما إن لم تكن النتيجة ينبغي أن تستسلم لحكمة الله عز وجل، واعلم علم اليقين أن النتيجة يخلقها الله وحده، لكن السبب هو سبب مباشر لها، أما السبب غير المباشر هو خلق الله لهذه النتيجة، هذا الدرس الأول، والدرس الثاني أن المحن والنتائج تسوق الإنسان إلى باب الله عز وجل، وكل محنة وراءها منحة وكل شدة وراءها شدة.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه يغفر لكم، فيا فوز المستغفرين، أستغفر الله.

* * *

الخــطــبـة الثانية :

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى صحابته الغر الميامين، و على آل بيته الطيبين الطاهرين.

القصص في القرآن ليست مقصودة لأخذ العلم بل لتكون نموذجاً قابلاً للإعادة :

أيها الأخوة، مرة ثانية وثالثة عود نفسك أن القصص التي في القرآن الكريم ليست مقصودة لأخذ العلم على أنها وقعت ولن تقع، أكبر وهم يقع به المسلم حينما يقرأ قصة عن نبي سابق أو عن قوم سابقين ويتوهم أن هذه القصة تاريخية وقعت ولن تقع، لذلك لحكمة بالغة بالغة بالغة أغفل الله التفاصيل، أغفل الله التفاصيل لأنه لو ذكر التفاصيل لكان توهمك صحيحاً قصة وقعت ولن تقع، لكن الله أغفل التفاصيل لا لتكون قصة تاريخية، لتكون نموذجاً قابلاً للإعادة في أية لحظة.

قصص الأنبياء ليست قصصاً فقط و إنما قانون سنّه الله عز وجل :

نبي كريم هو في البحر وقع فالتقمه الحوت، يا ترى اسأل مليون إنسان احتمال نجاة إنسان التقمه الحوت كم ؟ والحوت وجبته المعتدلة أربعة أطنان، فالإنسان لقمة واحدة، ما وزنك ؟ ثمانون كيلو لقمة واحدة، إذا أربعة طن الوجبة بين الوجبتين، ليس الوجبة الأساسية، هذه أربعة طن وسيدنا يونس وزنه كله سبعون كيلو لقمة واحدة فقط ودخل فمه الله رؤوف بعباده إن أخلص العبد وجهه لله تعالى
في ظلمة الليل وبعد مئتي متر البحر، ظلام دامس، وظلمة البحر، وفي بطن الحوت ما في كهرباء، في ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة بطن الحوت هو تحت ما في تغطية ؟ هناك تغطية ؟

﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) ﴾

( سورة الأنبياء)

ما في غيرك، أنت معي يا رب في فم الحوت في ظلمة الليل، وفي ظلمة البحر، وفي ظلمة بطن الحوت:

 

﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) ﴾

( سورة الأنبياء)

حينما تركت قومي:

 

﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ (88) ﴾

( سورة الأنبياء)

والقصة انتهت، إياكم أن تظنوا أنها قصة إياكم، إياكم أن تتوهموا أنها قصة هي قانون وقد ذكر الله القانون:

 

﴿ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88) ﴾

( سورة الأنبياء)

 

الأمر دائماً بيد الله وحده لا شريك له :

بأي عصر بألفين وثمانية ينجيك، ليس ألف ومئتين، بالشرق الأوسط، في الغرب، بالشمال، بالجنوب، بالطائرة، وقعت طائرة في جبال الألب الله عز وجل نجا شخصاً واحداً فقط لا يوجد غيره كان انشطار الطائرة جانب مقعده فوقع، وقع فوق غابة صنوبر فوقها في ثلج خمسة أمتار والأغصان ماصة للصدمة، نزل واقفاً، امرأة باكستانية معها طفلاها، ركبت بطائرة من جدة إلى الباكستان، يبدو الطائرة قديمة أصاب النافذة التي بجانبها خلل، فكسر البلور، باعتبار مضغوطة ثمانية أمثال الطائرة، وقع الصغيران في البحر فوق الخليج، طفلان رضيعان صغيران خرجا من النافذة بحكم الضغط الشديد للطائرة، ضغط الهواء انتهى الأمر موت محقق بالمئة مليون، هذان الطفلان يسقطان إلى جانب صياد، وجد شيئاً سقط من السماء أخرجهما وقدمهما لبعض الفحوص، أخبروا بالسفارة الإماراتية في الباكستان أنه يوجد طفلان، ممكن طفل يقع على ارتفاع ثلاثة وأربعين ألف قدم ويسلم ؟

وإذا العناية لاحظتك جفونها نم فالمخاوف كلهن أمان
* * *

الله قادر على كل شيء إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون
طائرة تشيكية وقعت قبل مطار دمشق قصة قديمة جداً نجا شخص واحد لا يوجد غيره لم يضع حزام الأمان هذا الوحيد الذي نجا، على موضوع حزام الأمان الآن.
أيها الأخوة الكرام، ملخص التعقيب قصص القرآن أغفل الله التفاصيل لا لتكون قصة وقعت ولن تقع بل لتكون نموذجاً متكرراً، فأنت إذا وقعت في محنة أعتقد أقل من سيدنا يونس، تكون في بطن حوت ؟ أقل بكثير، يقول لا يوجد، عليّ ديون، لا يوجد معي صندوق، في مشكلة، أي مشكلة أقل من سيدنا يونس اقرأ السورة:

 

﴿ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88) ﴾

( سورة الأنبياء)

هذا الإيمان، الإيمان أن ترى أن الأمر بيد الله لا إله إلا الله.

 

الدعاء :

اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت، فإنك تقضي بالحق، ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، ولك الحمد على ما قضيت، نستغفرك و نتوب إليك، اللهم اهدنا لصالح الأعمال لا يهدي لصالحها إلا أنت، اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم بفضلك ورحمتك أعلِ كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام، وأعز المسلمين، انصر المسلمين في كل مكان، وفي شتى بقاع الأرض يا رب العالمين، اللهم أرنا قدرتك بأعدائك يا أكرم الأكرمين.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور