الحَمدُ لِلَّه ربِّ العالمينَ، والصّلاة والسّلام على سيِّدنا محمد، الصّادقِ الوَعدِ الأمين، اللهُمَّ لا عِلمَ لنا إلا ما علّمْتَنا، إنّك أنت العليمُ الحكيمُ، اللهمَّ علِّمنا ما ينفعُنا، وانفعْنَا بما علَّمْتَنا، وزِدْنا عِلْماً، وأرِنَا الحقَّ حقًّا وارْزقْنَا اتِّباعه، وأرِنَا الباطِلَ باطلاً وارزُقْنا اجتِنابَه، واجعَلْنا ممَّن يسْتَمِعونَ القَولَ فيَتَّبِعون أحسنَه، وأَدْخِلْنَا برَحمَتِك في عبادِك الصَّالِحين.
أيها الإخوة المؤمنون، مع الدرس الثلاثين من دروس سورة آل عمران، ومع الآية السادسة عشرة بعد المئة، وهي قوله تعالى:
﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغۡنِيَ عَنۡهُمۡ أَمۡوَٰلُهُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُهُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيۡـٔٗاۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ (116)﴾
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا
وفي آية أخرى يقول الله عز وجل:
﴿ ٱلْمَالُ وَٱلْبَنُونَ زِينَةُ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا ۖ وَٱلْبَٰقِيَٰتُ ٱلصَّٰلِحَٰتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا(46)﴾
1 ـ ذاك يومٌ لا ينفع فيه مالٌ ولا بنون:
أي أن تكون غنياً، وأن يكون بين يديك أولاد أنعم الله بهم عليك، هذه زينة الحياة الدنيا، فهذا الذي كفر بالله، وأدار ظهره لمنهج الله، ولم يعبأ بوعيد الله، ولم يبتغِ رضوان الله، ولم يعمل للجنة، بل جعل الدنيا أكبر همه، ومبلغ علمه، فجمع الأموال الطائلة، وأنجب ذرية تفوقت في الحياة الدنيا، فإذا أراد الله أن يؤدبه فهل يمكن أن يمنعه المال الوفير الذي بين يديه من تأديب الله له؟
2 ـ ما كلُّ شيء يُحلّ بالمال والولد:
ثمة شخص -وأرجو أن تكون هذه زلته الأخيرة- قال: الدراهم مراهم، قال: كل شيء يحل بالمال، فسَاقَ الله له مصيبة تنهدّ لها الجبال، والمال لا يفعل فيها شيئاً، قال لي: أدبني الله تأديباً كبيراً، ما كل شيء يحل بالمال، هناك أمراض وبيلة لو أنفقت كل ما تملك ليس لها شفاء، هناك مصائب مخيفة لو دفعت كل ما تملك في الدنيا لا تُحَل المشكلة، فهذا الذي أعرض عن الله عز وجل، وأدار ظهره للدين لو أنه يملك الملايين الكثيرة من الدولارات، وأراد الله تأديبه، وساق الله له مصيبة، والله حكيم حينما يسوق المصائب، سميت مصائب لأنها تصيب الهدف، الغني لا يتأثر بفقد مبلغ من المال، لكن تأتيه مصيبة في صحته، والقوي لا يتأثر بفقد بعض المال، فتأتيه مصيبة من مركز قوته، ويؤتى الحذر من مأمنه، وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(( اللهمَّ ربَّنا! لك الحمدُ ملءَ السمواتِ وملءَ الأرضِ، وملءَ ما شئتَ من شيءٍ بعدُ، اللهمَّ لا مانعَ لِما أعطيتَ، ولا معطيَ لِما منعتَ، ولا ينفعُ ذا الجدِّ منكَ الجَدُّ ))
أي مع الله لا يوجد إنسان ذكي أبداً، الله عز وجل حينما يسوق مصيبة لا يمكن إلا أن تقع:
﴿ لَهُۥ مُعَقِّبَٰتٌ مِّنۢ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِۦ يَحْفَظُونَهُۥ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ ۗ وَإِذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِقَوْمٍۢ سُوٓءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُۥ ۚ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِۦ مِن وَالٍ(11)﴾
مهما كنت غنياً، أو مهما كنت قوياً، أو مهما كانت لك ذرية طيبة، أو ذرية متفوقة، ماذا يفعل أولاد الغني حينما يأتيه المرض العضال؟ لعل بعضهم يتمنى وفاته، ولعل بعضهم إذا قال الطبيب: قضية عارضة يتألم، فالعبرة أن الإنسان إذا كفر بالله عز وجل، وأدار ظهره لمنهج الله لا ينفعه ماله حينما يتولى الله تأديبه، ولا ينفعه أولاده النجباء المتفوقون إذا أراد الله معالجته، بل إن هذا الذي ربيته، وأنفقت مالك من أجله قد يتنكر لك.
وقد دخلت مرة إلى مكتب رجل يحتل منصباً مرموقاً، ومعي والده، فما كان من صاحب هذا المنصب الرفيع إلا أن قال لوالده: اجلس هنا أبا فلان، دون أن يعرّف الناس بأنه أبوه، وكأنه يستحي به، فلما خرجت من عنده، قلت له: ابنك على حساب من درس في أمريكا؟ قال: والله على حسابي يا بني، على حسابي الشخصي، فدرّسه، ونال أعلى شهادة، واحتل أعلى منصب، وها هو ذا يستحي بأبيه، فلا ينفعك مالك إذا أراد الله تأديبك، ولا تنفعك ذريتك القوية إذا أراد الله معالجتك،
وآية بليغة جداً؛ إن الإنسان حينما يولد كل من حوله يضحك، وهذا المولود يبكي وحده، أما إذا جاء ملك الموت كل من حول الإنسان يبكي، بطولة الإنسان أن يضحك وحده في هذه اللحظة، أن تنطبق عليه الآية الكريمة:
﴿ قِيلَ ادْخُلْ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ(26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنْ الْمُكْرَمِينَ(27)﴾
وا كربتاه يا أبت، قال: لا كرب على أبيك بعد اليوم، غداً نلقى الأحبة محمداً وصحبه.
فهؤلاء الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئاً.
والله كنت عند طبيب قلب، فجاءه اتصال هاتفي، فسمعت فحوى المكالمة، الجهاز قديم، وصوته عالٍ جداً، قال له: أيّ مكان في العالم، وأيّ مبلغ بلغَ ما بلغ ندفعه، قال له: والله لا يوجد أمل، السرطان من الدرجة الخامسة.
حينما يـأتي المصاب الجلل لا ينفع المال، ولا ينفع الولد، وهذا الذي عصى الله من أجل أولاده لن ينفعه أولاده عندما تأتيه المصيبة، هذا الذي عصى الله من أجل تجميع الأموال الطائلة لن تنفعه هذه الأموال حينما تأتي المصيبة.
حدثني طالب له خال صاحب دار سينما، القصة في الخمسينات أصابه مرض عضال، وهو على فراش الموت بكى، فقال له: مالك تبكي؟ -ابن أخيه، وكان طالباً من طلابي- قال له: -القصة أعتقد أنها في الخمسينات- جمعت خمسة ملايين -خمسة ملايين بالخمسينات أي خمسمائة مليون- من أجل أن أعيش حياة ناعمة في خريف عمري، ها أنا ذا أموت، ولم أنتفع بها، مساكين هم الأغنياء، جمعوا أموالاً لا تأكلها النيران، فأنهاهم مرض عضال، ولم ينتفعوا بأموالهم.
أقام شخص في البلد الحرام خمساً وثلاثين عاماً ما صلى فرض صلاة، ولا حج، ولا اعتمر، ذهب إلى بلد غربي ليستجم فوافته المنية في الفندق، ترك أربعة آلاف مليون: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغۡنِيَ عَنۡهُمۡ أَمۡوَٰلُهُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُهُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيۡـٔٗاۖ﴾
رجل من أكبر أغنياء بعض البلدان وافته المنية في أيام مطيرة، والقبر اُشتُري، فتح القبر فإذا مجرى المياه المالحة قد دخل إليه، المياه سوداء، وله ابن وحيد مدلّل، فسئل: ماذا نفعل، القبر هكذا؟ قال: ادفنوه، وانتهوا، فوضعوه في قبر مع المياه المالحة السوداء.
3 ـ الابن الصالح ينفع والديه:
الابن لا يغنِي عنك من الله شيئاً، اعتنِ به، أما إذا كنت مؤمناً فابنك أكبر ثروة لك، لأنه امتداد لك، لأنه استمرار لك، لأنه خير كسبك.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
(( إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثَةٍ: إِلا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ.))
4 ـ إياك أن يكون مالُك وبالاً عليك:
إذا أعرض الإنسان عن الله، وأدار ظهره لمنهج الله، لو معه ملايين كثيرة لم تنفعه، إنسان في أمريكا صاحب أكبر مجموعة مطاعم تطعم السمك، عنده يخت في البحر، ذهب هو وعشيقته في رحلة بحرية، واختفت أخباره نهائياً، لا خبر عنه، ولا عن عشيقته، ولا عن مركبته، فتندّر الناس في تلك البلدة، وقالوا: أطعم الناس السمك أربعين عاماً، وها هو ذا يأكله السمك، مهما كنت غنياً، وأكبر غني يهودي كان في بريطانيا ثروته الطائلة في غرفة، صندوقه الحديدي غرفة، دخل إليها مرة ليتفقد أمواله، فأُغلِق الباب خطأ، والغرفة مُصفَّحة ومُسلَّحة، بقي يصرخ، وينادي حتى وافته المنية، فجرح أصبعه، وكتب على الحائط: أغنى أغنياء العالم يموت جوعاً وعطشاً ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغۡنِيَ عَنۡهُمۡ أَمۡوَٰلُهُمۡ﴾ وأندم الناس يوم القيامة غني دخل ورثته بماله الجنة، ودخل هو بماله النار.
﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغۡنِيَ عَنۡهُمۡ أَمۡوَٰلُهُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُهُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيۡـٔٗاۖ﴾ عندما يأتي ملك الموت لا تنفعك الملايين الكثيرة، ولا الحسابات الكبيرة في البنوك، ولا الأخضر، ولا الأصفر، ولا الأحمر، لا ينفعك إلا عملك الصالح، إن لك قريناً تُدفَن معه، وأنت ميت، ويُدفَن معك، وهو حي، فإن كان كريماً أكرمك، وإن كان لئيماً أسلمك، ألا وهو عملك.
5 ـ الغنى الحقيقي والفقر الحقيقي:
الغنى والفقر بعد العرض على الله، والغنى غنى العمل الصالح، والفقر فقر العمل الصالح، حينما سقى لهما سيدنا موسى قال:
﴿ فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰٓ إِلَى ٱلظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّى لِمَآ أَنزَلْتَ إِلَىَّ مِنْ خَيْرٍۢ فَقِيرٌ (24)﴾
الغني الحقيقي الذي أجرى الله على يديه الخير، والفقير الحقيقي الذي حرمه الله من عمل صالح، والإنسان حينما يكفر لا يتحرك حركة إلا بالمال، ولا ينطق بكلمة إلا بأجر، ولا يدل دلالة إلا بنسبة، ولا يسهم بعقد صفقة إلا بعمولة.
6 ـ نقمة الولد فاقد التربية ، ونقمة المال الحرام:
﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغۡنِيَ عَنۡهُمۡ أَمۡوَٰلُهُمۡ﴾ أي لن تمنعهم أموالهم من قضاء الله، من تأديب الله، من مصيبة أرادها الله، ﴿وَلَآ أَوۡلَٰدُهُم﴾ وكلكم يرى حينما يأتي تأديب الله ماذا يفعل الابن؟ يبكي فقط، هذا إذا كان الابن محبًا مخلصًا، وإذا لم يُرَبَّ التربية الإسلامية يفرح لموت أبيه، تسلّم من بعده مركبته، وأمواله، ومكانته، ومتجره، قال له: إلى أين أنت ذاهب -سأرويها باللغة العامية- قال له: سأذهب لأَسْكَر على روح أبي، ترك له مالاً عريضاً، ولم يربِّه التربية العالية.
﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغۡنِيَ عَنۡهُمۡ أَمۡوَٰلُهُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُهُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيۡـٔٗاۖ﴾ إذا كان الله معك فمن عليك؟ وإذا كان الله عليك فمن معك؟ إذا كان الله معك خدمك عدوك، وإذا كان الله عليك تطاول عليك ابنك.
أقسم لي شخص بالله قال لي: إنه إذا دُهِس ابنه ليُقيمَنّ مولداً نبوياً فرحاً بهذا الحدث من شدة عقوقه.
﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغۡنِيَ عَنۡهُمۡ أَمۡوَٰلُهُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُهُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيۡـٔٗاۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ﴾ هذا الذي جمعت المال حراماً، هذا الذي جمعت المال كذباً ونفاقاً ودجلاً، هذا الذي جمعت المال وغششت المسلمين، هذا الذي من أجله جمعت المال، وكذبت على المسلمين، هذا الذي من أجله جمعت المال، وكنت مجرماً بحق المسلمين، هذا الذي من أجله جمعت المال، وابتززت أموال المسلمين، هذا الذي من أجله جمعت المال، وخنت المسلمين، لن ينفعك، ولن يمنع عنك قضاء الله وقدره، وهذه المعاصي التي ارتُكبت من أجل جمع المال فهذا المال لن ينفعك.
هناك إنسان جمع في الستينات حوالي ثمانمائة مليون من دور القمار، كان يدير شبكة دور قمار، وهو على فراش الموت أُوتِي له برجل ممن يعمل في الحقل الديني، قال له: ماذا أفعل؟ هذا الرجل هكذا قال له، أنا لا أقيّم كلام الرجل صحيحاً كان أو خطأ، قال له: والله لو أنفقت الثمانمائة مليون الآن لن تنجو من عذاب الله، ثمانمائة مليون في الستينات تركها، لن تنجو من عذاب الله، هذا مال جُمِع من القمار:
تُشادُ له المنازلُ شاهقاتٍ وفي تشييدِ ساحتِها الدّمارُ
نصيبُ النازلينَ بها سهادُ فإفلاسٌ فيأسٌ فانتحــــــارُ
7 ـ الأغنياء أربع فرق يوم القيامة:
﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغۡنِيَ عَنۡهُمۡ أَمۡوَٰلُهُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُهُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيۡـٔٗاۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ﴾ دققوا الآن في هذه الآية، يقول الله عز وجل في الآية التي بعدها:
﴿ مَثَلُ مَا يُنفِقُونَ فِي هَٰذِهِ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتۡ حَرۡثَ قَوۡمٍ ظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ فَأَهۡلَكَتۡهُۚ وَمَا ظَلَمَهُمُ ٱللَّهُ وَلَٰكِنۡ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ (117)﴾
8 ـ إنفاق المال في محله ولوجه الله يحتاج إلى إيمان وإخلاص:
إنسان معه أموال طائلة، يقول لك: للمشروع الفلاني مئة ألف، مليون، عشرة ملايين، الإنفاق يحتاج إلى إيمان، وإلى معرفة بالله، وإلى معرفة بالدار الآخرة حتى يكون الإنفاق عملاً صالحاً، أما إذا لم يوجد إيمان فالإنفاق هدفه حينئذ أن يمدحك الناس، وأن يثنوا عليك، لذلك قد تعجب.
قد تجد غنياً في حفل خيري يتبرع بأموال طائلة، له ابن أخ يعاني من الجوع، له قريب حميم يعاني من الفقر، لا يعطيه شيئًا، هنا لا يوجد تصفيق، وهنا لا يوجد رُخامة، أنشأها هذا المحسن الكبير، فهو يبحث عن سمعة، عن مكانة، عن ثناء الناس، فهذا الذي لا يستقيم على أمر الله وينفق ماله، إذا كان مخلصاً له عند الله أجر، أما إذا أنفق المال رئاء الناس، ولم يؤمن بالله ولا باليوم الآخر، قال تعالى:
﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُبْطِلُواْ صَدَقَٰتِكُم بِٱلْمَنِّ وَٱلْأَذَىٰ كَٱلَّذِى يُنفِقُ مَالَهُۥ رِئَآءَ ٱلنَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلْآخِرِ ۖ فَمَثَلُهُۥ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُۥ وَابِلٌ فَتَرَكَهُۥ صَلْدًا ۖ لَّا يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَىْءٍۢ مِّمَّا كَسَبُواْ ۗ وَٱللَّهُ لَا يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلْكَٰفِرِينَ(264)﴾
كقوله تعالى:
﴿ قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ ۖ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْمًا فَٰسِقِينَ(53)﴾
أنا لا أثبّط عزائم المنفقين، ولكن أرجو منهم أن يكون إيمانهم إيماناً قوياً، وأن يكون إيمانهم بالآخرة يقينياً، حتى يكون إنفاقهم درجات عند ربهم يوم القيامة، قال تعالى: ﴿مَثَلُ مَا يُنفِقُونَ فِي هَٰذِهِ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ﴾
مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ
الصر: هو البرد الشديد، أو الصقيع، وكلكم يعلم بأنه قد يكون هناك مَزارع، أو بساتين، أو محاصيل يزيد قيمة بيعها على مئة مليون، في أقل من ستين ثانية يأتيها صقيع يُتلفها عن آخرها، قال تعالى: ﴿مَثَلُ مَا يُنفِقُونَ فِي هَٰذِهِ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتۡ حَرۡثَ قَوۡمٍ ظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ فَأَهۡلَكَتۡهُۚ﴾ فيها صِرٌ، أي فيها صقيع.
2 ـ الأهواء والمصالح تفسد العمل الصالح:
فالكفر، والإعراض، وحب الدنيا، وحب الرئاسة، والأهواء تُفسِد العمل الصالح، ولو كان صالحاً كما يفسد الخل العسل، قال تعالى: ﴿مَثَلُ مَا يُنفِقُونَ فِي هَٰذِهِ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا﴾ لو أنّ هؤلاء الكفار أنفقوا، يقولون لك: الفلان الغني الأمريكي أنفق ثمانية مليارات لأطفال أفريقيا، هذا جيد، الغني الفلاني أنفق كذا مليار دولار لأبناء شرق آسيا، وهذا أيضاً جيد، ولكن إن لم يكن هناك إيمان حقيقي بالله، وليس هناك التزام بمنهج الله فلا ينفعه ذلك، قال تعالى:
﴿ أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ ٱلْحَآجِّ وَعِمَارَةَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ كَمَنْ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلْآخِرِ وَجَٰهَدَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ ۚ لَا يَسْتَوُۥنَ عِندَ ٱللَّهِ ۗ وَٱللَّهُ لَا يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّٰلِمِينَ(19)﴾
مرة ثانية، أنا أبداً لا أُثبط المنفقين، ولكن أوضح لكل إنسان أن الإنفاق يحتاج إلى إيمان، إذا آمنت كان هذا الإنفاق درجة عالية في الجنة.
أنا والله كل إنسان ينفق في وجوه الخير أقول له: لعل الله يجعل لك من هذا الإنفاق قصراً في الجنة، أدعو له أن يحفظ الله له صحته، وصحة زوجته، وأولاده، وبناته، وأصهاره، وصحة من يلوذ به، وأن يحفظ له ماله، ومكانته، وسعادته، أدعو له من أعماقي، أي إنسان ساهم بإنفاق، بعمل صالح، ببر، أنا أشجع المنفقين، وأرجو منهم أن يضاعفوا إنفاقهم، ولكن أُذكرهم أنّ الإنفاق وحده من دون إيمان بالله، ومن دون التزام بمنهجه ربما لا يُجدي، لقوله تعالى: ﴿قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ ۖ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْمًا فَٰسِقِينَ ﴾
3 ـ ينفقون باليمين ويذبحون بالشمال:
أليس هناك دول تقدم مساعدات لدول فقيرة باليد اليمنى، وتذبحها باليد اليسرى؟ أليس هناك بلاد تقدم مساعدة غذائية لبلد في حرب أهلية، ومع المساعدة الأهلية نفايات ذرية تُلقى في شواطئ هذا البلد؟ أليس هناك بلاد تقدم مساعدات لأبناء الشعوب الفقيرة، ويُجعَل أبناء الشعوب الفقيرة حقول تجارب للأدوية؟ ففي الستينات والسبعينات كانت الفئران حقول تجارب للأدوية، الآن بشر في الشعوب المتخلّفة تُجرَى عليها تجارب الأدوية، فهذا الذي ينفق ماله كمساعدات، ثم يرتكب جرائم في حق الشعوب، ما قيمة هذا الإنفاق، هذا إنفاق إبليسي أساساً، قال تعالى: ﴿مَثَلُ مَا يُنفِقُونَ فِي هَٰذِهِ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ﴾ هناك بلد غربي قدَّم هدية لدول شمال إفريقيا، هدية رائعة، هدية لهذه الشعوب التائهة؛ محطة فضائية إباحية، قدَّم لهذه الشعوب محطة فضائية إباحية، هذا إنفاق، فهذا إنفاق الكفر، أو حرب طاحنة بين شعبين، تُقدَّم المساعدات أسلحة ليزداد أوار هذه الحرب.
أنا لا أنسى كلمة قالها رئيس أمريكي لرئيسة وزراء بريطانيا في مؤتمر أوروبي، قال كلمة تُعبِّر عن حقيقة الكفار، هدَّد رئيس أمريكا رئيسة وزراء بريطانيا بإيقاف الحرب بين شعبين مسلمين؛ بين إيران والعراق، معنى هذه الحرب التي دامت ثماني سنوات درَّت على الغرب مليارات، ثمن أسلحة، والجهة الواحدة كانت تبيع أسلحة للفريقين، ويزداد أُوار الحرب، فهذا إنفاق أيضاً، ولكنه -والعياذ بالله- شرّ من الإمساك، فهؤلاء لو أنفقوا شكل مساعدات غذائية، مساعدات صحية، أحياناً محطة إباحية تُقدَّم هدية لشعوب شمال إفريقيا، قال تعالى: ﴿مَثَلُ مَا يُنفِقُونَ فِي هَٰذِهِ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتۡ حَرۡثَ قَوۡمٍ ظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ فَأَهۡلَكَتۡهُۚ وَمَا ظَلَمَهُمُ ٱللَّهُ وَلَٰكِنۡ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ﴾
4 ـ الكافر ينفق لينفع نفسه ويضرَّ غيرَه:
إنفاق المؤمن من أعظم الأعمال الصالحة، قُربة إلى الله، قصر في الجنة، درجات عند الله، أن تضع لقمة في فم زوجتك هي لك صدقة، وتراها يوم القيامة كجبل أُحد، أن تُطعم جائعاً، أن تكسو عارياً، أن تعالج مريضاً، أن تنفق على أسرة، الله عز وجل في عليائه يرضى عنك، هذا إنفاق المؤمنين، أما إنفاق الكافرين يقدمون لك أسلحة كي تزداد الحرب ضراوة، يقدم لك محطة إباحية، يقدم لك أدوية لتُجرَّب، مساعدة أدوية، يرسلون مندوبين خفية، ماذا حصل مع من استعمل هذا الدواء؟ يتابعونه فإن مات فالدواء سيئ، من دفع الثمن؟ أبناء هذه الشعوب، هذا إنفاق أيضاً، فالكافر حتى لو أنفق فإنفاقه شرير، إنفاقه تدمير، إنفاقه إجرام: ﴿مَثَلُ مَا يُنفِقُونَ فِي هَٰذِهِ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتۡ حَرۡثَ قَوۡمٍ ظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ فَأَهۡلَكَتۡهُۚ وَمَا ظَلَمَهُمُ ٱللَّهُ وَلَٰكِنۡ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ﴾ أما المؤمن فينفق ماله الحلال ابتغاء وجه الله.
شيء آخر: أحياناً يكون هناك كساد بالدول الصناعية، كساد كبير لا حل له إلا أن تُقدَّم مساعدات لهذه الدول الفقيرة، هذه المساعدات نحن نتوهمها مالاً، لا، تُقدَّم مساعدات؛ إنها بضائع كاسدة عندهم، أو أسلحة فاسدة، أو مواد غذائية شبه تالفة، هكذا يقدمون، هناك مواد غذائية ليست صالحة للاستعمال البشري، هناك حبوب مخزنة ثماني سنوات، انتهت كل فاعليتها، فهذه تُقدَّم مساعدات، فالكافر إذا أعطى أعطَى ليضر لا لينفع، أعطى ليحل مشكلته هو، فقد تُقدَّم المساعدات من أجل ترويج بضائعهم الكاسدة، الدولة قدمت مساعدات، وقلبت هذه المساعدات إلى بضائع من معامل كاسدة، قد تكون كاسدة لانتهاء مفعولها، أو لسوء تصنيعها، أو ما شاكل ذلك، فلا تُعجَبوا بمساعدات تأتيكم من بلاد الكفر! هذه ليست مساعدات: ﴿مَثَلُ مَا يُنفِقُونَ فِي هَٰذِهِ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا﴾ الكفار طبعاً: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغۡنِيَ عَنۡهُمۡ أَمۡوَٰلُهُمۡ﴾ معهم أموال طائلة ﴿مَثَلُ مَا يُنفِقُونَ فِي هَٰذِهِ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتۡ حَرۡثَ قَوۡمٍ ظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ فَأَهۡلَكَتۡهُۚ﴾ .
5 ـ خبث الكافر مريح فيها صقيع:
أي كفرهم، وسوء طويّتهم كمثل ريح فيها صقيع، أتلفت هذا العمل الصالح، إذا كان عملهم الصالح كالحرث فكفرهم، ونياتهم الخبيثة كانت بمثابة ريح فيها صقيع أتلف هذا العمل الصالح فيما يبدو.
هناك موقف آخر، موقف فيه عدم إنفاق، في أستراليا قبل عدة سنوات تم إعدام عشرين مليون رأس غنم بالرصاص، وحُفِرت مقابر جماعية، ودُفِنت هذه الأغنام في مقابر جماعية حفاظاً على سعر اللحم فقط، حفاظاً على سعر اللحم المرتفع، أما هذه الشعوب التي تئِنّ من الجوع، هذه المجاعات التي تجدونها في إفريقيا، وفي شرقي آسيا، وفي بلاد كثيرة يموت الإنسان جوعاً، وعشرون مليون رأس غنم يُطلَق عليه الرصاص ليموت، ويُدفَن للحفاظ على أسعار اللحم المرتفعة.
في بلاد بأوروبا تتلف من الزبدة ومشتقات الألبان ما يساوي حجم ثلاثة أهرامات في القاهرة، تُتلَف من أجل الحفاظ على أسعار مشتقات الحليب المرتفعة.
في بلاد أمريكا أكبر محصول للحمضيات يُتلَف للحفاظ على الأسعار، صار الزنجي يتسلل إلى مكان إتلاف الحمضيات، ويأكل، وفي العام القادم سمموا المحصول حتى لا يستطيع أن يأكله فقير، هكذا، فلا بد أن نكفر بالكفر، حتى يكون الطريق إلى الله سالكاً، وما دام الكافر عندنا كبيراً، ومعظماً، وإنسانياً، ويعلم حقوق الإنسان، وهو أول من ينتهكها، هذا الذي يتفلسف عن حقوق الإنسان أول من ينتهك هذه الحقوق هم، هؤلاء الذين يتحدثون عن الإرهاب هم أكبر إرهاب في العالم، قلب كالصخر.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
1 ـ لكل إنسان صديق وبطانة:
﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمۡ لَا يَأۡلُونَكُمۡ خَبَالًا وَدُّواْ مَا عَنِتُّمۡ قَدۡ بَدَتِ ٱلۡبَغۡضَآءُ مِنۡ أَفۡوَٰهِهِمۡ وَمَا تُخۡفِي صُدُورُهُمۡ أَكۡبَرُۚ قَدۡ بَيَّنَّا لَكُمُ ٱلۡأٓيَٰتِۖ إِن كُنتُمۡ تَعۡقِلُونَ (118)﴾
استناداً إلى هاتين الآيتين: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ﴾ يا من آمنتم بالله ﴿لَا تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمۡ﴾ أقرب شيء لك بطانة الثوب، لا يوجد إنسان ليس له صديق يُسِرّ إليه ما لا يبوح به لغيره، يحدثه عن خصوصياته، عن مشكلاته، عن معاناته، عن آلامه، عن آماله، عن خططه، عما يدور في خَلَده، صديق حميم.
2 ـ الله ينهي أن نتخذ صديقاً غير مسلم:
الآية هنا تنهى المؤمنين نهياً قاطعاً أن يتخذوا غير مسلم صديقاً حميماً يجعلونه مقرباً إليهم كالبطانة: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمۡ﴾ أولاً: بطانة ليست مؤمنة كإيمانكم، ليست مسلمة كإسلامكم، لا تخاف الله كخوفكم، لا ترجو الله كما ترجون، إذاً من هو الذي ينبغي أن يكون صديقاً حميماً؟ من هذا الذي ينبغي أن تتخذه صديقاً حميماً تسر إليه بكل شيء؟ من؟ هذا المؤمن، لأنه يؤمن كما تؤمن، ويخاف الله كما تخاف، ويرجو ما عند الله كما ترجو، وينضبط كما تنضبط، ويسعى كما تسعى، لا يمكن أن يكون الإنسان مقرباً إليك إلا إذا كان على شاكلتك، إلا إذا كان مؤمناً بما أنت به مؤمن، يخاف مما تخاف، يرجو ما ترجو، أبداً: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمۡ﴾ إنسان مقرب، لصيق بك، تمضي معه ساعات طويلة، تسافر معه سفراً طويلاً، تقيم معه شراكة تجارية حميمة، هذا ينبغي أن يكون مؤمناً على شاكلتك، مؤمناً بما أنت به مؤمن، مخلصاً كما أنت مخلص، محباً كما أنت محب، مندفعاً كما أنت مندفع، مؤمناً بمنهجك كما أنت مؤمن بمنهجك، هكذا: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمۡ لَا يَأۡلُونَكُمۡ خَبَالًا﴾
1 ـ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا
أي لا يقصرون بإفسادكم، الخبال هو الإفساد، لا يقصرون أن يفسدوا حياتكم، أن يفقروكم، أن يذلوكم، أن يُحبِطوا مسعاكم، أن يفسدوا أبناءكم: ﴿لَا يَأۡلُونَكُمۡ خَبَالًا﴾ لا يقصرون في إفسادكم، في تدمير حياتكم، في إفقاركم، في تفرقتكم، في إحباط مسعاكم، في منعكم من إصلاح ذات أنفسكم: ﴿لَا يَأۡلُونَكُمۡ خَبَالًا وَدُّواْ مَا عَنِتُّمۡ﴾ تمنوا شقاءكم ، تمنوا هلاككم ، إله يبين لنا : ﴿لَا تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمۡ لَا يَأۡلُونَكُمۡ خَبَالًا﴾ أي لا يقصرون في تدميركم، وإفقاركم، واجتياح أراضيكم، وإفساد أبنائكم.
2 ـ وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ
قال تعالى: ﴿وَدُّواْ مَا عَنِتُّمۡ﴾ يتمنون دماركم، وشقاءكم.
3 ـ قَدْ بَدَتْ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ
﴿قَدۡ بَدَتِ ٱلۡبَغۡضَآءُ مِنۡ أَفۡوَٰهِهِمۡ﴾ أنت قد تعجب! شعوب تموت بمئات الألوف، مذبحة جرت في إفريقيا في ليلتين ذُبِح خمسمائة ألف، الدول الكبرى تتفرج، لكن قيل: إنها قلقة، أحياناً يقولون: نحن قلقون لما يجري في هذه المنطقة، فقط قلِق، أما إذا أرادوا التدخل بثلاثين دولة يتدخلون فوراً، ويُنهون اجتياح بلد لبلد آخر، فهم إذاً منافقون، حينما تتوافق مصالحهم يتدخلون، وحينما لا تعنيهم هذه المشكلة يتفرجون، قال تعالى: ﴿وَدُّواْ مَا عَنِتُّمۡ قَدۡ بَدَتِ ٱلۡبَغۡضَآءُ مِنۡ أَفۡوَٰهِهِمۡ﴾ إن لم تفعلوا كذا وكذا أُنهي الحرب، معنى ذلك أنهم هم من أشعلوها ثماني سنوات، إن لم تكن لصالحهم تُوقَف فوراً بتدخل سريع، يأتي أكبر شخص من آخر الدنيا حتى يُنهي الحرب إن لم تكن لصالحه، قال تعالى: ﴿وَدُّواْ مَا عَنِتُّمۡ قَدۡ بَدَتِ ٱلۡبَغۡضَآءُ مِنۡ أَفۡوَٰهِهِمۡ وَمَا تُخۡفِي صُدُورُهُمۡ أَكۡبَرُۚ﴾ .
4 ـ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ
لذلك ورد في بعض الأحاديث:
(( نِيَّةُ المُؤمنِ خيرٌ مِن عمَلِه، ونِيَّةُ الفاجِرِ شرٌّ مِن عمَلِه. ))
مهما رأيت شراً في عمله نيته أكبر، ينوي ألا يُبقي شيئاً، أن يُحرق الأخضر واليابس: ﴿وَمَا تُخۡفِي صُدُورُهُمۡ أَكۡبَرُۚ﴾ هذا هو الكفر ، لذلك لا يوجد مكان يُناسب الكفار إلا جهنم:
﴿ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فَسَقُواْ فَمَأْوَىٰهُمُ ٱلنَّارُ ۖ كُلَّمَآ أَرَادُوٓاْ أَن يَخْرُجُواْ مِنْهَآ أُعِيدُواْ فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّذِى كُنتُم بِهِۦ تُكَذِّبُونَ(20)﴾
وقال:
﴿ ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ(49)﴾
لأنهم بنوا حياتهم على أنقاض الآخرين، بنوا غناهم على إفقار الآخرين، بنوا مجدهم على إتلاف الآخرين، بنوا أمنهم على إقلاق الآخرين، يقول لك: بلد مثلاً فيه استقرار مئتي عام، ونحن لا نعرف الاستقرار في الشرق الأوسط، لأنهم زرعوا لنا هذا الكيان العدواني، لا يوجد استقرار.
نحن دائماً نترقب ماذا سيحدث، هذا حال يُعيق الاقتصاد، يُعيق التعليم، يُعيق أيَّ نمو، فهم بنوا مجدهم على أنقاض الآخرين، بنوا غناهم على إفقار الآخرين، بنَوا أمنهم على قلق الآخرين، بنَوا حياتهم على موت الآخرين، لذلك لا ينبغي عن نواليهم.
(( كلُّ نَفْسٍ تُحْشَرُ على هَوَاها، فمَن هَوِي الكفرةَ فهو مع الكفرةِ، ولا يَنْفَعُهُ من عملِه شيئًا. ))
قال تعالى :
﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلنَّصَٰرَىٰٓ أَوْلِيَآءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍۢ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُۥ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّٰلِمِينَ(51)﴾
وقال:
﴿ لَّا يَتَّخِذِ ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلْكَٰفِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ ۖ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ ٱللَّهِ فِى شَىْءٍ إِلَّآ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَىٰةً ۗ وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُۥ ۗ وَإِلَى ٱللَّهِ ٱلْمَصِيرُ(28)﴾
قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمۡ﴾ لا تتخذ إنساناً صديقاً حميماً ليس مؤمناً.
﴿لَا يَأۡلُونَكُمۡ خَبَالًا﴾ لا يقصرون في إفساد حياتكم، تحت اسم "التقدم" يصبح كل بيت ملهى ليلي.
قال تعالى: ﴿وَدُّواْ مَا عَنِتُّمۡ﴾ ﴿لَا يَأۡلُونَكُمۡ خَبَالًا﴾ أي لا يقصرون في إفساد حياتكم ، أما ﴿وَدُّواْ مَا عَنِتُّمۡ﴾ أي تمنوا شقاءكم.
﴿قَدۡ بَدَتِ ٱلۡبَغۡضَآءُ مِنۡ أَفۡوَٰهِهِمۡ وَمَا تُخۡفِي صُدُورُهُمۡ أَكۡبَرُۚ قَدۡ بَيَّنَّا لَكُمُ ٱلۡأٓيَٰتِۖ إِن كُنتُمۡ تَعۡقِلُونَ﴾ إلهنا، ربنا، الخبير، الرحيم ينصحنا، قال تعالى:
﴿ هَٰٓأَنتُمۡ أُوْلَآءِ تُحِبُّونَهُمۡ وَلَا يُحِبُّونَكُمۡ وَتُؤۡمِنُونَ بِٱلۡكِتَٰبِ كُلِّهِۦ وَإِذَا لَقُوكُمۡ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوۡاْ عَضُّواْ عَلَيۡكُمُ ٱلۡأَنَامِلَ مِنَ ٱلۡغَيۡظِۚ قُلۡ مُوتُواْ بِغَيۡظِكُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ (119)﴾
هَاأَنْتُمْ أُوْلَاءِ تُحِبُّونَهُمْ
1 ـ لا للثناء على الكفار:
يقول لك: يا أخي أناقة، رُقي، يذهب أحدنا إلى بلاد الغرب فيعود مذهولاً، يتحدث إليك عشر ساعات عن مزاياهم، وهذه الشعوب التي تموت من الجوع، وقد أفقروها، أرض تُغتصَب، يُصطَلح على اغتصابها أزمة الشرق الأوسط، اغتصاب أرض!
قتلُ امرئٍ في غابةٍ جريمةٌ لا تُغتَفـــَر
وقتلُ شعبٍ آمــــنٍ مســـألةٌ فيها نَظَر
نراقب بقلق ما يجري هنا، هكذا يُصرِّحون لنا، قال تعالى: ﴿هَٰٓأَنتُمۡ أُوْلَآءِ تُحِبُّونَهُمۡ﴾ يا أخي رقي كبير، مطارات، أناقة، نظافة، ترتيب، فنادق، هذا رقي ﴿هَٰٓأَنتُمۡ أُوْلَآءِ تُحِبُّونَهُمۡ وَلَا يُحِبُّونَكُمۡ﴾ إله ينصحنا، ﴿وَلَا يُحِبُّونَكُمۡ﴾ .
قال تعالى: ﴿وَتُؤۡمِنُونَ بِٱلۡكِتَٰبِ كُلِّهِ﴾ تؤمنون بنبيهم وكتابهم، قال تعالى: ﴿وَإِذَا لَقُوكُمۡ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوۡاْ عَضُّواْ عَلَيۡكُمُ ٱلۡأَنَامِلَ مِنَ ٱلۡغَيۡظِۚ﴾
﴿ إِن تَمۡسَسۡكُمۡ حَسَنَةٌ تَسُؤۡهُمۡ وَإِن تُصِبۡكُمۡ سَيِّئَةٌ يَفۡرَحُواْ بِهَاۖ وَإِن تَصۡبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لَا يَضُرُّكُمۡ كَيۡدُهُمۡ شَيۡـًٔاۗ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا يَعۡمَلُونَ مُحِيطٌ (120)﴾
هناك بلد مسلم بجنوب شرق آسيا حقق تقدماً اقتصادياً كبيرًا إلى درجة أصبح عنده فائض بقيمة ستين مليار، أقاموا عليه مؤامرة، ودمروه اقتصادياً.
إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا
1 ـ من السنن الكونية : أذى الكفار للمسلمين:
قال تعالى: ﴿إِن تَمۡسَسۡكُمۡ حَسَنَةٌ تَسُؤۡهُمۡ وَإِن تُصِبۡكُمۡ سَيِّئَةٌ يَفۡرَحُواْ بِهَاۖ وَإِن تَصۡبِرُواْ وَتَتَّقُواْ﴾ هذه الآية، والله أيها الإخوة لو لم يكن في القرآن إلا هذه الآية لكفت المسلمين، ذلك أن الله عز وجل يقول:
﴿ وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ(46) فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ(47)﴾
هذا المكر الذي تزول منه الجبال، جبل يزول! مهما كان هناك عدوان -لا سمح الله ولا قدر- يختفي قاسيون؟ هذا جبيل، وليس جبلاً، جبال هيملايا تختفي بقنبلة ذرية، قال: ﴿وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾ ومع ذلك، هنا الآية: ﴿وَإِن تَصۡبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لَا يَضُرُّكُمۡ كَيۡدُهُمۡ شَيۡـًٔاۗ﴾ .
2 ـ الصبر والتقوى لمجابهة مكر الكفار:
أُلغِي كيدهم، انتهى مكرهم، أُحبِط مسعاهم، هذا كلام خالق الأكوان، زوال الكون أهون على الله من ألا تقع هذه الآية، أنت اصبر، واتقِ الله، كل كيدهم يتلاشى، ألم يقل الله عز جل:
﴿ فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِٱلْجُنُودِ قَالَ إِنَّ ٱللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍۢ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّى وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُۥ مِنِّىٓ إِلَّا مَنِ ٱغْتَرَفَ غُرْفَةًۢ بِيَدِهِۦ ۚ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۚ فَلَمَّا جَاوَزَهُۥ هُوَ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ قَالُواْ لَا طَاقَةَ لَنَا ٱلْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِۦ ۚ قَالَ ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَٰقُواْ ٱللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍۢ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةًۢ بِإِذْنِ ٱللَّهِ ۗ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ(249)﴾
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
(( وَلَنْ يُغْلَبَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ. ))
[ أبو داود ، الترمذي ، الدارمي ]
لن لنفي المستقبل.
اثنا عشر ألف مؤمن صادق لن يغلبوا في الأرض، والمليار ومئتا مليون يُغلَبون!
حدثني أحد خطباء دمشق، وهو من بلد أوروبي، أصله مسلم، قال لي ذهبت إلى بلدي: وخطبت في أكبر مسجد هناك، وأمامي عشرة آلاف مصلٍّ، قال لي: تأثروا من خطبتي تأثراً لا حدود له، ومعظمهم بكى، من شدة تأثرهم أخرجوا زجاجات خمر، وشربوها في المسجد، من شدة تأثرهم بهذه الخطبة: (وَلَنْ يُغْلَبَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ) هذا الخطيب من فمه إلى أذني، لا يوجد وسيط، قال لي: أنا خطبت، ثم شُرب الخمر في المسجد من شدة التأثر بهذه الخطبة.
﴿وَإِن تَصۡبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لَا يَضُرُّكُمۡ كَيۡدُهُمۡ شَيۡـًٔاۗ﴾ تصور دولة عظمى تراقب أي بقعة في العالم.
مرة أُطلِعت على مجلة ألمانية عليها صورة الأرض من القمر، صورة مشهورة من القمر على الأرض مربع صغير، كُبِّر هذا المربع، فإذا أمريكا الشمالية، على أمريكا الشمالية مربع صغير، كُبِّر هذا المربع فإذا فلوريدا، على فلوريدا مربع صغير، كُبِّر هذا المربع فإذا ساحل من سواحلها، عليه مربع صغير، كُبِّر هذا المربع فإذا رصيف في ميناء لها، وإلى جانبه أرض خضراء، مساحة خضراء، على هذه المساحة نقطة سوداء، كُبِّرت هذه النقطة فإذا إنسان مستلقٍ على ظهره يقرأ قصة عرفتُ عنوانها، وإلى جانبه صحن فيه تفاح، هذه صورة من الأقمار الصناعية، أي على مستوى أنها ترصد إنساناً مستلقياً على الأرض، ويقرأ قصة، وقد عُرف عنوان القصة، يرصدون كل مكان في العالم، وبإمكانهم أن يدمروا أي مكان في العالم، حتى إنه لما دمرت يوغسلافيا في حرب البلقان الصواريخ نزلت إلى غرفة نوم رئيسها من البنتاغون بالكومبيوتر، إلى هذه الدقة وصلوا، رصدُ أي مكان في العالم، وتدمير أي مكان في العالم بإحكام ما بعده إحكام، ماذا قال الله عز وجل :
﴿ إِنَّمَا مَثَلُ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا كَمَآءٍ أَنزَلْنَٰهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَٱخْتَلَطَ بِهِۦ نَبَاتُ ٱلْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ ٱلنَّاسُ وَٱلْأَنْعَٰمُ حَتَّىٰٓ إِذَآ أَخَذَتِ ٱلْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَٱزَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَآ أَنَّهُمْ قَٰدِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَىٰهَآ أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَٰهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِٱلْأَمْسِ ۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلْآيَٰتِ لِقَوْمٍۢ يَتَفَكَّرُونَ(24)﴾
﴿إِن تَمۡسَسۡكُمۡ حَسَنَةٌ تَسُؤۡهُمۡ وَإِن تُصِبۡكُمۡ سَيِّئَةٌ يَفۡرَحُواْ بِهَاۖ وَإِن تَصۡبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لَا يَضُرُّكُمۡ كَيۡدُهُمۡ شَيۡـًٔاۗ﴾ تمسكوا بهذه الآية، والله خلاصنا بهذه الآية، والله نجاتنا بهذه الآية، تقدمنا بهذه الآية، وحدتنا بهذه الآية، سلامة ديننا بهذه الآية، سلامة الأجيال الصاعدة بهذه الآية: ﴿وَإِن تَصۡبِرُواْ وَتَتَّقُواْ﴾ كيدهم الذي تزول منه الجبال ينتهي، يُحبَط، يُعطَّل، إذا كان الله معك فمن عليك، لكن المسلمين مقصرون، قال تعالى: ﴿وَإِن تَصۡبِرُواْ وَتَتَّقُواْ﴾ تصبروا على قضاء الله وقدره، وتصبروا على الطاعة، وعن المعصية، وتتقوا، أي تلتزموا منهج الله عز وجل عندئذ: ﴿لَا يَضُرُّكُمۡ كَيۡدُهُمۡ شَيۡـًٔاۗ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا يَعۡمَلُونَ مُحِيطٌ﴾
الملف مدقق