وضع داكن
28-03-2024
Logo
شرح مختصر للأحاديث - الدرس : 084 - في كل كبد رطبة أجر..........
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 

 أيها الإخوة الكرام: لازلنا في إتحاف المسلم بما في الترغيب والترهيب من صحيح البخاري ومسلم والحديث اليوم:

((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ فَوَجَدَ بِئْرًا فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنْ الْعَطَشِ فَقَالَ الرَّجُلُ لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنْ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ بَلَغَ مِنِّي فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَمَلَأَ خُفَّهُ مَاءً ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ حَتَّى رَقِيَ فَسَقَى الْكَلْبَ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنَّ لَنَا فِي هَذِهِ الْبَهَائِمِ لَأَجْرًا فَقَالَ فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ ))

[ البخاري، مسلم، أبو داود، أحمد، مالك ]

 كنت أقول دائماً أن أبواب الخير لا تعد و لا تحصى، أي مخلوق خلقه الله عز وجل إذا أحسنت إليه فكأنما أقرضت الله قرضاً حسناً، و حينما قال الله عز وجل:

 

﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً﴾

 

[ سورة البقرة: الآية 245]

 أي إذا قال ملك كبير مالك كل البلاد من يقرضني و سأجازيه بمليون ضعف ؟ قال:

 

﴿ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ﴾

 

[ سورة محمد: الآية 38]

 أنت حينما تعتقد أن أي مخلوق السائقون في السفر يتحاشون الغنم أما الكلاب لا يهتمون لها يدهسونها، ما من طريق إلا فيه مجموعة حيوانات مدهوسة، هذا المؤمن لو عرف أن كل حيوان خلقه الله عز وجل الله سيحاسبه عنه، يخاف أن يدهس دجاجة لأن لها أصحاباً، يخاف أن يدهس خروفاً لأن له صاحباً، أما هذا الكلب أو هذه القطة أو أي حيوان آخر، و الله الإنسان يخاف أن يؤذي الحيوان، هناك أشخاص كثيرون هر يقتله، كلب يدهسه، لا يعبأ، صدقوني لي أخ كريم اختلف مع زوجته و كانت عند بيت أهلها أردت أن أوفق بينهما فكنت وسيطاً في التوفيق بينهما، قلت له ائتني بأحد أقربائها، جاءني بقريب لها يعمل في مطار دمشق، الأمر تم الحمد لله لكن حدثني عن قصة لعلي ذكرتها لكم أن إنساناً يعمل في المطار و له مكانة كبيرة، و هو يمشي في طريق المطار وجد كلباً صغيراً ( جرو ) أيام الشتاء و الزفت أدفأ من التراب لأن لونه أسود، و اللون الداكن يمتص من أشعة الشمس، فهذا الجرو جالس على طرف الطريق، يشعر بالبرد جالس على الزفت مرتاح، فالذي يقود هذه السيارة أراد أن يظهر براعته في القيادة فقص يديه فقط ليس من السهل أن تقص يدي جرو صغير دون أن تقتله، أي قضية سنتمترات، و أطلق ضحكة هستيرية لبراعته في قص يدي هذا الكلب، هذا الرجل عندي صادق قال لي و الله العظيم القصة يوم السبت، يوم السبت القادم تعطلت مركبته في هذا المكان الذي قص يدي الكلب، يبدو العجلة الأمامية تعطلت أي اختلت، فنزل فك البراغي و سحب العجلة، أثناء سحب العجلة الرافعة تزحزحت فوقعت العجلة على رسغيه و فوقها وزن السيارة فانهرست رسغاه، أخذ إلى المستشفى إلى أن وصل اسودت يداه لابد من قطعهما، أقسم لي بالله و هو حي يرزق أنه في السبت القادم قطعت يدا هذا الإنسان الذي قطع يدي هذا الجرو.
 أنا أحذر أيها الإخوة من أن الله سبحانه و تعالى يدافع عن كل مخلوقاته فلا تظلم و لا كلباً و لا هرة فكيف بإنسان، إذا قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح:

 

((عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ دَخَلَتْ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا فَلَمْ تُطْعِمْهَا وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ ))

 

[ البخاري، مسلم، الدارمي ]

هذا الحديث في البخاري، فما قولكم بما فوق الهرة ؟
 هؤلاء الذين يقتلون، هؤلاء الذين يلقون هذه الصواريخ، هذه القنابل العنقودية، هذه القنابل الانشطارية، يقتلون بها أناساً فقراء أبرياء لا علاقة لهم بما حدث إطلاقاً، إذا امرأة دخلت النار في هرة حبستها لم تقتلها حبستها حتى ماتت، فما قولك لمن يقتل هؤلاء الذين لا حول لهم و لا قوة.
إخوانا الكرام: أحد كبار العلماء يقول: إن الإيمان باليوم الآخر إيمان عقلي، أما عند علماء العقيدة إيمان نقلي، الله أخبرنا أن هناك يوم آخر، لكن هذا العالم الجليل يرى أن المنطق و العقل لا يقبل أن يكون في الأرض قوي و ضعيف، و القوي يأكل الضعيف و تنتهي الحياة هكذا، العقل و المنطق لا يقبل أن في الأرض غنياً و فقيراً، الغني غارق في النعيم يأكل أطيب الطعام، يسكن في أجمل البيوت، يركب أجمل المركبات، يتزوج أجمل النساء لأنه غني، و هذا الفقير ليس له شيء و تنتهي الحياة هكذا، ترون فقر، ماء لا يوجد، ماء ملوث، جوع شديد، برد، ثلاثة ملايين مهددين بالموت من الجوع و العطش، و في الطرف الآخر أناس غارقون في المتع الرخيصة، غارقون في الجنس، غارقون في الطعام الطيب، و تنتهي الحياة هكذا ؟ لا يوجد شيء بعد ذلك، و الله الفقير له على الله حجة، قال تعالى:

﴿ قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ﴾

[ سورة الأنعام: الآية 149]

 لكن مادام هناك آخرة فالعبرة في العاقبة، أحضر مثلاً لكن واضح اثنان عاش كل واحد منهم ستون سنة، شخص يعيش على أربعة آلاف في الشهر، و أقل أسرة تريد عشرين ألف الآن فقط أربعة آلاف ماذا يأكل ؟ و شخص باليوم دخله مليون ليرة، إذا عمل وليمة يقول كلفتني ثلاثمئة ألف، عمل كتاباً لابنه وضع خمسة و ثمانين مليون له، دعا أناساً من أوربا، أحضر طائرات، فنادق خمس نجوم، لو أن رجلين كلاهما عاش ستين سنة، أحدهم كان امتحانه مع الله الفقر، و الآخر امتحانه الغنى بالضبط و الفقر تعلمون جميعاً كيف يعيش الفقير، لكن هذا الفقير نجح بالامتحان صبر و قال يا رب أنت هكذا قدرت علي أنا راض بحكمك، فضبط أموره و شكر الله عز وجل و لم يذل نفسه و لم يتضعضع أمام غني و لم ينقم على أحد لكنه رضي عن الله عز وجل و هذه الستين سنة انتهوا و جاءته المنية افتراضاً، و الغني رسب، اعتز بماله، استعلى على خلق الله، أحضر الملهيات، انغمس في الشهوات، بعد أن ماتوا هما الاثنان انعكست الآية صار الفقير في جنة إلى أبد الآبدين، و الغني في نار في أسفل سافلين، فمن كان الغني ؟ الغني الفقير طبعاً لذلك قال سيدنا علي الغنى و الفقر بعد العرض على الله.
 لا يمكن أن يسمى الغني غنياً في الدنيا، و لا يمكن أن يسمى الفقير فقيراً في الدنيا، الغنى و الفقر بعد العرض على الله بل، هنا كلام دقيق ـ إن النبي عليه الصلاة والسلام حينما خير بين أن يكون نبياً ملكاً و بين أن يكون نبياً عبداً، قال بل نبي عبد، لما ؟ قال أجوع يوماً فأذكره و أشبع يوماً فأشكره.
 أي الضعف و الفقر أقرب إلى العبودية، أي بشكل آخر مئة فقير أو مئة ضعيف مثل حكايتنا، نحن ضعاف الآن، عندنا إمكان أن نقنع وحيد القرن لا يضرب ؟ لا نستطيع نحن ضعاف، و قد نكون فقراء، الفقر و الضعف أقرب إلى طاعة الله من الغنى و القوة، الغنى و القوة مذلة خطيرة و الفقر و الضعف فيها قرب من العبودية بشكل آخر أي مئة فقير لعل ثمانين منهم مؤمن و مستقيم، لكن مئة غني العشرين مؤمنين و أقل، أنا أقول يا أيها الإخوة و الله من أعماقي يقول شخص و الله مستورة يا أستاذ أقول له معناها أصابتك دعوة النبي، قال لي ما هذا الكلام، النبي قال: اللهم من أحبني فاجعل رزقه كفافاً، أي يكفيه، عنده مأوى و هو لابس، عنده زوجة، مدفأ بالشتاء، صحن فول مع الصحة، صحن فول مع الراحة النفسية أفضل من خاروف محشي مع القلق، كلكم يعلم إذا شخص كان جائعاً و لا يوجد عنده أكلاً، فقام و أحضر صحناً من الحمص و كأساً من الشاي يقول الحمد لله.
 مرة لي صديق هو مدرس دخل السجن و خرج بريئاً الحمد لله، غاب تسع و خمسين يوماً فقال لي بعد أن زرته، قال لي اليوم صباحاً قالت لي زوجتي لا يوجد عندنا شيء فبكى، أنا لم أفهم ما قال، ما هذا ؟ هو عنده جبنة و زيتون و رز و عدس كيف لا يوجد عندنا شيء، عندنا شيئاً لنأكله ستة أشهر، لا يوجد بيت إلا و فيه أكل يكفيه ستة أشهر تقريباً، يوجد برغل، عدس، حمص، مكدوس، زيتون، زعتر، زيت، هذا الأكل نفيس جداً، يا عائشة أكرمي جوار نعم الله فإن النعمة إذا نفرت قلما تعود.
 أنا زرت تركيا أعجبني في الأتراك شيء يأكلون على الأرض حتى الأغنياء منهم نمط طعامهم على الأرض، لكن الطاولة أعلى من الأرض بأربعين سنتمتر فيجلسون جلسة و الأكل أمامهم مريح، يوجد على الطاولة رداء مساحته ضعف مساحة الطاولة فكل إنسان جلس ليأكل جزء من الرداء فوق ركبتيه فأي شيء نزل منه أي جزء من رغيف خبز يجمعوها و يأكلوها لا يمكن أن يرموا شيئاً، هذا من الأدب مع الله عز وجل، فكل شخص منا أيها الإخوة مفروض ألا ترمي و لا رزة أبداً، هذا الخبز غير طازج أصبح اعمل بهم فتة، هذا الخبز عفن للعصافير، بلهم و ضعهم على السطوح يأكلوهم كلهم و لن يدعوا شيئاً، يا عائشة أكرمي جوار نعم الله فإن النعمة إذا نفرت قلما تعود.
إذاً كل عمل صالح موجه لأي مخلوق هو قرض لله عز وجل، و ستكافأ عنه يوم القيامة، و الآية لتكن في أذهانكم:

 

﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً﴾

 

[ سورة البقرة: الآية 245]

 أحسن إلى هرة أحسن إلى كلب، أحسن إلى مخلوق، أحسن إلى عابر سبيل، لا تقول له أنت من أين هذا مخلوق لله عز وجل، هذه الصرعة من أين أنت ؟ من أينما كان يكون، أنت مؤمن وهذا إنسان عبد لله عز وجل، هذه ما كنا نعرفها من قبل أنت من أين حتى أعاونك أو لا أعاونك ؟ هذه ليست في أصل الدين إطلاقاً لذلك يوجد حديث لم يمر معي حديثاً أوسع من هذا:

(( ما أحسن عبد من مسلم أو كافر إلا وقع أجره على الله في الدنيا أم في الآخرة ))

 أي لا يمكن عمل صالح و لو من ملحد، من كافر، من زنديق، إلا و يكافأ عليه في الدنيا قبل الآخرة، إذا كان غير مؤمن بالدنيا فقط و ماله في الآخرة من خلاق، لذلك عندما يعدل الكافر يكون أقرب إلى الله من مسلم ظالم، و قد قال بعض العلماء الدنيا تستقيم بالكفر و العدل و لا تستقيم بالإيمان و الظلم، و قال: إن الله ينصر الدولة الكافرة العادلة على الدولة المسلمة الظالمة، الكافر العادل في الدنيا أقرب إلى الله من المسلم الظالم.
 يا إخوان: الظلم ظلمات يوم القيامة، الذي عنده يتيم، الذي عنده صانع بالمحل التجاري، الذي عنده أولاد، شخص أعطاه مبالغ فلكية و الثاني ليس معه ثمن الأكل، يقول لك لا أحبه، أنت زدته عقوقاً، ينبغي أن تعدل، فقضية الدين أكبر بكثير من أن تصلي، و تلبس كلابية يوم الجمعة، و تضع مسواكاً، و تتعطر بالمسك و تأتي إلى الجامع، أكبر بكثير، الدين يتغلغل بأعماقك، بتجارتك، ممكن أن تبيع مواد مسرطنة يوجد جهل كبير يجب أن نضع في الطحينة إسبيداج هذا للدهان، مادة مسرطنة ابيضت الطحينة نأخذ سعرها بالكيلو عشرة زيادة، نحن من رواد المساجد و نصلي معقول أن تغش المسلمين، معقول أنت عندك معمل غذائي تجلب مواد جميعها منته مفعولها بنصف القيمة و تفرمها بالمعمل لم تبين و تبيعها للطلاب الصغار بسكوت مثلاً، بسكوت مغطس جميعها مواد منته مفعولها ورأسمالها بنصف القيمة و له شيخ و له جامع، الدين بمعملك، الدين بحرفتك، أنت موظف جاءك شخص من حلب غداً ما معنى غداً ؟ أي يوجد ألف بالأوتيل يريد أن ينام، و تكلفك أن تقوم و تسحب الإضبارة و تراها، جالس مع صديقك تقرأ جريدة و مرتاح تعال غداً، قادم من حلب، فالموظف يتحاسب، عندك معمل غذائي فرضاً لم تنتبه و الله شيء يخيف أي بالعشرين فروج يأتي أحدهم ميتاً لابأس، ميت أخذ سعره و وضع في الشاورما و أكلوه الناس و هو ميت، هنا المشكلة لماذا الله متخلٍ عنا ؟ لماذا مليونين يتحدوا مئتي مليون لماذا ؟ نحن ما عدلنا، فكل شخص يا إخوان بهذه الظروف الصعبة، كل شخص بيته، كل شخص عمله، ماذا عليه من حقوق يؤديها، يقول هذه السجادة سعرها ثمانمئة ألف من رائحة أبي، هذه حق الورثة جميعاً، الأخ الأكبر مسيطر، أخذ أجمل ما في الورثة و حرم أخوته الصغار و له شيخ و هو صاحب دين و يأتي على الدروس، و الله هذا شيء غير معقول يا إخوان، يكاد و الله لا ينجو بالمئة واحد، أما كل شخص سهل يصلي و سهل يلبس كلابية بيضاء يوم الجمعة و سهل يتعطر بالمسك و يضع المسواك في جيبه و سبحة، و لا يوجد به جنس الدين.
يوجد كثير من المظاهر السيئة، فأرجو الله سبحانه و تعالى أن يكون هذا الحديث دافعاً لنا لخدمة المخلوقات جميعاً من دون استثناء، لو كان المسلمون كما يريد الله عز وجل لما كنا في هذا الحال.

تحميل النص

إخفاء الصور