وضع داكن
18-04-2024
Logo
شرح مختصر للأحاديث - الدرس : 093 - صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا........
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الأخوة الكرام:

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ ))

(صحيح مسلم)

 أيها الأخوة: كحكم شرعي لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى، لا يوجد مسلم في الأرض يذهب إلى مسجد تعبداً إلا هذه المساجد الثلاث وما سوى ذلك بدعة من بدع الدين.
في الجامع الفلاني فيه ولي إذا ذهبنا إليه يثيبنا الله أجراً كبيراً كلام لا أصل له ! لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد أما أن نذهب إلى أي مسجد تعبداً هذا مخالف للسنة، ما سوى هذه المساجد كلها عند الله سواء.

 

(( أَخْبَرَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ وَأُحِلَّتْ لِيَ الْمَغَانِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً ))

 

(صحيح البخاري)

 هذه حقيقة أولى لكن أنت تصلي في بيتك أو في جامع بلدتك وتصوم في بلدتك لكن الحج من خصائصه أنه عبادة تحتاج إلى سفر أي إلى تفرغ فأنت في الحج أو العمرة تترك بيتك ومكتبك وتجارتك وهموم بلدك ومكانتك، لك منصب رفيع وتترك حجمك المالي ولك دخل وفير وتترك سمعتك كل مكتسباتك في بلدك تتركها وتذهب إلى بلاد الله، فكأن الله سبحانه وتعالى انسجاماً مع نزعة الإنسان المادية اتخذ لنفسه بيتاً بمكة المكرمة وقال: يا عبدي تعال إلي اترك بيتك وغرفة نومك مكتبك التجاري ومكانك الإداري اترك تجارتك ومنصبك وممكن بالهاتف أن تحضر ألف قضية في بلدك، الكل يعرفونك دع عنك هذه الأقنعة المزيفة وتعالى إلي، فحينما تسمع هذا النداء تقول: لبيك اللهم لبيك.

 

﴿ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾

 

(سورة إبراهيم)

 يوجد شيء من الله مركز هناك يتجلى على قلبك تجلياً مركزاً، تصلي أنت في بلدك وكأنك تسبح عكس التيار خواطر تأتيك في الصلاة، أما إذا ذهبت لهناك تصلي وكأنك تسبح مع التيار، الصلاة سهلة والاتصال بالله سهل خشوع غالب البكاء شديد، أنت في حالة قرب.
في شيء دقيق في موضوع الحج والعمرة هو أن الإنسان حينما يستجيب لله عز وجل يعني هو بادر لطاعة الله وآثر طاعته على بيته وعلى زوجته لا يوجد زوجة هناك، وإذا كانت زوجتك معك لا يوجد لقاء زوجي، آثر طاعة الله وتلبية دعوته على زوجته وعلى أولاده وتجارته وكسب ماله ومتعه المباحة في الدنيا آثر تلبية نداء الله عز وجل على كل هذا،يعني فرغ نفسه لطاعة الله، كمكافأة على هذا التفرغ يفرغك الله من كل هموم بلدك.
 مرة كنت في الحج هذه حقيقة أسمعها من الناس كثيراً لكن يا ترى هي واقعة أم وهم ؟ الإنسان يعود نفسه أن يكون مع الحقائق والله وأنا في الحج أردت أن أستدعي مشكلات أعانيها في بلدي، يا ترى ابني نجح ؟ يا ترى هذه البضاعة تخلصت ؟ يا ترى هذا الزبون دفع فرضاً ؟ هذه مشكلات يعاني منها الإنسان في بلده، والله الذي لا إله إلا هو ما إن أستدعي مشكلة في ذهني من بلدي إلا تطير فجأة أنت حينما تفرغت لله عز وجل فرغ الله قلبك من كل ما يشغله، اسأل ألف حاج ومعتمر وهو في بلاد الله لا يذكر شيئاً من بلده ولا زوجته ولا أولاده ولا تجارته و......حينما يطوف طواف الوداع تقفز كل هذه المشاكل ليواجهها من جديد حينما يعود لبلده.
حينما فرغت نفسك لله فرغ الله قلبك من كل هم، فكأنك حينما قلت تعال يا عبدي لأريحك من هموم جاثمة على صدرك تعال كي تذوق طعم القرب مني ومحبتي هذه قضية لقاء مع الله.
 والله لا أعجب إلا من حاج يذهب إلى هناك ليجلس وراء التلفاز ويشاهد الأفلام الساقطة في الفنادق وإذا جلس في عرفات تحدث في شؤون الدنيا وكأن هذا الإله العظيم كلفه ن يتواجد في عرفات فقط، يوجد شرود بالحج كبير جداً، الحج لقاء أكبر مع الله لقاء حقيقي من وقف في عرفات ولم يغلب على ظنه أن الله غفر له فلا حج له.
يمكن أفضل يوم في حياة الإنسان يوم عرفة، يوم صلح وعهد وتسوية حسابات وطوي صفحات قديمة ويعود الحاج لبيته كيوم ولدته أمه، فلذلك ذكرت هذا:

 

(( النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ ))

 فالله عز وجل قال:

 

 

﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾

 

(سورة البقرة)

 فالعمرة سنة مؤكدة والحج فريضة، فلا بد من أن تزور بيت الله في العمر مرة،
 لكن إذا أصححت لعبدي جسمه ووسعت عليه في المعيشة فأتت عليه خمسة أعوام لم يفل إلي لمحروم.
الحديث صحيح فإذا إنسان ميسور ليس عنده مشكلة ومزوج أولاده ومضى على حجته خمس سنوات ينبغي أن يحج حجة ليجدد بها عهده مع الله عز وجل.
 أذكر الإخوة الكرام: إذا حجوا بيت الله الحرام أنك حينما تقف أمام الحجر الأسود وتفاوض هذا الحجر وقد قال بعض العلماء وكأنه يمين الله في الأرض وحينما تفاوض هذا الحجر تقبيلاً أو إشارة ينبغي أن تتصور أنك تعاهد الله وتقول يا ربي باسم الله الله أكبر عهداً على طاعتك واتباعاً لسنة نبيك ودواماً على محبتك في أدعية مشهورة وأنت مع الحجر الأسود أما حينما تعود لبلدك ينبغي أن لا تنسى هذا العهد مع الله.
لذلك قال تعالى:

 

﴿ وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ (102)﴾

 

(سورة الأعراف)

 والله أيها الأخوة: حينما تعود من الحج أو العمرة وتعود لما كنت عليه قبل الحج والعمرة والله ما نفعك حجك أبداً ولا استفدت منه، لأن الإنسان يشحن في الصلاة شحنة تعينه على أن يستمر على طاعة الله ومحبة الله إلى صلاة ثانية، لكن في صلاة الجمعة يشحن شحنة أعلى تعينه على دوام اتصاله بالله طوال الأسبوع، أما حينما يأتي رمضان يشحن في ثلاثين يوماً شحنة تمده سنة، أما إذا ذهب للحج فهذه شحنة العمر تشحن شحنة ينبغي أن تمدك لنهاية حياتك.
آخر شيء أقوله لكم في موضوع الحج ونحن في باب الحج وصلنا: هي رحلة قبل الأخيرة الإنسان حينما يموت كل أقنعته المزيفة تنزع منه، نحن عندنا أقنعة مزيفة كثيراً،أحياناً شهادتك أو ثروتك أو ذكائك أو بيتك وأهلك وأولادك وزوجتك هذه كلها تزول عنك.
 ورد في بعض الأحاديث في الأثر: أن السيدة عائشة سألت النبي عليه الصلاة والسلام قالت: يا رسول الله أيعرف بعضنا بعضاً يوم القيامة قال: نعم يا أم المؤمنين إلا في ثلاثة مواقف عند الصراط وإذا الصحف نشرت وفي مكان ثالث الميزان قالت: وفي غير هذه المواطن قد تقع عين الأم على ابنها تقول له يا بني جعلت لك صدري سقاء وبطني وعاء وحجري بطاناً فهل من حسنة يعود خيرها علي اليوم ؟ يقول هذا الابن: يا أماه ليتني أستطيع ذلك إنما أشكو مما أنت منه تشكين..

 

﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ (101)﴾

 

(سورة المؤمنون)

 فنحن في علاقات زوجتك أقربائك إخوانك زملائك هذه كلها أقنعة أما يوم القيامة تأتيه فرداً.

 

﴿ وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً (95)﴾

 

(سورة مريم)

 يوجد طغاة في العالم شعوب بأكملهم رهن إشارتهم.

 

﴿ لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً (95)﴾

فلذلك أيها الأخوة: الحج له ميزة أحياناً يعملون مناورة عسكرية بأسلحة خلبية وكذلك الحج رحلة قبل الأخيرة تدريباً على الرحلة الأخيرة.
 قد لا يقال لك بالحج دكتور أو سيادة العميد أو سيادة الوزير أو الحاج فلان أنت بالحج واحد من المجموع لا تقدم ولا تؤخر نزع الله عنك...لا يمكن أن تلبس كرافة بالحج منشفة، أو حذاء ريد شوذ، تلبس شحاطة رخيصة ولا تستطيع أن تحلق حلاقة أنيقة تترك الحلاقة وأظافرك هذا كله ينزع عنك وسائل النعيم في الدنيا، أنا أسمي الحج رحلة قبل الأخيرة، فإذا حج الرجل يعني أنه تاب توبة نصوحة وشحن شحنة تمده بقية حياته، والحمد لله رب العالمين.

 

إخفاء الصور