وضع داكن
19-04-2024
Logo
دروس جامع الأحمدي - الدرس : 036 - خصائص شهر رمضان.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

اقرأ بتأنٍ :

 نحن في رمضان, كما قلت في الدرس الماضي: يجب أن تكون مع الجماعة, يعني من منا لا يستفيد من ضمانة الله عز وجل؟.
 يقول الله عز وجل:

((ابن آدم! لا تعجز عن ركعتين قبل الفجر, أكفك النهار كله))

 يعني: إن أنت صليت ركعتي الفجر في مسجد, لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول:

((من صلى الفجر في جماعة, فهو في ذمة الله حتى يمسي, ومن صلى العشاء في جماعة, فهو في ذمة الله حتى يمسي, ومن صلى العشاء في جماعة, فهو في ذمة الله حتى يصبح))

 إنك إن صليت الفجر في جماعة, وإن صليت العشاء في جماعة, فأنت في الأربع والعشرين ساعة في ضمانة الله, وفي ظل الله, وفي حفظ الله, وفي تأييد الله, وفي نصر الله.

تذكرة :

 أنا أريد أن أذكر الأخوة الكرام: أنه لا ينبغي أن يفجروا إلى أن يسهروا إلى قبيل السحور, ويأكلوا ويناموا, ضاع عليهم أثمن ما في رمضان؛ صلاة الفجر, وإذا عودت نفسك أن تصلي الفجر في رمضان في جماعة, تجد نفسك طواقاً بعد رمضان إلى متابعة هذه العادة الطيبة.

لا تنس ......:

 ورد في الحديث الشريف أنه:

((لو يعلم المرء ما في العتمة والصبح, لأتوهما ولو حبواً))

((لو يعلم الناس ما في العتمة والصبح, لأتوهما ولو حبواً))

 لا تنسوا أن الله عز وجل في الحديث الصحيح يقول:

((إذا كان ثلث الليل الأخير, نزل ربكم إلى السماء الدنيا, فيقول: هل من سائل فأعطيه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من طالب حاجة فأقضيها له؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ حتى ينفجر الفجر))

 فنحن في السحور يقظون, يمكن أن تنهي الطعام قبل الفجر بربع ساعة, ولك أن تصلي ركعتي قيام الليل أو أربع ركعات قيام الليل قبل أن يؤذن الفجر.
 لو الإنسان قام قبل ساعة ونصف من أذان الفجر؛ أكل, وشرب, ونوى الصيام, وقام ليصلي ركعتين أو أربع ركعات قبل أذان الفجر, هذه الصلوات, قيام الليل, ثم يتوجه إلى المسجد.
 يعني: كما قلت قبل قليل: هناك من يبتعد عن الطريق الصحيح في رمضان:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾

[سورة التوبة الآية:119]

 الآية الثانية:

﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً﴾

[سورة الكهف الآية:28]

نقطة دقيقة :

 النقطة الدقيقة: الله عز وجل أمرك في رمضان أن تفعل أشياء استثنائية, لا من أجل أن تفعلها في رمضان فقط, بل من أجل أن تعتاد عليها كي يستمر بها بعد رمضان, هذه حكمة الله في الصيام, فإذا ألفت أن تصلي الفجر في جماعة, لعلك تنقاد وتنساق إلى متابعة هذه العبادة بعد رمضان, وعلى مدار الأيام, وإذا ألفت أن تصلي العشاء في جماعة في رمضان, من باب أولى أن تحافظ على هذه الصلاة في المسجد بعد رمضان, لا تنس أن الله يضمن لك أمنك, وسلامتك, وحفظك, وتأييدك, ونصرك؛ إن صليت الفجر في جماعة فأنت في ذمة الله حتى تمسي, وإن صليت العشاء في جماعة فأنت في ذمة الله حتى تصبح, هذا ذكرته في الدرس الماضي.

 

ما الذي كان يفعله النبي عليه الصلاة والسلام في رمضان؟.

 كان عليه الصلاة والسلام جواداً, وكان أجود ما يكون في رمضان, كان كالريح المرسلة.
 فالإنسان في رمضان في إنفاق استثنائي.
 وقد يقول أحدكم: أنا أديت زكاة مالي والحمد لله, نجيبه ونقول: في المال حق سوى الزكاة, ولو سألتني عن الدليل: هذا كلام النبي عليه الصلاة والسلام, هناك دليل قرآني:

 

﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ﴾

 -الآن دققوا-:

﴿وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ﴾

﴿وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ﴾

[سورة البقرة الآية:177]

﴿وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ﴾

﴿وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ﴾

[سورة البقرة الآية:177]

 فإيتاء الزكاة شيء, أن تؤتي المال على حب الله شيء آخر, إيتاء المال على حب الله, أفضل شهر له رمضان؛ شهر العطاء, شهر الإكرام, شهر الجبر كما يقولون, لذلك: يجب أن تتجه في رمضان إلى الإنفاق.

سؤال هام :

 أخ كريم سألني: كيف ندفع زكاة الأموال؟ قلت له: بإمكانك أن تدفعها في أول رمضان, بل إن الإمام الشافعي: استحسن أن ندفع زكاة الفطر في أول رمضان, يعني: هذا الفقير ينبغي أن يشتري حاجاته, يشتري ملابس لأولاده, هذا الذي يؤخره إلى قبيل العيد بيومين, قد لا ينتفع بهذا المال, فمن الأفضل أن تدفع زكاة الفطر قبل مجيء العيد بوقت طويل , ولكن كنت قد اقترحت على بعض الأخوة الكرام في شأن دفع الزكاة.
 يعني العلماء: أجازوا أن تدفع الزكاة سلفاً, كيف؟.
 جاء رمضان, وجردت أموالك, وعروض التجارة, وما لك من ديون, وما عليك من استحقاقات, جردت البضاعة بكلفتها, أو بسعر السوق أيهما أقل, وأجريت الحسابات, وبلغت زكاة مالك رقم كذا, وأديتهم, ما الذي يمنع أن تفتتح حساب زكاة في واحد شوال على مدار العام؟.
 فكلما جاءتك قضية, أو مشكلة, أو إنسان, أو حالة تستدعي المعالجة, والدفع, والسخاء, دفعتها وسجلتها في حساب الزكاة, أنت على مدار اثني عشر شهراً, بإمكانك أن تدفع المبلغ المناسب للفقير المناسب, في الوقت المناسب, وبحكمة بالغة, أما حينما تريد أن تدفع زكاة مالك كلها في يوم واحد أو يومين, قد لا توفق إلى المحتاجين الصادقين.
 فبالإمكان أن تدفع زكاة مالك على مدار العام, كلما رأيت حالة تستدعي العطاء؛ عملية جراحية, طالب علم, إنسان بيته مهدم, إنسان في عنده مشكلة, تدفع وأنت مرتاح, دراسة هادئة, متأنية, توضع الزكاة في مكانها الصحيح, وفي اليد التي تستحق, فإذا جاء رمضان الثاني, وجردت البضاعة, وأجريت الحسابات, فكان عليك مثلاً زكاة ثمانين ألف, دفع خمساً وستين, بقي عليه خمسة عشر, تدفعها, ودفعها سهل مثلاً.
 إذاً: الزكاة يمكن أن تدفعها سلفاً على مدار العام.

كيف نطبق هذه القاعدة: -الأقربون أولى -معروف ؟ :

 النقطة الأولى في هذا الدرس: هي أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان جواداً, وكان أجود ما يكون في رمضان, فهو كالريح المرسلة.
 و:

((ما عبد الله في الأرض بأفضل من جبر الخواطر))

 و:

((لا تقبل زكاة مالك -دققوا في هذا الحديث- وفي أهلك محاويج))

﴿الأقربون أولى بالمعروف﴾

 هذه قاعدة, قاعدة فقهية, كيف نطبقها؟ تطبيقها دقيق جداً.
 العلماء قالوا: هناك ثلاث زوايا؛ الأقربون نسباً 2-الأقربون إلى الفقر 3-الأقربون إلى الإيمان أربعة, ثلاثة عوامل.
 لو تصورنا أن قريبين متساويين في النسب, أخوان شقيقان يمتان إليك بصلة, كيف ترجح بينهما؟ الأقرب إلى الإيمان.
 حدثني أخ كريم له أعمال طيبة جداً, امرأة لها سجل في المساعدات, فعُلم أنها اشترت صحناً كي تستقبل المحطات الغربية, فلما منع عنها العطاء, توسلت, واستعطفت, وقالت: والله أخذته بالدين يا سيدي, بالدين أخذته؛ فهذه التي تغرق في الملهيات التي لا ترضي الله, الأولى: أن نعطي أسرة ملتزمة.
 لو تساوى رجلان في القرابة, تعطي الأقرب إلى الإيمان, لو تساوى رجلان في الإيمان, تعطي الأقرب إلى الفقر, لو تساوى رجلان في الإيمان والفقر, تعطي الأقرب نسباً, كم مرجح؟ ثلاثة, الأقربون إلى الإيمان, الأقربون إلى الفقر, الأقربون نسباً, إن تساوى, إن تساوت قرابة النسب, ترجح الإيمان, وإن تساوى قرابة الإيمان, ترجح الأفقر.
 على كل؛ عندك ثلاثة مرجحات, هذه قاعدة في إنفاق المال.

توهم خاطىء :

 أكثر الأخوان الكرام يتوهمون: أنه لمجرد أن تؤدي زكاة مالك, انتهى الأمر, لمن تعطيها؟ يجب أن تعطيها, وأن تجتهد في أن تعطيها.
 أنا حدثني رجل قال: والله الجمعية الفلانية اشترت بيتاً لأحد الفقراء, وهذا البيت الآن بيت دعارة, أقسم لي بالله, وسمى لي اسم الذي أخذ هذه المساعدة من الجمعية.
 فكلكم يتوهم: أنه دفع انتهى, لا, كما أنك يعني اتخذت قراراً لدفع زكاة مالك, ينبغي أن تبحث عن المستحق؛ والأقربون أولى بالمعروف, المؤمنون أولى بالمعروف, والأشد فقراً أولى بالمعروف.
  يوجد إنسان يلزمه يعني يشتري مكيف, أو يلزمه يشتري حاجة ثانوية, أما الذي يحتاج أن يأكل أولى بالمعروف, نعم.
 ممكن نؤمن لشخص بيت, لكن لسنا مكلفين بيت فخم, بيت في الضواحي, بيت مئة متر, بيت بأقل كلفة ممكنة, أما نوسع بيت لشخص, لا, نقول له: نؤمن بيت لشخص ثان أفضل, لذلك: الإنفاق يكون بهذا الشكل.

هل يجوز أن تؤدى زكاة الفطر عيناً؟ :

 ورد عند بعض المذاهب: أن زكاة الفطر تؤدى عيناً ممكن.
 يعني: أنا أعجبني من بعض الأخوة في الشام, يؤمنون مواد تموينية لشهر بكامله, لم يعد يهمك الأب حكيم, أو غير حكيم, قدمت له المواد الأولية من سمن, ورز, وسكر, وشاي, إلى آخره ......... وزيت, فإذا بالإمكان هذه العادة الطيبة تتوسع.
 في تجار كثر يعطي كرت, هذا الكرت ممكن تستلم مقابله مونة شهر, وفي كرت مونة سنة, فممكن تقدم مواد عينية جيدة جداً, هي في طريقها إلى بطون الجياع, وهذه لا شبهة فيها إطلاقاً, هذه واحدة.

ما هما الشرطان اللذان ينبغي أن يعلمهما التاجر إذا أراد أن يدفع زكاة ماله:

1- يجب أن تكون هذه البضاعة مما ينتفع به الفقير انتفاعاً شديداً :

 الواحدة الأولى: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان جواداً, وكان أجود ما يكون في رمضان.
 يمكن تكلمت الدرس الماضي: أن مع كساد الأسواق, هناك أخوة كرام كثر يدفعون زكاة مالهم من بضاعتهم.
 أقول لكم الحقائق التالية: يمكن أن تدفع زكاة مالك من بضاعتك, بشرط أن تكون بضاعتك مما ينتفع بها الفقير جداً, في بضاعة ثانوية, أو في ألبسة لا تلبس كي تستر, ولا تلبس كي تدفىء, ولكن تلبس كي الإنسان يفتخر بها, يسمونها النوفتي هذه, هذه لا يمكن أن تقدم زكاة مال للفقراء, هذه الفقيرة تحتاج إلى معطف, تحتاج إلى ثوب من الجوخ يقيها البرد, تحتاج إلى شيء أساسي, أما أن تعطيها شيئاً ثانوياً لا قيمة له عندها, قد يكون هذا الشيء له قيمة عند المؤمنين.
 فأيها الأخوة, قبل أن تقرروا توزيع زكاة أموالكم من بضاعتكم.
 والله أخواننا في الجمعيات, ذكر لي أشياء, والله شيء يندى لها الجبين, أحذية الفردتين شمال, دفعهم زكاة ماله, الفردتين شمال, الفردتين يمين, حذاء لو رأيته في الطريق لا تحمله, هكذا تقدم هديتك إلى الله عز وجل؟ ألبسة لا يمكن أن تنتفع بها, امرأة مستورة, خمسون غرام من الصوف مشكوك, عبارة عن صدر فقط, وظهر, وبلا أكمام, قال: هذه كنزة زكاة مالي أستاذ تأخذونها؟ لم تبع معهم.
 فأنا أنبه الأخوان, أنتم أكثركم تجار, لا تدفع الزكاة عيناً, إلا إن كانت بضاعة ينتفع بها الفقير انتفاعاً كبيراً.

2-أن تكون بسعر السوق أو الكلفة أيهما أقل :

 الشيء الثاني: لا يمكن أن تسجل على الله, إلا بسعر السوق أو الكلفة أيهما أقل, واضحة, هذه ذكرتها الدرس الماضي.
 سعر السوق أو الكلفة أيهما أقل.
 يعني: في عندك أرواب, أردت أن تؤديها زكاة مالك, كلفك الروب ألف, انتهى موديله, أتيت بإنسان قال لك: بثلاثمئة, هذه ستوكة, كيف تسجلها على الله؟ بثلاثمئة ليس بألف.
 لو أن هذه البضاعة رائجة, كلفتك ألف, مبيعها ثلاثة آلاف أو ألفان, كم تسجلها على الله؟ بألف, هذه قاعدة:
 سعر السوق أو الكلفة أيهما أقل.
 إذا أخ من أخواننا أراد أن يدفع زكاة ماله من بضاعته, الشرط الأول: يجب أن تكون هذه البضاعة مما ينتفع به الفقير انتفاعاً شديداً.
 شخص عنده نكاشات أسنان, ممكن تعطيها للفقير؟ لم يأكل لحم حتى ينكش أسنانه, وهذه البضاعة تسجل بسعر الكلفة أو سعر السوق أيهما أقل, هذا جانب من جوانب رمضان.
 كان عليه الصلاة والسلام جواداً, وكان أجود ما يكون في رمضان.

كيف نقرأ القرآن الكريم في رمضان؟ :

 الصفة الثانية في رمضان, من يعرفها؟ تلاوة القرآن.
 يعني: أخواننا أكرمهم الله, يقرؤون القرآن هكذا ..... الحمد لله أنهيت ختمتين في رمضان. يقول الله عز وجل:

﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾

[سورة محمد الآية:24]

 أنا أنصح أخوتنا الكرام: أن يقرؤوا القرآن مرتين؛ مرة قراءة تدبر, ولو قرأت في رمضان كله جزء واحد قراءة تدبر؛ قف عند الآيات, عند الأوامر, عند النواهي, عند المواعظ, عند العبر, عند القصص, عند الثوابت, عند السنن, عند القوانين, عند كلمات الله التي لا تتبدل ولا تتغير, قف عند هذه الآيات, قف عندها ملياً, حاسب نفسك أين أنت منها؟ هل أنت مطبق لها؟.

واقعة :

 مرة كنت أمشي في هذا الشارع المتوسط, فخرج أحد الأخوة الكرام من دكانه, ودعاني لدخول محله, واستفتاني في موضوع زواج ابنته من شاب, هذا الشاب خطب ابنته, وهو على مستوى عال من المال؛ في معمل, في بيت, في سيارة, قال لي: لكن دينه رقيق, أغلب الظن أنه لا يصلي, فبماذا تنصحني؟ قلت: والله اسمع نصيحة الله عز وجل:

﴿وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ﴾

[سورة البقرة الآية:221]

﴿وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ﴾

[سورة البقرة الآية:221]

 أنت حينما تقرأ القرآن, وتقبله من وجوهه الست, وتقول: صدق الله العظيم, فإن لم تأتمر بأمره, ولم تنه عما عنه نهاك, فهل كنت مصدقاً لله عز وجل؟ لا والله.
 ألم يقل النبي -عليه الصلاة والسلام-:

((رب تال للقرآن والقرآن يلعنه))

 و:

((مَا آمَنَ بالقرآنِ مَن استحلَّ مَحَارِمَهُ))

[أخرجه الترمذي في سننه]

 و:

((كل علم وبال على صاحبه ما لم يعمل به))

 وعالم بعلمه لم يعملن معذب من قبل عباد الوثن
 ألم يرو النبي لنا في الحديث الصحيح, عن رجل معروف بين الناس, يدور حول الرَّحى في النار, فيقال له:

((يا فلان, ألست فلاناً؟ يقول: نعم, ألم تكن تأمرنا بالمعروف, وتنهانا عن المنكر؟ قال: بلى, ولكنني كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه, وأنهاكم عن المنكر وآتيه))

هذا المطلوب :

 فيا أيها الأخوة الكرام, المطلوب: أن نقرأ القرآن بتدبر:

﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافاً كَثِيراً﴾

[سورة النساء الآية:82]

﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾

[سورة محمد الآية:24]

 يعني: إذا في مجالس برمضان حول تفسير القرآن, ينبغي أن نحضرها.

برنامج  رمضان :

 نحن إن شاء الله, حسب أخواننا الكرام, يعني صار في اتفاق: أن تكون الدروس في رمضان بعد العصر, وأن تكون يوم الأحد, والثلاثاء, والخميس, ثلاثة أيام في الأسبوع, أحد, وثلاثاء, وخميس, وسأحاول أن تكون هذه الدروس مكثفة جداً, ومتعلقة بهذا الشهر, الذي هو من أرقى شهور عند الله عز وجل, ونقرأ القرآن, نقرؤه قراءة تعبد, في قراءة تدبر, وفي قراءة تعبد, كيفما تعاملت مع القرآن, فأنت في خير, قراءة تعبد, أو قراءة تدبر, والأفضل: أن تجمع بينهما؛ ولكن لو سألت العلماء: أية طريقة في قراءة القرآن تعد أعظم أجراً عند الله؟.
 الإمام الغزالي في إحيائه يقول: أن تقرأ القرآن في المسجد, وفي صلاة واقفاً.
 يعني: أعلى درجة من التلاوة: أن تقرأه في المسجد, وفي الصلاة, وواقفاً, وهذا أين يتوفر؟ طبعاً: القراءة أو الاستماع كلاهما واحد, في التراويح, أنت في التراويح تقف بين يدي الله ساعة, لتستمع إلى كلام الله يتلى عليك, وكأن الله سبحانه وتعالى يخاطبك.

قف هنا :

 ورد في بعض الأقوال المأثورة:

((أنك إذا أردت أن تحدث الله فادعه, وإن أدرت أن يحدثك الله فاقرأ القرآن, إن أردت أن يحدث الله فادعه, وإن أردت أن يحدثك الله فاقرأ القرآن, وكأنك تستمع إلى رب العزة يتلو عليك كلامه))

 لذلك: ورد في بعض الأحاديث القدسية:

((أن يا موسى, أتحب أن أكون جليسك؟ -صعق سيدنا موسى- قال: كيف هذا وأنت رب العالمين؟ قال: يا موسى, أما علمت أنني جليس من ذكرني, وحيثما التمسني عبدي وجدني؟))

تنويه :

 أنا من عادتي: أنا أبدأ في الحديث عن رمضان قبل رمضان, حتى نبدأ من أول يوم بدءاً صحيحاً, من أول يوم بدء أساسه العبادة؛ أن نلتزم في مسجد في صلاة التراويح, وفي صلاة الفجر, وفي حضور مجالس العلم.
 وقد نوهت في الدرس الماضي أنه: يمكن أن تؤخر كل اللقاءات إلى ما بعد العيد؛ الولائم, واللقاءات, والاحتفالات, والأدوار, والسهرات, هذه دعها إلى بعد العيد, واجعل هذا الشهر شهر عبادة, لا كما يفعل معظم الناس, شهر لقاءات, وولائم, واحتفالات, وكل شيء لا يرضي الله, إنما صنعناه إكراماً لشهر رمضان المبارك, نعم.

كن صبوراً :

 أيها الأخوة, قال:

أخلق لذي الصبر يحظى بحاجته  ويدمن القرع للأبواب أن يلجا

 في إنسان أنا أشبهه ملول, يعني يصلي, لم يجد في شيء, يقول لك: يقرأ قرآن, لا يحس بشيء, فوراً يمل؛ أما المؤمن يصبر, يصلي, يذكر, يقرأ القرآن إلى أن يفتح الله عليه, إذا الله عز وجل تجلى على قلبك, وأذاقك من طعم قربه, ذقت شيئاً لا يوصف.
 يعني: رمضان شهر التجلي, الآن: الحج, ورمضان, هذه عبادات راقية جداً, أنت لست بحاجة إلى أحد.

هذا هو الإحياء :

 أيها الأخوة, أكثر المساجد, يقول لك: أحييناها الحمد لله, كيف أحييتها؟ أناشيد, ودربكة, هذا الإحياء؟.
 الإحياء: أن تجلس تناجي ربك, أن تستغفره, أن تستعطفه, أن تسبحه, أن تمجده, أن تقدسه, أن تتلو كلامه, أن تنهمر الدموع, أن يخشع القلب, هذا هو الإحياء, لذلك:
 أنا من أنصار أن تجمع في الإحياء, بين أن تكون في المسجد جانباً من الوقت, وجانب آخر وحدك في البيت, أن تكون مع الله عز وجل, هذه بعض الملاحظات؛ لكن أيها الأخوة, الإنسان من أين يؤخذ في رمضان؟ من هذه وهذا, لو أنه ضعف غض بصره, شعر بالحجاب بينه وبين الله, ومن يعمل في الأسواق .........
 والله العمل في الأسواق, يعني فتنة كبيرة جداً, هذه الفتنة لا تقاوم إلا بغض البصر؛ امرأة متزينة, متبرجة, متفلتة, مائلة مميلة, كاسية عارية, تدخل المحل معطرة, فأنت إن استرقت النظر إليها, أو ملأت عينيك من محاسنها, أو أدرت معها حديثاً لطيفاً, وأنت صائم, تفضل صل الظهر, تصلي, لكن في بينك وبين الله حجاب, أليس كذلك؟.
 أنا أضع يدي على الجرح, بينك وبين الله حجاب, لذلك: المؤمن يبالغ في غض بصره.

الكلمة الأخيرة :

 وفي شيء أريد أن أقوله لكم, لكن متحرج: يعني هذه النعومة الزائدة مع الزبائن, لا تتناسب مع الصيام, شيء من القسوة ضروري, امرأة تلين الكلام, وأنت تلين أكثر, انتهى الأمر, أين بقي رمضان؟ أين رمضان؟ لا بد من الجزم, كما أن الله عز وجل يقول:

﴿فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً﴾

[سورة الأحزاب الآية:32]

 وأنت ينبغي أن تقول قولاً معروفاً, كيف؟.
 قال سيدنا موسى لابنتي شعيب:

﴿قَالَ مَا خَطْبُكُمَا﴾

[سورة القصص الآية:23]

 فقط كلمة وحدة, حسناً: لماذا لم يقل لهما: الآنسات ما أسماؤهن؟ لم نتعرف على الآنسات؟:

﴿قَالَ مَا خَطْبُكُمَا﴾

[سورة القصص الآية:23]

 كلمة واحدة؛ لا مجاملة, ولا الآنسات, ولا الاسم الكريم, ولا ........ ماذا تفعلان هنا؟ خير إن شاء الله؟ قلبنا معكن, هذا كله كلام لا معنى له إطلاقاً.
 حسناً: حينما جاءت من طرف سيدنا شعيب, من طرف أبيها, ماذا قالت له؟:

﴿قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ﴾

 -لو قالت: إن أبي يدعوكْ, خير ما المناسبة؟ صار في حديث-:

﴿أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا﴾

[سورة القصص الآية:25]

 انتهى, لا يوجد رد, هذه المؤمنة:

﴿فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ﴾

[سورة الأحزاب الآية:32]

 لا تدقق, أقل كلام, كلام جاد معروف؛ لا في ميولة, ولا في تفسخ, لأنه يؤخذ الإنسان في رمضان من إطلاق البصر, ويؤخذ من اللسان, لذلك: صدقة الفطر لماذا؟ تطهير للصائم مما بدر منه من لسانه أو من عينه, وطعمة للمسكين.
 أرجو الله سبحانه وتعالى: أن يكون رمضان من الأشهر المتميزة في هذا العام, والحمد لله رب العالمين.
 بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 اللهم أعطنا ولا تحرمنا, أكرمنا ولا تهنا, آثرنا ولا تؤثر علينا, أرضنا وارض عنا, وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم, الفاتحة.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور