وضع داكن
24-04-2024
Logo
دروس جامع الأحمدي - الدرس : 032 - ضرورة التقيد بكتاب الله وسنة رسوله في العبادات
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

حديث نعتمد عليه في حلقتنا هذه :

 أيها الأخوة المؤمنون, في سنن الدرامي -وهو من الكتب الصحيحة في الحديث الشريف- حديث ذو دلالة دقيقة وعميقة وخطيرة.
 يقول:

((أخبرنا الحكم بن المبارك, أخبرنا عمرو بن يحيى قال: سمعت أبي يحدث عن أبيه, قال: كنا نجلس على باب عبد الله بن مسعود -وهو من الصحابة الكبار- قبل صلاة الغداة, فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد.

 -من أدبهم الجم: أنهم لم يكونوا يطرقون بابه, يقفون أمام الباب, أو يجلسون حول الباب, فإذا خرج, مشوا معه إلى المسجد-.
 فجاءنا أبو موسى الأشعري, فقال: أخرج إليكم –يعني عبد الله- أبو عبد الرحمن – هذه كنية عبد الله بن مسعود.
 كلكم يعلم: أن الإنسان له اسم, وله لقب, وله كنية, وله نسب.
 سيدنا عمر اسمه عمر, كنيته أبو حفص, لقبه الفاروق, نسبه القرشي؛ القرشي نسب, الفاروق لقب, أبو حفص كنية, اسمه عمر.
 هناك أشخاص كثيرون, يتألمون أشد الألم, لو ناديتهم بأسمائهم, أما إذا ناديتهم بكناهم يرتاحون, هذا شيء عرف, لكن الحقيقة: أن الله سبحانه وتعالى لم يسم أحداً بكنيته في القرآن, إلا أبا لهب, قال:

﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾

[سورة المسد الآية:1]

 بينما أنبياؤه: يا يحيى, يا عيسى, يا موسى, محمد رسول الله, الأنبياء العظام سماهم بأسمائهم, أما أبو لهب ناداه بكنيته, فإذا الإنسان نودي باسمه, لا ينبغي أن يتألم-.
 فجاءنا أبو موسى الأشعري, فقال: أخرج إليكم أبو عبد الرحمن؟ قلنا: بعدُ –لا لم يخرج- فجلس معنا حتى خرج, فلما خرج قمنا إليه جميعاً.

تفرقة لم يعرفها المسلمون من قبل :

 -ويقول عليه الصلاة والسلام:

((ليس منا -أي ليس من أمة محمد عليه الصلاة والسلام, ليس من المسلمين- من لم يرحم صغيرنا, ويوقر كبيرنا, ويعرف لعالمنا حقا))

 أنا مرة بأم عيني, كنت في أحد المحلات التجارية التي تبيع الأقمشة, وكان يوم عطلة , فابن صاحب المحل في المحل, ابنه في الصف الثامن, وشاءت الصدف أن عنده صانع في سن ابنه تماماً, فحمل هذا الصانع الأثواب الواحد تلو الآخر, إلى درجة أنه لا يقوى على حملها, قال له: أنت شاب, فحمله مزيداً من هذه الأثواب, فلما أمسك ابنه ثوباً واحداً ليرفعه, انتبه ظهرك بابا, انتبه.
 أرأيتم إلى هذه التفرقة؛ ابنه يخاف عليه, أما ابن الناس يحمله فوق طاقته, ليس هذا من الإيمان, ابنه يريده طبيباً, يضع له خمسمئة ألف ليرة دروس خاصة, أما عنده صانع يتيم , رجاه أن يغادر المحل قبل نصف ساعة, ليلحق دورة مسائية رفض, يقول لك: إذا تعلم لا يبقى عندي, لأبقيه جاهلاً, هؤلاء سوف يحاسبون حساباً عسيراً؛ لن تكون مؤمناً إلا إذا عاملت الناس جميعاً كما تعامل نفسك, لن تكون مؤمناً إلا إذا عاملت أولاد الناس كما تعامل أولادك-.

ماذا رأى الأشعري في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ :

 قال: فجلس معنا حتى خرج, فلما خرج قمنا إليه جميعاً, فقال له أبو موسى الأشعري: يا أبا عبد الرحمن –من هو أبو عبد الرحمن؟ عبد الله بن مسعود- إني رأيت في المسجد آنفاً أمراً أنكرته, -ماذا رأيت؟- ولم أر -والحمد لله- إلا خيراً.
 -ماذا رأيت في المسجد, في مسجد النبي؟- قال: فما هو؟ قال: إن عشت فستراه, قال: رأيت في المسجد قوماً حلقاً جلوساً, ينتظرون الصلاة, في كل حلقة رجل, وفي أيديهم حصى, فيقول: كبروا مئة مرة فيكبرون, هللوا مئة مرة فيهللون.
 -ما معنى هلل؟ الله أكبر, سبحلة؟ سبحان الله, دمعز؟ ..... لا, أدام الله عزك, حوقل؟ لا حول ولا قوة إلا بالله, حيهلة؟ حي على الفلاح, كبر؟ الله أكبر.
 كبر: الله أكبر, سبحلة قال: سبحان الله, حيهلة قال: حي على الفلاح, حوقلة قال: لا حول ولا قوة إلا بالله, دمعز: أدام الله عزك. هذا اسمه في اللغة النحت, تُنحت كلمة من عدة كلمات, نعم.
 من باب الطرف: إذا واحد يميل للمذهب الحنفي والشافعي معاً, نقول له: حنفشعي, هذا حنفشعي نحت, هذا باب النحت في اللغة-.
 فمعهم حصى؛ كبروا مئة مرة فيكبرون, هللوا مئة مرة فيهللون, سبحوا مئة مرة فيسبحون.
 -يعني: فعلوا شيئاً ما فعله النبي عليه الصلاة والسلام.

هذا ما نجده في الناس اليوم :

 نحن الآن أحياناً: نجد أناس يلبسون طرابيش, بنية اللون طويلة, ويلبسون ثياب, إذا داروا سريعاً أصبحت كالخيمة, ويضربون المزامير والطبول, هذا هو الإسلام؟ بهذه الطريقة فتحت بلاد العالم؟ قد تدخل إلى حضرات؛ يرتفعون, وينخفضون, ويقفزون, شيء غير ...... هكذا فعل النبي؟ أناس يأخذون الشيش يضربون أنفسهم, أناس يربون الأفاعي, هذا هو الدين؟ الدين أفاعي, الدين شيش, الدين رقص, الدين حضرات, الدين غناء, الدين أناشيد, لا.

((رهبان في الليل فرسان في النهار))

((علماء حكماء كادوا من فقههم أن يكونوا أنبياء))

  هكذا كان أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام, من أين بدأ التغيير؟.
 مئة بحصة؛ سبحوا مئة يسبحون, كبروا مئة يكبرون, هللوا مئة يهللون, هذا الذي رآه , والذي لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قاعدة :

 يقول بعض أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام: أول بدعة ابتدعها المسلمون بعد وفاة رسول الله: الشبع؛ يأكلون فيشبعون, ونحن قوم لا نأكل حتى نجوع, وإذا أكلنا لا نشبع.
 لكن بعضهم فهم هذا النص فهما آخر: يعني نأكل كثيراً ولا نشبع -ليس هذا هو المعنى- وإذا أكلنا ننسحب عن الطعام, وفي نفسنا أن نتابع الطعام.
 لذلك قالوا: اجلس إلى الطعام وأنت تشتهيه, وارفع يدك عنه وأنت تشتهي, تكلم إلى الناس وهم يشتهون أن تتكلم, واسكت وهم يشتهون أن تتابع, هذه قاعدة, نعم-.

بماذا أجاب الأشعري ابن مسعود بشأن سؤاله؟ :

 فقال أبو عبد الرحمن لأبي موسى الأشعري: ماذا قلت لهم أنت؟ قال: ما قلت لهم شيئاً, انتظار رأيك -أنت الذي توجهنا-, إنهم ابتدعوا بدعة لم تكن من قبل-.
 قال: أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم, وضمنت لهم ألا يضيع من حسناتهم شيء؟ –الحسنات مضمونة أما .......-.
 أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم, وضمنت لهم ألا يضيع من حسناتهم شيء؟ ثم مضى ومضينا معه.

هذا ما قاله ابن مسعود لتلك الحلقة :

 -الحقيقة: أنا ذكرت هذا الحديث, لأنه حينما نبتعد عن منهج الله ولو قليلاً, دققوا في الزاوية, زاوية مقدارها درجتين, مدد خطوطها, بعد متر تصبح عشرة سانتي, بعد مترين عشرين سانتي, يمكن زاوية مقدارها درجة واحدة, بعد مئة كيلو متر تصبح ألف كيلو متر, هكذا ...... فالخطأ يبدأ صغيراً ويتفاقم, نحن ما عندنا حل وسط, الله جل جلاله يقول:

﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً﴾

[سورة المائدة الآية:3]

 أية زيادة على منهج الله, أو أي حذف منه هو اتهام ضمني لهذا الدين, لأنه ناقص وأنت تكمله.
 فهذه الآية أصل: في أنه لا يجوز أن نضيف على هذا الدين شيئاً, كما أنه لا يجوز أن ننزع من هذا الدين شيئاً, الإضافة عليه بدعة وحذف شيء منه بدعة, الإضافة عليه تعني: أن هناك نقص وأنت كملته, والحذف منه تعني: أن هناك زيادة وأنت تلافيتها, أما دين الله دين كامل:

﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً﴾

[سورة المائدة الآية:3]

 ثم مضى ومضينا معه, حتى أتى حلقة من تلك الحلق فوقف.
 -الحقيقة: أكثر الناس يقولون: حَلَق خطأ, صوابها: حَلْق, حَلْق بتسكين اللام, جمعها حِلَق وحَلَقات.
 أكثر الناس يقول لك: المحلِّق الجنوبي, المحلِّق نحو السماء, حلَّق يُحلِّق محلِّقاً, صوابها المتحلِّق الجنوبي, من حَلَقَ, لا تقل: المحلِّق, المحلِّق طيران, قل: المتحلِّق من الحلْقة التي تحيط بالمدينة, يوجد عندنا متحلِّق جنوبي ومتحلِّق شمالي, في أخطاء كثيرة باللغة.
 معظم أطباء دمشق: إخصائي في أمراض الصدر, يعني الذي يُخصي, الإخصائي في اللغة: الذي يخصي, صوابها الاختصاصي, لا تقل: إخصائي, إخصاء معروف, النسبة إليه إخصائي, نعم.
 لا تقل: تجارُب, التجارُب: العدوى بالجرب, قل: تجارِب, إلى آخره .........-.
 ثم مضى ومضينا, حتى أتى حلقة من تلك الحلق, فوقف عليهم, فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا: يا أبا عبد الرحمن, حصى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح, -ماذا فعلنا؟- قال: فعدوا سيئاتكم, فأنا ضامن ألا يضيع من حسناتكم شيء.
 -يعني سيدنا ابن مسعود: ما أراد أن نحيد عن منهج النبي, ما أراد أن نضيف عن العبادات شيئاً, ما أراد أن نحذف من الدين شيئا.

هذا هو دين الله سبحانه وتعالى :

 أخواننا الكرام, الدين الذي جاء به النبي -عليه الصلاة والسلام-, جاء به من عند الخالق, وخالقنا جل شأنه حكيم عليم خبير, رحيم لطيف قوي, فهذا المنهج متوازن, قال تعالى:

﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا﴾

[سورة البقرة الآية:286]

﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا﴾

[سورة البقرة الآية:286]

 يعني: كل أوامر الله عز وجل وفق وسع النفس, وأي إنسان يقول: هذا الأمر فوق طاقتي, إنه يكذب كلام الله, هل تدري حينما تقول: غض البصر فوق طاقتي, أنك تكذب كلام الله؟ لأن الله عز وجل يقول:

﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ﴾

[سورة النور الآية:30]

 وقال:

﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا﴾

[سورة البقرة الآية:286]

 كلفنا أن نغض أبصارنا, وربنا لا يكلفنا إلا وسعنا, فإذا قلت: لا أستطيع, معنى ذلك: أنك تكذب كلام الله, فهذا طرح مرفوض, أن تقول: الدين صعب, الذين يحتاج إلى زمان غير هذا الزمان, لا؛ الله جل جلاله رب كل الناس, ورب كل البلاد, ورب كل العباد, ورب كل العصور والدهور, فإله الصحابة إلهنا, والظروف متنوعة لكنها واحدة.

مثل في مكانه :

 يعني: أنتم هل تصدقون: أن إنساناً يدخل لمسجد, يرى أناساً يعدون التسبيح بالحصى, فعلوا شيئاً من البدع؟ لأن هذا يتفاقم.
 الحقيقة: لما نجد في آخر الزمان, أشياء من الدين لا علاقة لها بالدين إطلاقاً.
 أنا سأضع لكم هذا المثل: لا سمح الله ولا قدر: لو أن أحدنا مصاب بآلام بالمعدة شديدة جداً, يعني بوادر قرحة, أو التهاب معدة حاد, كل شيء تتقيؤه, وآلام لا تحتمل, ذهب إلى طبيب اختصاصي, -لا أقول: إخصائي- بالهضم, هذا الطبيب ما إن دخل عليه, حتى نصب سلماً, وربط حبلاً بين الجدارين, ومشى على الحبل, وأمسك العصا بيديه يتوازن؟ هذا المريض شبه, حركات معقدة جداً, إنسان يمشي على حبل, يستطيع؟.
 لو أن هذا المريض وهو يتلوى ألماً, شبه بهذا المرض, الطبيب ماذا أفاده؟ ما أفاده شيئاً, هل مهمة الطبيب أن يمشي على حبل, أم أن يعطيهم الدواء؟.
 حسناً: أنا حينما أجلس أمام إنسان؛ أنا ماذا أفادني هذا الإنسان؟ أين منهج الله؟ أين أمره ونهيه؟ أين سيرة نبيه؟ أين سنة نبيه؟ أين الحلال والحرام؟ أين الخير والشر؟ ماذا ينبغي أن أعتقد؟ ماذا ينبغي أن أفعل؟ كيف أتزوج؟ كيف أتاجر؟ كيف أبيع؟ كيف أشتري؟ أنا لست بحاجة إلى من يعطيني حركات بهلوانية, لينتزع إعجابي, ولا يعلمني أمر ديني, لست بحاجة؛ لا إلى حضرة, ولا إلى ضرب شيش, ولا إلى ميلوية, نحن بحاجة إلى منهج نسير عليه, نحن بحاجة إلى أن تحل مشكلاتنا, نحن بحاجة إلى أن نعرف الله, إلى أن نستقيم على أمره, إلى أن نتقرب إليه, إلى أن نصل إليه, هذا هو الدين-.

كيف نفهم هذا النص؟ :

 فقال عبد الله بن مسعود, أبو عبد الرحمن: ويحكم يا أمة محمد, ما أسرع هلكتكم, هؤلاء صحابة نبيكم -صلى الله عليه وسلم- متواترون –أصحاب النبي بينكم- وهذه ثيابه لم تَبلُ بعد, وآنيته لم تكسر –آنية النبي عليه الصلاة والسلام موجودة, وثيابه موجودة, وأصحابه موجودون- وتبتدعون في العبادة شيئاً ما فعله النبي؟ والذي نفسي بيده, إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد.
 -كيف نفهم هذا النص؟.
 يعني: إذا كان النبي -عليه الصلاة والسلام- أحرم للحج من هذا المكان, أنت أحرمت قبله, يعني أنت أورع منه؟ أنت أهدى منه؟ إذا فعلت شيئاً ما فعله النبي عليه الصلاة والسلام, إنك تدعي أنك أورع منه.

ورع لم نعرفه من قبل :

 أنا أعرف رجل, تزوج امرأة فرفض أن يرى أمها, قال: ورعاً, يعني أنت أورع من النبي؟ النبي سمح لنا أن نرى أم زوجتنا, وأنت أورع منه؟ لم يسمح لوالدة زوجته أن يلتقي بها, أبداً ورع.
 يروى: أن إنساناً تزوج امرأة, يعني بيت عربي, فهي في أرض الديار, تضع غطاء, لك يا بنة الحلال, لماذا هذا الغطاء؛ أنا زوجك, وأنت في بيت, ونحن وجدنا؟ قال: العصافير, لا, هذه مشكلة, حسناً.
 دخل معها إلى الغرفة, انزعي هذا الغطاء, الملائكة, ليس لها حل, فلما سافر وراقب البيت, فإذا رجال يدخلون ويخرجون بغيبته, فهذا الورع المفتعل.
 سيدنا عمر, سيدنا عمر كان يطوف حول البيت, في رجل رأى لوزة, فصاح بملء فمه: من صاحب اللوزة؟ من صاحب اللوزة؟ من صاحب اللوزة؟ فقال عمر -رضي الله عنه, كان ذكياً- قال له: كلها يا صاحب الورع الكاذب.
كلها وخلصنا منها.
 كلها يا صاحب الورع الكاذب.
 فلما الإنسان يفعل شيئاً ما فعله النبي عليه الصلاة والسلام, يعمل مزاودة, يوهم الناس أنه أورع من النبي عليه الصلاة والسلام.

لم!!!!؟:

 ماذا قال عليه الصلاة والسلام؟:

((أشدكم لله خشية أنا؛ أنام وأقوم))

 يقول لك الإمام الفلاني: صلى الفجر بوضوء العشاء أربعين عاماً, لا تصدقه, لا تصدقه, تستطيع تسهر ليلتين وراء بعضهم؟ يهتز كيانك ثاني يوم, يستطيع إنسان الآن يسهر ليلتين للفجر ثاني يوم, بالعمل تتوازن؟.

قصة أحجمت عن روايتها حتى عثرت على نص آخر لها :

 أربعون سنة صلى الفجر بوضوء العشاء, لا ينام الليل؟.
 والله قصة أحجمت عن روايتها, تقريباً خمس سنوات لا أرويها.
 سيدنا عمر جاءه رسول من أذربيجان, من عامله على أذربيجان, هذا الرسول وصل المدينة ليلاً في منتصف الليل, فمن شدة أدبه مع خليفة المسلمين: كره أن يطرق بابه ليلاً, فتوجه إلى المسجد, سمع من المسجد رجل يصلي, ويقول: ربي هل قبلت نفسي فأهنئها, أم رددتها فأعزيها؟ قال: من أنت يرحمك الله؟ قال: أنا عمر.
 -الذي, الذي أراد ألا يزعجه في الليل, رآه يصلي في المسجد-, قال له: يا أمير المؤمنين, ألا تنام الليل؟ قال له: إني إن نمت ليلي أضعت رعيتي.
 حسب النص: لا ينام, لا في الليل, ولا في النهار, ليس منطق, هذا الشيء فوق طاقة البشر.
 هذه القصة أحجمت عن روايتها خمس سنوات, غير منطقية, إلى أن عثرت على نص آخر لها, قال له: إني إن نمت ليلي كله أضعت نفسي أمام ربي -كلها وضحت-, إني إن نمت ليلي كله أضعت نفسي أمام ربي, وإن نمت نهاري أضعت رعيتي.
 فقط واضحة, هذا الشيء واقعي, الواقع دائماً أقوى شيء, بل إن الجهل: هو أن تخالف الواقع.
 من تعريف العلم: الوصف المطابق للواقع مع الدليل-.

دل على موضع الشاهد في هذا الكلام :

 ما أسرع هلكتكم, هؤلاء صحابة نبيكم -صلى الله عليه وسلم- متواترون, وهذه ثيابه لم تبل, وآنيته لم تكسر, والذي نفسي بيده, إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد.
 -قال:

((أشدكم لله خشية أنا؛ أنام وأقوم, أصوم وأفطر, أتزوج النساء, آكل اللحم, هذه سنتي, فمن رغب عنها فليس منها))

 هذه الواقعية, لذلك: مرة سافرت لبلد إسلامي, التقيت برجل يعني عالم, قيل لي: لم يتزوج, صار في استفهام!؟ الزواج سنة, والزواج لا يعيق الإنسان عن دعوته إلى الله, أبداً, بل يعينه, لا يعيقه, بل يعينه–.
 إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد, –يعني: أنتم حينما تفعلون شيئاً ما فعله النبي عليه الصلاة والسلام, لسان حالكم يقول: نحن أهدى من محمد عليه الصلاة والسلام, نحن أورع من محمد عليه الصلاة والسلام, نحن أشد طاعة لله من محمد عليه الصلاة والسلام, هذه مزاودة رخيصة, لا تفعل شيئاً ما فعله النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأنه أورع منك, وأعلم منك, وأشد حباً لله منك, افعل شيئاً فعله النبي عليه الصلاة والسلام, إن لم تكونوا كما تزعمون أهدى من ملة محمد عليه الصلاة والسلام, إنكم مفتتحو باب ضلالة؛ يا إما تضلون الناس, أو تدعون أنكم أهدى من محمد عليه الصلاة والسلام-.
 قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن, ما أردنا إلا الخير, قال: وكم من مريد للخير لم يصبه؟.

لا تغفل عن هذه الحقيقة :

 -يعني: الإمام الفضيل بن عياض قال: العمل لا يُقبل إلا إذا كان خالصاً وصواباً؛ خالصاً ما ابتغي به وجه الله, وصواباً ما وافق السنة.
 قال تعالى:

﴿وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ﴾

[سورة النمل الآية:19]

 احفظوا هذه العبارة: العمل لا يقبل إلا إذا كان خالصاً وصواباً؛ خالصاً ما ابتغي به وجه الله, وصواباً ما وافق السنة.
 تقول: نيتي طيبة, النية الطيبة لا تكفي, لا بد من أن .....
 لو أن إنساناً طبب إنساناً بنية طيبة فموته, ألا يحاسب؟.
 ماذا قال عليه الصلاة والسلام؟:

((من طبب ولم يعلم منه طب فهو ضامن))

 عليه أن يدفع ديته.
 أكثر الناس يقول لك: والله هذا الدواء استعمله مني, أنا استفدت عليه, قد يكون الأخ الثاني معه حساسية, معه ضعف قلب, معه مشكلة, تقتله, الدواء لا يوصف إلا من طبيب .

((من طبب ولم يعلم منه طب فهو ضامن))

 النية الطيبة, هل تشفع له النية الطيبة؟ أبداً, العمل لا يقبل عند الله إلا إذا كان خالصاً وصواباً؛ خالصاً ما ابتغي به وجه الله, وصواباً ما وافق السنة-.

آخر نقطة في الحديث :

 قالوا: يا أبا عبد الرحمن, ما أردنا إلا الخير, قال: وكم من مريد للخير لم تصبه؟ إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حدثنا حديثاً: أن قوماً يقرؤون القرآن, لا يجاوز تراقيهم, وايم الله, ما أدري, لعل أكثرهم منكم, ثم تولى عنهم, فقال عمرو بن سلمة: الآن رأينا عامة أولئك الحلق يطاعوننا يوم النهروان مع الخوارج))

 

بدؤوا بعد الحصى, وانتهوا أنهم أصبحوا مع الخوارج, فالبداية الخاطئة تنتهي إلى النهاية الخاطئة .
 ملخص هذا الدرس: أن نتقيد بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في العبادات والمعاملات, والحمد لله رب العالمين.
 بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 اللهم أعطنا ولا تحرمنا, أكرمنا ولا تهنا, آثرنا ولا تؤثر علينا, أرضنا وارض عنا, وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم, الفاتحة.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور