وضع داكن
24-04-2024
Logo
دروس جامع الأحمدي - الدرس : 025 - أحاديث متفرقة من كتاب الرقاق للداراني في ترقيق القلب وتليينه.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما, وأرنا الحق حقاً وارزقنا أتباعه, وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

هذا هو الخير كما أشار إليه المصطفى عليه الصلاة والسلام في الحديث :

 أيها الأخوة الكرام, من الكتب الصحيحة في الحديث الشريف, سنن الداراني, ومن كتب هذه السنن: كتاب الرِّقاق, والرقاق: الأحاديث التي ترقق القلب وتليينه, من هذه الأحاديث الشريفة:
 عن ابن عباس -رضي الله عنه-, أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:

((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين))

[أخرجه الترمذي في سننه]

 الإنسان أحياناً: يتوهم الخير في المال, يتوهمه في الصحة, يتوهمه في العلو في الأرض, يتوهمه في ارتقاء المناصب العالية, يتوهمه في الانغماس في الملذات الدنيوية, يتوهمه في السياحة, يتوهمه في البيت الفخم, يتوهمه في مزرعة, لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- الذي لا ينطق عن الهوى, يقول:

((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين))

[أخرجه الترمذي في سننه]

 حسناً: هذا الفقه في الدين, يحتاج إلى وقت, وإلى مكان, المكان هو المسجد, والوقت, لا بد من أن تقتطع من وقت وقتاً لحضور مسجد علم, وإلا لن تصل إلى شيء, إذا كان وقتك أضيق من أن تحضر مجلس علم.
 يعني: في إنسان يربح من دون وقت؟.
 يقول العلماء: الوقت أساسه, أساسه كسب المال.
 في إنسان يؤسس مشروع, يربح أرباح طائلة, إذا لم يكن عنده وقت للمشروع, لا ينجح مشروعه, الناجحون في الحياة ستة في المعمل, ستة في المعمل فوق عمله, حتى يضبط أموره من أجل الدنيا, لا بد بالتعبير الدارج: من رجل مكسورة.
 يقول لك: الشغل يحتاج إلى رجل مكسورة, يعني: تربص, فمن أجل أن تتفقه في الدين, لا بد من حضور مجلس علم, والدين واسع جداً, فهذه نقطة دقيقة.

ما معنى الفقه في الدين؟ :

 أيها الأخوة, إذا أحبك الله, إذا أراد بك خيراً, إذا أراد أن يدخلك الجنة, يعطيك موجباتها, موجباتها: الفقه في الدين, أما الفقه ما معناه؟.
 الآن: كلكم يظن أن الفقه: أن تعرف شروط الصلاة, وفرائضها, وسننها, ومستحباتها, لا, هذا المعنى مستحدث بالفقه, معنى جديد, يعني: معرفة الأحكام الشرعية, الآن اسمها: فقه, أما الفقه في القرآن والسنة, بالمعنى اللغوي, ليس كالمعنى الاصطلاحي.
 النبي -عليه الصلاة والسلام- لما سأله أحدهم, قال:

((عظني ولا تطل, قرأ عليه الصلاة والسلام قوله تعالى:

﴿فمن يعمل مثقال ذرة﴾

 قال: كفيت, فقال: فقه الرجل))

 

الفقه في مصطلح القرآن, ومصطلح السنة, غير مصطلح, مصطلحنا نحن.
 يعني: أي إنسان طالب علم شرعي, طبعاً: صف سابع شرعي؛ درس أحكام الصلاة, أحكام الصوم, الحج, الزكاة, أحكام الطلاق, والزواج, والوكالة, والعارية, والقرض الحسن, والمزارعة, والمضاربة.
 يقول لك: هذا درس الفقه, الفقه: التعمق في الدين, معرفة أسرار التشريع, معرفة سر الخلق, معرفة غاية الوجود, معرفة مؤدى الحياة الدنيا, معرفة من أين, وإلى أين, ولماذا؟ هذا الفقه, الفقه: معرفة حكمة الدين, أصل الدين, ما وراء النصوص, ما بين السطور, هذا الفقه بالمعنى القرآني والنبوي.
 قال:

((فقه الرجل))

 لذلك:

((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين))

[أخرجه الترمذي في سننه]

 أما أناس كثيرون, بعيدون عن الفقه في الدين, بعد الأرض عن السماء, يعني: يقيم عمل لا يرضي الله, ثم يدعو الناس لافتتاحه, يأتي بالمنشدين, وينشدون, ويدعو بعض الدعاة ليلقوا الخطب, والمكان في الأصل لا يرضي الله, يعني: ما في فقه أبداً, يرتكب بعض الموبقات, ويصلي, يأكل المال الحرام, ويسألك عن سمسمة علقت بين أسنانه, أأفطر أم لم يفطر؟ تناقضات كبيرة جداً.
 يعني: الفقه في الدين, أن تعرف سر التشريع, أن تعرف مقاصد الدين العليا, إن تعرف لماذا أنت في الدنيا؟ لماذا خلقت في الدنيا؟ ماذا بعد الموت؟ أصول الدين, الحكمة من الدين, هذا معنى الفقه, فلذلك: هذا لا يكون بجلسة واحدة, هذا يحتاج إلى تراكم, يحتاج إلى متابعة, يحتاج إلى دوام.
 ولا تنسوا: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول:

((أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل))

[أخرجه مسلم في الصحيح]

بماذا حفت الجنة, وبماذا حفت النار؟ :

 وعن أنس, قال عليه الصلاة والسلام:

((حُفت الجنة بالمكاره, وحفت النار بالشهوات))

[أخرجه مسلم في الصحيح, والترمذي في سننه]

 طبعاً: أن تأكل حتى تشبع, وأن تنام حتى تشبع نوماً, وأن تطلق بصرك في الحرام, حتى تمتلىء العينان من مفاتن هذه المرأة, وأن تدير حديثاً لطيفاً مع امرأة لا تبت إليك بصلة, وأن تذهب إلى أي مكان في اختلاط, وأن تأكل ما تشاء, وأن تكسب المال الذي تريد من دون قيد, من دون شرط, من دون ورع, من دون سؤال, من دون جواب, هذه جهنم.

((إن عمل النار سهل بسهوة, وإن عمل الجنة حزم بربوة))

 عمل النار سهل جداً, استرخاء, إطلاق الشهوات, إطلاق الجوارح, كسب المال من أي طريق, من دون تدقيق, الذهاب إلى أي مكان, الجلوس مع أي إنسان, النظر إلى أي امرأة, هذه جهنم.

((حفت الجنة بالمكاره))

 بالجنة في غض بصر, بالجنة في تدقيق, هذا المال لا يجوز أن أكسبه, في تدقيق, هذه السهرة لا يجوز أن أحضرها, هذا السفر لا ينبغي أن أسافر إليه, يذهبون إلى بلاد الغرب, ليطلقون أبصارهم, بل ويرتكبون الفواحش, ويعودون, وقد حققوا إنجازات كبيرة, ثم يأتون إلى المساجد.
 قال:

((حفت الجنة بالمكاره, وحفت النار بالشهوات))

[أخرجه مسلم في الصحيح, والترمذي في سننه]

دقق في معنى هذا الحديث القدسي :

 وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال:

((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل: أعددت لعبادي الصالحين, ما لا عين رأت, ولا أذن سمعت, ولا خطر على قلب بشر))

[أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح, والترمذي في سننه]

 لو دققتم في هذا الحديث القدسي: الإنسان هذا سافر إلى أوروبا, هذا يعرف هولندا, وفرنسا, وإنكلترا, أمريكا, وكندا, واليابان, هذا يعرف تايواند, ويعرف أستراليا, ويعرف اليابان, ويعرف الهند, والباكستان, ويعرف إيران, ويعرف السعودية, كل واحد له سفرة, أنت لك دائرة مرئيات, دائرة.
 في شخص يقول لك: سوريا ولبنان فقط, لا يعرف, شخص سورية ولبنان والسعودية, عملت عمرة في زماني, والأردن, أثناء كان بالهوية, شخص يقول لك: رحنا على قبرص, شخص يعرف تركيا.

((أعددت لعبادي الصالحين, ما لا عين رأت -أما الأوسع من العين-, ولا أذن سمعت.
-أنت سمعت بغينيا, وغانا, وسمعت بجنوب أفريقيا, وسمعت بالمكسيك, والبرازيل, والأرجنتين, وسمعت بكندا, وسمعت بالأسكا, وسمعت بالقطب, وسمعت بالتيبد, وسمعت بالصين الشعبية, مسموعاتك أو مرئياتك, مليون مرة, أليس كذلك؟ أما الخواطر ليس لها حدود, كل شيء بالخاطر ممكن.
ممكن مثلاً: يكون عندك ذهب قدر الكرة الأرضية, ممكن خاطر, ممكن يكون في إنسان طوله من هنا للقمر؟ ممكن خاطر, ثلاثمئة وستون ألف كيلو متر طول رجل؟ ممكن, لكن هذا خاطر, ليس له قواعد, ليس له حدود, ليس له واقع. فدقق في هذا الحديث-, ولا خطر على قلب بشر.
-هذا كلام سيد الخلق, كلام رسول الله, لا ينطق عن الهوى, يحدثنا عن ربه, فكيف يكون حال الإنسان؟ إذا ضيع هذا الذي أعده الله له, من أجل دريهمات, أو مبلغ من المال, أو سهرة مختلطة, أو انحراف بسيط, ضيع الآخرة كلها-.
واقرؤوا إن شئتم: ﴿فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين﴾))

[أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح, والترمذي في سننه]

من هو المؤمن الموفق؟ :

 أخواننا الكرام, المؤمن الذكي الموفق, كل هدفه الآخرة, لأن الدنيا عرض حاضر, يأكل منه البر والفاجر, والآخرة وعد صادق, يحكم فيه ملك عادل, لذلك: يعمل للآخرة, وهذا العقل.
 قال عليه الصلاة والسلام:

((إن أكيسكم, الكيس من دان نفسه, وعمل لما بعد الموت, والعاجز من اتبع نفسه هواها, وتمنى على الله الأماني))

لماذا دخلت هذه المرأة النار؟ وما أبعاد هذا الحديث؟ :

 وعن ابن عمر -رضي الله عنه- قال:

((قال عليه الصلاة والسلام: دخلت امرأة النار في هرة, فقيل: لا أنت أطعمتنيها, ولا سقيتها, ولا أنت أرسلتيها تأكل من خشاش الأرض))

 لا أطعمتها, ولا سقتها, ولا تركتها, لذلك: استحقت امرأة أن تدخل النار.
 فهذه الإنسان, يعني: أنا أحب تكونون على حقيقة, هرة تسبب دخول النار, فما قولك فيما فوق الهرة؟.

((الإنسان بنيان الله, وملعون من هدم بنيان الله))

 إنسان يخوف إنسان, إنسان يفقر إنسان, إنسان يبتز مال إنسان, إنسان يجرح إنسان, يشوه إنسان.
 أحياناً ببعض المهن الطبية: من أجل كسب المال, نقترح إجراء عملية لا لزوم لها, ونقع بخطأ بالعملية, يموت الشخص, يقول لك: قضاء وقدر, من قال لك هذا: قضاء وقدر؟ هذه جريمة هذه, من قال لك: قضاء وقدر؟ هذه جريمة تحاسب عليها, يعني: مستعجل, قرر استئصال الثدي, استئصل الثدي, ولا يوجد فيه شيء, البنت في ريعان الشباب, معقود عقدها على شاب, فلما علم أنه قد استئصل ثديها, فسخ العقد, خطأ من الطبيب, خطأ بسيط.
 فالله عز وجل: حينما يعني يقول:

((دخلت امرأة النار في هرة))

 النبي الكريم:

((دخلت امرأة النار في هرة))

 دقق وفهمكم كفاية بما فوق الهرة.
 دخل لعندك إنسان يشتري حاجة, وجدته جاهل, عرفت تبيعه بالضبط, لبسته شغلة وقتها منته, منته مفعولها, ليس لها طعمة, ليس لها عمل, ماضي موديلها, بأعلى سعر, ثلاثة أضعاف.

قصة لها مدلولها :

 مرة أخ صديقي, صديق عارض, قال لي: عندي سيارة, فيها عيب بالمحرك خطير جداً, الحمد لله بعناها اليوم, لبسناها لواحد, قال لي بالضبط: لبسناها لواحد, أنا رأيته جاهلاً, لا يعرف عن الله شيء, اشترى من طرطوس سيارة كولف, كحلي جي إل, قال لي: مثل العروس, خامس يوم انضربت ضرب, انمعست معس, فكان غاضباً أشد الغضب, قلت له: ألم تقل لي: قبل خمسة أيام لبستها لواحد؟ .
 إخفاء العيب يجعل البيع حرام, إخفاء العيب يجعل هذه الصفقة حراماً, لأن فيها كذب, أو فيها تدليس, أو فيها انحراف, لذلك:

((دخلت امرأة النار في هرة حبستها, لا هي أطعمتها, ولا هي سقتها, ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض))

 فالإنسان أحياناً: يضرب غلام صغير على ظهره, صار معه عاهة دائمة, أحياناً يعني: يهمل معالجة طفل, يكون طبيب مناوب, مرتاح, يأتي إسعاف, الآن مشغول, يقرأ جريدة, جالس مع أصدقائه, يموت.
 فنحن نضع الهرة, هذه الهرة وحدها تسبب دخول النار, فما قولك فيما فوق الهرة؟ وكل شيء بحسابه, والله عز وجل عدله مطلق.

قصة مؤثرة :

 أنا لي صديق, يعمل في المطار, طالع مع شخص بالضبط, يقود سيارته بشكل جنوبي مسرع, رأى كلب صغير يقبع على طرف الطريق في طريق المطار, أراد هذا السائق أن يظهر براعته في القيادة, فقص يدي هذا الكلب, القضية دقيقة جداً, دهس فقط يديه, وأطلق ضحكة هيسترية, والله الرجل كان في السيارة, وحدثني من فمه إلى أذني, قال لي: والله شيء مخيف, أنا تألمت, أنا لست منتبهاً, وجدت انحراف مفاجىء, لماذا فعلت هذا؟ قال له: انظر يداه فقط, يداه فقط.
 -والنبي نهى عن أن تكون البهائم غرضاً في الرمي, كائن حي, الرجل حي يرزق وموجود-.
 قال لي: في الأسبوع الثاني رجع هذا الإنسان من المطار إلى دمشق, في المكان نفسه تعطلت سيارته, يعني: أصاب العجلة خلل, فرفع السيارة, وحل البراغي, وسحب الدولاب, فقس التريكو, وقعت فوق يديه, وقعت السيارة فوق العجلة, والعجلة فوق رسغيه, بعد أن وصل إلى المستشفى اسودت يداه, فلا بد من قطعهما.
 يقسم بالله العظيم: أنه فعل هذا يوم السبت الساعة الثانية ظهراً, وفي السبت الآخر الثاني: كانت يداه مقطوعتان, هذا الشيء يقع.

((دخلت امرأة النار في هرة حبستها, لا هي أطعمتها, ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض))

 مؤمن يخاف الله كثيراً, هو إذا إنسان مخير, قاصد الله يعفي عنه, يدفع صدقة, يكفر, أما قاصد, ومستهتر, ولا يبالي, ولا يستغفر, ولا يكفر, ولا يصحح, الله عز وجل قد ينتقم منه انتقاماً شديداً.

بشرى لك أيها المؤمن :

 وعن أبي هريرة -رضي الله عنه-, أخبرا النبي -عليه الصلاة والسلام- حينما سئل:

((هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: هل تمارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله, قال: فهل تمارون في الشمس ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله, قال: فإنكم ترونه كذلك))

 لذلك: قال النبي -عليه الصلاة والسلام- حينما قال:

((﴿للذين أحسنوا الحسنى -الجنة- وزيادة﴾))

 النظر إلى وجه الله الكريم, وهذا النظر إلى وجه الله الكريم, كما تروي الأحاديث:
 لو أن المؤمن نظر إلى وجه ربه, لغاب من نشوة النظرة خمسين ألف عام, من نشوة النظرة:

﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا﴾

[سورة البقرة الآية:39]

 أكبر عقاب لهم:

﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾

[سورة المطففين الآية:15]

موقف عصيب :

 وعن ابن عباس -رضي الله عنه- قال:

((خطب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا أيها الناس, إنكم محشورون إلى الله تعالى حفاة عراة غرلاً))

 غرلاً: بلا طهور.
 في أحاديث أخرى: قالت:

((يا رسول الله, أو يرى بعضنا بعضا؟ -معقول!؟-, فقال: يا أم المؤمنين, الأمر أفظع من أن يعنيهم ذلك الأمر, -أفظع من أن يعنيهم ذلك-, قال: قالت: يا رسول الله! أيعرف بعضنا بعضاً يوم القيامة؟ قال: نعم يا أم المؤمنين, إلا في أربعة مواطن؛ عند الصراط, وإذا الصحف نشرت, وعند نفخ الصور, -إلى آخره- ....... وفيما سوى هذه المواقف: قد تقع عين الأم على ابنها يوم القيامة, تقول له: يا بني, جعلت لك بطني وعاء, وصدري سقاء, وحجري غطاء, فهل من حسنة يعود علي خيرها اليوم؟ يقول ابنها: ليتني أستطيع ذلك يا أماه, إني أشكو مما أنت منه تشكين:

﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ﴾

[سورة المؤمنون الآية:101]

 كذلك يقول عليه الصلاة والسلام:

((إنكم محشورون إلى الله حفاة عراة غرلى, ثم قرأ قوله تعالى: ﴿كما بدأنا أول خلق نعيده* وعدا علينا إنا كنا فاعلين﴾))

من هم خيار أئمتنا, ومن هم شرارهم؟ :

 ويقول عليه الصلاة والسلام:

((خياركم, أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم, وتصلون عليهم ويصلون عليكم.
-أردت من هذا الحديث الحقيقة التالية: المؤمن الصادق يحبه الناس جميعاً حباً جماً؛ لأنه مستقيم, لأنه ورع, لأنه متواضع, لأنه حقاني, منصف, لأنه لطيف, لأنه خير, كريم, جريء, شجاع, ينكر ذاته, هذه صفات محببة عند الناس.
يعني: محبة الخلق دليل في أدلة أن الإنسان على حق, فلذلك: النبي قال-:
خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم, وتصلون عليكم ويصلون عليكم, -تذكرونهم دائماً ويذكرونكم دائماً, في تذكر مشترك-, وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم, وتلعنونهم ويلعنونكم, قلنا: أفلا ننادبهم يا رسول الله عند ذلك؟ قال: لا, ما أقاموا فيكم الصلاة؟ ألا من ولي عليه وال, فرآه يأتي شيئاً من معصية الله, فليكره ما يأتي من معصية الله, ولا ينزعن يداً من طاعة لئلا تقع فتنة))

 يعني: علامة أن الإنسان على حق, أنه محبوب, وحينما يبغضه الناس, لذلك: الإنسان يصلي أحياناً إمام, والناس لا يحبونه, يجب أن تكون محبوباً, ولن تكون محبوباً, إلا إذا اتبعت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

احذر من محقرات الذنوب فإن لها من الله طالباً :

 وعن عائشة قالت:

((قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا عائش, -هذه كيف يا عائش؟ هذا منادى مرخم, إذا قال: يا عائشة منادى, أما يا عائش: هذا منادى, حذفت منه تاء التأنيث, يسمى منادى مرخم-.
يا عائش, إياك ومحقرات الذنوب, فإن لها من الله طالباً))

 الآن: معظم المسلمين لا يقتل؛ لا قتل, ولا زنا, ولا شرب خمر, ولا سرق, لكن يطلق بصره, ويصافح, ويختلط, ويسهر, ولا تدقق, وهذه بلوى عامة, والله يعفو عنا, ولسنا مناح نحن, لسنا ....... لا يسعنا إلا عفوه, هذه محقرات الذنوب, هذه لها من الله طالب, لأن الشيطان يئس أن يعبد في أرضنا, لكن بماذا رضي؟ قال:

((-نحقر من ذنوبنا- رضي بالتحريش بين المؤمنين))

 هذه الخصومات, هذه الخصومات, والمشكلات بين المؤمنين, هذه ترضي الشيطان, والشيطان يائس أن يعبد غير الله في هذه البلاد.

((إن الشيطان يئس أن يعبد في جزيرة العرب, ولكن رضي بشيئين؛ رضي بالتحريش بين المؤمنين, -أن يثير الخلاف بينهم, أن يثير الضغينة بينهم, أن يثير العداوة والبغضاء, أن يثير الحسد بينهم-, ورضي بمحقرات الأعمال))

 يعني: يقول: ماذا فعلت؟ ما فعلت شيئاً, سهرنا سهرة, ضحكنا, لعبنا طاولة, نساء أجنبيات, سهر, ومزاح, وتبادل طرائف, ولعب طاولة ونرد للساعة الواحدة, واستيقظنا بعد الشمس, ماذا فعلنا؟ هذا الذي يتمناه الشيطان.

((إن الشيطان .......))

((يا عائش, إياك ومحقرات الذنوب, فإن لها من الله طالباً))

هذه هي الدنيا عند الله سبحانه وتعالى :

 والنبي -عليه الصلاة والسلام-: مر بسخلة جرباء, قد أخرجها أهلها, قالت:

((أترون هذه هينة على أهلها؟ قالوا: نعم, قال: والله للدنيا أهون على الله من هذه على أهلها))

 هذه الدنيا حقيرة على الله, أبى أن يجعلها ثواباً لأوليائه, وعقاباً لأعدائه, قد يكون العكس, قد يعطيها لأعدائه وهو لا يحبهم, وقد يحرمها من أوليائه وهو يحبهم, لأنها لا قيمة لها عند الله, ليست مكافأة, وليست عقاباً.

خاتمة القول :

 آخر حديث: يقول عليه الصلاة والسلام, معه أبو عبيدة الجراح -رضي الله عنه- قال:

((يا رسول الله! هل هناك أحد خير منا؟ –نحن معك, نحن أسلمنا, وجاهدنا, وافتديناك بأرواحنا-, فقال عليه الصلاة والسلام: نعم, –هذه بشارة لكم-, قوم يكونون بعدكم, يؤمنون بي ولم يروني.
-قال له: في أحد أحسن منا؟ نحن اجتمعنا بك, وتشرفنا بصحبتك, وآمنا بك, وصدقناك, وجاهدنا معك, وفديناك بأرواحنا, وأولادنا, وأموالنا-, هل أحد خير منا؟ قال: نعم, أناس يأتون في آخر الزمان, يؤمنون بي ولم يروني, واحدهم القابض على دينه, كالقابض على جمر, -والحديث له تتمة-, قال له: أجره كأجر سبعين, قال: منا أم منهم؟ قال: بل منكم, لأنكم تجدون على الخير معواناً ولا يجدون))

 الناس جميعاً بعيدون عن الحق, الإنسان إذا سار في طريق الحق, فد تجد متاعب من داخل بيته أحياناً, من زوجته, من .........

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور