وضع داكن
19-04-2024
Logo
دروس جامع الأحمدي - الدرس : 018 - الحديث عن الغضب ونهيه
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

مقدمة :

 أيها الأخوة الكرام, من السنة النبوية القولية, أحاديث كثيرة تزيد عن أربعين حديثاً, تتعلق في خلق سيء, يتخلق به بعض الناس, هذا الخلق السيء هو: الغضب؛ فكم من بيت انهار بسبب غضب شديد, أدى إلى تصرف مدمر؟ وكم من شركة تقوضت بسبب غضب شديد, أدى إلى تصرف أحمق؟ وكم من بيت تشرد؟ وكم من زواج تفسخ بسبب الغضب؟ فلذلك: النبي عليه الصلاة والسلام في أحاديث كثيرة, تزيد عن أربعين حديثاً: يتحدث عن هذا الخلق السيء.

 

ما معنى هذه الأحاديث؟ :

 أيها الأخوة, يقول عليه الصلاة والسلام:

 

((إنما العلم بالتعلم))

((وإنما الحلم بالتحلم))

((وإنما الكرم بالتكرم))

 معنى هذه الأحاديث الثلاثة: أن هناك حلماً حقيقياً أصيلاً, وهناك حلم متصنع, هناك كرم حقيقي أصيل, وهناك كرم متصنع, هناك علم حقيقي, وهناك تعلم.
 حينما يقول عليه الصلاة و السلام:

((إنما العلم بالتعلم))

((وإنما الحلم بالتحلم))

((وإنما الكرم بالتكرم))

 يعني: هذه الأخلاق الراقية تبدأ بالتصنع؛ يتصنع الحلم, يضبط أعصابه, يكظم غيظه, يتصنع الكرم, ينفق من ماله, يعاون أخاه, فإذا رأى الله عز وجل من العبد ضبطاً لنزواته, وسيطرة على أهوائه, منحه عندئذ الخلق الأصيل, الحلم الحقيقي:

((إنما الحلم بالتحلم))

((إنما الكرم بالتكرم))

((إنما العلم بالتعلم))

 طريق الحلم أن تتصنع الحلم, طريق الكرم أن تتصنع الكرم, لذلك: ورد في الأثر:

((من عمل بما علم, أورثه الله علم ما لم يعلم))

 فإذا أردت الخلق الأصيل, فابدأ بتصنع هذا الخلق, اِكظم غيظك, لا تغضب, سيطر على أعصابك, ولو أنك من الداخل كالمرجل تغلي, يمكن في البداية أن يتصنع الإنسان الحلم, في داخله مرجل, أما في ظاهره سيطرة؛ لكن بعد حين: ينقلب هذا التحلم إلى حلم, هذا التكرم إلى كرم, هذا التعلم إلى علم.

((إنما العلم بالتعلم))

((وإنما الكرم بالتكرم))

((وإنما الحلم بالتحلم))

 لو أنك متضايق جداً, لو أنك تغلي كالمرجل, اضبط ظاهرك, بعد حين: يكرمك الله عز وجل بخلق أصيل.

 

من هو الشديد كما أشار إليه الحديث؟ :

 فعن أبي هريرة رضي الله عنه, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

 

((ليس الشديد بالصرعة, –من هو الصرعة؟ القوي, البطل الذي يصرع الآخرين, يعني عنده عضلات قوية جداً, ملاكم, تعلم الصراع الحر مثلاً, أي إنسان يغلبه, يطرحه أرضاً.
قال عليه الصلاة والسلام-: ليس الشديد بالصرعة -ليس هذا هو الشديد- إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب))

[أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح, ومالك في الموطأ]

 أنت شديد, حينما تملك نفسك عند الغضب.

 

متى يكون الصبر؟ :

 قال عليه الصلاة والسلام:

 

((الصبر -كما قال عليه الصلاة والسلام- عند الصدمة الأولى))

[أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح, وأبو داود والترمذي والنسائي في سننهم]

 أي إنسان, حينما يأتيه خبر سيء, بعد حين يألف هذا الخبر, ويقبله, ويصبح واقعاً له, أما بطولة المؤمن: لا بعد حين, ولكن عند تلقي النبأ الأول.

((الصبر عند الصدمة الأولى))

[أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح, وأبو داود والترمذي والنسائي في سننهم]

من هو الخلق الذي استحق أن يكون نبياً, واحتل مرتبة السيادة في عالم الأخلاق؟ :

 قال عليه الصلاة والسلام:

((كاد الحليم أن يكون نبيا))

 وقال:

((الحلم سيد الأخلاق))

 إذا كنت حليماً بعيداً عن الغضب, تفكر بهدوء, تتخذ قرار صحيح, تتخذ موقف متوازن, تقف موقف عادل, لا تحيد, لا تظلم, لا تبالغ, لا تبطش؛ عقابك مدروس, مكافأتك مدروسة, مديحك مدروس, ذمك مدروس, أما حينما يتفلت الزمام من يدك, وتسيطر نفسك, عندئذ أي شيء تفعله, ربما قاد إلى هلاك.

 

هذه وصية النبي عليه الصلاة والسلام لهذا الرجل :

 وعن أبي هريرة رضي الله عنه, أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم, قال:

 

((أوصني, فقال عليه الصلاة والسلام: لا تغضب, فردد مراراً, قال: لا تغضب))

 أنت حينما تغضب, تنقلب إلى إنسان آخر؛ فكر معطل, اللسان سليط, اليد طليقة, ربما قادك الغضب إلى ما لا تحمد عقباه.
 وصدقوني أيها الأخوة, بحكم عملي في الدعوة إلى الله, ترفع إلي بعض القضايا الاجتماعية؛ إن آلاف البيوت هدمت بسبب الغضب, إن آلاف الطلاقات وقعت بسبب الغضب, إن عدداً كبيراً من الشركات تقوض بسبب الغضب, إن إخفاقات كثيرة حصلت بسبب الغضب, الغضب مدمر الإنسان.
 كنت أقول من قبل: أن الجهل عدو الإنسان الأول, يمكن أن أضيف إلى هذا العدو الأول عدواً ثانياً, ألا وهو: الغضب؛ الإنسان حينما يغضب, يتفلت الزمام من يده.
 الآن: لا يوجد طلاق يقع, إلا في ساعة غضب في الأعم الأغلب, ومع الطلاق تشرد أولاد, مع التشرد آلام, مآس, فيمكن أن تعد عدوك الأول, والثاني: الجهل والغضب.
 قال:

((فردد مراراً, قال: لا تغضب))

أشر إلى موضع الشاهد في هذا الحديث :

 وعن أبي سعيد الخدري, قال:

((صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً صلاة العصر بنهار, ثم قام خطيباً, فلم يدع شيئاً يكون إلى قيام الساعة, إلا أخبرنا به.
-طبعاً من باب التحفظ: أن الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم عن آخر الزمان, وعن أشراط الساعة الكبرى والصغرى, هذه ليست من عنده, إنما من إعلام الله له, لأن النبي عليه الصلاة والسلام بذاته لا يعلم الغيب, قل لا أعلم الغيب:

﴿وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ﴾

[سورة الأعراف الآية:188]

 وأي إنسان يدعي أنه يعلم الغيب, فهو كاذب, لا يعلم الغيب إلا الله.
 قال-: حفظه من حفظه, ونسيه من نسيه, وكان فيما قال: إن الدنيا حلوة خضرة -فيها بساتين, فيها مزارع, فيها بيوت جميلة جداً, فيها نساء جميلات, فيها متنزهات, فيها طعام طيب, فيها مركبات فارهة, فيها أماكن رائعة, إطلالات جميلة-.
 وإن الله مستخلفكم فيها –قال تعالى:

 

﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾

 

[سورة البقرة الآية:30]

 فناظر كيف تعملون؟.
 -أنت الآن تحت المراقبة, تحت مراقبة الله عز وجل:

 

﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾

 

[سورة النساء الآية:1]

 الله جل جلاله جاء بنا إلى الدنيا, لينظر ماذا نعمل؟ نستقيم أم ننحرف, نصدق أم نكذب, نعطي أم نمنع, نخلص أم نخون, نقيم الحق أم نقيم الباطل, ننطلق من الشرع أم من أهوائنا-.
 فناظر كيف تعملون؟ ألا فاتقوا الدنيا.
 -أول نصيحة: فاتقوا الدنيا, لأن الدنيا تغر وتضر وتمر.

 

قصة فيها دعابة فيها عبرة :

 أنا ذكرت لكم قصة, ذكرتها فيما أذكر: أن إنساناً كان يعمل في أحد المحلات في سوق الحميدية, كان ذا دعابة, توفي رحمه الله, كان شاباً, وكان يجمع قمامة المحل في علبة فخمة, يلفها بورق ثمين, وعليها شريط أحمر, يضعها على الرصيف, يأتي إنسان يحملها, وهو يظن أنه أمسك شيئاً ثميناً, بعد مئة متر, أو مئتي متر يقيم الشريط, ينزع الشريط, بعد مئتي متر أخرى ينزع الورق, ثم يفتح العلبة, لعل فيها ذهباً, أو ألماساً, أو قطع ثمينة, فإذا فيها قمامة المحل, هذه المفاجأة, هذا الإحباط.
 صدقوني أيها الأخوة, الإنسان حينما يتعلق بالدنيا, عند الموت يفاجأ أنها ليست بشيء, أنها مضت كلمح البصر, أنها مضت بكل ملذاتها, وبقيت تبعاتها.

 

 

ما فحوى هذه القصة؟ :

 أنا أذكر لكم محل من المحلات التجارية الرائجة, يعني صاحب محل, ثلاثة شركاء, إذا سرتَ في هذه المحلات التي إلى جانب بعضها بعضاً, لا تجد فيها أحداً إلا هذا المحل, خمسين إنسان, عشرين, خمسة عشر يشتري, يبدو أن أصحاب هذا المحل, على خبرة عالية جداً في شراء البضاعة, وعلى خبرة عالية جداً في البيع, وقد استقطب هذا المحل معظم الزبائن, شركاء ثلاثة, أحدهم في الثانية والثلاثين, أصيب بمرض عضال, في الفترة الأولى ما أخبروه بهذا المرض, فهو كثير الدعابة, كثير المزاح, لكن حينما علم بمرضه, تأتيه نوبات هيستيرية من حين لآخر, يقول: لا أريد أن أموت, هو طبعاً لا يصلي, بعيد عن الدين, بعد الأرض عن السماء, منغمس في الملذات والشهوات انغماساً كاملاً, فلما علم أن مرضه مرض خبيث في دمه, وأنه في مقتبل العمر, وأن هذا المال الذي حصله, وهذا البيت الذي شتراه, وتلك المركبة التي اقتناها, لا تقدم له شيئاً, جاءته هذه النوبات.
 يقسم لي أحد الأخوة الكرام, يسكن في البناء الذي يسكن فيه هذا الإنسان, حينما جاءه ملك الموت, صاح صيحة, لم يبق في البناء كله إنسان, إلا وسمع هذه الصيحة, عندما يأتي ملك الموت, يرى أن الدنيا ليست بشيء.

 

 

ما معنى اتقوا الدنيا؟ :

 قال عليه الصلاة والسلام-: إن الدنيا حلوة خضرة, وإن الله مستخلفكم فيها, فناظر كيف تعملون؟ ألا فاتقوا الدنيا.
 -ما معنى: اتقوا الدنيا؟ يعني: اتقوا أن تغرنكم الحياة الدنيا, اتقوا أن تتوهموا أنها شيء عظيم, هي أقل من ذلك.

 

 

هذه هي الدنيا عند أبي عبيدة الجراح :

 دخلوا على سيدنا أبي عبيدة الجراح في الشام, وكان قائد الجيش الإسلامي, رأوا عنده جلداً بلا وبر, وقدراً مغطى برغيف خبز, وسيفاً معلقاً على الحائط, وهو قائد الجيوش الإسلامية, فقالوا:

 

((ما هذا يا أبا عبيدة؟ قال: هو للدنيا كثير, ألا يبلغنا المقيط؟))

نقطة هامة :

 أنت ألا تلاحظ, أحياناً: في الطريق إلى بيروت, في ظهر البيدر خيمة, يقبع بها أناس, إلى جانب هذه الخيمة قصر منيف, خيمة, الدنيا ماضية, لا أقول لكم: اسكنوا بالخيمة, لا, هؤلاء الذين سكنوا بالخيمة, أناس مضت حياتهم هكذا, والذين سكنوا في البيوت الفخمة, مضت حياتهم هكذا, يأتي الموت؛ أنهى البيت الفخم, وأنهى الخيمة ......
 يعني: في معنى دقيق جداً, أحب أن يكون واضحاً لكم: الإنسان حينما يستمتع بالدنيا, أو حينما لا يستمتع, هل استمتاعه له أثر مستقبلي؟ لا, هل عدم استمتاعه له أثر مستقبلي؟ لا.
 شخص أكل أطيب طعام, والثاني أكل أخشن طعام, بعد حين أصيب الرجلان بألم في أسنانهما, لو تذكر الأول طعم الطعام الطيب, هل ينسى ألم أسنانه؟ انتهى, لو تذكر الثاني طعم الطعام الخشن, هل ينسى ألم أسنانه؟ الاستمتاع يمضي, ليس له أثر مستقبلي.
 مرة ضربت مثل: إنسان جلس في حوض السباحة, ماء فاتر, مريح, جلس ساعتين, ثلاثة, جعلها هوايته, متى يصبح طبيباً؟ وهو في هذا الحوض, متى يصبح تاجراً؟ متى ينال شهادة؟ ليس لها آثار مستقبلية, فالتمتع بالدنيا ليس له أثر في الآخرة, أما العمل الصالح في الدنيا له أثر في الآخرة-.

 

ما هو الجانب الثاني الذي أمرنا به النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث؟ :

 ألا فاتقوا الدنيا, واتقوا النساء.
 -فاتقوا الدنيا؛ أن تغريكم, أن تتوهموا أنها شيء عظيم, أن الذي فاز بها هو الفائز, وأن الذي فاتته هو الخاسر, لا, اتقوا أن تفهموا هذا الفهم, واتقوا النساء:

 

((النساء حبائل الشيطان))

 أنت أحياناً: تنصب شبكة للسمك, الشيطان له شبكة لا تخيب أبداً, إنها النساء.

((إن إبليس طلاَّع رصَّاد, وما هو من فخوخه, بأوثق لصيده من النساء))

 النساء فخ.

((اتقوا حبائل الشيطان))

 فلذلك الإنسان: عنده نقطتا ضعف؛ المال والنساء, فإذا انتصر عليهما, انتصر على نفسه, وسعد في الدنيا والآخرة.
 أحياناً الإنسان: لا يؤتى من المال دقيق, دخله حلال, صادق لا يكذب, بضاعته مشروعة, بيعه شرعي, دخله كبير, جيد جداً, لكن قد يُؤتى من النساء, وأحياناً الإنسان: لا يُؤتى من النساء, يؤتى من المال, إن الخطرين الشديدين على الإيمان: المال والنساء, لذلك: لو أخذت مئة تشريع رباني, لوجدت أن تسعة أعشار التشريعات, متعلقة بكسب المال والنساء-.

 

هذه الصفة ينبغي أن يعلمها المؤمن :

 وكان فيما قال عليه الصلاة والسلام:

 

((ألا لا تمنعن رجلاً هيبة الناس, أن يقول بحق إذا علمه))

 -يعني: الإنسان, الإنسان المؤمن, لا تأخذه في الله لومة لائم, الحق أغلى عليه من الناس جميعاً, يقول الحق ولا يعبأ بأحد:

 

﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ﴾

 

[سورة الأحزاب الآية:39]

مفصل هام :

 وقال عليه الصلاة والسلام في هذه الخطبة الطويلة: وإن من الناس البطيء الغضب السريع الرضا, -بطيء الغضب سريع الرضا-, ومنهم سريع الغضب سريع الرضا, فتلك بتلك, -بطيء الغضب بطيء الرضا, سريع الغضب سريع الرضا, هذه بتلك, ميزة وسيئة, بطيء الغضب ميزة, بطيء الرضا سيئة, سريع الغضب سيئة, سريع الرضا ميزة, هذه بتلك, بالرياضة تعادل.
 قال عليه الصلاة والسلام-: فتلك بتلك, -ميزة غطت سيئة-, ألا وإن منهم سريع الغضب, بطيء الرضا, -أعوذ بالله شيئان؛ سريع الغضب, بطيء الرضا, هذا شرهم-, ألا وخيرهم بطيء الغضب سريع الرضا, -أربعة نماذج؛ سريع سريع, بطيء بطيء, سريع بطيء, بطيء سريع, حفظتوها؟ لا, لا.
 سريع الغضب سريع الرضا, هذه بتلك.
 بطيء الغضب بطيء الرضا.
 الآن: بطيء الغضب سريع الرضا, أكمل شيء, أسوأ شيء: سريع الغضب بطيء الرضا.
 الله يجعلنا في الدرجة الأولى: بطيئو الغضب سريعو الرضا, لأنه:

((من استرضي ولم يرض, فهو حمار))

 كما قال الشافعي.
 الله عز وجل ملك الملوك يُسترضى, يسترضى بالصدقة.

((صدقة السر تطفىء غضب الرب))

((بادروا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطاها))

((إن الصدقة تقع في يد الله تعالى, قبل أن تقع في يد السائل))

[أخرجه الطبراني في المعجم الكبير]

هذا ما عند الناس :

 قال-: وإن من الناس حسن القضاء حسن الطلب, -يؤدي ما عليه بشكل جيد, ويطلب ما له بشكل جيد-, ومنهم سيء القضاء حسن الطلب, ومنهم حسن القضاء سيء الطلب, فتلك بتلك, ألا وإن منهم السيء القضاء السيء الطلب.
 -إذا في عليه ذمة يموتك ....... وإذا له مبلغ معك يهلكك, يعني طلبه سيء, وقضاؤه سيء, سيء الطلب والقضاء, هذه سيئتان: حسن الطلب, حسن القضاء, ميزتان: سيء حسن, حسن سيء, هذه بتلك, لذلك:

((رحم الله عبداً سهلاً إذا باع, عبداً سهلاً إذا اشترى, عبداً سهلاً إذا قضى, عبداً سهلاً إذا اقتضى))

 أما لماذا ذكرنا هذا الحديث؟ لعلاقته بالغضب.

 

هذا ما لفت إليه النبي صلى الله عليه وسلم :

 قال-: ألا وإن الغضب جمرة في قلب آدم, أما رأيتم إلى حمرة عينيه, وانتفاخ أوداجه؟.
 -إذا شخص منا غضب, أنا أنصحه ينظر إلى المرآة, لا يحتمل منظره أبداً, إذا الإنسان غضبان, ينظر إلى المرآة, يصبح مثل الوحش, أما الحليم ملك, لذلك:

((الحلم سيد الأخلاق))

 و:

((كاد الحليم أن يكون نبيا))

 أنت عود نفسك أن تنظر إلى المرآة حينما تغضب.

نصيحة لك :

 في نصيحة للنبي الكريم سأوردها لكم: أنت غضبان, أعظم نصيحة: إياك أن تنطق بكلمة, لأن أي كلمة تنطقها, ستكون قاسية جداً, سوف تسبب مشكلة, وإذا غضبان الثاني مثلك, تكلم كلمة, سوف تكون أقسى من كلمتك, وسترد عليه بأقسى, قد تنتهي إلى الضرب, وقد تنتهي العلاقة الزوجية إلى الطلاق, فلذلك: إذا غضبت فاسكت, إذا غضبت فاجلس, إذا غضبت فتوضأ, إذا غضبت فاغتسل, إذا غضبت فاخرج, نصيحة: غضبت؛ اسكت, اجلس, توضأ, اغتسل, يوجد غضب أيضاً, اخرج من البيت, صار في مشاعر داخلية, لم يحدث شيء, ما تكلم كلمة, أما حينما تتكلم, أو حينما تتحرك, الويل للنتائج المؤلمة.

من آثار الغضب :

 في أب جاء إلى البيت, اشترى طقم كنباة جديد, له ابن صغير, عمره حوالي خمس, ست سنوات, مسك شفرة, وضعها على الطقم على القماش, ففتح, والله شيء جميل, يعمل هكذا ...., يفتح القماش, لأن القماش مشدود, أول كنباة, الثانية, الثالثة, الرابعة, الخامسة, جاء الأب ما تحمل, أتى بيدي ابنه, ووضعهم على الطاولة, وأتى بعصاة, ويضرب, حتى فش ......... ارتاح, فاليدان اسودتا, أخذه على الطبيب, غرغرين, قطع اليدين فوراً, أخذه على المستشفى, قال له: بابا, لا تقطع لي يداي, الأب كان معه سلاح, سحب الفرد, أطلق الرصاص على نفسه, القصة هذه وقعت.
 يا ترى, أي أغلى: ابنك أما طقم الكنباة؟ وازن.
 أحياناً الإنسان: يعمل شر, الذي يحدث من الشر, أكبر بكثير من الشي الذي ضاع منه, ففي حالات صعبة جداً.
 إنسان شك في خلق ابنته, أحب أن يعمل تحليل, المخبر, العينة كسرت معه, فأخذ فكتب إيجابي, حامل, جاء الأب مساء, قال له: مبروك حامل, ذهب وقتل ابنته فوراً, هذا حينما علم أن ابنته ما كان فيها شيء, كانت بريئة, وطاهرة, وعفيفة, ماذا حصل له؟.
 في حالات أخواننا الكرام, الإنسان يخرج من جلده, إياك أن تغضب, ادرس:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾

[سورة الحجرات الآية:6]

 لماذا النبي حرم التصوير؟.
 الآن يعملون مونتاج, خاطب فتاة, وما قبلت معه, صورتها قديماً, وضعها بالمونتاج على جسم عاري, أراها لزوجها, قوسها, قتلها, فلذلك الإنسان: يريد .......

((طوبى لمن وسعته السنة ولم تستهوه البدعة))

نهاية الحديث :

 قال-: ألا ترون إلى حمرة عينيه, وانتفاخ أوداجه؟ فمن أحسَّ بشيء من ذلك, فليلصق بالأرض.
 -قال-: وجعلنا نلتفت إلى الشمس, هل بقي من النهار شيء؟ فقال عليه الصلاة والسلام: ألا إنه لم يبق من الدنيا فيما مضى منها, إلا كما بقي من يومكم هذا فيما مضى منه))

 

النبي عليه الصلاة والسلام قال:

((بعثت والساعة كهاتين))

 هو بعثة النبي عليه الصلاة والسلام: أحد أشراط الساعة, نهاية العالم, هذا موضوع الغضب.

هذا ما سأل عبد الله بن عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم :

 وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه, أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال:

((يا رسول الله, ماذا يباعدني من غضب الله؟ قال عليه الصلاة والسلام: لا تغضب, إن لم تغضب, اقتربت من رضاء الله))

 لو كان الخبر سيء؛ يعني: حقق, تأكد, اطلب الدليل, تريث.

نصيحة ثانية لك :

 في نصيحة ثانية, هذا أرجو الله عز وجل أن يلهمكم الصواب: إذا غضبت لا تتخذ قرار لبعد أسبوع, تجد نفسك في اليوم الثاني الأمر خف قليلاً, في اليوم الثالث خف, في اليوم الرابع خف, في اليوم الخامس ....... بعد ذلك لا يوجد شيء, لو اتخذت قراراً وأنت غضبان؛ طلقت, فصمت الشركة, عملت مشكلة, لغيت العقد, لا تتخذ قرار وأنت غضبان, في دليل قرآني:

﴿قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾

[سورة النمل الآية:27]

﴿قَالَ سَنَنْظُرُ﴾

 -سيدنا سليمان-:

﴿أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾

[سورة النمل الآية:27]

 تقصى الحقائق أولاً؛ إذا غضبان اسكت, غضبان اجلس, غضبان توضأ, غضبان اخرج, غضبان لا تتخذ قرار, أبداً, هذه قاعدة ذهبية:
 إذا كنت في حالة غضب, إياك أن تتخذ قراراً, والقرار بعد أسبوع.
 الآن: شخص أحياناً يغضب من زوجته, يطلق, قال له الشرع: اتركها عندك, تتزين, تجده في اليوم الثاني, والله القضية ليست لهذه الدرجة, أنا كبرتها, بعد جمعة لا يوجد شيء, لو كان الطلاق يقع فوراً, ما بقي زوجة عند زوجها, فالطلاق لا يقع, طلقتها مرة, تبقى عندك جالسة في البيت, ومع أول شهر, والثاني, والثالث.

خاتمة القول :

 عن رجل شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب, قال:

((تدرون ما الرقوب؟ قالوا: الذي لا ولد له, قال: الرقوب كل الرقوب, الرقوب كل الرقوب, الرقوب كل الرقوب, الذي له ولد فمات, ولم يقدم منهن شيئاً,

 -يعني: أولاده كلهم تائهون, شاردون, عصاة, هذا كأنه ليس له أولاد-.

قال: تدرون ما الصعلوك؟ قالوا: الذي ليس له مال, قال: الصعلوك كل الصعلوك, الصعلوك كل الصعلوك, الصعلوك كل الصعلوك, الذي له مال فمات, ولم يقدم منه شيئاً))

[أخرجه الإمام أحمد في مسنده]

 من هو العقيم؟ الذي لم يترك ولداً ينفع الناس من بعده, له خمسة أولاد, ولا واحد نفع الناس من بعده, من هو الصعلوك؟ الذي لم يقدم من ماله للآخرة.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور