وضع داكن
29-03-2024
Logo
الخطبة : 0791 - مولد الرسول عليه الصلاة والسلام1 - كلمة لأحد العلماء متعلقة بسيرة النبي .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى:

 الحمد لله نحمده، ونستعين به ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقراراً بربوبيته وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم عبده و رسوله، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه، وعلى ذريته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدين، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علِّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

نعمتان عظيمتان هما من فضل الله على المسلمين :

 أيها الأخوة الكرام، ونحن في ذكرى مولد سيد الأنام هناك نعمتان عظيمتان هما من فضل الله على المسلمين، هاتان النعمتان مما اختصت بهما هذه الأمة الطيبة، النعمة الأولى وقد لا نعرف قيمتها إلا إذا دخلنا في البحث في أديان أخرى، نعمة خلود القرآن الكريم، نعمة خلود مصادر الدين، إن هذه المصادر محفوظة بحفظ الله عز وجل بأمر تكويني لا بأمر تكليفي كالكتب السابقة، كلف أصحاب الديانات السابقة أن يحفظوا كتبهم لكنهم لم يحفظوها بل بدلوها وغيروها لكن حفظ كلام الله عز وجل كان بأمر تكويني تولى بذاته جلّ جلاله حفظ كتابه الكريم.
 ليس بعد نبي هذه الأمة من نبي، ولا بعد قرآنها من قرآن، ولا كتاب، ولا بعد دينها من شريعة.
 أيها الأخوة الكرام، يقول الله جل جلاله :

﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾

[ سورة الحجر: 9 ]

 والقرآن الكريم هو المصدر الأول لهذه الأمة، والمنبع الأول لعقيدتها، والمنبع الأول لشريعتها وسلوك أبنائها، وقد أكد الواقع التاريخي تحقيق هذا الوعد الإلهي فقد مضى أربعة عشر قرناً أو يزيد على نزول هذا القرآن وهو هو كما أنزله الله، وكما تلاه رسول الله على أصحابه الكرام، وكما كتب في عهد عثمان رضي الله عنه، تتناقله الأجيال محفوظاً في الصدور، متلواً بالألسنة، مكتوباً بالمصاحف. هذه نعمة لأننا ألفناها، لأننا عشناها قد لا نعرف قيمتها، لو دخلنا في بحث في الأديان الأخرى لرأينا العجب العجاب.
 أيها الأخوة الكرام، وحفظ القرآن كما نبه الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى يتضمن حفظ السنة كذلك لأنها البيان النظري والعملي للقرآن، ولأن حفظ المبين يتضمن حفظ البيان، فالله جل جلاله من خلال قوله تعالى :

﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾

[ سورة الحجر: 9]

 تولى حفظ كتابه، وتولى حفظ سنة نبيه، لكن ليس معنى الحفظ ألا تجري محاولات للتبديل والتغيير ، لا ولكنها لا تنجح.
 والنعمة الثانية العظيمة هي سيرة النبي صلى الله عليه وسلم سيرة متميزة لها خصائصها التي بينها العلماء، هي سيرة علمية مدونة، وسيرة تاريخية ثابتة، وسيرة مكتملة الحلقات من الولادة إلى الوفاة.
 هي سيرة شاملة جامعة تجسد حياة النبي صلى الله عليه وسلم في وقائع وأحداث ناطقة معبرة، هذه الحياة المتكاملة المتوازنة التي نجد فيها الإسلام حياً والقرآن مفسراً والقيم الإسلامية تسعى بين الناس على قدمين، هذه الحياة هي التطبيق العملي للقرآن الكريم كما قالت السيدة عائشة رضي الله عنها حين سئلت عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم:

((كان خلقه القرآن))

[ مسلم عن عائشة ]

 إنه قرآن يمشي، هذه الحياة التي يجد فيها كل مسلم أسوته المثلى ومثله الأعلى، فقد أدبه ربه أحسن التأديب، وأنزل عليه الكتاب والحكمة، وعلمه ما لم يكن يعلم، وكان فضل الله عليه عظيماً، وامتن عليه أيضاً بهداية المؤمنين إذ بعثه رسولاً فيهم، قال تعالى :

﴿يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾

[ سورة البقرة: 151 ]

السيرة النبوية سيرة حيّة نابضة شاملة لكل مراحل الحياة :

 أيها الأخوة الكرام، لا يوجد عند غير المسلمين مثل هذه السيرة الحية النابضة الشاملة لكل مراحل الحياة، وكل جوانب الحياة كما تصور ذلك كتب الشمائل النبوية، وكتب الهدي النبوي في المأكل والمشرب والملبس، والزينة، وفي النوم واليقظة، وفي الحضر والسفر، وفي الضحك والبكاء، وفي الجد واللهو، وفي العبادة والمعاملة، وفي الدين والدنيا، وفي السلم والحرب، وفي التعامل مع الأقارب والأباعد، مع الأنصار والخصوم، حتى النواحي التي يسميها الناس علاقات حميمة في معاشرة الزوجات كلها مروية محفوظة بهذه السيرة.
 إنها منهج كامل، أقواله منهج، وأفعاله منهج، نحن في ذكرى مولد النبي عليه الصلاة والسلام.
 أيها الأخوة الكرام، الحق أن المثل التطبيقي الأعلى للتكامل والتوازن بين المثال والواقع، التوازن، الوسطية، الاعتدال بين المثل والواقع، بين القلب والعقل، بين الإيمان والعلم، بين الروح والمادة، بين الفردية والجماعية، بين حق الرب وحق النفس، وإعطاء كل ذي حق حقه بلا طغيان، هذا المثل الحي المتوازن المتكامل المعتدل الوسطي هو سيرة النبي عليه الصلاة والسلام إليكم بعض التفاصيل.
 من زاوية العبادة كان عليه الصلاة والسلام يعبد ربه حق العبادة، كان العابد الأول الذي كانت قرة عينه في الصلاة، كان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه، ويبكي حتى تبلل دموعه لحيته، وتعجب زوجته عائشة من شدة تعبده وبكائه، وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فيقول لها: أفلا أكون عبداً شكوراً؟
 وكان يصوم الاثنين والخميس من كل أسبوع غالباً، وأحياناً يديم الصيام حى يظن من حوله أنه يصوم الدهر كله، وأحياناً يواصل الليل بالنهار في الصيام فيمضي يومين أو أكثر لا يتناول طعاماً بعد الغروب وقد نهى أصحابه عن ذلك فلذلك قال له أصحابه: أتنهانا عن الوصال وتواصل؟ فقال: وأيكم مثلي؟ إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني. وكانت من خصوصياته صلى الله عليه وسلم كان دائم الذكر لله تعالى في كل أحواله وعلى كل أحيانه بقلبه ولسانه وأذكاره وأدعيته ومناجاته لربه، يتجلى فيها أغنى قيم الصدق والإخلاص لله تعالى، ويتجلى فيها العبودية الخالصة لله تعالى، إنها تمثل أروع المعاني وأوضح الطموحات التي ينبغي أن ينشدها الإنسان الرباني لنفسه ولمن يحب مصوغة في أحلى القوالب البلاغية، وأعذب الأساليب البيانية التي تهز كينونة البشر من أعماقها، أدعيته وحدها مدرسة روحية كاملة، وقد حفلت بها كتب الحديث والسيرة وألفت فيها كتباً خاصة قديماً وحديثاً.

تعبد النبي لربه و اشتغاله بذكره :

 أيها الأخوة الكرام، كان صلى الله عليه وسلم على الرغم من تعبده لربه، واشتغاله بذكره، وقيامه الدائم للدعوة إلى دينه، والجهاد في سبيله، دائم الخشية له سبحانه، كثير الاستغفار، كثير التوبة، وهذا من كمال عبوديته، وعظم مقام الألوهية عنده، عَنْ الأغَرِّ الْمُزَنِيِّ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

((إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي وَإِنِّي لأسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ ))

[ مسلم عَنْ الأغَرِّ الْمُزَنِيِّ]

 أيها الناس توبوا إلى ربكم فإني أتوب إلى الله عز وجل في اليوم مئة مرة.
 وكان عليه الصلاة والسلام أزهد الناس في الدنيا، وأرضاهم باليسير منها مع ما فتح الله له من الفتوح، وأفاء عليه من الغنائم، وبعد أن أصبح سيد الجزيرة، ولكنه لقي ربه ولم يشبع من خبز الشعير ثلاثة أيام متوالية، وكان الشهر يمر تلو الشهر ولا يوقد في بيته نار إنما عيشه على الأسودين التمر والماء. وكان ينام على الحصير حتى يؤثر في جنبه الشريف، رآه عمر مرةً كذلك فبكى توجعاً له وإشفاقاً عليه، واقترح عليه بعضهم أن يهيئوا له فراشاً ألين من هذا، فقال لهم: مالي وللدنيا ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار ثم راح وتركها.

(( رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهِ عُمَرُ وَهُوَ عَلَى حَصِيرٍ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ فَقَالَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَوْ اتَّخَذْتَ فِرَاشًا أَوْثَرَ مِنْ هَذَا؟ فَقَالَ: مَا لِي وَلِلدُّنْيَا؟ مَا مَثَلِي وَمَثَلُ الدُّنْيَا إِلا كَرَاكِبٍ سَارَ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ فَاسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا ))

[ أحمد عَنِ ابْنِ عَبَّاس ]

إنسانية النبي صلى الله عليه و سلم :

 أيها الأخوة الكرام، هذا عن تعبده فماذا عن بشريته ؟ كان صلى الله عليه وسلم مع هذه الروحانية العالية في ذكره، وشكره، وحسن عبادته لربه، وفي زهده في دنيا الناس، وعيشه فيها بشعور غريب وعابر سبيل لم يغفل الجوانب الأخرى من الحياة بما تفرضه من أعباء وما تمثله من مطالب، لم ينسَ أنه إنسان، وزوج، وأب، وجد، وقريب، وجار، وصديق، ورئيس، وقائد، وإن كل علاقة من هذه العلاقات لها حقوقها ولها واجباتها.
 رأيناه إنساناً يرضى كما يرضى البشر، ويغضب كما يغضب البشر، ويفرح كما يفرح البشر، ويحزن كما يحزنون، ولكنه إذا رضي لن يدخله رضاه في باطل، وإذا غضب لن يخرجه غضبه عن الحق، وإذا فرح لم يفرح لغير الحق، وإذا حزن لن يخرجه حزنه عن الصبر والرضا، يشارك أصحابه في مسراتهم، ولا يخرجه ذلك عن الوقار، ويضحكه بعض أصحابه فيضحك، ويمزح أحياناً، ولكنه لا يقول إلا حقاً.
 أيها الأخوة الكرام، هذا عن إنسانيته فماذا عنه كزوج مثالي؟ رأيناه زوجاً يحسن عِشرة أزواجه، ويعدل بينهن فيما يقدر عليه، ويطيب أنفسهن، ويصالح بينهن، ويقدر الظروف الخاصة لكل منهن، ويستمع أحياناً إلى قصصهن وإن طالت كما في حديث أم زرع وعلى الرغم من همومه ومشاغله التي تنوء بها الجبال يداعب ويمازح، كما رأيناه يسابق عائشة فتسبقه مرةً ويسبقها أخرى، فيقول لها: هذه بتلك أي تعادل. أما أن يكون أباً وجداً صلى الله عليه وسلم فرأيناه أباً يحب أبناءه وبناته، يحرص على كل خير لهم في الدنيا والآخرة، مات ابنه إبراهيم فحزن عليه ودمعت عيناه ولم يجد في ذلك ما ينافي الصبر والرضا بل قال:

(( ...إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ، وَالْقَلْبَ يَحْزَنُ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ ))

[ متفق عليه عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]

 وحين أراد علي بن أبي طالب أن يتزوج على فاطمة الزهراء ابنة أبي جهل فيما تروي الروايات غضب النبي عليه الصلاة والسلام وقال: إن فاطمة بضعة مني، وأنا أتخوف أن تفتن في دينها، وإني لست أحرم حلالاً ولا أحل حراماً، ولكن والله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله تحت رجل واحد أبداً.
رأيناه جداً يلاعب سبطيه الحسن والحسين، ويوطئ لهما ظهره ليركباه، بأبي هو وأمي، يركب أحدهما على ظهره الشريف مرةً وهو يصلي فيطيل الصلاة حتى ظن الصحابة الظنون فلما فرغ وسلم سألوه عن سر إطالة السجود فقال:

((إن ابني ارتحلني - أي اتخذني راحلة لركوبه - فكرهت أن أعجله ))

  لم يشأ أن يقطع على الصغير لذته في امتطائه ظهر جده، ويقول عن الحسن والحسين: "هما ريحانتي من الدنيا" .

 

علاقته صلى الله عليه و سلم بأقربائه و أصدقائه :

 وأما علاقته بأقربائه فرأيناه يرعى حق الرحم والقرابة ولو كان أهلها مشركين ويقول لقريش: إن لكم رحماً أبرها، وحين تمكن منهم يوم الفتح بعد طول ما جرعوه من العلقم والصبر قال لهم في تسامح القوي:

((اذهبوا فأنتم الطلقاء ))

[ السيرة النبوية]

 بل كان يكرم أقارب أبيه من بني النجار، وأقارب أمه من بني زهرة مثل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه الذي عرف بأنه خال النبي صلى الله عليه وسلم، كلما دخل عليه يقول:

((هذا خالي أروني خالاً مثل خالي ))

  بل إنه يرعى حق الجار، وإن ظلم وجار، وإن كان يهودياً من أهل الكتاب، فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

((مَا زَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ يُوَرِّثُهُ ))

[ متفق عليه عن عائشة]

 رأيناه صديقاً يرعى حقوق الصداقة والصحبة لهذا غضب حينما أغضب بعضهم أبا بكر فقال:

((اتركوا لي صاحبي ))

 وقال:

(( لو كنت متخذاً من أمتي خليلاً دون ربي لاتخذت أبا بكر خليلاً، ولكنه أخي وصاحبي ))

  وكان أوفى الناس بأصحابه ولكل من تربطه به أو بأهل بيته صلة حتى كان يكرم بعض العجائز، ويبش لهن، ويهدي إليهن، فسئل في ذلك فقال: إن هذه كانت صديقة خديجة وإن حسن العهد من الإيمان.

 

النبي الكريم دعامة القوة العسكرية :

 وكان رئيس دولة، رأيناه رئيساً لدولة جديدة تحيط بها العداوات من كل جانب، عداوات وثنية ويهودية وما إلى ذلك فلم يشغله همّ الجهاد والإعداد لمقاومة الأعداء عن العناية بالشؤون الداخلية لأهلها من بناء المسجد للصلاة، إلى إقامة السوق للتجارة، من إقامة العلاقات السياسية بين الطوائف التي تسكن في المدينة وهي دار الإسلام، وكان هناك عهد على أساسٍ واضح مكتوب في وثيقة دستورية معروفة، إلى العناية بأمر هرة من رعيته حبستها امرأة حتى ماتت جوعاً فلا هي أطعمتها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض فما قولكم بما فوق الهرة؟؟ ولقد أرسل الكتب إلى ملوك الأرض المعروفين، اهتم بأمر أَمَة طفلة صغيرة تأخذ بيده وتمضي في طرقات المدينة فلا يدع يده من يدها تواضعاً وحياءً من الله عز وجل حتى تقضي حاجتها.
 وكان قائداً عسكرياً رأيناه قائداً يخطط للمعارك قبل وقوعها، ويبعث الطلائع والعيون لاستطلاع أخبار العدو، يقوم بعمل أول إحصاءٍ للقوة الضاربة عنده حتى يكون تخطيطه على أساس علمي متين، ويحث على التدريب واستمراره فهو دعامة القوة العسكرية، فعَنْ أَبِي عَلِيٍّ ثُمَامَةَ بْنِ شُفَيٍّ الْهَمْدَانِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ:

((وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ أَلا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ أَلا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ أَلا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ))

[ مسلم عَنْ أَبِي عَلِيٍّ ثُمَامَةَ بْنِ شُفَيٍّ الْهَمْدَانِيِّ]

 وهذا المقياس في السلاح خالد إلى يوم القيامة، قوة السلاح من دقة إصابته وهذا ما يتباهى به أعداء اليوم ويقول عليه الصلاة والسلام:

((من تعلم الرمي ثم نسيه فليس منا ))

[ مسلم عن عقبة بن عامر]

 وفي رواية عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ نَهِيكٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:

((مَنْ تَعَلَّمَ الرَّمْيَ ثُمَّ تَرَكَهُ فَقَدْ عَصَانِي ))

[ مسلم عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ نَهِيكٍ]

 وهو مع قوة توكله على الله يلبس للحرب لبوسها، حتى إنه في إحدى المعارك ظاهر بين درعين، ويعلم أصحابه أن الحرب خدعة، وأن للعوامل النفسية أثرها في كسب المعارك، فلابد من العمل على تخذيل الأعداء وتفريق كلمتهم.

 

اعتماده صلى الله عليه و سلم على حسن التخطيط و التنظيم :

 وكان يعتمد بعد الله تعالى على حسن التخطيط والتنظيم والإعداد حتى أنه ليفاجئ أعداءه بخطط لم يعهدوها فيربكهم، ويعرف قدرات أصحابه فيضع كل في موضعه المناسب، ولا غرو أن القيادة في عهده كانت قيادةً فذة، فأبو عبيدة وسعد وخالد كانوا تلاميذ بين يديه، وكان من أعظم المتوكلين، رأيناه يرعى سنن الله، ويأخذ بالأسباب، ويعد العدة، ويتوقى الخطر، ويأمر بأخذ الحذر، ويعمل بالإحصاء، ويخطط للمستقبل، ويرتب، ويفكر قدر ما يستطيع البشر، لكنه لا يغفل أبداً عن التوكل على الله، ولا ينسى أن الأمر كله بيده وخصوصاً ساعة الشدائد، وحصار الأزمات، وهنا تراه أكبر ما يكون ثقةً لله واعتصاماً به وفراراً إليه.
 رأيناه خطط ورتب ونظم كل ما يتعلق بهجرته إلى المدينة، فلما وقف المشركون الذين يطاردونه على باب الغار الذي يختبئ فيه وقال له صاحبه ورفيقه مشفقاً عليه: لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا، قال في ثقة ويقين: يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما ؟ حينما تبعه سراقة النبي الكريم كان مهدور الدم، قد وضعت قريش مئة ناقة لمن يأتي به حياً أو ميتاً، تبعه سراقة، فقال: يا سراقة كيف بك إذا لبست سواري كسرى ؟ معنى ذلك أنه موقن أنه سيصل وسيؤسس دولةً، وسيحارب الفرس، وسينتصر عليهم، وسيأتي بغنائمهم، وسيلبس سراقة سواري كسرى، مع كل أخذه بالأسباب كان متوكلاً من الطراز الأول، يأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء، ويتوكل على الله، وكأنها ليست بشيء. ومع ذلك كان هذا النبي الكريم قائماً بعمارة الأرض نجده مع إقباله بكليته على الآخرة، وإعراضه عن الدنيا وزينتها، وتصويره الدنيا بالنسبة إلى الآخرة كما يجعل الإنسان أصبعه في اليم فلينظر بم يرجع؟ لم يعش بالدنيا عيشة الرهبان الرافضين لها المعادين لكل ما فيها بل كان يعلم أن الدنيا مزرعة الآخرة، وأن الإنسان مستخلف فيها، وأن له فيها مستقراً ومتاعاً إلى حين، وأن عمارة الأرض من مقاصد التكليف، وأن هذه العمارة تتمثل في الزراعة، والغرس، والصناعة، والاحتراف، والتجارة، وأن هذا كله إذا أداه الإنسان بإخلاص، وبنية خدمة المسلمين انقلب إلى عبادة.
 أيها الأخوة الكرام، كان يدعو إلى أداء الواجبات بلا خيانة ولا غش ولا إهمال، أبقى أصحابه في حرفهم لم يخرج واحداً منهم عن حرفته ليتفرغ للعبادة وحدها، إنما دعاهم أن يتقربوا إلى الله بإحسان أعمالهم، إن الله كتب الإحسان على كل شيء.

 

النبي الكريم قدوة لأصحابه و أسوة لهم في كل مناحي الحياة :

 كان صلى الله عليه وسلم لم يرفض طيبات الدنيا إذا توافرت له، بل إذا وجدها تناولها وحمد الله تعالى، وإذا لم يجدها لم يتكلفها، ولم يحزن على فقدها، كان يعجبه من الطعام اللحم، ويعجبه منه لحم الذراع، ويعجبه من الشراب اللبن، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

((مَنْ أَطْعَمَهُ اللَّهُ طَعَامًا فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيهِ وَارْزُقْنَا خَيْرًا مِنْهُ، وَمَنْ سَقَاهُ اللَّهُ لَبَنًا فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيهِ وَزِدْنَا مِنْهُ فَإِنِّي لا أَعْلَمُ مَا يُجْزِئُ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ إِلا اللَّبَنُ ))

[ الترمذي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ]

 وكان يستعذب له الماء، ويضع فيه بعض التمرات لتخفيف ملوحته، وكان يلبس من الثياب ما تيسر لا يلتزم زياً ولا هيئةً معينة، يختص ببعض الحلل ليوم الجمعة والعيدين، كان يحب أن يكون مظهره حسناً إذا لقي الوفود، يحب الطيب، ينظر إلى المرآة فيقول:

((اللهم كما حسنت خلقي فحسن خلقي ))

[ الجامع الصغير بسند صحيح عن ابن مسعود ]

 كان يوصي أصحابه بالنظافة والتجمل حتى يكون أحدهم حسن المظهر، طيب الرائحة، لا يحب أن يدخل عليه أحدهم ثائر الرأس كأنه شيطان، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

((مَنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ فَلْيُكْرِمْهُ ))

[ أبو داود عن أبي هريرة]

 كان يوصي بنظافة أشياء معينة كالأسنان ولذلك حضّ على السواك، فعن عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

((السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ ))

[ البخاري عن عائشة ]

 وقد أكد على العناية بالجسم كله فقال عليه الصلاة والسلام:

((حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَغْتَسِلَ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ يَوْمًا يَغْسِلُ فِيهِ رَأْسَهُ وَجَسَدَهُ ))

[ مسلم عن أبي هريرة]

 وضرب لأصحابه المثل في ذلك، وكان نعم الأسوة لهم، علمهم أن الدين لا يضيق بالتجمل، التجمل من الدين وإن الله جميل يحب الجمال. رأيناه يتداوى، ويأمر أصحابه بالتداوي، ويعلمهم أن الله لم ينزل داءً إلا أنزل له دواء، علمه من علمه، وجهله من جهله.
 ويصف بعض الأدوية لبعض الأمراض حسبما تعلمه من البيئة غالباً، ولكنه في جوار هذا يستخدم الأدوية الروحية كالصدقة والرقية.

 

الناس على اختلاف أنماطهم يجدون في سيرة النبي قدوة لهم :

 أيها الأخوة الكرام، الفقير يجد في سيرته قدوةً له حينما كان يشد حجراً على بطنه من الجوع، والغني يجد أيضاً فيها قدوته يوم وسع الله عليه، ووضع بين يديه الأموال، منها ما هو للدولة، ومنها ما هو خاص له.
 الحاكم والمحكوم يجد في سيرته قدوةً له، المحارب والمسالم، الأعزب والمتزوج، ذو الزوجة الواحدة وذو الزوجات المتعددات، الأب والجد، الشاب والشيخ، السليم والسقيم، المقيم والمسافر، المعافى والمبتلى، وغير هؤلاء وهؤلاء، كلهم يجدون في حياته الخصبة، وفي سيرته الحافلة، وفي سنته الهادية متسعاً لهم، ليقتدوا منه، ويهتدوا بنوره، في حالات الرخاء واليسر وحالات الشدة والعسر، في حالات الانتصار وفي حالات الانكسار.
 أيها الأخوة الكرام، لكن العيب في معظم أتباعه من بعده أنهم أخذوا جانباً من سيرته وضخموه، وأهملوا الجوانب الأخرى فتطرفوا وغالوا بالأمر.
 أيها الأخوة الكرام، نحن في ذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم هذه جوانب شخصيته، وهذه أخلاقه، وهذا منهجه الحكيم، فإذا أردنا أن نستعيد دورنا القيادي في الحياة، إذا أردنا أن يهابنا أعداؤنا، إذا أردنا أن يكون الله معنا ضد أعدائنا، إن أردنا أن نحيي تاريخنا العظيم فلا طريق إلا طريقاً واحداً ؛ أن نتابع سنة هذا النبي الكريم، لأنّ الله لا يحبنا إلا إذا اتبعنا سنة نبيه، قال تعالى :

﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾

[ سورة آل عمران: 31 ]

 أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه يغفر لكم فيا فوز المستغفرين.

* * *

الخطبة الثانية :
 أشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، صاحب الخلق العظيم، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كلمة بليغة لأحد العلماء متعلقة بسيرة النبي الكريم :

 أيها الأخوة الكرام، كلمة بليغة لأحد العلماء متعلقة بسيرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، يقول هذا العالم الجليل: وما ينبغي أن يعلم أن كل خصلة من خصال الفضل قد أحل الله رسوله صلى الله عليه وسلم في أعلاها، وخصه بذروة سنامها، فإذا احتجت بحاله فرقة من فرق الأمة التي تعرف تلك الخصال، وتقاسمتها على فضلها على غيرها أمكن للفرقة الأخرى أن تحتج به أيضاً على فضلها. إذا احتج به الغزاة والمجاهدون على أنهم أفضل الطوائف احتج به العلماء على مثل ما احتج به أولئك. إذا احتج به الزهاد والمتخلفون عن الدنيا على فضلهم احتج به الداخلون في الدنيا و الولاية و رئاسة الرعية لإقامة دين الله وتمكين أمره. إذا احتج به الفقير الصابر احتج به الغني الشاكر. إذا احتج به أهل العبادة على فضل نوافل العبادة وترجيحها احتج به العارفون على فضل المعرفة. إذا احتج به أرباب التواضع والحلم احتج به أرباب العز والقهر للمبطلين. إذا احتج به أرباب الوقار والهيبة والرزانة، احتج به أرباب الخلق الحسن والمزاح المباح الذي لا يخرج عن الحق، وحسن العشرة للأهل والأصحاب. إذا احتج به أصحاب الصدع بالحق والقول به في المشهد والمغيب، احتج أصحاب المداراة والحياء به والكرم أن يبادروا الرجل بما يكرهه في وجهه.
 إذا احتج به المتورعون على الورع المحمود احتج به الميسرون المسهلون الذين لا يخرجون عن سعة تشريعه ويسرها وسهولتها. إذا احتج به من صرف عنايته إلى إصلاح دينه وقلبه احتج به أيضاً من راعى إصلاح بدنه ومعيشته ودنياه فإنه صلى الله عليه وسلم بعث لصلاح الدنيا والدين. إذا احتج به من لم يعلق قلبه بالأسباب ولا ركن إليها، احتج به من قام بالأسباب و وضعها مواضعها وأعطاها حقها. إذا احتج به من جاع وصبر على الجوع احتج به من شبع و شكر على الشبع، إذا احتج به من أخذ بالعفو والصفح والاحتمال احتج به من نقم في مواضع الانتقام.
 إذا احتج به من أعطى لله و والى لله احتج به من منع لله وعادى لله. إذا احتج به من لم يدخر شيئاً لغد احتج به من يدخر لأهله قوت سنة. إذا احتج به من يأكل الخشن من القوت والأدم كخبز الشعير والخل، احتج به من يأكل اللذيذ الطيب من الطعام. إذا احتج به من سرد الصوم احتج به من سرد الفطر، فكان يصوم حتى يقال: لا يفطر، وكان يفطر حتى يقال: لا يصوم. إذا احتج به من رغب عن طيبات الحياة الدنيا احتج به من أحب أطيب ما فيها وهو النساء والطيب. إذا احتج به من ألان جانبه وخفض جناحه لنسائه احتج به من أدبهن، وألهمهن الانضباط في معاملة الأزواج. إذا احتج به من ترك مباشرة أسباب المعيشة لنفسه احتج به من باشرها بنفسه، فأجر واستأجر، وباع واشترى، واستسلف وأدان. إذا احتج به من يجتنب النساء بالكلية في الحيض والصيام احتج به من يباشر امرأته وهي حائض بغير الوطء، ومن يقبل امرأته وهو صائم.
 إذا احتج به من رحم أهل المعاصي بالقدر، احتج به من أقام عليهم حدود الله فقطع السارق، ورجم الزاني، وجلد الشارب.
 إذا احتج به من أرباب الحكم بالظاهر احتج به أرباب السياسة العادلة المبنية على القرائن الظاهرة، فإنه حبس في تهمة وعاقب في تهمة.
 أيها الأخوة الكرام، هذه بعض ما في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وبعض شمائل النبي.

الدعاء :

 اللهم اهدنا فيمن هديت، و عافنا فيمن عافيت، و تولنا فيمن توليت، و بارك اللهم لنا فيما أعطيت، و قنا و اصرف عنا شر ما قضيت، فإنك تقضي بالحق و لا يقضى عليك، و إنه لا يذل من واليت، و لا يعز من عاديت، تباركت ربنا و تعاليت، و لك الحمد على ما قضيت، نستغفرك و نتوب إليك، اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك، اللهم أعطنا و لا تحرمنا، أكرمنا و لا تهنا، آثرنا و لا تؤثر علينا، أرضنا و ارض عنا، اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا و بين معصيتك، و من طاعتك ما تبلغنا به جنتك، و من اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، و متعنا اللهم بأسماعنا و أبصارنا و قوتنا ما أحييتنا، و اجعله الوارث منا، و اجعل ثأرنا على من ظلمنا، و انصرنا على من عادانا، و لا تجعل الدنيا أكبر همنا، و لا مبلغ علمنا، و لا تسلط علينا من لا يخافك و لا يرحمنا، مولانا رب العالمين، اللهم صن وجوهنا باليسار، ولا تبذلها بالإقتار فنسأل شر خلقك، ونبتلى بحمد من أعطى، و ذم من منع، وأنت من فوقهم ولي العطاء، و بيدك وحدك خزائن الأرض و السماء، اللهم كما أقررت أعين أهل الدنيا بدنياهم فأقرر أعيننا من رضوانك يا رب العالمين، اللهم ما رزقتنا مما نحب فاجعله عوناً لنا فيما تحب، و ما زويت عنا ما نحب فاجعله فراغاً لنا فيما تحب، اللهم إنا نعوذ بك من الفقر إلا إليك، و من الخوف إلا منك، و من الذل إلا لك، نعوذ بك من عضال الداء، و من شماتة الأعداء، و من السلب بعد العطاء، مولانا رب العالمين، اللهم بفضلك و رحمتك أعل كلمة الحق و الدين، و انصر الإسلام و أعز المسلمين، و خذ بيد ولاتهم إلى ما تحب و ترضى، إنك على ما تشاء قدير و بالإجابة جدير.

تحميل النص

إخفاء الصور