وضع داكن
20-04-2024
Logo
المؤلفات - كتاب ومضات في الإسلام – الباب الثامن - الفقرة : 20 - الذوق في الحديث
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 وسننتقل إلىالحديث عن الذوق في الكلام مع الناس.. وفيها من اللطائف الكثير والكثير.. وأول الأشياء التي يقع فيها البعض هو المقاطعة وعدم سماع آراء الآخرين.. وهذه الأشياء تدل على قلة الذوق.
 ولذلك.. إذا أردت أن يكرهك الناس فعليك بمقاطعتهم وعدم إعطائهم الفرصة ليعبّروا عن وجهة نظرهم.. وكلما عرضوا فكرة فقل لهم إنهم على خطأ وعندي أفضل منها.. دائما أوجد عندهم إحساسا بأنهم لا يفهمون، دائما عليك بتوبيخهم.. إذا فعلت هذا سيكرهك جميع الناس ؟
أفرغت يا أبا الوليد.. ! ؟
هذه أشياء.. إن فعلتها يكرهك الناس..
 لنتعلم من نبيك صلى الله عليه وسلم كيف يحبك الناس ويقدرونك.. وإنها والله لكلمات تدرس ليتعلم الناس فن الكلام وأسلوب الحوار.
 جاء عقبة بن ربيعة ممثلا لقريش، وكان سيداً فيهم، فجلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا ابن أخي اسمع مني أعرض عليك أمورا تنظر فيها، لعلك تقبل بعضها، فقال صلى الله عليه وسلم: " قل يا أبا الوليد، أسمع “. قال: يا ابن أخي إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالا جمعناه لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا.. !!، وإن كنت تريد به ملكا، ملكناك علينا.. !! وإن كنت كان هذا الذي يأتيك رئيا لا تراه ولا تستطيع رده عن نفسك، طلبنا لك الطب.
إنها اختيارات سخيفة.. “ مال، ملك، مداواة من مرض.. “
 ولكن انظر إلى ذوق وأدب النبي فبدأه بكنيته ( أبا الوليد ).. من باب التلطف ولين الجانب ثم قال له: “ قل يا أبا الوليد اسمع “ .. فلم يقاطعه النبي وبعد أن أنهى عتبة كلامه
قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ أفرغت يا أبا الوليد ؟ “ قال: نعم. وللقصة تتمة...
طالب جامعة بريطاني أسلم بسبب الذوق الإسلامي
علمنا النبي صلى الله عليه وسلم.. حينما نكون ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث، فإن ذلك يؤذيه.
 لقد كان صديقان مسلمان يدرسان في بريطانيا ويتحدثان العربية والإنكليزية.. فكانا يتحدثان العربية طالما كانا بمفرديهما وحينما يأتي هذا الصديق الإنكليزي يتحولان إلى الإنكليزية.. حدث هذا عدة مرات.. فتعجبت هذا الصديق من ذلك الفعل أيما تعجب، فأراد أن يستفسر ويعرف السبب.. فقالا له: نهانا نبينا أن نتحدث سويا بلغة لا يفهمها ثالثنا... فما كان منه إلا أن قال باللغة الإنكليزية ما معناه: " نبيكم هذا حضاري جدا “ فأسلم هذه الصديق بعد ستة أشهر، وقد عكف على دراسة الإسلام، وكان من كلامه: “أول شيء وقع في قلبي هو ذوق الإسلام في التعامل مع الآخرين “.
 إننا نريد أن نخرج من خلق الذوق بشيء هام جدا.. ألا وهو عدم إيذاء شعور الآخرين أيا كان الفعل، فلقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أنكر فعلا من إنسان، لم يذكر اسمه صراحة، بل تجده يقول: “ ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا “
ولا يصرّح حفاظا على شعور الآخرين، فهذا من قمة الذوق، فلتكن من الآن لماحا، إذا أحسست أن الكلمة التي ستقولها ستضايق من أمامك، فلا تقلها.
ومن تطبيقات خلق الذوق.. الذوق مع أصحاب المراكز العليا أمثال الملوك والأمراء والعلماء، فمن السنّة أن ننزل الناس منازلهم إلا في حالة الحرب، وتعلم من النبي صلى الله عليه وسلم.
يبعث برسالة لكسرى ملك الفرس الذي يسجد للنار.
 فيقول له:

(( من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم الفرس ))

ويبعث إلى هرقل ملك الروم..
 فيقول له:

(( من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم ))

(رواه البزاز في مسنده 2374)

فهل كسرى وهرقل عظيمان عند رسول الله ؟

إخفاء الصور